دلهبقلم محمود أباشيخ
http://www.burhanukum.com/article1851.html
بحسب إنجيل متى، ولد يسوع الناصري في بيت ربيبه يوسف النجار في احدي ضواحي بيت لحم، واحتفلت أسرته به كأي طفل، أخذ إلى هيكل وختن في يوم السابع كأي طفل يهودي، ولو لم يكن المجوس لاستمرت حياة أسرة النجار دون أن يعكر صفوهم أحد، ولكن عباد النار عرفوا بطريقة ما ولادة الإله الصغير فقرروا قطع آلاف الأميال داخل حدود العدو الروماني كي ينالوا شرف السجود للإله المولود في بيت لحم، ووصل الخبر إلي هيرودس، فقرر قتل جميع مواليد بيت لحم، وقام يوسف النجار بواجب الأبوة وحمل الإله وأمه وفر به إلى مصر، وسرعان ما مات هيرودس، وأخبر ملاك الإله يوسف النجار بموته وأمره أن يعيد الإله إلي موطنه، ولكن للأسف حدث خلل ما ولم يعرف الملاك أن رجوع الإله إلى بيت لحم يعرضه للخطر لأن الحاكم الجديد وابن هيرودس أخذ طبع والده وكان شريرا مثله، تكلم الملاك مرة أخرى مع النجار وأخبره بتغيير الخطة، وكانت الخطة الجديدة أن يلجأ الإله إلى مدينة صغيرة في الجليل تدعى الناصرة، فحمل النجار الإله وذهب به إلى الناصرة وذلك . لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصرياـ والسؤال : أين قيل في الأنبياء انه سيدعى ناصريا؟
http://www.burhanukum.com/article1851.html
بحسب إنجيل متى، ولد يسوع الناصري في بيت ربيبه يوسف النجار في احدي ضواحي بيت لحم، واحتفلت أسرته به كأي طفل، أخذ إلى هيكل وختن في يوم السابع كأي طفل يهودي، ولو لم يكن المجوس لاستمرت حياة أسرة النجار دون أن يعكر صفوهم أحد، ولكن عباد النار عرفوا بطريقة ما ولادة الإله الصغير فقرروا قطع آلاف الأميال داخل حدود العدو الروماني كي ينالوا شرف السجود للإله المولود في بيت لحم، ووصل الخبر إلي هيرودس، فقرر قتل جميع مواليد بيت لحم، وقام يوسف النجار بواجب الأبوة وحمل الإله وأمه وفر به إلى مصر، وسرعان ما مات هيرودس، وأخبر ملاك الإله يوسف النجار بموته وأمره أن يعيد الإله إلي موطنه، ولكن للأسف حدث خلل ما ولم يعرف الملاك أن رجوع الإله إلى بيت لحم يعرضه للخطر لأن الحاكم الجديد وابن هيرودس أخذ طبع والده وكان شريرا مثله، تكلم الملاك مرة أخرى مع النجار وأخبره بتغيير الخطة، وكانت الخطة الجديدة أن يلجأ الإله إلى مدينة صغيرة في الجليل تدعى الناصرة، فحمل النجار الإله وذهب به إلى الناصرة وذلك . لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصرياـ والسؤال : أين قيل في الأنبياء انه سيدعى ناصريا؟
في السطور التالية سوف نعرض أقوال العلماء في هذه النبوة التي حيرت العقول
نود أولا أن نوضح ماذا يقصد كاتب الإنجيل بقوله " قيل في الأنبياء " فقد فهم البعض من هذه العبارة انها تعني الأنبياء كأشخاص، وهذا المعنى صحيح، والنص اليوناني يؤيده نحويا، ولكن إنجيل متى لم يكتب باليوناني وانما كتب بالآرامية والنص الآرامي قد ضاع .. المعنى الآخر للنص هو، ان عبارة "سيدعى ناصريا" وردت في أسفار نبوييم، حيث ان اليهود يقسمون كتابهم إلى ثلاثة أقسام وهي توراة موسي، نبوييم وكتوبيم، وعلى أي حال المعنيين متقاربين جدا غير ان المعنى الأول يحرر الاقتباس من الحرفية، وعلى هذا الأساس يري البعض أن الكاتب يقتبس مضمون النبوة من الكتاب المقدس .. المعني الثاني يضيق حدود البحث عن النص بحيث اننا لن نحتاج إلى البحث في كل ما قاله الأنبياء في جميع الكتاب وانما نركز بحثنا في أسفار نبوييم، والسؤال الآن هل يمكننا ان نجد النص في أسفار نبوييم؟
