جيل ما بعد الصحوة
بقلم/ ماجد بن عبدالرحمن البلوشي
بقلم/ ماجد بن عبدالرحمن البلوشي
بسم الله الرحمن الرحيم
• لم تعد الصحوة برموزها الحاليين ومنجزاتها الباهرة ومكتسباتها الضخمة اللاعب الوحيد على الساحة المحليّة ولا المتفرّدة بقيادة المشهد الثقافي .
• يؤكد الواقع أن انخرام جيل العلماء المؤثرين أحدث فراغاً سلبيّاً ساهم مساهمة مباشرةً في استهلال هذا الظهور لجيل ما بعد الصحوة .
• ترتّب على فراغ الساحة لدينا من العلماء المؤثرين بروز اليسار بشقّيه الإسلامي والليبرالي، ومع بون ما بين هذين التوجّهين إلا أن ظهورهما وبروزهما كان في مدة متقاربة .
• برز على السطح توجّه شيعي يحمل عمقاً فكرياً حقوقياً ونُضجاً سياسياً وتجربة حركيّة سابقة فنفض عن نفسه عباءة الكمون وأخذ ينشط في الساحة مقدّماً وعْياً جديداً مبنيّاً على خطاب تصالحي مع الواقع السنّي .
• الخروقات المتوالية لجدار المحافظة القيمية في المجتمع باتت تشكّل تهديداً واضحاً لمنظومة السلوك والقيَم التي شكّلت الفلسفة الأخلاقيّة الراسخة في أجيال الصحوة المتعاقبة .
• ليس بمُستغرب أن يركز الغرب على "جيل ما بعد الصحوة" ويستقطبهم من خلال أدواته المحليّة المتمثّلة في بعض اليسار الإسلامي المتقاطع مع الغرب ولو عن غير قصد أو من خلال المجوعات الليبراليّة المتماهيّة في المشروع الغربي .
(1)
لم يأخذ الاهتمام بظاهرة "جيل ما بعد الصحوة" المتناميّة محلياً بصورة جليّة واضحة مكانته التي يستحقها لدى النخب الثقافيّة المُستقلة أو الأوساط الشرعيّة الفاعلة في المملكة العربيّة السعوديّة، فعلى الرغم من أهميّة هذه المرحلة الانتقالية التي أخذت تتشكّل فيها معالم التصوّر لدى "جيل ما بعد الصحوة" والتحولات المهمّة المنبثقة عنه إلا أنها لم تستوف حقها من الدراسة والبحث ورصد واقعها واستشراف مستقبلها بشقّيه المرحلي القريب أو البعيد، ومرد ذلك فيما يظهر لي إلى قلة مراكز بحثيّة النوعيّة المعنيّة بدراسة مثل هذه الظواهر دراسة علميّة موضوعيّة مبنيّة على استقراء الواقع وتتبّعه واستعراض مسيرة العمل الإسلامي – العلمي أو الدعوي أو الخيري – وتقييمه بتطبيق المعايير المتعبة في هذا النوع من الدراسات.
وبعيداً عن البحث في أسباب عدم الاهتمام بهذا النوع من الدراسات فهو ليس بموضوعنا حالياً مع أهمّيته في نفسه، إلا أنَّ "جيل ما بعد الصحوة" وحجم تأثيره ومعالم فكره وموارد ثقافته ومصادر معلوماته ودائرة اهتمامه وتشكيل ولائه وبلورة وعْيه ومنظومة قيَمه وغير ذلك من الأمور المهمة التي تتصل به يحتاج إلى قراءة فاحصة ومراجعة متأنية.
لفتت نظري قبل مدّة أثناء انشغالي الذهني بالتفكير في "جيل ما بعد الصحوة" مقاربة مهمّة قدّمها عرّاب الملف الإيراني في الصحافة الغربيّة الكاتب الأمريكي "كينيث تيمرمان Kenneth Timmerman " – مؤلف الكتاب المشهور "العد التنازلي للأزمة: المواجهة النووية القادمة مع إيران countdown to crisis: the coming nuclear showdown with Iran " - ونُشرت حينها في الصحافة الأمريكية ذكر فيها أن ما بين 60% إلى 70% من مجموع الشعب الإيراني نشأ بعد ثورة الخميني أي أنهم جميعاً من "جيل ما بعد الثورة"، وهو يرى بموجب أن من الممكن التعويل على هذه الشريحة الآخذة في الاتساع والتمدد لإعادة بناء المجتمع الإيراني وُفق المنظور والرؤية الغربيّة ولخلخلة نظام الحكم الديني في إيران الأمر الذي يمهّد لإحداث تغيير داخليّ جذري، لاسيّما أن "جيل ما بعد الثورة" لا ينتمي إلى معمّمي الثورة برابط الولاء المطلق، فلم يحضروا مآثر الثورة ولا شاركوا فيها ولهذا أصبحوا من أهم العوامل التي استخدمتها الولاية المتحدة الأمريكية لإحداث الهزّة داخل المجتمع الإيراني ومحاولة تنحية التيّار المحافظ وقد نجحوا إلى حد بعيد في ذلك.
