مقال للكاتب المسيحى : سامى المصرى
_____________________________
الأنبا شنودة وحافة الكارثة (2)
التطرف هو أسهل وسيلة لتخريب أي شيء ناجح. وهو وسيلة هتلرية لدفع الشعب باستخدام العواطف مع إقصاء العقل نحو خراب محقق.
كان المجتمع القبطي في حالة ازدهار وإثمار منذ أربعين عاما فقط قبل أن يتسلم الأنبا شنودة قيادة الكنيسة. كان مجتمعا مزدهرا حتى أنه اجتذب الكثير من الكتاب العالميين فكتبوا الكثير من الكتب عن ذلك المجتمع الذي كان ناجحا بعلمه ومعرفته، متحضرا بقيمه وثقافته الرفيعة، واعدا بتطلعاته نحو المستقبل.
لم أكن أتصور أن شخصا وحدا يستطيع أن يفسد كل ذلك التألق في تلك المدة الوجيزة، إنه التطرف المفسد وكما يقول القديس بولس "لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي" (2كو 6:3).
لقد سبق أن كتبت عن موقف الأنبا شنودة من الزواج الثاني، ورفضه لتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، في مقال سابق تحت نفس العنوان، كتبته منذ أكثر من عام
واليوم يتكرر حكم المحكمة الإدارية العليا، فيكرر الأنبا شنودة موقفه بل يزبد في تطرفه بإعلان موقفه بشكل مستفز، يتحدي سيادة الدولة وسيادة القانون، معلنا العصيان، مما يُعرِّض الشعب القبطي كله لمخاطر جسام، بكل استهتار. المشكلة لها عدة جوانب في غاية من الخطورة.
الاستهتار بتنفيذ حكم محكمة يشكَّل سابقة خطيرة تُعرِّض مهابة الدولة كلها للازدراء، ما لم تقم الدولة بتنفيذ الحكم بالقوة بما يخوله القانون من حماية لسلطانها. وحتى تنفذ الدولة الحكم فليس أمامها سوى القبض على الأنبا شنودة ومحاكمته ومعاقتبه على تصرفاته المستفزة التي يُجرَّمها القانون. وفي هذه الحالة يتعرض الوطن كله لفتنة شعبية وكارثة قومية ضخمة فيها يخسر الجميع، وسيكون أكثر الخاسريين هم الأقباط. أي مهانة للأقباط لو تعرض البطريرك للمحاكمة والعقوبة؟!! لذلك فإذاء هذا الموقف المحرج لا تملك الحكومة إلا أن تتريس لمحاولة الوصول لحل بأقل الخسائر الممكنة، بينما الأنبا شنودة يلذ له أن يقف فوق حافة الكارثة يقامر بكل الشعب لحساب شعبيته الهتلرية ونزواته المحمومة. لم تكن هذه هي المرة الأولى لذلك السلوك المرضي الصبياني المختل، فتاريخه يشهد بمواقف مرضية كثيرة منذ حداثته كما أوضحت في مقالي السابق. إلا أن مثل هذه الشخصية المغامرة الهتلرية عندما توضع في موقع المسئولية فإنها تشكل خطرا جسيما على المجتمع. ولقد سبق له أن عرَّض الآقباط لمخاطر جسيمة في عام 1981 في أيام حكم السادات ومع كل المخاطر التي تعرض لها هو وكل الشعب فلم يرتدع بل يحاول تكرار تلك المجاذفة مرة أخرى بشكل أكثر تطرفا وأحكاما مما يعِّرض لعواقب أكثر خطرا.
من العجيب أن هذا البطريرك الذي لم يدافع ولا مرة واحدة عن حقوق الأقباط ضد الانتهاكات الحكومية المتكررة، بل في كل مرة كان موقفه المخزي يندي له الجبين. واليوم يقوم هو نفسه بانتهاك حقوق الأقباط الطبيعية بمنع الزواج ضد كل الأعراف والقوانين وحقوق الإنسان. وعندما تفرض الحكومة تنفيذ القانون يعلن بشكل مستفز رفضه لتنفيذ حكم أعلى سلطة قضائية بالدولة، معتمدا على شعبية ديمامجوجية، وعلى جهلة الشعب الذين يحركهم بعواطف طائفية نحو كارثة قومية. فالأنبا شنودة يضع الدولة في أقصى درجة من الحرج لا لصالح الأقباط بل ليسحق الأقباط لحساب شعبيته الهتلرية !!!
