1) أطفالنا والرسوم المتحركة
- الحواشي :
تحتل الرسوم المتحركة مساحة واسعة في اهتمامات الأطفال عموماً وأحياناً حتى الكبار. وقد برعت الشركات الغربية واليابانية في إنتاج الرسوم المتحركة حتى أصبحت جزءاً أساساً من حياة الأطفال. وفي هذه المقالة أعالج عدة قضايا حول أفلام الكرتون وهي العنف، ثم الرسوم المتحركة المستوردة والرسوم المتحركة الغازية، محاولاً أن أوضح الجهود التي بذلت في العالم العربي لإنتاج رسوم متحركة تنبع من بيئتنا وثقافتنا المرتكزة على الإسلام وعقائده.
1- ظاهرة العنف (*)
العنف والقوة من أهم الصفات التي تجذب أطفالنا لأفلام الكرتون، لكن ثمة خيطاً رفيعاً بين العنف والقوة، فالقوة قيمة إيجابية إذا استخدمت في الحق والخير. وقد حث الإسلام على القوة حينما وجه الأمة لإعداد نفسها قال الله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} وجاء في الحديث الشريف (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)
ومن وسائل إعداد القوة في الإسلام الأمر بالنظافة في النفس والمطعم والملبس والاقتصاد في الطعام (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده) بالإضافة إلى حث الإسلام على العمل وأن المجتمع الإسلامي مجتمع جهاد فلا بد من التدريب العسكري حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشرف بنفسه على مثل هذه التدريبات.
وجاءت أفلام الرسوم المتحركة (الكرتون) فروجت للعنف بلا هدف أو العنف للعنف نفسه، وربطت بين العنف والخيال الجامح فظهرت أفلام مثل بيونك سكس وجرانديزر وسلاحف النينجا وغيرها. وأحياناً تربط بين العنف والتنصير ففي مسلسل سلاحف النينجا تقدم شخصية باسم المخلّص وهو لقب يطلقه النصارى على المسيح عليه السلام، كما أن المخلّص يعتزل قومه ليذهب إلى الجبل للتأمل والعبادة فربما كانت إشارة إلى ما فعله عيسى عليه السلام.
ولقد أدرك الغرب مساوئ العنف حيث ظهرت أجيال طغى عليها جانب العنف فارتفعت نسبة الجريمة عندهم مما دعاهم لإجراء الدراسات والبحوث حول ظاهرة العنف. وكان من نتائج هذه الدراسات أنه لا بد من تخفيف جرعة العنف في أفلام الكرتون بخاصة وفي الأفلام السينمائية بعامة.
لقد أورد برنامج" أخبار خفيفة" خبراً مفاده أن السلطات الإعلامية الفرنسية أو مجلس الإعلام الفرنسي قرر محاربة العنف في أفلام الصور المتحركة(الكرتون) وطالب شركات إنتاج هذه الأفلام تجنب العنف في أفلامها القادمة كما طالب التلفزيون بالتركيز في عرض الأفلام الخالية من العنف أو التي تقل فيها جرعة العنف.
وعلى الجانب الآخر من الأطلسي كان للأمريكيين اهتمامهم بهذا الجانب أيضاً. فقد نشرت جريدة المدينة المنورة في عددها (11524) بتاريخ 11/5/1415هـ خبراً عن دراسة تقوم بها مؤسسة ميديا سكوب (النظرة الإعلامية)- وهي مؤسسة لا تسعى للربح وتتخذ من كاليفورنيا مقراً لها- وهدف الدراسة كما يقول الخبر" إزالة العنف من برامج التلفزيون وإعطاء أولياء الأسر وصناعة الأفلام وغيرها من البرامج التلفزيونية قوانين وتوجيهات لاستخدامها من أجل الحصول على برامج تتسم بمسؤولية أكثر) وسوف يشارك في إعداد هذه الدراسة باحثون من أربع جامعات أمريكية يحيث سيكون دورهم مشاهدة شرائط تبلغ مدتها أكثر من ألفين وسبعمائة ساعة، وسيضم الفريق خبراء من العلوم الاجتماعية ومسؤولي الصحة العامة، مع الكتاب والخريجين والعاملين في إنتاج برامج الأطفال وبرامج الرسوم المتحركة وأفلام المغامرات في إجراء الدراسة.
