الرد علي شبهه تعدد زوجات النبي صلي الله علية وسلم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

وليد المسلم مسلم اكتشف المزيد حول وليد المسلم
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • وليد المسلم
    مشرف عام

    • 11 يون, 2006
    • 762
    • مسلم

    الرد علي شبهه تعدد زوجات النبي صلي الله علية وسلم

    يحاول الحاقدون على الإسلام من النصارى أن يثيروا الشبهات في زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين، فكيف ندحض هذه الشبهة ونلقم أصحابها الحجارة في حلوقهم؟

    الجواب :

    نقول لهؤلاء النصارى :

    إنكم تزعمون أن تعدد الزوجات عيب يخل بمقام النبوة ، وبديهي أن الزنا الصريح أشد عيباً وفظاعة من تعدد الزوجات ( على فرض أن الزواج عيب ) . وأن الزنا بإمرأة القائد المخلص وقتله للإستيلاء على إمرأته أشد فظاعة ونكراً من الزنا العادي . وأن الزنا بالبنات والمحارم أشد فظاعة وجرماً من الزنا بإمرأة القائد وأن خيانة الله سبحانه وخداعه في أمر الرسالة أشد جرماً من الزنا في ذاته ، وهذه الأمور كلها قد ذكرها كتابكم المقدس صراحةً وألصقها بالأنبياء الكرام الذي عبرعنهم كتابكم المقدس بأنهم أولاد الله الأبكار ! وأنتم مع ذلك تؤمنون بكتابكم المقدس وتؤمنون بأن هؤلاء الأنبياء الذين ارتكبوا هذه الجرائم والموبقات من كبار الأنبياء


    وتؤمنون أيضاً أن ارتكاب الانبياء لهذه الخطايا والجرائم ليس فيه اسقاط لنبوتهم .

    على أن تعدد الأزواج قد وجد في الأنبياء العظام كإبراهيم وداود ويعقوب وسليمان وغيرهم كما نص بذلك كتابكم المقدس وبالتالي كيف يصح لعاقل منكم قرأ كتابه المقدس أن يعيب ويطعن على محمد صلى الله عليه وسلم الذي جمع بين عدد من النساء ؟!

    ألا يعلم المبشرون أن طعنهم على كتاب الله ونبي الله بهذه الحالة هو في الحقيقة طعن على كتابهم المقدس ؟! لأن البداهة تقضي بأن يقول الناس إذا كان تعدد الأزواج عيباً ينافي النبوة فالزنا الصريح والشرك والخيانة التي اثبتها كتابكم المقدس في حق نبي الله داود وسليمان الحكيم تنافي النبوة من باب أولى ومع هذا فلا يمكن للمبشرين أن يسقطوا ويطعنوا في نبوة هؤلاء الانبياء

    وبالتالي أصبح النصارى أمام أمرين :

    إما أن يكفوا عن الكلام في موضوع تعدد زوجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإما أن يعترفوا بأن كتابهم المقدس الذي نقل عن الانبياء انهم عددوا في الأزواج وأن منهم زناة ومجرمين وخطاة هو من المحرف . . .

    أيها السائل الكريم :

    لقد درج أعداء الإسلام منذ القديم على التشكيك في نبي الإسلام والطعن في رسالته والنيل من كرامته، ينتحلون الأكاذيب والأباطيل ليشككوا المؤمنين في دينهم، ويبعدوا الناس عن الإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم، ولا عجب أن نسمع مثل هذا البهتان والافتراء والتضليل في حق الأنبياء والمرسلين، فتلك سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، وصدق الله حيث يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىّ عَدُوّاً مّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان: 31].

    وقبل أن نتحدث عن أمهات المؤمنين الطاهرات وحكمة الزواج بهن نحبّ أن نرد على شبهة سقيمة طالما أثارها كثير من الأعداء من الصليبيين الحاقدين والغربيين المتعصبين.

    رددوها كثيرًا ليفسدوا بها العقائد ويطمسوا بها الحقائق ولينالوا من صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه إنهم يقولون: "لقد كان محمد رجلاً شهوانيًا يسير وراء شهواته وملذاته ويمشي مع هواه، لم يكتف بزوجة واحدة أو بأربع كما أوجب على أتباعه، بل عدَّد الزوجات فتزوج عشر نسوة أو يزيد سيرًا مع الشهوة وميلاً مع الهوى".

    كما يقولون أيضًا: "فرق كبير وعظيم بين عيسى وبين محمد، فرق بين من يغالب هواه ويجاهد نفسه كعيسى بن مريم وبين من يسير مع هواه ويجري وراء شهواته كمحمد"، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5].

    حقًا إنهم لحاقدون كاذبون فما كان محمد عليه الصلاة والسلام رجلاً شهوانيًا إنما كان نبيًا إنسانيًا تزوج كما يتزوج البشر، ليكون قدوة لهم في سلوك الطريق السوي، وليس هو إلهًا ولا ابن إله كما يعتقد النصارى في نبيهم، إنما هو بشر مثلهم فضَّله الله عليهم بالوحي والرسالة، {قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110].

