المرأة المسلمة في نظر الغرب
12) مؤتمرات عالمية عن المرأة - بكين
لقد أعدت بعض المنظمات الإسلامية العدة للمشاركة في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين ليرفعوا صوت الإسلام عالياً في مثل هذه المحافل الدولية، وليخذلوا عن المسلمين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً وقد كان لهم فيه صولات وجولات ولكننا هنا نريد أن نرسل رسائل حول هذه المؤتمرات وقضية المرأة المسلمة.
ما ذا تريد الأمم المتحدة من وراء هذه المؤتمرات؟ لقد قيل -بحق- إن الغرب الذي يسيطر على أجهزة المنظمة يستخدمها لمواصلة نشر هيمنة الغرب الفكرية والثقافية على دول العالم، وكأن العالم مسرحاً فارغاً يصول فيها ويحول كما يشاء.
ولكننا نقول إن الأمة الإسلامية تملك الرسالة السماوية الخاتمة وعندها من القيم والمبادئ ما هو حقيق بالغرب أن يعرفها معرفة صحيحة ليفيد منها ويتبناها لتنفذه من كثير من مشكلاته التي أصبح بعضها مزمناً.
وأبدأ هذه الرسائل الموجهة إلى مؤتمر بكين بالحديث عن أسلوب الشيخ أحمد ديدات يحفظه الله، فقد لقيته قبل أكثر من سبع سنوات في فندق متواضع في المدينة المنورة جئت لأدعوه ليحاضر في المعهد العالي للدعوة الإسلامية ولكنه اعتذر بأن تلك الزيارة كانت عائلية جداً ولم يكن يريد أن يخالف ما وعد به زوجه بأن لا ينشغل عنها بالمحاضرات وخلافه، ولكني كسبت منه بضع دقائق قال لي فيها لمّا عرف أنني من قسم الاستشراق "علينا أن نتوقف عن الدفاع التبريري، ومحاولة صد هجوم الغربيين على الإسلام، بل علينا أن ننتقل إلى الهجوم" مما ذكرني بالقول المعروف الهجوم هو خير وسائل الدفاع. ثم ذكر الشيخ بعض الحقائق عن المجتمعات الغربية وهو يحفظ بدقة الأرقام والإحصاءات ومن هذه الحقائق عدد المدمنين على الخمر والمدمنين على المخدرات، عدد الشاذين، عدد المواليد غير الشرعيين في المجتمعات الغربية، انتشار الأمراض الجنسية، ارتفاع معدلات الطلاق، تفكك الأسرة ...الخ.
وهذا المؤتمر الذي يزعم لنفسه أنه يريد تحقيق المساواة للمرأة والنهوض بمجتمعات العالم وإصلاحها عليه أن يتساءل ما المساواة التي يريدونها بين الرجل والمرأة؟ أهي المساواة التي تُخرِجُ المرأة من بيتهـا للعمل في الأعمال الشاقة؟ لتقود المعدات الثقيلة في المطارات وفي الشوارع العامة؟ لتشترك في تعبيد الطرق و تزفيتها؟ لقد كان العالم العربي يُقَسّم إلى دول تقدمية وأخرى رجعية، وأذكر أنني زرت إحدى الدول التقدمية عام 1394هـ(1974م) فرأيت النساء يحملن القفف (الزنابيل) وفيها الحصى يشاركن في عملية تعبيد طريق أو تزفيته، فتعجبت أهذه هي التقدمية التي يريدونها. فهل يريد الشاب المسلم لأمه أو أخته أو زوجته أو خالته أو عمته أو جدّته أن تحمل زنبيل الحصى؟
ما المساواة التي يريدون؟ فهل في الدنيا قول أبلغ من قوله صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال)، وقد وردت كلمة نفس في القرآن الكريم اكثر من ثمانين مرة لتعني الرجل والمرأة، بل إن المرأة والرجل في الأصل من نفس واحدة كما في قوله تعالى }يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خـلقكم من نفس واحدة{ ويقول الحق سبحانه وتعالى في آية أخرى }خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها{. وحتى اللغة العربية التي تعرف التأنيث الحقيقي والتأنيث المجازي لا تفرق بين الرجل والمرأة في الزواج فكل واحد منهما يطلق عليه زوجاً فمن الخطأ حينما نقول الزوجة.