يقرر العلماء بلا استثناء ان النص كما صاغه كاتب الإنجيل ليس في أي سفر من الأسفار الكتاب المقدس
يقول ديل أليسون ( صـ 850 ) (DALE C. ALLISON, JR ) في شرح أكسفورد للكتاب المقدس ان أصعب نص في الإصحاح هو آخر النص " ويدعى ناصريا" الذي لا وجود له في الكتاب كله رغم ان متى يشير إلى تحقق النبوة [1]
وقال المفسر آلبيرت بارنز صـ 40 ( ( Albert Barnes " هذه الكلمات هنا ليست موجودة في أي من كتب العهد القديم ، وهناك صعوبة كبرى ، في التحقق من معنى هذا المقطع" [2]
وقال جون كالفن – صـ 114 (John Calvin ) من من الأنبياء أعطى هذا الإسم ( ناصري ) للمسيح إذ لا نجد كلمات تقابل الاقتباس [3]
قال بروس ميتزجر صـ 15 (Bruce M. Metzger ) أننا لا نجد نبيا واحدا تنبأ بهذا الأمر دعك من أن نجد أنبياء [4]
قال آدم كلارك (Adam Clarke) : من الصعب التحقق من قائل هذه النبوة، بعض الهوامش تشير إلى سفر القضاة 13/5 [5]
وقال يوحنا ذهبي الفم أن النص ضاع بينما قال مار ديونيسيوس يعقوب السرياني( ص 103 ) [6] ان اليهود أضاعوا النص، بينما قال الدكتور موريس تاضروس ( صـ 78 ) وغيره أن النص لم يسجل أصلا [7]
إذا كانت أسفار الكتاب لا تحتوي علي هذا النص، فما الذي حدث للنص ؟ هل هو إما تحريف بالنقصان أو تحريف بالزيادة كما يرى العلامة رحمة الله الهندي أم هناك احتمال ثالث - الدكتور موريس تاضريس يرى أن النبوة لم تسجل وانما كانت نبوة شفهية وفي قوله إشكال، وهو أن القبول بنص شفهي يقتضي قبول جميع الأقوال الشفهية أو ما يسميه اليهود التوراة الشفهية، وهذا غير مقبول عند النصارى
أما القول الذي يذكره أغلب المفسرين المعاصرين فهو ورود مضمون النبوة في أسفار الأنبياء، والنص الأشهر هو ما جاء اشعياء 11 ويفرخ برعم من جذع يسى، وينبت غصن من جذوره، والنص الآخر ورد في القضاة وهو (لأنك ستحملين وتنجبين ابنا. فلا تحلقي شعر رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في إنقاذ إسرائيل ) 13/5 )
أما عن نص اشعياء فيقول الأب متى المسكين ( صـ 167 )
وقد وردت في إشعياء هذه التسمية ولكن تحت اسم “غصن”: » ويخرج قضيب من جذع يسَّى وينبت غصن من أصوله ... «(إش 1:11). كلمة “غصن” هنا ليست غصناً طبيعياً بل “نسر” الذي يخرج من أسفل الساق ولا يُثمر بسهولة. وكلمة نسر بالعبرية هي “نتسير” تحقيراً لطبيعة الغصن وتُنطق “نَصر” والصفة منها “ناصري”، [8]
وقال أنطونيوس فكري في شرح النص 2/23
سيدعي ناصري ًا= نشأ المسيح في الناصرة ليحمل اسمًا مشتقًا من المكان الذي نشأ فيه، وصار اسمه الناصري
وتعنى (NATZAR) ومنها اشتق اسم "نصارى" وهو لقب المسيحيين . وذلك لأن ناصرة بالعبرية هي
غصن، ومنها الكلمة العربية (ناضر). وقد سمى السيد المسيح في أكثر من نبوة في العهد القديم بالغصن = ما
قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصريًا الأنبياء قالوا أنه غصن وهنا نرى تطبيق ثالث لفهم العهد القديم.
