المرأة الغربية وقضاياها المختلفة
6) عمل المرأة : دروس من الغرب
قبل سنتين تقريباً عرضت قناة تلفزيونية في واشنطن العاصمة في أحد برامج الحـوارات (TalkShows) قضية مربيات الأطفال المؤقتات (وقت ذهاب المرأة إلى العمل) وما ترتكبه بعض هؤلاء المربيات من قسوة ووحشية ضد الأطفال الذين أوكل إليها رعايتهم في غياب أمهم في عملها.
وجرى حوار بين الحاضرات والحاضرين حول عمل المرأة وضرورته إذا كان للمرأة أطفال في سن دون المدرسة، وقد طالبت إحدى الحاضرات المرأة العاملة بالتوقف مؤقتاً عن العمل أو ترك العمل للتفرغ لتربيـة أبنائها، فردت عليها إحداهن بأنها لا تعمل لتوفر مالاً لشراء سيارة فارهة أو بناء قصر مشيد، ولكنها تعمل من أجل لقمة العيش الضرورية، وهنا انبرى أحد الحضور قائلاً: "كيف تطلبين من المرأة أن لا تعمـل أتريدين أن نعود إلى القرون الماضية، لقد أصبح عمل المرأة ضرورة (وكأنه بعض المنادين عندنا بضرورة أن تعمل المرأة أي عمل) ولم أشاهد أحد الحضور يتساءل هل من معايير التقدم خروج المرأة للعمل أي عمل؟
وفي الأسابيع الماضية ظهرت العديد من المقالات التي تتناول عمل المرأة ومنها مقال الصديق الدكتور عبد الواحد الحميد في جريدة الرياض، وكذلك مقالة أو مقالتي الدكتور صالح كريم في عكاظ، ولم أرغب أن أدلي بدلوي رغم أنني وضعت هذا الموضوع على قائمة الموضوعات التي أريد أن أتناولها. وفي مطار جدة وجدت عنوان غلاف العدد الأخير من مجلة نيوزويك الأمريكية (19مايو1997)يقول : "لا وقت للأطفال، كيـف يغش الآباء والأمهات العاملون أبناءهم" فأخذت العدد لأقرأ تفاصيل الملف، فوجدت أن الغرب الذي سبقنا بمئات السنين بعمل المرأة ومشاركتها للرجل لديه ما يمكن أن نتعلمه فما ذا في الملف؟
يقول الملف إن تربية الأطفال لا يمكن أن تتم باعتبارها أحد الأعمال اليومية التي نضعها على جدول أعمالنا، كما لا يمكننا أن نربي أطفالنا بطريقة عقد الاجتماعات مع الأطفال، فهذه خدعة، ومن العبارات ذات المغزى في الملف: "المربيات أو جليسات الأطفال لا يمكن أن يقمن مقام الأم في التربية". وقد أشار الملف إلى كتـاب أصدرته الباحثة في علم النفس هوتشايلد عنوانه (قيود الزمن) تقول فيه: "معظم العائلات العاملة هم سجناء أو صانعوا قيود الزمن يجدون أنفسهم خاضعين لهذه القيود، وتضيف بأنه كلما ازداد الوقت الذي تقضيه الأمهات مع الأطفال في نشاطات مختلفة كالطبخ وأعمال المنزل الأخرى يتبادلون خلالها النظرات والابتسـامات كلما كان ذلك أفضل لتنشئة أطفال أسوياء، وليست المسألة قضاء بضع دقائق مع الأطفال كل يوم أو مرة في الأسبوع، وتضيف بأن اللقاء على مائدة العشاء بينما التلفزيون مفتوحاً ليست كاللقاء بدون أن يكون جهاز التلفزيون يعمل."
وفي الملف نجد عبارات مهمة مثل: "الثقة بالنفس لدى الطفل تتزعزع إذا عرف أن والديه أو أحـدهمـا لا يهتمان به كل اهتمامها. فهذا الاهتمام يضيع حينما يتسابق الوالدان الساعة السابعة و النصف صباحاً نحو الباب كل متوجه إلى عمله، وقد يكون ذهاب الوالدين في وقت قبل ذلك بكثير.والذي يمنع كثير من الآباء والأمهات عن قضاء وقت أطول مع أولادهم أن الاهتمام بالاحتفاظ بالوظيفة والحصول عـلى الترقية يطغيان على الاهتمام بالأطفال، فالمحافظة على الوظيفة في الأوضاع الاقتصادية الصعبة يجعل الآباء والأمهات يضحون بأسرهم من أجل لقمة العيش.
