المرأة المسلمة في نظر الغرب
8) إذاعة لندن واضطهاد المرأة
إذاعة لندن واضطهاد المرأة(*)
لإذاعة لندن القسم العربي (BBC) برنامج طريف يعرض فيه لمحات عن بعض الكتب الحديثة التي صدرت في الغرب أو الشرق حول الإسلام والمسلمين. وهو برنامج مستمر منذ عدة سنوات بعنوان "جولة في عالم الكتب" وهو مما يؤكد على أهمية الاستمرارية في الهيكل الأساسي للبرنامج لأي إذاعة وهو أمر يجب أن يهتم به الإعلاميون، ويكون مدخلاً لجذب المستمع المسلم للإذاعات العربية الإسلامية بدل أن تتلقفه الإذاعات الموجهة فيصبح خاضعاً لتوجهات هذه الإذاعات ولعلنا نسلحه ضد هذا الخضوع.
ومن آخر الكتب التي عرضت لها إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي ، كتاب "قضية شرف." مع أن العنوان باللغة الإنجليزية معناه "ثمن الشرف" Price of Honour وهو لكاتبة بريطانية انتقلت للعيش في نيويورك بالولايات المتحدة، وتعمل في مجال الصحافة اسمها جان جودين Jan Godwin التي فازت بعدة جوائز صحافية.
ذكرت الإذاعة أن الكاتبة أمضت خمس سنوات متنقلة بين البلاد الإسلامية التي تحدثت عنها وهي الباكستان، وأفغانستان، والكويت، والمملكة العربية السعودية ومصر. وقد لخصت الإذاعة الكتاب بقولها إنه ليس من الحكمة أن يسمح الغرب أن ترتبط بلاده ببلاد غير مستقرة تتعرض فيها المرأة للاضطهاد وسوء المعاملة. وأوردت الإذاعة أن الكتاب لاقى اهتماماً كبيراً من النقاد والصحف والمجلات الغربية بالرغم مما فيه من آراء مثيرة، فإن الناشر أراد هذه الإثارة لعلها تسهم في تسويق الكتاب.
بعد هذا التقديم من الإذاعة طلب من الكاتبة المصرية والروائية باللغة الإنجليزية الدكتورة أهداف سويف أن تتحدث عن الكتاب فذكرت أن الكتاب اهتم بالعلاقات المالية والتجارية بين الولايات المتحدة وبعض البلاد الإسلامية، وذكر أن بعض البلاد العربية لها استثمارات ضخمة في الغرب، ولكن على الغرب في نظر الكاتبة أن يكون حكيماً فلا يسمح بارتباط مصالحه بهذه البلاد غير المستقرة، وذكرت من دلائل عدم الاستقرار الصراعات المستمرة داخل البلاد الإسلامية وانتشار الحركات الأصولية وكذلك موضوع المرأة. مما جعل الكاتبة تصور النساء المسلمات في حالة جزع من أن عالمهن في خطر لأن التراث الديني التقليدي بات مهدداً وكذلك مرور هذه البلاد بمرحلة تشكل عسيرة تتميز بتصارع المعتقدات والرؤى المختلفة.
وذكرت الدكتورة أهداف أن المؤلفة أجرت لقاءات مع قيادات نسائية في البلاد التي عاشت فيها وكان بعضها يتسم بالجمود لعدم وجود نقاط التقاء وتفاهم مع المؤلفة كما كان لقاؤها بالداعية زينب الغزالي في مصر. أما حوار المؤلفة مع نوال السعداوي الداعية إلى "تحرر المرأة" وانفلاتها من القيم الإسلامية فكان حواراً حيوياً كما قالت أهداف سويف. وختمت سويف عرضها بالقول إن أهم ما في الكتاب تلك الصفحات التي حوت لقاء المؤلفة مع المستشار الدكتور محمد سعيد العشماوي الذي دعا إلى ضرورة الدعوة إلى الحرية والتعليم ومرجعية السلطة دون أن يحدد السلطة هل هي السلطة التي تحكم أو سلطة الشرع والقرآن والسنة، ولا شك أن العشماوي يدعو إلى سلطة العقل العلمانية المتحررة من نفوذ الإسلام.
كنت أتمنى أن توجد لدينا الجهات التي تطلع على الكتاب فور صدوره وتحيله إلى دارسين متخصصين يملكون معرفة النظرة الإسلامية إلى هذه القضايا فلا يتركون الفرصة لإذاعة لندن أو سواها لتثبت مثل هذه الأفكار.
إن الحديث عن اضطهاد المرأة أمر ليس بالجديد فتلك شنشنة قديمة لا يراد بها الحديث عن التقصير الحاصل في بعض ممارسات المسلمين بغية إصلاحها وإعادتها إلى جادة الإسلام ولكن القصد من ذلك التحامل على الإسلام وأن الإسلام هو الذي يضطهد المرأة .
