فن تصعيب دخول الجنة
د. عائض القرني
فُتح على بعض الناس باب تصعيب دخول الجنة على عباد الله ، فكأن مفاتيح الجنة في جيبه يُدخل من يشاء ويمنع من يشاء ، وكأن صكوك الغفران في يده ، يرحم من يشاء ويعذب من يشاء.
فإذا وجد العصاة بشّرهم بالنار ، وأقسم عليهم أن لا يدخلوا الجنة ، وإذا ذُكر له الطائعون ،
شكك في طاعتهم وذكر عيوب أعمالهم ، وإذا سمع نصوص الرحمة ،
لم يمرها على ظاهرها وإنما يؤولها ، حتى إني سمعت بعضهم يشرح أحاديث تكفير الذنوب ،
مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غُفرت ذنوبه وإن كانت كزبد البحر» ، فقال معلّقا على الحديث: الحديث ليس على ظاهره، ولا تكفّر كل الذنوب ولا الكبائر،
وهناك شروط في تكفير الذنوب لم تذكر في الحديث ؛ وكأنه يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولما ذكر حديث «مَن قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة»، قال معلّقا : الحديث ليس على ظاهره ، وهناك شروط وفرائض وموانع لا بد من اجتماعها حتى يُجرى الحديث على ظاهره ؛ وقائل الحديث هو النبي المعصوم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، أعْرَفُ الناس بمدلول اللغة ، وأعلم الناس بمراد ربه عز وجل ، وأتقى الناس وأخشاهم لمولاه تقدس اسمه.
وهكذا تستمر هذه الطائفة لتصعيب دخول الجنة ، حتى لا يثق الطائع بطاعته ،
ولا يتوب العاصي من معصيته ، فلا يذكّرونه بالتوبة ولا برحمة أرحم الراحمين ،
فإن جاء نص في الوعيد أجروه على ظاهره ، وزادوا عليه كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام» ، قالوا : معنى الحديث أن النمام خالد في النار محرم عليه دخول الجنة ، وهذا ليس مقصود الحديث.
وإذا أتت بشرى بالمغفرة والرحمة في آية أو حديث ، غيّروا المعنى وأفسدوا الفرحة بالبشرى ،
وهذا المسلك الخطير في تصعيب دخول الجنة يورث اليأس والقنوط والإحباط عند كثير من الناس ،
حتى يقول بعضهم: ما دام أننا إذا تبنا لا يُقبل منا ، وأن أعمالنا الصالحة مدخولة بالرياء والسمعة ، فما الفائدة من طاعتنا إذا كنا هالكين أصلا؟
وجدت شبابا محبطا ، صعّب عليهم بعض الوعّاظ التوبة ودخول الجنة ، فأصبحوا يرددون: ما الفائدة من دعائنا ومن صلاتنا وقد تلوثنا بالخطيئة وتلطخنا بالذنب؟
ووجدنا من أصابه الوسواس من كثرة خوفه ، لأنه استمع إلى مواعظ قاتلة ، وخطب تهديدية حماسية تتوعد العصاة بنار تلظى ، ولا تفتح لهم باب الأمل ولا الرجاء برحمة الله.
والسؤال: مَن الذي رشح هذه الطائفة المتعـنـّـتة في الدين ، المتنطعة في الشريعة ،
لتحكم على الناس بدخول الجنة أو الحرمان بدخولها ؟
مَن الذي فوّضهم بتفريغ النصوص من محتواها ؟
فنصوص الرحمة عندهم لها معنى آخر غير مراد من ظاهرها ،
ولها باب باطن تدل عليه نصوص أخرى ،
ونصوص العذاب والوعيد تُجرى على ظاهرها ، ويزاد عليها ،
ويُجمع معها نصوص أشد منها ، فإذا ذكرتهم بالحديث الصحيح عند مسلم ، " عن أبي ذر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: « بشرني جبريل أنه من مات من أمتك يشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فهو من أهل الجنة » ، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق ؟ قال صلى الله عليه وسلم : وإن زنا وإن سرق ،
قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق ؟ قال: وإن زنا وإن سرق ،
قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن سرق على رغم أنف أبي ذر " ؛ فإذا سمعوا هذا الحديث جعلوا له تأويلا يخالف ظاهره.
