بحث في اكل لحم الخيل
اولا انقل كلام الحافظ ابن عبد البر في كتابه الماتع التمهيد يقول رحمه الله
واختلف العلماء في أكل لحوم الخيل فذهب مالك وأصحابه إلى أن أكلها مكروه وبذلك قال أبو حنيفة والأوزاعي وأبو عبيد ومن حجتهم أن الله تبارك وتعالى ذكرها في كتابه للركوب والزينة وذكر الأنعام فقال: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}
واحتج أبو حنيفة في هذا بالقياس لأنه من ذوات الحوافر كالحمار وهذا ليس بشيء لأن الخنزير ذو ظلف وقد باين ذوات الأظلاف ومن حجتهم أيضا حديث خالد بن الوليد حدثناه سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا بقية قال حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وعن كل ذي ناب وهذا حديث لا تقوم به حجة لضعف إسناده وحديث الإباحة صحيح الإسناد.
وقال الثوري والليث بن سعد والشافعي وأبو ثور لا بأس بأكل لحوم الخيل وحجتهم حديث جابر المذكور في هذا الباب وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وذبح لنا الخيل وأطعمنا لحمها وحديث أسماء بنت أبي بكر قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأكلناه حدثنا أحمد بن القاسم حدثنا الحرث بن أبي أسامة حدثنا يحيى بن هشام حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله فأكلناه.
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن هشام بن أبي رميك حدثنا أحمد بن عثمان بن هود حدثنا عبد الله بن داود عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء قالت أكلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم فرس.
وزعم القائلون بهذا القول أنه ليس في السكوت عن ذكر الإذن في الخيل دليل على أن ما عدا الركوب والزينة لا يجوز ألا ترى أنه لم يذكر البيع والتصرف وإنما ذكر الركوب والزينة وجائز بيعها والتصرف فيها وفي ثمنها بإجماع والأشياء على الإباحة حتى يثبت الحظر والمنع فلما ثبت المنع من الحمار والبغل ابن الحمار فحكمه حكم الحمار بإجماع والدليل الواضح وبقي الفرس على أصل إباحته هذا لم يوجد فيه نص فكيف والنص فيه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي أربعة أحاديث
أحدها مرسل وعطاء بن يزيد هذا قيل إنه مولى بني ليث وقيل إنه من أنفسهم ويكنى أبا محمد وقيل أبا يزيد قال الواقدي توفي عطاء بن يزيد سنة سبع ومائة وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وكان من ساكني المدينة وبها كانت وفاته وقد روى عنه أهل المدينة وأهل الشام لأنه دخلها يروي عن أبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وهو من ثقات التابعين.
0
وقال امامنا النووي في كتابه القيم المجموع شرح المهذب
فرع: فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ حَلَالٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، مِمَّنْ قَالَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءٌ وَشُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ، وَكَرِهَهَا طَائِفَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَكَمُ3 وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَأْثَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يُسَمَّى حَرَامًا، وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: الآية8] وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْلَ مِنْهَا، وَذَكَرَ الْأَكْلَ مِنْ الْأَنْعَامِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَبِحَدِيثِ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدٍ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَنْسُوخٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ورواه الترمذي وابن ماجة والحاكم في "المستدرك".
2 وهي حرام أيضاً عند المالكية لاختصاصها في الآية بالركوب والزينة {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (ط).
3 وإذا قال أحد هؤلاء الأئمة: "وأكره كذا" يعني أحرمه (ط).
ج / 9ص -7- رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْحَمَّالِ الْحَافِظِ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ قَالَ: لَا يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى وَلَا أَبُوهُ إلَّا بِجَدِّهِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ، وَمَعَ اضْطِرَابِهِ هُوَ مُخَالِفٌ لِأَحَادِيثِ الثِّقَاتِ، يَعْنِي فِي إبَاحَةِ لَحْمِ الْخَيْلِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ، قَالَ: وَصَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ لَا يُعْرَفُ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثُ الْإِبَاحَةِ أَصَحُّ قَالَ: وَيُشْبِهُ إنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "أَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ" دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرُ بَقِيَّةَ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَسَبَقَ بَيَانُ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا الْمُصَنِّفُ، وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا نَأْكُلُ لَحْمَ الْخَيْلِ وَنَشْرَبُ أَلْبَانَهَا" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ "كَانُوا يَأْكُلُونَ لُحُومَ الْخَيْلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: "أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: "نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلْنَاهُ".
وَأَمَّا الْجَوَابُ: عَنْ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الْآخَرُونَ فَهُوَ مَا أَجَابَ الْخَطَّابِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا مَقْصُورَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَانِ بِالذَّكَرِ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: الآية3] فَذَكَرَ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ، وَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ وَدَمِهِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ، قَالُوا: وَلِهَذَا سَكَتَ عَنْ حَمْلِ الْأَثْقَالِ عَنْ الْخَيْلِ مَعَ قوله تعالى فِي الْأَنْعَامِ: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} [النحل: الآية7] وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ هَذَا تَحْرِيمُ حَمْلِ الْأَثْقَالِ عَلَى الْخَيْلِ، وَيَنْضَمُّ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي إبَاحَةِ لَحْمِ الْخَيْلِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الصَّحِيحِ لَهَا، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَسَبَقَ جَوَابُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثالثا انقل كلام صاحب المغني رحمه الله فقال
فصل : وتباح لحوم الخيل كلها عرابها وبراذينها نص عليه أحمد وبه قال ابن سيرين وروي ذلك عن ابن الزبير و الحسن و عطاء و الأسود بن يزيد وبه قال حماد بن زيد و الليث و ابن المبارك و الشافعي و أبو ثور قال سعيد بن جبير : ما أكلت شيئا أطيب من معرفة برذون وحرمها أبو حنيفة وكرهها مالك و الأوزاعي و ابو عبيد لقول الله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها }
و [ عن خالد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : حرام عليكم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها ولأنه ذو حافر فأشبه بالحمار ]
ولنا قول جابر [ نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم خيبر عن لحوم الحمر والأهلية وأذن في لحوم الخيل ] [ وقالت أسماء نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فرسا فأكلناه ونحن بالمدينة ] متفق عليهما ولأنه حيوان طاهر مستطاب ليس بذي ناب ولا مخلب فيحل كبهيمة الأنعام ولأنه داخل في عموم الآيات والأخبار المبيحة وأما الآية فإنما يتعلقون بدليل خطابها وهم لا يقولون به وحديث خالد ليس له إسناد جيد قاله أحمد قال وفيه رجلان لا يعرفان يرويه ثور عن رجل ليس بمعروف وقال لا ندع أحاديثنا لمثل هذا الحديث المنكر
رابعا اذكر من سنن البيهقي الكبري ماياتي
19916- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ : عَلِىُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانُ فِى حَدِيثِهِ الأَهْلِيَّةَ وَقَالَ مُسَدَّدٌ فِى حَدِيثِهِ قَالَ : نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
19917- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الرُّوذْبَارِىُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنُ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَانَا عَنِ الْخَيْلِ.
19918- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الرُّوذْبَارِىُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالاَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ.
19919- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الأَصْبَهَانِىُّ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِىُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَافَرْنَا يَعْنِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ وَنَشْرَبُ أَلْبَانَهَا.
19920- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ أَبُو سَعِيدٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لُحُومَ الْخَيْلِ.
19921- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ أَبِى كُرَيْبٍ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ هِشَامٍ.
19922- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ الْمُزَكِّى قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ فَذَكَرَهُ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ وَزَادَ فِيهِ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
19923- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ الشَّافِعِىُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَكَلْنَاهُ.
19924- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ : أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَكَلْنَاهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِىِّ وَقَدْ أَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
19925- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِى عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِىُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِى أُمَيَّةَ قَالَ : أَكَلْتُ فَرَسًا فِى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَوَجَدْتُهُ حُلْوًا.
19926- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : لاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْفَرَسِ.
19927- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ إِلَى سِجِسْتَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ : وَكُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ فِى غَزَاتِنَا هَذِهِ. {ت} وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ فَرَسٍ.
73- باب بَيَانِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ الَّذِى رُوِىَ فِى النَّهْىِ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ
19928- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتُوَيْهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنِى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ.
19929- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَشِّرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِىُّ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ. {ت} وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ الْمِقْدَامَ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِىُّ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدٍ فَهَذَا إِسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ وَمَعَ اضْطِرَابِهِ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الثِّقَاتِ. {ج} أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ : مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِىُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِىُّ قَالَ : صَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِىُّ الشَّامِىُّ عَنْ أَبِيهِ رَوَى عَنْهُ ثَوْرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ فِيهِ نَظَرٌ. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ يَقُولُ : لاَ يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى وَلاَ أَبُوهُ إِلاَّ بِجَدِّهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَزَعَمَ الْوَاقِدِىُّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ.