القضية التي يستميت الأنبا شنودة في الدفاع عنها تشكل مخالفات جسيمة لحقوق الإنسان وللتقليد الكنسي الأصيل مستخدما عبارة إنجيلية واحدة يفرغها من سياقها، حتى يعمل ضد تعاليم الإنجيل والكنيسة الأولى التي تقوم على أساس المحبة والرحمة لا على التعسف والقسوة والتسيد المرضي المحموم.
التعصب مع الجهل هو آفة الشعوب
المسيح لم يأتي بتشريع لكن بتعليم وإرشاد وأعطى السلطة التشريعية كلها في تسليم تلاميذه للروح القدس، حيث يفصِّلون كلمة الحق باستقامة لكل حالة. بناء على ذلك قام التلاميذ بسن القوانين التفصيلية والتقليد الكنسي. لو كانت كلمات السيد المسيح تمثل تشريعا لما كانت هناك حاجة لتشريع وقانون كنسي. القوانين الكنسية التي جمعها صفي الدين بن العسال، والمعروفة بالمجمع الصفوي المكتوبة في القرن الـ 12 جمع فيها العالم الكنسي كل القوانين المعمول بها منذ بداية المسيحية، وهي تبيح الطلاق بشروط والزواج الثاني بشروط. هناك عدة مقالات هامة في مجلة الكرمة نشرها معلم الجيل الأستاذ حبيب جرجس أشاد فيه بقوانين الكنيسة القبطية في عام 1926 وقارنها الكاتب بالقانون الفرنسي ليظهر مدى تحضرها بل وأسبقيتها على القوانين الوضعية.
القوانين الكنسية تمثل التقليد الكنسي بل وسابقة على كتابة الأناجيل نفلسها. الكنيسة القبطية كنيسة تقليدية أي تحترم القانون الكنسي. الكنيسة التي ترفض التقليد الكنسي ترفض الأرثوذكسية. الكنيسة القبطية اتبعت المجمع الصفوي على الأقل منذ كتابته في القرن 12، وتمسك به كل البطاركة والمجامع المقدسة. هل كانت الكنيسة مخطئة حتى عصر الأنبا شنودة؟!!! كيف يتجاسر الأنبا شنودة على المخالفة بينما هناك طقس كنسي رسمي للزواج الثاني والثالث بعد الطلاق.
منع الزواج الثاني تعصب يسيء جدا للتعاليم المسيحية على طريقة الإسلاميين الذين يسيئون لإسلامهم بغباء التطرف الديني. لم يكن الزواج قرارا كنسيا أبدا فالمسيحية لم تستحدثه، بل كما يقول السيد المسيح "فأجاب وقال لهم أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى" (مت 19 : 4). السيد المسيح رفض تماما أن يكون الزواج من ترتيب الناموس الموسوى بل هو خليقة الله منذ البدء، فهو حق طبيعي مشروع لكل إنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه. القوانين الوضعية والطقوس الدينية وُضِعت لتنظم الحقوق والواجبات الخاصة بالزواج ولمباركته، لا لتفرض الأديان نفوذها السلطوي وسلطانها التكفيري لتحرم الإنسان من أخص حقوقه الطبيعية لأسباب تعسفية بحتة. فالله هو خالق الزواج من البدء فمن ذا الذي يملك حق أن يمنعه. المشكلة الكبرى في جهل الشعب بالقوانين الكنسية وعدم تعليم الكنيسة الشعب بشكل مقصود حتى، يسهل قيادتهم بجهلهم. تحكم الكنيسة في الزواج هو ديكتاتورية متطرفة كما لو تحكمت في التنفس. ومنع الزواج هرطقة ذكرها القديس بولس في رسالته الرعوية لتيموثاوس. قال السيد المسيح، "إن السبت وضع لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت". فكل نظام وكل تشريع وضع لخدمة الإنسان، لا ليذل الإنسان تحت سلطان وإسفاف رجل الدين المستغل الفاسد.
