من كتاب حقيقة البرمجة اللغوية العصبية الأصول ، المضامين ، المخرجات
تأليف : فوز بنت عبداللطيف بن كامل كردي
والدكتورة فوز هي: دكتوراه في العقيدة وقامت بتدريسها سنوات طويلة بالمملكة العربية وساهم معها في إجراء بحثها شيوخ أجِلاء أمثال
زوجها: الدكتور عبدالغني بن محمد مليباري افيف كبير من أساتذة العقيدة وكذلك الشيخ القرضاوي وهو لم يساهم في البحث ولكنها وجهت له شكراً في مقدمة كتابها.
طبعاً كالعادة النقل بتصرف شديد وتلخيصاً في بعض المواقع تسهيلاً وتبسيطاً، وتعليقاتي الخاصة التي أعجز عن كتمها ستكون بلون أخضر، فكل كلمة كُتبت بلون أخضر هي ليست من كتابات د. فوز ولكنها من بنات أفكار وربنا يستر.
توكلنا على الله
من المعروف أن الغرب والشرق منذ القديم يموجان بأنواع من الفلسفات والطقوس والشركيات التي يعرف زيفها أقل المسلمين علماً فيُعرِض عنها ولا يأبه بدعاواها العريضة ؛ لمعرفتهم بأنها من توابع الكفر وتطبيقات الشرك ، ولهذا فلم يأبه علماء الأمة بتحري كل ضلالة ودراسة كل فلسفة وتفنيدها وبيان بطلانها إلا عندما يُروّج لها ، ويخشى من تسللها للمسلمين متلبسة عليهم ، إذ يكفي أن يُعرّف المسلمون بالحق ويحذروا من الانحراف عنه لسبيل المغضوب عليهم أو الضالين مع استمرار التذكير بأن طريق ذلك هو التزام المنهج الحق المستقى من الكتاب والسنة .
ومن هنا فلم تعد هناك حاجة إلى التفصيل في عرض زيف كل فلسفة ضالة وتفنيد كل دعوى إلا عندما تُعرَض الوثنيات والفلسفات بممارساتها وتطبيقاتها على عامة المسلمين ويروج لها في كثير من وسائل الإعلام وينتشر التدريب عليها بين المسلمين مُدلّسة بالحقيقة ، مُلبّسة بالمنافع ؛ فإنه يجب حينئذ تعريف الناس بها ببيان حقيقتها وأصل فلسفتها وتفنيد الشبه حولها ليحذرها العامة والخاصة ، وليسلم للناس معتقدهم ودينهم ، ويهلك من هلك عن بينة .
وملخص نتيجة هذه الدراسة : أن البرمجة اللغوية العصبية جزء لا يتجزأ من منظومة تضم أكثر من مائة طريقة لنشر فكر "حركة القدرة البشرية الكامنة" أو "حركة النيو إييج " New Age Thought Movementفماهي في محصلتها إلا طريقة عملية مبطنة لنشر فكر هم العقدي وفلسفتهم الملحدة في قالب جذاب وبطابع التدريب والتطبيق والممارسة الحياتية لا طابع التنظير والفلسفة والدين كما سيظهر ذلك للقارئ الكريم من خلال قراءته لنقد البرمجة وفق هذه المحاور الخمسة .
يقول الدكتور ( روبرت كارول ) أستاذ الفلسفة والتفكير الناقد بكلية ساكرمنتوا بكاليفورنيا بأمريكا: إنه من الصعب تعريف البرمجة ،لأن الذين بدأوها والذين ساهموا في إخراجها استخدموا لغة غامضة مبهمة متلبسة غير واضحة ، ولذلك أصبحت البرمجة تعني أشياء كثيرة يختلف فيها الناس . ويدّعي أهل البرمجة أنها تساعد الإنسان على التغيير بتعليمه كيف يبرمج دماغه ، فيقولون : إننا أعطينا أدمغة ولم نعط معها دليل تعليمات التشغيل ، فالبرمجة اللغوية العصبية تقدم لك "دليل مستخدم" للدماغ . ولذلك يطلق عليها أحياناً "برامج للدماغ" .إن البرمجة اللغوية العصبية تعتمد بقوة على :
1. اللاواعي، الذي يرون أنه يؤثر بسطوة ونفوذ على التفكير المدرِك ( الواعي ) للشخص وتصرفاته .