هذا الذي أشار إليه "كينيث تيمرمان Kenneth Timmerman " واهتم به الاهتمام البالغ يمكن تنزيله على واقع الصحوة لدينا لكن مع فرق في الدرجة لا في النوع، إذ نشأ لدينا جيل لم يعش التفاصيل الكاملة لحالة الصحوة الإسلاميّة ولا أدرك رموزها الكبار أو تنعّم بمنجزاتها ولم يتدرّج في محاضنها بل شبَّ عن الطوق وقد أدرك ثالبيها ووقف على طوفان من النقائص التي نيطت بالصحوة وأهلها، فهو بذلك منبتُّ الصلة عنها ويعتريه حالة من اليأس والإحباط الشديد المستولي على تفكيره لمستقبل الصحوة ويشعر بنوع من الاستقلالية والقدرة على اختطاط طريق جديد، فضلاً عن شعوره بشيء من اليأس لعدم قدرة الصحوة على مجاراة واقع الحياة الذي اختار طريقاً مجافياً للمحافظة والتمسك.
نحن إذاً في عهد جديد تعدد فيه الفاعلون، وتنوّعت فيه التوجهات بمناهجها المتخلفة وأدواتها الجديدة، ولم تعد الصحوة برموزها الحاليين ومنجزاتها الباهرة ومكتسباتها الضخمة اللاعب الوحيد على الساحة المحليّة ولا المتفرّدة بقيادة المشهد الثقافي.
ثمّة عوامل مهمّة أدّت إلى تسارع النشأة الأولى لجيل ما بعد الصحوة واتساع المساحة الوجودية له.
يتبع
• لم تعد الصحوة برموزها الحاليين ومنجزاتها الباهرة ومكتسباتها الضخمة اللاعب الوحيد على الساحة المحليّة ولا المتفرّدة بقيادة المشهد الثقافي .
• يؤكد الواقع أن انخرام جيل العلماء المؤثرين أحدث فراغاً سلبيّاً ساهم مساهمة مباشرةً في استهلال هذا الظهور لجيل ما بعد الصحوة .
• ترتّب على فراغ الساحة لدينا من العلماء المؤثرين بروز اليسار بشقّيه الإسلامي والليبرالي، ومع بون ما بين هذين التوجّهين إلا أن ظهورهما وبروزهما كان في مدة متقاربة .
• برز على السطح توجّه شيعي يحمل عمقاً فكرياً حقوقياً ونُضجاً سياسياً وتجربة حركيّة سابقة فنفض عن نفسه عباءة الكمون وأخذ ينشط في الساحة مقدّماً وعْياً جديداً مبنيّاً على خطاب تصالحي مع الواقع السنّي .
• الخروقات المتوالية لجدار المحافظة القيمية في المجتمع باتت تشكّل تهديداً واضحاً لمنظومة السلوك والقيَم التي شكّلت الفلسفة الأخلاقيّة الراسخة في أجيال الصحوة المتعاقبة .
• ليس بمُستغرب أن يركز الغرب على "جيل ما بعد الصحوة" ويستقطبهم من خلال أدواته المحليّة المتمثّلة في بعض اليسار الإسلامي المتقاطع مع الغرب ولو عن غير قصد أو من خلال المجوعات الليبراليّة المتماهيّة في المشروع الغربي .