ومن الأمور اللافتة للانتباه الحديث عن الاتجاه الجديد لدى الأباء والأمهات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إلى تخفيض ساعات العمل والتنازل عن بعض الامتيازات الوظيفية مقابل البقاء مع الأبناء. فقد اتخذت بعض الأسر القرار بتخفيض مصروفاتها بالانتقال إلى منطقة سكنية أرخص أو أقل كلفة أو السكنى بالقرب من عمل الأم أو الأب حتى لا يضيع الوقت في المواصلات، كما ذكر بعض الآباء أنهم اختاروا أن يعملوا عملاً لا يستغرق النهار كله ليمضوا أطول وقت ممكن مع أطفالهم، كما ذكر بعض الآباء والأمهات أنهم تركوا الوظيفة ليعملوا من منازلهم، ويلاحظ أن هذه القضية تثار في الوقت الذي انخفض فيه عدد أفراد الأسرة الأوروبية والأمريكية فلم يعد يزيد عدد الأطفال في الأسرة عن اثنين بينما كان هذا العدد يصل إلى أربعة أو أكثر قبل عشرين سنة أو يزيد.
وأشار الملف إلى أن الوضع في أوروبا مختلف جداً بالنسبة للوقت فإن هولندا قد أعلنت أنه بإمكان الموظف أن يعمل أربعة أيام بدلاً من خمسة إن شاء، كما أن بعض الشركات والبنوك تسمح لموظفيها أن يختــاروا ساعات العمل التي يرغبون العمل فيها، وقد توصل الأوروبيون إلى أنه ليس المهم عدد السـاعات التي تعملها بقدر ما تنتجه في هذه الساعات، وفي النرويج تُعطى الأمهات إجازة مدفوعة الراتب مدتها سنة تقريباً، ويحصل الآباء أيضاً على إجازة أربعة أسابيع.
وتناول الملف قضية مشاركة الآباء في التربية وفي أعمال المنزل حيث إن الدراسات تظهر تغير مفهوم الآباء نحو المشاركة في الأعمال المنزلية التي كانوا يأنفون منها في الماضي. وأتعجب عندما أسمع مثل هذا الكـلام من الغربيين فإن سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يعين أهله في أعمال المنزل، فقد روى الترمذي أن عائشة رضي الله عنها سئلت : ماذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته قالت: "كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه."
وفي الوقت الذي يبحث الغربيون عموماً عن حلول لمشكلاتهم نجد أن بعضنا يغالط في القول أن أبناء المرأة العاملة كذا وكذا، بينما أبناء النساء غير العاملات يتصفون بكذا وكذا …فالأمر ليس بهذه السهولة فالأحكام ينبغي أن لا تطلق جزافاً بل علينا أن نقوم بدراسات على أوضاعنا المستجدة وأن نبحث في تجارب الأمم الأخرى لنتجنب السلبيات ونأخذ بالإيجابيات.
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=187&LID=10
6) عمل المرأة : دروس من الغرب
قبل سنتين تقريباً عرضت قناة تلفزيونية في واشنطن العاصمة في أحد برامج الحـوارات (TalkShows) قضية مربيات الأطفال المؤقتات (وقت ذهاب المرأة إلى العمل) وما ترتكبه بعض هؤلاء المربيات من قسوة ووحشية ضد الأطفال الذين أوكل إليها رعايتهم في غياب أمهم في عملها.
وجرى حوار بين الحاضرات والحاضرين حول عمل المرأة وضرورته إذا كان للمرأة أطفال في سن دون المدرسة، وقد طالبت إحدى الحاضرات المرأة العاملة بالتوقف مؤقتاً عن العمل أو ترك العمل للتفرغ لتربيـة أبنائها، فردت عليها إحداهن بأنها لا تعمل لتوفر مالاً لشراء سيارة فارهة أو بناء قصر مشيد، ولكنها تعمل من أجل لقمة العيش الضرورية، وهنا انبرى أحد الحضور قائلاً: "كيف تطلبين من المرأة أن لا تعمـل أتريدين أن نعود إلى القرون الماضية، لقد أصبح عمل المرأة ضرورة (وكأنه بعض المنادين عندنا بضرورة أن تعمل المرأة أي عمل) ولم أشاهد أحد الحضور يتساءل هل من معايير التقدم خروج المرأة للعمل أي عمل؟
وفي الأسابيع الماضية ظهرت العديد من المقالات التي تتناول عمل المرأة ومنها مقال الصديق الدكتور عبد الواحد الحميد في جريدة الرياض، وكذلك مقالة أو مقالتي الدكتور صالح كريم في عكاظ، ولم أرغب أن أدلي بدلوي رغم أنني وضعت هذا الموضوع على قائمة الموضوعات التي أريد أن أتناولها. وفي مطار جدة وجدت عنوان غلاف العدد الأخير من مجلة نيوزويك الأمريكية (19مايو1997)يقول : "لا وقت للأطفال، كيـف يغش الآباء والأمهات العاملون أبناءهم" فأخذت العدد لأقرأ تفاصيل الملف، فوجدت أن الغرب الذي سبقنا بمئات السنين بعمل المرأة ومشاركتها للرجل لديه ما يمكن أن نتعلمه فما ذا في الملف؟
يقول الملف إن تربية الأطفال لا يمكن أن تتم باعتبارها أحد الأعمال اليومية التي نضعها على جدول أعمالنا، كما لا يمكننا أن نربي أطفالنا بطريقة عقد الاجتماعات مع الأطفال، فهذه خدعة، ومن العبارات ذات المغزى في الملف: "المربيات أو جليسات الأطفال لا يمكن أن يقمن مقام الأم في التربية". وقد أشار الملف إلى كتـاب أصدرته الباحثة في علم النفس هوتشايلد عنوانه (قيود الزمن) تقول فيه: "معظم العائلات العاملة هم سجناء أو صانعوا قيود الزمن يجدون أنفسهم خاضعين لهذه القيود، وتضيف بأنه كلما ازداد الوقت الذي تقضيه الأمهات مع الأطفال في نشاطات مختلفة كالطبخ وأعمال المنزل الأخرى يتبادلون خلالها النظرات والابتسـامات كلما كان ذلك أفضل لتنشئة أطفال أسوياء، وليست المسألة قضاء بضع دقائق مع الأطفال كل يوم أو مرة في الأسبوع، وتضيف بأن اللقاء على مائدة العشاء بينما التلفزيون مفتوحاً ليست كاللقاء بدون أن يكون جهاز التلفزيون يعمل."