(١٢:٦ ، راجع النبوات (إش ١:١١،٢ + أر ١٥:٣٣ + زك ٨:٣
قال تادرس يعقوب ملطى شرح النص 2/23
كلمة "ناصرة"، منها اشتقّت "نصارى" لقب المسيحيّين؛ وهي بالعبريّة Natzar وتعني غصن، ومنها الكلمة العربيّة "ناضر"، وقد سمّيَ السيّد المسيح في أكثر من نبوّة في العهد القديم بالغصن. فجاء في إشعياء النبي: "ويخرج قضيب من جذع يسّى، وينبت غصن من أصوله،
أما نص سفر القضاة فقد قال به جون كالفن وأشار اليه آدم كلارك وتوماس الأكويني
يرى كالفين ( صـ 114 ) ان النص لا وجود له في العهد الجديد، ويقول أن هناك من يرى ان مجرد تسمية المسيح بالناصري في العهد الجديد يحل المشكلة، ولكنه يرفض هذا الرأي ويصفه بالضعف، كما يرفض رأي القديس يوحنا ذهبي الفم الذي قال بضياع النص، مرجحا رأي بوكار أحد معاصريه من شراح الأناجيل
يقول كالفن ان (لأبوكار كان موفقا أكثر من غيره في حل مشكلة هذا النص، ويرى بوكار ان كاتب الإنجيل يلمح إلى الإصحاح الثالث عشر الفقرة الخامسة من سفر القضاة انك ستحملين وتنجبين ابنا. فلا تحلقي شعر رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في إنقاذ إسرائيل) 13/5 )
يربط جون كالفن بين لفظ " الناصرة" ولفظ " نذير" في القضاة، ويقول أن النص يشير إلى شمشون بلا شك ولكن شمشون يرمز للمسيح فقد دعي هو أيضا المخلص فكل ما وصف به شمشون من الصفات الحميدة يمكن ان تطبق على يسوع، وعن استخدام كاتب الإنجيل صيغة الجمع في عبارة " لسان الأنبياء،" يقول كالفن ان سفر القضاة لم يكتبه نبي واحد وانما شارك فيه عدد من الأنبياء ( صـ 114، 115 ) [9]
تحدث آدم كلارك في تفسيره عن مشكلة اقتباس كاتب إنجيل متى وكيف أنه أثار جدالا طويلا بين العلماء، وقال ان هوامش الكتاب عادة ما تشير إلى نص سفر القضاة، وأشار كلارك إلى نص اشعياء أيضا، لكنه ولم يرجح نصا على آخر، [10]
بجانب العلماء الذين أشاروا إلي نص معين غير مطابق للاقتباس، هناك من العلماء من قال بان إنجيل متى لا يشير إلى نص معين وإنما مضمون اقتباسه متناثر في الكتاب
العامل المشترك بين العلماء الذين ذكرناهم هو سعيهم إلى إيجاد نص مشابه لاقتباس كاتب إنجيل متى وإن كان خارجا عن السياق، وقبل ان نعلق على اجتهاداتهم ننتقل أولا إلى الرأي المقابل وهم الذين يرون أن النص ليس في أي من أسفار الكتاب المقدس، ليس لخطأ وقع فيه كاتب الإنجيل و لكن لأن اليهود أضاعوا النص، ويتزعم هذا الرأي القديس يوحنا ذهبي الفم وهو من آباء الكنيسة الأوائل ومن أعظم شارحي الأناجيل، ونكتفي بنقل قوله إذ يقول
لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصريا، كيف قال الأنبياء هذا؟ لا تتعجب ولا تشغل نفسك فان كثير من كتب الأنباء قد ضاعت، ويستطيع احدنا ان يدرك ذلك من سفر الأخبار كونهم مهملين وسقطوهم الكثير في الفجور، فتسببوا في ضياع كتبهم واحرقوا البعض ومزقوها إربا إربا بأنفسهم، وارميا أخبر عن الحقيقة وكاتب سفر الملوك الرابع يخبرنا عن اكتشاف سفر التثنية بعد زمن طويل من ضياعه، ان خيانتهم لكتابهم تسبب في ضياع الكتب أكثر مما تسبب البرابرة بتجاوزهم على الكتاب المقدس [11]