المسيح قال موسى سمح بإعطاء كتاب طلاق من أجل قسوة قلوبكم والكنيسة القبطية اليوم تمنع الزواج الثاني بسبب قسوة القلب، منع الزواج الثاني هو أسهل طريقة لتدمير المجتمع القبطي بترك الأقباط دينهم لأديان أخرى، كما هو دعوة لتفشي الزنى في المجتمع.
إن أكثر عصرتم فيه كسر القوانين الكنسية في جميع المجالات هو عصر الأنبا شنودة بما في ذلك القوانين الخاصة بانتخاب البابا نفسه. الأنبا شنودة ليس فقط هو أكثر من كسر القوانين الكنسية في تاريخ الكنيسة، بل ويعمل على تقنين المخالفة لتصبح هي القانون المستقبلي للكنيسة، مما يشكل خطرا على القيمة الحضارية للشعب القبطي. الأنبا شنودة نفسه هو ابن الزوجة الثانية، والقانون الكنسي يمنع ابن الزوجة الثانية من أن يتقلد أي رتبة كنسية حتى رتبة شماس!!! أخو الأنبا شنودة الأكبر روفائيل غير الشقيق من أم أخرى هي الزوجة الأولى. معنى ذلك أن الأنبا شنودة يضيف مخالفة جديدة لم يتنبه لها أحد لكل مخالفاته الجسيمة التي كسر وتحدى بها القانون الكنسي ليصل لمنصبه كبطريرك بطرق غير مشروعة معتمدا على ضغوط الدولة. فبأي حق يتشدق بالقانون الكنسي وتعاليم المسيح التي كسرها. كيف وهو أكثر من خالف القانون الكنسي، يريد باسم الله والدين والقانون أن يتحكم في أخص حقوق الإنسان بشكل استبدادي ليمنع الزواج الثاني.
إن أكثر عصر تضاعفت فيه حالات الطلاق في المجتمع القبطي هو نفسه العصر الذي تضاعف فيه عدد الأساقفة خمس مرات وتزايد فيه عدد الكهنة ربما لضعف نسبة زيادة الأساقفة. كل ذلك لا لخدمة الشعب والرعايا بل ليقيم حرسه الحديدي. النتيجة هي إهمال الرعاية فصار فساد الرعاية هو أهم سمات عصره وأهم العوامل لزيادة معدلات الطلاق ربما لأكثر من عشرة أضعاف ما كان عليه في عصر الأنبا كيرلس. إهمال الرعاية في هذا العصر يعتبر المسئول الأول عن الزيادة المهولة للطلاق، حيث الكثير من الكهنة بتدخلهم تحت اسم الاعتراف فأفسدوا حياة الكثير من الأسر، وهمشوا دور الأب في الأسرة، حتى يكون الكاهن هو المتسلط على الأسر. ورغم كل هذه الحقائق يقوم البابا بوضع العراقيل للوقوف أمام حل المشاكل الأسرية مع استفحال الرشوة والمحسوبية في ذلك المجال. لقد ذبح البطريرك الشعب القبطي باسم القانون الكنسي الأمر ألذي يقوم على الفريسية والعبث ولوي المفاهيم الإنجيلية باستخدام الآية الواحدة مع إفراغها من مضمونها والإهمال الكامل للتقليد الكنسي الذي هو سمة الأرثوذكسية الأولى، في الوقت الذي يتهم فيه البابا كل من ينطق بالحق الأرثوذكسي بالبروتستانتية.