    ولم يكن صلوات الله وسلامه عليه بدعًا من الرسل حتى يخالف سنتهم أو ينقض طريقتهم فالرسل الكرام قد حكى القرآن الكريم عنهم بقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً} [الرعد: 38]

    فعلام إذًا يثيرون هذه الزوابع الهوج في حق خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام؟ ولكن كما يقول القائل:

    قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم

    وصدق الله حيث يقول: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَـارُ وَلَـكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ} [الحج: 46]

    رد الشبهة:

    هناك نقطتان جوهريتان تدفعان الشبهة عن النبي الكريم وتلقمان الحجر لكل مفتر أثيم يجب ألا نغفل عنهما وأن نضعهما نصب أعيننا حين نتحدث عن أمهات المؤمنين وعن حكمة تعدد زوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أجمعين.

    هاتان النقطتان هما:

    أولاً: لم يعدد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاته إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.

    ثانيًا: جميع زوجاته الطاهرات ثيبات ـ أرامل ـ ما عدا السيدة عائشة رضي الله عنها فهي بكر، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي في حالة الصبا والبكارة، ومن هاتين النقطتين ندرك بكل بساطة تفاهة هذه التهمة وبطلان ذلك الادعاء الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون.

    فلو كان المراد من الزواج الجري وراء الشهوة أو السير مع الهوى أو مجرد الاستمتاع بالنساء لتزوج في سن الشباب لا في سن الشيخوخة، ولتزوج الأبكار الشابات لا الأرامل المسنات، وهو القائل لجابر بن عبد الله حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة: ((هل تزوجت؟)) قال: نعم، قال: ((بكرًا أم ثيبًا؟)) قال: بل ثيبًا، فقال له صلوات الله عليه: ((فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك)

    فالرسول الكريم أشار عليه بتزوج البكر وهو عليه السلام يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار ويتزوج في سن الشيخوخة ويترك سن الصبا إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟!

    إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهجهم وأرواحهم، ولو أنه طلب الزواج لما تأخر أحد منهم عن تزويجه بمن شاء من الفتيات الأبكار الجميلات، فلماذا لم يعدد الزوجات في مقتبل العمر وريعان الشباب؟! ولماذا ترك الزواج بالأبكار وتزوج الثيبات؟! إن هذا بلا شك يدفع كل تقوُّل وافتراء ويدحض كل شبهة وبهتان ويرد على كل أفاك أثيم يريد أن ينال من قدسية الرسول أو يشوِّه سمعته، فما كان زواج الرسول بقصد الهوى أو الشهوة، وإنما كان لحكم جليلة وغايات نبيلة وأهداف سامية سوف يقر الأعداء بنبلها وجلالها إذا ما تركوا التعصب الأعمى وحكَّموا منطق العقل والوجدان، وسوف يجدون في هذا الزواج المثل الأعلى في الإنسان الفاضل الكريم والرسول النبي الرحيم، الذي يضحي براحته في سبيل مصلحة غيره وفي سبيل مصلحة الدعوة والإسلام.

    إن الحكمة من تعدد زوجات الرسول كثيرة ومتشعبة ويمكننا أن نجملها فيما يلي:

    أولاً: الحكمة التعليمية.

    ثانيًا: الحكمة التشريعية.

    ثالثًا: الحكمة الاجتماعية.

    رابعًا: الحكمة السياسية.

    أولاً: الحكمة التعليمية:

    لقد كانت الغاية الأساسية من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم هي تخريج بعض معلمات للنساء يعلمهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصيف المجتمع، وقد فرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال.

    وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور الشرعية وخاصة المتعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة والأمور الزوجية وغيرها من الأحكام، وقد كانت المرأة تغالب حياءها حينما تريد أن تسأل الرسول الكريم عن بعض هذه المسائل، كما كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الحياء الكامل، وكان كما تروي كتب السنة أشد حياءً من العذراء في خدرها، فما كان عليه الصلاة والسلام يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يعرض عليه من جهة النساء بالصراحة الكاملة بل كان يكني في بعض الأحيان ولربما لم تفهم المرأة عن طريق الكناية مراده عليه السلام.

    تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فعلّمها صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل ثم قال لها: ((خذي فرصة ممسكة ـ أي قطعة من القطن بها أثر الطيب ـ فتطهري بها)) قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: ((تطهري بها)) قالت: كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ فقال لها: ((سبحان الله تطهري بها))، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها من يدها فقلت: ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم. وصرحت لها بالمكان الذي تضعها فيه، فكان صلوات الله عليه وسلم يستحي من مثل هذا التصريح.
    يتبع
  • وليد المسلم
    مشرف عام

    • 11 يون, 2006
    • 762
    • مسلم

    #2
    وهكذا كان القليل أيضًا من النساء من تستطيع أن تتغلب على نفسها وعلى حيائها فتجاهر النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال عما يقع لها، نأخذ مثلاً لذلك حديث أم سلمة المروي في الصحيحين وفيه تقول: جاءت أم سُليم ـ زوج أبي طلحة ـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعم إذا رأت الماء)) فقالت أم سلمة: لقد فضحت النساء، ويحك أو تحتلم المرأة؟ فأجابها النبي الكريم بقوله: ((إذًا فيم يشبهها الولد؟)).
    مراده عليه السلام أن الجنين يتولد من ماء الرجل وماء المرأة، ولهذا يأتي له شبه بأمه، وهكذا كما قال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَـهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان: 2]. قال ابن كثير رحمه الله: "أمشاج أي أخلاط والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض، قال ابن عباس: يعني ماء الرجل وماء المرأة، إذا اجتمعا واختلطا..."
    وهكذا مثل هذه الأسئلة المحرجة، كان يتولى الجواب عنها فيما بعد زوجاته الطاهرات، ولهذا تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (رحم الله نساء الأنصار؛ ما منعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، وكانت المرأة منهن تأتي إلى السيدة عائشة في الظلام لتسألها عن بعض أمور الدين، وعن أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها من الأحكام، فكان نساء الرسول خير معلمات وموجهات لهن وعن طريقهن تفقه النساء في دين الله.
    ثم إنه من المعلوم أن السنة المطهرة ليست قاصرة على قول النبي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل هي تشمل قوله وفعله وتقريره، وكل هذا من التشريع الذي يجب على الأمة اتباعه، فمن ينقل لنا أخباره وأفعاله عليه السلام في المنزل غير هؤلاء النسوة اللواتي أكرمهن الله، فكن أمهات للمؤمنين، وزوجات لرسوله الكريم في الدنيا والآخرة؟!
    لا شك أن لزوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أكبر الفضل في نقل جميع أحواله وأطواره وأفعاله المنزلية عليه أفضل الصلاة والتسليم.
    ولقد أصبح من هؤلاء الزوجات معلمات ومحدثات نقلن هديه عليه السلام، واشتهرن بقوة الحفظ والنبوغ والذكاء.
    ثانيًا: الحكمة التشريعية:
    ونتحدث الآن عن الحكمة التشريعية التي هي جزء من حكمة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الحكمة ظاهرة تدرك بكل بساطة، وهي أنها كانت من أجل إبطال بعض العادات الجاهلية المستنكرة، ونضرب لذلك مثلاً بدعة التبني التي كان يفعلها العرب قبل الإسلام فقد كانت دينًا متوارثًا عندهم، يتبنى أحدهم ولدًا ليس من صلبه ويجعله في حكم الولد الصلبي، ويتخذه ابنًا حقيقيًا له حكم الأبناء من النسب في جميع الأحوال؛ في الميراث والطلاق والزواج ومحرمات المصاهرة ومحرمات النكاح إلى غير ما هنالك مما تعارفوا عليه، وكان دينًا تقليديًا متبعًا في الجاهلية.
    كان الواحد منهم يتبنى ولد غيره فيقول له: "أنت ابني، أرثك وترثني"، وما كان الإسلام ليقرهم على باطل، ولا ليتركهم يتخبطون في ظلمات الجاهلة، فمهد لذلك بأن ألهم رسوله عليه السلام أن يتبنى أحد الأبناء ـ وكان ذلك قبل البعثة النبوية ـ فتبنى عليه السلام زيد بن حارثة على عادة العرب قبل الإسلام. وفي سبب تبنيه قصة من أروع القصص، وحكمة من أروع الحكم ذكرها المفسرون وأهل السير، لا يمكننا الآن ذكرها لعدم اتساع المجال. وهكذا تبنى النبيُ الكريم زيدَ بن حارثة، وأصبح الناس يدعونه بعد ذلك اليوم زيد بن محمد.
    روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال: (إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله} [الأحزاب: 5] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت زيد بن شراحبيل)).
    وقد زوجه عليه السلام بابنة عمته زينب بن جحش الأسدية، وقد عاشت معه مدة من الزمن، ولكنها لم تطل فقد ساءت العلاقات بينهما، فكانت تغلظ له القول، وترى أنها أشرف منه؛ لأنه كان عبدًا مملوكًا قبل أن يتبناه الرسول وهي ذات حسب ونسب.
    ولحكمة يريدها الله تعالى طلق زيد زينب، فأمر الله رسوله أن يتزوجها ليبطل بدعة التبني ويقيم أسس الإسلام، ويأتي على الجاهلية من قواعدها، ولكنه عليه السلام كان يخشى من ألسنة المنافقين والفجار، أن يتكلموا فيه ويقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه، فكان يتباطأ حتى نزل العتاب الشديد لرسول الله عليه السلام، في قوله جل وعلا: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَـاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37].
    وهكذا انتهى حكم التبني، وبطلت تلك العادات التي كانت متبعة في الجاهلية، وكانت دينًا تقليديًا لا محيد عنه ونزل قوله تعالى مؤكدًا هذا التشريع الإلهي الجديد {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيماً} [الأحزاب: 40].
    وقد كان هذا الزواج بأمر من الله تعالى، ولم يكن بدافع الهوى والشهوة كما يقول بعض الأفاكين المرجفين من أعداء الله، وكان لغرض نبيل وغاية شريفة هي إبطال عادات الجاهلية وقد صرّح الله عز وجل بغرض هذا الزواج بقوله: {لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً} [الأحزاب: 37].
    وقد تولى الله عز وجل تزويج نبيه الكريم بزينب امرأة ولده من التبني، ولهذا كانت تفخر على نساء النبي بهذا الزواج الذي قضى به رب العزة من فوق سبع سماوات.
    روى البخاري بسنده أن زينب رضي الله عنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات)، وهكذا كان هذا الزواج للتشريع وكان بأمر الحكيم العليم فسبحان من دقت حكمته أن تحيط بها العقول والأفهام وصدق الله: {وَمَا أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85].
    ثالثًا: الحكمة الاجتماعية:
    أما الحكمة الثالثة فهي الحكمة الاجتماعية، وهذه تظهر بوضوح في تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بابنة الصديق الأكبر أبي بكر رضي الله عنه، وزيره الأول، ثم بابنة وزيره الثاني الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه، ثم باتصاله عليه السلام بقريش اتصال مصاهرة ونسب وتزوجه العدد منهن مما ربط بين هذه البطون والقبائل برباط وثيق وجعل القلوب تلتف حوله وتلتقي حول دعوته في إيمان وإكبار وإجلال.
    لقد تزوج النبي صلوات الله عليه بالسيدة عائشة بنت أحب الناس إليه وأعظمهم قدرًا لديه ألا وهو أبو بكر الصديق الذي كان أسبق الناس إلى الإسلام، وقدم نفسه وروحه وماله في سبيل نصرة دين الله والذود عن رسوله وتحمل ضروب الأذى في سبيل الإسلام حتى قال عليه السلام كما في الترمذي مشيدًا بفضل أبي بكر: ((ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه بها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدًا يكافيه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر، وما عرضت الإسلام على أحد إلا تردد ما عدا أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، إلا وإن صاحبكم خليل الله تعالى)).
    فلم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم مكافأة لأبي بكر في الدنيا أعظم من أن يقر عينه بهذا الزواج بابنته ويصبح بينهما مصاهرة وقرابة تزيد في صداقتهما وترابطهما الوثيق، كما تزوج صلوات الله عليه بالسيدة حفصة بنت عمر، فكان ذلك قرة عين لأبيها عمر على إسلامه وصدقه وإخلاصه وتفانيه في سبيل هذا الدين، وعمر هو بطل الإسلام الذي أعز الله به الإسلام والمسلمين، ورفع به منار الدين، فكان اتصاله عليه السلام به عن طريق المصاهرة خير مكافأة له على ما قدم في سبيل الإسلام، وقد ساوى صلى الله عليه وسلم بينه وبين وزيره الأول أبي بكر في تشريفه بهذه المصاهرة فكان زواجه بابنتيهما أعظم شرف لهما بل أعظم مكافأة ومنة ولم يكن بالإمكان أن يكافئهما في هذه الحياة بشرف أعلى من هذا الشرف فما أجل سياسته، وما أعظم وفاءه للأوفياء المخلصين.
    كما يقابل ذلك إكرامه لعثمان وعلى بتزويجهما ببناته وهؤلاء الأربعة هم أعظم أصحابه وخلفاؤه من بعده في نشر ملته وإقامة دعوته فما أجلها من حكمة وما أكرمها من نظرة.
    يتبع

