كنتُ لادينياً
منقول عن منتدى التوحيد
اعزائي وإخوتي الأعضاء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت أن أكتب ماأكتبه الآن لأريح نفسي من عناء مشوار طويل خضته مع اللادينية ، ومن تراكماته المضنية على عقلي وقلبي ، ولاأنشد بذلك أي تميز أو ألمعية ، بل فقط رغبة صادقة في نقل مجريات جمة طرأت علي مذ كنت لادينياً حتى هذه اللحظة.
في البداية ، سأختصر قدر الامكان حتى لااصيبكم بالملل ، فمنذ مدة طويلة - حوالي 16 عاما- وكنت وقتها في السادسة عشر من عمري ، وهي السن التي يبدأ فيها المرء بالتفكر في اتجاهاته الدينية ، كنت قد اتخذت طريق الالحاد وهيأت لي الظروف من حولي ومحيطي الملحد آنذاك هذا الاختيار وابتعدت عن الله وعن الاديان جميعها ، وانهمكت بعدها في دراستي وتحصيلي العلمي ، ودرست الهندسة وبعد التخرج ركبت قطار العمل وتوابعه ومن ثم الزواج والامور الحياتية ، وفي كل تلك الفترة كنت منهمكا في مشاغل الحياة ولم الق بالاً الى أمور الدين لأنني كنت أعتقد انني قد اخترت الطريق الصواب وكنت شبه مقتنعاً بما انا فيه.
ولكنني منذ حوالي 5 سنوات مضت ، بدأت أفكر جدياً في وجودي ، وأتساءل دوماً عن سر الحياة ، والوجود والكون والمخلوقات ، وبدأت التساؤلات تدور في ذهني بشكل ملح وأحاول أن أجد لها الإجابات الشافية ، بدأت أقرأ كل ماله علاقة بهذه الأمور من كتب فلسفية ، ودينية ، وتاريخية ، ومناظرات ، وتفكرت كثيراً في أمور الوجود والخلق وتعمقت في تلك الدراسات ، وفي النهاية خرجت بنتيجة مفادها أن كل الموجودات هي جزء من الوجود ( على خلاف قول هايدجر) ، وأن الوجود كله بما فيه ينتهي الى أصل ثابت لايتغير ، وأن قوة كبيرة تجمع كل أشكال القوى الموجودة في الكون ، لن يقبل عقلي أبداً مايخالف هذه الحقيقة ، هناك محرك أساسي لكل شيء...فخلعت عني ثوب الإلحاد ، ولبست ثوب اللادينية ، وبعدها بحثت في جميع الأديان ، منذ الطوطمية والهندوسية والبوذية مروراً بالكونفوشية والزرادشتية الاهورامزدية والطاوية واليهودية والمسيحية ...الخ ، والإسلام طبعاً ...
في الحقيقة لم أصدقها جميعاً ، وكنت أرى أنها امتداد وتواصل بعضها لبعض ، ولكن أقربها الى عقلي كان الإسلام ، شبهات كثيرة أثيرت لي لم أستطع أن أمر عليها دون تمحيص او محاولة للاستفسار الجاد، وكلكم تعرفون بالطبع هذه الشبهات ولاداعي لذكرها وانما أذكر أمثلة منها حول قصص مايقال عن قتل الرسول لام قرفة وغيرها ، عن زيجات النبي ، وعن حد الردة ، وعن نزول بعض الآيات على لسان عمر ، وغيرها الكثير ، ولكن وبصدق وجدت بعض الأجوبة الشافية في موقعكم الكريم وغيره من المواقع ، وفي بعض المحاضرات على القنوات الدينية ، وأكثر مايهمني هو ماوجدته في كتاب الله ، القرآن الكريم ، من حقائق علمية وتاريخية ، ومن أسلوب وجزالة لغوية بالغة التأثير في النفس والقلب.
كانت فترات تردد كثيرة بين التصديق والإعراض ، أحسست وقتها بضياع مريع وفراغ كبير ، ...لماذا انا لاديني ؟ كنت أسأل نفسي ، أبحث عن إله ليس له علاقة بالأديان !!! أين هو هذه الإله ؟ هل سأفصله على مزاجي ، أم سأنتظر حتى يظهر بشكل ما ؟ لماذا لم يخبرنا حتى الآن عن نفسه ، عن وجوده ، عن سبب خلقه لنا ؟ هل هو عاجز ؟؟ أدركت كم كنت مخطئاً ماأطلبه قد حصل فعلاً ، ولكن مع الله سبحانه وتعالى ، كانت إجابة أسئلتي هي دليلي على وجود الله ، الذي أرسل في كل قرية نذير ..الله الذي كنت بعيداً عنه وعن رحمته ولطفه ، الله الذي يسأل عنا ولانسأل عنه ، الذي يقترب منا ونبتعد عنه ، الذي يعطينا ولاينتظر منا ، كم كان يحيرني لغز النهايات ..ولا أجد له إجابة شافية ، إلا عندما قرأت قوله تعالى " وأن إلى ربك المنتهى " ، كم أراحني هذا الجواب ، كنت أتساءل من الذي يستطيع أن يصل إلى تعداد كل شيء ، والسيطرة على كل شيء ، وإحصاء كل شيء ...وقرأت الآيات " وأحصى كل شيء عددا " ، " وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
هل يتجرأ بشر أن يقول مثل هذا الكلام ؟؟ مستحيل
ويوماً بعد يوم بدأ الإيمان يعمر في قلبي وعقلي ، أدركت أنني مخلوق ضعيف ، أمام عظمة الله ..، نعم انني أحس بوجوده وأشعر به ، أحس بمحبته ، بلطفه وحكمته ، بقربه ، اللــــــــــــــــــــــــــــــــــه ، كم هو جميل الإيمان ...وكم هو بشع الإلحاد
ماأتمناه في حياتي هو فقط أن يغفر الله لي ماافتريت عليه في حياتي ....وأن يسامحني ويهديني ويثبت الإيمان في قلبي ويثبتني على هذا الدين
وأشكرلكم جميعاً قراءة مااختصرته كثيراً من مسيرة طويلة ....
وهذا المنتدى الرائع الذي كان له الدور الكبير في إرشادي
لاتنسوني من الدعوات
المصدر
https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=8444
تعليق