الفساد الكنسي البطريركي الذي كسر القوانين الكنسية وأهمل التقليد المقدس هو أكثر ما يشجع على أسلمة الأقباط التي أصبحت تشكل ظاهرة مخيفة. فإن كان هناك ما يقرب من ثلاثمائة ألف حالة طلاق معلقة دون حل حسب ما هو شائع، فعلى الأقل هناك خمسة أضعاف هؤلاء هم الذين وجدوا الحل السهل في الإسلام. وآخرون يمارسون الزنى في علاقات غير مشروعة خارج النطاق العائلي مما يدمر الكيان القبطي وقيمته التاريخية الحضارية. البابا يقف كمسئول أول أمام الله والتاريخ عن ذلك الوضع المأسوى الذي هبط إليه المجتمع القبطي. الأنبا شنودة هو أكثر من خدم الإسلام لذلك تشيد به قناة الجزيرة وتعمل له ريبورتاج مليء بالأكاذيب والنفاق- بعد موقفه المخجل من أحداث نجح حمادي- حتى تدعم موقفه في تخريب المجتمع القبطي وتضليل الشعب.
تلك السياسة الخطرة التي استمرت لأربعين عاما دون مراجعة وهي في تزايد مستمر بل يقوم الأساقفة الجدد باستثمار هذه السياسة بما يبثونه من مفاهيم سلطوية غير أرثوذكسية لحساب سيطرتهم وتسلطهم وفسادهم. الشعب القبطي أصبح مثقل جدا ما بين التعصب الديني والإرهاب الحكومي غير المسبوق يسانده فساد كنسي يعبث ويسيء جدا للمستقبل. الشعب مطحون بين رحى السلطة الحكومية والسلطة الكنسية.
قلت في مقالي السابق - "المصيبة الكبرى أن الأنبا شنودة لا يقف وحده في وجه الحكومة بل يُعرِّض الشخصيات القبطية المسئولة بالدولة لمخاطر جسام، بزرعهم في مجلسه الملي وفرض مواقفه الخطيرة عليهم. المستشار نبيل ميرهم رئيس مجلس الدولة والمستشار إدوار غالب نائب رئيس مجلس الدولة لو تبنوا قضية الأنبا شنودة فهم لا يعرضوا أنفسهم فقط للمخاطر، بل يقوموا بفعل شائن يهدد كل الشخصيات القبطية التي يندر وجودها في المواقع القيادة بمصر. الأنبا شنودة اليوم يقامر بأقباط مصر ومستقبلهم من أجل نزوات تافهة محمومة."- وما كتبته منذ عام قد تحقق تماما فصراعات الكنيسة وعبث البطريرك قد أطاح بالمستشار نبيل ميرهم رئيس مجلس الدولة والمستشار إدوار غالب نائب رئيس مجلس الدولة من منصبيهما، ولكن البابا لا يهمه سوى حماقته وتسلطه الهتلري الطفولي المحموم فهو لا يهمه ضياع الشعب كله!!!
كيف يحدث كل ذلك والأقباط يسكتون؟!!!
منذ متى كان الأقباط ذلك الشعب الخانع مهيض الجناح المغلوب على أمره؟!!!
كيف استطاع البابا أن يهمش المثقفين لهذا الشعب ويسكتهم مرغمين؟!!!
وحتى متى يستمر ذلك الوضع المخيف؟!!!
إن الجهاز الإعلامي الدعائي للبابا والذي ينمو في كل يوم ويصرف عليه الملايين من دم الشعب المطحون، مع الإرهاب غير المسبوق الذي اتسم به ذلك العصر، مع التهديد بالحرم من الكنيسة لكل من يفتح فمه لينطق بالحق قد أسكت المثقف القبطي، وعندما يضطر للتكلم يتحفظ جدا في كلامه لدرجة أخلَّت بالمعرفة. وذلك شجع على ظهور دعاة المعرفة المغيبين مما ضاعف الضغط على المثقف القبطي حتى أخرسه.
يا أقباط حتى متى تسكتون ألم يحن الوقت بعد للعمل على التغيير؟!! أدعوكم للجلوس معا لتدبر أمر هذا البابا بشكل جماعي والعمل على إخماد الشر الذي نشب كنار متأججة في الحقل القبطي؟!!!!