ومن الأمثلة الأخرى على المساواة في الإسلام في التكاليف قوله تبارك وتعالى:
}لا تكلف نفس إلاّ وسعها{
}ثم توفى كل نفس ما كسبت{
}ووفيت كل نفس ما عملت من خير محضرا{
}يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها{
فيا أيها المؤتمرون في بكين ما المساواة التي تريدون والمسلم مأمور أن يكرم المرأة أمّاً وابنة وأختاً وزوجاً وخالة وعمة .. إن حضارتكم المادية تطالب الفتاة بان تنفق على نفسها إذا ما بلغت الخامسة عشرة، وهاهي بيوت المسنين تكتظ بالأمهات والخالات والعمات والجدات، فهل في العالم الإسـلامي بيوت المسنين كما عندكم ؟أليس لأن الإسلام يأمر الابن أن يبر أمَّه ثلاث مرات والرابعة أباه؟
نشرت جريدة التايم اللندنية في عددها الصادر في 4 سبتمبر 1994 (قبل عام تقريباً) تقريراً صحافياً لمراسلة الشؤون الدينية ليزلي توماس بعنوان "النساء البريطانيات يبحثن عن الأخلاق في الإسلام" ولمّا كان مؤتمر بكين يريد للمرأة المسلمة أن تبتعد عن دينها بحثاً عن الحقوق الضائعة في زعمهم أو المساواة الموهومة فمن المناسب أن نذكّرهم ببعض فقرات هذا التقرير.
تقول ليزلي "الألوف من النساء البريطانيات يصبحن مسلمات في موجة حيّرت المهتمين بشؤون المرأة، وسببت قلقاً للنصارى. فمعظم اللاتي تحولن [اهتدين] إلى الإسلام ويزيد عددهن على عشرة آلاف امرأة خلال العقد الماضي غير متزوجات، وهن متعلمات ومن بينهن طبيبات ومحاميات ومحاضرات تحولن إلى الدين الذي ينظر إليه على أنه دين يضطهد المرأة."
وتروي الكاتبة بعض قصص من أسلم من النساء البريطانيات وسبب إسلامهن فأولاهن هي مويرا ني كولمان (31سنة) قد تربت في عائلة كاثوليكية ايرلندية، وقد استمعت ذات يوم إلى متحدث في حديقة الهايد بارك بلندن عن الإسلام، وهنا فكرت بأنها ولدت كاثوليكية وستموت كذلـك فلماذا لا تبحث عن الإسلام ،وفعلاً أصبحت مسلمة عام 1993م، وغيرّت اسمها إلى بشـرى. وتقول بشرى عن دينها الجديد "إنني أحب الطمأنينة والسلام الذي أعيشه في ظل الإسلام كما أحب النظام الأخلاقي في الإسلام. إن المسلمة تعرف تماماً مكانها في المجتمع وحقوقها. أما المرأة الكاثوليكية فتجد مصاعب كبيرة في التعامل مع التشريعات الكاثوليكية في منع الجنس قبل الزواج، ولكن الأمر أبسط في الإسلام حيث على المرأة أن لا تختلط بالرجال" وتضيف بشرى "إن الحدود الواضحة لمكانة المرأة في الإسلام تعنى عدم وجود صراع بين الرجل والمرأة، فالإسلام يجعل الرجل مسؤولاً عن المرأة، ومع ذلك فتحتفظ المرأة بممتلكاتها، وإذا ما أسهمت في مصروفات الأسرة فالإسلام يعد ذلك من أعمال الخير، فالإسلام يوجد الانسجام بين المرأة والرجل."
ونقلت كاتبة التقرير عن متحدث عن رابطة المسلمين البريطانيين قوله: ”إنه بالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية لعدد الذين يهتدون إلى الإسلام، لكن هذا العدد يتزايد باستمرار، وكثير من هؤلاء يجدون الملجأ في الإسلام."
وتحدثت مسلمة أخرى (43سنة) أسلمت منذ ثلاث عشرة سنة ،وتعمل في شركة استثمار بأنها لا تغطـي رأسها في العمل وإلاّ طردت، ولكنها لا تختلط بزملائها الذكور ولا تشاركهم في الذهاب إلى الحانة نوهي لا تذيع بأنها مسلمة، ولذلك ينظر إليها بأنها امرأة متحفظة نوعاً ما.
ويقول مدير مركز الدراسات الإسلامية بجامعة ويلز -الذي يقوم حالياً بدراسة هذه الظـاهرة- "يبدو أن ازدياد العلمنة في الكنائس البريطانية قد أبعد الناس عنها، ولذلك اتجه بعضهم إلى الإسلام، ومن المدهش حقاً أن النساء البريطانيات اللاتي تحولن إلى الإسلام هن من النساء المحترفات العمل ومن الطبقة الوسطى بالرغم من الحركات النسائية والصورة السلبية التي يصور بها الإسلام في الغرب."
وتختم كاتبة التقرير بأن بعض المسلمات يعدن إلى النصرانية، ولكنها لا تقدم الدليل على ذلك، وهو أمر غير معروف عن هذا الدين بل الأصل أن الذي تعتنق هذا الدين لا يخرج منه مهما واجه من صعوبات أو مشقات كما جاء في الحوار الذي دار بين أبي سفيان وهرقل عظيم الروم حيث أكّد هرقل أن الذي يدخل الإسلام لا يخرج منه. لكن الكاتبة أرادت تشويه صورة الإسلام بأي وسيلة .