وممن قال برأي القديس يوحنا فم الذهب العلامة مار ديونيسيوس يعقوب السرياني الذي رد على تساؤلات اليهود حول اقتباس كاتب إنجيل متى وقال
( يدعى ناصريا) يقول اليهود في أي كتاب قيل انه يدعي ناصريا
ويرد يعقوب السرياني قائلا ( صـ 103 ) [12]
كتب كثرة قد فقدت حسب المنصوص في سفر الأيام ( 29/29 ) ثم ان اليهود دائما كانوا يميلون إلى عبادة الأصنام لذلك كان بعض منهم يتركون قراءة الكتب والبعض الآخر كانوا يحرقونها كما جاء عنهم في سفر ارميا 23/36 وجاء أيضا في سفر أخبار الأيام ان بتعب كثيرا وجدت تثنية الإشتراع مطمورة تحت الأرض فإذا كانوا هم في وقت السلم يتغافلون عن الكتب فكم يكون تغافلهم وقت الحرب
الرأي الأخير يصرح بضياع الكتب المقدسة وتحريفها وليس من السهل ان يقبله المؤمنون غير الدارسين، ولكنه قول لم يأت عن فراغ، فالعلماء الذين قالوا ضياع الأسفار المقدسة توصلوا إلى هذا رأي بعد دراسة عميقة للكتب المقدسة،
العلامة أوريجانوس اتهم اليهود بتحريف الكتاب المقدس، وفي رسالته إلى القديس يوليوس الإفريقي قدم الأدلة الدامغة على قوله، القديس جيروم أيضا اتهم اليهود بالتحريف وأقواله متناثرة في كتبه وللتسهيل على القارئ نشير إلى مقدمته للعبرانيين،
القديس يوستينوس الشهيد أيضا قال بتحريف اليهود للكتاب المقدس في حواره مع تريفو الفصل 70 – 73 لكن لم تكن أقواله عن دراسة كجيروم واوريجانوس
يجب أن ننوه هنا ان جيروم لم يرفض ربط اقتباس متى بنص اشعياء، بل أشار إليه في رسالته إلى بماشيوس (Pammachius ) ولكنه قال أن السياق مختلف كما أنه لم ير مشكلة في وقوع كاتب الإنجيل في الخطأ كما هو في اقتباس إنجيل متى27/9 " حينئذ تم ما قيل بفم أرميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين قطعة من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنه بنو إسرائيل ودفعوها حقل الفخاري كما أمرني الرب"، يقول جيروم حول هذا الاقتباس ان كاتب الإنجيل أخطأ في قائل العبارة، فنسبه إلي ارميا في حين ان قائله هو زكريا
وفي مقدمة العبرانيين Preface to the Book of Hebrew Questions
يقرر القديس جيروم ضياع نصوص كثيرة من العهد القديم، وقال ان يسوع والتلاميذ اقتبسوا كثير من النصوص التي لا وجود لها في العهد القديم حاليا [13]
القديس يوستينوس الشهيد أيضا قال بتحريف اليهود للكتاب المقدس في حواره مع تريفو الفصل 70 – 73 لكن لم تكن أقواله عن دراسة كجيروم واوريجانوس