_____________________________
الأنبا شنودة وحافة الكارثة (2)
التطرف هو أسهل وسيلة لتخريب أي شيء ناجح. وهو وسيلة هتلرية لدفع الشعب باستخدام العواطف مع إقصاء العقل نحو خراب محقق.
كان المجتمع القبطي في حالة ازدهار وإثمار منذ أربعين عاما فقط قبل أن يتسلم الأنبا شنودة قيادة الكنيسة. كان مجتمعا مزدهرا حتى أنه اجتذب الكثير من الكتاب العالميين فكتبوا الكثير من الكتب عن ذلك المجتمع الذي كان ناجحا بعلمه ومعرفته، متحضرا بقيمه وثقافته الرفيعة، واعدا بتطلعاته نحو المستقبل.
لم أكن أتصور أن شخصا وحدا يستطيع أن يفسد كل ذلك التألق في تلك المدة الوجيزة، إنه التطرف المفسد وكما يقول القديس بولس "لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي" (2كو 6:3).
لقد سبق أن كتبت عن موقف الأنبا شنودة من الزواج الثاني، ورفضه لتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، في مقال سابق تحت نفس العنوان، كتبته منذ أكثر من عام
واليوم يتكرر حكم المحكمة الإدارية العليا، فيكرر الأنبا شنودة موقفه بل يزبد في تطرفه بإعلان موقفه بشكل مستفز، يتحدي سيادة الدولة وسيادة القانون، معلنا العصيان، مما يُعرِّض الشعب القبطي كله لمخاطر جسام، بكل استهتار. المشكلة لها عدة جوانب في غاية من الخطورة.
الاستهتار بتنفيذ حكم محكمة يشكَّل سابقة خطيرة تُعرِّض مهابة الدولة كلها للازدراء، ما لم تقم الدولة بتنفيذ الحكم بالقوة بما يخوله القانون من حماية لسلطانها. وحتى تنفذ الدولة الحكم فليس أمامها سوى القبض على الأنبا شنودة ومحاكمته ومعاقتبه على تصرفاته المستفزة التي يُجرَّمها القانون. وفي هذه الحالة يتعرض الوطن كله لفتنة شعبية وكارثة قومية ضخمة فيها يخسر الجميع، وسيكون أكثر الخاسريين هم الأقباط. أي مهانة للأقباط لو تعرض البطريرك للمحاكمة والعقوبة؟!! لذلك فإذاء هذا الموقف المحرج لا تملك الحكومة إلا أن تتريس لمحاولة الوصول لحل بأقل الخسائر الممكنة، بينما الأنبا شنودة يلذ له أن يقف فوق حافة الكارثة يقامر بكل الشعب لحساب شعبيته الهتلرية ونزواته المحمومة. لم تكن هذه هي المرة الأولى لذلك السلوك المرضي الصبياني المختل، فتاريخه يشهد بمواقف مرضية كثيرة منذ حداثته كما أوضحت في مقالي السابق. إلا أن مثل هذه الشخصية المغامرة الهتلرية عندما توضع في موقع المسئولية فإنها تشكل خطرا جسيما على المجتمع. ولقد سبق له أن عرَّض الآقباط لمخاطر جسيمة في عام 1981 في أيام حكم السادات ومع كل المخاطر التي تعرض لها هو وكل الشعب فلم يرتدع بل يحاول تكرار تلك المجاذفة مرة أخرى بشكل أكثر تطرفا وأحكاما مما يعِّرض لعواقب أكثر خطرا.
من العجيب أن هذا البطريرك الذي لم يدافع ولا مرة واحدة عن حقوق الأقباط ضد الانتهاكات الحكومية المتكررة، بل في كل مرة كان موقفه المخزي يندي له الجبين. واليوم يقوم هو نفسه بانتهاك حقوق الأقباط الطبيعية بمنع الزواج ضد كل الأعراف والقوانين وحقوق الإنسان. وعندما تفرض الحكومة تنفيذ القانون يعلن بشكل مستفز رفضه لتنفيذ حكم أعلى سلطة قضائية بالدولة، معتمدا على شعبية ديمامجوجية، وعلى جهلة الشعب الذين يحركهم بعواطف طائفية نحو كارثة قومية. فالأنبا شنودة يضع الدولة في أقصى درجة من الحرج لا لصالح الأقباط بل ليسحق الأقباط لحساب شعبيته الهتلرية !!!
