قبل أن أضع لكم ترجمة كلام الدكتورة April D. DeConick , لا بد فى البداية , لا بد أن أعطيكم ملخصا للمقال حتى يكون التعليق الختامى المترجم مفهوما , فقد ترجمت آخر ثلاث صفحات فقط من المقال الطويل , و بالتالى لا بد أن أعطيكم تلخيصا لما سبق هذه الصفحات .
تقدم الدكتورة April D. DeConick فى هذا البحث مقارنة بين ثلاثة نماذج كريستولوجية و النماذج الخلاصية التى تتعلق بكل واحد من الثلاثه . هذه النماذج الكريستولوجية هى : النموذج الأورشليمى , و النموذج الأنطاكى , و النموذج السكندرى .
باختصار شديد , يتكون النموذج الكريستولوجى الأورشليمى من أن يسوع كان انسانا مولودا من أبوين هما مريم و يوسف , نزلت عليه الروح القدس و تلبسته وقت المعمودية , عاش كنبى يدعو الناس للتوبة , و لكنه قتل , و قبل موته غادره الروح القدس , و لكن بسبب بره أقامه الله من الموت , و حول جسده الى جسد ملائكى , و رفعه الى يمينه باعتباره الملاك الرئيسى ليهوه , الذى ألبس الإسم القوى و أجلس على العرش باعتباره الله . و بهذا , سوف يعود ليدين العالم . نتيجة عقيدة المجىء الثانى , و عقيدة تأليه يسوع , لم يكن يسوع الها أثناء حياته , بل كان انسانا تلبسه الروح القدس , و رفع الى الإلهية بعد موته .
لنصيغ الأمر بطريقة أخرى نقول , تكون النموذج الأورشليمى من الإعتقاد بقيامة يسوع من الأموات , و بأنه إنسان بار , و بأنه نبى مثل موسى . و بما أن اليهود كانت لديهم تأملات حول موسى , على الأخص منها أنه ألبس الإسم الإلهى , نشأ اعتقاد بأن جسد يسوع القائم من الأموات لا يمكن أن يكون سوى جسد ملاك الرب , الملاك الرئيسى لله , و حامل اسمه و صورته , الذى له صلة بمجده . بهذا التعريف صار يسوع هو الله , لأن التقليد اليهودى يقول بأن هذا الملاك ظهور لله .
بالنسبة للنموذج الكريستولوجى الأنطاكى : قال الأنطاكيون أنه اذا كان يسوع قد صار ملاك يهوه بعد موته , فمن هو ملاك يهوه قبل أن يولد يسوع ؟ .. لا بد أنه يسوع أيضا . و بالتالى لا بد أن هذا الملاك قد نزل من السماء و سكن جسد يسوع عند حمله أو ولادته . إننا نجد فى رسائل بولس التراتيل الأنطاكية القديمة , التى تقول بأن يسوع " كان فى صورة الله " , و " لم يحسب مساواته بالله شيئا يمكن أن يدركه " , و هى اشارة محتملة الى ملاك , ربما هو ملاك الإسم Angel of the Name . هذا الكائن الإلهى " أخلى " ذاته و ولد فى هيئة بشر ( فيلبى 2- 5 الى 7 ) . إن يسوع هو " صورة الله غير المنظور " , و " بكر كل خليقة " , و " فيه يحل كل ملء اللاهوت " . إن الإشارات الى " الهيئة " و " الصورة " و " بكر كل خليقة " كلها لها مدلولات أشكال - ملائكية . إن بولس يقول أن الله أرسل ابنه , و ربما هذا يعكس فكرة الربط بين الملائكة و البنوة فى الدين اليهودى . لقد حدث هذا التغير التصاعدى فى المسيحية الأنطاكية قبل بولس , و لكن كان له أيضا أثر كبير على التقاليد المسيحية المبكرة بعد زمن بولس . بالنسبة لبقية عناصر النموذج الأورشليمى , لم يغيرها الأنطاكيون .
بالنسبة للنموذج الكريستولوجى السكندرى : يحتفظ إنجيل يوحنا بهذا النموذج . بحسب هذا النموذج , يسوع ليس ملاكا عظيما أو روحا سكن فى إنسان . لقد رجع هذا النموذج خطوة للخلف , الى وقت ما قبل خلق العالم , فقال أن يسوع هو اللوجوس الخاص بالله , و كان مع الله قبل خلق العالم ., و شارك فى خلق العالم قبل أن يصير جسدا .