والسؤال الذي يقدم نفسه هل أعدت جامعاتنا أو مراكز البحوث لدينا دراسات وبحوثاً على الأفلام عموماً وأفلام الأطفال بخاصة (عدا رسائل علمية محدودة لم تر النور) وليس من ناحية العنف فقط ولكن لدراسة مدى مخالفتها لعقيدة الأمة وقيمها وتوجهاتها الفكرية والأخلاقية؟ إن الغرب حريص على أن ينقل إلينا ثقافته وفكره، وحتى الأفلام التي لم يعد يعرضها في بلاده فإنها تعرض لدينا حيث تأكد أن شركات الأفلام الغربية تقدم أفلامها بأسعار مخفضة جداً لمحاربة الشركات المحلية حتى لا تفكر في الإنتاج المستقل
2- (الكرتون ) الغازي!!(*)
سررت كثيراً باللقاء الذي أجرته صحيفتنا (المدينة) مع صاحب أول شركة إنتاج أفلام كرتون إسلامية الأستاذ أسامة أحمد خليفة في عددها الصادر يوم 2 جمادى الآخرة 1414هـ الذي أوضح فيه سبب اهتمامه بهذا المجال وهو أن أفلام الرسوم المتحركة التي تعرض على أطفالنا في العالم الإسلامي اليوم هي في غالبيتها العظمى من إنتاج الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، وأن هذه الأفلام في معظمها غير مناسب لبيئتنا وثقافتنا لإسلامية، بل هي في بعض الأحيان تعتبر معاول هدم للقيم والأخلاق.
ويضيف الأستاذ أسامة وتلافياً لهذه المفاسد العقدية والأخلاقية قامت شركة عربية إسلامية بتأسيس أول استوديو لإنتاج أفلام الكرتون إسلامية في العالم. وتناول الأستاذ أسامة بعض الصعوبات التي واجهها لتأسيس هذه الشركة والتكاليف الباهظة لإنتاج الأفلام. وضرب المثال بما عرضته بعض الشركات العالمية من أسعار لتأجير استديوهاتها لإنتاج الأفلام كما أشار الأستاذ أسامة إلى الصعوبة في الحصول على النصوص التي يمكن تحويلها إلى أفلام الرسوم المتحركة.
إن قضية برامج الأطفال من القضايا الخطيرة جداً التي يجب أن يلتفت إليها الكتاب والمفكرون ويجب أن تأخذ حيزاً أكبر من اهتماماتنا. وهذا ما أكده الدكتور تركي العيار في مقالته التي نشرت في جريدة الشرق الأوسط (عدد 5465 بعنوان(الهيمنة الثقافية)ومما جاء في المقال قول الكاتب:" إن أخطر مظاهر الهيمنة الثقافية هو ما يكون موجهاً للأطفال سواء عن طريق أفلام الرسوم المتحركة مثل توم وجيري وباباي وبنك بانثر..الخ أو عن طريق المجلات الهزلية (Comics) مثل ميكي ماوس وسوبرمان والوطواط .." وأوضح الدكتور العيار أن خطورة هذه الأفلام والمجلات تكمن في أن الأطفال في هذه السن لا يملكون القدرة على التمييز بين الحقائق الواقعية والخيال، ولا يدركون الأهداف والمقاصد التي تحملها هذه البرامج والمجلات. أما النتائج فهي أن ينشأ جيل كامل شديد الإعجاب الثقافات والحضارات الوافدة، فيضعف انتماؤه لمجتمعه ويكثر انتقاده وتذمره من القيم الثقافية المحلية.