والرسالة التي أبعثها إلى مؤتمر بكين أن النساء البريطانيات العاملات واللاتي تعرضن لكل أنواع دعاية تحرير المرأة لم يجدن الحرية الحقيقية إلاّ في الإسلام، فهن متعلمات عاقلات كاسبات فهل بعد هذا رسالة أبلغ لمؤتمر يريد للمرأة أن تمارس كل أنواع الفساد باسم المساواة مع الرجل؟
فهل تصل رسالة النساء البريطانيات إلى هذا المؤتمر وإنني أتمنى أن يشاركن في هذا المؤتمر ليحبطن تخطيطه الخبيث لمحاربة القيم والأخلاق.
يا أيها المؤتمرون من المسلمين في بكين هل تقرؤون الصحف الغربية؟ هل تقرؤون ما يُترجم من الصحف الغربية في الصحافة العربية؟ إن وكالات الإعلام الغربية التي تسيطر على ما يزيد على ثمانين بالمئة مما ينشر في جميع أنحاء المعمورة يصل إليكم بلغاتكم المختلفة، وهذا والله يدعو إلى العجب مـن أولئك الذين يطلعون على هذا الإعلام كيف لا يعتبرون مما وصلت إليه المجتمعات الغربية عموماً من تدهور في الأخلاق والقيم، وأعجب أكثر حينما ينساق بعض أبناء الأمة الإسلامية لتقليد الدعوات الغربية .فهل على عيونهم غشاوة حتى لكأنّهم المقصودون في قوله تعالى }كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماْ{(يونس 27)
ولإزالة هذه الغشاوة نرجع إلى بعض ما نشرته وسائل الإعلام الغربية التي تتحدث عن مجتمعاتهم بشيء من النقد؛ فالحكومة البريطانية تنشر سنوياً تقريراً عن حالة المجتمع البريطاني ،ولا بد أن المجتمعات الغربية عموماً تهتم بإصدار تقارير إحصائية سنوية. ففي التقرير البريطاني لعام 1993م والـذي نشرت صحيفة التايمز فقرات منه أشار إلى تفكك الأسرة البريطانية، وعدد الأسر التي تتكون من أم وحدها أو أب وحده .وتناول التقرير ارتفاع معدلات الطلاق وارتفاع معدلات الجريمة، وارتفاع معدلات المدمنين على الخمور وعلى المخدرات، وعدد المصابين بالأمراض الجنسية.
والغرب الذي تتمتع مجتمعاته بانفتاح نسبي من النواحي الفكرية يظهر فيه من يرفع صوته بالنقد من أوضاعه ويدعون إلى الرجوع إلى الحق والفضيلة، وفيما يأتي بعض هذه النماذج:
أولاً: قررت بعض المدارس فصل الذكور عن الإناث في بعض المواد الدراسية لرفع مستوى الطلاب والطالبات في المواد التي لوحظ ضعفهم وضعفهن فيها. وبالرغم من نجاح التجربة فإن بالبعض نظر إليهـا على أنها رجعية. أليس الرجوع إلى الحق هو التقدمية والإمعان في الباطل هو الرجعية، ولذلك نعى القرآن الكريم على الكفار تمسكهم بما كان عليه آباؤهم حتى ولو كان باطلاً }أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون{(المائدة 104)
ثانياً: الطالبات في المدارس غير المختلطة البريطانية يخطفن المراكز الأولى في امتحان الثانوية العامة
ثالثاّ: اعتراض بعض مواطني مدينة بيرمنجهام البريطانية على تولي امرأة كانت تعمل مومسا (باعترافها) منصب رئاسة البلدية
رابعاً: انتشرت في الغرب جمعيات الدفاع عن المرأة من قسوة الرجل وعنفه، فالمرأة التي تتعرض للضرب يمكنها اللجوء لهذه الجمعيات لحمايتها من زوجها. وعجيب أمر الغرب يتهم الإسلام والمسلمين باضطهاد المرأة، وأنه يسمح بضربها ولم يدر بخلد هؤلاء أن الضرب هو آخر العلاج ولا يكون الضرب مبرحاً ويتجنب الوجه. ومع ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم استهجن هذا الفعل إلاّ للضرورة القصوى وتعجب من الرجل يضرب زوجه ضرب العبد ثم يأتيها ليلاً.
خامسـاً: الأطفال المفقودون...يعاني المجتمعات الغربية عموماً والولايات المتحدة الأمريكية من ظاهرة فقدان الأطفال حتى إن شبكة سي إن إن CNN جزءا من برامجها للحديث عن الأطفال المفقودين، وقد عرضت المحطة الجهود الضخمة التي تبذلها المؤسسات الحكومية والأهلية للبحث عن الأطفال المفقودين .ويتعرض الأطفال المفقودون لشتى أنواع الجرائم من خاطفيهم منها الاغتصاب والقتل.
هذه نماذج محدودة من متاعب الغرب الاجتماعية في موضوع المرأة خصوصاً والأسرة عموماً فلماذا كل هذه الجهود لفرض القيم الغربية على مجتمعات دول العالم الثالث، فهم لو انشغلوا بمشكلاتهم لكفتهم .أما مشكلاتنا فإننا نعرف الطريق إلى حلّها وما ذلك إلاّ بالرجوع إلى الكتاب والسنّة وما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم.