يجب أن ننوه هنا ان جيروم لم يرفض ربط اقتباس متى بنص اشعياء، بل أشار إليه في رسالته إلى بماشيوس (Pammachius ) ولكنه قال أن السياق مختلف كما أنه لم ير مشكلة في وقوع كاتب الإنجيل في الخطأ كما هو في اقتباس إنجيل متى27/9 " حينئذ تم ما قيل بفم أرميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين قطعة من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنه بنو إسرائيل ودفعوها حقل الفخاري كما أمرني الرب"، يقول جيروم حول هذا الاقتباس ان كاتب الإنجيل أخطأ في قائل العبارة، فنسبه إلي ارميا في حين ان قائله هو زكريا
وفي مقدمة العبرانيين Preface to the Book of Hebrew Questions
يقرر القديس جيروم ضياع نصوص كثيرة من العهد القديم، وقال ان يسوع والتلاميذ اقتبسوا كثير من النصوص التي لا وجود لها في العهد القديم حاليا [13]
هل كان متى يقتبس من اشعياء أو من سفر القضاة؟ أم انه يقتبس من سفر ضائع كما أفاد ذهبي الفم
.. نرى أن أصحاب القولين لم يوفقا في جوابهما، فلا كان كاتب إنجيل متى يقتبس من اشعياء أو القضاة ولا كان يقتبس من أسفار ضائعة
بالنسبة للرأي الأول فان القائلين به كانوا ضحية جهلهم للعبرية، فتمسكوا بكلمة وجدوا حروفا مشتركة مع لفظ " ناصرة" فالقائلين مثلا بان إنجيل متى يشير إلي سفر القضاة اختلط عليهم لفظ نذير بـلفظ " ناصري" ولننظر إلي النص (
لأنك ستحملين وتنجبين ابنا. فلا تحلقي شعر رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في إنقاذ إسرائيل من تسلط الفلسطينيين )
هذا النص واضح للقارئ العربي، لأن الكلمة العبرية التي أشاروا إليها عربية أيضا وهي كلمة " نذير" (נזר ) وبحسب قاموس سترونج تنطق (nâzir ) H5139 ومن الواضح ان الربط بين النذر والناصرة أقرب إلى السذاجة من الرأي القائم على علم، ولو كنا نكتب للقراء الأجانب لأحتجنا إلى توضيح اللبس الذي وقع فيه هؤلاء الآباء والقديسين، أما القارئ العربي فليس بحاجة إلى توضيح الفرق بين " الناصرة" و " النذر"..
النص الثاني في سفر اشعياء وهو (ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله )
والكلمة القريبة من "ناصري" هى الكلمة العبرية لـ " غصن " (נצר ) وتنطق بحسب قاموس سترونج " نتسر" netzar أو nay'-tser
, اللفظان متقربان هنا لكن لفظ "غصن" ليس هو نفس لفظ "ناصري" . في العبرية توجد كلمات تشترك في الحروف ويختلف النطق والمعنى، فكلمة (נצר ) ممكن تنطق – نتسر- أو – نظر- أو نضر- ولا أحد يعلم أصل لفظ ناصرة أو جذرها، هل هي من نتسر أو نظر أو نضر –
وكلمة ناصرة نفسها في العهد الجديد مكتوبة بصيغ متعددة، وجاء في القاموس اللاهوتى للعهد الجديد ان الصيغة اليونانية للفظ "ناصرة" إذا كتبت بالعبرية، لن تكون حروفه نفس حروف لفظ" غصن" (נצר ) [14]
إضافة إلي ذلك، مدينة الناصرة لم يرد اسمها في العهد القديم ولم يذكرها يوسيفوس المؤرخ اليهودي [15]
لننظر الآن إلى نص اشعياء .. ماذا يريد ان يقول وعن من يتحدث
يقول اشعياء
ويفرخ برعم من جذع يسى، وينبت غصن من جذوره،
هنا إشارة إلى شخص بلا شك، ولكن هل يقول أنه سيدعى ناصريا أو حتى غصنا
كلا ..