القضية التي يستميت الأنبا شنودة في الدفاع عنها تشكل مخالفات جسيمة لحقوق الإنسان وللتقليد الكنسي الأصيل مستخدما عبارة إنجيلية واحدة يفرغها من سياقها، حتى يعمل ضد تعاليم الإنجيل والكنيسة الأولى التي تقوم على أساس المحبة والرحمة لا على التعسف والقسوة والتسيد المرضي المحموم.
التعصب مع الجهل هو آفة الشعوب
المسيح لم يأتي بتشريع لكن بتعليم وإرشاد وأعطى السلطة التشريعية كلها في تسليم تلاميذه للروح القدس، حيث يفصِّلون كلمة الحق باستقامة لكل حالة. بناء على ذلك قام التلاميذ بسن القوانين التفصيلية والتقليد الكنسي. لو كانت كلمات السيد المسيح تمثل تشريعا لما كانت هناك حاجة لتشريع وقانون كنسي. القوانين الكنسية التي جمعها صفي الدين بن العسال، والمعروفة بالمجمع الصفوي المكتوبة في القرن الـ 12 جمع فيها العالم الكنسي كل القوانين المعمول بها منذ بداية المسيحية، وهي تبيح الطلاق بشروط والزواج الثاني بشروط. هناك عدة مقالات هامة في مجلة الكرمة نشرها معلم الجيل الأستاذ حبيب جرجس أشاد فيه بقوانين الكنيسة القبطية في عام 1926 وقارنها الكاتب بالقانون الفرنسي ليظهر مدى تحضرها بل وأسبقيتها على القوانين الوضعية.
القوانين الكنسية تمثل التقليد الكنسي بل وسابقة على كتابة الأناجيل نفلسها. الكنيسة القبطية كنيسة تقليدية أي تحترم القانون الكنسي. الكنيسة التي ترفض التقليد الكنسي ترفض الأرثوذكسية. الكنيسة القبطية اتبعت المجمع الصفوي على الأقل منذ كتابته في القرن 12، وتمسك به كل البطاركة والمجامع المقدسة. هل كانت الكنيسة مخطئة حتى عصر الأنبا شنودة؟!!! كيف يتجاسر الأنبا شنودة على المخالفة بينما هناك طقس كنسي رسمي للزواج الثاني والثالث بعد الطلاق.
منع الزواج الثاني تعصب يسيء جدا للتعاليم المسيحية على طريقة الإسلاميين الذين يسيئون لإسلامهم بغباء التطرف الديني. لم يكن الزواج قرارا كنسيا أبدا فالمسيحية لم تستحدثه، بل كما يقول السيد المسيح "فأجاب وقال لهم أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى" (مت 19 : 4). السيد المسيح رفض تماما أن يكون الزواج من ترتيب الناموس الموسوى بل هو خليقة الله منذ البدء، فهو حق طبيعي مشروع لكل إنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه. القوانين الوضعية والطقوس الدينية وُضِعت لتنظم الحقوق والواجبات الخاصة بالزواج ولمباركته، لا لتفرض الأديان نفوذها السلطوي وسلطانها التكفيري لتحرم الإنسان من أخص حقوقه الطبيعية لأسباب تعسفية بحتة. فالله هو خالق الزواج من البدء فمن ذا الذي يملك حق أن يمنعه. المشكلة الكبرى في جهل الشعب بالقوانين الكنسية وعدم تعليم الكنيسة الشعب بشكل مقصود حتى، يسهل قيادتهم بجهلهم. تحكم الكنيسة في الزواج هو ديكتاتورية متطرفة كما لو تحكمت في التنفس. ومنع الزواج هرطقة ذكرها القديس بولس في رسالته الرعوية لتيموثاوس. قال السيد المسيح، "إن السبت وضع لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت". فكل نظام وكل تشريع وضع لخدمة الإنسان، لا ليذل الإنسان تحت سلطان وإسفاف رجل الدين المستغل الفاسد.