بدأ القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية -كما تقول مجلة المشاهد- منذ أكثر من ستة أشهر بالإعداد لبرنامج خاص حول وضع المرأة في العالم العربي بعنوان (نون النسوة) ليبدأ بثه قبل وقت قصير من انعقاد مؤتمر المرأة العالمي الرابع وفي أثناء انعقاد المؤتمر. وتزعم المجلة أن هذا أكبر جهد ثقافي تبـذله أية وسيلة إعلامية لتغطية هذا المؤتمر. ويتضمن البرنامج لقاءات مع ما يسمى القيادات النسائية في العالم الإسلامي ،ومع نساء عاديات (تم اختيارهن بعناية).
وهذا النشاط المتميز للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية يدعونا إلى التساؤل ما ذا فعلت الإذاعـات العربية أو وسائل الإعلام العربية عموماً لمواجهة هذه التظاهرة العالمية؟ فالإذاعات العربية تخضع برامجها في الغالب لما يسمى الدورة الإذاعية التي تحدد الهيكل العام للبرامج ومحتوياتها، ولكن هل تأخذ هذه الدورات في حسابها المرونة لتغطية الأحداث العالمية التي يتم التخطيط لها مسبقاً كما هو الحال في هذا الحدث.
إن مهمة الإعلام مهمة خطيرة ،ويجب على رجال الإعلام أن يدركوا مسؤولياتهم في توجيه الجمهور وتنويره فعندما يتحدث العالم عن المرأة في وسائل الإعلام المختلفة يفتقد المراقب الإعلام الإسلامي عموماً، فما ذا أعددنا من برامج لهذا الحدث أو غيره؟
ولتوضيح الموقف أكثر لابد من الإشارة إلى مؤتمر السكان والتنمية الذي عقدت في العام الماضي فكان الملاحظ أن إعلامنا المقروء كان أكثر استجابة حيث أفردت الصحف مجالاً طيباً لذوي الرأي والخبرة أن يتناولوا هذا الموضوع .وقد تميزت صحيفة "المدينة المنورة" بتغطية رائعة لأحداث المؤتمر ووقائعه، وكذلك لوثيقة المؤتمر التي نشرت معظم نصوصها.
أما الإذاعة -وقد أكون مقصراً في الاستماع إليها- فلم تعد لهذا الحدث الإعداد الكافي، وهي وإن كانت قد نقلت بعض الأخبار حول المؤتمر أو مواقف الدول المختلفة من وثيقة المؤتمر لكنها لم تستغله هذه الفرصة لإعداد برامج توعية حول القضايا التي أثارها المؤتمر. ولذلك فإنني أتقدم بالاقتراح بأن تتضمن الدورة الإذاعية شيئاً من المرونة بأن يكون هناك مساحة لمثل هذه القضايا حيث تعـد برامج مكتملة من أحاديث إذاعية وحوارات وغيرها. ومما يدعو إلى التفاؤل أن صحافتنا والحمد لله تمتلك مجموعة من أصحاب الأقلام الواعية التي يمكن أن تثري برامج الإذاعة والتلفاز.
ويمكن للإذاعة والتلفاز بالإضافة إلى البرامج الخاصة أن تضيف فقرة في نشرة الأخبار أو بعدها مدتها ربع ساعة تذاع أكثر من مرة يوميا يعد فيها أحد المذيعين أو معدي البرامج قراءات للصحف والمجلات المحلية يتناول فيها أبرز المقالات من خلال قراءة فقرات منها. ونحن بمثل هذه القراءة نحقق أكثر من هدف منها تقوية الصلة بين وسائل الإعلام المختلفة، وتشجيع للمستمعين والمشاهدين للبحث عن الصحافة لقراءة بقية المقالة وربما متابعة كاتب معين أو صحيفة معينة، ولنكون قد حققنا هدفاً دعوياً بأسلوب مشوق بعيد عن الوعظ المباشر، وهذا من أهم أسس الإعلام في هذه البلاد.
إنني أرجو أن تكون هذه الرسالة إلى مؤتمر بكين فرصة لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية لإعادة النظر في دوراتها البرامجية المقبلة لتجعل فيها مجالاً للمرونة والتنويع والمتابعة. وأرجو أن تستعين الإذاعة بمن لديهم الحس الصحافي الذي يسعى إلى متابعة الأحداث العالمية قبل وقوعها. فهل أعددنا أي برامج لمواجهة برامج الإذاعات الموجهة التي تخالف توجهات الأمة وقيمها وتقاليدها كما كان الحال في برنامج (عن الجنس بصراحة) الذي قدمته إذاعة لندن القسم العربي بعد انتهاء مؤتمر السكان في القاهرة العام الماضي.