ويصف اشعياء المشار إليه ويقول
ويستقر عليه روح الرب، روح الحكمة والفطنة، روح المشورة والقوة، روح معرفة الرب ومخافته
أنه شخص ينزل عليه الوحي لبيب يستشير أصحابه، يعرف الله ويخافه
الفقرة الثالثة
Isa 11:3 وتكون مسرته في تقوى الرب، ولا يقضي بحسب ما تشهد عيناه، ولا يحكم بمقتضى ما تسمع أذناه،
Isa 11:4 إنما يقضي بعدل للمساكين، ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض، ويعاقب الأرض بقضيب فمه، ويميت المنافق بنفخة شفتيه،
Isa 11:5 لأنه سيرتدي البر ويتمنطق بالأمانة.
Isa 11:6 فيسكن الذئب مع الحمل، ويربض النمر إلى جوار الجدي، ويتآلف العجل والأسد وكل حيوان معلوف معا، ويسوقها جميعا صبي صغير.
يقول ابن عزرا المفسر اليهودي الكبير Abraham ibn Ezra
سوف يتحرى الحقائق في حكمه لأن العين قد تخدع الإنسان أحيانا وقد ينخدع الإنسان بما يسمع، وفي أيامه يكون السلام ( ج1 ص 60 ) [16]
من الواضح ان هذا النص لا علاقة له من قريب أو بعيد بسيدنا المسيح،
نعم المسيح كان نبيا يخاف ربه لكنه لم يحكم بين الناس ولم تكن في أيامه السلام ولم يحكم على أحد بالموت ولم يسكن الذئب مع الحمل، ولم يعاقب
ان المشار إليه في هذه النصوص نبي حاكم عادل يقضي بعقوبة الموت وينشر السلام
ان حكم هذا النبي ليس سماويا، أي ان مملكته ليست في السماء بل على الأرض كما هو واضح من النص (ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض )
نأتى إلي رأي القديس يوحنا ذهبي الفم والقائل بضياع الأسفار المقدسة
ونحن نوافق القديس يوحنا ذهبي الفم في ضياع الأسفار المقدسة، ونوافق أوريجانوس في قولهما بتحريف اليهود للكتاب المقدس، ولكن لا نرى ان نص " وسيدعى ناصريا " من النصوص الضائعة، وإنما النبوة من تأليف كاتب الإنجيل، ولإثبات ذلك نحتاج إلى القراءة بتمعن للإنجيلين متى ولوقا.
.. نرى أن أصحاب القولين لم يوفقا في جوابهما، فلا كان كاتب إنجيل متى يقتبس من اشعياء أو القضاة ولا كان يقتبس من أسفار ضائعة
بالنسبة للرأي الأول فان القائلين به كانوا ضحية جهلهم للعبرية، فتمسكوا بكلمة وجدوا حروفا مشتركة مع لفظ " ناصرة" فالقائلين مثلا بان إنجيل متى يشير إلي سفر القضاة اختلط عليهم لفظ نذير بـلفظ " ناصري" ولننظر إلي النص (
لأنك ستحملين وتنجبين ابنا. فلا تحلقي شعر رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في إنقاذ إسرائيل من تسلط الفلسطينيين )
هذا النص واضح للقارئ العربي، لأن الكلمة العبرية التي أشاروا إليها عربية أيضا وهي كلمة " نذير" (נזר ) وبحسب قاموس سترونج تنطق (nâzir ) H5139 ومن الواضح ان الربط بين النذر والناصرة أقرب إلى السذاجة من الرأي القائم على علم، ولو كنا نكتب للقراء الأجانب لأحتجنا إلى توضيح اللبس الذي وقع فيه هؤلاء الآباء والقديسين، أما القارئ العربي فليس بحاجة إلى توضيح الفرق بين " الناصرة" و " النذر"..
