العالم الإسلامي في ظل طعنات الاستشراق ( تقرير )
ذاكرة التاريخ
ذاكرة التاريخ
يؤكد الدكتور عبد المنعم محمد حسنين أن من الخطأ القول إن الاستشراق حركة علمية لا هدف لها إلا دراسة التراث الشرقي في معتقداته وآدابه؛ لأن الاستشراق في الحقيقة والواقع خادم للاستعمار وأهدافه، وهو يتخذ من دراسة التراث الشرقي وسيلة لمحاربة الإسلام، والتشكيك في مصادره ليصرف المسلمين عن دينهم، فلا تتحقق لهم قوة ولا عزة، بل يظلون تابعين للغرب، مقلّدين كل ما في بلاده من ألوان الفساد والانحلال.
والاستشراق حقل معرفي ضخم نشأ في الغرب لدراسة الثقافات الشرقية وتمثلها في الفنون المختلفة. وتعتبر الجوانب العلمية والسياسية والدينية للاستشراق هي الأبرز بين جوانبه المختلفة، فقد كانت الهاجس الرئيس وراء نشوئه. غير أن الجوانب الأخرى، في الفنون والآداب الغربية، ذات أهمية لمن يريد التعرف على ذلك الحقل في مختلف جوانبه.
التعريف اللغوي:
لو أرجعنا هـذه الكلمة إلى أصلها لوجدناها مأخوذة من كلمة إشراق ثم أضيف إليها ثلاثة حروف هي الألف والسين والتاء، ومعناها طلب النور والهداية والضياء، والإشراق من الشرق حيث نزلت الديانات الثلاث اليهودية والنصرانية والإسلام. ولما كان الإسلام هو الدين الغالب فأصبح معنى الاستشراق البحث عن معرفة الإسلام والمسلمين وبلاد المسلمين عقيدة وشريعة وتاريخاً ومجتمعاً وتراثاً...الخ.
التعريف عند الغربيين:
ومع أن مصطلح الاستشراق ظهر في الغرب منذ قرنين من الزمان على تفاوت بسيط بالنسبة للمعاجم الأوروبية المختلفة، لكن الأمر المتيقن أن البحث في لغات الشرق وأديانه وبخاصة الإسلام قد ظهر قبل ذلك بكثير، ولعل كلمة مستشرق قد ظهرت قبل مصطلح استشراق، فهذا آربري في بحث له في هذا الموضوع يقول "والمدلول الأصلي لاصطلاح (مستشرق) كان في سنة 1638م أحد أعضاء الكنيسة الشرقية أو اليونانية"، وفي سنة 1691 وصف آنتوني وود صمويل كلارك بأنه (استشراقي نابه) يعنى ذلك أنه عرف بعض اللغات الشرقية.
ويرى رودي بارت أن الاستشراق هو "علم يختص بفقه اللغة خاصة، وأقرب شي إليه إذن أن نفكر في الاسم الذي أطلق عليه كلمة استشراق مشتقة من كـلمة ’شرق’ وكلمة شرق تعني مشرق الشمس، وعلى هذا يكون الاستشراق هو علم الشرق أو عـلم العالم الشرقي".
ويعتمد المستشرق الإنجليزي آربري تعريف قاموس أكسفورد الذي يعرف المستشرق بأنه "من تبحّر في لغات الشرق وآدابه".
عندالعرب:
ولو انتقلنا إلى العرب والمسلمين الذين تناولوا هذا المصطلح نجد أن لإدوارد سعيد عدة تعريفات للاستشراق منها أنه "أسلوب في التفكير مبني على تميّز متعلق بوجود المعرفة بين الشرق وبين الغرب". ويضيف بأن الاستشراق ليس مجرد موضوع سياسي أو حقل بحثي ينعكس سلباً باختلاف الثقافات والدراسـات أو المؤسسات وليس تكديساً لمجموعة كبيرة من النصوص حول المشرق … إنه بالتالي توزيع للوعي الجغرافي إلى نصوص جمالية وعلمية واقتصادية واجتماعية وفي فقه اللغة. وفي موضع آخر يعرف سعيد الاستشراق بأنه المجال المعرفي أو العلم الذي يُتوصل به إلى الشرق بصورة منظمّة كموضوع للتعلم والاكتشاف والتطبيق. ويقول في موضع آخر إنّ الاستشراق: نوع من الإسقاط الغربي على الشرق وإرادة حكم الغرب للشرق".
أما الدكتور أحمد عبد الحميد غراب فقد اختار هـذا التعريف: "دراسات أكاديمية يقوم بها غربيون كافرون –من أهل الكتاب بوجه خاص- للإسلام والمسلمين، من شـتى الجوانب عقيدة، وشريعة، وثقافة، وحضارة، وتاريخاً، ونظمـاً، وثروات وإمكانات؛ بهدف تشويه الإسلام ومحاولة تشكيك المسلمين فيه، وتضليلهم عنه، وفرض التبعية للغرب عليهم، ومحاولـة تبرير هذه التبعية بدراسات ونظريات تدعي العلمية والموضوعية، وتزعم التفوق العنصري والثقافي للغرب المسيحي على الشرق الإسلامي".
تعليق