مـن حـكـم ومــواعــظ لــلامـــام الــشــافـــعــي
هذه هي الدنيا
تموت الأسد في الغابات جوعا ... ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حرير ... وذو نسب مفارشه التراب
آداب التعلم
اصبر على مر الجفا من معلم ... فإن رسوب العلم في نفراته
ومن لم يذق مر التعلم ساعة ... تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه ... فكبر عليه أربعا لوفاته
وذات الفتى والله بالعلم والتقى ... إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته
متى يكون السكوت من ذهب
إذا نطق السفيه فلا تجبه ... فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرّجت عنه ... وإن خليته كمدا يموت
الوحدة خير من جليس السوء
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي ... ألذ وأشهى من غوى أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنا ...أقر لعيني من جليس أحاذره
العلم مغرس كل فخر
العلم مغرس كل فخر فافتخر ... واحذر يفوتك فخر ذاك المغرس
واعلم بأن العلم ليس يناله ... من همه في مطعم أو ملبس
إلا أخو العلم الذي يُعنى به ... في حالتيه عاريا أو مكتسي
فاجعل لنفسك منه حظا وافرا ... واهجر له طيب الرقاد وعبّسِ
فلعل يوما إن حضرت بمجلس ... كنت أنت الرئيس وفخر ذاك المجلس
لمن نعطي رأينا
ولا تعطين الرأي من لا يريده ... فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
الذل في الطمع
حسبي بعلمي إن نفع ..
ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجع ..
ما طار طير وارتفع
إلا كما طار وقع
تول أمورك بنفسك
ما حك جلدك مثل ظفرك ... فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدت لحاجة ... فاقصد لمعترف بفضلك
دعوة إلى التعلم
تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده ... صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما ... كبير إذا ردت إليه المحافل
العيب فينا
نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزمانا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ... ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا
يا واعظ الناس عما أنت فاعله :
يا واعظ الناس عما أنت فاعله ... يا من يعد عليه العمر بالنفس
احفظ لشيبك من عيب يدنسه ... إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها ... وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها ...إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على ... ما كنت تركب من بغل و من فرس
يوم القيامة لا مال ولا ولد ... وضمة القبر تنسي ليلة العرس
الصديق الصدوق :
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا ... فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة ... وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه ... ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده ... ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا
القناعة
تعمدني بنصحك في انفرادي ..... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ..... من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي ..... فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
حفظ اللسان
احفظ لسانك أيها الإنسان ..... لا يلدغنك .. إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه ..... كانت تهاب لقاءه الأقران
ستة ينال بها الإنسان العلم
أخي لن تنال العلم إلا بستة ..... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ..... وصحبة أستاذ وطول زمان
فضل السكوت
وجدت سكوتي متجرا فلزمته ..... إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر ..... وتاجره يعلو على كل تاجر
القناعة .. راس الغنى
رأيت القناعة رأس الغنى ..... فصرت بأذيالها متمسك
فلا ذا يراني على بابه ..... ولا ذا يراني به منهمك
فصرت غنيا بلا درهم ..... أمر على الناس شبه الملك
كم هي الدنيا رخيصة
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ..... يمسي ويصبح في دنياه سافرا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة ..... حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها ..... فينبغي لك أن لا تأمن الناراالايام
دع الأيام تفعل ما تشاء ..... وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي ..... فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا ..... وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا ..... وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب ..... يغطيه كما قيل السخاء
ولا تر للأعادي قط ذلا ..... فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل ..... فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني ..... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ..... ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع ..... فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا ..... فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن ..... إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين ..... فما يغني عن الموت الدواء
كيف تعاشر الناس وتعاملهم
كن ساكنا في ذا الزمان بسيره ..... وعن الورى كن راهبا في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله ..... واحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحبا ..... أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره ..... وتركت أعلاهم لقلة خيره
لا تنطق بالسوء
إذا رمت أن تحيا سليما من الردى ..... ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوأة ..... فكلك سوءات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معائبا ..... فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ..... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
في ترك الذنوب
خل الذنوب صغيرها * وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق أرض * الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة * إن الجبال من الحصى
للسفية
قل بما شئت في مسبة عرضي * فسكوتي عن اللئيم جواب
ما أنا عادم الجواب ولكن * مامن الأسد أن تجيب الكلاب
وله أيضا في السفيه
يخاطبني السفية بكل قبح * فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما * كعود زاده الإحراق طيبا
وله أيضا في السفيه
أعرض عن الجاهل السفية * فكل ما قال فهو فيه
ما ضرَّ بحر الفرات يوما * إن خاض بعض الكلاب فيه
في الزهد
علي ثياب لو تباع جميعها * بفلس لكان الفلس منهن أكبر
وفيهن نفس لو تقاس ببعضها * نفوس الورى كانت أجل وأكبر
وقد قال في نفسه
ولولا الشعر بالعلماء يزري* لكنت اليوم أشعر من لبيدِ
وأشجع في الوغى من كل ليث* وآل مهلب وبني يزيدِ
ولولا خشية الرحمان ربي * حسبت الناس كلهم عبيدِ
تعليق