وقدم الكاتب بعض الأسباب التي تجعل العالم الإسلامي يخضع لهذا الغزو الكرتوني فمنها ارتفاع تكلفة إنتاج هذه الأفلام وعدم إدراك دول العالم النامي (المتخلف) مما جعل الدول الغازية تقوم بتقديم هذه الأفلام بالمال أو بأسعار مخفضة حتى تقتل الجهود لإنتاج أفلام أو مجلات محلية. ومن الأسباب أيضاً ندرة الكتاب ومخرجي قصص الأطفال. وقد أشار الأستاذ أسٍامة إلى بعض هذه المعوقات حيث طلبت شركة ديزني أربعين مليون دولا أجرة لاستديوهاتها لإنتاج فليم مدته خمسة وستون دقيقة.
ولا بد أن نذكر ما قاله الأستاذ العيار حول هذا الغزو ومن الأساليب التي تلجأ إليها الدول الغربية لترسيخ قيمها ومبادئها في العقول الطرية لأطفال المجتمعات غير الصناعية هي إصدار مجلات هزلية تحمل نفس أسماء أبطال أفلام الكرتون مثل توم وجيري وبنك بانثر وغيرها، فالطفل عندما يشاهد هذه الأفلام في التلفزيون ثم يقرأ عنها في المجلات الهزلية فقد ترسخ لديه المشاهد والقصص ولا يستبعد أن تترك أثرها عليه في هذه المرحلة الهامة من حياته في تنشئته وتعلمه وسلوكه.
وناقش العيار الزعم بأن مشاهدة هذه الأفلام والمجلات يساعد على التبادل الثقافي بأن هذه أكذوبة كبرى، فهل يشاهد أطفال المجتمعات الغربية الصناعية فيلماً واحداً من الدول النامية؟ والتبادل الثقافي لا بد أن يكون من الطرفين. وختم الأستاذ العيار مقالته بهذه المناشدة المخلصة:" إنني أجدها فرصة في هذا المقام لأنبه لمخاطر الهيمنة الثقافية آملاً في ننهض جميعاً من غفوتنا وقبل فوات الأوان لنوحد جهودنا لمواجهتها وبطرق مدروسة ومنظمة فالهوة المفتوحة كبيرة، ويجب أن أذكر البعض بأن انبهارهم وإعجابهم بالدول الغربية يجب أن لا ينسيهم دورهم الحقيقي في المحافظة على أنفسهم ومجتمعهم."
فهل أدركنا بعد هذا خطورة أفلام الأطفال ومنطق الغزاة في إغراق أسواقنا وتلفزيوناتنا بأفلام الأطفال ليمنعونا من التقدم في هذا المجلة الحيوي.
فتحية للأٍستاذ أسامة خليفة، ولكل من ساعده في هذا المشروع الحيوي الخطير، وشكراً للدكتور تركي العيّار فقد جاء مقاله دقيقاً وموضوعياً ويحمل دعوة صادقة لمواجهة هذا الغزو الخطير، وعلينا كأفراد أن نحرص على حماية أطفالنا من أفلام الكرتون الأجنبية وأن نسعى لدى المسؤولين عن اختيار البرامج أن يخففوا من الأفلام التي تحمل القيم والعقائد الغربية عنّا.
3- (الكرتون) المستورد!(*)
في وقت متأخر من ليلة التاسع عشر من رجب 1414هـ قدمت القناة الأولى في التلفزيون السعودي برنامجاً عن الطفولة في العالم العربي. وقد استضاف البرنامج عدداً من العلماء والأدباء والخبراء ليتحدثوا عن آمالهم وطموحهم للاهتمام بالطفل العربي المسلم والمشكلات التي تواجهه.
وكان من المتحدثين الدكتور منصور الحازمي الذي أشار إلى تضايقه الشديد من الأفلام الأجنبية التي تحمل قيما ًومبادئ وعقائد تخالف قيمنا وأخلاقنا ومبادءنا، ودعا إلى الحذر الشديد من هذه الأفلام، وقد شاركه هذه المخاوف عدد من العلماء الذين استضافهم البرنامج.
وقد أشار أحد الضيوف أيضا أن عدد المجلات التي تهتم بالطفل العربي المسلم محدود وأضاف أن عدد المجلات المخصصة للطفل في أمريكا مثلاً تعد بالعشرات وتوزع ملايين النسخ كل أسبوع.
