الإسلام والغرب (1) موقف الغرب من الإسلام

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 4 (0 أعضاء و 4 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    الإسلام والغرب (1) موقف الغرب من الإسلام

    - الإسلام و الغرب > الشكر لمراسل التلفزيون الكندي >
    لكندا إذاعة موجهة باللغة العربية تبث على موجات إذاعة مونت كارلو أو قريباً منها، ولهذه الإذاعة برامج طريفة منها نقل تقارير المراسلين الصحافيين والتلفزيونيين. وقد نقلت قبل أيام تقرير مراسل التلفزيون الكندي نيل ماكدونالد عن الأوضاع في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين فتعجبت صدق المعلومات التي أوردها التقرير وعمقها. وتعجبت أكثر أن تفوتنا الإشارة والإشادة بمثل هؤلاء المراسلين ومكافأتهم على جهودهم المتميزة في نشر الحقائق.

    لقد ذكر المراسل في تقريره عن حقيقة المواطنة في إسرائيل والأراضي العربية المحتلة في فلسطين، وكيف أن ثمة ثلاث درجات للمواطنة إحداها للعرب المقيمين في فلسطين ولم يغادرها في حرب 1948م، ومواطنة مواطني الضفة الغربية، والمواطنة الثالثة الآن للمقيمين في أراضي الحكم الذاتي المحدود. وذكر أن الديموقراطية التي تتشدق بها إسرائيل تكذبها هذه الحقائق حول الحقوق المدنية والسياسية.

    أما الحقائق الأخرى التي ذكرها فهي معاملة السلطات الإسرائيلية للمستوطنين أو المستعمرين اليهود؛ فيقول إن المستعمِر اليهودي إذا ما تعرض للرشق بالحجارة فخرج وأطلق الرصاص على الأطفال الفلسطينيين فقتل أحدهم وألقي القبض عليه، فإنه يتم التحقيق معه خلال يوم واحد وبعد ذلك يحكم عليه بالإقامة الجبرية. وليس الفلسطينيون وحدهم هم الذين يستخدمون الحجارة فإن المستعمرين (المستوطنين) اليهود يقومون أيضاً برشق الحجارة، ولكن إذا ما قام فلسطيني بقتل يهودي فإن عقوبته تختلف كثيراً عن العقوبة المقررة على اليهودي. والتساؤل أين الاتفاقات التي وقعت بين عرفات ونتنياهو التي نصت على إطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، فما كان من نتنياهو إلا التبجح بأن إسرائيل لن تطلق سراح القتلة والمجرمين. ففي نظره أن الذي يقتل اليهودي مجرم سفّاح أما الذين يقتل الفلسطيني فلا يعد كذلك. ويذكر العارفون بالقانون اليهودي الإسرائيلي أن اليهودي يغرم شيكلاً واحداً أو مبلغاً تافهاً على قتله ولعلهم يغرمون من يقتل حيواناً أكثر من ذلك بكثير.

    وأعود إلى المراسل الكندي فإنني أقترح أن يطلب من التلفزيون الكندي نسخة من التقرير الذي كتبه وتقوم وكالات الأنباء العربية أو الجهات الرسمية العربية بتبني طباعة هذا التقرير ونشره وتوزيعه على أوسع نطاق فلا تبقى محطة تلفاز عالمية أو محطة إذاعة حتى تحصل على نسخة من هذا التقرير في أكثر من لغة.

    وهذا يذكرني أن المستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس قدّم شهادته للجنة الشؤون الخارجية التي كان يرأسها جاكسون عام 1974م، فما كان من وزارة الخارجية الإسرائيلية إلاّ أن نشرت هذه الشهادة بعد تقديم الشهادة بأسبوعين في نشرة خاصة تصدر عن تلك الوزارة ووزعتها على نطاق واسع حتى إنني حصلت على نسخة منها من جامعة لندن عام 1988.

    إن في الغرب من يكتب عنّا بإنصاف ويسعى إلى معرفة الحقيقة ويقولها رغم ما يتهدده في بلاده. فاليهود يحاربون كل من يكتب عنهم بإنصاف ويفضح جرائمهم وأعمالهم الدنيئة. وفي هذا المجال قام اليهود بالوقوف في وجه أحد الذين رشحوا لمنصب مهم في الحكومة الأمريكية، حيث نبش يهود تاريخه السياسي والعملي لمدة تزيد على عشرين سنّة وذكّروه بمواقفه غير المؤيدة لهم حتى أجبروه على الاعتذار والاعتذار المهين جداً حتى يمكن له أن يحصل على المنصب.

    وثمة موقف قريب من موقف المراسل الكندي وهو الصحفي الإسرائيلي الذي كتب عن حكومة بلاده الإرهابية وكيف أنه يصاب بالرعب والهلع الشديد عندما يتذكر ما تفعله حكومته بالفلسطينيين. فقد كتب عبد الهادي أبو طالب (الشرق الأوسط 20رمضان 1419هـ) مقالة نقل فيها ما كتبه الكاتب اليهودي ايتان فيلنر Aitan Felner المدير التنفيذي للمركز الإعلامي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ونشر في جريدة اللومند الفرنسية يوم 11ديسمبر 1998م. إن مثل هذا المقال يجب أن نترجمه إلى كل اللغات الأوروبية وننشره في العالم أجمع ليكون شاهداً على أنهم هم الإرهابيون وأن العالم يجب أن يعرف الحقائق.

    مرة أخرى شكراً لمراسل التلفزيون الكندي نيل ماكدونالد، وعلينا أن نبحث عن هؤلاء الذين يرون الحقيقة ويستطيعون أن ينشروها ونشجعهم بكل ما نستطيع من دعم مادي ومعنوي.

    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:58 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    #2
    الإسلام و الغرب > مستشرقة كندية منصفة >
    انتشرت في السنتين الأخيرتين التحذيرات من العولمة القادمة في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ولكن بعض الكتّاب والأدباء والصحفيين من بني جنسنا انبرى للدفاع عن العولمة وأنه لا خوف منها، وما علينا إلاّ أن نفتح الأبواب والنوافذ وننخرط في هذه العولمة التي ستأتي لنا بكل خير. ويؤيدون هذا الزعم بان العالم أصبح قرية صغيرة ولا يمكن لنا أن ننعزل عن العالم.

    ولكن للقضية جانب آخر وهو أننا نملك من المقومات العقدية، والفكرية، والثقافية، والاجتماعية، والسياسية ما يجعلنا نستطيع الوقوف في وجه هذه العولمة، بل يمكننا أن نجعل هذه العولمة تخدم نشر الإسلام في العالم. والأدلة على ذلك كثيرة ففي المؤتمر العالمي الخامس والثلاثين الذي عقد في العاصمة المجرية بودابست في ربيع الأول عام 1418هـ، تحدثت باحثة كندية عن المرأة في الإسلام وبخاصة في الجوانب الاقتصادية ومن خلال بعض المصادر الفقهية الأندلسية كالفتاوى للعالم الأندلسي الونشريسي. ففي محاضرتها القيمة أوضحت كيف أن الإسلام أعطى المرأة حقوقها المالية الكاملة، وأنها مارست كل العمليات التجارية من بيع وشراء ورهن ودين وتأجير وقرض وغير ذلك، وإنه بالرغم من أن الإسلام لم يبح للمرأة أن تسافر بغير محرم وأن لا تختلط بالرجال وان تحافظ على عفتها بغض البصر وعدم الخضوع في القول كما أمر الرجال بذلك أيضاً، فإن ذلك لم يكن عائقاً لها من ممارسة الأعمال التجارية المختلفة.

    وذكرت الباحثة العديد من الفتاوى حول حق الملكية للمرأة، وأنها قد تكون صاحبة منـزل فتسمح لزوجها أن يسكن في هذا المنـزل فهل عليه أن يدفع لها إيجار عن ذلك، وماذا لو تأخر في دفع الإيجار وغير ذلك من المسائل الشرعية. وأضافت الباحثة الكندية أن المرأة المسلمة سبقت المرأة الأوروبية بقرون عديدة في الحصول على هذه الحقوق.

    ولـمّا كان معظم الحضور للمحاضرة من الأوروبيين فقد أزعجهم أن يسمعوا هذا الكلام الجميل عن الإسلام والمرأة المسلمة، فانبرى بعضهم ليبحث في معوقات عمل المرأة في التجارة وأنها لا بد أن توكل عنها من يقوم بأعمالها التجارية مقابل أجر معين وأن بعض الوكلاء قد لا يكونون أمناء. فردت عليهم بأن هذه العراقيل التي يتصورونها لم تكن تمنع المرأة من مزاولة الأعمال التجارية، وإلاّ لما وجدت كل هذه الفتاوى في قضايا تملك المرأة ومعاملاتها المالية.

    وبالمصادفة وجدت أن صحيفة الشرق الأوسط قد أوردت في الرابع من شوال تقريراً حول عنف الرجال ضد النساء في إسبانيا، وذكرت من خلال التقرير أن المرأة الإسبانية لم يكن في استطاعتها منذ حكم فرانكو عام 1939م وحتى عام 1979 م أن تسافر بدون رفقة زوجها، أو حتى فتح حساب مصرفي بدون موافقته أو موافقة والدها، ويضيف التقرير أن القانون الإسباني لم يعط أي حماية للمرأة من معاملة زوجها السيئة لها حتى أواخر الستينات. وليست الحال في دول أوروبا الأخرى أحسن حالاً من اسبانيا حيث ظلت التشريعات تمنع المرأة من ممارسة حقوقها المالية منفصلة عن الرجل فلم يكن لها ذمة مالية مستقلة. فأين هم من قوله تعالى {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}(النساء 32)

    فمرحباً بالعولمة لنقدم لهم التشريعات الإسلامية التي أكرمت المرأة أماً وأختاً وزوجاً وابنه وجدة وخالة وعمة. لقد أكرمت الشريعة الإسلامية المرأة عموماً. وبالإضافة إلى التشريعات التي أكرمت المرأة هناك من الوصايا العظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم للرفق بالمرأة والعناية بها. ألا يكفي أن يتصف الإنسان الذي يهين المرأة باللؤم وأنه لا يكرمها إلاّ كريم. ألا يكفي أنه كان من آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم الرفق بالنساء؟

    وما زال كثير ممن يتحدث عن المرأة في الإسلام متأثراً ببعض الشبهات والافتراءات التي روج لها أعداء هذا الدين، فكم جميل أن تأتي الشهادة لهذا الدين من باحثة كندية تمرست في دراسة الفقه الإسلامي وبخاصة الأندلسي منه وخرجت بهذه الحقائق العظيمة التي يحاول أعداء هذا الدين طمسها وتشويهها. فشكراً للمستشرقة الكندية ومرحباً بالعولمة التي تمكننا من نشر الإسلام.

    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:58 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق

    • سيف الكلمة
      إدارة المنتدى

      • 13 يون, 2006
      • 6036
      • مسلم

      #3
      الإسلام و الغرب > نظرات إيجابية إلى الإسلام >
      برنامج (هل عرفتني؟)

      نظرات إيجابية إلى الإسلام

      1- يقول المستشرق الفرنسي مونتيه :"من المتوقع لعقيدة محدودة كل التحديد خالية كل الخلو من جميع التعقيدات الفلسفية ثم هي تبعاً لذلك في متناول إدراك الشخص العادي أن تمتلك، وإنها لتمتلك فعلاً قوة عجيبة لاكتساب طريقها إلى ضمائر الناس."

      من كتاب : Les Propagande Chretienne et ses adversaires Muslumann.(Paris 1890) نقلاً عن كتاب توماس آرنولد: الدعوة إلى الإسلام.

      2- يقول الباحث كونن في كتابه الأديان القومية والأديان الكونية عن الإسلام: "نجد أركان العقيدة تلقى دون انقطاع تعبيراً ظاهراً في حياة المؤمن، ثم نجدها بعد أن أصبحت متشابكة مع نظام حياته اليومية تشابكاً لا سبيل إلى الفكاك منه، تجعل المسلم الفرد إماماً ومعلماً لعقيدته، أكثر إلى حد بعيد مما هي الحال مع أنصار معظم الديانات الأخرى."

      B. Kunen . National Religions and Universal Religions (London 1882)

      3-يقول ركس إنجرم وهو اسكتلندي شارك في الحرب العالمية الأولى، وزار العديد من بلاد الشرق، ودرس لغاتها وأديانها، وعمل في هوليود مصوراً سينمائيا، واعتنق الإسلام لأنه وجد فيه ضالته المنشودة.

      "إنني أعتقد أن الإسلام هو الدين الذي يُدخل السلام والسكينة إلى النفس، ويلهم الإنسان العزاء وراحة البال والسلوى في هذه الحياة، وقد تسرب روح الإسلام إلى نفسي فشعرت بنعم الإيمان بالقضاء الإلهي، وعدم المبالاة بالمؤثرات المادية من لذة وألم." عن كتاب رجال ونساء أسلموا 1/3.

      4- يقول المستشرق الأمريكي في كتابه حياة محمد: "ينهى الإسلام عن الوثنية تماماً في جميع صورها، فقد نهى الإسلام عن جميع الطقوس الدينية في الجاهلية التي تتعلق بالوثنية ودعا إلى توحيد الله، ولكنه احتفظ من بين تلك الطقوس بما هو بعيد عن الوثنية مثل الحج إلى مكة والطواف بالكعبة."

      5- يقول مارسيل بوازار في كتابه إنسانية الإسلام: "لا تمييز في العقيدة الإسلامية بين الموجب القانوني والواجب الخلقي، وهذا الجمع المحكم بين القانون والخُلُق يؤكد قوة النظام منذ البداية."

      6- يقول المؤرخ البريطاني المشهور آرنولد توينبي في كتابه مختصر دراسة التاريخ (3/54-55): "إن الإسلام قد أعاد توكيد وحدانية الله في مقابل الضعف البادي في تمسك المسيحية بهذه الحقيقة الجوهرية".

      ثانياً: التشريع

      1-كتب المستشرق ديفيد سانتيلانا في كتاب تراث الإسلام Legacy of Islam: "عبثاً نحاول أن نجد أصولاً واحدة تلتقي فيها التشريعات الشرقية والغربية (الإسلامية والرومانية) كما استقر الرأي على ذلك. إن الشريعة الإسلامية ذات الحدود المرسومة، والمبادئ الثابتة لا يمكن إرجاعها أو نسبتها إلى شرائعنا وقوانيننا لأنها شريعة دينية تغير أفكارنا أصلاً."

      ويقول أيضاً: "ولمّا كان الشرع الإسلامي يستهدف منفعة المجموع، فهو بجوهره شريعة تطورية غير جامدة خلافاً لشريعتنا من بعض الوجوه. ثم إنها علم مادامت تعتمد على المنطق الجدلي –وتستند إلى اللغة …إنها ليست جامدة."

      2- يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة:"كانت مبادئ الإسلام [المسلمين] الأخلاقية وشريعتهم، وحكومتهم قائمة كلها على أساس الدين، والإسلامي أبسط الأديان كلها وأوضحها، وأساسه شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله."

      3-كتب مكسيم رودنسون المستشرق الفرنسي الذي كان يتبنى الشيوعية في كتاب تراث الإسلام: "ثم إن الإسلام وفق بين الدعوة إلى حياة أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع، وخلاصة القول فهو كدين كان قريباً جداً من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به معظم(رجال عصر التنوير)

      ثالثاً: الحياة الاجتماعية

      1-يقول ليوبولد فايس (محمد أسد) في كتابه منهاج الإسلام في الحكم: "هدف التعاليم لا تقف عند حد تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه، ولكنها تتعدى ذلك إلى وضع نظام محدد للسلوك الاجتماعي يجب على المسلم اتباعه كأثر من آثار تلك العلاقة ونتيجة لها، إن رفع الظلم عن الناس وإقامة معالم العدل في الأرض هي الغاية النهائية التي تستهدفها رسالة الإسلام الاجتماعية."

