بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، ...وبعد
فإن هذه المسألة من أهم المسائل التي يحتاجها المسلم في حياته ، وقد تحير فيها كثير من المسلمين ، وزل فيها بعضهم ، وأشكل على كثير من الناس أسباب هذا الخلاف ، وتخبطوا في التعامل معه
وقد تضاربت بشأن هذه المسألة الآراء وشطح فيها أناس يحسبهم الجاهل أنهم من أهل العلم ! ... ما بين متساهل ،، ومتشدد متنطع
1 ــ فترى من يرشدك للأخذ بالأيسر بإطلاق !
2 ــ وتجد من يخيرك بين الأقوال ! ... ويخبرك أنك حر ! ... ويخبرك بأقوال العلماء في المسألة التي تستفتي فيها ، ثم يتبع ذلك بقوله : خذ ما تجده مناسباً لك من هذه الأقوال !!
3 ــ والبعض تجده يفتي لك أن تأخذ بالأحوط والأشد ( بإطلاق )
ويعلل قوله ذلك : أنك بهذا الموقف تخرج من الخلاف !!
وهذا أيضاً مسلك خاطئ ومتعذر ... بل يصعب ويشق على المسلم أن يلتزمه
والحق دوماً وسط بين طرفين
وفيما يلي ... ومن خلال عرض الموضوع في صورة سؤال وجواب ، سنبين المسلك الشرعي الواجب على المسلم في هذا الأمر ، بعون اللطيف الخبير تبارك وتعالى :
س ــ بصراحة قضية مهمة تؤرقني ، وهي ما معنى اختلاف الأئمة في قضية معينة ؟ فإذا قلت لشخص ما إن الشيخ فلان قال إن ذلك الشيء حرام ، قال لي : إن هذا في مذهبه هو ، أو مذهب بلاده ، ونحن نتبع مذهبا آخر يقول إنه حلال ، .......... فماذا نفعل ونحن حيارى بين هذا وهذا ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
كان المسلمون في زمن الوحي يتلقون أحكام الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال آيات القرآن الكريم وأحاديثه النبويَّة الشريفة ، ولذلك لم يقع الخلاف بينهم إلا في أشياء يسيرة ، وإن وقع فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لهم وجه الصواب .
ثم لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وانتشر الصحابة في الآفاق يعلِّمون الناس الدِّين ظهر الخلاف في بعض مسائل الفقه التي احتاج الناس إليها على اختلاف مكانهم وزمانهم ،
وكان لهذا الخلاف مجموعة من الأسباب ، نلخصها هنا من كلام أهل العلم :
1. أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه .
2. أن يكون الحديث قد بلغ العالِم ، ولكنه لم يثق بناقله ،
ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه ، فأخذ بما يراه أقوى منه .
3. أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه .
4. أن يكون بَلَغَهُ وفهم منه خلاف المراد .
5. أن يكون قد بلغه الحديث ، لكنه منسوخ ، ولم يعلم بالناسخ .
6. أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع .
7. أن يأخذ العالِم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً .
ويـُنظر في تفصيل هذه الأسباب ، وذِكر غيرها : " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام ابن تيمية " و " الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه " للشيخ العثيمين .
ونظن بهذا الذي سقناه من أسباب الخلاف بين العلماء أن معنى اختلاف الأئمة في مسائل الفقه أصبح ظاهراً عندك إن شاء الله .
ثانياً :
ما هو موقف المسلم تجاه الخلاف الذي يكون بين العلماء ؟ وبعبارة أخرى :
بأي قول يأخذ المسلم من أقوال أهل العلم التي اختلفوا إليها ؟
الجواب فيه تفصيل :
1. إذا كان المسلم ممن درس العلم الشرعي وتعلم أصوله وقواعده ، ويستطيع أن يميز الخطأ من الصواب من أقوال أهل العلم : فإن الواجب عليه أن يتبع ما يراه صوابا ، ويترك ما يراه خطأ .
2. أما إذا كان من العامة ، أو ممن لم يدرسوا العلم الشرعي ، وعليه : فهو لا يفرِّق بين صواب الأقوال وخطئها : فهذا الواجب في حقه أن يأخذ بفتوى من يثق بعلمه وأمانته ودينه من أهل العلم ، سواء كانوا من أهل بلده أو من غيره ، ولا يضره اختلاف العلماء بعد ذلك ، فلا يجب عليه أن يغير ما يعمل به لأنه سمع عالما آخر يفتي بخلاف من أفتاه سابقا ، إلا أن يكون ما علِمه بعد ذلك هو الحق بناءً على ثقته بالمفتي الآخر بدينه وعلمه .