لقد نجح هذا البرنامج الشيق في تشخيص المشكلة وقيل قديماً إن المريض إذا اعترف بمرضه فذلك بداية الشفاء. لذلك فإنني أدعو مقدم البرنامج الأستاذ باسم العثمان أن يقدم برنامجاً آخر لوضع الحلول العملية وأن يستضيف عدداً آخر من الضيوف الذين قدموا بالفعل جهوداً طيبة للاهتمام بالطفل العربي المسلم. ويهمني في هذا المقال أن أتوقف عند مشكلتين رئيسيتين وأولاهما أفلام الكرتون الأجنبية فلا شك أن الغرب قد تفوق على العالم العري والإسلامي في إنتاج هذه الأفلام وللدلالة على ذلك نسمى عدداً من هذه الأفلام: ميكي ماوس، وتوم وجيري وبانك بانثر، وباباي وجراندايز.
وقد ذكر الدكتور تركي العيار في مقالة له نشرت منذ أسابيع في جريدة الشرق الأوسط بأن الدول الغربية تحرص على فرض هيمنتها الثقافية من خلال تشكيل الطفل العربي المسلم بصورة معينة حتى إذا نما وكبر سهل استمرار فرض السيطرة عليه. وأشار الدكتور العيار إلى ارتفاع تكاليف إنتاج هذه الأفلام مما يقف عائقاً أمام الدول العربية الإسلامية من التفكير في إنتاج هذه الأنواع من الأفلام. بل إن الدول الأوروبية والأمريكية وأخيراً اليابان تقدم هذه الأفلام إلى دول العالم الثالث بأسعار مخفضة جداً أو حتى مجاناً حتى لا تفكر هذه الدول في الدخول إلى هذا الميدان لإنتاج الأفلام الخاصة بها.
وقد ذكر الدكتور الحازمي أنه في أيام طفولته كانت الثقافة السائدة هي الثقافة التراثية كقصص ألف ليلة وليله وكليلة ودمنة، وبعض الشخصيات التراثية، بينما طفل اليوم يعتمد كلياً على الأفلام الأجنبية. وقد تعجبت إحدى ضيفات البرنامج أن يأخذ اليابانيون شخصية سندباد ويعيدونها إلينا في عدد كبير من الحلقات الكرتونية، ونسي الضيوف أن هوليود أنتجت فيلم علاء الدين وحرصت على إدخال أفكار تشوه صورة العربي المسلم من خلاله.
ونحن حين ننتقد الوضع القائم لا بد أن نذكر أن لدينا عملا طيباً يقوم به عرب مسلمون، وكان بودي أو استضاف البرنامج مسلمين غير عرب لأن فيمنا واحدة ونحن أمة واحد. فق بدأ الأستاذ حسن يوسف- الممثل السابق- في إنتاج أفلام للطفل العربي المسلم باسم (جند الخير) وقد بلغت حلقاته أكثر من عشر حلقات، كما قدمت مؤسسة أخرى يرأٍسها الأستاذ أسامة خليفة قصة رائعة باسم (جزيرة النور) وقد لاقت قبولاً لدى الأطفال والكبار على السواء. وهو بصدد إنتاج فيلم عن فتح القسطنطينية أو محمد الفاتح،(تم إنتاجه) وكذلك فيلما عن المظفر قطز( أنجز هذا العمل)
كذلك قامت مؤسسة عكاظ بإنتاج مجلة حسن واستمرت عدة سنوات قبل أن تتوقف.. ولدينا الآن مجلة (باسم) ومجلة (ماجد) ومجلة(الشبل) فإن العلماء المتخصصين في الإعلام مدعوون لتقويم هذه المجلات وتقديم مقترحاتهم لتطويرها والحرص على جعلها مناسبة للطفل العربي المسلم.
لقد أكد الضيوف جميعاً على أهمية الاهتمام بالطفل العربي المسلم رجل الغد وأن الأمة التي تهمل الطفل إنما تضحي أو تهمل مستقبلها. فشكراً للأستاذ العثمان على هذا البرنامج وليته يعيد الكرة....