وهذا كله اوردة رحمه الله تحت 72- باب أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ
ثم عقب بقوله
73- باب بَيَانِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ الَّذِى رُوِىَ فِى النَّهْىِ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ
وتكلم عن حجة المخالف فلله دره ورحمه الله رحمة واسعة
خامسا قال صاحب نيل الاوطار رحمه الله
باب ما يباح من الحيوان الإنسي
1 - عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل "
- متفق عليه وهو للنسائي وأبو داود
وفي لفظ " أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر " رواه الترمذي وصححه
وفي لفظ " سافرنا يعني مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكنا نأكل لحوم الخيل ونشرب ألبانها " رواه الدارقطني
2 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت " ذبحنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرسا ونحن بالمدينة فأكلناها "
5 - متفق عليه . ولفظ أحمد " ذبحنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأكلناه نحن وأهل بيته " . وعن أبي موسى قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل لحم دجاج " متفق عليه
- قوله " نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية " فيه دليل على تحريمها وسيأتي الكلام على ذلك
قوله : " وأذن في لحوم الخيل " استدل به القائلون بحل أكلها قال الطحاوي ذهب أبو حنيفة إلى كراهة أكل الخيل وخالفه صاحباه وفيرهما واحتجوا بالأخبار المتواترة في حلها ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل والحمر الأهلية فرق ولكن الآثار إذا صحت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى أن نقول بها مما يوجبه النظر ولا سيما وقد أخبر جاب أنه صلى الله عليه وآله وسلم أباح لهم لحوم الخيل في الوقت الذي منعهم فيه من لحوم الحمر فدل ذلك على اختلاف حكمهما
قال الحافظ وقد نقل الحل بعض التابعين عن الصحابة من غير استثناء أحد فأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح على شرط الشيخين عن عطاء أنه قال لبن جريح لم يزل سلفك يأكلون قال ابن جريح قلت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال نعم
وأما ما نقل في ذلك عن ابن عباس من كراهتها فأخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بسندين ضعيفين وسيأتي في الباب الذي بعد هذا عن ابن عباس أنه استدل لحل الحمر الأهلية بقوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي } الآية وذلك يقوي أنه من القائلين بالحل وأخرج الدارقطني عنه بسند قوي " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن لحوم الحمر الأهلية وأمر بلحوم الخيل " قال في الفتح وصح القول بالكراهية عن الحكم ابن عتيبة ومالك وبعض الحنفية وعن بعض المالكية والحنفية التحريم قال الفاكهاني المشهور عند المالكية الكراهية والصحيح عند المحققين منهم التحريم وقد صحح صاحب المحيط والهداية والذخيرة عن أبي حنيفة التحريم وإليه ذهبت العترة كما حكاه في البحر ولكنه حكى الحل عن زيد بن علي واستدل القائلون بالتحريم بما رواه الطحاوي وابن حزم من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال " قال الطحاوي أهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار قال الحافظ لا سيما في يحيى بن أبي كثير فإن عكرمة وإن كان مختلفا في توثيقه قد أخرج له مسلم لكن إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير وقال يحيى بن سعيد القطان أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة وقال البخاري حديثه عن يحيى مضطرب وقال النسائي ليس به بأس إلا في يحيى وقال أحمد حديثه من غير اياس بن سلمة مضطرب . وعلى تقدير صحة هذه الطريق فقد اختلف على عكرمة فيها فإن الحديث عند أحمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر وعلى تقدير أن يكون أظهر إتصالا وأتقن رجالا وأكثر عددا ومن أدلتهم ما رواه في السنن من حديث خالد ابن الوليد " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الخيل "
وتعقب بأنه شاذ منكر لأن في سياقه أنه شهد خيبر وهو خطأ لأنه لم يسلم إلا بعدها على الصحيح وقد روى الحديث من طريق أخرى عن خالد وفيها مجهول ولا يقال أن جابرا أيضا لم يشهد خيبر كما أعل الحديث بذلك بعض الحنفية لأنا نقول ذلك ليس بعلة مع عدم التصريح بحضوره فغايته أن يكون من مراسيل الصحابة
وأما الرواية الثانية عنه المذكورة في الباب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطعمهم لحوم الخيل وفي الأخرى أنهم سافروا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فليس في ذلك تصريح بأنه كان في خيبر فيمكن أن يكون في غيرها ولو فرضنا ثبوت حديث خالد وسلامته عن العلل لم ينتهض لمعارضة حديث جابر وأسماء المتفق عليهما مع أنه قد ضعف حديث خالد أحمد والبخاري وموسى بن هرون والدارقطني والخطابي وابن عبد البر وعبد الحق وآخرون . ومن جملة ما استدل به القائلون بالتحريم قوله تعالى { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } وقد تمسك بها أكثر القائلين بالتحريم وقرروا ذلك بأن اللام للتعليل فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر فإباحة أكلها تقتضي خلاف الظاهر من الآية وقرره أيضا بأن العطف يشعر بالاشتراك في الحكم وبأن الآية سيقت مساق الامتنان فلو كان ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم وأجيب إجمالا بأن الآية مكية اتفاقا والإذن كان بعد الهجرة وأيضا ليست نصا في منع الأكل والحديث صريح في الحل وأجيب أيضا تفصيلا بأنا لو سلمنا أن اللام للعلة لم نسلم إفادته الحصر في الركوب والزينة فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقا ونظير ذلك حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فإنه مع كونه أصرح في الحصر لكونه بأنما مع اللام لا يستدل به على تحريم أكلها وإنما المراد الأغلب من المنافع وهو الركوب في الخيل والتزين بها والحرث في البقر وأيضا يلزم المستدل بالآية أنه لا يجوز حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل بها
وأما الاستدلال بالعطف فغايته دلالة اقتران وهي من الضعف بمكان
وأما الاستدلال بالامتنان فهو باعتبار غالب المنافع
قوله : " ذبحنا فرسا " لفظ البخاري نحرنا فرسنا وقد جمع بين الروايتين بحمل النحر على الذبح مجازا وقد وقع ذلك مرتين
سادسا قال الامام الطحاوي رحمه الله في شرح معاني الاثار
( 12 باب أكل لحوم الفرس )
5937 - حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو نعيم ح وحدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا يزيد بن عبد ربه وخالد بن خلي قالوا ثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فكرهوا لحوم الخيل وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بأكل لحوم الخيل واحتجوا في ذلك بما 5938 - حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن عطاء بن رباح عن جابر بن عبد الله قال : كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
5939 - حدثنا فهد قال ثنا بن الأصبهاني قال أخبرنا شريك عن عبد الكريم ووكيع عن سفيان عن عبد الكريم فذكر : بإسناده مثله
5940 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن امرأته فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت : نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكلناه وفي هذا الباب باب آثار قد دخلت في باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية فأغنانا ذلك عن إعادتها فذهب قوم إلى هذه الآثار فأجازوا أكل لحوم الخيل وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف ومحمد رحمهما الله واحتجوا بذلك بتواتر الآثار في ذلك وتظاهرها ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل الأهلية والحمر الأهلية فرق ولكن الآثار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صحت وتواترت أولى أن يقال بها من النظر ولا سيما إذ قد أخبر جابر بن عبد الله في حديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أباح لهم لحوم الخيل في وقت منعه إياهم من لحوم الحمر الأهلية فدل ذلك على اختلاف حكم لحومهما
سابعا قال حافظ الدنيا الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح
( قوله باب لحوم الخيل )
قال بن المنير لم يذكر الحكم لتعارض الأدلة كذا قال ودليل الجواز ظاهر القوة كما سيأتي
5200 - قوله سفيان هو بن عيينة وهشام هو بن عروة وفاطمة هي بنت المنذر بن الزبير وهي ابنة عم هشام المذكور وزوجته وقد تقدم ذلك صريحا في باب النحر والذبح وقد اختلف في سنده على هشام فقال أيوب من رواية عبد الوهاب الثقفي عنه عن أبيه عن أسماء وكذا قال بن ثوبان من رواية عتبة بن حماد عنه عن هشام بن عروة وقال المغيرة بن مسلم عن هشام عن أبيه عن الزبير بن العوام أخرجه البزار وذكر الدارقطني الاختلاف ثم رجح رواية بن عيينة ومن وافقه قوله نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكلناه زاد عبدة بن سليمان عن هشام ونحن بالمدينة وقد تقدم ذلك قبل بابين وفي رواية للدارقطني فأكلناه نحن وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وتقدم الاختلاف في قولها نحرنا وذبحنا واختلف الشارحون في توجيهه فقيل يحمل النحر على الذبح مجازا وقيل وقع ذلك مرتين واليه جنح النووي وفيه نظر لأن الأصل عدم التعدد والمخرج متحد والاختلاف فيه على هشام فبعض الرواة قال عنه نحرنا وبعضهم قال ذبحنا والمستفاد من ذلك جواز الامرين عندهم وقيام أحدهما في التذكية مقام الآخر وإلا لما ساغ لهم الإتيان بهذا موضع هذا وأما الذي وقع بعينه فلا يتحرر لوقوع التساوي بين الرواة المختلفين في ذلك ويستفاد من قولها ونحن بالمدينة أن ذلك بعد فرض الجهاد فيرد على من استند إلى منع أكلها بعلة أنها من الات الجهاد ومن قولها نحن وأهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم الرد على من زعم أنه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه و سلم اطلع على ذلك مع أن ذلك لو لم يرد لم يظن بآل أبي بكر إنهم يقدمون على فعل شيء في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الا وعندهم العلم بجوازه لشدة اختلاطهم بالنبي صلى الله عليه و سلم وعدم مفارقتهم له هذا مع توفر داعية الصحابة إلى سؤاله عن الأحكام ومن ثم كان الراجح أن الصحابي إذا قال كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم كان له حكم الرفع لأن الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك وتقريره وإذا كان ذلك في مطلق الصحابي فكيف بآل أبي بكر الصديق الحديث الثاني
5201 - قوله حماد هو بن زيد وعمرو هو بن دينار ومحمد بن علي أي بن الحسين بن علي وهو الباقر أبو جعفر كذا ادخل حماد بن زيد بين عمرو بن دينار وبين جابر في هذا الحديث محمد بن علي ولما أخرجه النسائي قال لا أعلم أحدا وافق حمادا على ذلك وأخرجه من طريق حسين بن واقد وأخرجه هو والترمذي من رواية سفيان بن عيينة كلاهما عن عمرو بن دينار عن جابر ليس فيه محمد بن علي ومال الترمذي أيضا إلى ترجيح رواية بن عيينة وقال سمعت محمدا يقول بن عيينة أحفظ من حماد قلت لكن اقتصر البخاري ومسلم على تخريج طريق حماد بن زيد وقد وافقه بن جريج عن عمرو على إدخال الواسطة بين عمرو وجابر لكنه لم يسمه أخرجه أبو داود من طريق بن جريج وله طريق أخرى عن جابر أخرجها مسلم من طريق بن جريج وأبو داود من طريق حماد والنسائي من طريق حسين بن واقد كلهم عن أبي الزبير عنه وأخرجه النسائي صحيحا عن عطاء عن جابر أيضا وأغرب البيهقي فجزم بأن عمرو بن دينار لم يسمعه من جابر واستغرب بعض الفقهاء دعوى الترمذي أن رواية بن عيينة أصح مع إشارة البيهقي إلى أنها منقطعة وهو ذهول فإن كلام الترمذي محمول على أنه صح عنده اتصاله ولا يلزم من دعوى البيهقي انقطاعه كون الترمذي يقول بذلك والحق أنه أن وجدت رواية فيها تصريح عمرو بالسماع من جابر فتكون رواية حماد من المزيد في متصل الأسانيد وإلا فرواية حماد بن زيد هي المتصلة وعلى تقدير وجود التعارض
من كل جهة فللحديث طرق أخرى عن جابر غير هذه فهو صحيح على كل حال قوله يوم خيبر عن لحوم الحمر زاد مسلم في روايته الأهلية قوله ورخص في لحوم الخيل في رواية مسلم وأذن بدل رخص وله في رواية بن جريج أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهانا النبي صلى الله عليه و سلم عن الحمار الأهلي وفي حديث بن عباس عند الدارقطني أمر قال الطحاوي وذهب أبو حنيفة إلى كراهة أكل الخيل وخالفه صاحباه وغيرهما واحتجوا بالأخبار المتواترة في حلها ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل والحمر الأهلية فرق ولكن الآثار إذا صحت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أولي أن يقال بها مما يوجبه النظر ولا سيما وقد أخبر جابر أنه صلى الله عليه و سلم أباح لهم لحوم الخيل في الوقت الذي منعهم فيه من لحوم الحمر فدل ذلك على اختلاف حكمهما قلت وقد نقل الحل بعض التابعين عن الصحابة من غير استثناء أحد فأخرج بن أبي شيبة بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عطاء قال لم يزل سلفك يأكلونه قال بن جريج قلت له أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال نعم وأما ما نقل في ذلك عن بن عباس من كراهتها فأخرجه بن أبي شيبة وعبد الرزاق بسندين ضعيفين ويدل على ضعف ذلك عنه ما سيأتي في الباب الذي بعده صحيحا عنه أنه استدل لاباحة الحمر الأهلية بقوله تعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما فإن هذا أن صلح مستمسكا لحل الحمر صلح للخيل ولا فرق وسيأتي فيه أيضا أنه توقف في سبب المنع من أكل الحمر هل كان تحريما مؤبدا أو بسبب كونها كانت حمولة الناس وهذا يأتي مثله في الخيل أيضا فيبعد أن يثبت عنه القول بتحريم الخيل والقول بالتوقف في الحمر الأهلية بل أخرج الدارقطني بسند قوي عن بن عباس مرفوعا مثل حديث جابر ولفظه نهى رسول صلى الله عليه و سلم عن لحوم الحمر الأهلية وأمر بلحوم الخيل وصح القول بالكراهة عن الحكم بن عيينة ومالك وبعض الحنفية وعن بعض المالكية والحنفية التحريم وقال الفاكهي المشهور عند المالكية الكراهة والصحيح عند المحققين منهم التحريم وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير أكره لحم الخيل فحمله أبو بكر الرازي على التنزيه وقال لم يطلق أبو حنيفة فيه التحريم وليس هو عنده كالحمار الأهلي وصحح عنه أصحاب المحيط والهداية والذخيرة التحريم وهو قول أكثرهم وعن بعضهم يأثم أكله ولا يسمى حراما وروى بن القاسم وبن وهب عن مالك المنع وأنه احتج بالآية الاتي ذكرها وأخرج محمد بن الحسن في الآثار عن أبي حنيفة بسند له عن بن عباس نحو ذلك وقال القرطبي في شرح مسلم مذهب مالك الكراهة واستدل له بن بطال بالآية وقال بن المنير الشبه الخلقي بينها وبين البغال والحمير مما يؤكد القول بالمنع فمن ذلك هيئتها وزهومة لحمها وغلظه وصفة ارواثها وإنها لا تجتر قال وإذا تأكد الشبه الخلقي التحق بنفي الفارق وبعد الشبه بالانعام المتفق على أكلها اه وقد تقدم من كلام الطحاوي ما يؤخذ منه الجواب عن هذا وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة الدليل في الجواز مطلقا واضح لكن سبب كراهة مالك لاكلها لكونها تستعمل غالبا في الجهاد فلو انتفت الكراهة لكثر استعماله ولو كثر لأدى إلى قلتها فيفضي إلى فنائها فيئول إلى النقص من ارهاب العدو الذي وقع الأمر به في قوله تعالى ومن رباط الخيل قلت فعلى هذا فالكراهة لسبب خارج وليس البحث فيه فإن الحيوان المتفق على إباحته لو حدث أمر يقتضي أن لو ذبح لافضى إلى ارتكاب محذور لامتنع ولا يلزم من ذلك القول بتحريمه وكذا قوله أن وقوع أكلها في الزمن النبوي كان نادرا فإذا قيل بالكراهة قل استعماله فيوافق ما وقع قبل انتهى وهذا لا ينهض دليلا للكراهة بل غايته أن يكون خلاف الأولى ولا يلزم من كون أصل الحيوان حل أكله فناؤه بالأكل وأما قول بعض المانعين لو كانت حلالا لجازت الأضحية بها فمنتض بحيوان البر فإنه ماكول ولم تشرع الأضحية به ولعل السبب في كون الخيل لا تشرع الأضحية بها استبقاؤها لأنه لو شرع فيها جميع ما جاز في غيرها لفاتت المنفعة بها في أهم الأشياء منها وهو الجهاد وذكر الطحاوي وأبو بكر الرازي وأبو محمد بن حزم من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال قال الطحاوي وأهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار قلت لا سيما في يحيى بن أبي كثير فإن عكرمة وأن كان مختلفا في توثيقه فقد أخرج له مسلم لكن إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير وقد قال يحيى بن سعيد القطان أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفه وقال البخاري حديثه عن يحيى مضطرب وقال النسائي ليس به بأس الا في يحيى وقال أحمد حديثه عن غير إياس بن سلمة مضطرب وهذا أشد مما قبله ودخل في عمومه يحيى بن أبي كثير أيضا وعلى تقدير صحة هذه الطريق فقد اختلف عن عكرمة فيها فإن الحديث عند احمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر وعلى تقدير أن يكون الذي زاده حفظه فالروايات المتنوعة عن جابر المفصلة بين لحوم الخيل والحمر في الحكم أظهر اتصالا وأتقن رجالا وأكثر عددا واعل بعض الحنفية حديث جابر بما نقله عن بن إسحاق أنه لم يشهد خيبر وليس بعلة لأن غايته أن يكون مرسل صحابي ومن حجج من منع أكل الخيل حديث خالد بن الوليد المخرج في السنن أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى يوم خيبر عن لحوم الخيل وتعقب بأنه شاذ منكر لأن في سياقه أنه شهد خيبر وهو خطأ فإنه لم يسلم الا بعدها على الصحيح والذي جزم به الأكثر أن إسلامه كان سنة الفتح والعمدة في ذلك على ما قال مصعب الزبيري وهو أعلم الناس بقريش قال كتب الوليد بن الوليد إلى خالد حين فر من مكة في عمرة القضية حتى لا يرى النبي صلى الله عليه و سلم بمكة فذكر القصة في سبب إسلام خالد وكانت عمرة القضية بعد خيبر جزما واعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا لكن قد أخرج الطبري من طريق يحيى بن أبي كثير عن رجل من أهل حمص قال كنا مع خالد فذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حرم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها واعل بتدليس يحيى وإبهام الرجل وادعى أبو داود أن حديث خالد بن الوليد منسوخ ولم يبين ناسخه وكذا قال النسائي الأحاديث في الإباحة أصح وهذا أن صح كان منسوخا وكأنه لما تعارض عنده الخبران ورأى في حديث خالد نهى وفي حديث جابر إذن حمل الإذن على نسخ التحريم وفيه نظر لأنه لا يلزم من كون النهي سابقا على الإذن أن يكون إسلام خالد سابقا على فتح خيبر والأكثر على خلافه والنسخ لا يثبت بالاحتمال وقد قرر الحازمي النسخ بعد أن ذكر حديث خالد وقال هو شامي المخرج جاء من غير وجه بما ورد في حديث جابر من رخص وأذن لأنه من ذلك يظهر أن المنع كان سابقا والأذن متأخرا فيتعين المصير إليه قال ولو لم ترد هذه اللفظة لكانت دعوى النسخ مردودة لعدم معرفة التاريخ اه وليس في لفظ رخص وأذن ما يتعين معه المصير إلى النسخ بل الذي يظهر أن الحكم في الخيل والبغال والحمير كان على البراءة الأصلية فلما نهاهم الشارع يوم خيبر عن الحمر والبغال خشي أن يظنوا أن الخيل كذلك لشبهها بها فأذن في أكلها دون الحمير والبغال والراجح أن الأشياء قبل بيان حكمها في الشرع لا توصف لا بحل ولا حرمة فلا يثبت النسخ في هذا ونقل الحازمي أيضا تقرير النسخ بطريق أخرى فقال أن النهى عن أكل الخيل والحمير كان عاما من اجل اخذهم لها قبل القسمة والتخميس ولذلك أمر بأكفاء القدور ثم بين بندائه بأن لحوم الحمر رجس أن تحريمها لذاتها وأن النهي عن الخيل إنما كان بسبب ترك القسمة خاصة ويعكر عليه أن الأمر بإكفاء القدور إنما كان بطبخهم فيها الحمر كما هو مصرح به في الصحيح لا الخيل فلا يتم مراده والحق أن حديث خالد ولو سلم أنه ثابت لا ينهض معارضا لحديث جابر الدال على الجواز وقد وافقه حديث أسماء وقد ضعف حديث خالد أحمد والبخاري وموسى بن هارون والدارقطني والخطابي وبن عبد البر وعبد الحق وآخرون وجمع بعضهم بين حديث جابر وخالد بأن حديث جابر دال على الجواز في الجملة وحديث خالد دال على المنع في حالة دون حالة لأن الخيل في خيبر كانت عزيزة وكانوا محتاجين إليها للجهاد فلا يعارض النهي المذكور ولا يلزم وصف أكل الخيل بالكراهة المطلقة فضلا عن التحريم وقد وقع عند الدارقطني في حديث أسماء كانت لنا فرس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرادت أن تموت فذبحناها فأكلناها وأجاب عن حديث أسماء بأنها واقعة عين فلعل تلك الفرس كانت كبرت بحيث صارت لا ينتفع بها في الجهاد فيكون النهي عن الخيل لمعنى خارج لا لذاتها وهو جمع جيد وزعم بعضهم أن حديث جابر في الباب دال على التحريم لقوله رخص لأن الرخصة استباحة المخطور مع قيام المانع فدل على أنه رخص لهم فيها بسبب المخمصة التي اصابتهم بخيبر فلا يدل ذلك على الحل المطلق وأجيب بأن أكثر الروايات جاء بلفظ الإذن وبعضها بالأمر فدل على أن المراد بقوله رخص إذن لا خصوص الرخصة باصطلاح من تأخر عن عهد الصحابة ونوقض أيضا بأن الإذن في أكل الخيل لو كان رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الاهلية أولي بذلك لكثرتها وعزة الخيل حينئذ ولان الخيل ينتفع بها فيما ينتفع بالحمير من الحمل وغيره والحمير لا ينتفع بها فيما ينتفع بالخيل من القتال عليها والواقع كما سيأتي صريحا في الباب الذي يليه أنه صلى الله عليه و سلم أمر بإراقة القدور التي طبخت فيها الحمر مع ما كان بهم من الحاجة فدل ذلك على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا لخصوص الضرورة وأما ما نقل عن بن عباس ومالك وغيرهما من الاحتجاج للمنع بقوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة فقد تمسك بها أكثر القائلين بالتحريم وقرروا ذلك بأوجه أحدها أن اللام للتعليل فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية ثانيها عطف البغال والحمير فدل على اشتراكها معها في حكم التحريم فيحتاج من أفرد حكمها عن حكم ما عطفت عليه إلى دليل ثالثها ان الآية سيقت مساق الامتنان فلو كانت ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم لأنه يتعلق به بقاء البنية بغير واسطة والحكيم لا يمتن بأدنى النعم ويترك أعلاها ولا سيما وقد وقع الامتنان بالأكل في المذكورات قبلها رابعها لو ابيح أكلها لفاتت المنفعة بها فيما وقع به الامتنان من الركوب والزينة هذا ملخص ما تمسكوا به من هذه الآية والجواب على سبيل الإجمال أن آية النحل مكية اتفاقا والأذن في أكل الخيل كان بعدالهجرة من مكة بأكثر من ست سنين فلو فهم النبي صلى الله عليه و سلم من الآية المنع لما إذن في الأكل وأيضا فآية النحل ليست نصا في منع الأكل والحديث صريح في جوازه وأيضا على سبيل التنزل فإنما يدل ما ذكر على ترك الأكل والترك أعم من أن يكون للتحريم أو للتنزيه أو خلاف الأولى وإذا لم يتعين واحد منها بقي التمسك بالأدلة المصرحة بالجواز وعلى سبيل التفصيل أما أو لا فلو سلمنا أن اللام للتعليل لم نسلم افادة الحصر في الركوب والزينة فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقا وإنما ذكر الركوب والزينة لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل ونظيره حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت أنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فإنه مع كونه أصرح في الحصر لم يقصد به الأغلب وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقا وأيضا فلو سلم الاستدلال للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به وأما ثانيا فدلالة العطف إنما هي دلالة اقتران وهي ضعيفة وأما ثالثا فالامتنان إنما قصد به غالبا ما كان يقع به انتفاعهم بالخيل فخوطبوا بما ألفوا وعرفوا ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل لعزتها في بلادهم بخلاف الأنعام فإن أكثر انتفاعهم بها كان لحمل الأثقال وللاكل فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشق للزم مثله في الشق الآخر وأما رابعا فلو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى للزم مثله في البقر وغيرها مما ابيح أكله ووقع الامتنان بمنفعة له أخرى والله أعلم
اولا انقل كلام الحافظ ابن عبد البر في كتابه الماتع التمهيد يقول رحمه الله
واختلف العلماء في أكل لحوم الخيل فذهب مالك وأصحابه إلى أن أكلها مكروه وبذلك قال أبو حنيفة والأوزاعي وأبو عبيد ومن حجتهم أن الله تبارك وتعالى ذكرها في كتابه للركوب والزينة وذكر الأنعام فقال: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}
واحتج أبو حنيفة في هذا بالقياس لأنه من ذوات الحوافر كالحمار وهذا ليس بشيء لأن الخنزير ذو ظلف وقد باين ذوات الأظلاف ومن حجتهم أيضا حديث خالد بن الوليد حدثناه سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا بقية قال حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وعن كل ذي ناب وهذا حديث لا تقوم به حجة لضعف إسناده وحديث الإباحة صحيح الإسناد.