النص الثاني في سفر اشعياء وهو (ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله )
والكلمة القريبة من "ناصري" هى الكلمة العبرية لـ " غصن " (נצר ) وتنطق بحسب قاموس سترونج " نتسر" netzar أو nay'-tser
, اللفظان متقربان هنا لكن لفظ "غصن" ليس هو نفس لفظ "ناصري" . في العبرية توجد كلمات تشترك في الحروف ويختلف النطق والمعنى، فكلمة (נצר ) ممكن تنطق – نتسر- أو – نظر- أو نضر- ولا أحد يعلم أصل لفظ ناصرة أو جذرها، هل هي من نتسر أو نظر أو نضر –
وكلمة ناصرة نفسها في العهد الجديد مكتوبة بصيغ متعددة، وجاء في القاموس اللاهوتى للعهد الجديد ان الصيغة اليونانية للفظ "ناصرة" إذا كتبت بالعبرية، لن تكون حروفه نفس حروف لفظ" غصن" (נצר ) [14]
إضافة إلي ذلك، مدينة الناصرة لم يرد اسمها في العهد القديم ولم يذكرها يوسيفوس المؤرخ اليهودي [15]
لننظر الآن إلى نص اشعياء .. ماذا يريد ان يقول وعن من يتحدث
يقول اشعياء
ويفرخ برعم من جذع يسى، وينبت غصن من جذوره،
هنا إشارة إلى شخص بلا شك، ولكن هل يقول أنه سيدعى ناصريا أو حتى غصنا
كلا ..
ويصف اشعياء المشار إليه ويقول
ويستقر عليه روح الرب، روح الحكمة والفطنة، روح المشورة والقوة، روح معرفة الرب ومخافته
أنه شخص ينزل عليه الوحي لبيب يستشير أصحابه، يعرف الله ويخافه
الفقرة الثالثة
Isa 11:3 وتكون مسرته في تقوى الرب، ولا يقضي بحسب ما تشهد عيناه، ولا يحكم بمقتضى ما تسمع أذناه،
Isa 11:4 إنما يقضي بعدل للمساكين، ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض، ويعاقب الأرض بقضيب فمه، ويميت المنافق بنفخة شفتيه،
Isa 11:5 لأنه سيرتدي البر ويتمنطق بالأمانة.
Isa 11:6 فيسكن الذئب مع الحمل، ويربض النمر إلى جوار الجدي، ويتآلف العجل والأسد وكل حيوان معلوف معا، ويسوقها جميعا صبي صغير.
يقول ابن عزرا المفسر اليهودي الكبير Abraham ibn Ezra
سوف يتحرى الحقائق في حكمه لأن العين قد تخدع الإنسان أحيانا وقد ينخدع الإنسان بما يسمع، وفي أيامه يكون السلام ( ج1 ص 60 ) [16]
من الواضح ان هذا النص لا علاقة له من قريب أو بعيد بسيدنا المسيح،
نعم المسيح كان نبيا يخاف ربه لكنه لم يحكم بين الناس ولم تكن في أيامه السلام ولم يحكم على أحد بالموت ولم يسكن الذئب مع الحمل، ولم يعاقب
ان المشار إليه في هذه النصوص نبي حاكم عادل يقضي بعقوبة الموت وينشر السلام
ان حكم هذا النبي ليس سماويا، أي ان مملكته ليست في السماء بل على الأرض كما هو واضح من النص (ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض )
نأتى إلي رأي القديس يوحنا ذهبي الفم والقائل بضياع الأسفار المقدسة
ونحن نوافق القديس يوحنا ذهبي الفم في ضياع الأسفار المقدسة، ونوافق أوريجانوس في قولهما بتحريف اليهود للكتاب المقدس، ولكن لا نرى ان نص " وسيدعى ناصريا " من النصوص الضائعة، وإنما النبوة من تأليف كاتب الإنجيل، ولإثبات ذلك نحتاج إلى القراءة بتمعن للإنجيلين متى ولوقا.
