الحمد لله رب العالمين ، الأول الآخر ، الظاهر الباطن ، حمداً كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه ، في الأولين ، والآخرين ، وفي كل وقتٍ وحين .
والصلاة والسلام على النبي الخاتم الأمين ، صاحب المقام المحمود ، سيد ولد آدم ، النبي المصطفى ، حبيب الرحمن ، نبي المرحمة ، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، صلاة دائمة بلا أنقطاع ، عليه وعلى إخوانه السابقين من الأنبياء والمرسلين .
ورضي الله عن آله بيته الغر الميامين ، وصحابته الكرام الأعلام ، خلاصة العلم بعد النبيين .
أما بعد ؛ فقد خرج علينا أحد السفهاء ، يحمل رتبة أنبا في الكنيسة المصرية ويدعى مكرم إسكندر نقولا ، أو بيشوي كما يطلق عليه " الأنبا بيشوي " .
تمخض هذا الأحمق مرتين بتصريحات حمقاء مثله ، لا يمكن وصف قائلها إلا بأنه شخص أرعن غير مسؤول .
ففي المرة الأولى خرج علينا هذا الأحمق بوجهه القبيح ليقول أن النصارى الموجودين في مصر الآن هم أصل البلد وأن مسلميها مجرد ضيوف عليهم [1] ، وكان قبل ذلك خرج يتكلم بكل جهل بحقائق التاريخ وبالإسلام ليقول :
" كان عددهم 4000 جندي جايين من السعودية – يقصد فاتحي مصر – ليه دلوقتي تعداداهم سبعين مليون او ستين مليون واحنا تعدادنا اقل بكتير ؟ ليه ؟ لأن في ناس كتير لما قالولهم يا الجزية يا السيف ملقاش يدفع الجزية فقال الشهادين ... ودا السبب ان عددهم بقى أكتر مننا .... وإنتوا الأبطال – ويقصد الحاضرين – اللي قاعدين دلوقتي تقولولي ابطال في ايه ما الابطال اللي استشهدوا ... أيوة في استشهدوا كتير ، لا أقصد الأبطال اللي باعوا بيوتهم عشان يدفعوا الجزية ... الأبطال اللي اشتغلوا 24 ساعة ليل ونهار عشان يدفعوا الجزية .[2]
وهذا هو الجهل بعينه ، لأن الإسلام لم يقل إما الجزية وإما السيف ، والجزية لم تُشكل في يوم من الأيام أي عبء على نصارى مصر أو غيرهم كما يريد أن يوصل هذا المدلس للعوام .
ذلك لأنه لم يقرأ عن الجزية في الإسلام وماهيتها ، ولم يقرأ عن عدل الإسلام وسماحته ، بل يكتفي بأن يقول كلام المصاطب هذا ، ولا عجب في ذلك ، فالمصاطب هي من شكلت ثقافته عن الإسلام .
يقول الإمام القرطبي رحمه الله :
وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين ، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني. واختلف في الرهبان ... [3]
والغريب أنه لم يذكر لنا التاريخ حالات لنصارى في مصر قتلوا لأجل أن يدفعوا الجزية ، أو باعوا بيوتهم لأجل ذلك كما يدعي هذا الخَرِف .
فعلى ما أظن أنه كان يتحدث عن جزية أخرى غير جزية الإسلام ، وأناس آخرين غير نصارى مصر .
والعجيب أن ما يقوله بيشوي يطعن في جدوده وآباؤه ويشكك في إيمانهم ، وبه إعتراف ضمني على أنهم ضعيفي الإيمان ، وأنهم إختاروا الحياة الدنيا مقابل إنكار المسيح ورفضهم للإستشهاد .
والمدهش في الأمر أن بيشوي نفسه يتجاهل وحدة وإنصهار وإختلاط العنصر المصري ، فيزعم أن المسيحيين هم أصحاب الأرض وأن المسلمين مجرد ضيوف ، مع العلم بأن 6% من الشعب المصري قبائل عربية ترجع أصولها إلى الفتوحاتالأولى و2% قبائل بربر مستعربة جاءت إلى مصر في القرن التاسع من الغرب معالفاطميين، و2% قبائل بدوية من أهل البلاد الأصليين، و2% بوهيميون، و88% لعائلات مسيحية تحوّل تسعة أعشارها إلى الإسلام وهم يشكلون الأغلبية. أيأصول 80% من المسلمين المصريين في الأساس مسيحية[4] .
وفي المرة الثانية خرج علينا بوجهه القبيح مرة أخرى ليشكك في عصمة القرآن الكريم ، يدعي أنه تم إضافة آيات للقرآن الكريم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ... رمتني بدائها وأنسلت .
وأن القرآن الكريم لم ينفي صلب المسيح [5].
والملاحظ على أطروحات بيشوي هي الجهل الشديد بعقائد المسلمين ، ونصوصهم المقدسة ، وفي الحقيقة كانت صدمة كبيرة – على المستوى الشخصي – أن يكون هذا الكلام ذي
المستوى الأدنى من التقييم خارج من شخص صاحب رتبة كنسية كبيرة .
فكلامه يترنح ما بين فرضيات بلا دليل لا تفرض إلا في جلسات أرقاها على إحدى المصاطب ، أو إما جهل كبير ولي لأعناق النصوص ، أو كذب وتدليس على علماء وأئمة المسلمون .
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ( 89 ) الأعراف
_________________________________________
[1] في حوار مع جريدة المصري اليوم ، العدد رقم 2285 ، الصادر في 15 سبتمبر 2010 .
[2] http://www.tanseerel.com/main/articl...ticle_no=12226
[3] الجامع لأحكام القرآن ج 8 ص 111 .
[4]ورج بوزنر وآخرون "معجم الحضارة المصرية" ترجمة أمين سلامة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2001، ، ص44 ، نقلاً عن د كامل عبد الفتاح : مزاعم حول أصول المصريين .
[5] كما جاء في حواره مع جريدة الوفد العدد الصادر في 4 / 11 / 2010 .
تعليق