1- ظاهرة العنف (*)
العنف والقوة من أهم الصفات التي تجذب أطفالنا لأفلام الكرتون، لكن ثمة خيطاً رفيعاً بين العنف والقوة، فالقوة قيمة إيجابية إذا استخدمت في الحق والخير. وقد حث الإسلام على القوة حينما وجه الأمة لإعداد نفسها قال الله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} وجاء في الحديث الشريف (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)
ومن وسائل إعداد القوة في الإسلام الأمر بالنظافة في النفس والمطعم والملبس والاقتصاد في الطعام (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده) بالإضافة إلى حث الإسلام على العمل وأن المجتمع الإسلامي مجتمع جهاد فلا بد من التدريب العسكري حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشرف بنفسه على مثل هذه التدريبات.
وجاءت أفلام الرسوم المتحركة (الكرتون) فروجت للعنف بلا هدف أو العنف للعنف نفسه، وربطت بين العنف والخيال الجامح فظهرت أفلام مثل بيونك سكس وجرانديزر وسلاحف النينجا وغيرها. وأحياناً تربط بين العنف والتنصير ففي مسلسل سلاحف النينجا تقدم شخصية باسم المخلّص وهو لقب يطلقه النصارى على المسيح عليه السلام، كما أن المخلّص يعتزل قومه ليذهب إلى الجبل للتأمل والعبادة فربما كانت إشارة إلى ما فعله عيسى عليه السلام.
ولقد أدرك الغرب مساوئ العنف حيث ظهرت أجيال طغى عليها جانب العنف فارتفعت نسبة الجريمة عندهم مما دعاهم لإجراء الدراسات والبحوث حول ظاهرة العنف. وكان من نتائج هذه الدراسات أنه لا بد من تخفيف جرعة العنف في أفلام الكرتون بخاصة وفي الأفلام السينمائية بعامة.
لقد أورد برنامج" أخبار خفيفة" خبراً مفاده أن السلطات الإعلامية الفرنسية أو مجلس الإعلام الفرنسي قرر محاربة العنف في أفلام الصور المتحركة(الكرتون) وطالب شركات إنتاج هذه الأفلام تجنب العنف في أفلامها القادمة كما طالب التلفزيون بالتركيز في عرض الأفلام الخالية من العنف أو التي تقل فيها جرعة العنف.
وعلى الجانب الآخر من الأطلسي كان للأمريكيين اهتمامهم بهذا الجانب أيضاً. فقد نشرت جريدة المدينة المنورة في عددها (11524) بتاريخ 11/5/1415هـ خبراً عن دراسة تقوم بها مؤسسة ميديا سكوب (النظرة الإعلامية)- وهي مؤسسة لا تسعى للربح وتتخذ من كاليفورنيا مقراً لها- وهدف الدراسة كما يقول الخبر" إزالة العنف من برامج التلفزيون وإعطاء أولياء الأسر وصناعة الأفلام وغيرها من البرامج التلفزيونية قوانين وتوجيهات لاستخدامها من أجل الحصول على برامج تتسم بمسؤولية أكثر) وسوف يشارك في إعداد هذه الدراسة باحثون من أربع جامعات أمريكية يحيث سيكون دورهم مشاهدة شرائط تبلغ مدتها أكثر من ألفين وسبعمائة ساعة، وسيضم الفريق خبراء من العلوم الاجتماعية ومسؤولي الصحة العامة، مع الكتاب والخريجين والعاملين في إنتاج برامج الأطفال وبرامج الرسوم المتحركة وأفلام المغامرات في إجراء الدراسة.