و الآن أترككم مع آخر صفحات من مقال الدكتورة April D. DeConick , تتحدث فيها عن أن آريوس و نسطور أكثر قربا للعقيدة الأورشليمية عن ألكسندروس و أثناسيوس , فتقول :
أخيرا , فإن هذا المخطط نافع جدا كوسيلة نفحص بها التطورات الكريستولوجية اللاحقة , و لكى نفهم النزاعات ذات الصلة بها . على سبيل المثال , فى حالة آريوس , يظهر لنا رجل تأثر بنموذجين – النموذج الأورشليمى القديم , و النموذج السكندرى . على الرغم من كونه قسيسا مصريا فى الأبرشية السكندرية , إلا أن آريوس نفسه يشير الى أن لوسيان الأنطاكى كان أستاذه و كذلك أيضا يوسيبيوس النيقوميدى (ep.ad. Euseb.Nicom. 5;cf.Alexander, ep. ad. Alex.35-36; Philostorgius,hist. eccl. 1) , و الذى كان بدوره تلميذا لبولس الشمشاطى الذى كان من أتباع المونآرخية الديناميكية و يألف النموذج الأورشليمى . فى الواقع , فإن هذا النموذج القديم قد شكل الأساس للإعتقاد الكريستولوجى الخاص ببولس الشمشاطى . لقد آمن أن يسوع كان انسانا (Eusebius, hist. eccl. 7.27.2) . إن العنصر الإلهى الذى سكن داخل يسوع الرجل البار كان اللوجوس غير المتشخص impersonal logos , قوة الله العاقلة (Epiphanius, haer.65.1.5-8) . هذا التلبس و الإتحاد النهائى ل "اللوجوس الإلهى " مع روح يسوع قد حدث لأن إرادة يسوع البشرية قد اشتهته . كلما كان يسوع يزيد فى طاعته لأوامر الله , كلما كان أكثر اتفاقا مع اللوجوس الإلهى , الى أن وصل الى درجة الإتحاد الكامل به , و وصل الى منزلة إلهية كاملة . بهذا الشكل , كان الإنسان كامل الخلق من نفس الجوهر ( هوموأوسيوس ) مع الآب (Athanasius, de. syn. 45; Hilary, de. syn.81; Basil, ep.52.1) . إن نهج يسوع فى الكمال قدّم القالب الذى يمكن أن يستخدمه كل المؤمنين . فإذا جعلوا إراداتهم وفقا لإرادة الله , مثلما فعل يسوع , فسوف يصيرون إلهيين هم أنفسهم .
لقد كان اعتقاد آريوس الكريستولوجى مؤسسا على هذا التعليم , و لكن كانت هناك اختلافات مميزة , لأن آريوس أيضا كان يألف النموذج السكندرى الذى يثمّن الإبن القبل دنيوى . عن هذا الإبن , علّم آريوس أنه مخلوق , خلقه الله من لا شىء (Arius, ep. ad. Euseb. Nicom.45) . لقد كان له كينونة منفصلة عن اللوجوس و الحكمة الإلهيين , و متميزا عن جوهر الآب (Arius,ep. ad. Alex.4) . ربما أن هذا التفسير عبارة عن تلميح – ألبس رداءا فلسفيا – الى التعليم الأورشليمى الأقدم الذى كان يقول بأن يسوع هو ملاك يهوه . اذا أخذنا هذا فى اعتبارنا , فعلينا ألا نندهش أن يعترف الآريوسى فى مؤتمر بأن الإبن ربما قد سقط كما أن الملاك الشيطان قد سقط (Alexander, ep. en cyc. 10) .
إن عبقرية آريوس – من وجهة نظرى – هو أنه دمج تعليم بولس الشمشاطى عن النمو الأخلاقى ليسوع , دمجه فى النموذج السكندرى . و بالتالى , فإن الإبن القبل – دنيوى هو الذى يوافق بين إرادته أو اللوجوس الخاص به مع الإرادة أو اللوجوس الخاص بالآب , ساعيا فى كمال نفسه قبل الزمان . لقد جلب هذا الدمج معه أيضا النظرية الخلاصية السلوكية التى تميز بها النموذج الأورشليمى . لقد اعتقد آريوس أن المؤمنين يمكنهم أن يتوافقوا مع إرادة الله , تماما كما فعل الإبن , و بتقدم تدريجى خلال حياتهم يصيرون إلهيين هم أنفسهم .