اللاوعي هذا من النظريات الفرويدية، وأحب أن أشبهه كثيراً بنظرية دارون للنشوء والارتقاء، فهي نظرية منطقية، ولكنها خاطئة، فدارون نظريته أن الإنسان أصله قرد تعتبر منطقية لكل عقل علمي مجرد من دين أو إيمان أو عقيدة، ولكن النظرية ببساطة - وبلغة العقل المجرد الواه أيضاً - نظرية خاطئة لأننا لم نجد قرداً يتحول لإنسان.
كذلك نظرية اللاوعي لفرويد، هو أرجع كل مشاكل الإنسان النفسية للأفكار الإباحية والكبت بأنواعه في العقل الباطن، وهي نظرية شيقة للمراهقين، ولكن أٌثبت خطئها في مئات الأبحاث والدراسات، هذا غير تنافيها مع العديد من ثوابت العقيدة أصلاً، ومع ذلك يهتم الغرب بتدريسها واعتبارها من الثوابت لديه مثلها مثل نظرية دارون، لأن تلك النظريات تساعدهم على استقطاب الكثير من أبناء المسلمين لأفكارهم المادية العلمانية الصرفة.
2. التصرفات والأقوال المجازية ، وتحديداً يعتمدون على الطرق التي استخدمها "فرويد" لتفسير الأحلام .
نلاحظ أن منشئي البرمجة اعتمدوا بقوة دائماً على أشياء غامضة لإنشاء منهجهم الخاص، فميلتون أريكسون الذي أخذوا منه التنويم الإيحائي صلاته معروفة بالسحر والسحرة، حتى أنه أشيع أنه ساحر بالمعنى الحرفي المباشر، وأنا شخصياً لا أستبعد هذا لو راجعنا سيرته الذاتية ثم قورنت بتعريف السحر في مشاركة سابقة.
فأول شيء التنويم الإيحائي ويليه نظريات العقل الباطن الفرويدية الغامضة !! ويليه تفسيرات الأحلام.... مهلاً أهذا علم أم ماذا؟
لو فكرنا قليلاً في هذا الـ [كوكتيل] لوجدناه أن حالة Trance أو النشوة الناتجة عن هذا الأمر تعادل تماماً تأثير المسكرات والمخدرات من النوع المعتبر!!!!! وبالمناسبة تشبيه حالة التنويم بالمدرات لفظ استعمله أمامي طلاب مستوى متقدم من البرمجة ولكنهم كانوا يتعاطون المخدرات من قبل، وكانت مناقشة ممتعة في الواقع بينت لي علاقة التنويم بالمخدرات.
3.التنويم ( التنويم المغناطيسي ) كما طوره "ميلتون أريكسون" .
أحاول تنقية وتصفية سيرته الذاتية وتلخيصها لنستبين سوياً علاقته بالسحر من عدمه.
كما أنها تأثرت كثيراً بأعمال "جريجوري بيتسون" في التحكم عبر الاتصال و"نعوم تشومسكي" في فلسفته واستخدامه للغة . "
وقد يفسر كلام الدكتور ( روبرت كارول ) هذا بوجه عام سبب الخلاف الكبير حول تعريف البرمجة اللغوية العصبية وبيان حقيقتها بين الناس ، فالمدربون المسلمون يعرّفونها على أنها شيئ جميل جداً ، وتقنية نافعة جداً بينما يعرفها الغربيون بحيادية أكبر ، ولها عند الباحثين من المسلمين تعريف خاص بالنظر لأصولها الفلسفية ومضامينها التدريبية من خلال ثوابت العقيدة الإسلامية ، وسنستعرض بعض هذه التعريفات لتبيين حقيقة هذا الأمر وشرحه ، ونبدأ بعرض بعض تعاريفها عند المدربين المفتونين بها من المسلمين في كتبهم ومذكراتهم وكتاباتهم :
1- "هي علم يكشف عالم الإنسان الداخلي وطاقاته الكامنة ، ويمدنا بأدوات ومهارات نستطيع من خلالها التعرف على شخصية الإنسان ، وطريقة تفكيره ، وسلوكه ، وأدائه ، وقيمه والعوائق التي تقف في طريق إبداعه وتفوقه ، كما يمدنا بأدوات وطرائق يمكن أن يحدث بها التغيير الإيجابي المطلوب في تفكير الإنسان وسلوكه وشعوره وقدرته على تحقيق هدفه ".