(1)
لم يأخذ الاهتمام بظاهرة "جيل ما بعد الصحوة" المتناميّة محلياً بصورة جليّة واضحة مكانته التي يستحقها لدى النخب الثقافيّة المُستقلة أو الأوساط الشرعيّة الفاعلة في المملكة العربيّة السعوديّة، فعلى الرغم من أهميّة هذه المرحلة الانتقالية التي أخذت تتشكّل فيها معالم التصوّر لدى "جيل ما بعد الصحوة" والتحولات المهمّة المنبثقة عنه إلا أنها لم تستوف حقها من الدراسة والبحث ورصد واقعها واستشراف مستقبلها بشقّيه المرحلي القريب أو البعيد، ومرد ذلك فيما يظهر لي إلى قلة مراكز بحثيّة النوعيّة المعنيّة بدراسة مثل هذه الظواهر دراسة علميّة موضوعيّة مبنيّة على استقراء الواقع وتتبّعه واستعراض مسيرة العمل الإسلامي – العلمي أو الدعوي أو الخيري – وتقييمه بتطبيق المعايير المتعبة في هذا النوع من الدراسات.
وبعيداً عن البحث في أسباب عدم الاهتمام بهذا النوع من الدراسات فهو ليس بموضوعنا حالياً مع أهمّيته في نفسه، إلا أنَّ "جيل ما بعد الصحوة" وحجم تأثيره ومعالم فكره وموارد ثقافته ومصادر معلوماته ودائرة اهتمامه وتشكيل ولائه وبلورة وعْيه ومنظومة قيَمه وغير ذلك من الأمور المهمة التي تتصل به يحتاج إلى قراءة فاحصة ومراجعة متأنية.
لفتت نظري قبل مدّة أثناء انشغالي الذهني بالتفكير في "جيل ما بعد الصحوة" مقاربة مهمّة قدّمها عرّاب الملف الإيراني في الصحافة الغربيّة الكاتب الأمريكي "كينيث تيمرمان Kenneth Timmerman " – مؤلف الكتاب المشهور "العد التنازلي للأزمة: المواجهة النووية القادمة مع إيران countdown to crisis: the coming nuclear showdown with Iran " - ونُشرت حينها في الصحافة الأمريكية ذكر فيها أن ما بين 60% إلى 70% من مجموع الشعب الإيراني نشأ بعد ثورة الخميني أي أنهم جميعاً من "جيل ما بعد الثورة"، وهو يرى بموجب أن من الممكن التعويل على هذه الشريحة الآخذة في الاتساع والتمدد لإعادة بناء المجتمع الإيراني وُفق المنظور والرؤية الغربيّة ولخلخلة نظام الحكم الديني في إيران الأمر الذي يمهّد لإحداث تغيير داخليّ جذري، لاسيّما أن "جيل ما بعد الثورة" لا ينتمي إلى معمّمي الثورة برابط الولاء المطلق، فلم يحضروا مآثر الثورة ولا شاركوا فيها ولهذا أصبحوا من أهم العوامل التي استخدمتها الولاية المتحدة الأمريكية لإحداث الهزّة داخل المجتمع الإيراني ومحاولة تنحية التيّار المحافظ وقد نجحوا إلى حد بعيد في ذلك.
هذا الذي أشار إليه "كينيث تيمرمان Kenneth Timmerman " واهتم به الاهتمام البالغ يمكن تنزيله على واقع الصحوة لدينا لكن مع فرق في الدرجة لا في النوع، إذ نشأ لدينا جيل لم يعش التفاصيل الكاملة لحالة الصحوة الإسلاميّة ولا أدرك رموزها الكبار أو تنعّم بمنجزاتها ولم يتدرّج في محاضنها بل شبَّ عن الطوق وقد أدرك ثالبيها ووقف على طوفان من النقائص التي نيطت بالصحوة وأهلها، فهو بذلك منبتُّ الصلة عنها ويعتريه حالة من اليأس والإحباط الشديد المستولي على تفكيره لمستقبل الصحوة ويشعر بنوع من الاستقلالية والقدرة على اختطاط طريق جديد، فضلاً عن شعوره بشيء من اليأس لعدم قدرة الصحوة على مجاراة واقع الحياة الذي اختار طريقاً مجافياً للمحافظة والتمسك.
نحن إذاً في عهد جديد تعدد فيه الفاعلون، وتنوّعت فيه التوجهات بمناهجها المتخلفة وأدواتها الجديدة، ولم تعد الصحوة برموزها الحاليين ومنجزاتها الباهرة ومكتسباتها الضخمة اللاعب الوحيد على الساحة المحليّة ولا المتفرّدة بقيادة المشهد الثقافي.
ثمّة عوامل مهمّة أدّت إلى تسارع النشأة الأولى لجيل ما بعد الصحوة واتساع المساحة الوجودية له.
يتبع
تعليق