جميع الحقوق © محفوظة لـ مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=173&LID=10
12) مؤتمرات عالمية عن المرأة - بكين
لقد أعدت بعض المنظمات الإسلامية العدة للمشاركة في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين ليرفعوا صوت الإسلام عالياً في مثل هذه المحافل الدولية، وليخذلوا عن المسلمين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً وقد كان لهم فيه صولات وجولات ولكننا هنا نريد أن نرسل رسائل حول هذه المؤتمرات وقضية المرأة المسلمة.
ما ذا تريد الأمم المتحدة من وراء هذه المؤتمرات؟ لقد قيل -بحق- إن الغرب الذي يسيطر على أجهزة المنظمة يستخدمها لمواصلة نشر هيمنة الغرب الفكرية والثقافية على دول العالم، وكأن العالم مسرحاً فارغاً يصول فيها ويحول كما يشاء.
ولكننا نقول إن الأمة الإسلامية تملك الرسالة السماوية الخاتمة وعندها من القيم والمبادئ ما هو حقيق بالغرب أن يعرفها معرفة صحيحة ليفيد منها ويتبناها لتنفذه من كثير من مشكلاته التي أصبح بعضها مزمناً.
وأبدأ هذه الرسائل الموجهة إلى مؤتمر بكين بالحديث عن أسلوب الشيخ أحمد ديدات يحفظه الله، فقد لقيته قبل أكثر من سبع سنوات في فندق متواضع في المدينة المنورة جئت لأدعوه ليحاضر في المعهد العالي للدعوة الإسلامية ولكنه اعتذر بأن تلك الزيارة كانت عائلية جداً ولم يكن يريد أن يخالف ما وعد به زوجه بأن لا ينشغل عنها بالمحاضرات وخلافه، ولكني كسبت منه بضع دقائق قال لي فيها لمّا عرف أنني من قسم الاستشراق "علينا أن نتوقف عن الدفاع التبريري، ومحاولة صد هجوم الغربيين على الإسلام، بل علينا أن ننتقل إلى الهجوم" مما ذكرني بالقول المعروف الهجوم هو خير وسائل الدفاع. ثم ذكر الشيخ بعض الحقائق عن المجتمعات الغربية وهو يحفظ بدقة الأرقام والإحصاءات ومن هذه الحقائق عدد المدمنين على الخمر والمدمنين على المخدرات، عدد الشاذين، عدد المواليد غير الشرعيين في المجتمعات الغربية، انتشار الأمراض الجنسية، ارتفاع معدلات الطلاق، تفكك الأسرة ...الخ.
وهذا المؤتمر الذي يزعم لنفسه أنه يريد تحقيق المساواة للمرأة والنهوض بمجتمعات العالم وإصلاحها عليه أن يتساءل ما المساواة التي يريدونها بين الرجل والمرأة؟ أهي المساواة التي تُخرِجُ المرأة من بيتهـا للعمل في الأعمال الشاقة؟ لتقود المعدات الثقيلة في المطارات وفي الشوارع العامة؟ لتشترك في تعبيد الطرق و تزفيتها؟ لقد كان العالم العربي يُقَسّم إلى دول تقدمية وأخرى رجعية، وأذكر أنني زرت إحدى الدول التقدمية عام 1394هـ(1974م) فرأيت النساء يحملن القفف (الزنابيل) وفيها الحصى يشاركن في عملية تعبيد طريق أو تزفيته، فتعجبت أهذه هي التقدمية التي يريدونها. فهل يريد الشاب المسلم لأمه أو أخته أو زوجته أو خالته أو عمته أو جدّته أن تحمل زنبيل الحصى؟
ما المساواة التي يريدون؟ فهل في الدنيا قول أبلغ من قوله صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال)، وقد وردت كلمة نفس في القرآن الكريم اكثر من ثمانين مرة لتعني الرجل والمرأة، بل إن المرأة والرجل في الأصل من نفس واحدة كما في قوله تعالى }يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خـلقكم من نفس واحدة{ ويقول الحق سبحانه وتعالى في آية أخرى }خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها{. وحتى اللغة العربية التي تعرف التأنيث الحقيقي والتأنيث المجازي لا تفرق بين الرجل والمرأة في الزواج فكل واحد منهما يطلق عليه زوجاً فمن الخطأ حينما نقول الزوجة.
