إلى ولدي ..تلك هي الحرية
قلب إليك يا ولدي ينبض بكل جميل ..
وعين ترعاك بينما أنت تخطو خطواتك نحو مستقبل واعد ..
ويد حانية تربت على كتفك عند كل كبوة أو هفوة , تدعوك للصبر والثبات على كل المحن ..
وأمنيات تحيطك أبعثها إليك عبر كل نسمة عذبة وكل شعاع مضىء ...
لست هنا اليوم ياولدي الحبيب لأبني سورا من حولك من أوامر ونواه ..
ولست هنا لأحيطك بغضبات وصراخات تجرك نحو ماأريد من اختيارات الحياة ...
إنما أنا أب أدرك معنى الحرية .. كما أدرك معنى بناء الشخصية المستقلة الواثقة ..
إلا أنني أخشى دوما عليك ياولدي العزيز ما يخشاه كل محب على حبيبه :
من الضرر والآلام , عندما تجرك زهرة الحياة فتتلألأ في ناظريك فتبهرك فتغفل عن أشواكها , وأنت ماتزال في مقتبل عمرك الزاهر بكل أنواع الجواذب الباسمات ...
إن الحرية يابني لم تكن يوما قدرة متجردة على الفعل وحسب ..
وليست هي قدرة على مخالفة آراء الآخرين ولاهي رؤية ساخرة لآراء السابقين ..
كما أنها ليست تقليدا لغرب أو شرق ..
وليست جدالا مع الكبار , ولا مراء مع العلماء , ولا صخبا مع الأمهات والمعلمين ...
إنما الحرية يا ولدي الحبيب هي فك قيد القلب من عبودية غير الله العزيز الحكيم ..
وهي استقلالية عن التعلق بالأشياء أو الاستذلال للناس ..
وهي قدرة على فعل الصواب في الانفراد والاجتماع ...
وهي قوة في النفس تدعو صاحبها لقول الحق والشهادة بالحقيقة , وتدعوه للشعور بالاستغناء عن العالمين والارتباط بالسماء في الرزق والعطاء والأخذ والرجاء .
لكم أحزن عندما أرى من أبناء جيلك ياولدي من يرى الحرية تجرؤا على المبادىء والقيم .. فيعمد إلى كسر قوانينها واختلال توازنها في مجتمع محافظ كريم ..
أو عندما أرى من يعتبرها قدرة على عصيان الأبوين أو ضرب عرض الحائط بنصائح الأجداد والأعمام ..
أو من يراها تمردا على الأعراف والعادات الكريمة الأصيلة !..
إنك يابني سترى طوال عمرك صنوفا من الناس لم تكن تظن أن تراهم , وأنواعا من البشر مختلفة متباينة , سترى المهمل والمهتم , وترى المنحرف والمستقيم , وترى المتدين والعاصي , وترى المتمرد والسلس , وترى المتواد والنافر , وترى البر والفاجر , وغيرهم من الصنوف .
فإذا مررت بتلك الصنوف فتذكر أن حريتك ههنا هي اختيار أهل الخير والعدل والحق من هؤلاء , ليصيروا لك أصدقاء وصحبة ..
وحريتك ههنا أن تسعى أن تصلح القابلين للإصلاح ولا توافقهم على أخطائهم ..
وأن تمنع الفاجرين – مااستطعت – من فجرهم ... بينما أنت تنشر الخير في كل مكان !!
حريتك يا ولدي العزيز أن تكون مشعل نور وهداية للآخرين من أبناء جيلك وغيرهم , ومعول بناء وإصلاح لكل ماهدم من صروح , وصوت علم وبصيرة لكل جاهل أو تائه أو غافل .
إن الحرية أن تكون لربك في كل وقت حافظا , ولنفسك في كل موقف مربيا , ولمجتمعك في كل حال نافعا , ولمستقبلك في كل فعل منجزا , أضاء الله صدرك بالإيمان , وأنار دربك بقبول نصحي إليك ..

رسالة خطتها الدماء ... على لسان كل أب أراد أن يكون لابنه ناصحا أمينا مرشدا إلى معرفة سبل الحرية الحقيقية، لا تلك الوهمية التي تعلقت في أذهاننا حين نظرنا في وسائل الإعلام إلى أحوال الغرب و تمنينا أن نكون كهؤلاء ..
متحررين من قيود التقاليد و الآباء . ..
لكن للأسف مأسورين بأهواء النفس و سلاطينها .. و إن كنا لا نعي ذلك عادة إلا بعد أن يفوت الأوان !!
الكلمات قوية .. تركت في نفسي أثرا عظيما .. فأردت أن أشاركها أحبتي
اللهم ارزقنا الذرية الصالحة و اهدها بهديك و اجعلها من وسائلك لإصلاح الأرض و فخرا لنا في دنيانا قبل آخرتنا
منقول
تعليق