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
" الواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ، ولو خالف مَن خالف من الأئمة ، إذا لم يخالف إجماع الأمة .
ومَن ليس عنده علم : فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ ) يسأل مَن يراه أفضل في دينه وعلمه ، لا على سبيل الوجوب ؛ لأن من هو أفضل قد يخطئ في هذه المسألة المعينة ، ومن هو مفضول قد يصيب فيها الصواب ، فهو على سبيل الأولوية ، والأرجح : أن يسأل من هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه " .
انتهى باختصار من كتابه " الخلاف بين العلماء " ( ص 15 – 17 ) .
الجواب :
والله الهادي إلى سواء السبيل ،،
أخوكم في الله
أبو معاذ
===
تنبيه : الأسئلة والأجوبة من موقع ( الإسلام سؤال وجواب ) بتصرف يسير
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، ...وبعد
فإن هذه المسألة من أهم المسائل التي يحتاجها المسلم في حياته ، وقد تحير فيها كثير من المسلمين ، وزل فيها بعضهم ، وأشكل على كثير من الناس أسباب هذا الخلاف ، وتخبطوا في التعامل معه
وقد تضاربت بشأن هذه المسألة الآراء وشطح فيها أناس يحسبهم الجاهل أنهم من أهل العلم ! ... ما بين متساهل ،، ومتشدد متنطع
1 ــ فترى من يرشدك للأخذ بالأيسر بإطلاق !
2 ــ وتجد من يخيرك بين الأقوال ! ... ويخبرك أنك حر ! ... ويخبرك بأقوال العلماء في المسألة التي تستفتي فيها ، ثم يتبع ذلك بقوله : خذ ما تجده مناسباً لك من هذه الأقوال !!
3 ــ والبعض تجده يفتي لك أن تأخذ بالأحوط والأشد ( بإطلاق )
ويعلل قوله ذلك : أنك بهذا الموقف تخرج من الخلاف !!
وهذا أيضاً مسلك خاطئ ومتعذر ... بل يصعب ويشق على المسلم أن يلتزمه
والحق دوماً وسط بين طرفين
وفيما يلي ... ومن خلال عرض الموضوع في صورة سؤال وجواب ، سنبين المسلك الشرعي الواجب على المسلم في هذا الأمر ، بعون اللطيف الخبير تبارك وتعالى :
س ــ بصراحة قضية مهمة تؤرقني ، وهي ما معنى اختلاف الأئمة في قضية معينة ؟ فإذا قلت لشخص ما إن الشيخ فلان قال إن ذلك الشيء حرام ، قال لي : إن هذا في مذهبه هو ، أو مذهب بلاده ، ونحن نتبع مذهبا آخر يقول إنه حلال ، .......... فماذا نفعل ونحن حيارى بين هذا وهذا ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
كان المسلمون في زمن الوحي يتلقون أحكام الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال آيات القرآن الكريم وأحاديثه النبويَّة الشريفة ، ولذلك لم يقع الخلاف بينهم إلا في أشياء يسيرة ، وإن وقع فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لهم وجه الصواب .
ثم لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وانتشر الصحابة في الآفاق يعلِّمون الناس الدِّين ظهر الخلاف في بعض مسائل الفقه التي احتاج الناس إليها على اختلاف مكانهم وزمانهم ،
وكان لهذا الخلاف مجموعة من الأسباب ، نلخصها هنا من كلام أهل العلم :
1. أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه .
2. أن يكون الحديث قد بلغ العالِم ، ولكنه لم يثق بناقله ،
ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه ، فأخذ بما يراه أقوى منه .
3. أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه .
4. أن يكون بَلَغَهُ وفهم منه خلاف المراد .
5. أن يكون قد بلغه الحديث ، لكنه منسوخ ، ولم يعلم بالناسخ .
6. أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع .
7. أن يأخذ العالِم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً .
ويـُنظر في تفصيل هذه الأسباب ، وذِكر غيرها : " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام ابن تيمية " و " الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه " للشيخ العثيمين .