وقال الثوري والليث بن سعد والشافعي وأبو ثور لا بأس بأكل لحوم الخيل وحجتهم حديث جابر المذكور في هذا الباب وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وذبح لنا الخيل وأطعمنا لحمها وحديث أسماء بنت أبي بكر قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأكلناه حدثنا أحمد بن القاسم حدثنا الحرث بن أبي أسامة حدثنا يحيى بن هشام حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله فأكلناه.
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن هشام بن أبي رميك حدثنا أحمد بن عثمان بن هود حدثنا عبد الله بن داود عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء قالت أكلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم فرس.
وزعم القائلون بهذا القول أنه ليس في السكوت عن ذكر الإذن في الخيل دليل على أن ما عدا الركوب والزينة لا يجوز ألا ترى أنه لم يذكر البيع والتصرف وإنما ذكر الركوب والزينة وجائز بيعها والتصرف فيها وفي ثمنها بإجماع والأشياء على الإباحة حتى يثبت الحظر والمنع فلما ثبت المنع من الحمار والبغل ابن الحمار فحكمه حكم الحمار بإجماع والدليل الواضح وبقي الفرس على أصل إباحته هذا لم يوجد فيه نص فكيف والنص فيه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي أربعة أحاديث
أحدها مرسل وعطاء بن يزيد هذا قيل إنه مولى بني ليث وقيل إنه من أنفسهم ويكنى أبا محمد وقيل أبا يزيد قال الواقدي توفي عطاء بن يزيد سنة سبع ومائة وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وكان من ساكني المدينة وبها كانت وفاته وقد روى عنه أهل المدينة وأهل الشام لأنه دخلها يروي عن أبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وهو من ثقات التابعين.
0
وقال امامنا النووي في كتابه القيم المجموع شرح المهذب
فرع: فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ حَلَالٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، مِمَّنْ قَالَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءٌ وَشُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ، وَكَرِهَهَا طَائِفَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَكَمُ3 وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَأْثَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يُسَمَّى حَرَامًا، وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: الآية8] وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْلَ مِنْهَا، وَذَكَرَ الْأَكْلَ مِنْ الْأَنْعَامِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَبِحَدِيثِ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدٍ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَنْسُوخٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ورواه الترمذي وابن ماجة والحاكم في "المستدرك".
2 وهي حرام أيضاً عند المالكية لاختصاصها في الآية بالركوب والزينة {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (ط).
3 وإذا قال أحد هؤلاء الأئمة: "وأكره كذا" يعني أحرمه (ط).
ج / 9ص -7- رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْحَمَّالِ الْحَافِظِ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ قَالَ: لَا يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى وَلَا أَبُوهُ إلَّا بِجَدِّهِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ، وَمَعَ اضْطِرَابِهِ هُوَ مُخَالِفٌ لِأَحَادِيثِ الثِّقَاتِ، يَعْنِي فِي إبَاحَةِ لَحْمِ الْخَيْلِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ، قَالَ: وَصَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ لَا يُعْرَفُ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثُ الْإِبَاحَةِ أَصَحُّ قَالَ: وَيُشْبِهُ إنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "أَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ" دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ غَيْرُ بَقِيَّةَ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَسَبَقَ بَيَانُ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا الْمُصَنِّفُ، وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا نَأْكُلُ لَحْمَ الْخَيْلِ وَنَشْرَبُ أَلْبَانَهَا" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ "كَانُوا يَأْكُلُونَ لُحُومَ الْخَيْلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: "أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: "نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلْنَاهُ".
وَأَمَّا الْجَوَابُ: عَنْ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الْآخَرُونَ فَهُوَ مَا أَجَابَ الْخَطَّابِيُّ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا مَقْصُورَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خُصَّ هَذَانِ بِالذَّكَرِ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: الآية3] فَذَكَرَ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ، وَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ وَدَمِهِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ، قَالُوا: وَلِهَذَا سَكَتَ عَنْ حَمْلِ الْأَثْقَالِ عَنْ الْخَيْلِ مَعَ قوله تعالى فِي الْأَنْعَامِ: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} [النحل: الآية7] وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ هَذَا تَحْرِيمُ حَمْلِ الْأَثْقَالِ عَلَى الْخَيْلِ، وَيَنْضَمُّ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي إبَاحَةِ لَحْمِ الْخَيْلِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الصَّحِيحِ لَهَا، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَسَبَقَ جَوَابُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثالثا انقل كلام صاحب المغني رحمه الله فقال
فصل : وتباح لحوم الخيل كلها عرابها وبراذينها نص عليه أحمد وبه قال ابن سيرين وروي ذلك عن ابن الزبير و الحسن و عطاء و الأسود بن يزيد وبه قال حماد بن زيد و الليث و ابن المبارك و الشافعي و أبو ثور قال سعيد بن جبير : ما أكلت شيئا أطيب من معرفة برذون وحرمها أبو حنيفة وكرهها مالك و الأوزاعي و ابو عبيد لقول الله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها }
و [ عن خالد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : حرام عليكم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها ولأنه ذو حافر فأشبه بالحمار ]
ولنا قول جابر [ نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم خيبر عن لحوم الحمر والأهلية وأذن في لحوم الخيل ] [ وقالت أسماء نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فرسا فأكلناه ونحن بالمدينة ] متفق عليهما ولأنه حيوان طاهر مستطاب ليس بذي ناب ولا مخلب فيحل كبهيمة الأنعام ولأنه داخل في عموم الآيات والأخبار المبيحة وأما الآية فإنما يتعلقون بدليل خطابها وهم لا يقولون به وحديث خالد ليس له إسناد جيد قاله أحمد قال وفيه رجلان لا يعرفان يرويه ثور عن رجل ليس بمعروف وقال لا ندع أحاديثنا لمثل هذا الحديث المنكر
رابعا اذكر من سنن البيهقي الكبري ماياتي
19916- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ : عَلِىُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ قَالاَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانُ فِى حَدِيثِهِ الأَهْلِيَّةَ وَقَالَ مُسَدَّدٌ فِى حَدِيثِهِ قَالَ : نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
19917- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الرُّوذْبَارِىُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنُ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَانَا عَنِ الْخَيْلِ.
19918- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الرُّوذْبَارِىُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالاَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ.
19919- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الأَصْبَهَانِىُّ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِىُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَافَرْنَا يَعْنِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ وَنَشْرَبُ أَلْبَانَهَا.
19920- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ أَبُو سَعِيدٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لُحُومَ الْخَيْلِ.
19921- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ أَبِى كُرَيْبٍ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ هِشَامٍ.
19922- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ الْمُزَكِّى قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ فَذَكَرَهُ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ وَزَادَ فِيهِ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
19923- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ الشَّافِعِىُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَكَلْنَاهُ.
19924- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ : أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَكَلْنَاهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِىِّ وَقَدْ أَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
19925- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِى عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِىُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِى أُمَيَّةَ قَالَ : أَكَلْتُ فَرَسًا فِى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَوَجَدْتُهُ حُلْوًا.
19926- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : لاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْفَرَسِ.
19927- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ إِلَى سِجِسْتَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ : وَكُنَّا نَأْكُلُ لُحُومَ الْخَيْلِ فِى غَزَاتِنَا هَذِهِ. {ت} وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ فَرَسٍ.
73- باب بَيَانِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ الَّذِى رُوِىَ فِى النَّهْىِ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ
19928- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتُوَيْهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنِى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ.
19929- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَشِّرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِىُّ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ. {ت} وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ الْمِقْدَامَ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِىُّ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدٍ فَهَذَا إِسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ وَمَعَ اضْطِرَابِهِ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الثِّقَاتِ. {ج} أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ : مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِىُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِىُّ قَالَ : صَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِىُّ الشَّامِىُّ عَنْ أَبِيهِ رَوَى عَنْهُ ثَوْرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ فِيهِ نَظَرٌ. وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ قَالاَ أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ يَقُولُ : لاَ يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى وَلاَ أَبُوهُ إِلاَّ بِجَدِّهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَزَعَمَ الْوَاقِدِىُّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ.