      2- كتب توماس كارلايل في كتابه الأبطال: "إن في الإسلام خلة أراها من أشرف الخلال وأجلها وهي التسوية بين الناس، وهذا يدل إلى أصدق النظر وأصوب الرأي، فنفس المؤمن راجحة بجميع دول الأرض، والناس في الإسلام سواء. والإسلام لا يكتفي بجعل الصدقة سنّة محبوبة بل يجعلها فرضاً حتماً على كل مسلم، وقاعدة من قواعد الإسلام ثم يقدرها بالنسبة إلى ثروة الرجل..جميل والله هذا، وما هو إلاّ صوت الإنسانية، وصت الرحمة الإخاء والمساواة."

      3- كتب المستشرق الإنجليزي هاملتون جيب في كتابه دراسات في حضارة الإسلام: "كانت التعاليم التي جاء بها محمد (ص) في أساسها إعادة لإحقاق المبادئ الأخلاقية التي تشترك فيها ديانات التوحيد، فازداد ترسيخ معنى الأخوة بين جميع أفراد الجماعة الإسلامية، وأنهم سواسية من حيث القيمة الشخصية الفطرية دون النظر إلى ما في مكانتهم الدنيوية ووظائفهم وثرواتهم من تباين واختلاف."

      4- يقول المستشرق الفرنسي إميل درمنجهم في كتابه حياة محمد: "مما لا ريب فيه أن الإسلام رفع من شأن المرأة في بلاد العرب وحسّن حالها."

      5- ويقول وول ديورانت: "رفع الإسلام من مقام المرأة في بلاد العرب، وقضى على عادة وأد البنات وسوّى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي، وجعل من حقلها أن تشتغل بكل ما هو حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث وأن تتصرف في مالها كما تشاء، وقضى على ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الأب فيما ينتقل من متاع، وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر، ومنع زواجهن بغير إرادتهن."

      6- كتبت زيغرد هونكه في كتابها المشهور شمس الله تشرق على الغرب: "إن احترام العرب لعالم النساء واهتمامهم به ليظهران بوضوح عندما نرى أنهم خصّوه بفيض من العطور وبأنواع الزينة التي وإن لم تكن غير مجهولة قبلها إلاّ أنها فاحت بثروة الشرق العطرية الزكية، وبالأساليب الفائقة في تحضيرها .."

      وقالت في موضع آخر "ظلت المرأة في الإسلام تحتل مكانة أعلى وأرفع مما احتلته في الجاهلية. ألم تكن خديجة [رضي الله عنها] زوجة النبي [e]الأولى التي عاش معها أربعاً وعشرين عاماً أرملة لها شخصيتها ومالها ومكانتها الرفيعة في مجتمعها؟ لقد كانت نموذجاً لشريفات العرب، أجاز لها الرسول(e) أن تستزيد من العلم والمعرفة كالرجل تماماً؟"

      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:58 ص.
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق

      • سيف الكلمة
        إدارة المنتدى

        • 13 يون, 2006
        • 6036
        • مسلم

        #4
        الإسلام و الغرب > أوروبا والإسلام >
        أوروبا والإسلام.

        بقلم : يحي أبو زكريا



        على الرغم من أنّ دولا أوروبية عديدة قد احتكّت بالعالم العربي و الإسلامي في فترة الحركة الاستعمارية والتي دامت في بعض البلدان أزيد من مائة عام, وعلى الرغم أيضا من أنّ هذه الدول قد جمعت تفاصيل الحياة الثقافية والسياسية و الاجتماعية و الأمنية و الجغرافية والحياتية وغيرها من المجالات عن العالم العربي والإسلامي - و لو أنّ هذه المعلومات المجموعة تدوّن لكانت الحصيلة مجلدات ربما تتطلب سنوات لقرائتها-رغم كل ذلك فانّ الدوائر الغربية تعيد تشريح خارطة العالم العربي والإسلامي و تدرس حتى الجزئيات التي لا تخطر على بال , وقد كلف بهذه المهمة الجديدة الانتيليجانسيا الغربية المتخصصة في قضايا الشرق ويساعدها في ذلك بعض الباحثين العرب الذين لا يشكل عندهم المبدأ قضية أساسية .

        ومن جملة القضايا التي أعدت للتشريح الإسلام بكل مذاهبه ومدارسه, والحركات التي تتبنىّ مشروع الإسلام السياسي وتطرح البديل الإسلامي كنموذج للحكم . وليس الثورة الإيرانية هي وحدها التي نبهّت مراكز الدراسات في الغرب إلى ضرورة إعادة النظر في الإسلام السياسي , بل مجمل التحولات والتغيرّات التي حصلت في خارطتي العالم العربي والإسلامي , وبالإضافة إلى ذلك فانّ هناك وهما مركبّا بدأ يسيطر على الذهنية الغربية مفاده أن الإسلام عدو قادم , و أن الغرب انتهى من الخطر الأحمر ليواجه الخطر الأخضر,و قد زاد الأداء السياسي لبعض الحركات الإسلامية من تعميق هذه الذهنية , والتأكيد على أن الخطر الأخضر بات قاب قوسين من المنظومة الغربية في مختلف المجالات .

        وقد زاد الفقه المزيّف المنتشر بين بعض الجاليات الإسلامية في تكريس النظرة التي جئنا على ذكرها، حيث إنّ بعض المسلمين في الغرب يلجاؤن إلى السرقة والسطو والاعتداء على حقوق الآخرين و الاتجار بالمخدرات على قاعدة -مال الكافر حلال على المسلم -.

        و قد عملت وسائل إعلام جبّارة محسوبة على اللوبي اليهودي في ترسيم هذه المعادلة وخلق توجّه مفاده بان الحرب المقبلة ستكون بين الهلال والصليب وهي المكيدة الفخ التي وقع فيها أصحاب الهلال وأصحاب الصليب على حد سواء.و لأنّ الغرب لا يخطو خطوته قبل أن يحللّ كل حيثيات الظاهرة , فقد بدأت مراكز الدراسات والمعلوماتية في جمع تفاصيل التفاصيل, وقد روى أحد العاملين في أحد هذه المراكز كيف يتم دراسة ظاهرة المهدي المنتظر واحتمال حدوثها و مركز أخر يدرس ظاهرة الخلاف بين الجماعات الإسلامية في مصر,و محمد حسين فضل الله وما تثيره آراؤه في الوسط الشيعي خصوصا والإسلامي عموما ,ومركز أخر يدرس منحنيات الصراع في الجزائر واحتمال وصول الإسلاميين إلى السلطة في هذا البلد. أما نحن فكما قال شيخ الأزهر الأسبق محمد سليم البشري مازلنا نختلف حول غسل القدم ومسح القدم حتى لم يبق لنا في الأرض موطىء قدم…

        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:58 ص.
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق

        • سيف الكلمة
          إدارة المنتدى

          • 13 يون, 2006
          • 6036
          • مسلم

          #5
          الإسلام و الغرب > كارثة فكرية >
          كارثة فكرية!(*)
          إدوارد سعيد
          أستاذ الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا
          يستمر في الولايات المتحدة وأوربا ذلك الهوس العدائي الغريب بالإسلام. في الآونة الأخيرة أصدر الكاتب التريندادي الأصل، البريطاني الجنسية حاليا، في.أس. نايبول مؤلفا ضخما عن رحلاته إلى أربع من دول العالم الإسلامي، كلها غير عربية، عنوان الكتاب ما بعد الإيمان: رحلات إسلامية بين الشعوب المعتنقة، وهو يشكل متابعة لكتابه بين المؤلفين: رحلة إسلامية، الذي أصدره قبل 18 سنة عن زيارة قام بها آنذاك للدول نفسها، خلال الفترة ما بين الإصدارين أصبح في. إس. نيبول السير في. إس. نيبول المؤلف الواسع الشهرة، وأيضا ن كما يجب أن نقول، الغزير الموهبة، الذي وطدت رواياته وكتبه الأخرى "أكثرها من أدب الرحلات" مكانته كأحد أهم الشخصيات في الأدب العالمي، ويبلغ من شهرته، على سبيل المثال، أننا نجد الترجمة الفرنسية لـ ما بعد الإيمان، حتى في واجهات مخازن سونيا ريكييل الفخمة في شارع سان جرمان في باريس، معروضة بين الشالات والأحزمة وشنطات اليد، إنه ولا شك نوع من التقدير لنايبول، رغم أنه قد لا يسره كثيراً، من الجهة الأخرى اهتمت كبريات الصحف الأمريكية والبريطانية بمراجعة الكتاب والإشادة به كعمل من أستاذ عظيم في فن الملاحظة الدقيقة والتفصيل المعبر، يلبي في شكل خاص ذلك النهم العميق لدى القارئ الغربي لتعرية وفضح الإسلام، وإذ لا يمكن أحداً اليوم أن يؤلف كتابا مشابها عن المسيحية أو اليهودية، فإن الإسلام لا يزال يعتبر "صيدا حلالا"، مهما كان تواضع معلومات "الخبير" المفترض عن الموضوع وجهله اللغات اللازمة لتناوله.

          ولكن نايبول له حالة خاصة، إنه ليس من محترفي الاستشراق أو متقصدي الإثارة، بل شخص من العالم الثالث يوجه رسائله عن تلك المناطق إلى قراء لنا أن نفترض أنهم من الليبراليين الغربيين المحبطين، الذين لا يملون سماع أسوأ ما يمكن عن أساطير ذلك العالم، أي حركات التحرر الوطني، والأهداف الثورية، وشرور الكولونيالية، وكلها في نظر نايبول ما يفسر الوضع المزري لدول أفريقيا وآسيا الني تغرق في بحر من الفقر والعجز، وتعاني من سوء هضم أفكار غربية مثل التصنيع والتحديث، أنهم أولئك الناس، كما يقول نايبول في واحد من كتبه، الذين يعرفون استعمال الهاتف لكن ليس ابتكاره، ويمكن الآن في الغرب الاستشهاد بنايبول كشخصية نموذجية من العالم الثالث، فقد ولد في ترينيداد لعائلة هندية تنتمي إلى الطائفة الهندوسية، ونزح إلى بريطانيا في الخمسينات وأصبح من طليعة النخبة الثقافية، ويأتي اسمه دوما عند الكلام عن مرشحين محتملين لجائزة نوبل، من هنا كما يرون لا بد من الثقة بشهادته عن العالم الثالث. وكما كتب أحد مراجعي مؤلفاته في 1979م، فهو يقدم شهادته "من دون أي وهم رومانسي عن التفوق الأخلاقي للأقوام البدائية. ومن دون أثر للتعالي الغربي أو الحنين إلى الكولونيالية."

          مع ذلك فحتى نايبول يعتبر أن الإسلام من بين المشاكل الأسوأ التي يعاني منها العالم الثالث وقال أخيراً، متأثرا ربما بأصله الهندوسي، أن الكارثة العظمى التي شوهت تاريخ الهند كانت دخول الإسلام إليها، ويختلف عن غالبية المؤلفين في أنه لم يقم بزيارة واحدة بل زيارتين إلى عالم الإسلام لكي يتيقن من كرهه العميق لذلك الدين وأهله وأفكاره، المفارقة أنه يهدي ما بعد الإيمان إلى زوجته المسلمة نادرة، من دون إشارة إلى أفكارها ومشاعرها، ويبين كتابه الأول أنه تبرهن له على آرائه المسبقة، لكن تبرهن على ماذا؟ على أن العودة إلى الإسلام تمثل نوعا من "الانذهال" والارتداد عن الواقع، ويسأله شخص في ماليزيا: "ما الغاية من كتاباتك؟ هل تريد أخبار الناس عن حقيقة الأمور؟" ويجيب: نعم، أعتقد أن الهدف هو الفهم، ويعود السائل: "أليس الهدف هو المال؟" الجواب: "نعم، لكن طبيعة العمل مهمة)"، هكذا فهو يتنقل بين المسلمين ويكتب عن ذلك، ويتسلم مبالغ محترمة من الناشر والمجلات التي تنشر مقتطفات من كتبه، مدفوعا بأهمية العمل وليس حبا به، ويروي له المسلمون قصصهم، ويدونها باعتبارها أمثلة على طبيعة "الإسلام"، ليس في الكتابين إلا أقل من القليل من المتعة أو التعاطف، المقاطع الساخرة في الكتاب الأول جاءت كلها ضد المسلمين، الذين يعتبرهم قراء نايبول الأمريكيون والبريطانيون أجانب مضحكين أو متشددين إرهابيين محتملين لا يستطيعون التهجي أو التفكير المنطقي أو الحوار السليم مع الغربيين الرهيفي التحضر. وهكذا فكلما كشف المسلمون نقاط ضعفهم ((الإسلامية)) سارع نايبول، ذلك الشاهد العالم ثالثي المعتمد، إلى تسجيلها وتوجيهها إلى الغرب، على سبيل المثال: ما أن يعبر إيراني عن المرارة من الغرب حتى يوضح نايبول: أنه تخبط شعب له حضارة قروسطية عليلة يستيقظ على عالم النفط والمال، ويتضارب لديه شعور بالقوة من جهة والانتهاك من الثانية، ويدرك أن هناك حضارة جديدة عظيمة تحيط به (الغرب)، ولا بد من رفضها، لكن في الوقت نفسه الاتكال عليها.

          علينا أن نتذكر هذه الجملة ونصف الجملة، لأنها مقولة نايبول الرئيسة التي ينطق منها لمخاطبة العالم: "الغرب هو علم المعرفة والنقد والتقنية، والمؤسسات الفاعلة، فيما يعاني الإسلام من الإحباط والغضب والتأخر والاتكال. ويرى أمامه قوة جديدة لا يعرف كيف يسيطر عليها. الغرب يقدم الخير إلى الإسلام من الخارج، لأن الحياة التي جاءت إلى الإسلام لم تأت من داخله" وهكذا، في جملة واحدة، يختزل نايبول حياة بليون مسلم، ويلقي بها جانبا، علة الإسلام السياسي الأصلية كما يرى تكمن في بدايته - أنها العلة التي سرت في تاريخ الإسلام، وهي أنه لم يقدم حلا سياسيا أو عمليا للقضايا السياسية التي أثارها، أنه لم يقدم سوى الإيمان، ولم يقدم سوى النبي، الذي كان سيعطي كل الحلول، إلا أنه توفي، هذا الإسلام السياسي هو ليس سوى الغضب والفوضى، إن كل الأمثلة التي يقدمها نايبول، كل الأشخاص الذين التقى، هم من القائلين بالنقيضة بين الإسلام والغرب، وهي النقيضة التي افترضها أصلا وصمم على أن يراها في كل مكان، من هنا فالكتاب الأول في النهاية مشجر مليء بالتكرار.

          لكن لماذا يعود بعد نحو عشرين ليقدم كتابا ثانيا يضارع الأول في الإطالة والإملال؟ السبب الوحيد الذي أجده هو أنه يعتقد أن الإسلام دين العرب، وكل مسلم غير عربي فهو مجرد "معتنق" للدين. من هنا فإن جميع هؤلاء المعتنقين أي الماليزيين والباكستانيين والإيرانيين والإندونيسيين وغيرهم، يعانون من فقدان الهوية الأصلية أو كبتها. أي أن الإسلام ديانة وافدة تعزلهم عن تقاليدهم وتتركهم في حال دائم من الـ((بين بين)). ويحاول نايبول في كتابه الجديد توثيق مصير ((المعتنقين)) الذين خسروا ماضيهم ولم يقدم لهم دينهم الجديد سوى الضياع والمزيد من اللا كفاءة المضحكة - كل ذلك نتيجة تحولهم إلى الإسلام. إذا وافقنا على هذا المنطق السخيف يمكن أن نقول إن الكاثوليكية لا تصلح إلا لسكان روما، ونعتبر أن كل من عداهم من الكاثوليك، أي الإيطاليين خارج روما والأسبان والأمريكيين اللاتينيين والفيليبينيين.... الخ، مقطوع عن تاريخه وتقاليده، كما أن جميع الأنغليكانيين خارج إنكلترا هم من المعتنقين ولذا، فمثلهم مثل المسلمين من غير العرب، ليس أمامهم سوى اللاجدوى وتقليد الغير.

          يقع ما بعد الإيمان في أربع مئة صفحة، تقوم كلها على هذه "النظرية" الغيبية والمهينة. السؤال هنا ليس عن صحة أو خطأ الفكرة، وإنما عن كيف أمكن لرجل بذكاء وموهبة نايبول تأليف كتاب على هذه الدرجة من الحمق والإملال، يكرر إلى ما لا نهاية قصصا تعبر عن فكرة سقيمة هي أن غالبية المسلمين هي من الذين انقطعوا عن تاريخهم باعتناق الإسلام وكتب عليهم، تبعا لذلك، مواجهة مصير واحد متشابه. المسلمون من غير العرب متحولون عن هويتهم وليس لهم إلا أن يعيشوا تاريخا مزيفا.