والسؤال الذي يقدم نفسه هل أعدت جامعاتنا أو مراكز البحوث لدينا دراسات وبحوثاً على الأفلام عموماً وأفلام الأطفال بخاصة (عدا رسائل علمية محدودة لم تر النور) وليس من ناحية العنف فقط ولكن لدراسة مدى مخالفتها لعقيدة الأمة وقيمها وتوجهاتها الفكرية والأخلاقية؟ إن الغرب حريص على أن ينقل إلينا ثقافته وفكره، وحتى الأفلام التي لم يعد يعرضها في بلاده فإنها تعرض لدينا حيث تأكد أن شركات الأفلام الغربية تقدم أفلامها بأسعار مخفضة جداً لمحاربة الشركات المحلية حتى لا تفكر في الإنتاج المستقل
2- (الكرتون ) الغازي!!(*)
سررت كثيراً باللقاء الذي أجرته صحيفتنا (المدينة) مع صاحب أول شركة إنتاج أفلام كرتون إسلامية الأستاذ أسامة أحمد خليفة في عددها الصادر يوم 2 جمادى الآخرة 1414هـ الذي أوضح فيه سبب اهتمامه بهذا المجال وهو أن أفلام الرسوم المتحركة التي تعرض على أطفالنا في العالم الإسلامي اليوم هي في غالبيتها العظمى من إنتاج الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، وأن هذه الأفلام في معظمها غير مناسب لبيئتنا وثقافتنا لإسلامية، بل هي في بعض الأحيان تعتبر معاول هدم للقيم والأخلاق.
ويضيف الأستاذ أسامة وتلافياً لهذه المفاسد العقدية والأخلاقية قامت شركة عربية إسلامية بتأسيس أول استوديو لإنتاج أفلام الكرتون إسلامية في العالم. وتناول الأستاذ أسامة بعض الصعوبات التي واجهها لتأسيس هذه الشركة والتكاليف الباهظة لإنتاج الأفلام. وضرب المثال بما عرضته بعض الشركات العالمية من أسعار لتأجير استديوهاتها لإنتاج الأفلام كما أشار الأستاذ أسامة إلى الصعوبة في الحصول على النصوص التي يمكن تحويلها إلى أفلام الرسوم المتحركة.
إن قضية برامج الأطفال من القضايا الخطيرة جداً التي يجب أن يلتفت إليها الكتاب والمفكرون ويجب أن تأخذ حيزاً أكبر من اهتماماتنا. وهذا ما أكده الدكتور تركي العيار في مقالته التي نشرت في جريدة الشرق الأوسط (عدد 5465 بعنوان(الهيمنة الثقافية)ومما جاء في المقال قول الكاتب:" إن أخطر مظاهر الهيمنة الثقافية هو ما يكون موجهاً للأطفال سواء عن طريق أفلام الرسوم المتحركة مثل توم وجيري وباباي وبنك بانثر..الخ أو عن طريق المجلات الهزلية (Comics) مثل ميكي ماوس وسوبرمان والوطواط .." وأوضح الدكتور العيار أن خطورة هذه الأفلام والمجلات تكمن في أن الأطفال في هذه السن لا يملكون القدرة على التمييز بين الحقائق الواقعية والخيال، ولا يدركون الأهداف والمقاصد التي تحملها هذه البرامج والمجلات. أما النتائج فهي أن ينشأ جيل كامل شديد الإعجاب الثقافات والحضارات الوافدة، فيضعف انتماؤه لمجتمعه ويكثر انتقاده وتذمره من القيم الثقافية المحلية.
وقدم الكاتب بعض الأسباب التي تجعل العالم الإسلامي يخضع لهذا الغزو الكرتوني فمنها ارتفاع تكلفة إنتاج هذه الأفلام وعدم إدراك دول العالم النامي (المتخلف) مما جعل الدول الغازية تقوم بتقديم هذه الأفلام بالمال أو بأسعار مخفضة حتى تقتل الجهود لإنتاج أفلام أو مجلات محلية. ومن الأسباب أيضاً ندرة الكتاب ومخرجي قصص الأطفال. وقد أشار الأستاذ أسٍامة إلى بعض هذه المعوقات حيث طلبت شركة ديزني أربعين مليون دولا أجرة لاستديوهاتها لإنتاج فليم مدته خمسة وستون دقيقة.