وهذا كله اوردة رحمه الله تحت 72- باب أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ
ثم عقب بقوله
73- باب بَيَانِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ الَّذِى رُوِىَ فِى النَّهْىِ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ
وتكلم عن حجة المخالف فلله دره ورحمه الله رحمة واسعة
خامسا قال صاحب نيل الاوطار رحمه الله
باب ما يباح من الحيوان الإنسي
1 - عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل "
- متفق عليه وهو للنسائي وأبو داود
وفي لفظ " أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر " رواه الترمذي وصححه
وفي لفظ " سافرنا يعني مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكنا نأكل لحوم الخيل ونشرب ألبانها " رواه الدارقطني
2 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت " ذبحنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرسا ونحن بالمدينة فأكلناها "
5 - متفق عليه . ولفظ أحمد " ذبحنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأكلناه نحن وأهل بيته " . وعن أبي موسى قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل لحم دجاج " متفق عليه
- قوله " نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية " فيه دليل على تحريمها وسيأتي الكلام على ذلك
قوله : " وأذن في لحوم الخيل " استدل به القائلون بحل أكلها قال الطحاوي ذهب أبو حنيفة إلى كراهة أكل الخيل وخالفه صاحباه وفيرهما واحتجوا بالأخبار المتواترة في حلها ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل والحمر الأهلية فرق ولكن الآثار إذا صحت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى أن نقول بها مما يوجبه النظر ولا سيما وقد أخبر جاب أنه صلى الله عليه وآله وسلم أباح لهم لحوم الخيل في الوقت الذي منعهم فيه من لحوم الحمر فدل ذلك على اختلاف حكمهما
قال الحافظ وقد نقل الحل بعض التابعين عن الصحابة من غير استثناء أحد فأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح على شرط الشيخين عن عطاء أنه قال لبن جريح لم يزل سلفك يأكلون قال ابن جريح قلت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال نعم
وأما ما نقل في ذلك عن ابن عباس من كراهتها فأخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بسندين ضعيفين وسيأتي في الباب الذي بعد هذا عن ابن عباس أنه استدل لحل الحمر الأهلية بقوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي } الآية وذلك يقوي أنه من القائلين بالحل وأخرج الدارقطني عنه بسند قوي " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن لحوم الحمر الأهلية وأمر بلحوم الخيل " قال في الفتح وصح القول بالكراهية عن الحكم ابن عتيبة ومالك وبعض الحنفية وعن بعض المالكية والحنفية التحريم قال الفاكهاني المشهور عند المالكية الكراهية والصحيح عند المحققين منهم التحريم وقد صحح صاحب المحيط والهداية والذخيرة عن أبي حنيفة التحريم وإليه ذهبت العترة كما حكاه في البحر ولكنه حكى الحل عن زيد بن علي واستدل القائلون بالتحريم بما رواه الطحاوي وابن حزم من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال " قال الطحاوي أهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار قال الحافظ لا سيما في يحيى بن أبي كثير فإن عكرمة وإن كان مختلفا في توثيقه قد أخرج له مسلم لكن إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير وقال يحيى بن سعيد القطان أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة وقال البخاري حديثه عن يحيى مضطرب وقال النسائي ليس به بأس إلا في يحيى وقال أحمد حديثه من غير اياس بن سلمة مضطرب . وعلى تقدير صحة هذه الطريق فقد اختلف على عكرمة فيها فإن الحديث عند أحمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر وعلى تقدير أن يكون أظهر إتصالا وأتقن رجالا وأكثر عددا ومن أدلتهم ما رواه في السنن من حديث خالد ابن الوليد " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الخيل "
وتعقب بأنه شاذ منكر لأن في سياقه أنه شهد خيبر وهو خطأ لأنه لم يسلم إلا بعدها على الصحيح وقد روى الحديث من طريق أخرى عن خالد وفيها مجهول ولا يقال أن جابرا أيضا لم يشهد خيبر كما أعل الحديث بذلك بعض الحنفية لأنا نقول ذلك ليس بعلة مع عدم التصريح بحضوره فغايته أن يكون من مراسيل الصحابة
وأما الرواية الثانية عنه المذكورة في الباب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطعمهم لحوم الخيل وفي الأخرى أنهم سافروا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فليس في ذلك تصريح بأنه كان في خيبر فيمكن أن يكون في غيرها ولو فرضنا ثبوت حديث خالد وسلامته عن العلل لم ينتهض لمعارضة حديث جابر وأسماء المتفق عليهما مع أنه قد ضعف حديث خالد أحمد والبخاري وموسى بن هرون والدارقطني والخطابي وابن عبد البر وعبد الحق وآخرون . ومن جملة ما استدل به القائلون بالتحريم قوله تعالى { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } وقد تمسك بها أكثر القائلين بالتحريم وقرروا ذلك بأن اللام للتعليل فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر فإباحة أكلها تقتضي خلاف الظاهر من الآية وقرره أيضا بأن العطف يشعر بالاشتراك في الحكم وبأن الآية سيقت مساق الامتنان فلو كان ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم وأجيب إجمالا بأن الآية مكية اتفاقا والإذن كان بعد الهجرة وأيضا ليست نصا في منع الأكل والحديث صريح في الحل وأجيب أيضا تفصيلا بأنا لو سلمنا أن اللام للعلة لم نسلم إفادته الحصر في الركوب والزينة فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقا ونظير ذلك حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فإنه مع كونه أصرح في الحصر لكونه بأنما مع اللام لا يستدل به على تحريم أكلها وإنما المراد الأغلب من المنافع وهو الركوب في الخيل والتزين بها والحرث في البقر وأيضا يلزم المستدل بالآية أنه لا يجوز حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل بها
وأما الاستدلال بالعطف فغايته دلالة اقتران وهي من الضعف بمكان
وأما الاستدلال بالامتنان فهو باعتبار غالب المنافع
قوله : " ذبحنا فرسا " لفظ البخاري نحرنا فرسنا وقد جمع بين الروايتين بحمل النحر على الذبح مجازا وقد وقع ذلك مرتين
سادسا قال الامام الطحاوي رحمه الله في شرح معاني الاثار
( 12 باب أكل لحوم الفرس )
5937 - حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو نعيم ح وحدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا يزيد بن عبد ربه وخالد بن خلي قالوا ثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فكرهوا لحوم الخيل وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بأكل لحوم الخيل واحتجوا في ذلك بما 5938 - حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن عطاء بن رباح عن جابر بن عبد الله قال : كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
5939 - حدثنا فهد قال ثنا بن الأصبهاني قال أخبرنا شريك عن عبد الكريم ووكيع عن سفيان عن عبد الكريم فذكر : بإسناده مثله
5940 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن امرأته فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت : نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكلناه وفي هذا الباب باب آثار قد دخلت في باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية فأغنانا ذلك عن إعادتها فذهب قوم إلى هذه الآثار فأجازوا أكل لحوم الخيل وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف ومحمد رحمهما الله واحتجوا بذلك بتواتر الآثار في ذلك وتظاهرها ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل الأهلية والحمر الأهلية فرق ولكن الآثار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صحت وتواترت أولى أن يقال بها من النظر ولا سيما إذ قد أخبر جابر بن عبد الله في حديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أباح لهم لحوم الخيل في وقت منعه إياهم من لحوم الحمر الأهلية فدل ذلك على اختلاف حكم لحومهما