          ما أراه هو أن نايبول في مرحلة ما من حياته، تعرض لحادث فكري خطير. وأن هوسه العدائي بالإسلام أدى به في شكل ما إلى التوقف عن التفكير، أو إلى ما يشبه الانتحار الفردي الذي يجبره على تكرار المقولة نفسها إلى ما لا نهاية. إنها ما أعتبره كارثة فكرية كبرى فقد فيها نايبول الكثير من قدراته. إذ أصبحت كتاباته مكرورة مضجرة، وضاعت مواهبه، ولم يعد قادراً على التفكير السليم. إنه الآن يعتاش على سمعته، التي توهم مراجعي كتبه أنهم لا يزالون أمام كاتب عظيم، فيما الحقيقة أنه ليس الآن سوى شبح لذلك الكاتب. المؤسف أكثر أن كتابه الأخير عن الإسلام سيعتبر تقويما رئيسا لديانته عظيمة، وسيؤدي ذلك إلى المزيد من الأذى للمسلمين، وإلى المزيد من التوسع والتعميق للهوة بينهم وبين الغرب. ولن يستفيد أحد شيئا سوى الناشرين الذين سيبيعون الكثير من الكتب، ونايبول نفسه الذي سيحصل على الكثير من المال.
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:58 ص.
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق

          • سيف الكلمة
            إدارة المنتدى

            • 13 يون, 2006
            • 6036
            • مسلم

            #6
            الإسلام و الغرب > إذاعة لندن والاستشراق الجديد >
            كلفت قبل مدة بإلقاء درس حول الاستشراق المعاصر، فأعددت بعض الأفكار في ذهني وفي وريقات معي، ولما حان موعد الدرس انطلقت إلى المكان المحدد وفي الطريق أدرت المذياع فإذا بالإذاعة لندن باللغة الإنجليزية تجري لقاء مع الدكتورة منى مكرم عبيد الأستاذة الجامعية المصرية القبطية (عضوة مجلس الشعب)، فأوقفت سيارتي، وأخرجت ورقة وبدأت أدون ما تقوله الدكتورة، ثم أكملت الطريق حتى وصلت وجهتي وقد عزمت على أن لا أتحدث عن الأفكار التي أعددت أو كتبت ذلك أنني وجدت بغيتي في هذا الحديث الإذاعي.

            لم يعد الاستشراق المعاصر يعتمد على جون، وجورج، وبل، ومايكال، وغيرهم فقد اكتشف هذا الاستشراق أننا حساسون جدا للآراء والأفكار التي يطرحها هؤلاء، لذلك سعي أن يوصل أفكاره ومخططاته ومؤتمراته من خلال أبنائنا الذين يحملون أسماء حسن، ومحمود، وعلى، وحسين، ومنى، وعائشة، وهدى وغيرهم.

            ولما كان من أبرز أهداف الاستشراق قديما وحديثا السعي إلى تفتيت وحدة الأمة الإسلامية، وخلق النزعات داخل المجتمعات الإسلامية وبخاصة تلك التي تضم أقليات نصرانية فإن حديث الدكتورة منى يسعى جاداً إلى تحقيق هذا الهدف.

            ولننتظر كيف يعمل الاستشراق المعاصر خلال أمثال الدكتورة منى عبيد من واقع الأفكار التي قدمتها في هذا اللقاء مع إذاعة لندن باللغة الإنجليزية. لقد أبدت الدكتورة مخاوفها الشديدة من تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، وزعمت أن ذلك لن يكون في مصلحة النصارى، كما زعمت أن المناهج الحالية بما تحتوي من اهتمام وتركيز على الإسلام أمر غير مقبول، فكيف إذا ما تمت أسلمة هذه المناهج كليا، وهذا يعني في نظرها أسلمة المجتمع المصري. لا شك أن من ديدن الاستشراق قديما وحديثا تقديم التهم والافتراضات دون تقديم الدليل والبرهان؛ ذلك أن المتحدث - الدكتورة منى - تتحدث بلغة الواثق، لغة العالِم المَرْجِع فيما يقول. فالدكتورة للأسف الشديد لم توضح كيف أن تطبيق الشريعة الإسلامية سيضر بمصالح الأقلية النصرانية. لقد نسيت الدكتورة أو تناست أن مصر عاشت قروناً طويلة في أمن وسلام حقيقي في ظل الشريعة الإسلامية. وإن الحقوق التي تكفلها هذه الشريعة لأهل الذمة لا يوجد مثلها في أي تشريع آخر. ولننقل صورة من الماضي حينما شعر مصري قبطي بأنه ظلم، فتوجه من فوره إلى المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية حينذاك ليشكو وإلي مصر الصحابي الجليل عمرو ابن العاص. وأُنْصِفَ المصري تماما، بل إن عمر بن الخطاب قال قولته المشهورة والتي هي أساس مهم في الإسلام "من استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" هذا المصري الذي كان خاضعا لشتى أنواع الاضطهاد تحت الحكم الروماني المسيحي دينيا واجتماعيا واقتصاديا وغير ذلك، لم يكن ليدور في مخيلته أن يشكو حاكما رومانيا أو يتظلم. أليست الشريعة الإسلامية إذن هي التي حققت العدل للأقباط المصريين ؟

            وعسى أن تتذكر الدكتورة منى من الماضي القريب كيف أن كثيراً من النصارى أيدوا الشيخ حسن البنا رحمه الله ووقفوا إلى جانب المسلمين في صراعهم ضد الاحتلال البريطاني الغاشم رغم أن بريطانيا لم يفتها استغلال بعض النصارى كما استغلهم نابليون من قبل في حربه للإسلام والمسلمين.

            أما قولها بأن المناهج الدراسية الإسلامية الحالية أو ما يتوقع أن يضاف إليها من أسلمة تضر بالأقلية النصرانية، فهل من المنطق أن يدرس خمسة وتسعون بالمئة من أبناء البلاد مناهج علمانية لا تربط بدين الشعب من أجل خمسة مائة؟ وهل يصح أن تفرض مناهج غير إسلامية في بلد مسلم ثم ما العيب في المناهج الإسلامية؟ هل تستطيع الدكتورة أن تقدم دليلاً واحداً على أن المناهج تضر أو تتحيز ضد النصارى؟ إنها تنسى أو تتناسى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بمصر وأهلها. إن المناهج الإسلامية تدعو إلى حسن معاملة أهل الذمة وتحترم نبيهم عيسى عليه السلام وتؤمن بما جاء به من عند الله.

            وتناولت الدكتورة أيضا ما زعمته من اهتمام الدولة بقضية مقتل السياح الأجانب وإهمالها للقتلى من النصارى، وزعمت الدكتورة أن كنائس هدمت وبيوتا سرقت ومتاجر غصبت، وهي في هذه الاتهامات لم تخرج عن المنهج الاستشراقي في إلقاء التهم جزافا فكيف أهملت الدولة قتلى النصارى؟ وهل حقا قتل نصارى دون أن يكون للطرف الآخر حجة في القتل؟ وأين الدليل على الكنائس التي هدمت ما عددها، فالدكتورة لم تذكر مثالاً واحداً.

            وهكذا فالاستشراق المعاصر يتكلم الآن باللهجة القديمة، ويسعى للأهداف نفسها، ولكنه يقدمها بلسان أبناء البلاد الإسلامية أنفسهم. وهذا هو الخطر الداخلي الذي يفوق كثيرا الخطر الخارجي فهل ننتبه إله؟

            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:57 ص.
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق

            • سيف الكلمة
              إدارة المنتدى

              • 13 يون, 2006
              • 6036
              • مسلم

              #7
              الإسلام و الغرب > إرادة التحدي في مواجهة عداء الغرب >
              تحسن الإذاعات الغربية الموجهة استغلال الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية، فتعمل على استثارة الحكومات العربية الإسلامية ضد طائفة من أبنائها نذروا أنفسهم للإسلام يدعون إليه بأقوالهم وأفعالهم حتى إذا نزل بالأمة بلاء كالزلزال أو السيول والفيضانات، شمروا عن سواعدهم وعملوا كل ما في وسعهم للتخفيف من آثار هذه الظروف. وهؤلاء الدعاة في الأحوال العادية يقدمون الخير والمعروف عملا بأوامر الإسلام في هذا الشأن كقوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر) وقوله صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع) وفي رواية (وهو يعلمه).

              ولما حلت جيوش الاحتلال الأوروبية بالبلاد العربية الاسلامية تستعمر أراضيها وتغزو عقول بعض أبنائها قيض الله لهذه الأمة رجالا مخلصين من العلماء والدعاة حاربوا الاحتلال حتى طردوه شر طردة، ولكنه كان ماكراً خبيثاً لم يغادر البلاد حتى ترك فيها ماأسماهم الأستاذ محمد قطب المستعمرين السمر، فعاثوا بالبلاد خربوا اقتصادها، ونهبوا خيراتها، وأذلوا شعوبها، وافتعلوا الحروب هنا وهناك حتى أفقروا البلاد والعباد.

              وتظهر من جديد الصحوة الاسلامية المباركة فتشترك في المجال الاقتصادي فالمال عصب الحياة، ولا بد للمسلمين أن يملكوا القوة التي يرهبون بها أعداء الله وأعداءهم. ويرى الغرب في الأزمات الاقتصادية الطاحنة بسبب التبذير وسوء التوزيع فيظن أنه لابد أن يقدم المساعدات الاقتصادية لاسكات صوت الصحوة الاسلامية، فيزعم أنه لابد من توفير المساكن والفرص الوظيفية لأن شباب الصحوة يعانون أكثر من غيرهم. فهل يقصد الغرب خيراً من هذه المساعدات؟

              وليس هذا التوجه الغربي بالجديد فقد كانت الجزائر تعيش تحت الاحتلال الفرنسي وتعاني من الأزمت المالية والاقتصادية، وكان المحتلون يلوحون بين الحين والآخر بأنهم سيسهمون في حل المشكلة الاقتصادية، فما كان من الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله الاّ أن كتب يقول: "جهل قوم من ذوي السلطة هذا الخلق منا -ويقصد الصبر على الجوع والتقلل من الأكل - فحسبوا وهم عالمون بما فيه الأمة من جوع وفاقة أننا لا نريد الا الخبز، وأن الخبز عندنا هو كل شيء، وأننا اذا ملئت بطوننا مهدنا ظهورنا، وأنهم اذا أعطونا الخبز فقد أعطونا كل ما نطلب، اذ الخبز -في زعمهم - هو كل مانريد"0

              نعم اإن المسلمين المسلمين يهمهم أن يتغلبوا على المصاعب الاقتصادية، ولكنهم يقدمون عليها عودة الاسلام ليحكم جميع مجالات حياتهم في العقيدة وفي العبادة وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع. وهم غير مستعدين للتضحية بثوابتهم من أجل حفنة من المال أيا كان مصدرها.

              وأختم بموقف مرت به مصر في أثناء حملة نابليون عليها حيث شعر المصريون بالتحدي لمواجهة جيش نابليون وما يملكه من أسلحة وعتاد ومدافع، فما كان من المصريين الاّ أن صنعوا السلاح خلال أيام، وكما يقول محمد جلال كشك في كتابه القيم (ودخلت الخيل الأزهر): "وبذل الأهالي ما في طوقهم لتأييد الثورة، وأتوا في هذه السبيل من الأعمال ما أدهش الفرنسيين، فقد أنشأوا في أربع وعشرين ساعة معملا للبارود في بيت قائد أغا بالخرنفش، وأنشأوا معملا لإصلاح الاسلحة والمدافع، ومعملا أخر لصنع القنابل000 وهكذا نرى أن مصر قد طرقت أبواب الصناعة من خلال قتالها ضد الاستعمار الغربي لا من خلال الرضوح له أو التعاون معه."

              فهل نعي الدروس من الماضي والحاضر؟ اللهم ردنا الى دينك رداً جميلاً وارقنا معرفة الحق والعمل به.

              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:57 ص.
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق

              • سيف الكلمة
                إدارة المنتدى

                • 13 يون, 2006
                • 6036
                • مسلم

                #8
                الإسلام و الغرب > صحيفة المدينة والتسامح الديني >
                في اليوم الذي أعلنت فيه تركيا قرارها بمنع ارتداء الحجاب لموظفات الدولة أو الشركات أو الجامعات ومنعت إطلاق اللحى كان قدر صدر عن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون قراراً بالسماح لأي مسلمة بأن ترتدي الحجاب وكذلك بإطلاق اللحية للرجال وأداء العبادات وأن لا يتعرض إنسان في المجتمع الأمريكي للمضايقة بسبب دينه.

                أهـو حقاً تسامح أمريكي حقيقي؟ ولماذا يتسامح الأمريكيون وتضيق صدور العسكر والعلمانيون الأصوليون في العلمانية من الحجاب واللحية وأداء العبادات؟ نحن لا نشكك في أن القرار الأمريكي رائع ويستحقون عليه الشكر، ولكننا يجب أن نتوقف عند هذا الأمر فهل هذا التسامح حقيقي؟ وهل أمريكا أو غيرها من دول الغرب بعيدة عن قرارات العسكر؟

                سأترك الإجابة عن هذه الأسئلة لأعود بالقارئ الكريم إلى حقيقة التسامح الديني الذي لم يعرفه العالم مثله. التسامح الديني هو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود حينما قدم المدينة المنورة وكتب بينه وبينهم عهداً منحهم فيه حق ممارسة شعائرهم الدينية وحرية التصرف في أموالهم، وطالبهم بأن يكونوا يداً على من يريد المدينة بسوء. والتسامح الديني هو استقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران واستضافتهم في مسجده صلى الله عليه وسلم وإكرامه والحوار معهم. ولقد شهد بعض العلماء الغربيين بهذا التسامح حيث من المشهور ما قاله جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب بأن العالم لم يعرف فاتحاً أرحم من العرب وأكثر تسامحاً.

                ومن عجيب أن هذا التسامح لم يقابله قط تسامح مثله فالصليبيون حينما هجموا على البلاد الإسـلامية مارسوا جميع أنواع القتل والوحشية فقد وصلت الدماء في بيت المقدس إلى الركب حينما دخلها الصليبيون. واليهود وما أدراك ما يهود لقد ارتكبوا ومازالوا يرتكبون المجازر لتثبيت وجودهم في فلسطين. ولم يكن الاستعمار الغربي أقل وحشية عن الغزو الصليبي فقد عرف عن القائد الفرنسي بيجو ما سمي بالأرض المحروقة وغير ذلك من الوسائل والإرهاب.

                هل نجحت الدعاية التي أرادتها وسائل الإعلام بإظهار عسكر تركيا بأنهم أقل تسامحاً من الرئيس الأمريكي، وهل حقاً يغيب عن الغرب المؤيد للعسكر ما يفعله العسكر. فهم بعد أن قرر العسكر تقليص سنوات التعليم الديني وظهر أن تركيا في حاجة إلى مبالغ كبيرة لتوفير الصفوف والمدارس والمعلمين فوافق البنك الدولي -الذي تشرف عليه الدول الكبرى – على تقديم مساعدات مالية حجمها نحو بليون ونصف البليون دولار موزعة على مدى ثلاث سنوات.(الحياة ، 6/9/1997م) فهل ننخدع بهذه الحركات التي تظهر سماحة أمريكا وتعصب العسكر وتحجرهم؟

                وفي الوقت الذي يصرح فيه الرئيس الأمريكي تلك التصريحات الرائعة بالسماح للنساء بالتحجب والرجال بإطلاق اللحية ومنع أي ممارسة تدل على التعصب الديني يحدث في الولايات المتحـدة ما يشير إلى ظهور موجة من التعصب ضد المسلمين. فقد كتب فهمي هويدي مقالة في مجلة المجلة(21-27سبتمبر 1997م) يشير إلى بعض ممارسات السلطات الحكومية الأمريكية ضد المسلمين وذكر بعض الشخصيات العلمية الإسلامية التي تعرضت للاعتقال والسجن. ومن هؤلاء الدكتور حسام أبو جبارا " الفلسطيني المحتجز في مدينة تامبا بفلوريدا،….والدكتور مازن النجار في المدينة نفسها. وذكر هويدي قصصاً أخرى تتناول صوراً من اضطهاد بعض المسلمين في أمريكا.