المسيح قال موسى سمح بإعطاء كتاب طلاق من أجل قسوة قلوبكم والكنيسة القبطية اليوم تمنع الزواج الثاني بسبب قسوة القلب، منع الزواج الثاني هو أسهل طريقة لتدمير المجتمع القبطي بترك الأقباط دينهم لأديان أخرى، كما هو دعوة لتفشي الزنى في المجتمع.
إن أكثر عصرتم فيه كسر القوانين الكنسية في جميع المجالات هو عصر الأنبا شنودة بما في ذلك القوانين الخاصة بانتخاب البابا نفسه. الأنبا شنودة ليس فقط هو أكثر من كسر القوانين الكنسية في تاريخ الكنيسة، بل ويعمل على تقنين المخالفة لتصبح هي القانون المستقبلي للكنيسة، مما يشكل خطرا على القيمة الحضارية للشعب القبطي. الأنبا شنودة نفسه هو ابن الزوجة الثانية، والقانون الكنسي يمنع ابن الزوجة الثانية من أن يتقلد أي رتبة كنسية حتى رتبة شماس!!! أخو الأنبا شنودة الأكبر روفائيل غير الشقيق من أم أخرى هي الزوجة الأولى. معنى ذلك أن الأنبا شنودة يضيف مخالفة جديدة لم يتنبه لها أحد لكل مخالفاته الجسيمة التي كسر وتحدى بها القانون الكنسي ليصل لمنصبه كبطريرك بطرق غير مشروعة معتمدا على ضغوط الدولة. فبأي حق يتشدق بالقانون الكنسي وتعاليم المسيح التي كسرها. كيف وهو أكثر من خالف القانون الكنسي، يريد باسم الله والدين والقانون أن يتحكم في أخص حقوق الإنسان بشكل استبدادي ليمنع الزواج الثاني.
إن أكثر عصر تضاعفت فيه حالات الطلاق في المجتمع القبطي هو نفسه العصر الذي تضاعف فيه عدد الأساقفة خمس مرات وتزايد فيه عدد الكهنة ربما لضعف نسبة زيادة الأساقفة. كل ذلك لا لخدمة الشعب والرعايا بل ليقيم حرسه الحديدي. النتيجة هي إهمال الرعاية فصار فساد الرعاية هو أهم سمات عصره وأهم العوامل لزيادة معدلات الطلاق ربما لأكثر من عشرة أضعاف ما كان عليه في عصر الأنبا كيرلس. إهمال الرعاية في هذا العصر يعتبر المسئول الأول عن الزيادة المهولة للطلاق، حيث الكثير من الكهنة بتدخلهم تحت اسم الاعتراف فأفسدوا حياة الكثير من الأسر، وهمشوا دور الأب في الأسرة، حتى يكون الكاهن هو المتسلط على الأسر. ورغم كل هذه الحقائق يقوم البابا بوضع العراقيل للوقوف أمام حل المشاكل الأسرية مع استفحال الرشوة والمحسوبية في ذلك المجال. لقد ذبح البطريرك الشعب القبطي باسم القانون الكنسي الأمر ألذي يقوم على الفريسية والعبث ولوي المفاهيم الإنجيلية باستخدام الآية الواحدة مع إفراغها من مضمونها والإهمال الكامل للتقليد الكنسي الذي هو سمة الأرثوذكسية الأولى، في الوقت الذي يتهم فيه البابا كل من ينطق بالحق الأرثوذكسي بالبروتستانتية.