لماذا لا نكون مع نصوص الكتاب والسنّة بين الخوف والرجاء ؟ فإذا وجد العصاة بشّرهم بالنار ، وأقسم عليهم أن لا يدخلوا الجنة ، وإذا ذُكر له الطائعون ،
شكك في طاعتهم وذكر عيوب أعمالهم ، وإذا سمع نصوص الرحمة ،
لم يمرها على ظاهرها وإنما يؤولها ، حتى إني سمعت بعضهم يشرح أحاديث تكفير الذنوب ،
مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غُفرت ذنوبه وإن كانت كزبد البحر» ، فقال معلّقا على الحديث: الحديث ليس على ظاهره، ولا تكفّر كل الذنوب ولا الكبائر،
وهناك شروط في تكفير الذنوب لم تذكر في الحديث ؛ وكأنه يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولما ذكر حديث «مَن قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة»، قال معلّقا : الحديث ليس على ظاهره ، وهناك شروط وفرائض وموانع لا بد من اجتماعها حتى يُجرى الحديث على ظاهره ؛ وقائل الحديث هو النبي المعصوم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، أعْرَفُ الناس بمدلول اللغة ، وأعلم الناس بمراد ربه عز وجل ، وأتقى الناس وأخشاهم لمولاه تقدس اسمه.
وهكذا تستمر هذه الطائفة لتصعيب دخول الجنة ، حتى لا يثق الطائع بطاعته ،
ولا يتوب العاصي من معصيته ، فلا يذكّرونه بالتوبة ولا برحمة أرحم الراحمين ،
فإن جاء نص في الوعيد أجروه على ظاهره ، وزادوا عليه كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام» ، قالوا : معنى الحديث أن النمام خالد في النار محرم عليه دخول الجنة ، وهذا ليس مقصود الحديث.
وإذا أتت بشرى بالمغفرة والرحمة في آية أو حديث ، غيّروا المعنى وأفسدوا الفرحة بالبشرى ،
وهذا المسلك الخطير في تصعيب دخول الجنة يورث اليأس والقنوط والإحباط عند كثير من الناس ،
حتى يقول بعضهم: ما دام أننا إذا تبنا لا يُقبل منا ، وأن أعمالنا الصالحة مدخولة بالرياء والسمعة ، فما الفائدة من طاعتنا إذا كنا هالكين أصلا؟
وجدت شبابا محبطا ، صعّب عليهم بعض الوعّاظ التوبة ودخول الجنة ، فأصبحوا يرددون: ما الفائدة من دعائنا ومن صلاتنا وقد تلوثنا بالخطيئة وتلطخنا بالذنب؟
ووجدنا من أصابه الوسواس من كثرة خوفه ، لأنه استمع إلى مواعظ قاتلة ، وخطب تهديدية حماسية تتوعد العصاة بنار تلظى ، ولا تفتح لهم باب الأمل ولا الرجاء برحمة الله.
والسؤال: مَن الذي رشح هذه الطائفة المتعـنـّـتة في الدين ، المتنطعة في الشريعة ،
لتحكم على الناس بدخول الجنة أو الحرمان بدخولها ؟
مَن الذي فوّضهم بتفريغ النصوص من محتواها ؟
فنصوص الرحمة عندهم لها معنى آخر غير مراد من ظاهرها ،
ولها باب باطن تدل عليه نصوص أخرى ،
ونصوص العذاب والوعيد تُجرى على ظاهرها ، ويزاد عليها ،
ويُجمع معها نصوص أشد منها ، فإذا ذكرتهم بالحديث الصحيح عند مسلم ، " عن أبي ذر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: « بشرني جبريل أنه من مات من أمتك يشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فهو من أهل الجنة » ، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق ؟ قال صلى الله عليه وسلم : وإن زنا وإن سرق ،
قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق ؟ قال: وإن زنا وإن سرق ،
قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن سرق على رغم أنف أبي ذر " ؛ فإذا سمعوا هذا الحديث جعلوا له تأويلا يخالف ظاهره.
ولماذا لا نكون على ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: « الفقيه كل الفقيه مَن لم يؤمِّن الناس من مكر الله ، ولم يقنّطهم من رحمة الله » ؟
وهذا هو منهج أهل العلم والإيمان ، فإن الله جمع في كتابه بين الخوف منه والرجاء في رحمته فقال: « نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50) » (الحجر 49 – 50 ).
تعليق