                وكتب بول فندلي في هذه الصحيفة بعنوان (في أمريكـا.... مكارثية جديدة ضد العرب والمسلمين) (المدنية المنورة 21جمادى الأولى 1418هـ) وأشار إلى بعض الحوادث التي تدل على أن تصريحات الرئيس الأمريكي كلام جميل لكن الواقع لا يؤيد هذا الكلام. فهل يصرح الرؤساء في الغرب بينما أجهزة الحكومة تتصرف بطريقة مخالفة لهذه التصريحات؟

                وأميل شخصياً لتصديق أن الواقع في الغرب هو عكس ما يصرح به بعض الزعماء والرؤساء ليكسبوا به الدعاية لأنظمتهم ولتحسين صورتهم. فقد كنت في زيارة للولايات المتحدة قبل سنتين تقريباً وحدثني أحد الإخوة المسلمين هناك بما تعرض به بعض المسلمين الأمريكيين من أصل أفريقي مـن اتهامات باطلة حتى إن أحدهم اتهم بتجارة المخدرات، وليس من الصعب على أجهزة المخابرات والمباحث من تلفيق تهم مثل هذه. وقد أصبحت مثل هذه التهم من الأمور التي يصدرها الغرب للشرطة في دول العالم الثالث.

                لسنا من المفتونين بنظرية المؤامرة- كما زعم أحد الكتاب الذي يقدم بعض البرامج التلفزيونية- ولكن أمام هذا السيل من الحقائق فالأمر لم يعد مؤامرة تدبر بليل أو في الخفاء كما يقولون ولكنها تصرفات واضحة للعيان. فهل يستسلم المسلمون عليهم أن يتكاتفوا وأن يثيروا الإعـلام ضد أي تصرف يرون أن فيه تعصباً ضدهم. وحتى لا يكون الكلام بلا دليل فقد قدم السفير الأمـريكي السابق روبرت نيومان محاضرة في المؤسسة المتحدة للبحوث والدراسات في مدينة أنانديل Annandale القريبة من واشنطن العاصمة في سبتمبر 1995 وتقدم إليه شاب عربي - ربما مسلم- قائلاً أنا مـن الجيل الثالث في هذه البلاد ووصلت إلى رتبة عسكرية ثم توقفت ترقياتي بسبب الحفاظ على الأسرار العسكرية بينما يأتي الشخص من رومانيا أو من أي دولة أوروبية ويصل إلى أعلى المراتب ولا يخشى منه على الأسرار العسكرية. فأعجبتني إجابة السفير نيومان بالقول له استمر في المطـالبة وأوصل قضيتك إلى وسائل الإعلام؛ فإن نقطة الماء إذا استمرت في النزول تجعل الصخر فارغاً، أو كما نقول في المثل العربي (كثرة الطرق تليّن الحديد) .

                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:57 ص.
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق

                • سيف الكلمة
                  إدارة المنتدى

                  • 13 يون, 2006
                  • 6036
                  • مسلم

                  #9
                  الإسلام و الغرب > مازالوا يفخرون بالحروب الصليبية >
                  هل إذا تحدثنا عن الحروب الصليبية نكون نتحدث في قضايا بالية؟ وهل حقا انتهت الحروب الصليبية،وأن العداء الغربي للإسلام والمسلمين لا ينطلق من أسباب دينية وإنما هي مصالح سياسية واقتصادية وإقليمية؟ لن أجيب بنعم أو لا. ولكني وجدت أن القوم ما زالوا يهتمون بالحروب الصليبية. وقد نشرت صحيفة الحياة اللندنية عرضين لكتابين حديثين صدرا عن إدارة النشر بجامعة كمبردج البريطانية، بالإضافة إلى الأخبار عن فيلم جديد ستقوم هوليوود بتصويره قريبا من إنتاج المنتج اللبناني ماريو قصّار ويقوم بدور البطولة فيه الممثل المشهور آرنولد شوارزينجر (الذي قام بدور البطولة في فيلم "أكاذيب حقيقية")- أصبح حاكم ولاية كاليفورنيا عن الحزب الجمهوري-، كما نشرت جريدة الحياة عرضا لفيلم وكتاب بعنوان" الصليبيون" من تأليف تري جونز والان اريرا من إصدار هيئة الإذاعة البريطانية.

                  أما الكتاب الأول فهو" انتصار في الشرق- التاريخ العسكري للحملة الصليبية الأولى" تأليف جون فرانس. ويتناول الكتاب (الحياة 11543في 25/9/1994م) الجانب العسكري من الحملة الأولى التي يرى المؤلف أنها: "رسخت الوجود الفرنجي في قلب العالم الإسلامي، وساهمت في قيام ممالك صليبية عدة..." وكانت هذه الحرب" صدمة قاتلة ليس فقط للعرب والمسلمين الذين كانوا الضحايا الأساسيين في الفظاعات التي طبقها الصليبيون.. بل أيضا بالنسبة إلى الصليبيين أنفسهم الذين ما كانوا يتوقعون مثل هذه السرعة المذهلة في احتلال معظم المناطق القريبة من الهلال الخصيب"، ويتناول الكتاب أيضا الدوافع التي تسببت في الحروب الصليبية، وكذلك تركيب المجتمع الأوروبي.

                  أما الكتاب الثاني فهو" القلاع الصليبية"تأليف هيو كيندي، ولئن كان الكتاب كما يشير عنوانه يتناول التاريخ العسكري للحروب الصليبية لكنه يوضح مدى اهتمام الغرب بهذه الحروب، ويقول في ذلك سمير رزق الله الذي قدم العرض:" غير أننا بتنا نشهد في السنوات القليلة الماضية اهتماماً بالمواضيع التفصيلية الهادفة إلى تبيان جوانب غامضة من الوجود الصليبي في المنطقة، خصوصاً أن هذا الوجود استطاع أن يثبت أقدامه لأكثر من قرنين كاملين عمد خلالهما إلى إنشاء ممالك وإمارات إفرنجية لعبت دوراً مهما في التطورات الاجتماعية والاقتصادية خلال القرون الوسطى في أوروبا أو في الشرق العربي الإسلامي."(الحياة11601-22/11/1994م)

                  وفي مجال السينما نشرت جريدة الحياة(11406في 10/5/1994) خبراً عن عزم المنتج اللبناني ماريو قصار إنتاج فيلم عن الحروب الصليبية وسيحتاج الفيلم لمبلغ ضخم لإنتاجه ، وقد استطاع قصّار إقناع بعض الأثرياء العرب بالإسهام في إنتاج الفيلم، بينما فشل المخرج المعروف مصطفى العقاد في الحصول على التمويل اللازم لفيلم بعنوان" صلاح الدين"، ومن العجيب أن تخوف بعض العرب والمسلمين من تمويل فيلم صلاح الدين كان لأسباب تافهة ومن ذلك أن صلاح الدين لم يكن عربيا، أو ربما كان شيعيا، وكان أتفه من ذلك أن المحرر الذي أورد الخبر لم يكلف نفسه الرد على هذه التفاهات إما جهلاً بالحقائق أو تعمداً لإبقاء القارئ جاهلاً بالحقيقة.

                  وهكذا يهتم الغرب بالحروب الصليبية وتمارسها بعض حكوماته ووسائل إعلامه، ومن ذلك القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية الذي يطلق على المجاهدين الشيشان "المتمردين" ويطلقون عليهم أيضاً(الإنفصاليين). وفي برنامج الإذاعة نفسها باللغة الانجليزية عن العنف في العالم ركز البرنامج على الضحايا اليهود وأهمل الضحايا المسلمين. وقد خصص جزء كبير من وقت البرنامج للحديث عن الجندي اليهودي الذي اختطفه بعض الفلسطينيين فاستضافت الإذاعة أمه وأباه، واستدرت عطف الجماهير المسكينة على هذه الضحية، بينما لم ينل الضحايا الفلسطينيون عشر معشار ما نال اليهود من الاهتمام. كما أهمل البرنامج الضحايا المسلمين في كشمير وفي الفلبين وفي البوسنة والهرسك وفي الشيشان وفي غيرها. ولعل من أحدث ملامح الصليبية المعاصرة أن صندوق النقد الدولي سيقدم عدة آلاف من ملايين الدولارات لروسيا تعويضا لها عما خسرته في حربها للشيشان، أليس هذا من شر البلية.

                  ماذا لو اهتم المسلمون بالكتابة عن الحروب الصليبية (قديما وحديثا) لقيل أنتم تهتمون بالماضي وتثيرون العداء ضدكم، وكأنّ الغرب أو بعض دوله في حاجة لمن يثر عداءها.

                  التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:57 ص.
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق

                  • سيف الكلمة
                    إدارة المنتدى

                    • 13 يون, 2006
                    • 6036
                    • مسلم

                    #10
                    الإسلام و الغرب > من يمزّق الصحيفة ومتى؟ >
                    نردد كثيراً قول الشاعر: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. فهل هذا هو حال الولايات المتحدة الأمريكية مع قضية العراق، حصار العراق، ضرب العراق، تأديب صدّام، تجريده من أسلحة الدمار الشامل، أطفال العراق ، شعب العراق، مسؤولون أمريكيون يجوبون أقطار العالم ليتحدثوا عن خطورة صدام حسين، وأن الحصار لابد أن يستمر وأن أي مال يدخل إلى العراق لا بد أن يذهب إلى صدّام فيشتري به السلاح ويعود إلى صناعة أسلحة الدمار الشامل. ويسمع المسؤولون الأمريكيون من يقول لهم إنّ وجهة نظركم قد تكون صحيحة لولا أنكم لا تريدون أن تسمعوا وجهات النظر الأخرى في الموضوع.

                    هل صحيح أن أمريكا لا تعرف أن ما يحدث اليوم في العراق من استمرار المقاطعة ثمانية أعوام كاملة إنما هو استمرار الوضع الراهن بأن يُحكِمَ صدّام قبضته على الشعب العراقي الذي يعاني من المقاطعة ما لم تعانيه لا اليابان ولا ألمانيا بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية، وكأن المقاطعة إنما هي خاصة بالشعوب العربية الإسلامية. وكأن مشاهدة معاناة الشعب العراقي وموت أطفاله وبيع المواطنين العراقيين أثاث منازلهم والبحث عن لقمة العيش إنما هو فيلم سينمائي يتسلى به الإعلام الغربي فيما تبثه له المحطات الفضائية الأمريكية.

                    ومن إيجابيات وجود مراكز البحوث والدراسات الأمريكية أنها تصدر بين الحين والآخر دراسات عميقة ومتزنة ومن ذلك الدراسة التي كتب عنها الأستاذ محمد صلاح الدين في هذه الصحيفة ( 9شوال 1419هـ) وصدرت في مجلة شؤون خارجية Foreign Affairs بقلم ثلاثة من الباحثين الأمريكيين وطالبت الدراسة برفع العقوبات الاقتصادية عن العراق، وإلغاء حظر الطيران المفروض في شمال وجنوب العراق مقابل عودة عمليات التفتيش (ولكن أليست ثماني سنوات كافية لمعرفة كل شبر في العراق؟)

                    لقد سبقت الحكومة السعودية هذه المبادرة العلمية الأمريكية حين اقترحت رفع العقوبات الاقتصادية عن الشعب العراقي وكانت مبادرة إنسانية رائعة بحق يجب على العالم كله أن يسارع إلى تنفيذها برفع المعاناة عن شعب العراق. فهذه المعاناة لم تكن يوماً مقتصرة على الدواء والغذاء، فإن شعب العراق الذي يتجاوز تعداده العشرين مليوناً محروم من أن يكون له طائرات ومطارات وجامعات وكتب ومؤلفات والمواد المحظور إرسالها إلى العراق تشمل الأفلام والأوراق ودواء الأسبرين للأطفال ومواد تعقيم المياه والمعدات الطبية وغيرها ( د. وليد أحمد فتيحي ، المدينة المنورة 10رمضان 1419هـ.

                    إن العراق لمن كان له اطلاع على الحركة الثقافية قبل عشر سنوات كان يعيش انتعاشة فكرية ثقافية متميزة، وما زلت أذكر أن إحدى مكتبات المدينة المنورة كانت متخصصة في استيراد إنتاج الجامعات العراقية.

                    إننا لم نخسر العراق بموت أطفاله وموت شعبه والموت جوعاً فقط، ولكننا خسرنا بلداً عربياً كان يوماً ما ملء سمع العالم وبصره، البلد الذي كان مقر الخلافة العباسية، والعراق بلد عربي شقيق يرجى أن يكون في القريب العاجل نعم الأخ الشقيق والجار الذي يحترم الجيرة وأن يكون جنده دعماً للأمة العربية الإسلامية في مستقبل الأيام. وقبل ذلك أليس مما نؤمن به قوله تعالى )إنّما المؤمنون إخوة( وقوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسهر).

                    وكان للصحافة السعودية دور مبارك في الحديث عن هذه المبادرة الخيرة وأهمية الإسراع في تنفيذها فقد كتب الدكتور وليد فتيحي نقلاً عن نشرة أمريكية: "إن الحظر الاقتصادي قد كوّن جيلاً جديداً، ورفع نسبة الإجرام بما فيهم الأطفال وزادت نسبة الدعارة والفساد. إن عزل الشعب العراقي عن العالم سيزيد من دعم النظام العراقي" ويضيف الدكتور فتيحي "بأن العالم سيدفع ثمن عقاب الشعب العراقي المنكوب."

                    وأختم بما كتبه الأستاذ محمد صلاح الدين (المدينة المنورة 8 شوال 1419)ـ): "ومن هنا تأتي الأهمية البالغة للمبادرة السعودية التي دعت لرفع هذه العقوبات مع إحكام القبضة على تصرفات النظام الحاكم.." فمن ينقض الصحيفة؟

                    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:57 ص.
                    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                    وينصر الله من ينصره

                    تعليق

                    • سيف الكلمة
                      إدارة المنتدى

                      • 13 يون, 2006
                      • 6036
                      • مسلم

                      #11
                      الإسلام و الغرب > يطلبون السلام ويستعدون للحرب >
                      تهدف هذه المقالة إلى الدعوة إلى اليقظة والانتباه لما يقوم به اليهود في إسرائيل من نشاطات علمية، وعسكرية، وسياسية، واقتصادية، في الوقت الذي يزعمون فيه أنهم يطالبون بالسلام وأن أمنهم مهدد حتى إن اتفاقاتهم مع الفلسطينيين غالباً ما تتعرض للتجميد من قبلهم بحجة أن الطرف الآخر لم يقم بالمهمات الأمنية المطلوبة، أو بحجة الانتخابات السياسية أو غيرها من الحجج، وإن كان عدم وفاء يهود بالعهود أمر عرفه المسلمون من خلال كتاب ربهم عز وجل، ومن خلال التاريخ.

                      فهذه زيارة باراك الأخيرة إلى واشنطن تضمنت دعم قوة إسرائيل العسكرية بمزيد من الاتفاقيات للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة، كما أنه من المتوقع أن تقوم ألمانيا بتسليم إسرائيل عدداً من الغواصات

                      وقد تناول هذا الموضوع الأستاذ محمد صلاح الدين الكاتب اليومي في صحيفة (المدينة المنورة، 10شوال 1419هـ) التي تصدر في جدة بالمملكة العربية السعودية حيث تحدث عن الكتاب الذي صدر مؤخراً في بريطانيا بعنوان: سكاكين ودبابات وصواريخ: ثورة إسرائيل الأمنية،عن معهد واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى الذي أسسه حزب الليكود في منتصف الثمانينات لتقديم الدراسات والبحوث لصانعي السياسة الأمريكية. مما يدل على النفوذ اليهودي القوي في دوائر السياسة الغربية والأمريكية بصفة خاصة.