    تعليق

    • وليد المسلم
      مشرف عام

      • 11 يون, 2006
      • 762
      • مسلم

      #3
      رابعًا: الحكمة السياسية:
      لقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ببعض النسوة من أجل تأليف القلوب عليه وجمع القبائل حوله، فمن المعلوم أن الإنسان إذا تزوج من قبيلة أو عشيرة يصبح بينه وبينهم قرابة ومصاهرة، وذلك بطبيعته يدعوهم إلى نصرته وحمايته ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك لتتضح لنا الحكمة التي هدف إليها الرسول الكريم من وراء هذا الزواج.
      أولاً: تزوج صلوات الله عليه بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق وكانت قد أسرت مع قومها وعشيرتها، ثم بعد أن وقعت تحت الأسر أرادت أن تفتدي نفسها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه بشيء من المال فعرض عليها الرسول الكريم أن يدفع عنها الفداء وأن يتزوج بها فقبلت ذلك، فتزوجها فقال المسلمون: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أيدينا ـ أي أنهم في الأسر ـ فأعتقوا جميع الأسرى الذين كانوا تحت أيديهم، فلما رأى بنو المصطلق هذا النبل والسمو وهذه الشهامة والمروءة أسلموا جميعًا ودخلوا في دين الله وأصبحوا من المؤمنين، فكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها بركة عليها وعلى قومها وعشيرتها لأنه كان سببًا لإسلامهم وعتقهم وكانت جويرية أيمن امرأة على قومها.
      أخرج البخاري في صحيحة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء بني المصطلق فأخرج الخمس منه ثم قسمه بين الناس فأعطى الفارس سهمين والراجل سهمًا فوقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس، فجاءت إلى الرسول فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من الأمر ما قد علمت، وقد كاتبني ثابت على تسع أواق فأعني على فكاكي فقال عليه السلام: ((أو خير من ذلك؟)) فقالت: ما هو؟ فقال: ((أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك)) فقالت: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله: ((قد فعلت)) وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله يسترقون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبي بني المصطلق فبلغ عتقهم مائة بيت بتزوجه عليه السلام بنت سيد قومه.
      ثانيًا: وكذلك تزوجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب التي أسرت بعد قتل زوجها في غزوة خيبر، ووقعت في سهم بعض المسلمين فقال أهل الرأي والمشورة: هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرضوا الأمر على الرسول الكريم فدعاها وخيرها بين أمرين:
      أ ـ إما أن يعتقها ويتزوجها عليه السلام فتكون زوجة له.
      ب ـ وإما أن يطلق سراحها فتلحق بأهلها.
      فاختارت أن يعتقها وتكون زوجة له، وذلك لما رأته من جلالة قدره وعظمته وحسن معاملته، وقد أسلمت وأسلم بإسلامها عدد من الناس.
      روي أن صفية رضي الله عنها لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: لم يزل أبوك من أشد اليهود لي عداوة حتى قتله الله، فقالت يا رسول الله: إن الله يقول في كتابه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]، فقال لها الرسول الكريم: اختاري فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك، فقالت: يا رسول الله: لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب وما لي فيها والد ولا أخ وخيرتني الكفر والإسلام فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي، فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه.
      ثالثًا: وكذلك تزوجه عليه الصلاة والسلام بالسيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الذي كان في ذلك الحين حامل لواء الشرك وألد الأعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أسلمت ابنته في مكة ثم هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فرارًا بدينها، وهناك مات زوجها، فبقيت وحيدة فريدة لا معين لها ولا أنيس، فلما علم الرسول الكريم بأمرها أرسل إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها، فأبلغها النجاشي ذلك فسرت سرورًا لا يعرف مقداره إلا الله سبحانه؛ لأنها لو رجعت إلى أبيها أو أهلها لأجبروها على الكفر والردة أو عذبوها عذابًا شديدًا، وقد أصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا نفيسة، ولما عادت إلى المدينة المنورة تزوجها النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولما بلغ أبا سفيان الخبر أقر ذلك الزواج وقال: "هو الفحل لا يقدع أنفه"، فافتخر بالرسول ولم ينكر كفاءته له إلى أن هداه الله تعالى للإسلام، ومن هنا تظهر لنا الحكمة الجليلة في تزوجه عليه السلام بابنة أبي سفيان، فقد كان هذا الزواج سببًا لتخفيف الأذى عنه وعن أصحابه المسلمين سيما بعد أن أصبح بينهما نسب وقرابة مع أن أبا سفيان كان وقت ذاك من ألد بني أمية خصومة لرسول الله ومن أشدهم عداء له وللمسلمين، فكان تزوجه بابنته سببًا لتأليف قلبه وقلب قومه وعشيرته كما أنه صلى الله عليه وسلم اختارها لنفسه تكريمًا لها على إيمانها لأنها خرجت من ديارها فارة بدينها فما أكرمها من سياسة وما أجلها من حكمة.
      منقول للافادة

      تعليق

      • الفيتوري
        مشرف النصرانية ومن لبنات التأسيس للمنتدى

        • 10 يون, 2006
        • 1422
        • مسلم

        #4
        بوركت وبورك منقولك ...

        تعليق

        • zouhir
          0- عضو حديث
          • 9 ينا, 2007
          • 7

          #5
          ردا علي اعداء الاسلا م وعلي كل من يريد فتنة شباب المسلمين بالشبهات. فهاده افعال خدم الشيطان المستخدمين من قبله .اعادني الله واياكم من شرور انفسنا ومن شرور الشيطان وشكه.......






          لا يفتأ أعداء الإسلام يوجهون سهامهم بين الفينة والأخرى إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، يحاولون بذلك تشكيك المسلم في دينه، والحيلولة دون دخول غير المسلمين في هذا الدين العظيم.


          ومَكَنَةُ الشبهات عندهم لا تكاد تعطل، أو يعتريها العطب، فهم في كل يوم يخترعون شبهة، أو يستدعونها من ماضي أسلافهم، من غير أن يكلوا أو يملوا من تكرار تلك السخافات والتلبيسات.