2- "هي فن الاتصال بعالمنا الداخلي والخارجي" .
3- "هي فن الوصول بالإنسان إلى النجاح ".
4- "هي كيف تتعامل مع نفسك ثم الآخرين" .
نلاحظ أن تلك التعريفات لا أثر لها في العالم الغربي !!! سبحان الله فعلاً .. أخذنا المنهج منهم، ثم حذفنا تعريفاتهم ووضعنا غيرها، ثم نقول أنه علم!! ونافع!! مادام [علماً] ونافعاً فلم لم تبقوه كما هو بتعريفه العلماني المبطن؟
فتنني من قبل طريقة تعاطي المدربين المسلمين للأمر: طبعاً إلا من رحم ربي
غيروا تعريف المنهج أصلاً، ولصقوا به العديد من الآيات والأحاديث في استشهادات خاطئة.
في نقاش مع أحد المدربين ذكرت له - وندمت - خطر البرمجة فضحك ساخراً حتى أدمعت عيناه وكان أكبر مني سناً فاحترمته، فقال لي:
"يا أخي اتق الله !! والله أنت ما هاجمت البرمجة إلا قصوراً منك وجهلاً، ألم تسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ""إن من البيان لسحرا"" "
فخجلت من ذاتي الجاهلة وعدت لأتعلم اصل الحديث وقصته والغرض منه وما إلى ذلك، فوجدت ضالتي عند د. عوض العودة واقتبس هنا نصاً من كتابه دون تعديل:
"ومن ناحية أخرى؛ فإن استعمال الفصاحة والبيان في الخداع، وقلب الحقائق على الناس هو عمل محظور، وقد يبلغ درجة الكفر. وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرا) (صحيح الجامع 2216).وقوله أيضاً: (يا أيها الناس، قولوا قولكم، فإنما تشقيق الكلام منالشيطان، ثم قال: إن من البيان لسحرا) (صحيح الأدب 671). وقوله: (إن من البيان سحرا، وإن بعض البيان سحر) (صحيح الترمذي 1651). وقوله: (إن من البيان لسحرا. أو إن بعض البيان لسحر) (صحيح أبي داود 4186). وقوله: (إن من البيان سحرا، وإن من الشعر حكمة) (صحيح الأدب 669). فكل هذه الأحاديث محمولة على ذم باطل الكلام، و حمد الحق منه."
أي أن الحديث النبوي الذي يستشهدون به تم قلب معناه للعكس بالضبط، سبحان الله وتعالى عما يصفون وسلام على المرسلين.
وكما هو ملاحظ فهذه التعاريف لاتدل إلا على شيء نافع جداً ينبغي المسارعة لتعلمه وتعليمه ، ولو كانت هذه هي حقيقة البرمجة اللغوية العصبية فلا شك أنه لن ينتقدها أحد من العقلاء لا في الشرق ولا في الغرب ، أما ومنتقدوها كثر فالأمر خلاف ما يظنون فهي في حقيقتها تشمل ضمن مزيجها المنتقى شيء من هذه المنافع والفوائد لتشكل إطاراً يبدو مقبولا ينفذ من خلاله "النيو إييج" بفلسفاتهم إلى الناس كما سيأتي بيانه .
نستكمل الغوص في أغوار بحث د. فوز الكردي الممتع جداً، مع ملاحظة أن هذا البحث تم منذ سنوات تتعدى الخمس سنين وربما أكثر، فكان لابد من تعليقاتي [الخضراء] حتى أضيف الجديد، وأدعو الله ألا أكون بهذا قد خربت عليها بحثها الراقي الجاد.
السلام عليكم
تعليق