يقولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:" لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جبَلٍ لرَأيتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا منْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ".
سورةُ الْحَشْرِ / 21.
سورةُ الْحَشْرِ / 21.
إنَّ اللهَ سبحانَهُ وَتعالَى أكرمَ حَبيبَه مُحمدًا بِمُعْجِزَةِ القرآنِ العظيمِ هذهِ المعجزةِ العظيمةِ المستمِرَّةِ علَى تعاقُبِ الأَزْمَانِ.
1- إخْلاصُ النِّـيَّةِ للهِ عز وجل :
فأولُ مَا يَنبغِي لِقَارِئِ القُرْآنِ أنْ يقصِدَ بِقِراءَتِهِ رِضَا الْمَوْلَى سبحانَهُ وتعالَى وَحدَه.
قالَ تعالَى:"
وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ"
ومَعْنَى إخْلاصِ النِّيةِ إِفْرادُ الحقِّ سُبحَانَه وَتَعَالَى بِالطَّاعَةِ بِالْقَصْدِ وَهُوَ أَنْ يُرادَ بِطَاعَتِهِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ تعالَى دُونَ شَىْءٍ آخرَ، فلا يَنْوِ مَحْمَدةَ النَّاسِ لَهُ وَلا يَنْوِ أنْ يَصِلَ إلَى أغْراضِ الدُّنيَا مِنْ رِيَاسَةٍ أَوْ وَجَاهَةٍ أَوِ ارْتِفَاعٍ عَلَى أَقْرَانِه أَوْ صَرْفِ وُجُوهِ النَّاسِ إِلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلكَ.
2- السِّواكُ عندَ كُلِّ قِرَاءَةٍ،
فينبغِي لِقَارِئِ القُرآنِ إذَا أرادَ القِراءةَ أنْ يُنَظِّفَ فَمَهُ بالسِّواكِ ويُسْتَحَبُّ أن يَقْرَأَ القَارِئُ القُرءانِ وهوَ علَى طهارةٍ فَإِنْ قَرَأَ مِنْ حِفْظِه مثلاً وهوَ مُحْدِثٌ حَدثًا أصْغرَ منْ غيرِ أنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ جَازَ بإِجْمَاعِ المسلمينَ ولا يُقَالُ ارْتَكَبَ مَكرُوهًا بلْ هوَ تَارِكٌ لِلأَفْضَلِ كَمَا قَالَ إِمَامُ الحرَمَيْنِ أبُو مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وأمَّا الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ فَإِنهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا قِرَاءَةُ القُرآنِ سَواءٌ كَانَ آيةً أوْ أَقَلَّ مِنهُما ويَجوزُ لهمَا النظرُ فِي الْمُصحَفِ وإِجْراءُ القُرْآنِ علَى قلبِهِما منْ غيرِ تَلَفُّظٍ بهِ كمَا يَجوزُ لهمَا التَّسبِيحُ والتَّهليلُ والتَّحْمِيدُ والتكبيرُ والصلاةُ علَى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وكذلكَ يَجوزُ أنْ يَقْرَءَا مِنْ أَذْكارِ القُرآنِ كأنْ يقولَ الجنُبُ عِنْدَ المصيبةِ: " إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعُون" ،
وكأنْ يقولَ عندَ رُكُوبِ الدَّابّةِ:" سُبْحَانَ الذِي سَخَّرَ لنَا هذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ"
وعِندَ الدُّعاءِ:" رَبَّنَا آتِنَا في الدنيَا حَسَنةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"
مِنْ غيرِ أنْ يَقْصِدَ بِكُلِّ ذَلِكَ قِرَاءَةَ القُرْآنِ بَلْ يَقْصِدُ التَّبَرُّكَ بِالذِّكرِ.