ونظن بهذا الذي سقناه من أسباب الخلاف بين العلماء أن معنى اختلاف الأئمة في مسائل الفقه أصبح ظاهراً عندك إن شاء الله .
ثانياً :
ما هو موقف المسلم تجاه الخلاف الذي يكون بين العلماء ؟ وبعبارة أخرى :
بأي قول يأخذ المسلم من أقوال أهل العلم التي اختلفوا إليها ؟
الجواب فيه تفصيل :
1. إذا كان المسلم ممن درس العلم الشرعي وتعلم أصوله وقواعده ، ويستطيع أن يميز الخطأ من الصواب من أقوال أهل العلم : فإن الواجب عليه أن يتبع ما يراه صوابا ، ويترك ما يراه خطأ .
2. أما إذا كان من العامة ، أو ممن لم يدرسوا العلم الشرعي ، وعليه : فهو لا يفرِّق بين صواب الأقوال وخطئها : فهذا الواجب في حقه أن يأخذ بفتوى من يثق بعلمه وأمانته ودينه من أهل العلم ، سواء كانوا من أهل بلده أو من غيره ، ولا يضره اختلاف العلماء بعد ذلك ، فلا يجب عليه أن يغير ما يعمل به لأنه سمع عالما آخر يفتي بخلاف من أفتاه سابقا ، إلا أن يكون ما علِمه بعد ذلك هو الحق بناءً على ثقته بالمفتي الآخر بدينه وعلمه .
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
" الواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ، ولو خالف مَن خالف من الأئمة ، إذا لم يخالف إجماع الأمة .
ومَن ليس عنده علم : فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ ) يسأل مَن يراه أفضل في دينه وعلمه ، لا على سبيل الوجوب ؛ لأن من هو أفضل قد يخطئ في هذه المسألة المعينة ، ومن هو مفضول قد يصيب فيها الصواب ، فهو على سبيل الأولوية ، والأرجح : أن يسأل من هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه " .
انتهى باختصار من كتابه " الخلاف بين العلماء " ( ص 15 – 17 ) .
س ــ هل يجوز للمسلم اختيار القول الأسهل من أقوال العلماء ؟؟
عندما يكون هناك خلاف بين العلماء حول مسألة ما, أسمع الكثيرين من الناس يقولون: "حسنا, بما أن في المسألة خلاف, فسأختار أسهل الآراء بالنسبة لي". فهل هذا الفهم صحيح؟ إذا كان الجواب بلا, فكيف يمكن للشخص أن يختار رأيا ليأخذ به في الأمور الخلافية؟.
الجواب :
الحمد لله
ليس بصحيح أن يختار المسلم أسهل الأقوال ، لأنه بهذه الطريقة يتنصَّل من التكاليف الشرعية أو جُلِّها ، لأنَّ أغلب المسائل العلمية مختلفٌ فيها سوى الأركان ، وقديماً قالوا _ من تتبع الرخص فقد تزندق _ وعلى الشخص أن يختار من أقوال العلماء أرجحها من حيث الدليل إن كان أهلاً للنظر والموازنة ، وإن لم يكن فعليه أن يُقلِّد أوثق العلماء في نفسه علماً ، وديناً ، وورعاً .
ليس بصحيح أن يختار المسلم أسهل الأقوال ، لأنه بهذه الطريقة يتنصَّل من التكاليف الشرعية أو جُلِّها ، لأنَّ أغلب المسائل العلمية مختلفٌ فيها سوى الأركان ، وقديماً قالوا _ من تتبع الرخص فقد تزندق _ وعلى الشخص أن يختار من أقوال العلماء أرجحها من حيث الدليل إن كان أهلاً للنظر والموازنة ، وإن لم يكن فعليه أن يُقلِّد أوثق العلماء في نفسه علماً ، وديناً ، وورعاً .
الشيخ عبد الكريم الخضير
****
وختاماً ... أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما نقول ونسمع ، وبما نقرأ ونكتب ،
وان يوفقنا جميعاً لمعرفة الحق واتباعه .. ثم الثبات عليه .
وان يوفقنا جميعاً لمعرفة الحق واتباعه .. ثم الثبات عليه .
والله الهادي إلى سواء السبيل ،،
أخوكم في الله
أبو معاذ
===
تنبيه : الأسئلة والأجوبة من موقع ( الإسلام سؤال وجواب ) بتصرف يسير
تعليق