          ومن آخر ما قذفه هؤلاء على مسامعنا ما زعمه بعض قسس النصارى من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شهوانيا محبا للنساء، ساع في قضاء شهوته ونيل رغباته منهن، ويزعمون أن شهوانية محمد صلى الله عليه وسلم لا تقتصر على كثرة نساءه فحسب، ولكن تتخطى ذلك في الزواج من الصغيرات، وفي تطليقه من يرغب فيهن من النساء من أزواجهن ليتزوج بهن.


          ويستشهدون على كلامهم بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة وهي بنت ست سنين، ودخوله عليها وهي بنت تسع سنين . كما روى ذلك البخاري ومسلم .

          وبزواجه من زينب مطلقة زيد بن حارثة رضي الله عنه، والتي فيها نزل قول الحق سبحانه:{ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا }( الأحزاب: 37)، وقالوا إن محمدا رأى زينب فأعجبته فوقع حبها في قلبه، لكنه خشي كلام الناس فكتم ذلك في نفسه، فنزلت الآية معاتبة له على كتمان مشاعره { وتخفي في نفسك } أي: من حب زينب رضي الله عنها.


          وجوابا على هذه الشبهات التي هي أوهى من بيت العنكبوت نقول: إن الانتقائية التي يمارسها هؤلاء في الحكم على سيد البشر صلى الله عليه وسلم - ولو في قضية الزواج وحدها - تنسف ما يدعونه من مصداقية، فهم لم ينظروا إلى عموم حالات زواجه صلى الله عليه وسلم ليدرسوها، ثم يخرجوا منها بنتيجة علمية نزيهة، تبين فلسفة الزواج عنده صلى الله عليه وسلم وحِكَمَهَ ومقاصده، ولكنهم وبتعمد صريح نظروا إلى بعض تلك الحالات والتي يشتبه على العامة فهمها، فدلسوا وزيفوا، وأخرجوا حكمهم عليه في قالب من الذم والبهتان! فهلا نظر هؤلاء إلى عموم حياته صلى الله عليه وسلم، وكيف كان عفيفا طاهرا في شبابه وحتى قبل نبوته.


          وهلا نظر هؤلاء إلى زواجه الأول من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وكيف تزوجها وهي بنت أربعين سنة في حين لم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين، ثم لمْ يجمع معها في حياتها أخرى وهو في أوج شبابه وقوته، حتى إذا توفيت لم يذهب ليتزوج بأجمل النساء، وإنما تزوج بسودة بنت زمعة امرأة كبيرة أرملة.


          وأما زواجه صلى الله عليه وسلم من عائشة فقد تزوجها وقد تجاوز الخمسين بأربع سنوات، وهو سن لا ينبغي أن يفسر فيه الزواج على أنه محض شهوة وطلب متعة، وإنما تزوج صلى الله عليه وسلم بعائشة طلبا لتوثيق العلاقة بينه صلى الله عليه وسلم وبين صاحبه أبي بكر رضي الله عنه.


          أما قول الطاعنين في سيد البشر صلى الله عليه وسلم: كيف جمع النبي بين الطفولة والكهولة، وكيف يتزوج الشيخ الوقور البنت الصغيرة ؟ فالجواب على ذلك أننا لو طبقنا المعايير الغربية على حياتنا نحن المسلمين اليوم، لعدَّ الغربُ كثيرا مما نمارسه غريبا ومستشنعا، فكيف الحال بعادة عند العرب مضى عليها أربعة عشر قرنا من الزمان، فلم يكن الزواج من الصغيرات مستنكرا في أعرافهم، ولو كان كذلك لعاب كفار ذلك الزمان على النبي صلى الله عليه وسلم زواجه من عائشة رضي الله عنها، ولوجهوا إليه سهام النقد والاتهام، ولم ينتظروا حتى يأتي قسس أمريكا ومستشرقوا الغرب ليوجهوا إليه تلك المطاعن.


          لقد كانت عادة زواج الصغيرات في العرف العربي عادة معروفة، فقد تزوّج عبد المطلب الشيخ الكبير من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي آمنة بنت وهب.


          وتزوّج عمر بن الخطّاب رضي الله عنه من بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو في سنّ جدّها، كما أنّ عمر بن الخطّاب عرض بنته الشابة حفصة على أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم و عائشة رضي الله عنها.


          وينبغي أن يعلم هنا أن بلوغ البنت غير مرتبط بالسن، فقد تبلغ البنت وهي صغيرة، فتظهر عليها علامات البلوغ من الحيض وبروز الثديين وغير ذلك ولما تبلغ التاسعة، تقول الدكتورة دوشني - و هي طبيبة أمريكية – إن الفتاة البيضاء في أمريكا قد تبدأ في البلوغ عند السابعة أو الثامنة، والفتاة ذات الأصل الأفريقي عند السادسة .

          ومن الثابت طبياً أيضاً أن أول حيضة والمعروفة باسم "المينارك menarche تقع بين سن التاسعة و الخامسة عشر .

