المرأة المسلمة في نظر الغرب
2) قوْلي في المرأة ومقارنتُهُ بأقوالِ مقلدةِ الغرب
لا أدري ما هذه الضجة التي أثارتها "نوال السعداوي" هذه الأيام ن وقامت جريدة "المسلمون" بجهد مشكور بالرد عليها، وتفنيد دعواها الباطلة، وفيما كنت أراجع أمراً في مكتبتي عثرت على كتاب "قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب" للشيخ مصطفى صبري شيخ الإسلام للدولة العثمانية سابقاً.
تناولت الكتاب فلم أجد دعوى "نوال السعداوي" ومثيلاتها تخرج عن الدعاوي التي أثيرت قبل مائة سنة أو أقل. ووجدت ردود الشيخ مصطفى صبري- رحمه الله – رائعة مقنعة ، فقلت في نفسي سبحان الله كيف نغفل عن تراثنا القريب، فليست "نوال السعداوي" أول مثيرة لهذه القضايا، وما المدافعين عن الإسلام اليوم هو أول المدافعين.
هذا الكتاب يتكون من مقدمة ومقالتين: المقالة الأولى بعنوان "تعدد الزوجات" والثانية "السفور والاحتجاب" كما تضمن الكتاب مجموعة من الأشعار الجميلة تنعي على أهل السفور سفورهم.
ذكر الشيخ مصطفى صبري في المقدمة أن مسألة المرأة ضلت إلى زمن قريب "أعظم فارق بين الشرق والغرب، ولما صار الشرق مقلداً للغرب فقد الغيرة على المرأة فكان جزاء من الله أن جعله يفقد الغيرة على الدين، وأشار إلى خديعة إكرام الغرب للمرأة بأنها مظاهر كاذبة جعلها تخرج من خدرها وسترها لتتحمل الأعمال الشاقة التي يعملها الرجل.
وتناول المؤلف في المقال الأول موضوع تعدد الزوجات مشيراً إلى أن الغربيين ينعون على الإسلام إباحته للتعدد، ويبحث هؤلاء -دائما- عن المشكلات التي يظنون أنها تنتج من التعدد مثل ما يحدث بين أبناء العلات (أبناء الرجل من أمهات مختلفات) ولذلك يلجأ بعض المدافعين عن الإسلام في القول بأن التعدد ليس ضرورياً، وأنه محاط بشروط تجعله مستحيلاً؛ ولكنهم لم يلتفتوا إلى أن الشرع لا يبيح أمراً ويجعل شروطه مستحيلة، وإلاّ بطل التشريع، وما كن من معنى لتعدد الزوجات في خير القرون.
أما الأمر الآخر وهو عواطف بعض النساء المنحرفات من أنها تسمحن أن يكون لزوجها خليلات، ولا تسمح مطلقاً أن يكون له زوجة أخرى بأنّ هذا لا ينطبق على جميع النساء؛ فالإسلام "عفيف لا يبيح استمتاع الرجال بغير نسائهم اللاتي بينهم وبينهن عقد شرعي. "ويضيف الكاتب" زوجة ثانية ! نعم الاسم ثقيل على السنة المفتونين المستبدلين بآدابهم وعقلياتهم عقليات الغربيين وآدابهم المشترين الضلالة بالهدى، وليت شعري كيف يجدونه عند المقارنة باسم المزني بها".
والإسلام يأمر النساء بالتستر، وعدم الاختلاط بالرجال، مما "يهدىء الأهواء، ويخفف نهمة الشهوات فيتفقان مع تعدد الزوجات في ممانعة الفسق، وربما يغنيان عن تعدد الزوجات نفسه." كذلك يحث الإسلام على الزواج المبكر وهذا يعين على التعفف. أما القيود التي وضعت على سن الزواج بأن يكون بعد البلوغ بعدة سنوات فإن الاختلاط في الغرب وسماحه للشباب بكل رذيلة يقابله في الإسلام الحث على العفة والفضيلة.