بعد التمعن في الإنجيليين يتضح لنا ان النبوة كانت حشوا لا حاجة لها لأن المسيح أصلا من الناصرة كما يقرر إنجيل لوقا، لكن إنجيل متى جعل موطن المسيح بيت لحم ثم أرسله إلى مصر، وحاول إعادته إلى بيت لحم بأمر الملاك، وجعل الملاك يتراجع فيأمره بأخذ يسوع المسيح إلى الناصرة كي يتم ما قيل بالأنبياء انه سيدعى ناصريا
ونحن نتساءل لم كل هذه الدوار ويسوع أصلا من الناصرة
لماذا أصدر الملاك أوامر فاشلة استراتيجيا ؟
كاتب الإنجيل يخبرنا ان سبب التراجع من الذهاب إلي بيت لحم هو كون الحاكم الجديد أخذ طبع أبيه وهو خطر علي حياة يسوع، ويجب ان نعلم ان الملاك لا يصدر أوامر من ذاته بل ينقل كلام الرب فهل لم يكن الرب يعلم ان ابن هيرودس أخذ طبع أبيه؟ ثم ما الفرق بين بيت لحم والناصرة، إذا كانت الناصرة في الجليل وحاكمها أخو حاكم اليهودية، ونحن هنا لسنا نتحدث عن تخبطات إنجيل متى لذاتها ولكن نقول ان رغبته في إنشاء سياق للنبوة دليل على ان اقتباسه كان من بنات أفكاره
الملخص :
نبوة إنجيل متى (سيدعى ناصريا ) ليست في أي سفر من الأسفار المقدسة، ومدينة الناصرة لم يرد اسمها في العهد القديم،
لقد ضيع اليهود أسفارا ونصوصا من الكتاب المقدس ولكن اقتباس متى ليس من النصوص الضائعة، بل هو تأليف من كاتب الإنجيل
____________________________
[1] DALE C. ALLISON, JR in "THE OXFORD BIBLE COMMENTARY" ed John Barton & John Muddiman University of Oxford press 2001
[2]Albert Barnes. Barnes New Testament Notes Grand Rapids, Mich. : Baker Book House, 1949
[3]John Calvin Commentary on Matthew, Mark, Luke -
Volume 1 Grand Rapids
[4]Bruce Metzger. Chapters In The History Of NT Grand Rapids 1963
[5] Adam Clarke's Commentary
[6]مار ديونيسيوس يعقوب السرياني، الدر الفريد في شرح العهد الجديد
[7]موريس تاضروس ، تحليل لغة الإنجيل للقديس متى في أصولها اليونانية، دير القديسة دميانة 2000
[8]متي المسكين، شرح إنجيل القديس متى
[9]انظر هامش رقم 3
[10]انظر هامش رقم 5
[11]John Chrysostom . : Homilies on the Gospel of Saint Matthew
[12]انظر هامش رقم 6
[13]The Principal Works of St. Jerome P 486 انظر أيضا Jerome’s Apology for Himself Against the Books of Rufinus Book II. 25
[14]Gerhard Friedrich. Theological dictionary of the New Testament. (Vol. 4, Page 875). Grand Rapids, MI: Eerdmans.
[15]Robert Jamieson. JFB Commentary Critical and Explanatory on the Whole Bible P 1880 )
[16]Abraham ibn Ezra. commentary of ibn ezra on isaiah
تعليق