بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، الذي أرسله ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا أما بعد :-
الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، الذي أرسله ربه شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا أما بعد :-
فهذا الشريطُ أحبتي في الله قد وضعته عن أحد الإصحاحاتِ في كتب أهل الكتاب والذي يتحدّثُ عن بيت الله الحرام .. يصِفهُ كفلق الصُبْح .. فلا يكاد يقرأُ هذا النص أي مسْلِمٍ إلا وينصِرِف الفِكْرُ إلى بقعةٍ بعيْنِها وهي مكة المكرمة وتحديداً بيت الله الحرام في الوادي المبارك وادي بكّة.
وقد عزمت على ان أفْرِد هذا الموضوع بعد أن أشار علي كثير من اخوتي في الله من طلبة العلم , وألحوا عليّ , ووجدتُني مقصِّراً أمام إلْحاحِهِم, متحجِّجاً بضيقِ الوقت .. ولكِن وحتى أجْبر نفسي على الكتابة فيه وعدم التسْويفِ فقد فتحْتُ هذا الشريط .. وأسأل الله تعالى أن يُعينني على إكمال ما فيه والزيادة عليْهِ في كل وقتٍ يتسنى لي فيهِ الكِتابة. وسأعمل جاهِداً على أن أضَع فيه رؤْيتي المتواضعة , والتي أسال الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يثقل بها الموازين ، وأن يرفع بها الدرجات وأن يغفر بها الزلات - سأضَعُها بين يدي طلاب العلم عامة حتى ينتفعوا بها في محاججة أهل الكتاب .. ولأجل الباحِثين عن الحق من النصارى خاصّة .. حتى يرَوْا ويطّلِعوا على حقائِقِ الأمر كما يراهُ المسْلِمون.
- ماهو الاصْحاحٍ الذي ذُكِر فيهِ وصْفُ البيت الحرام ؟
هذا الوصْفُ الدقيقُ ذُكِر في سِفْر المزامير - وهو السِّفر المنسوب إلى نبي اللهِ داود عليْهِ السلام عند أهل الكِتاب - ويؤْمِن به اليهود والنصارى على حدٍ سواء .. ونعرفه نحن هل الإسلام بما عرفنا به الله عز وجل بالإسم "الزبور" .. وأتناول تحديداً تلك الفقراتِ التي جاءت في المزمور الرابِعِ والثمانين منه وتتحدّثُ عن الحج وطرقِ الحجاج إلى بيت الله , ويصِف هذا البيْتَ وطُرُقِه بأبْلَغ الوصْفِ وأبلَجِه.
- ما الجديد الذي ياتي به هذا الشريط؟!
ولست أدعي أن لي السبق في الكتابة في هذا الموضوع .. فقد كتب فيهِ العلماء الأفذاذ - عليهم رحمة الله - وبينوه وردوا على أساطينِ النصارى .. وألّفوا فيه المؤلّفات ليُبيِّنوا لهم وصْفَ البيْتِ الحرام كما جاء في هذا المزْمور .. فبينوا وبلّغوا وأجادوا وأقاموا الحجة وشفوا الغليل .. ولكنه جهد المقل الذي رأيت أن أخصصه وأفرد له هذا المبْحَث , وأعيد تناوله مرة أخرى .. للأسباب الآتية:
أولًا: أنه في كلِّّ مرّةٍ انْظُرُ إلى هذا الموضوع وأتناوله في حوار أو جدل مع أحدِ النصارى إلا وأجِدُ بتوفيق الله لي وإرادته لإفحام وإلزام المناظرين , حقائِق تكشّف وأموراً تتجلى في هذا المزمور وكلماته , لم تظهر لي او لغيري من قبل .. وفي كل مرةٍ يظهر لي جديداً .. لم أكن أعلمه .. ولا أعلم أن هناك من تطرق له .. وأشْهِدُ الله أنه ليس ذكري لها أو وقوفي عليها بجهدٍ مني .. وإنما هو توفيق الله الذي كان سيظهر بي أو بغيري .. وكم قضيت الأيام بحثاً فلا أقف على ما يفيد , بينما قضيت الدقائِق مخلصاً لله في حوار مع نصراني فأجد الطُرُق تتكاثف وتتسع , والأبواب تُفتح على مصراعيها فأحث من كنوز الحق الكثير والكثير .. وهكذا كانت تتكشف حقائِق هذا الإصْحاح , دون جهدٍ مني , فتفلتت عقد الحقائِقِ بما لا أستطيع تحملها وحدها في فصلٍ خاصٍ أو إشارةٍ .. أو حِوار ... بل تحتاج إلى مؤلّفٍ لها وحدها .. ولا أقول أن كل ما سيُذكر جديد على أسماعِ الإخوة الكرام من الأساتِذة , أو على الأفاضِلِ من النصارى .. ولكِن أقول أن أكثر ما فيها من دُرَرٍ جديدة تفوق ما قد عرفناه فيها .. وبحول الله تعالى تُذكَر للمرة الأولى هذه الدُّرَر.. أو للمرة الثانية ولكن أكثر توضيحًا وتفْصيلًا.
ثانِياً: إضافةً إلى ذلِك فقد تطرّقتُ في هذا المبْحَثِ للرد على ما أثاره النصارى من اعتراضات لمحاولة دفع هذه الأوصافِ عن مكة وجعلها تُشير إلى أورشاليم .. متهمين علماء المسلمين بالكذب والتدليس زاعمين أن هذا النصَّ ماهو إلا النبوءة عن بيت الله القادم بأورشاليم , وهي ليست إلا الكنيسة , وروّجوا بيْن أتباعِهِم خرافةَ أن علماء المسلمين يخْدَعون أتباعهم ويحاولون لصقها بمكة .. ولعل أشهر هذه الخلافات كان ذلِك الخلاف بين الدكتور زغلول النجار والقس رفعت فكري سعيد راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا , حين تعرّض الأول إلى هذه النبوءة بجريدة الأهرام يوم الاثنين 20 فبراير2006 تحت مقالٍ بعنوان (من أسرار القرآن), فرد عليه الثاني, في نفس الجريدة في اليوم الموافق 27 فبراير 2006 تحت عنوان تغيير الجغرافيا في مقال د. زغلول النجار .. ثم انبرى كثير من الإخوان للرد على هذا القس بعد مقاله الذي امتلأ بكثيرٍ من المغالطات.
ثالِثًا : أن هذه الصفْحَة تخْدِمُ كذلِك ربْط الأفكار للأعضاء الكرام , وتصحيح الأخطاءِ التي وقعتُ فيها في أثناء الحوارات والمناظرات التي تمّت حولها في منتديات حراس العقيدة .. حيْثُ أن الحوار والنظر يُشتت التركيز في كثيرٍ من الأوقات خاصةً إن كان المحاور على الطرفِ الآخر ممن يجيد التشتيت والمراوغة ولا يعتمِد إلا على إطالة الحار والمغالطة .. فهذه الصحة ستكون - بحول الله تعالى ومشيئتِه - بمثابةِ حبل فكريٍّ لا ينْقطِعُ إلا بتوقُّف كاتِبه عن الكتابة فيه.. والله أسأل أن يُوفِّقني في صياغتِه بأبلغ أسلوب وأبسَطِه.
تعليق