بالنسبة للإنسان يسوع , فضّل آريوس النموذج السكندرى , فأكد على أن الإبن الكامل روحيا الذى وفق نفسه مع اللوجوس , قد حل محل روح يسوع . بما أن الإبن باعتباره اللوجوس كان مخلوقا, فقد كان عرضة للتغير . و بالتالى يمكن أن يكون يسوع جاهلا فى بعض الأحيان , و يمكن أن ينمو فى الحكمة , و يحتاج المعونة وقت التجربة .
لقد ظلم التاريخ آريوس حينما صنفه على أنه قسيس مهرطق اعتقد بأن يسوع نصف إله . و لكن كما رأينا , فإن هذا بعيد جدا عن الحقيقة . لقد اعتقد آريوس أن يسوع هو الله , و لكنه صار هكذا من خلال عملية معقدة من تكييف إرادته , هذا التكييف الذى يمكننا أن نقلده .
على هذا , فإن اعتقاد آريوس الكريستولوجى و الخلاصى أكثر قربا للتعبيرات المسيحية الأقدم , أكثر قربا عن معاصريه الأرثوذكس مثل ألكسندروس و أثناسيوس الذين اعتمدا بشكل كامل على النموذج السكندرى المتأخر . لقد قال لى المشرف على رسالة الدكتوراة الخاصة بى ذات مرة , أننى اذا أردت أن أتعلم عن الأشكال الأقدم للمسيحية , فعلىّ أن أدرس عن الهراطقة , لأن كثيرا من وجهات نظرهم تعبر عن الفكر اليهودى الأقدم , و الذى صار مهجورا فى إطار هذه الصورة المسيحية المتنامية أو صار يمثل عائقا .. وجهات نظر كان كثير من المسيحيين فى القرن الثانى يستبدلونها بما يعتقدون أنها وجهات نظر أحدث مأخوذة من الأمميين . يبدو أن الوضع هكذا فى حالة آريوس . و ربما يكون هذا صحيحا أيضا بالنسبة لنسطور الذى أعاد هو نفسه بعث نواح معينة من النموذج الأورشليمى الأقدم . ربما لكى نفهم الأشكال الأقدم من المسيحية, علينا أن نتخلى لبعض الوقت عن ميراثنا الأرثوذكسى الذى يعود الى ما بعد نيقية , و علينا أن نتمسك بالثمرة المحرّمة .
____________________
المصدر :
صفحة 21 – 23
من مقالها : How We Talk about Christology Matters
فى كتاب :
Israel's God and Rebecca's Children
Christology and Community
in Early Judaism and Christianity
Essays in Honor of Larry W. Hurtado
and Alan F. Segal
تقدم الدكتورة April D. DeConick فى هذا البحث مقارنة بين ثلاثة نماذج كريستولوجية و النماذج الخلاصية التى تتعلق بكل واحد من الثلاثه . هذه النماذج الكريستولوجية هى : النموذج الأورشليمى , و النموذج الأنطاكى , و النموذج السكندرى .
باختصار شديد , يتكون النموذج الكريستولوجى الأورشليمى من أن يسوع كان انسانا مولودا من أبوين هما مريم و يوسف , نزلت عليه الروح القدس و تلبسته وقت المعمودية , عاش كنبى يدعو الناس للتوبة , و لكنه قتل , و قبل موته غادره الروح القدس , و لكن بسبب بره أقامه الله من الموت , و حول جسده الى جسد ملائكى , و رفعه الى يمينه باعتباره الملاك الرئيسى ليهوه , الذى ألبس الإسم القوى و أجلس على العرش باعتباره الله . و بهذا , سوف يعود ليدين العالم . نتيجة عقيدة المجىء الثانى , و عقيدة تأليه يسوع , لم يكن يسوع الها أثناء حياته , بل كان انسانا تلبسه الروح القدس , و رفع الى الإلهية بعد موته .
لنصيغ الأمر بطريقة أخرى نقول , تكون النموذج الأورشليمى من الإعتقاد بقيامة يسوع من الأموات , و بأنه إنسان بار , و بأنه نبى مثل موسى . و بما أن اليهود كانت لديهم تأملات حول موسى , على الأخص منها أنه ألبس الإسم الإلهى , نشأ اعتقاد بأن جسد يسوع القائم من الأموات لا يمكن أن يكون سوى جسد ملاك الرب , الملاك الرئيسى لله , و حامل اسمه و صورته , الذى له صلة بمجده . بهذا التعريف صار يسوع هو الله , لأن التقليد اليهودى يقول بأن هذا الملاك ظهور لله .