                      وللدكتور عبد الوهاب المسيري نظرة أخرى في كتابه: الحمائم والصقور والنعام: دراسة في الإدراك والتحليل السياسي الصادر عام 1996م، حيث يتحدث في هذا الكتاب عن الدور الذي تقوم به دولة إسرائيل للغرب وأن التفوق العسكري الإسرائيلي إنما هو لخدمة أهداف الغرب الذي أراد أن تكون هذه الدولة في هذه المنطقة من العالم لما تحققه له من سيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم. ويقول في ذلك :" ولكن أهم وظائف الدولة الصهيونية على الإطلاق هو الوظيفة القتالية (لا التجارية أو المالية)، فعائد الدولة الوظيفية الأساسي عائد استراتيجي والسلع أو الخدمة الأساسية الشاملة التي تنتجها هي القتال: القتال في الدرجة الأولى"(ص122)

                      ويقدم الدكتور المسيري بعض الأدلة على ذلك من أقوال زعماء هذه الدولة فمن ذلك ما قاله ناحوم جولدمان عام 1947م " إن الدولة الصهيونية سوف تؤسس في فلسطين لا لاعتبارات دينية أو اقتصادية بل لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وأسيا وأفريقيا، ولأنها المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم."(ص123) أما المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للدولة الصهيونية فهي أشبه بتكاليف حاملات الطائرات أو قريباً مما تدفعه أمريكا لمشاركتها في حلف الناتو وقواتها في أوروبا، بل إن الصهاينة يرون أن المبالغ التي تدفعها أمريكا أقل من الخدمة التي تقدمها الدولة العبرية.

                      مهما كان الأمر حول امتلاك إسرائيل القنابل الذرية والسلاح الاستراتيجي الذي تستمر الدول الغربية في دعمه وتقويته، فإن العالم الإسلامي مطلوب منه أن يدرك هذا الدور تماماً وأن لا يتوقف السعي لامتلاك القوة. أليس هذا ما يفسر الحرب العنيفة التي تشنها أمريكا والغرب عموماً حينما تبدأ أي قوة في المنطقة من الاقتراب من امتلاك السلاح؟ لقد انشغلت وسائل الإعلام العالمية زمناً بعد تجارب الهند النووية بالجهود الغربية بمنع باكستان من إجراء تجاربها النووية.

                      وأختم بقول الدكتور سامي حبيب ( المدينة المنورة 20شوال 1419هـ) "فهل ستظل أمريكا والغرب تلاحق دول المنطقة وإنزال جميع أنواع الخراب العسكري بها لمحاولة مجاراة غيرها في التسليح دفاعاً عن النفس …أم أن الأولى أن يطبق على إسرائيل ما يطبق على غيرها.." ولعل التقاء مصالح الغرب مع أهداف اليهود العقدية في زعمهم أن لهم الحق في إنشاء دولتهم هو الذي يجعل هذه المعادلة غير العادلة تستمر. هم يطلبون السلام ويتقوون بالسلاح ونحن نطلب السلام ولكن أين السلاح؟

                      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:55 ص.
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق

                      • سيف الكلمة
                        إدارة المنتدى

                        • 13 يون, 2006
                        • 6036
                        • مسلم

                        #12
                        الإسلام و الغرب > الغرب تهديد للإسلام >
                        يتحدث المتحدثون ويكتب الكاتبون ويحاضر المحاضرون عن أن الإسلام ليس تهديداً للغرب. وكم عقدت من ندوة ومؤتمر للحديث عن التهديد الإسلامي (المزعوم) للغرب. وقد تنبه قسيس في معهد هارتفورد اللاهوتي بولاية كنديكت بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1990م إلى هذه المسألة بعد انهيار معظم أنظمة الحكم الشمولي الشيوعي في أوروبا الشرقية فكتب مقالة قصيرة يتساءل فيها عمن سيكون الشبح المخيف الجديد (الفزّاعة) التي سوف يتخذها الغرب بعد سقوط الشيوعية. وأشار إلى أن بعض الكتّاب وبخاصة من ذوي الأصول اليهودية جعلوا الإسلام هو التهديد الجديد للغرب، ومن هؤلاء كريس كروتهامر Chris Krauthammer. ولم يكتفوا بجعله خطراً على الغرب وحده فهو خطر عالمي أو كوني (Global)

                        وقد كتبت في هذا الأمر في جريدة المسلمون بعنوان (لماذا يخوفون الغرب بالإسلام؟) (المسلمون، 4جمادى الآخرة 1410هـ، 21ديسمبر 1990م) وكتبت أيضا بصحيفة سعودي جازيت (بالإنجليزية):" هل الإسلام تهديد للغرب؟" وكثرت المقالات بعد ذلك تتناول هذا الموضوع بصور شتى كما كثرت الندوات والمؤتمرات التي عقدت للبحث في هذه القضية. فمن المقالات ما كتبه فهمي هويدي حول "مخاوف الأمريكيين تجاه الظاهرة الإسلامية وما حدث من خطوات لإقصاء الإسلاميين عن السلطة حتى لو وصلوا إليها عن طريق انتخابات حرة نزيهة مهما كانت الوسائل. (المجلة 19/12/1993م) وما كتبه بعد ذلك عن الاتصالات بين فرنسا وألمانيا للتباحث في شأن الخطر الإسلامي (المجلة 27/3/1994م) ومقالته بعنوان: "12سبباً وراء مخاوف الغرب من الحالة الإسلامية" (المجلة 10/6/1994م). وهناك مقالة بعنوان: "حقيقة ما يقال عن خطر "القنبلة الإسلامية " كتبها علي إبراهيم (الشرق الأوسط 17/6/1992م)

                        وقد تعجبت وقتها لماذا يهتم عالم لاهوتي نصراني بالدفاع عن الإسلام أو الكتابة متعجباً من اتخاذ الإسلام شبحاً لإخافة الغرب. وقد ظل هذا السؤال يتردد في نفسي منذ تلك الأيام، ولا أزعم أنني وجدت الإجابة الشافية له، ولكنني أريد أن أقدم سؤالاً مقابل سؤال :إذا لم يكن الإسلام تهديداً للغرب فهل الغرب تهديد للإسلام؟

                        هل الحديث عن التهديد (المزعوم) للإسلام ذريعة لمنع أو إيقاف الحديث عن تهديد الغرب للإسلام؟ إن الغرب أو الشمال النصراني –كما كان يسميه محمود شاكر رحمه الله- لا يزيد تعداده عن عشرين في المئة من سكان الكرة الأرضية ويستهلك حوالي ثمانين بالمائة من مواردها وثرواتها. هذا الغرب هو الذي ينتج أكبر كمية من السلاح في العالم، ولا تقع حرب في أي بقعة من الأرض حتى تتداعى دول الغرب تبيع السلاح لهذا الطرف أو ذاك وتقف تتفرج على الفريقين وقد تساعد فريقاً على الفريق الآخر إما لإطالة أمد الحرب واستمرار الحاجة للسلاح الغربي أو لأهداف أخرى. وقد سمع العالم وعرف ما سمي بإيران جيت وكونترا جيت وغيرها من الجتات أو الفضائح حتى إن إحدى القنوات الفضائية أعدت برنامجاً اسمه فضائح القرن العشرين. ومن صاحب هذه الفضائح –غالباً- إن لم يكن الغرب؟

                        وبالرغم من أن الدول الإسلامية تمتلك مخزوناً كبيراً من الثروات الطبيعية وطاقات بشرية هائلة لكن الدول الغربية استطاعت أن تحقق نجاحاً اقتصادياً في استثمار الثروات الطبيعية التي تستوردها بأسعار تتدخل هي في وضعها وتعيد تصديرها إلى العالم كله بأسعار تحددها بنفسها. وهاهي الدول الاسكندنافية التي لا تملك سوى كثافة سكانية محدودة تحقق دخلاً من أعلى المداخيل في العالم حتى إن اسبانيا تحقق دخلاً يساوي مداخيل البلاد العربية مجتمعة، وإن فنلندا التي لا يزيد تعدادها على الخمسة ملايين تحقق دخلاً يزيد عن دخل عدد من الدول العربية.

                        وتأتي خطورة الغرب في الجانب السياسي فهو لا يرى أن العالم عرف نظاماً سياسياً على مر العصور أفضل من النظام الديمقراطي (رغم النقاش الداخلي حول حقيقة الديمقراطية وتحقيقها للعدل)– صرح بذلك المستشرق برنارد لويس قبل أكثر من خمسين سنة وجاء فوكوياما ليكرر الزعم نفسه - ولذلك فهو يسعى لنشر هذا النظام حتى إن جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة قد أنشأت مؤسسة بعنوان (مؤسسة الديموقراطية والتغيير السياسي في الشرق الأوسط) ورئيسها هو البرفسور دانيال برمبيرج ويعمل فيها ستيفن هايديمان. وتعقد هذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات ومراكز البحث العلمي الندوات والمؤتمرات لتنظر في كيفية تصدير الديموقراطية إلى العالم كله. وقد جندت الأمم المتحدة – التي تعمل بإمرة الغرب- أكثر من عشرين ألف جندي للإشراف على الانتخابات في كبموديا- ولم تستمر تلك الديموقراطية إلاّ وقتاً قصيراً .

                        ولئن كان خطر الغرب واضحاً في المجالات السياسية والاقتصادية فإنه أهم وأخطر في الجوانب الفكرية والثقافية؛ فقد كتب الأستاذ بكر بصفر قبل سنوات (المسلمون، 4شوال 1411 هـ)حينما كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يبشر بالنظام العالمي الجديد قائلاً :" لا أدري أين يجد الحالمون بالنظام العالمي الجديد له أثراً وهم يشاهدون تفاقم هيمنة الغرب على العالم بأقماره الصناعية وبوكالات أنبائه وإذاعاته وبقية وسائل إعلامه التي يذيب بواسطتها ثقافات الشعوب ويهيئها للاندماج في المركزية الثقافية الغربية؟" ويقدم الأستاذ بصفر إحصائية لهذه السيطرة فيذكر أن أربع وكالات أنباء غربية تسيطر على 80% من جميع الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام في العالم، ويسيطر الغرب على المواد الإعلامية الترفيهية والثقافية كما الأفلام والمسلسلات، فشركة (CBS)التلفزيونية الأمريكية توزع برامجها في 100 دولة بينما تعرض البرامج والأفلام التي تنتجها شركة ABC في 60% من تلفزيونات العالم". وقد اتحدت شركة سي إن إن CNNمع شركة التايمز لتصبح بحق إمبراطورية إخبارية. أما في المجال الإذاعي فتتحكم الدول الغربية في 90% من الموجات الإذاعية….(عن بكر بصفر)

                        ألا نخشى الغرب وقد أصبح منذ أكثر من مائتي عام مصدر العلوم المختلفة، فقد درس وما زال يدرس أعداد من أبناء هذه الأمة في جامعاته ومراكز بحوثه وهو الذي يعقد المؤتمرات للحديث عن أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وعن أدبنا وعن الفلكلور وغير ذلك.

                        ليس المقصود بالحديث عن تهديد الغرب للإسلام والعالم أن يصيبنا الخوف والجبن والهلع من هذا الغرب فما كان المسلم ليخاف أحداً إلاّ الله كما علّمنا القرآن الكريم {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً} فمن هذا المنطلق لا يمكن للمسلم الحق مهما كانت قوة الغرب وجبروته وسطوته أن يخشاه. ولكننا نقول كفوا عن التخويف من ظاهرة عودة الأمة الإسلامية إلى دينها فقد كان الاحتلال الفرنسي في الجزائر يخوّف دائماً من ظاهرة الصحوة الإسلامية والعودة إلى الإسلام، ويتهم الذين يدعون إلى العودة إلى الإسلام بأنهم دعاة إلى ما يسمى (كراهية الأجنبي Xenophobia وكانت التقارير الأمنية لرجال الشرطة الفرنسيين تبدأ دائماً بالحديث عن الحركة الإصلاحية الإسلامية ومنها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قبل أن تتحدث عن الحركات التي كان يطلق عليها النضالية أو التحررية وهي تنطلق من الفكر الغربي لأنها كانت تخشى الإسلام. وقد كتب ابن باديس – العالم الجزائري رحمه الله- قائلاً : "نهضنا نهضة لا يخشاها والله النصراني لنصرانيته ولا اليهودي ليهوديته ولكن يخشاها الظالم لظلمه والمغتصب …"

                        فالتهديد الحقيقي هو الصادر من الغرب الذي أسس الشركات المتعددة الجنسيات، وقدم الخبرات، وأنشأ مؤسسات الاستخبارات الضخمة جداً ذات الأيادي الطويلة وما خبر كتاب " لعبة الأمم" لمايلز كوبلاند عنّا ببعيد. ومن الأمثلة على ما تفعله بعض الشركات المتعددة الجنسيات في الشعوب الإسلامية بخاصة والشعوب الأسيوية والأفريقية بعامة ما كتبه خالد الحروب (الحياة في 26رجب 1417هـ) عن شركة شل وما حققته من أرباح من نشاطاتها البترولية في نيجيريا وبخاصة الواقعة في أراضي قبائل الأوغون .

                        كما تناول خالد الحروب ما حدث في كولومبيا من قبل شركة بريتش بتروليوم التي اكتشفت حقلاً نفطياً غنياً من أغنى حقول العالم ويقول حروب:" ثم … بدأ النهب وجاءت السياسة تبارك رأس المال فزار جون ميجور منشآت الشركة برفقة الرئيس الكولومبي عام 1992 والناس ينتظرون وعود الازدهار وخيرات النفط…" وكانت النتيجة أن أصبحت الشركة متعاونة مع قوات تلك الدولة لقمع العمال والشعب الكولومبي…"

                        وما زلت أذكر برنامج (الرأي الآخر) حول الشركات متعددة الجنسيات حيث كان أحد المتحدثين وهو النائب العمّالي البريطاني جورج جالاوي George Galloway ينتقد الشركات المتعددة الجنسيات بأنها إذا دخلت بلداً عاثت باقتصاده وغيرت أنماط حياته وسلوكه الاجتماعي، وأصبح الغني أكثر غنى والفقير أكثر فقراً. والنتيجة النهائية أن تخرج هذه الشركات بأكبر قدر من الأرباح بينما لا يستفيد البلد المضيف الاستفادة الحقيقية. وبلغت الجرأة في هذه الشركات المتعددة الجنسيات أن تدخل بلداً ما فتضع علامتها على بعض البضائع المنتجة في تلك الدولة وترفع سعرها، و تزعم أن تلك السلعة هي الأفضل لأنها تحظى باسم تلك الشركة. والمثال على ذلك ما تفعله نستلة وكوكاكولا من تعبئة المياه في السعودية وفي مصر وتضعان اسميهما على تلك القوارير. فهل عجزنا عن تعبئة مياهنا تعبئة صحيحة. إنني شخصياً أرفض شراء تلك العبوات لأنني أرى أن اقتصاد بلادنا أولى بالمال من تلك الشركات العملاقة.

                        وأعترف أن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى بحث أكاديمي موسع ولكني سأقدم فيما يأتي ملخصاً لبعض المقالات التي نشرت في بعض الصحف والمجلات العربية حول هذا الموضوع ويؤيد أن الغرب هو التهديد الحقيقي للإسلام وللعالم أجمع .

                        ففي مجال الثقافة والفن كتبت مجلة الشرق الأوسط (27مايو –2يونيو1992م) عن الإنتاج السينمائي المشترك تحت عنوان (من يدفع لمن في الإنتاج المشترك؟). وهو الذي تقوم فيه مؤسسات غربية وبخاصة الفرنسية بدفع مبالغ لإنتاج أفلام بين بلدين وقد ظهرت مجموعة من الأفلام في مصر وتونس والجزائر والمغرب ولبنان بتمويل فرنسي. وجاء في المقال –وهو غني عن التعليق- ما يأتي :" واجه [الإنتاج المشترك] بهجوم شديد وصل في بعض الأحيان إلى اتهام المخرج بالعمالة والخيانة على المستوى الثقافي والخضوع للأفكار المغرضة التي يفرضها الطرف الفرنسي(القوي) على الطرف العربي الضعيف والمضطر لقبول شروط الممول.."

