يقول الشيخ وهنا تسجيل صوتي
وأنكر الإمام أحمد على الحارث المحاسبي تصنيفه في الرد على المعتزلة، فقال الحارث : الرد على البدعة فرض، فقال الإمام أحمد : نعم، ولكن حكيت شبهتهم أولاً ثم أجبت عنها، فلا يؤمن أن يطالع الشبهة من تعلق بفهمه، ولا يلتفت إلى الجواب، أو ينظر في الجواب ولا يفهم كنهه. إن الطائفة الوحيدة التي تتصدى لأهل البدع هم أهل العلم المختصون، وأما طالب العلم القليل البضاعة فضلاً عن العوام الذين لا يدركون حقائق هذه الأشياء فلا شك أن دخولهم في مثل هذا دخول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استشرفت للفتن استشرفت لك) أي: إذا نظرت إلى الفتن بعين واحدة فإنها ستهجم عليك، وترحب بك، وتدخلك في بطنها، وهنا أذكر نصيحة لعموم الإخوة جميعاً وهي: أن من سمع شيئاً في وسائل الإعلام فيه طعن، أو تكذيب، أو بعض الشبهات، فالواجب عليه أن يخمده ما استطاع ولا يذيعه أو ينشره، إلا إذا أُذيع ونُشر رغماً عنا، ففي هذه الحالة يتعيّن الجواب العام، لكن لا نشغل أنفسنا بالرد على كل من ألقى حجَراً؛ لأننا سنكون بذلك قد أذعنا هذه البدع ونشرناها، وعممنا ضررها. قال الغزالي معلقاً على كلام الإمام أحمد : وما ذكره أحمد حق، ولكن في شبهة لم تنتشر ولم تشتهر، وأما إذا انتشرت فالجواب عنها واجب، ولا يمكن الجواب إلا بعد الحكاية. ولا شك أن الحجْر على أهل البدع ممن يعيثون في الأرض فساداً هو أولى من الحجر الصحي لاستصلاح الأبدان، فإن المبتدع إذا زجر وهجر بات كالثعلب في جحره، وأما تركه يحديث ببدعته وضلاله فهذا فيه تزكية له، وتغرير بالعامة، إذ العامي مشتق من العمى، فهو بيد من يقوده غالباً.
نوع الاختلاف الموجود عند أهل السنة والجماعة
ولا شك أن الخلافات في مثل هذه الأشياء هي من سنة الله عز وجل التي مضت في خلقه، فما من الناس إلا راد ومردود عليه، ومحق ومبطل، والله تعالى يقول: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ [هود:118-119]، والمقصود بهذا الاستثناء هم أهل الإسلام، وأهل السنة والجماعة على الخصوص، فإن أهل السنة والجماعة لا يختلفون اختلافاً يضرهم، فقد يختلفون في بعض الأمور لكنه اختلاف لا يضرهم، كالخلاف الاجتهادي في قضايا الفروع، وأما في الإيمان وقضايا الأصول والعقيدة فهم فرقة واحدة، وأما في الفقه والفروع فالأمر أيسر، فهم مذاهب شتى تصل إلى سبعة أو ثمانية أو أكثر من ذلك من المذاهب الفقهية، إذاً: فأهل السنة لا يختلفون في الأصول ولا يختلفون في الفروع اختلافاً يضرهم، وإنما يختلفون اختلافاً سائغاً. وهنا نذكر قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وهو يناقش تلميذه الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى، وقد جعل يورد عليه إيراداً بعد إيراد، فيناقشه ويدلي بالشبه، وكلما أجابه بشيء أورد عليه شبهة أخرى، فعلّق شيخ الإسلام على أسلوب تلميذه الإمام ابن القيم معلماً ومرشداً، فقال: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة يتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وأما إذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليه فإنه سيصير مقراً للشبهات، أو كما قال شيخ الإسلام . يقول ابن القيم : فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك، وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل
وأنكر الإمام أحمد على الحارث المحاسبي تصنيفه في الرد على المعتزلة، فقال الحارث : الرد على البدعة فرض، فقال الإمام أحمد : نعم، ولكن حكيت شبهتهم أولاً ثم أجبت عنها، فلا يؤمن أن يطالع الشبهة من تعلق بفهمه، ولا يلتفت إلى الجواب، أو ينظر في الجواب ولا يفهم كنهه. إن الطائفة الوحيدة التي تتصدى لأهل البدع هم أهل العلم المختصون، وأما طالب العلم القليل البضاعة فضلاً عن العوام الذين لا يدركون حقائق هذه الأشياء فلا شك أن دخولهم في مثل هذا دخول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استشرفت للفتن استشرفت لك) أي: إذا نظرت إلى الفتن بعين واحدة فإنها ستهجم عليك، وترحب بك، وتدخلك في بطنها، وهنا أذكر نصيحة لعموم الإخوة جميعاً وهي: أن من سمع شيئاً في وسائل الإعلام فيه طعن، أو تكذيب، أو بعض الشبهات، فالواجب عليه أن يخمده ما استطاع ولا يذيعه أو ينشره، إلا إذا أُذيع ونُشر رغماً عنا، ففي هذه الحالة يتعيّن الجواب العام، لكن لا نشغل أنفسنا بالرد على كل من ألقى حجَراً؛ لأننا سنكون بذلك قد أذعنا هذه البدع ونشرناها، وعممنا ضررها. قال الغزالي معلقاً على كلام الإمام أحمد : وما ذكره أحمد حق، ولكن في شبهة لم تنتشر ولم تشتهر، وأما إذا انتشرت فالجواب عنها واجب، ولا يمكن الجواب إلا بعد الحكاية. ولا شك أن الحجْر على أهل البدع ممن يعيثون في الأرض فساداً هو أولى من الحجر الصحي لاستصلاح الأبدان، فإن المبتدع إذا زجر وهجر بات كالثعلب في جحره، وأما تركه يحديث ببدعته وضلاله فهذا فيه تزكية له، وتغرير بالعامة، إذ العامي مشتق من العمى، فهو بيد من يقوده غالباً.
نوع الاختلاف الموجود عند أهل السنة والجماعة
ولا شك أن الخلافات في مثل هذه الأشياء هي من سنة الله عز وجل التي مضت في خلقه، فما من الناس إلا راد ومردود عليه، ومحق ومبطل، والله تعالى يقول: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ [هود:118-119]، والمقصود بهذا الاستثناء هم أهل الإسلام، وأهل السنة والجماعة على الخصوص، فإن أهل السنة والجماعة لا يختلفون اختلافاً يضرهم، فقد يختلفون في بعض الأمور لكنه اختلاف لا يضرهم، كالخلاف الاجتهادي في قضايا الفروع، وأما في الإيمان وقضايا الأصول والعقيدة فهم فرقة واحدة، وأما في الفقه والفروع فالأمر أيسر، فهم مذاهب شتى تصل إلى سبعة أو ثمانية أو أكثر من ذلك من المذاهب الفقهية، إذاً: فأهل السنة لا يختلفون في الأصول ولا يختلفون في الفروع اختلافاً يضرهم، وإنما يختلفون اختلافاً سائغاً. وهنا نذكر قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وهو يناقش تلميذه الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى، وقد جعل يورد عليه إيراداً بعد إيراد، فيناقشه ويدلي بالشبه، وكلما أجابه بشيء أورد عليه شبهة أخرى، فعلّق شيخ الإسلام على أسلوب تلميذه الإمام ابن القيم معلماً ومرشداً، فقال: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة يتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وأما إذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليه فإنه سيصير مقراً للشبهات، أو كما قال شيخ الإسلام . يقول ابن القيم : فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك، وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل
تعليق