3- قراءَتُهُ فِي مَكانٍ نَظِيفٍ
3- قراءَتُهُ فِي مَكانٍ نَظِيفٍ
ويُسْتَحَبُّ لِقَارِئِ القُرآنِ أنْ تَكونَ قراءَتُهُ فِي مَكانٍ نَظِيفٍ وَلِهَذَا اسْتحَبَّ جَمَاعةٌ مِنَ العُلماءِ القِراءةَ فِي الْمَسجِدِ لكَونِهِ جامِعًا للنَّظَافَةِ وَشَرَفِ البُقْعَةِ، وأنْ يَسْتَقْبِلَ القِبلةَ ويجلسَ في خُشُوعٍ بِسَكينةٍ وَوَقَارٍ مُطْرِقًا بِرَأْسِهِ وَلَوْ قَرَأَ قائِمًا أو مُضْطَجِعًا أو فِي فِراشِه أو علَى غيرِ ذَلكَ مِنَ الأَحْوَالِ جَازَ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ.
4- يَسْتَعِيذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ
ويُسْتَحَبُّ لِقَارِئِ القُرآنِ إذَا أرادَ الشُّرُوعَ فِي القِراءةِ أنْ يَسْتَعِيذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ،
5- الْخُشوعَ والتَّدَبُّرَ والخُضوعَ
ويَنبغِي لِقَارِئِ القُرآنِ أن يَكُونَ شَأْنُه عِنْدَ قِراءَةِ القُرْآنِ الْخُشوعَ والتَّدَبُّرَ والخُضوعَ فَهَذَا هوَ
المقصُودُ المطلوبُ
المقصُودُ المطلوبُ
وَبهِ تَنْشَرِحُ الصُّدورُ وَتَسْتَنِيرُ القُلُوبُ
قَالَ تعالَى:" أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ".
فَمِنَ الصَّالِحِينَ مَنْ كانَ يَبْكِي في الآيةِ الواحِدَةِ لَيْلةً كامِلةً فَإِنَّ البُكاءَ عِنْدَ قِراءَةِ القُرآنِ صِفَةُ العَارِفِينَ بِاللهِ،
يَقُولُ اللهُ تَعالَى:" وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهمْ خُشُوعًا".
وَقَدْ قَالَ أَحَدُ العَارِفِينَ بِاللهِ: "دَوَاءُ القُلُوبِ خَمْسَةُ أَشْياءَ قِرَاءَةُ القُرآنِ بِالتَّدَبُّرِ وَخَلاءُ البَطْنِ وَقِيَامُ اللَّيْلِ وَالتَّضَرُّعُ عِندَ السَّحَرِ وَمُجَالَسةُ الصَّالِحينَ".
فَيُستحَبُّ لِقَارِئِ القُرآنِ تَحسِينُ صَوْتِه عندَ قِراءةِ القرآنِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عنْ حَدِّ القِرَاءَةِ بالتَّمْطِيطِ فَلاَ يَزيدُ وَلا يَنْقُصُ حَرْفًا مِنْ كِتابِ اللهِ تعالَى لأَجْلِ تَحْسِينِ الصَّوتِ.
يَقُولُ اللهُ تعالَى: "وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً"
يَقُولُ اللهُ تعالَى: "وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً"
أَيْ بَيِّنْهُ تَبْيِينًا أَيْ أَظْهِرْ حُروفَه.
فقدْ ثَبَتَ عنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا أنَّهَا وَصَفَتْ قِرَاءَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ بأنَّها قراءَةٌ مُفَسَّرةٌ حَرْفًا حَرْفًا.
أَخِي المسلم أيُّها القارِئُ لِلقُرآنِ احْرِصْ علَى هَذِه الآدَابِ عِنْدَ قِرَاءَةِ القُرآنِ وحافِظْ عليهَا ولا تكنْ مِنَ الغافِلِينَ بقلوبِهم عنْ تَدَبُّرِه لأنَّهُ دستورُ المسلمِ في الدنيَا.
اللهمَّ اجعَلْ القُرْءَانَ العَظِيمَ رَبِيعَ قلوبِنا وَنُورًا لأبصارِنَا وإِمَامَنَا في الدنيَا والآخِرَةِ وَحُجَّةً لنَا يَوْمَ القيامَةِ، وَارْزُقنَا تِلاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيلِ وأطرَافَ النَّهارِ
اللهم آمين