سابعا قال حافظ الدنيا الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح
( قوله باب لحوم الخيل )
قال بن المنير لم يذكر الحكم لتعارض الأدلة كذا قال ودليل الجواز ظاهر القوة كما سيأتي
5200 - قوله سفيان هو بن عيينة وهشام هو بن عروة وفاطمة هي بنت المنذر بن الزبير وهي ابنة عم هشام المذكور وزوجته وقد تقدم ذلك صريحا في باب النحر والذبح وقد اختلف في سنده على هشام فقال أيوب من رواية عبد الوهاب الثقفي عنه عن أبيه عن أسماء وكذا قال بن ثوبان من رواية عتبة بن حماد عنه عن هشام بن عروة وقال المغيرة بن مسلم عن هشام عن أبيه عن الزبير بن العوام أخرجه البزار وذكر الدارقطني الاختلاف ثم رجح رواية بن عيينة ومن وافقه قوله نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكلناه زاد عبدة بن سليمان عن هشام ونحن بالمدينة وقد تقدم ذلك قبل بابين وفي رواية للدارقطني فأكلناه نحن وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وتقدم الاختلاف في قولها نحرنا وذبحنا واختلف الشارحون في توجيهه فقيل يحمل النحر على الذبح مجازا وقيل وقع ذلك مرتين واليه جنح النووي وفيه نظر لأن الأصل عدم التعدد والمخرج متحد والاختلاف فيه على هشام فبعض الرواة قال عنه نحرنا وبعضهم قال ذبحنا والمستفاد من ذلك جواز الامرين عندهم وقيام أحدهما في التذكية مقام الآخر وإلا لما ساغ لهم الإتيان بهذا موضع هذا وأما الذي وقع بعينه فلا يتحرر لوقوع التساوي بين الرواة المختلفين في ذلك ويستفاد من قولها ونحن بالمدينة أن ذلك بعد فرض الجهاد فيرد على من استند إلى منع أكلها بعلة أنها من الات الجهاد ومن قولها نحن وأهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم الرد على من زعم أنه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه و سلم اطلع على ذلك مع أن ذلك لو لم يرد لم يظن بآل أبي بكر إنهم يقدمون على فعل شيء في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الا وعندهم العلم بجوازه لشدة اختلاطهم بالنبي صلى الله عليه و سلم وعدم مفارقتهم له هذا مع توفر داعية الصحابة إلى سؤاله عن الأحكام ومن ثم كان الراجح أن الصحابي إذا قال كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم كان له حكم الرفع لأن الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك وتقريره وإذا كان ذلك في مطلق الصحابي فكيف بآل أبي بكر الصديق الحديث الثاني
5201 - قوله حماد هو بن زيد وعمرو هو بن دينار ومحمد بن علي أي بن الحسين بن علي وهو الباقر أبو جعفر كذا ادخل حماد بن زيد بين عمرو بن دينار وبين جابر في هذا الحديث محمد بن علي ولما أخرجه النسائي قال لا أعلم أحدا وافق حمادا على ذلك وأخرجه من طريق حسين بن واقد وأخرجه هو والترمذي من رواية سفيان بن عيينة كلاهما عن عمرو بن دينار عن جابر ليس فيه محمد بن علي ومال الترمذي أيضا إلى ترجيح رواية بن عيينة وقال سمعت محمدا يقول بن عيينة أحفظ من حماد قلت لكن اقتصر البخاري ومسلم على تخريج طريق حماد بن زيد وقد وافقه بن جريج عن عمرو على إدخال الواسطة بين عمرو وجابر لكنه لم يسمه أخرجه أبو داود من طريق بن جريج وله طريق أخرى عن جابر أخرجها مسلم من طريق بن جريج وأبو داود من طريق حماد والنسائي من طريق حسين بن واقد كلهم عن أبي الزبير عنه وأخرجه النسائي صحيحا عن عطاء عن جابر أيضا وأغرب البيهقي فجزم بأن عمرو بن دينار لم يسمعه من جابر واستغرب بعض الفقهاء دعوى الترمذي أن رواية بن عيينة أصح مع إشارة البيهقي إلى أنها منقطعة وهو ذهول فإن كلام الترمذي محمول على أنه صح عنده اتصاله ولا يلزم من دعوى البيهقي انقطاعه كون الترمذي يقول بذلك والحق أنه أن وجدت رواية فيها تصريح عمرو بالسماع من جابر فتكون رواية حماد من المزيد في متصل الأسانيد وإلا فرواية حماد بن زيد هي المتصلة وعلى تقدير وجود التعارض
من كل جهة فللحديث طرق أخرى عن جابر غير هذه فهو صحيح على كل حال قوله يوم خيبر عن لحوم الحمر زاد مسلم في روايته الأهلية قوله ورخص في لحوم الخيل في رواية مسلم وأذن بدل رخص وله في رواية بن جريج أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهانا النبي صلى الله عليه و سلم عن الحمار الأهلي وفي حديث بن عباس عند الدارقطني أمر قال الطحاوي وذهب أبو حنيفة إلى كراهة أكل الخيل وخالفه صاحباه وغيرهما واحتجوا بالأخبار المتواترة في حلها ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما كان بين الخيل والحمر الأهلية فرق ولكن الآثار إذا صحت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أولي أن يقال بها مما يوجبه النظر ولا سيما وقد أخبر جابر أنه صلى الله عليه و سلم أباح لهم لحوم الخيل في الوقت الذي منعهم فيه من لحوم الحمر فدل ذلك على اختلاف حكمهما قلت وقد نقل الحل بعض التابعين عن الصحابة من غير استثناء أحد فأخرج بن أبي شيبة بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عطاء قال لم يزل سلفك يأكلونه قال بن جريج قلت له أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال نعم وأما ما نقل في ذلك عن بن عباس من كراهتها فأخرجه بن أبي شيبة وعبد الرزاق بسندين ضعيفين ويدل على ضعف ذلك عنه ما سيأتي في الباب الذي بعده صحيحا عنه أنه استدل لاباحة الحمر الأهلية بقوله تعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما فإن هذا أن صلح مستمسكا لحل الحمر صلح للخيل ولا فرق وسيأتي فيه أيضا أنه توقف في سبب المنع من أكل الحمر هل كان تحريما مؤبدا أو بسبب كونها كانت حمولة الناس وهذا يأتي مثله في الخيل أيضا فيبعد أن يثبت عنه القول بتحريم الخيل والقول بالتوقف في الحمر الأهلية بل أخرج الدارقطني بسند قوي عن بن عباس مرفوعا مثل حديث جابر ولفظه نهى رسول صلى الله عليه و سلم عن لحوم الحمر الأهلية وأمر بلحوم الخيل وصح القول بالكراهة عن الحكم بن عيينة ومالك وبعض الحنفية وعن بعض المالكية والحنفية التحريم وقال الفاكهي المشهور عند المالكية الكراهة والصحيح عند المحققين منهم التحريم وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير أكره لحم الخيل فحمله أبو بكر الرازي على التنزيه وقال لم يطلق أبو حنيفة فيه التحريم وليس هو عنده كالحمار الأهلي وصحح عنه أصحاب المحيط والهداية والذخيرة التحريم وهو قول أكثرهم وعن بعضهم يأثم أكله ولا يسمى حراما وروى بن القاسم وبن وهب عن مالك المنع وأنه احتج بالآية الاتي ذكرها وأخرج محمد بن الحسن في الآثار عن أبي حنيفة بسند له عن بن عباس نحو ذلك وقال القرطبي في شرح مسلم مذهب مالك الكراهة واستدل له بن بطال بالآية وقال بن المنير الشبه الخلقي بينها وبين البغال والحمير مما يؤكد القول بالمنع فمن ذلك هيئتها وزهومة لحمها وغلظه وصفة ارواثها وإنها لا تجتر قال وإذا تأكد الشبه الخلقي التحق بنفي الفارق وبعد الشبه بالانعام المتفق على أكلها اه وقد تقدم من كلام الطحاوي ما يؤخذ منه الجواب عن هذا وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة الدليل في الجواز مطلقا واضح لكن سبب كراهة مالك لاكلها لكونها تستعمل غالبا في الجهاد فلو انتفت الكراهة لكثر استعماله ولو كثر لأدى إلى قلتها فيفضي إلى فنائها فيئول إلى النقص من ارهاب العدو الذي وقع الأمر به في قوله تعالى ومن رباط الخيل قلت فعلى هذا فالكراهة لسبب خارج وليس البحث فيه فإن الحيوان المتفق على إباحته لو حدث أمر يقتضي أن لو ذبح لافضى إلى ارتكاب محذور لامتنع ولا يلزم من ذلك القول بتحريمه وكذا قوله أن وقوع أكلها في الزمن النبوي كان نادرا فإذا قيل بالكراهة قل استعماله فيوافق ما وقع قبل انتهى وهذا لا ينهض دليلا للكراهة بل غايته أن يكون خلاف الأولى ولا يلزم من كون أصل الحيوان حل أكله فناؤه بالأكل وأما قول بعض المانعين لو كانت حلالا لجازت الأضحية بها فمنتض بحيوان البر فإنه ماكول ولم تشرع الأضحية به ولعل السبب في كون الخيل لا تشرع الأضحية بها استبقاؤها لأنه لو شرع فيها جميع