                        وقد ذكر المقال مثال فيلم (وداعاً بونابرت) الذي كان النقد الموجه إليه أنه "تحريف للتاريخ الحقيقي لحملة نابليون والمقاومة التي قابلتها من جانب المصريين لحساب إبراز الدور "الحضاري" الفرنسي المزعوم"

                        ومن الخطر الأوروبي الحقيقي ما حدث للمسلمين في البوسنة وفي الشيشان. ففي الوقت الذي كان الصرب ومن معهم من شعوب أوروبا –بدعم صريح وواضح – يرتكبون المجازر التي راح ضحيتها مئات الألوف من المسلمين يتداعى العالم كله لاستنكار مقتل عدد من اليهود في فلسطين. وقد ظهر في الأوروبيين من يعترض على ما فعله الغرب بهذا كاتب بريطاني قد أصدر كتاباً بعنوان(الجيب الآمن :سربيرينتسا: أبشع مذبحة عرفتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية) وفي هذا الكتاب يوضح حجم المجازر التي ارتكبت من قبل الصرب وسكوت الغرب بل ومعونته للمجرمين (الشرق الأوسط ، 7/9/1997م)

                        وفي الشيشان كانت الطائرات الروسية تقصف جروزني بعنف ووحشية بينما أموال صندوق النقد الدولي تتدفق على روسيا بآلاف الملايين من الدولارات. وكل ذلك حتى لا ينال الشيشان استقلالهم بينما وقف الغرب كله خلف أستونيا ولاتفيا وليثوانيا حتى نالت استقلالها.

                        وللغرب خطر كبير منذ امتيازات القناصل في الدولة العثمانية التي كانت تقوم بحماية عدد من أيناء الدولة العثمانية حتى إن العلماء في المغرب أصدروا فتوى بأن الذي يقبل الحماية الأجنبية (يرضى بالقوانين الغربية ويرفض الشريعة الإسلامية، أفتوا بكفره) وقد استمر هذا النفوذ في صور أخرى ومنها إنشاء مراكز البحوث والمعاهد الأجنبية في العالم الإسلامي ومن هذه المراكز-على سبيل المثال- مركز ابن خلدون الإنمائي – الذي كتب عنه الدكتور محمد عبد العليم مرسي قائلاً:" وهناك صنف من الباحثين العرب يضعون أنفسهم في خدمة هذه المراكز ويؤدون لها دور حصان طروادة، عن جهل وسذاجة حيناً، وعن قصد وسوء نية بل عمالة مكشوفة أحياناً أخرى.."(المسلمون 9ذو الحجة 1414هـ)وقد دعا معهد الولايات المتحدة للسلام مدير هذا المركز ليعد بحثاً حول "الأصولية" الإسلامية، وقد كنت في زيارة لهذا المعهد فذكرت لهم كيف تتوقعون دراسة موضوعية من باحث متحيز ومتعصب ضد كل ما هو إسلامي. إن أردتم أن تعرفوا الحركات الإسلامية حقيقة فلديكم باحثون معتدلون كثر في العالم الإسلامي.

                        وأختم بخبر أوردته وكالات الأنباء وفيه أن الاتحاد الأوروبي قد قرر في آخر اجتماعاته في لكسمورج عدم الموافقة على طلب تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي. فهذه تركيا تحاول منذ سبعين سنة الانضمام لأوروبا ولكن يبدو أن المجموعة الأوروبية لا تريد تركيا، وأن على تركيا أن تتجه إلى الشرق أي إلى العالم الإسلامي وأن تركيا مهما حاولت عليها أن تعرف هويتها الحقيقية. وقد كان رد الفعل التركي قوياً ونرجو أن يتخذوا الخطوات العملية للاتجاه إلى العالم الإسلامي فهم منه وإليه. والحقيقة أن هذه الخطوات قد بدأت في عهد رئيس الوزارء- مدة قصيرة- نجم الدين أربكان حيث كوّن منظمة الدول الإسلامية الكبرى الثمان، وبدأ يتجه شرقاً ومن المؤمل أن الحكومة الحالية (عام 2004م) برئاسة رجب أردوغان ستواصل هذا الخط، ومع ذلك فهي مصر على الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ولعل لهم أهدافاً يريدون تحقيقها من هذا الاتحاد فإن كان ذلك في صالح الإسلام والمسلمين فنسأل الله أن يوفقهم في ذلك.{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

                        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:55 ص.
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق

                        • سيف الكلمة
                          إدارة المنتدى

                          • 13 يون, 2006
                          • 6036
                          • مسلم

                          #13
                          الإسلام و الغرب > السينما الأمريكية تعادي المسلمين >
                          لا تفتأ السينما الأمريكية تقدم الفيلم تلو الفيلم لذي يقدم صورة مشوهة للعرب والمسلمين، ونحن نلجأ في كثير من الأحيان إلى الاحتجاج والاعتراض على هذه الأفلام، وإن كان الجهد المقابل في إنتاج أفلام تقدم تصويراً جيداً للعرب والمسلمين ما زال محدوداً، ولكنه يبشر بخير ويحتاج إلى كثير من الدعم والتشجيع وبخاصة من أصحاب رؤوس الأموال العربية الذين وسّع الله عليهم في الرزق.

                          وقبل أشهر أعلن عن عرض فيلم (الحصار) فقامت قناة (اقرأ) الفضائية بتقديم حلقة متميزة حلقة في برنامجها الناجح (مدارات الأحداث) بعنوان : (هوليوود .. وصورة العرب والمسلمين) يوم الخميس 23رجب 1419هـ. وقد بذل المعدّان للبرنامج الدكتور عبد القادر طاش(مقدم البرنامج أيضاً)، والأستاذ عبد العزيز قاسم جهداً واضحاً في إعداد محاور البرنامج، فهذه المحاور تحتاج إلى عدة حلقات أو سلسلة من الندوات.

                          وقد تضمن البرنامج حوارات مع كل من الأستاذ صلاح الدين الحافظ نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام، الذي تحدث عن التشويه المتعمد في الإعلام الغربي لصورة العرب والمسلمين. وتحدث الناقد السينمائي الأستاذ أحمد بهجت عن تاريخ هوليود في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وقد اختلف الدكتور أسامة قفاش عن سابقيه بأن أشار إلى أننا يجب أن نبحث أيضاً في إيجابيات الفيلم رغم طغيان السلبيات على الفيلم. أما المخرج السينمائي العالمي الأستاذ صلاح العقاد فقد سأله الدكتور عبد القادر طاش عن مشروعاته لمواجهة هذه الصورة فذكر من ذلك عزمه منذ سنوات على تقديم فيلم عن البطل صلاح الدين الأيوبي، ولكنه يواجه دائماً عزوفاً من أثرياء العالم العربي عن تمويل مثل هذا الفيلم.

                          ولدى سؤاله عن مشروع مدينة عربية للسينما ذكر أن الهدف الأساس من إنشاء هذه المدينة – وقد ذكر أنه لا يريد تسميتها مدينة حتى لا يتخوف البعض من ذلك- هو هدف اقتصادي في المقام الأول، وذكر أنه حينما أنتج فيلم الرسالة وفيلم عمر المختار اضطر إلى استئجار الكثير من الأدوات والمعدات كما أن الديكورات التي صنعها في أماكن مستأجرة اضطر إلى هدمها بعد انتهاء تصوير الفيلم، ولو كان يملك المكان الذي صنع فيه تلك الديكورات لاستطاع أن يخرج عدداً من الأفلام بتكلفة أقل. ولكن أحد المشاركين في البرنامج من الأستوديو أشار إلى أن امتلاك العرب لمكان للإنتاج السينمائي يمكنهم من التحكم في نوعية الأفلام التي تنتج، فيمكننا أن ننافس هوليوود بإنتاج أفلام تتميز بتمسكها بالقيم والأخلاق الإسلامية وتبتعد عن الرذيلة والعنف والجنس التي تتميز بها أفلام هوليوود.

                          وتضمن البرنامج لقاءً مطولاً مع الأستاذ نهاد عوض من المجلس الأمريكي الإسلامي، وما قام به المجلس منذ أن عرف عن تصوير الفيلم ومحاولاته التدخل لإجراء بعض التعديلات على السيناريو، لإبعاد كل ما يمكن أن يكون فيه تشويه لصورة العرب والمسلمين وتكريس الصورة النمطية للعربي المسلم، ولكن الشركة المنتجة للفيلم أبت الاستجابة. وهنا بدأ المجلس في خطة محكمة لمقاومة التشويه الذي يمكن أن يحدثه الفيلم بتوزيع نشرات تحمل معلومات عن الإسلام والمسلمين وما احتواه الفيلم من تشويه كما قدمت الدعوات للأمريكيين لزيارة المساجد والمراكز الإسلامية للتعرف على المسلمين عن قرب وأنهم ليسوا كما يصورهم الفيلم.

                          ولهذه الخطة أصل في الدعوة الإسلامية فإنه يعجبني أن أذكر ما قاله جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي حينما سأله عن الإسلام فقال (كنّا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف. فكنّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات …وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام...." فهل نزيل جهل الأمريكيين بالإسلام بمثل هذه الرسالة الواضحة، وكذلك من خلال السلوك الإسلامي الذي كان له الأثر الكبير في إقبال شعوب بأكملها للدخول في الإسلام.

                          وهنا أود أن أشيد بالسيدة أودري شبّاز Audrey Shappaz التي تعمل في مؤسسة قامت بتأسيسها في منطقة سان فرانسسكو لتدريب أساتذة العلوم الاجتماعية في المدارس المتوسطة والثانوية في طرق تدريس هذه المواد فيما يخص العالم العربي والإسلامي. وقد عقدت العديد من الدورات كما قامت بعمل رحلات تثقيفية لهؤلاء إلى منطقة (دار الإسلام) في ولاية نيومكسيكو.
                          كما أود الإشارة إلى الجهود التي تبذلها اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز التي تستحق منّا كل الدعم والمساندة لما تقوم به من دور إيجابي في الدفاع عن قضايا العرب الأمريكيين، وليتها لا تختص بالعرب وحدهم فالمسلمون من العرب هم الأكثرية وليت بعض الجمعيات الإسلامية هناك تشارك أكثر في نشاطات هذه اللجنة، وقد أكد لي هذا الغياب أحد مسؤولي المجلس الإسلامي الأمريكي وكنت أود لو ذكر لي الأسباب وهل يسعون إلى التغلب عليها.

                          وقد ظهرت العديد من الكتابات حول فيلم الحصار، وقد أعجبني ما كتبه الأستاذ سليمان الهتلان (الرياض 12شعبان 1419هـ) حيث انتقد بعض ردود الأفعال العربية على الفيلم دون معرفة الفيلم ومشاهدته وتفهم "ثقافة هوليوود المعقدة"، وأشار إلى أن الاحتجاجات العربية أسهمت في أن كسب الفيلم مزيداً من الأضواء الإعلامية التي يبحث عنها أي منتج سينمائي. ولكنه ذكر في ختام مقالته بعض الاقتراحات للرد على مثل هذه الأفلام حيث يقول: " والسبيل الوحيد لتجميل الوجه العربي يأتي أولاً عبر تصحيح أوضاع العرب والمسلمين أنفسهم، بالمساهمة الفاعلة في الإنتاج الأكاديمي والفكري والفني بدلاً من تسخير كل الجهود من اجل ردود أفعال عاطفية ومتسرعة ومتشنجة أحياناً من غير قراءة واعية وقدرة علمية على فهم وتحليل الواقع الثقافي والاجتماعي لبلد كبير كالولايات المتحدة…"

                          كما أود الإشارة إلى ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط( 24رجب 1419هـ) عن الكاتبة شارون واكسمان من صحيفة هيرالد تريبيون بأنه لو كان سيناريو الفيلم مختلفاً بأن كان الإرهابيون "يهوداً" أو "نصارى" يمكن،- قبل كل شيء- أن تقوم هوليوود بتصويرهم على هذا النحو؟" وتساءل كاتب الشرق الأوسط: لماذا اقتصرت ردود أفعال المنظمات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة على هذا النوع من التشويه النمطي المنظم للشخصية العربية والإسلامية على التظاهرات والاحتجاجات؟ لماذا لم تلجأ هذه المنظمات إلى القضاء كما تفعل المنظمات اليهودية إزاء ما كان يظهر من إساءات لليهود اعتمدت أسلوب الصورة النمطية الذي أطلقت عليه مصطلح نزعة معاداة السامية؟

                          ولعل الوقت مازال مبكراً للبدء في إجراءات من هذا القبيل من المنظمات العربية الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية. وهل السؤال الذي يمكن أن نقدمه هو ما دور الفرد المسلم العربي العادي في الولايات المتحدة من مثل هذه الأفلام التي لا بد ستنعكس على تعامل الآخرين معه؟ لماذا لا يمسك بالقلم أو الهاتف أو بالبريد الإلكتروني فيبعث برسالة احتجاج إلى المسؤولين عن إنتاج هذا الفيلم؟ وأيضاً أليست الدول العربية الإسلامية معنية بمثل هذا الفيلم فتقدم الدعم والمساندة للمؤسسات الإسلامية التي تعمل في الولايات المتحدة؟ ألا يمكن أن تبعث سفارات الدول العربية والإسلامية التي يزيد عددها على خمسين سفارة برسائل احتجاج لشركة (فوكس القرن العشرين)؟

                          ومن الذين كتبوا عن فيلم الحصار الدكتور سامي حبيب في مقالته الأسبوعية بهذه الجريدة (9شعبان 1419هـ)، وقدم بعض الاقتراحات العملية ومنها التوعية العالمية المضادة من خلال افتتاح موقع في الإنترنت لتفنيد مفتريات الفيلم، وثانياً المقاطعة الاقتصادية للشركة المنتجة لهذا الفيلم، وثالثاً رفع دعوى قضائية ضد منتجي الفيلم.

                          وهذه الاقتراحات يمكن أن نقول بأنها الرد على المدى القصير، ولكننا نحتاج إلى التخطيط للمدى الطويل، ومن ذلك أننا بحاجة لفهم العقلية الغربية التي أنتجت هذا الفيلم ولا يتم ذلك إلاّ من خلال افتتاح أقسام للدراسات الأوروبية والأمريكية بحيث ندرس الغرب (عموماً) من النواحي العقدية والتاريخية والاجتماعية والسياسية وندرسهم من خلال الدراسة الإقليمية أو دراسة المناطق بحيث نستطيع قادرين على فهمهم فهماً صحيحاً.

                          كما أننا بحاجة إلى تطوير صناعة السينما العربية الإسلامية، فنركز على الموضوعات التي تبرز مبادئ الإسلام وقيمه وأخلاقه وتراثه وأعلامه. هل يكفي أن يعرف العالم عمر المختار رحمه الله تعالى من خلال فيلم واحد ونحن الذين يزخر تاريخنا بالعظماء والأبطال؟ ولعل شبكة الإنترنت تتيح لنا من الفرص ما لم يتح لنا من قبل في وسائل الإعلام الأخرى فلا يتأخر المسلمون عن استخدام هذه الوسيلة في الكتابة في كل الموضوعات، فلا يكفي أن يكون للمسلمين حديث عن الإسلام في المواقع التي تضم كلمة إسلام فإننا مطالبون أن تكون لنا مواقع في السينما، وفي علم الاجتماع، وفي كل جوانب الحياة فأين السينما العربية الإسلامية؟ وأين مواقعنا على الإنترنت؟

                          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:55 ص.
                          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                          وينصر الله من ينصره

                          تعليق

                          • سيف الكلمة
                            إدارة المنتدى

                            • 13 يون, 2006
                            • 6036
                            • مسلم

                            #14
                            الإسلام و الغرب > أهكذا يكون رد الجميل يا فرنسا؟! >
                            يقولون لماذا تستعدون الغرب على الإسلام، ما هذه الكتابات التي لا هم لها إلاّ الحديث عن عداء الغرب للإسلام والمسلمين؟ ونسأل هؤلاء هل يقرؤون الصحف الغربية؟ هل يتابعون قضايا المسلمين في العالم الغربي؟ فإذا كانوا لا يقرأون الصحف الغربية، ولا يعرفون كيف يعامل المسلمون في العالم الغربي فها هي مقالة الأستاذ فهمي هويدي في مجلة المجلة (العدد 791في9-15/4/1995م) تتناول موضوع الإسلام والمسلمين في فرنسا، وقد أوضع فيها مدى العنت والمشقة والحقد التي يواجهه المسلمون في هذا البلد الأوروبي المتحضر المتقدم.