وفي الملف نجد عبارات مهمة مثل: "الثقة بالنفس لدى الطفل تتزعزع إذا عرف أن والديه أو أحـدهمـا لا يهتمان به كل اهتمامها. فهذا الاهتمام يضيع حينما يتسابق الوالدان الساعة السابعة و النصف صباحاً نحو الباب كل متوجه إلى عمله، وقد يكون ذهاب الوالدين في وقت قبل ذلك بكثير.والذي يمنع كثير من الآباء والأمهات عن قضاء وقت أطول مع أولادهم أن الاهتمام بالاحتفاظ بالوظيفة والحصول عـلى الترقية يطغيان على الاهتمام بالأطفال، فالمحافظة على الوظيفة في الأوضاع الاقتصادية الصعبة يجعل الآباء والأمهات يضحون بأسرهم من أجل لقمة العيش.
ومن الأمور اللافتة للانتباه الحديث عن الاتجاه الجديد لدى الأباء والأمهات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إلى تخفيض ساعات العمل والتنازل عن بعض الامتيازات الوظيفية مقابل البقاء مع الأبناء. فقد اتخذت بعض الأسر القرار بتخفيض مصروفاتها بالانتقال إلى منطقة سكنية أرخص أو أقل كلفة أو السكنى بالقرب من عمل الأم أو الأب حتى لا يضيع الوقت في المواصلات، كما ذكر بعض الآباء أنهم اختاروا أن يعملوا عملاً لا يستغرق النهار كله ليمضوا أطول وقت ممكن مع أطفالهم، كما ذكر بعض الآباء والأمهات أنهم تركوا الوظيفة ليعملوا من منازلهم، ويلاحظ أن هذه القضية تثار في الوقت الذي انخفض فيه عدد أفراد الأسرة الأوروبية والأمريكية فلم يعد يزيد عدد الأطفال في الأسرة عن اثنين بينما كان هذا العدد يصل إلى أربعة أو أكثر قبل عشرين سنة أو يزيد.
وأشار الملف إلى أن الوضع في أوروبا مختلف جداً بالنسبة للوقت فإن هولندا قد أعلنت أنه بإمكان الموظف أن يعمل أربعة أيام بدلاً من خمسة إن شاء، كما أن بعض الشركات والبنوك تسمح لموظفيها أن يختــاروا ساعات العمل التي يرغبون العمل فيها، وقد توصل الأوروبيون إلى أنه ليس المهم عدد السـاعات التي تعملها بقدر ما تنتجه في هذه الساعات، وفي النرويج تُعطى الأمهات إجازة مدفوعة الراتب مدتها سنة تقريباً، ويحصل الآباء أيضاً على إجازة أربعة أسابيع.
وتناول الملف قضية مشاركة الآباء في التربية وفي أعمال المنزل حيث إن الدراسات تظهر تغير مفهوم الآباء نحو المشاركة في الأعمال المنزلية التي كانوا يأنفون منها في الماضي. وأتعجب عندما أسمع مثل هذا الكـلام من الغربيين فإن سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يعين أهله في أعمال المنزل، فقد روى الترمذي أن عائشة رضي الله عنها سئلت : ماذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته قالت: "كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه."
وفي الوقت الذي يبحث الغربيون عموماً عن حلول لمشكلاتهم نجد أن بعضنا يغالط في القول أن أبناء المرأة العاملة كذا وكذا، بينما أبناء النساء غير العاملات يتصفون بكذا وكذا …فالأمر ليس بهذه السهولة فالأحكام ينبغي أن لا تطلق جزافاً بل علينا أن نقوم بدراسات على أوضاعنا المستجدة وأن نبحث في تجارب الأمم الأخرى لنتجنب السلبيات ونأخذ بالإيجابيات.
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=187&LID=10