ما جاز في غيرها لفاتت المنفعة بها في أهم الأشياء منها وهو الجهاد وذكر الطحاوي وأبو بكر الرازي وأبو محمد بن حزم من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال قال الطحاوي وأهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار قلت لا سيما في يحيى بن أبي كثير فإن عكرمة وأن كان مختلفا في توثيقه فقد أخرج له مسلم لكن إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير وقد قال يحيى بن سعيد القطان أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفه وقال البخاري حديثه عن يحيى مضطرب وقال النسائي ليس به بأس الا في يحيى وقال أحمد حديثه عن غير إياس بن سلمة مضطرب وهذا أشد مما قبله ودخل في عمومه يحيى بن أبي كثير أيضا وعلى تقدير صحة هذه الطريق فقد اختلف عن عكرمة فيها فإن الحديث عند احمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر وعلى تقدير أن يكون الذي زاده حفظه فالروايات المتنوعة عن جابر المفصلة بين لحوم الخيل والحمر في الحكم أظهر اتصالا وأتقن رجالا وأكثر عددا واعل بعض الحنفية حديث جابر بما نقله عن بن إسحاق أنه لم يشهد خيبر وليس بعلة لأن غايته أن يكون مرسل صحابي ومن حجج من منع أكل الخيل حديث خالد بن الوليد المخرج في السنن أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى يوم خيبر عن لحوم الخيل وتعقب بأنه شاذ منكر لأن في سياقه أنه شهد خيبر وهو خطأ فإنه لم يسلم الا بعدها على الصحيح والذي جزم به الأكثر أن إسلامه كان سنة الفتح والعمدة في ذلك على ما قال مصعب الزبيري وهو أعلم الناس بقريش قال كتب الوليد بن الوليد إلى خالد حين فر من مكة في عمرة القضية حتى لا يرى النبي صلى الله عليه و سلم بمكة فذكر القصة في سبب إسلام خالد وكانت عمرة القضية بعد خيبر جزما واعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا لكن قد أخرج الطبري من طريق يحيى بن أبي كثير عن رجل من أهل حمص قال كنا مع خالد فذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حرم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها واعل بتدليس يحيى وإبهام الرجل وادعى أبو داود أن حديث خالد بن الوليد منسوخ ولم يبين ناسخه وكذا قال النسائي الأحاديث في الإباحة أصح وهذا أن صح كان منسوخا وكأنه لما تعارض عنده الخبران ورأى في حديث خالد نهى وفي حديث جابر إذن حمل الإذن على نسخ التحريم وفيه نظر لأنه لا يلزم من كون النهي سابقا على الإذن أن يكون إسلام خالد سابقا على فتح خيبر والأكثر على خلافه والنسخ لا يثبت بالاحتمال وقد قرر الحازمي النسخ بعد أن ذكر حديث خالد وقال هو شامي المخرج جاء من غير وجه بما ورد في حديث جابر من رخص وأذن لأنه من ذلك يظهر أن المنع كان سابقا والأذن متأخرا فيتعين المصير إليه قال ولو لم ترد هذه اللفظة لكانت دعوى النسخ مردودة لعدم معرفة التاريخ اه وليس في لفظ رخص وأذن ما يتعين معه المصير إلى النسخ بل الذي يظهر أن الحكم في الخيل والبغال والحمير كان على البراءة الأصلية فلما نهاهم الشارع يوم خيبر عن الحمر والبغال خشي أن يظنوا أن الخيل كذلك لشبهها بها فأذن في أكلها دون الحمير والبغال والراجح أن الأشياء قبل بيان حكمها في الشرع لا توصف لا بحل ولا حرمة فلا يثبت النسخ في هذا ونقل الحازمي أيضا تقرير النسخ بطريق أخرى فقال أن النهى عن أكل الخيل والحمير كان عاما من اجل اخذهم لها قبل القسمة والتخميس ولذلك أمر بأكفاء القدور ثم بين بندائه بأن لحوم الحمر رجس أن تحريمها لذاتها وأن النهي عن الخيل إنما كان بسبب ترك القسمة خاصة ويعكر عليه أن الأمر بإكفاء القدور إنما كان بطبخهم فيها الحمر كما هو مصرح به في الصحيح لا الخيل فلا يتم مراده والحق أن حديث خالد ولو سلم أنه ثابت لا ينهض معارضا لحديث جابر الدال على الجواز وقد وافقه حديث أسماء وقد ضعف حديث خالد أحمد والبخاري وموسى بن هارون والدارقطني والخطابي وبن عبد البر وعبد الحق وآخرون وجمع بعضهم بين حديث جابر وخالد بأن حديث جابر دال على الجواز في الجملة وحديث خالد دال على المنع في حالة دون حالة لأن الخيل في خيبر كانت عزيزة وكانوا محتاجين إليها للجهاد فلا يعارض النهي المذكور ولا يلزم وصف أكل الخيل بالكراهة المطلقة فضلا عن التحريم وقد وقع عند الدارقطني في حديث أسماء كانت لنا فرس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرادت أن تموت فذبحناها فأكلناها وأجاب عن حديث أسماء بأنها واقعة عين فلعل تلك الفرس كانت كبرت بحيث صارت لا ينتفع بها في الجهاد فيكون النهي عن الخيل لمعنى خارج لا لذاتها وهو جمع جيد وزعم بعضهم أن حديث جابر في الباب دال على التحريم لقوله رخص لأن الرخصة استباحة المخطور مع قيام المانع فدل على أنه رخص لهم فيها بسبب المخمصة التي اصابتهم بخيبر فلا يدل ذلك على الحل المطلق وأجيب بأن أكثر الروايات جاء بلفظ الإذن وبعضها بالأمر فدل على أن المراد بقوله رخص إذن لا خصوص الرخصة باصطلاح من تأخر عن عهد الصحابة ونوقض أيضا بأن الإذن في أكل الخيل لو كان رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الاهلية أولي بذلك لكثرتها وعزة الخيل حينئذ ولان الخيل ينتفع بها فيما ينتفع بالحمير من الحمل وغيره والحمير لا ينتفع بها فيما ينتفع بالخيل من القتال عليها والواقع كما سيأتي صريحا في الباب الذي يليه أنه صلى الله عليه و سلم أمر بإراقة القدور التي طبخت فيها الحمر مع ما كان بهم من الحاجة فدل ذلك على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا لخصوص الضرورة وأما ما نقل عن بن عباس ومالك وغيرهما من الاحتجاج للمنع بقوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة فقد تمسك بها أكثر القائلين بالتحريم وقرروا ذلك بأوجه أحدها أن اللام للتعليل فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية ثانيها عطف البغال والحمير فدل على اشتراكها معها في حكم التحريم فيحتاج من أفرد حكمها عن حكم ما عطفت عليه إلى دليل ثالثها ان الآية سيقت مساق الامتنان فلو كانت ينتفع بها في الأكل لكان الامتنان به أعظم لأنه يتعلق به بقاء البنية بغير واسطة والحكيم لا يمتن بأدنى النعم ويترك أعلاها ولا سيما وقد وقع الامتنان بالأكل في المذكورات قبلها رابعها لو ابيح أكلها لفاتت المنفعة بها فيما وقع به الامتنان من الركوب والزينة هذا ملخص ما تمسكوا به من هذه الآية والجواب على سبيل الإجمال أن آية النحل مكية اتفاقا والأذن في أكل الخيل كان بعدالهجرة من مكة بأكثر من ست سنين فلو فهم النبي صلى الله عليه و سلم من الآية المنع لما إذن في الأكل وأيضا فآية النحل ليست نصا في منع الأكل والحديث صريح في جوازه وأيضا على سبيل التنزل فإنما يدل ما ذكر على ترك الأكل والترك أعم من أن يكون للتحريم أو للتنزيه أو خلاف الأولى وإذا لم يتعين واحد منها بقي التمسك بالأدلة المصرحة بالجواز وعلى سبيل التفصيل أما أو لا فلو سلمنا أن اللام للتعليل لم نسلم افادة الحصر في الركوب والزينة فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقا وإنما ذكر الركوب والزينة لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل ونظيره حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت أنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فإنه مع كونه أصرح في الحصر لم يقصد به الأغلب وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقا وأيضا فلو سلم الاستدلال للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به وأما ثانيا فدلالة العطف إنما هي دلالة اقتران وهي ضعيفة وأما ثالثا فالامتنان إنما قصد به غالبا ما كان يقع به انتفاعهم بالخيل فخوطبوا بما ألفوا وعرفوا ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل لعزتها في بلادهم بخلاف الأنعام فإن أكثر انتفاعهم بها كان لحمل الأثقال وللاكل فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشق للزم مثله في الشق الآخر وأما رابعا فلو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى للزم مثله في البقر وغيرها مما ابيح أكله ووقع الامتنان بمنفعة له أخرى والله أعلم