                            وفيما يأتي إيجاز لبعض ما ذكره الأستاذ فهمي هويدي:

                            المسكين عمر: قٌتِلَت امرأة فرنسية ووجدت الشرطة على جدار حديقة بيتها اسم عمر مكتوباً بالدم، فعدت هذا دليلاً على ارتكابه للجريمة، ولم تجد دليلاً سوى ذلك. وضرب القضاء الفرنسي عرض الحائط بكل معايير الحق والعدل وحقوق الإنسان فأدان عمر. ولكنه لم يدنه إلاّ لأنه مسلم. وليس عمر وحده المظلوم في سجون الغرب؛ فقد سبقه سيد نصير، وسرحان بشارة سرحان وآخرون كثيرون وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر واستصدار الحكومة الأمريكية القوانين المختلفة التي جعلتها أشبه بدولة من دول العالم الثالث في فزعها الأمني. ومع ذلك فكم في شوارع الغرب من قتلة أُطْلِق سراحهم لأنهم غير مسلمين وغير عرب، ولأن العدل ليس للجميع عند القوم فسيرون مزيداً من القتل والجريمة.

                            الحجاب والمدارس الإسلامية

                            وتلك قضية عجيبة حجاب امرأة أو اثنتين أو ثلاثة أو ثلاثة آلاف يهدد مجتمع فرنسا. ألا يهدد حجاب الراهبات النصرانيات فرنسا أيضا؟ ما ذا لو استيقظت فرنسا يوماً فوجدت أن كل المسلمات في فرنسا قد تحجبن وبخاصة اللاتي يتمتعن بالحصانة الدبلوماسية، فهل ستطردهن جميعاً؟ ماذا لو امتنعت كل البعثات الدبلوماسية عن المشاركة في المظاهر غير الإسلامية التي تشهدها فرنسا؟ هل سيطرد الفرنسيون كل هؤلاء؟

                            أما المدارس فكيف تسمح فرنسا لنفسها أن تأخذ من المسلمين المقيمين فيها إقامة شرعية الضرائب ثم لا تسمح لهم بإقامة مدارس خاصة لأبنائهم في حين أنها تسمح بفتح مدارس لأبناء اليهود والكاثوليك؟ فأي عدل هذا ؟ وأي مساواة هذه؟

                            إن فرنسا التي تقف هذا الموقف تنسى أو تتناسى أو تتجاهل أنها احتلت الجزائر حوالي مئة وثلاثين سنة، واحتلت تونس نيفا وسبعين سنة، والمغرب قريبا من خمسين سنة، بالإضافة إلى احتلالها كثير من البلاد المسلمة في أفريقيا. فكم فرنسي أقام في هذه البلاد؟ كم عدد الملايين الفرنسيين أو الأوروبيين الذين أقاموا في هذه البلاد نعموا بخيراتها، وعلموا أبناءهم في هذه البلاد وبأموال المسلمين، حتى إذا عمل الفرنسي في وظيفة مماثلة لوظيفة يعمل فيها ابن البلد المحتل نال الفرنسي مكافئة التغرب التي تصل إلى خمسة وعشرين في المئة.

                            ولما احتاجت فرنسا إلى اليد العاملة المسلمة، وإلى المقاتلين المسلمين فكم مليون مسلم خدموا في فرنسا يشغلون مصانعها ويديرون أعمالها، وكم مليون مسلم حمل السلاح للدفاع عن حدود فرنسا(وشرف فرنسا)؟

                            ولمّا حصلت البلاد الإسلامية على الاستقلال كم من الملايين أنفقها المسلمون لشراء البضائع الفرنسية التي أخذت خاماتها من البلاد الإسلامية؟ هل يخلو بلد مسلم من الأسلحة الفرنسية، أو السيارات الفرنسية، أو الملابس الفرنسية، أو العطور الفرنسية. ومتى خلت شوارع مدن فرنسا وبخاصة شاطئها اللازوردي من السائحين العرب المسلمين الذين ينفقون بسخاء؟ أو المقيمين هناك بأموال أمتهم؟

                            أهكذا يكون رد الجميل يا فرنسا؟ أبناء المسلمين فتحت لهم فرنسا عشرات المدارس مثل (الليسيه، والجوزويت، وغيرهما) ليتعلموا بالفرنسية، ويرطنوا بالفرنسية وينسوا لغة آبائهم وأجدادهم، وقبل ذلك لغة قرآنهم ودينهم، وردد هؤلاء التلاميذ مع أساتذتهم: (بلادي هي بلاد الغال، والغال أجدادي) وعرفوا عن الثورة الفرنسية اكثر مما عرفوا عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. ودرّست بعض جامعاتنا باللغة الفرنسية، وافتتحت قبل سنوات جامعة سنجور لتكون الدراسة فيها بالفرنسية. أهكذا يكون رد الجميل يا فرنسا؟

                            ورغم أن نداء الأستاذ فهمي هويدي (لماذا يقف العالم الإسلامي متفرجاً وساكتاً على ما يحدث للمسلمين في فرنسا؟) يحتاج إلى من يستجيب له وبسرعة، لكننا نرى أيضا مع التحقيق والمقابلات التي أجرتها "المسلمون" (العدد 532 في 14/11/1415هـ)، أن الإسلام سيثبت جذوره في فرنسا أكثر فأكثر تصديقاً لموعود الله عز وجل الذي جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لن يبقى بيت حجر ولا مذر إلاّ وفيه شيء من لا إله إلاّ الله. فسيبقى الإسلام في فرنسا بإذن الله، ويزداد عدد المسلمين، وسينالون حقوقهم رضي من رضي كره من كره.( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) .

                            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:54 ص.
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق

                            • سيف الكلمة
                              إدارة المنتدى

                              • 13 يون, 2006
                              • 6036
                              • مسلم

                              #15
                              الإسلام و الغرب > الغرب يخوض حرباً ضد عدو اسمه الإسلام بعد أن قضى على الشيوعية >
                              الغرب يخوض حرباً ضد عدو اسمه الإسلام بعد أن قضى على الشيوعية(*)


                              عمر نجيب

                              حتى نـهاية عقد الثمانينيات كان العدو الرئيسي المعلن للغرب هو النظام الشيوعي والقومية العربية، وفي الدول التي اتبعت الشيوعية مذهباً للحكم كانت الرأسمالية هي الخصم الأساسي، بينما اعتبرت القومية العربية فكراً رجعياً لا يتناسب مع العصر. وقد حارب الغرب بشراسة الشيوعية والقومية العربية فلم ينجح في إضعاف الأولى حتى جاء غورباتشوف إلى السلطة في الكرملين، بينما استطاع إضعاف الثانية على مراحل بعد تفكيك الوحدة السورية المصرية، ثم نكسة 1967م وما تبعها من تكريس الجهود والتآمر من أجل اختلاق الخلافات بين الأقطار العربية، واصطناع النـزاعات بين حكامها، واستبعاد كل فرص التكامل الاقتصادي بينها. ولكن هذه المعطيات تبدلت بعد انـهيار الاتحاد السوفييتي ومعه كل المنظومة الاشتراكية في شرق أوربا، ولم يعد الغرب حتى ينظر إلى العملاق الصيني على أنه تـهديد من منطلق أيديولوجي بل من منطلق قومي، كما قدر أنه قد نجح في إضعاف الفكر القومي العربي على الساحة بشكل شبه كامل، غير أن المخططين لديه يحذرون من إمكانية إحيائه إذا توفرت ظروف ملائمة.ه

                              والآن والعالم على أبواب الألفية الثالثة برز عدو جديد للقوى العالمية المصنفة في الصفوف الأولى وهذا العدو هو الإسلام، أو كما يقال في بعض الأوساط بالتطرف الإسلامي.ه

                              تحد مرعب:

                              يوم الخميس 30 أيلول (سبتمبر) 1999م قال كاردينال بول بوبارد أحد المقربين من البابا يوحنا بولس الثاني: "إن الإسلام يشكل تحدياً مرعباً بالنسبة للغرب، ومشكلاً خطيراً بالنسبة للأمل المسيحي"، معترفاً في الوقت ذاته بأن "لا علاقة للإسلام بالتطرف الإسلامي".ه

                              وأوضح بوبارد وهو رئيس "المجلس الحبري للثقافة" في حوار أجرته معه صحيفة (لوفيغارو): "أن هذا التحدي يتمثل في كون الإسلام ديناً وثقافة ومجتمعاً ونمطاً للعيش والتفكير والممارسة" مشيراً إلى "أنه أمر حاصل وإلى أن الواقع برهن على أن الإسلام لم يتغير".ه

                              وأضاف: "أن العديد من المسيحيين الأوربيين وأمام تزايد ضغط المجتمع ونمط العيش وعوامل داخلية أخرى يأملون في تـهميش الكنيسة وينسون الصوم الكبير وعذاب النار ويهتمون في المقابل بل وينبهرون برمضان..".ه

                              ودعا الكاردينال الذي قال إنه لا يخشى أن تستغل تصريحاته هذه من طرف الخصوم "إلى الوعي أكثر بالحضور المتزايد للإسلام في القارة الأوربية التي أضحت الحدود فيها هشة وأكثر نفاذية".هو في تعليقه على الحوار الإسلامي المسيحي أوضح أنه "بصفته رئيس المجلس الحبري للثقافة كان له مؤخراً شرف التلبية لدعوتين من المغرب وتونس والدخول في حوار صريح مع محاوريه بـهذين البلدين".ه

                              وخلص الكاردينال بوبارد الذي صدر له مؤخراً كتاب بعنوان "المسيحية في أفق الألفية الثالثة" إلى أن "الحوار ضروري بالنسبة للجميع ومن شأنه المساهمة في إسقاط الأحكام المسبقة".ه

                              بعد ذلك ويوم الأربعاء 13 أكتوبر 1999م حذر أسقف أزمير الكاثوليكي المونسينيور جوزيبي برنارديني من مخاطر "فتح إسلامي جديد" لأوربا وذلك في مداخلة ألقاها أمام مجمع أساقفة في الفاتيكان حول أوربا نشرت في روما.هوعدد الأسقف الإيطالي الأصل أمام الحبر الأعظم والأساقفة الآخرين في المجمع سلسلة مراحل تؤكد برأيه العزم على إعادة فتح أوربا.هوقال إن العالم الإسلامي سبق أن بدأ يبسط "سيطرته" بفضل دولارات النفط، وأضاف إن "هذه الدولارات لا تستخدم لخلق فرص عمل في الدول الفقيرة في أفريقيا الشمالية أو في الشرق الأوسط بل لبناء مساجد ومراكز ثقافية للمسلمين المهاجرين إلى دول مسيحية بما في ذلك روما عاصمة المسيحية".هوتساءل: "كيف يمكننا أن لا نرى في كل ذلك برنامجاً واضحاً للتوسع والفتح الجديد؟".ه

                              وأكد الأسقف برنارديني أن "كلمات الحوار والعدل والمعاملة بالمثل أو مفاهيم مثل حقوق الإنسان والديموقراطية تتضمن في الإسلام معاني تختلف تماماً عن مفهومنا لها".هوأضاف إن ذلك قد يجعل من الحوار بين المسيحيين والمسلمين "حوار طرشان".هوتابع إن "الجميع يدرك أنه يجب التمييز بين الأقلية المتعصبة والأكثرية الهادئة والمعتدلة، لكن علينا ألا ننسى بأن الأكثرية ستقف وقفة الرجل الواحد وستستجيب دون تردد لأوامر تصدر باسم الله أو القرآن".ه

                              وطلب برنارديني من البابا السماح بتنظيم ندوة تكلف بـ "دراسة مشكلة المهاجرين المسلمين في الدول المسيحية بعمق، وإيجاد استراتيجية مشتركة للبحث فيها وتسويتها بطريقة مسيحية وموضوعية".هوأكد أسقف تورنتو الإيطالي المونسينيور لويدج بابا خلال مؤتمر صحافي حول المجمع أن الكثير من الكاثوليك يشاطرون رأي برنارديني وأنه من الضروري أن تطلق الكنيسة حواراً.ه

                              يوم الأحد 26 سبتمبر 1999م وجه رئيس الجبهة الوطنية اليمينية في فرنسا جون ماري لوبن في كلمة بمناسبة استئنافه النشاط السياسي تحذيراً من الإسلام، وأعلن أن حزبه سيعقد مؤتمراً في "ربيع العام ألفين". وقال لوبن إن "الغالبية العظمى من المسلمين في فرنسا تجهل الاندماج أو ترفضه، وأنـها تتأثر ربما بنفوذ بعض الدول أو الحركات الأجنبية التي نعرف أنـها لا تتردد في القيام بعمل إرهابي أو سلوك وحشي".وأضاف رئيس الجبهة الوطنية "الأمر لا يتعلق بمنع تحرك هؤلاء الرجال بل بمراقبتهم لمنع الاستيطان الديموغرافي: كل شعب في بلده وكل دين في دائرته الجغرافية".ه

                              ويواجه لوبن داخل قيادة حركته نزاعاً بين تيار يدعو إلى إطلاق حملة جديدة ضد الهجرة، وآخر توصل إلى استنتاج بأن فرنسا أصبحت "بلداً متعدد الأديان"، وكان متخصصون أشاروا إلى أنه بمعدلات النمو الديموغرافي الحالية والمنتظرة في فرنسا سيشكل المسلمون أكثر من 50% من السكان حوالي سنة 2050.ه

                              واعتبر لوبن أن فرنسا "يجب أن تعالج بشكل عاجل مشكلة حوض المتوسط الهائلة بكاملها".ه

                              ومضى يقول: "عندما تكون الأجراس في الشمال والمساجد في الجنوب تصبح الأمور واضحة والتوجه أفضل وتختفي التوترات ويستتب الأمن".ه



                              قنبلة القوقاز الموقوتة:ه

                              قبل ذلك ويوم الجمعة 1 أكتوبر 1999 أنشأت الدول الاثنتا عشرة الأعضاء في مجموعة الدول المستقلة مركزاً لمكافحة الإرهاب من أجل التنسيق في محاربة المتمردين الإسلاميين الناشطين في روسيا وفي عدة جمهوريات سوفييتية سابقة.هفقد أعلن وزير الداخلية الروسي فلاديمير روشايلو في مؤتمر صحافي "لقد أنشأنا بنية مؤقتة ستكلف بمسائل التنظيم والتنسيق وسبل مكافحة الإرهاب على أراضي دول المجموعة المستقلة".هوفضلاً عن الوزير الروسي وقع الوثيقة وزراء داخلية أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا وكازاخستان وقرغيرستان وأوزبكستان ومولدافيا وبيلاروس، الذين اجتمعوا في كييف لإعداد استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب.هوأكد روشايلو "لدينا نفس المواقف في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب" مضيفاً أن "البنية" الدقيقة لمركز مكافحة الإرهاب لم تحدد بعد.هوقد جاء تشكيل هذه الوحدة بعد أن حذر محللون بروسيا في تقرير رفع إلى الكرملين يوم الاثنين 30 أغسطس من أن المجموعات المسلحة من التيار ال***** وغيره من التيارات الإسلامية تمثل تـهديداً يتزايد خطراً على استقرار منطقة القوقاز وآسيا الوسطى كما أكدت ذلك حركات الثورة التي شهدتـها وتشهدها جمهورية داغستان وقرغيزستان.ه

                              وبدأت كل من أوزبكستان وطاجيكستان وكازاخستان وقرغيزستان حرباً مفتوحة على الإسلاميين وتم اعتقال المئات وحكم على العديد منهم بالسجن كما جرى إبعاد عدد من "شيوخ الدعوة" الأجانب من باكستانيين وسودانيين وأردنيين وسعوديين.ه

                              وقد كان على موسكو أن تشن حرباً شاملة على مدى أسبوعين لكي تستعيد القرى الداغستانية وتبعد المقاتلين الإسلاميين.ه