أما المقالة الثانية فتحدّث فيها عن الحجاب والسفور، وذكر -أولاً- أن السفور حالة بداوة، والاحتجاب دليل مدنية، ووازع دينيّ وخلقي. وليسمح لي القارىء أن استطرد قليلاُ فكتاب أبي الأعلى المودودي -رحمه الله- "الحجاب" يصور أطوار الأمم في تحضرها وانحسار حضارتها بربطه بوضع المرأة، وكيف تكون الأمة في أقوى أحوالها وأزهى عصورها حينما تكون المرأة محجوبة عن الرجال ترعى البيت والأطفال، حتى إذا أُخرِجت إلى المنتديات وأصبحت مكاناً للمتعة تراجعت حضارة تلك الأمة.
ويتحدث عن دوافع الغرب في السفور قائلاً: " فالرجل الغربي يخالط نساء الناس ويقبّل أياديهن، ويحالسهن سافرات ونصف عاريات، ويخاصرهن مقابل التنازل عن غيرته على زوجته وأخته فيخالطهن غيره ويجالسهن ويخاصرهن.." ولمّا قلّد بعض المسلمين هذا الأمر أصبح يشترط عدم السماح بالدخول على نسائه إلاّ لمن يسمح بالدخول على نسائه هو.
وينقل الشيخ مصطفى قول كاتبه أوروبية تنتقد ما وصل إليه قومها من انحدار ويخاطب المسلمين: "قولوا لنسائكم ليقدرّن سعادتهن وما يضطررن إليه من الحياة المحجبة التي تصونهن عن اضطرابات كثيرة.. فالحفلات الراقصة ومسارح التمثيل وجميع أندية التلاقي ما هي إلاّ دور تعذيب.. وما هي إلاّ جهنم أمام رجل يهمه أمر زوجته أو امرأة تحب زوجها، فهل أنتم فاهمون أفيدوه إذاً لزوجاتكم وأخواتكم."
ويتناول الشيخ كتابات بعض كتّاب جريدة "الأهرام" من أمثال أحمد الصّاوي ودعوتهم إلى السفور والاختلاط ، ويفند حجج هؤلاء حجة حجة، مثل قول الصاوي: "والقول بأن الاختلاط يؤدي إلى الفوضى هو قول مبتذل لم يقم عليه أي دليل لأن الفساد بصورته الراهنة شنيع جداً.." فيرد الشيخ مصطفى بقوله: "وأي دين يبيح الاختلاط والعشرة التي نقلنا بعض الشكايات المرة منها… ولا يدري الكاتب الذي يحكم بأن الفساد وبصورته الراهنة شنيع جداً، إن الفساد يصير أشنع عند توسع الاختلاط كما يحبه".
وختاماً لهذا العرض الموجز لمقالتي الشيخ مصطفى صبري نثبت -هنا- بعض أبيات قصيدة الشاعر محمد حسن النجمي بعنوان "السفور والخلاعة"
زعم السفور والاختلاط وسيلة للمجد قوم في المجانة أغرقوا
كذبوا متى كان التعرض للخنا شيئاً تعز به الشعوب وتسبق
أيكون كشف السوأتين فضيلة فيذيعها هذا الشباب الأحمق
ما بالهم والبنت قد فتنت بما قالوا وحل بها الجنون المطبق
كرهوا الزواج وباتت سوقها بعد التبذّل عندهم لا تنفق
ما خطبهم كلفوا بنزع حجابها وتكلفوا فيه البيان ونمّقوا
أغدت مشاكلنا الكبيرة كلها ذيلاً يجرجره السفور المطلق
أم أنهم ضلوا السبيل وغرّهم ببريقه هذا الجديد المخلق
ليس التمدن أن نرى روح الحيا بيد الخلاعة كل يوم تزهق
والبنت يدفعها براحته الهوى فتروح تهوى من تشاء وتعشق
لكنه العلم اهتدى بضيائـه غرب البسيطة حين ضل المشرق
جميع الحقوق © محفوظة لـ مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=173&LID=10
2) قوْلي في المرأة ومقارنتُهُ بأقوالِ مقلدةِ الغرب
لا أدري ما هذه الضجة التي أثارتها "نوال السعداوي" هذه الأيام ن وقامت جريدة "المسلمون" بجهد مشكور بالرد عليها، وتفنيد دعواها الباطلة، وفيما كنت أراجع أمراً في مكتبتي عثرت على كتاب "قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب" للشيخ مصطفى صبري شيخ الإسلام للدولة العثمانية سابقاً.