أما الدكتورة أهداف سويف التي تعيش في الغرب وتكتب باللغة الإنجليزية وتلقى من الاحتفاء والتكريم لا لشيء إلاّ لانتقادها الإسلام والطعن فيه كما يحتفي الغرب حالياً بالمارقة البنجلاديشية تسليمة نسرين واحتفى قبلها بالمارق سلمان رشدي ومازال يحتفي بعدد كبير ممن رُفِضَ إنتاجهم في البلاد الإسلامية.
الحوار مع زينب الغزالي ممل ورتيب وغير جاد بينما الحديث مع المرأة التي تدعو إلى الانحراف والزيغ والضلال حوار حيوي، أي معايير هذه "وأهم ما في الكتاب كلام العشماوي" الذي رفضه علماء الأمة العقلاء وردوا عليه. ولنوجه السؤال إلى هذه الكاتبة التي تتهم الإسلام باضطهاد المرأة فماذا تقول عن العنف في معاملة الرجال لأزواجهم في المجتمعات الغربية حتى أوردت مجلة "يو إس نيوز أند وورلد ريبورت"US News & World Report أن نسبة النساء اللواتي يتعرضن للقتل بأيدي أزواجهن تبلغ 60% مقارنة بنسبة الرجال الذين يتعرضون للقتل بأيدي نسائهم (سوانح صريحة عبد القادر طاش) وماذا تقول أيضاً عن الجمعيات التي تؤوي النساء اللاتي يتعرضن للضرب من الأزواج. كأنّي بهذه الكاتبة ينطبق عليها المثل (رمتني بدائها وانسلت)
متى نكون نحن المبادرين إلى الحديث عن أوضاعنا وتمثيل أنفسنا أمام أنفسنا؟ لا شك أن لدينا أخطاء وسلبيات نحن أولى بمعالجتها بدل أن نفتح الباب لمثل هذه الكاتبة لتطعن في خمس مجتمعات إسلامية في خمس دول من أهم الدول الإسلامية؟ نحن أولى بالكتابة... فهل من يكتب عن الإسلام بإنصاف وموضوعية؟
الحواشي :
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=173&LID=10
8) إذاعة لندن واضطهاد المرأة
إذاعة لندن واضطهاد المرأة(*)
لإذاعة لندن القسم العربي (BBC) برنامج طريف يعرض فيه لمحات عن بعض الكتب الحديثة التي صدرت في الغرب أو الشرق حول الإسلام والمسلمين. وهو برنامج مستمر منذ عدة سنوات بعنوان "جولة في عالم الكتب" وهو مما يؤكد على أهمية الاستمرارية في الهيكل الأساسي للبرنامج لأي إذاعة وهو أمر يجب أن يهتم به الإعلاميون، ويكون مدخلاً لجذب المستمع المسلم للإذاعات العربية الإسلامية بدل أن تتلقفه الإذاعات الموجهة فيصبح خاضعاً لتوجهات هذه الإذاعات ولعلنا نسلحه ضد هذا الخضوع.
ومن آخر الكتب التي عرضت لها إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي ، كتاب "قضية شرف." مع أن العنوان باللغة الإنجليزية معناه "ثمن الشرف" Price of Honour وهو لكاتبة بريطانية انتقلت للعيش في نيويورك بالولايات المتحدة، وتعمل في مجال الصحافة اسمها جان جودين Jan Godwin التي فازت بعدة جوائز صحافية.
ذكرت الإذاعة أن الكاتبة أمضت خمس سنوات متنقلة بين البلاد الإسلامية التي تحدثت عنها وهي الباكستان، وأفغانستان، والكويت، والمملكة العربية السعودية ومصر. وقد لخصت الإذاعة الكتاب بقولها إنه ليس من الحكمة أن يسمح الغرب أن ترتبط بلاده ببلاد غير مستقرة تتعرض فيها المرأة للاضطهاد وسوء المعاملة. وأوردت الإذاعة أن الكتاب لاقى اهتماماً كبيراً من النقاد والصحف والمجلات الغربية بالرغم مما فيه من آراء مثيرة، فإن الناشر أراد هذه الإثارة لعلها تسهم في تسويق الكتاب.