الفساد الكنسي البطريركي الذي كسر القوانين الكنسية وأهمل التقليد المقدس هو أكثر ما يشجع على أسلمة الأقباط التي أصبحت تشكل ظاهرة مخيفة. فإن كان هناك ما يقرب من ثلاثمائة ألف حالة طلاق معلقة دون حل حسب ما هو شائع، فعلى الأقل هناك خمسة أضعاف هؤلاء هم الذين وجدوا الحل السهل في الإسلام. وآخرون يمارسون الزنى في علاقات غير مشروعة خارج النطاق العائلي مما يدمر الكيان القبطي وقيمته التاريخية الحضارية. البابا يقف كمسئول أول أمام الله والتاريخ عن ذلك الوضع المأسوى الذي هبط إليه المجتمع القبطي. الأنبا شنودة هو أكثر من خدم الإسلام لذلك تشيد به قناة الجزيرة وتعمل له ريبورتاج مليء بالأكاذيب والنفاق- بعد موقفه المخجل من أحداث نجح حمادي- حتى تدعم موقفه في تخريب المجتمع القبطي وتضليل الشعب.
تلك السياسة الخطرة التي استمرت لأربعين عاما دون مراجعة وهي في تزايد مستمر بل يقوم الأساقفة الجدد باستثمار هذه السياسة بما يبثونه من مفاهيم سلطوية غير أرثوذكسية لحساب سيطرتهم وتسلطهم وفسادهم. الشعب القبطي أصبح مثقل جدا ما بين التعصب الديني والإرهاب الحكومي غير المسبوق يسانده فساد كنسي يعبث ويسيء جدا للمستقبل. الشعب مطحون بين رحى السلطة الحكومية والسلطة الكنسية.
قلت في مقالي السابق - "المصيبة الكبرى أن الأنبا شنودة لا يقف وحده في وجه الحكومة بل يُعرِّض الشخصيات القبطية المسئولة بالدولة لمخاطر جسام، بزرعهم في مجلسه الملي وفرض مواقفه الخطيرة عليهم. المستشار نبيل ميرهم رئيس مجلس الدولة والمستشار إدوار غالب نائب رئيس مجلس الدولة لو تبنوا قضية الأنبا شنودة فهم لا يعرضوا أنفسهم فقط للمخاطر، بل يقوموا بفعل شائن يهدد كل الشخصيات القبطية التي يندر وجودها في المواقع القيادة بمصر. الأنبا شنودة اليوم يقامر بأقباط مصر ومستقبلهم من أجل نزوات تافهة محمومة."- وما كتبته منذ عام قد تحقق تماما فصراعات الكنيسة وعبث البطريرك قد أطاح بالمستشار نبيل ميرهم رئيس مجلس الدولة والمستشار إدوار غالب نائب رئيس مجلس الدولة من منصبيهما، ولكن البابا لا يهمه سوى حماقته وتسلطه الهتلري الطفولي المحموم فهو لا يهمه ضياع الشعب كله!!!
كيف يحدث كل ذلك والأقباط يسكتون؟!!!
منذ متى كان الأقباط ذلك الشعب الخانع مهيض الجناح المغلوب على أمره؟!!!
كيف استطاع البابا أن يهمش المثقفين لهذا الشعب ويسكتهم مرغمين؟!!!
وحتى متى يستمر ذلك الوضع المخيف؟!!!
إن الجهاز الإعلامي الدعائي للبابا والذي ينمو في كل يوم ويصرف عليه الملايين من دم الشعب المطحون، مع الإرهاب غير المسبوق الذي اتسم به ذلك العصر، مع التهديد بالحرم من الكنيسة لكل من يفتح فمه لينطق بالحق قد أسكت المثقف القبطي، وعندما يضطر للتكلم يتحفظ جدا في كلامه لدرجة أخلَّت بالمعرفة. وذلك شجع على ظهور دعاة المعرفة المغيبين مما ضاعف الضغط على المثقف القبطي حتى أخرسه.
يا أقباط حتى متى تسكتون ألم يحن الوقت بعد للعمل على التغيير؟!! أدعوكم للجلوس معا لتدبر أمر هذا البابا بشكل جماعي والعمل على إخماد الشر الذي نشب كنار متأججة في الحقل القبطي؟!!!!
تعليق