بالنسبة للنموذج الكريستولوجى الأنطاكى : قال الأنطاكيون أنه اذا كان يسوع قد صار ملاك يهوه بعد موته , فمن هو ملاك يهوه قبل أن يولد يسوع ؟ .. لا بد أنه يسوع أيضا . و بالتالى لا بد أن هذا الملاك قد نزل من السماء و سكن جسد يسوع عند حمله أو ولادته . إننا نجد فى رسائل بولس التراتيل الأنطاكية القديمة , التى تقول بأن يسوع " كان فى صورة الله " , و " لم يحسب مساواته بالله شيئا يمكن أن يدركه " , و هى اشارة محتملة الى ملاك , ربما هو ملاك الإسم Angel of the Name . هذا الكائن الإلهى " أخلى " ذاته و ولد فى هيئة بشر ( فيلبى 2- 5 الى 7 ) . إن يسوع هو " صورة الله غير المنظور " , و " بكر كل خليقة " , و " فيه يحل كل ملء اللاهوت " . إن الإشارات الى " الهيئة " و " الصورة " و " بكر كل خليقة " كلها لها مدلولات أشكال - ملائكية . إن بولس يقول أن الله أرسل ابنه , و ربما هذا يعكس فكرة الربط بين الملائكة و البنوة فى الدين اليهودى . لقد حدث هذا التغير التصاعدى فى المسيحية الأنطاكية قبل بولس , و لكن كان له أيضا أثر كبير على التقاليد المسيحية المبكرة بعد زمن بولس . بالنسبة لبقية عناصر النموذج الأورشليمى , لم يغيرها الأنطاكيون .
بالنسبة للنموذج الكريستولوجى السكندرى : يحتفظ إنجيل يوحنا بهذا النموذج . بحسب هذا النموذج , يسوع ليس ملاكا عظيما أو روحا سكن فى إنسان . لقد رجع هذا النموذج خطوة للخلف , الى وقت ما قبل خلق العالم , فقال أن يسوع هو اللوجوس الخاص بالله , و كان مع الله قبل خلق العالم ., و شارك فى خلق العالم قبل أن يصير جسدا .
و الآن أترككم مع آخر صفحات من مقال الدكتورة April D. DeConick , تتحدث فيها عن أن آريوس و نسطور أكثر قربا للعقيدة الأورشليمية عن ألكسندروس و أثناسيوس , فتقول :
أخيرا , فإن هذا المخطط نافع جدا كوسيلة نفحص بها التطورات الكريستولوجية اللاحقة , و لكى نفهم النزاعات ذات الصلة بها . على سبيل المثال , فى حالة آريوس , يظهر لنا رجل تأثر بنموذجين – النموذج الأورشليمى القديم , و النموذج السكندرى . على الرغم من كونه قسيسا مصريا فى الأبرشية السكندرية , إلا أن آريوس نفسه يشير الى أن لوسيان الأنطاكى كان أستاذه و كذلك أيضا يوسيبيوس النيقوميدى (ep.ad. Euseb.Nicom. 5;cf.Alexander, ep. ad. Alex.35-36; Philostorgius,hist. eccl. 1) , و الذى كان بدوره تلميذا لبولس الشمشاطى الذى كان من أتباع المونآرخية الديناميكية و يألف النموذج الأورشليمى . فى الواقع , فإن هذا النموذج القديم قد شكل الأساس للإعتقاد الكريستولوجى الخاص ببولس الشمشاطى . لقد آمن أن يسوع كان انسانا (Eusebius, hist. eccl. 7.27.2) . إن العنصر الإلهى الذى سكن داخل يسوع الرجل البار كان اللوجوس غير المتشخص impersonal logos , قوة الله العاقلة (Epiphanius, haer.65.1.5-8) . هذا التلبس و الإتحاد النهائى ل "اللوجوس الإلهى " مع روح يسوع قد حدث لأن إرادة يسوع البشرية قد اشتهته . كلما كان يسوع يزيد فى طاعته لأوامر الله , كلما كان أكثر اتفاقا مع اللوجوس الإلهى , الى أن وصل الى درجة الإتحاد الكامل به , و وصل الى منزلة إلهية كاملة . بهذا الشكل , كان الإنسان كامل الخلق من نفس الجوهر ( هوموأوسيوس ) مع الآب (Athanasius, de. syn. 45; Hilary, de. syn.81; Basil, ep.52.1) . إن نهج يسوع فى الكمال قدّم القالب الذى يمكن أن يستخدمه كل المؤمنين . فإذا جعلوا إراداتهم وفقا لإرادة الله , مثلما فعل يسوع , فسوف يصيرون إلهيين هم أنفسهم .