بعد هذا التقديم من الإذاعة طلب من الكاتبة المصرية والروائية باللغة الإنجليزية الدكتورة أهداف سويف أن تتحدث عن الكتاب فذكرت أن الكتاب اهتم بالعلاقات المالية والتجارية بين الولايات المتحدة وبعض البلاد الإسلامية، وذكر أن بعض البلاد العربية لها استثمارات ضخمة في الغرب، ولكن على الغرب في نظر الكاتبة أن يكون حكيماً فلا يسمح بارتباط مصالحه بهذه البلاد غير المستقرة، وذكرت من دلائل عدم الاستقرار الصراعات المستمرة داخل البلاد الإسلامية وانتشار الحركات الأصولية وكذلك موضوع المرأة. مما جعل الكاتبة تصور النساء المسلمات في حالة جزع من أن عالمهن في خطر لأن التراث الديني التقليدي بات مهدداً وكذلك مرور هذه البلاد بمرحلة تشكل عسيرة تتميز بتصارع المعتقدات والرؤى المختلفة.
وذكرت الدكتورة أهداف أن المؤلفة أجرت لقاءات مع قيادات نسائية في البلاد التي عاشت فيها وكان بعضها يتسم بالجمود لعدم وجود نقاط التقاء وتفاهم مع المؤلفة كما كان لقاؤها بالداعية زينب الغزالي في مصر. أما حوار المؤلفة مع نوال السعداوي الداعية إلى "تحرر المرأة" وانفلاتها من القيم الإسلامية فكان حواراً حيوياً كما قالت أهداف سويف. وختمت سويف عرضها بالقول إن أهم ما في الكتاب تلك الصفحات التي حوت لقاء المؤلفة مع المستشار الدكتور محمد سعيد العشماوي الذي دعا إلى ضرورة الدعوة إلى الحرية والتعليم ومرجعية السلطة دون أن يحدد السلطة هل هي السلطة التي تحكم أو سلطة الشرع والقرآن والسنة، ولا شك أن العشماوي يدعو إلى سلطة العقل العلمانية المتحررة من نفوذ الإسلام.
كنت أتمنى أن توجد لدينا الجهات التي تطلع على الكتاب فور صدوره وتحيله إلى دارسين متخصصين يملكون معرفة النظرة الإسلامية إلى هذه القضايا فلا يتركون الفرصة لإذاعة لندن أو سواها لتثبت مثل هذه الأفكار.
إن الحديث عن اضطهاد المرأة أمر ليس بالجديد فتلك شنشنة قديمة لا يراد بها الحديث عن التقصير الحاصل في بعض ممارسات المسلمين بغية إصلاحها وإعادتها إلى جادة الإسلام ولكن القصد من ذلك التحامل على الإسلام وأن الإسلام هو الذي يضطهد المرأة .
أما الدكتورة أهداف سويف التي تعيش في الغرب وتكتب باللغة الإنجليزية وتلقى من الاحتفاء والتكريم لا لشيء إلاّ لانتقادها الإسلام والطعن فيه كما يحتفي الغرب حالياً بالمارقة البنجلاديشية تسليمة نسرين واحتفى قبلها بالمارق سلمان رشدي ومازال يحتفي بعدد كبير ممن رُفِضَ إنتاجهم في البلاد الإسلامية.
الحوار مع زينب الغزالي ممل ورتيب وغير جاد بينما الحديث مع المرأة التي تدعو إلى الانحراف والزيغ والضلال حوار حيوي، أي معايير هذه "وأهم ما في الكتاب كلام العشماوي" الذي رفضه علماء الأمة العقلاء وردوا عليه. ولنوجه السؤال إلى هذه الكاتبة التي تتهم الإسلام باضطهاد المرأة فماذا تقول عن العنف في معاملة الرجال لأزواجهم في المجتمعات الغربية حتى أوردت مجلة "يو إس نيوز أند وورلد ريبورت"US News & World Report أن نسبة النساء اللواتي يتعرضن للقتل بأيدي أزواجهن تبلغ 60% مقارنة بنسبة الرجال الذين يتعرضون للقتل بأيدي نسائهم (سوانح صريحة عبد القادر طاش) وماذا تقول أيضاً عن الجمعيات التي تؤوي النساء اللاتي يتعرضن للضرب من الأزواج. كأنّي بهذه الكاتبة ينطبق عليها المثل (رمتني بدائها وانسلت)
متى نكون نحن المبادرين إلى الحديث عن أوضاعنا وتمثيل أنفسنا أمام أنفسنا؟ لا شك أن لدينا أخطاء وسلبيات نحن أولى بمعالجتها بدل أن نفتح الباب لمثل هذه الكاتبة لتطعن في خمس مجتمعات إسلامية في خمس دول من أهم الدول الإسلامية؟ نحن أولى بالكتابة... فهل من يكتب عن الإسلام بإنصاف وموضوعية؟
الحواشي :
* -نشرت هذه المقالة في جريدة المدينة المنورة (الصفحة الإسلامية) عدد (11457) 6ربيع الأول 1415، الموافق 13أغسطس 1994م.
جميع الحقوق © محفوظة لـ مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراقhttp://www.madinacenter.com/post.php...PID=173&LID=10