          ويجب الانتباه أيضاً إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو في سنّ الثامنة عادة، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين، كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة.


          كل هذه المعطيات تدل على أنه ليس في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها ما يعيب لا من ناحية العرف الاجتماعي، ولا من ناحية الطب والصحة البدنية .


          زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش


          لقد شكل زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها أحد أكبر المطاعن التي وجهها المستشرقون لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ونحن لا ندري كيف يتحول موطن المدح إلى ذم، وكيف تتحول الحسنة في أذهان هؤلاء إلى سيئة يجب الاعتذار منها والاستحياء عند ذكرها !.


          نعم لقد كان زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش إحدى دلائل نبوته، وإحدى فضائله عليه الصلاة والسلام، وذلك لما تضمنته الآيات - محل البحث - من معاتبة للنبي صلى الله عليه وسلم في إخفائه في نفسه ما الله مبديه، وفي خوفه الناس والله أحق أن يخشاه، وهي معاني لو كان النبي صلى الله عليه وسلم ليس نبيا لأخفاها عن الناس، حفظا لسمعته وصونا لهيبته، ولما وفرَّ لأعدائه والمتربصين به مادة للطعن فيه، والحط من قدره، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يكتمها بل بلغها غير آبهٍ ولا خائف، وبلاغه لها دليل صريح على أنه رسول الله حقاً والمبلغ عن الله سبحانه صدقاً .


          لقد شنّع هؤلاء على النبي صلى الله عليه وسلم قائلين: كيف يأمر النبي من كان ابنه بالتبني أن يطلق زوجته ليتزوجها هو لنفسه ؟!!


          وجوابا على ذلك نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر زيدا بطلاق زينب ، وإنما أمره بإمساكها، وعوتب في ذلك لأنه كان قد أُعلِمَ من ربه بأنها ستكون زوجته، فأخفى ذلك صلى الله عليه وسلم في نفسه خوفا من كلام الناس ولمزهم، كما روى ذلك الطبري في تفسيره عن علي بن حسين ، قال: " كان الله تبارك وتعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زينب ستكون من أزواجه، فلما أتاه زيد يشكوها، قال:{ اتق الله وأمسك عليك زوجك } فصريح الآية يوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر زيدا بإمساكها، ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن طلقها زيد، ونزل زواجه منها بالعقد الإلهي: { زوجناكها } فأي عيب أن يتزوج الرجل ممن تحل له في شرعه ودينه، وليس هذا فقط بل أن يحصل في زواجه منها مقاصد شرعية عظيمة كتأكيد ما ثبت تحريمه - أي التبني - حتى يكون أرسخ في النفوس قبوله والعمل به .


          أما الروايات التي تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد وقع في قلبه حب زينب رضي الله عنها فلم تثبت من وجه يصح الاحتجاج بها، فكلها روايات ضعيفة، بل إن ظاهر القرآن يردها، لأن نص القرآن دل على أن الله سيظهر ما أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى { وتخفي في نفسك ما الله مبديه }، وما أبداه الله هو زواجه من زينب ، لا حبه وتعلقه بها، كما قال سبحانه:{ فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها } .


          أما دعوى هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان زير نساء لكثرة ما ملك في عصمته من النساء، فليعلم هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم على الرغم مما أباحه الله له خاصة من الزواج بأكثر من أربع، لم يكن يربط زواجه صلى الله عليه وسلم بعامل الشهوة،بل كان يربطه بمصالح شرعية معتبرة، فقد يتزوج صلى الله عليه وسلم المرأة تأليفا لقلب عدو له كما تزوج أم حبيبة تأليفا لقلب والدها أبي سفيان، وقد يتزوج المرأة الأرملة شفقة عليها وحفظا لأولادها، وإكراما لزوجها الذي استشهد في سبيل الله كما تزوج أم سلمة زوجة الصحابي الشهيد أبي سلمة رضي الله عنه، وقد يتزوج المرأة إكراما لصديق وتوثيقا لعلاقته به كما تزوج عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر رضي الله عنهم جميعا.

          ونحن هنا لا ننفي الحاجة الإنسانية في زواجه ولا نستحي من ذكرها، فهي حاجة خَلْقِية تشمل جميع الرجال الأسوياء، ولكننا نحاول أن نضع الأمور في نصابها ومكانها.


          كانت تلك ردود مختصرة على ما أثير ويثار عن حالات زواجه صلى الله عليه وسلم، وهي شبهات قديمة تتكرر بين الفينة والأخرى، ولا تقوم على أساس علمي نزيه، وإنما هي شبه وتخيلات تغذيها أحقاد وضغائن، سرعان ما تنقشع عند فحصها واختبارها، فتنكشف حين تنكشف عن جلال وعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

          تعليق

          • zouhir
            0- عضو حديث
            • 9 ينا, 2007
            • 7

            #6
            الهم تقبل منا ومن كل من يريد نصرتك ونصرةنبيك.