                              وتكرر السيناريو نفسة في قرغيزستان مع تسلل عناصر من مئات الإسلاميين المسلحين قدموا من طاجيكستان المجاورة.هومعظم هؤلاء الإسلاميين من الأوزبك الذين قاتلوا إلى جانب الإسلاميين في الحرب الأهلية في طاجيكستان عام 1992، واستمروا هناك غير خاضعين لأي سلطة يتزعمهم جمعة نامانغاني الذي قاتل في طاجيكستان وقبلها في أفغانستان في صفوف حركة طالبان.هواعتبر وزراء خارجية ودفاع كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان الذين التقوا في بيشيكك عاصمة قرغيزستان أن هذه المجموعات المسلحة باتت تشكل "تـهديداً لجميع دول المنطقة".ه

                              وتتألف هذه المجموعات من قدامى المقاتلين المحترفين في حرب أفغانستان يضاف إليهم عدد من الشبان الذين وقفت الأوضاع الاقتصادية الصعبة والفساد وراء توجههم نحو الدعوة الإسلامية أو نحو حركات أخرى كحزب التحرير الإسلامي في أوزبكستان.ه

                              وقد اعترفت موسكو إبان التمرد الذي انطلق في داغستان أن نسبة 10% من السكان مع الدعوة الإسلامية معتبرة أن انتشار الدعوة مرده تدهور الأوضاع الاجتماعية في المنطقة حيث تبلغ نسبة البطالة الثمانين في المائة.هكما أقرت موسكو أن هناك مناطق في غرب داغستان خصوصاً كاراماخي وتشابانماخي مستقلة تماماً عن السلطة المركزية وتطبق الشريعة الإسلامية في حياتـها اليومية، وسيكون على السلطات أن تواجه السكان بالقوة هناك لكي يتخلوا عن أسلحتهم وهذا ما بدأته فعلاً.ه

                              ويحذر المسؤولون في القوقاز وآسيا الوسطى بأن الإسلاميين يسعون إلى إقامة دولة إسلامية بالقوة، وهم يدركون أن لهؤلاء امتداداً مكنهم على سبيل المثال من اغتيال مفتى داغستان المعروف بعدائه للتيار ال***** سعدي محمد أبو بكرو بسيارة مفخخة عام 1998.ه

                              ويتهم الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف صراحة عناصر حزب التحرير الإسلامي بأنـهم وراء الاعتداءات التي استهدفته وأوقعت 16 قتيلاً في مارس الماضي في طشقند، وقد حكم على ستة إسلاميين بالإعدام في هذه القضية.ه

                              وأبدى الرئيس الأنغوشي رسلان أوشيف تخوفه من أن "ال*****ين يريدون التوجه في مرحلة لاحقة إلى أنغوشيا وسائر الجمهوريات الإسلامية لإقامة جيوب إسلامية من بحر قزوين إلى البحر الأسود".هويرى المختصون في الشؤون الإسلامية أن التيار ال***** دخل منطقة القوقاز وآسيا الوسطى نـهاية الثمانينيات وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي مع عدد من شيوخ الدعوة العرب.ه

                              روسيا لا تخوض المعركة في القوقاز منفردة رغم أن أحداً لا يمكن أن ينكر أن الكثير من الدول الغربية لن تذرف الدموع إزاء تمزق الإمبراطورية الروسية، فقد ذكرت صحيفة "فريميا" الروسية يوم الخميس 19 أغسطس 1999م، أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد سيساعد روسيا في محاربة الإسلاميين في شمال القوقاز، حيث أن وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي أكد للسفير الروسي ميخائيل بوغدانوف أن الموساد سيقدم لموسكو معلومات عن الإسلاميين في روسيا. وقد رفضت وزارة الخارجية الروسية وجهاز الاستخبارات الخارجية رداً على أسئلة لوكالة فرانس برس، التعليق على هذا النبأ. ونقلت "فريميا" عن دبلوماسيين روس تأكيدهم وجود إسلاميين أردنيين وفلسطينيين في القوقاز.ه

                              وقد أكدت السلطات الروسية عدة مرات أن الإسلاميين المتمركزين في القوقاز وخصوصاً في الشيشان وداغستان يضمون في صفوفهم عدداً كبيراً من المتطوعين من الدول العربية وآسيا الوسطى.ه

                              يقول محلل اقتصادي في باريس أن الاقتصاد الروسي المريض لا يمكنه أن يمول حرب الشيشان التي تكلف يومياً ما يزيد على خمسة ملايين دولار، وبما أنه من الواضح أن قيادة الكرملين ليست في عجلة من أمرها لحسم الحرب، كما أنه في غيبة أي تأثير سلبي ظاهر لتكلفة الحرب المرتفعة على الوضع المالي الهش في روسيا، لابد من الإقرار بأن هناك مصادر تمويل أخرى.ه

                              منذ يوم الجمعة 8 أكتوبر 1999 يواجه صندوق النقد الدولي اتـهامات جديدة وهي أن أمواله تستخدم في تمويل حرب موسكو في القوقاز، خاصة بعدما قامت لجنة المصالحة الروسية المكلفة بتنقيح مشروع موازنة العام المقبل برفع المبلغ المخصص للدفاع والأمن الوطنيين بأكثر من مليار دولار عن التوقعات الأولية، في وقت يتعين فيه على روسيا أن تسدد لصندوق النقد الدولي 369 مليون دولار في أكتوبر 1999 و 800 مليون في ديسمبر المقبل.ه

                              وتتحدث الأخبار الواردة من العواصم الغربية عن أن وزير المالية الروسي ميخائيل كاسيانوف حصل مؤخراً وسراً على وعد تلقي أكثر من مليار دولار من الهيئات الدائنة الدولية، فقد وعدت اليابان ودائنون دوليون آخرون بـ 350 مليوناً، ويفترض أن يمنح صندوق النقد الدولي موسكو القسم الثاني من قرضه البالغ 640 مليون دولار.ه

                              وفي الإجمال، ما زال على صندوق النقد أن يقرض روسيا حوالي 4 مليارات دولار قبل نـهاية العام 2000 مشترطاً بعض النتائج الاقتصادية، وهناك ثلاثة مليارات أخرى من البنك الدولي واليابان مشروطة بمساعدة من صندوق النقد الدولي.ه

                              وليست هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها صندوق النقد الدولي بتمويل الحروب الروسية فقد اعتبرت يافوليتا سشتيريفا الخبيرة الاقتصادية في شركة ام. كاي رنيسانس للسمسرة أن حرب الشيشان الأولى التي أوقعت بين ديسمبر 1994 إلى أغسطس 1996 حوالي 800 ألف قتيل "مولت بفضل صندوق النقد الدولي وتراوحت تقديرات كلفة الحرب في تلك الفترة ما بين 6 و 8 مليارات دولار.هوقال فيكتور بوريسوك المحلل في المعهد الاقتصادي العالمي والعلاقات الدولية: "لا أعتقد أن العمليات الحالية أقل كلفة من الحرب السابقة".ه

                              شبه القارة الهندية:

                              غير بعيد عن القوقاز هناك حرب أخرى تتضمن تحالفات غريبة. في منتصف صيف 1999 وبالضبط يوم الخميس 12 أغسطس وخلال ذروة المعارك في القطاع الذي تسيطر عليه الهند في كشمير أوردت صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل أسرعت بعملية تسليم طلبية أسلحة ومعدات عسكرية إلى الهند.هوأضافت الصحيفة أن الحكومة الهندية طلبت مؤخراً من إسرائيل تسريع تسليم الأسلحة قبل تصاعد حدة التوتر في كشمير، وأن المسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية استجابوا لهذا الطلب.هيذكر أن إسرائيل أقامت تعاوناً وثيقاً مع الهند على الصعيد العسكري في السنوات الأخيرة، وقد توجه قائد القوات البرية الهندية الجنرال باراكاش مالك في آذار (مارس) 1998 إلى إسرائيل. وفي العام الماضي، عين الطرفان للمرة الأولى ملحقين عسكريين في سفارتيهما في تل أبيب ونيودلهي.ه

                              وأضافت الصحيفة أن إسرائيل وقعت مؤخراً اتفاقاً لبيع الهند معدات الكترونية متطورة، وكانت هذه الصفقة قد أرجئت لسنوات عدة بسبب معارضة الولايات المتحدة لها. إلا أن واشنطن التي حققت تقارباً من الهند مؤخراً رفعت القيود التي فرضتها على بيع الأسلحة إلى هذا البلد بعد التجارب النووية التي أجرتـها نيودلهي في أيار (مايو) 1998 والتي تلتها تجارب مماثلة في باكستان.ه

                              وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد أيهود باراك يؤيد تنمية العلاقات بين الطرفين ومن المقرر أن يقوم بزيارة إلى نيودلهي العام المقبل بعد الانتخابات الهندية.ه

                              وتشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى أن المبادلات التجارية المدنية بين الطرفين تبلغ حالياً 700 مليون دولار سنوياً، في حين تبقى الأرقام الخاصة بالتعاون العسكري سرية، وإن كان بعض الخبراء يحددونـها ما بين 300 و 400 مليون دولار سنوياً.ه

                              ولا تخفي تل أبيب أن تعاونـها العسكري والاقتصادي مع الهند يهدف إلى الحد من نمو القوة الباكستانية التي تحسب إلى جانب العرب، وقبل تفجير إسلام آباد لقنبلتها النووية الأولى تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية مراراً عن وضع إسرائيل خططاً مشتركة مع نيودلهي لشن غارة جوية على منشآت باكستان النووية لإجهاض برنامجها. وخلال معارك كشمير الأخيرة زودت واشنطن نيودلهي عن طريق أطراف ثالثة بصور دقيقة من الأقمار الصناعية عن مواقع القوات المعادية على قسم جبال كشمير، وذلك قبل أن يجبر البيت الأبيض رئيس وزراء باكستان نواز شريف على الضغط لسحب المقاتلين المسلمين من المنطقة.ه

                              أغلب الحروب:

                              يعترف خبير في معهد الدراسات الإستراتيجية في لندن أن الجزء الأكبر من الحروب التي يخوضها الغرب بشكل مباشر أو غير مباشر الآن في نـهاية عقد التسعينيات موجهة ضد خصوم محسوبين على المعسكر الإسلامي، ويضيف أن الحرب المستمرة في جنوب السودان لا تستهدف سوى تقسيمه وإقامة دولة مسيحية وثنية في جنوبه تكون حاجزاً أمام المد الإسلامي الذي يخيف الغرب نحو وسط أفريقيا، كما أن النجاح في فصل تيمور الشرقية عن أندونيسيا يشكل خطوة أولى لإضعاف أكبر بلد إسلامي من حيث تعداد السكان، وكذلك لتشجيع الحركات الانفصالية الأخرى، خاصة وأن القوى الغربية الرئيسية ترقب بتحفظ تحول بلد الثلاثة آلاف جزيرة إلى قوة اقتصادية وعسكرية هامة في جنوب آسيا.هنفس الخبير يشير إلى التحالف الغريب بين العديد من القوى الغربية وتلك المحسوبة على الشرق ضد حركات وقوى تحسب في المعسكر الإسلامي.ه

                              فموسكو ونيودلهي وواشنطن وباريس ولندن وغيرها تساند خصوم حركة طالبان في أفغانستان وتتدخل بكثافة مادياً كلما أوشكت قوات طالبان على سحق آخر جيوب المقاومة المعارضة في شمالها، وقبل أشهر سمحت موسكو بإقامة جسر جوي عبر أراضيها لنقل عتاد عسكري من قواعد غربية في أوربا ومن الولايات المتحدة نفسها إلى شمال أفغانستان، والآن توضع قواعد مواجهة أكثر شمولية.ه

                              حصار دولي جديد:

                              قرر مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 15 تشرين الأول )أكتوبر) 1999م فرض حظر جوي وعقوبات مالية على حركة طالبان إذا لم تسلم قبل 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1999 أسامة بن لادن المتهم بتزعم شبكة مسلحة دولية، وحظي القرار رقم 1967 الذي قدمته الولايات المتحدة على إجماع أعضاء المجلس الخمسة عشر.ويطالب القرار حركة طالبان "بتسليم أسامة بن لادن بدون تأخير" إلى بلد مستعد لمحاكمته.ه

                              وتتهم الولايات المتحدة الثري السعودي الأصل بتدبير الاعتداءين اللذين استهدفا سفارتيها في دار السلام ونيروبي في آب (أغسطس) 1998 حيث قتل 224 شخصاً وأصيب مئات بجروح. ويحظر القرار على أي طائرة تابعة لطالبان أو تستخدم باسمها الإقلاع أو الهبوط في أرض أي من الدول الأعضاء.هويستهدف الحظر عملياً شركة الخطوط الجوية الأفغانية "أريانا" التي تنظم رحلات دولية إلى دبي فقط، ويلحظ القرار استثناء رحلات الحجاج إلى مكة. ولكنه يفرض تجميد الحسابات المصرفية والممتلكات الأخرى التي تملكها الحركة الحاكمة في كابول منذ 1996.ه

                              إذا كانت أولويات روسيا في حربـها ضد العدو الجديد توجد في منطقة القوقاز والجمهوريات الإسلامية السابقة في الاتحاد السوفييتي فإن أولويات أمريكا توجد في الشرق الأوسط وخاصة في السودان والعراق.ه

                              يوم الجمعة 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1999 وفي نيروبي أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت أن الولايات المتحدة تدعم بشكل حصري جهود الدول الأعضاء في الهيئات الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر إيغاد لتحقيق السلام في السودان.هوتضم إيغاد التي تقوم بوساطة بين الصومال والسودان كلاً من جيبوتي وأرتيريا وأثيوبيا وكينيا وأوغندا والسودان ونظرياً الصومال التي لا تتمتع بحكومة مركزية منذ 1991م. ويرأس الرئيس الكيني دانيل أراب موي مجموعة فرعية تضم أربع دول تسعى إلى إيجاد حل سلمي للحرب في السودان، وتضم هذه المجموعة أوغندا وأرتيريا وأثيوبيا والبلدان الأخيران يتواجهان في حرب.ه

                              وقالت أولبرايت التي التقت مع جون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقاتل لفصل جنوب السودان: "نظن أن العملية التي تقوم بـها إيغاد هي الوسيلة الفضلى للتقدم ونحن لا ندعم أي جهود أخرى يقترحها البعض مثل مصر وليبيا". وجاءت تصريحات وجولة أولبرايت في وقت خصصت فيه أموال جديدة لدعم قرنق عسكرياً في محاولة لوقف تقدم الخرطوم في جهودها لإضعاف التمرد ولقطع الطريق على تسوية عربية تحفظ وحدة السودان. وفي الوقت الذي كانت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية تضع في أفريقيا أسس تنفيذ المخططات الأمريكية كان وزير الدفاع الأمريكي وليام كوهين يضع قواعد تنفيذ مشاريع مماثلة في الشرق العربي. فيوم الاثنين 18 تشرين الأول (أكتوبر) وفي المنامة أكد أن الولايات المتحدة ستستمر في تشجيعها لتغيير النظام في العراق. وصرح كوهين أنه يأمل في أن تتوصل المعارضة لصدام حسين داخل البلاد إلى تغيير النظام يوماً ما، واعتبر أن الاضطرابات الأخيرة التي يشار إليها على وجه منتظم في جنوب العراق وغيرها من الإشارات، تحمل إلى الاعتقاد بأن صدام حسين "لم يعد يتحكم بيد من حديد ببعض الأمور كما كانت الحال في السابق".ه

                              وأضاف كوهين أن المعارضين "يشعرون بالإحباط لما يتطلب ذلك من الوقت ولكنهم يدركون أنه ينبغي عليهم أن يواصلوا جهودهم وإلا فسيخرج صدام حسين من قلعته ويهدد المنطقة من جديد".ه

                              ودافع كوهين عن سياسة الاحتواء الأمريكية وقال: "أعتقد بأن جميع دول المنطقة تدرك بأن صدام لا يستطيع أن يخرج من داخل العلبة الموجود فيها".ه

                              إن معالم معارك ومواجهات المستقبل قد بدأت تتضح .ه


                              - الحواشي :
                              * هذانقلاً عن صحيفة القدس العربي الصادرة بتاريخ 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 1999م.ه
                              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 04:54 ص.
                              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                              وينصر الله من ينصره

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 5 يوم
                              ردود 0
                              6 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                              رد 1
                              13 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                              رد 1
                              12 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                              رد 1
                              13 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                              ردود 2
                              20 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              يعمل...