تناولت الكتاب فلم أجد دعوى "نوال السعداوي" ومثيلاتها تخرج عن الدعاوي التي أثيرت قبل مائة سنة أو أقل. ووجدت ردود الشيخ مصطفى صبري- رحمه الله – رائعة مقنعة ، فقلت في نفسي سبحان الله كيف نغفل عن تراثنا القريب، فليست "نوال السعداوي" أول مثيرة لهذه القضايا، وما المدافعين عن الإسلام اليوم هو أول المدافعين.
هذا الكتاب يتكون من مقدمة ومقالتين: المقالة الأولى بعنوان "تعدد الزوجات" والثانية "السفور والاحتجاب" كما تضمن الكتاب مجموعة من الأشعار الجميلة تنعي على أهل السفور سفورهم.
ذكر الشيخ مصطفى صبري في المقدمة أن مسألة المرأة ضلت إلى زمن قريب "أعظم فارق بين الشرق والغرب، ولما صار الشرق مقلداً للغرب فقد الغيرة على المرأة فكان جزاء من الله أن جعله يفقد الغيرة على الدين، وأشار إلى خديعة إكرام الغرب للمرأة بأنها مظاهر كاذبة جعلها تخرج من خدرها وسترها لتتحمل الأعمال الشاقة التي يعملها الرجل.
وتناول المؤلف في المقال الأول موضوع تعدد الزوجات مشيراً إلى أن الغربيين ينعون على الإسلام إباحته للتعدد، ويبحث هؤلاء -دائما- عن المشكلات التي يظنون أنها تنتج من التعدد مثل ما يحدث بين أبناء العلات (أبناء الرجل من أمهات مختلفات) ولذلك يلجأ بعض المدافعين عن الإسلام في القول بأن التعدد ليس ضرورياً، وأنه محاط بشروط تجعله مستحيلاً؛ ولكنهم لم يلتفتوا إلى أن الشرع لا يبيح أمراً ويجعل شروطه مستحيلة، وإلاّ بطل التشريع، وما كن من معنى لتعدد الزوجات في خير القرون.
أما الأمر الآخر وهو عواطف بعض النساء المنحرفات من أنها تسمحن أن يكون لزوجها خليلات، ولا تسمح مطلقاً أن يكون له زوجة أخرى بأنّ هذا لا ينطبق على جميع النساء؛ فالإسلام "عفيف لا يبيح استمتاع الرجال بغير نسائهم اللاتي بينهم وبينهن عقد شرعي. "ويضيف الكاتب" زوجة ثانية ! نعم الاسم ثقيل على السنة المفتونين المستبدلين بآدابهم وعقلياتهم عقليات الغربيين وآدابهم المشترين الضلالة بالهدى، وليت شعري كيف يجدونه عند المقارنة باسم المزني بها".
والإسلام يأمر النساء بالتستر، وعدم الاختلاط بالرجال، مما "يهدىء الأهواء، ويخفف نهمة الشهوات فيتفقان مع تعدد الزوجات في ممانعة الفسق، وربما يغنيان عن تعدد الزوجات نفسه." كذلك يحث الإسلام على الزواج المبكر وهذا يعين على التعفف. أما القيود التي وضعت على سن الزواج بأن يكون بعد البلوغ بعدة سنوات فإن الاختلاط في الغرب وسماحه للشباب بكل رذيلة يقابله في الإسلام الحث على العفة والفضيلة.