ولا بد أن نذكر ما قاله الأستاذ العيار حول هذا الغزو ومن الأساليب التي تلجأ إليها الدول الغربية لترسيخ قيمها ومبادئها في العقول الطرية لأطفال المجتمعات غير الصناعية هي إصدار مجلات هزلية تحمل نفس أسماء أبطال أفلام الكرتون مثل توم وجيري وبنك بانثر وغيرها، فالطفل عندما يشاهد هذه الأفلام في التلفزيون ثم يقرأ عنها في المجلات الهزلية فقد ترسخ لديه المشاهد والقصص ولا يستبعد أن تترك أثرها عليه في هذه المرحلة الهامة من حياته في تنشئته وتعلمه وسلوكه.
وناقش العيار الزعم بأن مشاهدة هذه الأفلام والمجلات يساعد على التبادل الثقافي بأن هذه أكذوبة كبرى، فهل يشاهد أطفال المجتمعات الغربية الصناعية فيلماً واحداً من الدول النامية؟ والتبادل الثقافي لا بد أن يكون من الطرفين. وختم الأستاذ العيار مقالته بهذه المناشدة المخلصة:" إنني أجدها فرصة في هذا المقام لأنبه لمخاطر الهيمنة الثقافية آملاً في ننهض جميعاً من غفوتنا وقبل فوات الأوان لنوحد جهودنا لمواجهتها وبطرق مدروسة ومنظمة فالهوة المفتوحة كبيرة، ويجب أن أذكر البعض بأن انبهارهم وإعجابهم بالدول الغربية يجب أن لا ينسيهم دورهم الحقيقي في المحافظة على أنفسهم ومجتمعهم."
فهل أدركنا بعد هذا خطورة أفلام الأطفال ومنطق الغزاة في إغراق أسواقنا وتلفزيوناتنا بأفلام الأطفال ليمنعونا من التقدم في هذا المجلة الحيوي.
فتحية للأٍستاذ أسامة خليفة، ولكل من ساعده في هذا المشروع الحيوي الخطير، وشكراً للدكتور تركي العيّار فقد جاء مقاله دقيقاً وموضوعياً ويحمل دعوة صادقة لمواجهة هذا الغزو الخطير، وعلينا كأفراد أن نحرص على حماية أطفالنا من أفلام الكرتون الأجنبية وأن نسعى لدى المسؤولين عن اختيار البرامج أن يخففوا من الأفلام التي تحمل القيم والعقائد الغربية عنّا.
3- (الكرتون) المستورد!(*)
في وقت متأخر من ليلة التاسع عشر من رجب 1414هـ قدمت القناة الأولى في التلفزيون السعودي برنامجاً عن الطفولة في العالم العربي. وقد استضاف البرنامج عدداً من العلماء والأدباء والخبراء ليتحدثوا عن آمالهم وطموحهم للاهتمام بالطفل العربي المسلم والمشكلات التي تواجهه.
وكان من المتحدثين الدكتور منصور الحازمي الذي أشار إلى تضايقه الشديد من الأفلام الأجنبية التي تحمل قيما ًومبادئ وعقائد تخالف قيمنا وأخلاقنا ومبادءنا، ودعا إلى الحذر الشديد من هذه الأفلام، وقد شاركه هذه المخاوف عدد من العلماء الذين استضافهم البرنامج.
وقد أشار أحد الضيوف أيضا أن عدد المجلات التي تهتم بالطفل العربي المسلم محدود وأضاف أن عدد المجلات المخصصة للطفل في أمريكا مثلاً تعد بالعشرات وتوزع ملايين النسخ كل أسبوع.
لقد نجح هذا البرنامج الشيق في تشخيص المشكلة وقيل قديماً إن المريض إذا اعترف بمرضه فذلك بداية الشفاء. لذلك فإنني أدعو مقدم البرنامج الأستاذ باسم العثمان أن يقدم برنامجاً آخر لوضع الحلول العملية وأن يستضيف عدداً آخر من الضيوف الذين قدموا بالفعل جهوداً طيبة للاهتمام بالطفل العربي المسلم. ويهمني في هذا المقال أن أتوقف عند مشكلتين رئيسيتين وأولاهما أفلام الكرتون الأجنبية فلا شك أن الغرب قد تفوق على العالم العري والإسلامي في إنتاج هذه الأفلام وللدلالة على ذلك نسمى عدداً من هذه الأفلام: ميكي ماوس، وتوم وجيري وبانك بانثر، وباباي وجراندايز.