ومن الأمثلة الأخرى على المساواة في الإسلام في التكاليف قوله تبارك وتعالى:
}لا تكلف نفس إلاّ وسعها{
}ثم توفى كل نفس ما كسبت{
}ووفيت كل نفس ما عملت من خير محضرا{
}يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها{
فيا أيها المؤتمرون في بكين ما المساواة التي تريدون والمسلم مأمور أن يكرم المرأة أمّاً وابنة وأختاً وزوجاً وخالة وعمة .. إن حضارتكم المادية تطالب الفتاة بان تنفق على نفسها إذا ما بلغت الخامسة عشرة، وهاهي بيوت المسنين تكتظ بالأمهات والخالات والعمات والجدات، فهل في العالم الإسـلامي بيوت المسنين كما عندكم ؟أليس لأن الإسلام يأمر الابن أن يبر أمَّه ثلاث مرات والرابعة أباه؟
نشرت جريدة التايم اللندنية في عددها الصادر في 4 سبتمبر 1994 (قبل عام تقريباً) تقريراً صحافياً لمراسلة الشؤون الدينية ليزلي توماس بعنوان "النساء البريطانيات يبحثن عن الأخلاق في الإسلام" ولمّا كان مؤتمر بكين يريد للمرأة المسلمة أن تبتعد عن دينها بحثاً عن الحقوق الضائعة في زعمهم أو المساواة الموهومة فمن المناسب أن نذكّرهم ببعض فقرات هذا التقرير.
تقول ليزلي "الألوف من النساء البريطانيات يصبحن مسلمات في موجة حيّرت المهتمين بشؤون المرأة، وسببت قلقاً للنصارى. فمعظم اللاتي تحولن [اهتدين] إلى الإسلام ويزيد عددهن على عشرة آلاف امرأة خلال العقد الماضي غير متزوجات، وهن متعلمات ومن بينهن طبيبات ومحاميات ومحاضرات تحولن إلى الدين الذي ينظر إليه على أنه دين يضطهد المرأة."
وتروي الكاتبة بعض قصص من أسلم من النساء البريطانيات وسبب إسلامهن فأولاهن هي مويرا ني كولمان (31سنة) قد تربت في عائلة كاثوليكية ايرلندية، وقد استمعت ذات يوم إلى متحدث في حديقة الهايد بارك بلندن عن الإسلام، وهنا فكرت بأنها ولدت كاثوليكية وستموت كذلـك فلماذا لا تبحث عن الإسلام ،وفعلاً أصبحت مسلمة عام 1993م، وغيرّت اسمها إلى بشـرى. وتقول بشرى عن دينها الجديد "إنني أحب الطمأنينة والسلام الذي أعيشه في ظل الإسلام كما أحب النظام الأخلاقي في الإسلام. إن المسلمة تعرف تماماً مكانها في المجتمع وحقوقها. أما المرأة الكاثوليكية فتجد مصاعب كبيرة في التعامل مع التشريعات الكاثوليكية في منع الجنس قبل الزواج، ولكن الأمر أبسط في الإسلام حيث على المرأة أن لا تختلط بالرجال" وتضيف بشرى "إن الحدود الواضحة لمكانة المرأة في الإسلام تعنى عدم وجود صراع بين الرجل والمرأة، فالإسلام يجعل الرجل مسؤولاً عن المرأة، ومع ذلك فتحتفظ المرأة بممتلكاتها، وإذا ما أسهمت في مصروفات الأسرة فالإسلام يعد ذلك من أعمال الخير، فالإسلام يوجد الانسجام بين المرأة والرجل."
ونقلت كاتبة التقرير عن متحدث عن رابطة المسلمين البريطانيين قوله: ”إنه بالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية لعدد الذين يهتدون إلى الإسلام، لكن هذا العدد يتزايد باستمرار، وكثير من هؤلاء يجدون الملجأ في الإسلام."
وتحدثت مسلمة أخرى (43سنة) أسلمت منذ ثلاث عشرة سنة ،وتعمل في شركة استثمار بأنها لا تغطـي رأسها في العمل وإلاّ طردت، ولكنها لا تختلط بزملائها الذكور ولا تشاركهم في الذهاب إلى الحانة نوهي لا تذيع بأنها مسلمة، ولذلك ينظر إليها بأنها امرأة متحفظة نوعاً ما.
ويقول مدير مركز الدراسات الإسلامية بجامعة ويلز -الذي يقوم حالياً بدراسة هذه الظـاهرة- "يبدو أن ازدياد العلمنة في الكنائس البريطانية قد أبعد الناس عنها، ولذلك اتجه بعضهم إلى الإسلام، ومن المدهش حقاً أن النساء البريطانيات اللاتي تحولن إلى الإسلام هن من النساء المحترفات العمل ومن الطبقة الوسطى بالرغم من الحركات النسائية والصورة السلبية التي يصور بها الإسلام في الغرب."
وتختم كاتبة التقرير بأن بعض المسلمات يعدن إلى النصرانية، ولكنها لا تقدم الدليل على ذلك، وهو أمر غير معروف عن هذا الدين بل الأصل أن الذي تعتنق هذا الدين لا يخرج منه مهما واجه من صعوبات أو مشقات كما جاء في الحوار الذي دار بين أبي سفيان وهرقل عظيم الروم حيث أكّد هرقل أن الذي يدخل الإسلام لا يخرج منه. لكن الكاتبة أرادت تشويه صورة الإسلام بأي وسيلة .