            تعليق

            • نور الهداية
              6- عضو متقدم

              حارس من حراس العقيدة
              • 25 أبر, 2008
              • 902
              • ربة بيت حاليا
              • مسلمة ولله الحمد

              #7
              جزاكم الله خيرا كثيرا ورزقكم رضاه والجنه

              ** [read][rainbow][glint]كتاب أعلام وأقزام فى ميزان الإسلام[/glint][/rainbow][/read] **

              تعليق

              • أبو حمزة
                اللجنة العلمية
                مشرف شرف المنتدى

                • 29 مار, 2007
                • 2345
                • مهندس مجاهد
                • مسلم

                #8
                للرفع
                بارك الله فيك وبارك فى الكاتب

                تعليق

                • أحلام
                  1- عضو جديد

                  • 31 يول, 2008
                  • 87
                  • مسلمة

                  #9
                  جزاك الله خيرا
                  والله ليس في محمد صلى الله عليه وسلم ماينكره العقل والقلب
                  ولكن الكبر والحقد والاستنكاف عن اتباعه هو مايجعلهم يثيرون حوله الشبهات..

                  قال تعالى"فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا"
                  وسبحان الله يثيرون حوله الشبهات
                  ومع ذلك أتباعه يزيدون ومحبيه يكثرون
                  قال تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
                  لا إله إلا الله .. محمد رسول الله
                  [rams]http://audio3.islamweb.net/quran/Fahed_Salam/017.rm [/rams]
                  × ×
                  استمع إلى القرآن بصوت القــارئ الذي تــريد



                  تعليق

                  • نجم الشمال
                    1- عضو جديد
                    • 8 سبت, 2009
                    • 71
                    • طالب جامعى
                    • مسلم

                    #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                    تعليق

                    • ابن العقيده
                      2- عضو مشارك
                      • 11 نوف, 2009
                      • 246
                      • باحث نشط في الكتاب المقدس
                      • ان الدين عند الله الاسلام

                      #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      اولا
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      عند اخواننا النصارى
                      في كتابهم ان من الانبياء ما زنوا _وللانبياء المثل الاعلى _
                      ويشككوا في الزواج

                      عندهم نبي الله ابراهيم تزوج اثنتين
                      نبي الله سليمان عليه السلام ذكر العهد القديم أنه كانت له ألف امرأة
                      اذاً ما العيب في زواج الرسول
                      يا نصارى ..اليس احسن من الزنا انتم في كتابكم كتبتم ان لوط زنا
                      وعندكم ان يعقوب زنا

                      تعليق

                      • نور الهداية
                        6- عضو متقدم

                        حارس من حراس العقيدة
                        • 25 أبر, 2008
                        • 902
                        • ربة بيت حاليا
                        • مسلمة ولله الحمد

                        #12
                        مقال رائع أعاود قراءته من حين لاخر

                        جزاكم الله خيرا

                        ** [read][rainbow][glint]كتاب أعلام وأقزام فى ميزان الإسلام[/glint][/rainbow][/read] **

                        تعليق

                        • محب الاسلام العظيم
                          0- عضو حديث

                          • 10 أكت, 2016
                          • 11
                          • مسلم سني

                          #13
                          رد: الرد علي شبهه تعدد زوجات النبي صلي الله علية وسلم

                          (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)
                          [سورة النحل 26]


                          عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما مَاتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أُحِلَّ له أن ينكح ما شاء". يعني: نساء جميع القبائل من المهاجرات وغير المهاجرات.

                          أخرجه: أحمد (6/ 180، 201) أو رقم (25574، 25760 - قرطبة) والنسائي في "المجتبى" (6/ 56) والترمذي والطبري والشافعي وإسناده صحيح، صرّح فيه ابن جريج فيه بالتحديث في بعض طرقه. وصحّح إسناده المحدث الألباني في "صحيح سنن النسائي" .

                          تعليق

                          مواضيع ذات صلة

                          تقليص

                          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
                          ردود 0
                          133 مشاهدات
                          0 ردود الفعل
                          آخر مشاركة أحمد الشامي1
                          بواسطة أحمد الشامي1
                          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 4 أسابيع
                          ردود 0
                          25 مشاهدات
                          0 ردود الفعل
                          آخر مشاركة أحمد الشامي1
                          بواسطة أحمد الشامي1
                          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 14 أكت, 2024, 04:41 ص
                          ردود 0
                          257 مشاهدات
                          0 ردود الفعل
                          آخر مشاركة أحمد الشامي1
                          بواسطة أحمد الشامي1
                          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 سبت, 2024, 09:29 م
                          ردود 0
                          119 مشاهدات
                          0 ردود الفعل
                          آخر مشاركة أحمد الشامي1
                          بواسطة أحمد الشامي1
                          ابتدأ بواسطة الشهاب_الثاقب, 13 أغس, 2024, 06:03 ص
                          ردود 3
                          125 مشاهدات
                          0 ردود الفعل
                          آخر مشاركة الشهاب_الثاقب
                          يعمل...