وقد ذكر الدكتور تركي العيار في مقالة له نشرت منذ أسابيع في جريدة الشرق الأوسط بأن الدول الغربية تحرص على فرض هيمنتها الثقافية من خلال تشكيل الطفل العربي المسلم بصورة معينة حتى إذا نما وكبر سهل استمرار فرض السيطرة عليه. وأشار الدكتور العيار إلى ارتفاع تكاليف إنتاج هذه الأفلام مما يقف عائقاً أمام الدول العربية الإسلامية من التفكير في إنتاج هذه الأنواع من الأفلام. بل إن الدول الأوروبية والأمريكية وأخيراً اليابان تقدم هذه الأفلام إلى دول العالم الثالث بأسعار مخفضة جداً أو حتى مجاناً حتى لا تفكر هذه الدول في الدخول إلى هذا الميدان لإنتاج الأفلام الخاصة بها.
وقد ذكر الدكتور الحازمي أنه في أيام طفولته كانت الثقافة السائدة هي الثقافة التراثية كقصص ألف ليلة وليله وكليلة ودمنة، وبعض الشخصيات التراثية، بينما طفل اليوم يعتمد كلياً على الأفلام الأجنبية. وقد تعجبت إحدى ضيفات البرنامج أن يأخذ اليابانيون شخصية سندباد ويعيدونها إلينا في عدد كبير من الحلقات الكرتونية، ونسي الضيوف أن هوليود أنتجت فيلم علاء الدين وحرصت على إدخال أفكار تشوه صورة العربي المسلم من خلاله.
ونحن حين ننتقد الوضع القائم لا بد أن نذكر أن لدينا عملا طيباً يقوم به عرب مسلمون، وكان بودي أو استضاف البرنامج مسلمين غير عرب لأن فيمنا واحدة ونحن أمة واحد. فق بدأ الأستاذ حسن يوسف- الممثل السابق- في إنتاج أفلام للطفل العربي المسلم باسم (جند الخير) وقد بلغت حلقاته أكثر من عشر حلقات، كما قدمت مؤسسة أخرى يرأٍسها الأستاذ أسامة خليفة قصة رائعة باسم (جزيرة النور) وقد لاقت قبولاً لدى الأطفال والكبار على السواء. وهو بصدد إنتاج فيلم عن فتح القسطنطينية أو محمد الفاتح،(تم إنتاجه) وكذلك فيلما عن المظفر قطز( أنجز هذا العمل)
كذلك قامت مؤسسة عكاظ بإنتاج مجلة حسن واستمرت عدة سنوات قبل أن تتوقف.. ولدينا الآن مجلة (باسم) ومجلة (ماجد) ومجلة(الشبل) فإن العلماء المتخصصين في الإعلام مدعوون لتقويم هذه المجلات وتقديم مقترحاتهم لتطويرها والحرص على جعلها مناسبة للطفل العربي المسلم.
لقد أكد الضيوف جميعاً على أهمية الاهتمام بالطفل العربي المسلم رجل الغد وأن الأمة التي تهمل الطفل إنما تضحي أو تهمل مستقبلها. فشكراً للأستاذ العثمان على هذا البرنامج وليته يعيد الكرة....
- الحواشي :
* نشرت في صحيفة المدينة المنورة بتاريخ 27 شبعان 1415هـ(28 يناير 1995م)
* نشرت هذه المقالة في صحيفة المدينة المنورة بتاريخ 6 جمادى الآخرة 1414هـ (9/11/1993م)
* نشرت هذه المقالة في جريدة المدينة المنورة في 11 شعبان 1414هـ (23يناير 1994م)
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=209&LID=10
* نشرت هذه المقالة في صحيفة المدينة المنورة بتاريخ 6 جمادى الآخرة 1414هـ (9/11/1993م)
* نشرت هذه المقالة في جريدة المدينة المنورة في 11 شعبان 1414هـ (23يناير 1994م)
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=209&LID=10