والرسالة التي أبعثها إلى مؤتمر بكين أن النساء البريطانيات العاملات واللاتي تعرضن لكل أنواع دعاية تحرير المرأة لم يجدن الحرية الحقيقية إلاّ في الإسلام، فهن متعلمات عاقلات كاسبات فهل بعد هذا رسالة أبلغ لمؤتمر يريد للمرأة أن تمارس كل أنواع الفساد باسم المساواة مع الرجل؟
فهل تصل رسالة النساء البريطانيات إلى هذا المؤتمر وإنني أتمنى أن يشاركن في هذا المؤتمر ليحبطن تخطيطه الخبيث لمحاربة القيم والأخلاق.
يا أيها المؤتمرون من المسلمين في بكين هل تقرؤون الصحف الغربية؟ هل تقرؤون ما يُترجم من الصحف الغربية في الصحافة العربية؟ إن وكالات الإعلام الغربية التي تسيطر على ما يزيد على ثمانين بالمئة مما ينشر في جميع أنحاء المعمورة يصل إليكم بلغاتكم المختلفة، وهذا والله يدعو إلى العجب مـن أولئك الذين يطلعون على هذا الإعلام كيف لا يعتبرون مما وصلت إليه المجتمعات الغربية عموماً من تدهور في الأخلاق والقيم، وأعجب أكثر حينما ينساق بعض أبناء الأمة الإسلامية لتقليد الدعوات الغربية .فهل على عيونهم غشاوة حتى لكأنّهم المقصودون في قوله تعالى }كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماْ{(يونس 27)
ولإزالة هذه الغشاوة نرجع إلى بعض ما نشرته وسائل الإعلام الغربية التي تتحدث عن مجتمعاتهم بشيء من النقد؛ فالحكومة البريطانية تنشر سنوياً تقريراً عن حالة المجتمع البريطاني ،ولا بد أن المجتمعات الغربية عموماً تهتم بإصدار تقارير إحصائية سنوية. ففي التقرير البريطاني لعام 1993م والـذي نشرت صحيفة التايمز فقرات منه أشار إلى تفكك الأسرة البريطانية، وعدد الأسر التي تتكون من أم وحدها أو أب وحده .وتناول التقرير ارتفاع معدلات الطلاق وارتفاع معدلات الجريمة، وارتفاع معدلات المدمنين على الخمور وعلى المخدرات، وعدد المصابين بالأمراض الجنسية.
والغرب الذي تتمتع مجتمعاته بانفتاح نسبي من النواحي الفكرية يظهر فيه من يرفع صوته بالنقد من أوضاعه ويدعون إلى الرجوع إلى الحق والفضيلة، وفيما يأتي بعض هذه النماذج:
أولاً: قررت بعض المدارس فصل الذكور عن الإناث في بعض المواد الدراسية لرفع مستوى الطلاب والطالبات في المواد التي لوحظ ضعفهم وضعفهن فيها. وبالرغم من نجاح التجربة فإن بالبعض نظر إليهـا على أنها رجعية. أليس الرجوع إلى الحق هو التقدمية والإمعان في الباطل هو الرجعية، ولذلك نعى القرآن الكريم على الكفار تمسكهم بما كان عليه آباؤهم حتى ولو كان باطلاً }أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون{(المائدة 104)
ثانياً: الطالبات في المدارس غير المختلطة البريطانية يخطفن المراكز الأولى في امتحان الثانوية العامة
ثالثاّ: اعتراض بعض مواطني مدينة بيرمنجهام البريطانية على تولي امرأة كانت تعمل مومسا (باعترافها) منصب رئاسة البلدية
رابعاً: انتشرت في الغرب جمعيات الدفاع عن المرأة من قسوة الرجل وعنفه، فالمرأة التي تتعرض للضرب يمكنها اللجوء لهذه الجمعيات لحمايتها من زوجها. وعجيب أمر الغرب يتهم الإسلام والمسلمين باضطهاد المرأة، وأنه يسمح بضربها ولم يدر بخلد هؤلاء أن الضرب هو آخر العلاج ولا يكون الضرب مبرحاً ويتجنب الوجه. ومع ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم استهجن هذا الفعل إلاّ للضرورة القصوى وتعجب من الرجل يضرب زوجه ضرب العبد ثم يأتيها ليلاً.
خامسـاً: الأطفال المفقودون...يعاني المجتمعات الغربية عموماً والولايات المتحدة الأمريكية من ظاهرة فقدان الأطفال حتى إن شبكة سي إن إن CNN جزءا من برامجها للحديث عن الأطفال المفقودين، وقد عرضت المحطة الجهود الضخمة التي تبذلها المؤسسات الحكومية والأهلية للبحث عن الأطفال المفقودين .ويتعرض الأطفال المفقودون لشتى أنواع الجرائم من خاطفيهم منها الاغتصاب والقتل.
هذه نماذج محدودة من متاعب الغرب الاجتماعية في موضوع المرأة خصوصاً والأسرة عموماً فلماذا كل هذه الجهود لفرض القيم الغربية على مجتمعات دول العالم الثالث، فهم لو انشغلوا بمشكلاتهم لكفتهم .أما مشكلاتنا فإننا نعرف الطريق إلى حلّها وما ذلك إلاّ بالرجوع إلى الكتاب والسنّة وما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم.