أما المقالة الثانية فتحدّث فيها عن الحجاب والسفور، وذكر -أولاً- أن السفور حالة بداوة، والاحتجاب دليل مدنية، ووازع دينيّ وخلقي. وليسمح لي القارىء أن استطرد قليلاُ فكتاب أبي الأعلى المودودي -رحمه الله- "الحجاب" يصور أطوار الأمم في تحضرها وانحسار حضارتها بربطه بوضع المرأة، وكيف تكون الأمة في أقوى أحوالها وأزهى عصورها حينما تكون المرأة محجوبة عن الرجال ترعى البيت والأطفال، حتى إذا أُخرِجت إلى المنتديات وأصبحت مكاناً للمتعة تراجعت حضارة تلك الأمة.
ويتحدث عن دوافع الغرب في السفور قائلاً: " فالرجل الغربي يخالط نساء الناس ويقبّل أياديهن، ويحالسهن سافرات ونصف عاريات، ويخاصرهن مقابل التنازل عن غيرته على زوجته وأخته فيخالطهن غيره ويجالسهن ويخاصرهن.." ولمّا قلّد بعض المسلمين هذا الأمر أصبح يشترط عدم السماح بالدخول على نسائه إلاّ لمن يسمح بالدخول على نسائه هو.
وينقل الشيخ مصطفى قول كاتبه أوروبية تنتقد ما وصل إليه قومها من انحدار ويخاطب المسلمين: "قولوا لنسائكم ليقدرّن سعادتهن وما يضطررن إليه من الحياة المحجبة التي تصونهن عن اضطرابات كثيرة.. فالحفلات الراقصة ومسارح التمثيل وجميع أندية التلاقي ما هي إلاّ دور تعذيب.. وما هي إلاّ جهنم أمام رجل يهمه أمر زوجته أو امرأة تحب زوجها، فهل أنتم فاهمون أفيدوه إذاً لزوجاتكم وأخواتكم."
ويتناول الشيخ كتابات بعض كتّاب جريدة "الأهرام" من أمثال أحمد الصّاوي ودعوتهم إلى السفور والاختلاط ، ويفند حجج هؤلاء حجة حجة، مثل قول الصاوي: "والقول بأن الاختلاط يؤدي إلى الفوضى هو قول مبتذل لم يقم عليه أي دليل لأن الفساد بصورته الراهنة شنيع جداً.." فيرد الشيخ مصطفى بقوله: "وأي دين يبيح الاختلاط والعشرة التي نقلنا بعض الشكايات المرة منها… ولا يدري الكاتب الذي يحكم بأن الفساد وبصورته الراهنة شنيع جداً، إن الفساد يصير أشنع عند توسع الاختلاط كما يحبه".
وختاماً لهذا العرض الموجز لمقالتي الشيخ مصطفى صبري نثبت -هنا- بعض أبيات قصيدة الشاعر محمد حسن النجمي بعنوان "السفور والخلاعة"
زعم السفور والاختلاط وسيلة للمجد قوم في المجانة أغرقوا
كذبوا متى كان التعرض للخنا شيئاً تعز به الشعوب وتسبق
أيكون كشف السوأتين فضيلة فيذيعها هذا الشباب الأحمق
ما بالهم والبنت قد فتنت بما قالوا وحل بها الجنون المطبق
كرهوا الزواج وباتت سوقها بعد التبذّل عندهم لا تنفق
ما خطبهم كلفوا بنزع حجابها وتكلفوا فيه البيان ونمّقوا
أغدت مشاكلنا الكبيرة كلها ذيلاً يجرجره السفور المطلق
أم أنهم ضلوا السبيل وغرّهم ببريقه هذا الجديد المخلق
ليس التمدن أن نرى روح الحيا بيد الخلاعة كل يوم تزهق
والبنت يدفعها براحته الهوى فتروح تهوى من تشاء وتعشق
لكنه العلم اهتدى بضيائـه غرب البسيطة حين ضل المشرق
جميع الحقوق © محفوظة لـ مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق
http://www.madinacenter.com/post.php...PID=173&LID=10