لقد كان اعتقاد آريوس الكريستولوجى مؤسسا على هذا التعليم , و لكن كانت هناك اختلافات مميزة , لأن آريوس أيضا كان يألف النموذج السكندرى الذى يثمّن الإبن القبل دنيوى . عن هذا الإبن , علّم آريوس أنه مخلوق , خلقه الله من لا شىء (Arius, ep. ad. Euseb. Nicom.45) . لقد كان له كينونة منفصلة عن اللوجوس و الحكمة الإلهيين , و متميزا عن جوهر الآب (Arius,ep. ad. Alex.4) . ربما أن هذا التفسير عبارة عن تلميح – ألبس رداءا فلسفيا – الى التعليم الأورشليمى الأقدم الذى كان يقول بأن يسوع هو ملاك يهوه . اذا أخذنا هذا فى اعتبارنا , فعلينا ألا نندهش أن يعترف الآريوسى فى مؤتمر بأن الإبن ربما قد سقط كما أن الملاك الشيطان قد سقط (Alexander, ep. en cyc. 10) .
إن عبقرية آريوس – من وجهة نظرى – هو أنه دمج تعليم بولس الشمشاطى عن النمو الأخلاقى ليسوع , دمجه فى النموذج السكندرى . و بالتالى , فإن الإبن القبل – دنيوى هو الذى يوافق بين إرادته أو اللوجوس الخاص به مع الإرادة أو اللوجوس الخاص بالآب , ساعيا فى كمال نفسه قبل الزمان . لقد جلب هذا الدمج معه أيضا النظرية الخلاصية السلوكية التى تميز بها النموذج الأورشليمى . لقد اعتقد آريوس أن المؤمنين يمكنهم أن يتوافقوا مع إرادة الله , تماما كما فعل الإبن , و بتقدم تدريجى خلال حياتهم يصيرون إلهيين هم أنفسهم .
بالنسبة للإنسان يسوع , فضّل آريوس النموذج السكندرى , فأكد على أن الإبن الكامل روحيا الذى وفق نفسه مع اللوجوس , قد حل محل روح يسوع . بما أن الإبن باعتباره اللوجوس كان مخلوقا, فقد كان عرضة للتغير . و بالتالى يمكن أن يكون يسوع جاهلا فى بعض الأحيان , و يمكن أن ينمو فى الحكمة , و يحتاج المعونة وقت التجربة .
لقد ظلم التاريخ آريوس حينما صنفه على أنه قسيس مهرطق اعتقد بأن يسوع نصف إله . و لكن كما رأينا , فإن هذا بعيد جدا عن الحقيقة . لقد اعتقد آريوس أن يسوع هو الله , و لكنه صار هكذا من خلال عملية معقدة من تكييف إرادته , هذا التكييف الذى يمكننا أن نقلده .
على هذا , فإن اعتقاد آريوس الكريستولوجى و الخلاصى أكثر قربا للتعبيرات المسيحية الأقدم , أكثر قربا عن معاصريه الأرثوذكس مثل ألكسندروس و أثناسيوس الذين اعتمدا بشكل كامل على النموذج السكندرى المتأخر . لقد قال لى المشرف على رسالة الدكتوراة الخاصة بى ذات مرة , أننى اذا أردت أن أتعلم عن الأشكال الأقدم للمسيحية , فعلىّ أن أدرس عن الهراطقة , لأن كثيرا من وجهات نظرهم تعبر عن الفكر اليهودى الأقدم , و الذى صار مهجورا فى إطار هذه الصورة المسيحية المتنامية أو صار يمثل عائقا .. وجهات نظر كان كثير من المسيحيين فى القرن الثانى يستبدلونها بما يعتقدون أنها وجهات نظر أحدث مأخوذة من الأمميين . يبدو أن الوضع هكذا فى حالة آريوس . و ربما يكون هذا صحيحا أيضا بالنسبة لنسطور الذى أعاد هو نفسه بعث نواح معينة من النموذج الأورشليمى الأقدم . ربما لكى نفهم الأشكال الأقدم من المسيحية, علينا أن نتخلى لبعض الوقت عن ميراثنا الأرثوذكسى الذى يعود الى ما بعد نيقية , و علينا أن نتمسك بالثمرة المحرّمة .
____________________
المصدر :
صفحة 21 – 23
من مقالها : How We Talk about Christology Matters
فى كتاب :
Israel's God and Rebecca's Children
Christology and Community
in Early Judaism and Christianity
Essays in Honor of Larry W. Hurtado
and Alan F. Segal
تعليق