بدأ القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية -كما تقول مجلة المشاهد- منذ أكثر من ستة أشهر بالإعداد لبرنامج خاص حول وضع المرأة في العالم العربي بعنوان (نون النسوة) ليبدأ بثه قبل وقت قصير من انعقاد مؤتمر المرأة العالمي الرابع وفي أثناء انعقاد المؤتمر. وتزعم المجلة أن هذا أكبر جهد ثقافي تبـذله أية وسيلة إعلامية لتغطية هذا المؤتمر. ويتضمن البرنامج لقاءات مع ما يسمى القيادات النسائية في العالم الإسلامي ،ومع نساء عاديات (تم اختيارهن بعناية).
وهذا النشاط المتميز للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية يدعونا إلى التساؤل ما ذا فعلت الإذاعـات العربية أو وسائل الإعلام العربية عموماً لمواجهة هذه التظاهرة العالمية؟ فالإذاعات العربية تخضع برامجها في الغالب لما يسمى الدورة الإذاعية التي تحدد الهيكل العام للبرامج ومحتوياتها، ولكن هل تأخذ هذه الدورات في حسابها المرونة لتغطية الأحداث العالمية التي يتم التخطيط لها مسبقاً كما هو الحال في هذا الحدث.
إن مهمة الإعلام مهمة خطيرة ،ويجب على رجال الإعلام أن يدركوا مسؤولياتهم في توجيه الجمهور وتنويره فعندما يتحدث العالم عن المرأة في وسائل الإعلام المختلفة يفتقد المراقب الإعلام الإسلامي عموماً، فما ذا أعددنا من برامج لهذا الحدث أو غيره؟
ولتوضيح الموقف أكثر لابد من الإشارة إلى مؤتمر السكان والتنمية الذي عقدت في العام الماضي فكان الملاحظ أن إعلامنا المقروء كان أكثر استجابة حيث أفردت الصحف مجالاً طيباً لذوي الرأي والخبرة أن يتناولوا هذا الموضوع .وقد تميزت صحيفة "المدينة المنورة" بتغطية رائعة لأحداث المؤتمر ووقائعه، وكذلك لوثيقة المؤتمر التي نشرت معظم نصوصها.
أما الإذاعة -وقد أكون مقصراً في الاستماع إليها- فلم تعد لهذا الحدث الإعداد الكافي، وهي وإن كانت قد نقلت بعض الأخبار حول المؤتمر أو مواقف الدول المختلفة من وثيقة المؤتمر لكنها لم تستغله هذه الفرصة لإعداد برامج توعية حول القضايا التي أثارها المؤتمر. ولذلك فإنني أتقدم بالاقتراح بأن تتضمن الدورة الإذاعية شيئاً من المرونة بأن يكون هناك مساحة لمثل هذه القضايا حيث تعـد برامج مكتملة من أحاديث إذاعية وحوارات وغيرها. ومما يدعو إلى التفاؤل أن صحافتنا والحمد لله تمتلك مجموعة من أصحاب الأقلام الواعية التي يمكن أن تثري برامج الإذاعة والتلفاز.
ويمكن للإذاعة والتلفاز بالإضافة إلى البرامج الخاصة أن تضيف فقرة في نشرة الأخبار أو بعدها مدتها ربع ساعة تذاع أكثر من مرة يوميا يعد فيها أحد المذيعين أو معدي البرامج قراءات للصحف والمجلات المحلية يتناول فيها أبرز المقالات من خلال قراءة فقرات منها. ونحن بمثل هذه القراءة نحقق أكثر من هدف منها تقوية الصلة بين وسائل الإعلام المختلفة، وتشجيع للمستمعين والمشاهدين للبحث عن الصحافة لقراءة بقية المقالة وربما متابعة كاتب معين أو صحيفة معينة، ولنكون قد حققنا هدفاً دعوياً بأسلوب مشوق بعيد عن الوعظ المباشر، وهذا من أهم أسس الإعلام في هذه البلاد.
إنني أرجو أن تكون هذه الرسالة إلى مؤتمر بكين فرصة لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية لإعادة النظر في دوراتها البرامجية المقبلة لتجعل فيها مجالاً للمرونة والتنويع والمتابعة. وأرجو أن تستعين الإذاعة بمن لديهم الحس الصحافي الذي يسعى إلى متابعة الأحداث العالمية قبل وقوعها. فهل أعددنا أي برامج لمواجهة برامج الإذاعات الموجهة التي تخالف توجهات الأمة وقيمها وتقاليدها كما كان الحال في برنامج (عن الجنس بصراحة) الذي قدمته إذاعة لندن القسم العربي بعد انتهاء مؤتمر السكان في القاهرة العام الماضي.
جميع الحقوق © محفوظة لـ مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=173&LID=10