بسم الله الرحمان الرحيم
يبدو أن فخامة الرئيس يريد أن يجعل "وزارة الوزارة" تستقيل ( من نفسها ) دون أن يضطر لفك الوزارة الأولى بذكر كل هذه المشاكل دفعة واحدة ..!!!
و بما إني عندية و مصرة على منصبي ( مالم أُقل عنه عنوة ) .. فسأحاول أن أناقش ما وضعه فخامة الرئيس كمواقف "تعجيزية " للإصلاح ..
سيدي الفاضل ..
بداية لا بد لنا من نظرة منصفة للواقع لا أن نذكر أقاصيه و أطرافه ..
فالوصف الذي وضعتموه ليس عاما و شاملا .. و إلا لوجب إقفال كل المستشفيات بعد أن تكون قد تسببت في وفاة أغلب مرتاديها من المرضى في ظروف التطبيب "غير الصحية " التي ذكرتم ..
فمن باب الإنصاف و من باب فتح الآمال للإصلاح : أن لا نرى نصف الكأس فارغا ..
بل أن نرى أن لنا بنيات تحتية .. تحتاج للإصلاح و التدعيم و ربما إعادة الهيكلة ..
ثانيا لا يمكننا أن ننظر في حال المستشفيات دون أن ندرجها داخل المنظومة الصحية ككل ..
فإن منحت للصحة أدنى الميزانيات و غفلت عن أن أغلب الساكنة من الطبقة الفقيرة لا تستطيع دفع تكاليف العلاج .. و وضعت الأطباء و الممرضين دون أن أهيئ لهم ظروف العمل المناسبة ..
فعن أي صحة أبحث ؟؟
ففي كل المجتمعات المتقدمة .. يولى الإهتمام لقطاعين حيويين .. هما الصحة و التعليم ..
فدونهما لا وجود لصحة بدنية و لا عقلية .. و بدونهما لا مجال لأي تقدم و لا رقي ..
نلاحظ للأسف أن سياسات حكوماتنا تسيء توزيع الموارد للقطاعات التي " تنتج " و تمثل دخلا لميزانية الدولة ( غافلين بذلك عن أن أهم إنتاج قد تحصل عليه هو شعب واع يستطيع التطوير و في صحة جيدة يستطيع بها أن يكون تام العطاء!!) ..
ففي مصر مثلا قطاعا الإعلام و السياحة ينالان نصيب الأسد من اهتمام الدولة (حسب ظني و الله أعلم )
فإن اهتمت الدولة ببناء المستشفيات أو على الأقل إصلاحها و ضمان مجانية العلاج للمرضى فلا شك أن المنظومة الصحية ستتحسن و ترقى بنا إلى مبتغانا منها ..
أما بالنسبة لمردودية الأطباء و مهنيي قطاع الصحة بصفة عامة ، فأظن أنه (بعيدا عن مسألة التكوين التي قد نناقشها فيما بعد ) إن لم توفر لهم الظروف المناسبة و الوسائل الازمة لممارسة ما تعلموه ..
فأكيد أن عطاءهم سيكون دون المستوى المطلوب ..!!
فحتى لو وفرت تكوينا ممتازا متوافقا مع مستوى أرقى الجامعات، ثم وضعت الطبيب بدون وسائل تشخيص و لا تطبيب، في ظل ظروف اقتصادية لا تسمح للمريض بإتيان هذه الوسائل ،
فلا شك أنك ستحصد ريحا ..!!!
بل إن ذلك من شأنه خلق إحباطات عند مهنيي الصحة و ربما سيجعلهم يفكرون في مغادرة ظروفهم في بلدهم إلى بلدان أخرى توفر لهم (على الأقل) احساس احترام العقول و مقابلة العطاء بآخر و لو كان ماديا !!
فالبداية يجب أن تكون : عقلنة توزيع الثروات و المداخيل لصالح القطاعات الحيوية ( قطاع الصحة هنا ).. بعدها يأتي توفير ظروف العمل المناسبة لمهنني القطاع بعد تكوين جيد على مستوى الجامعات و المعاهد مع ضمان دورات التكوين المستمر للإحاطة بمستجدات العلم و تطوراته .. ثم ضمان مجانية العلاج للطبقات الفقيرة و تطبيق سياسة التأمين الصحي الإجباري على مختلف القطاعات الحكومية و الخاصة في البلد ..
أعتقد أن هذه بعض نقاط أراها ضرورية للبدء بالاصلاح ..
ليست طبعا إلا مقدمات دون الخوض في التفاصيل ..
لكن أكيد لو سيادة الريس عايز تقرير مفصل بالخطوات .. فممكن نعمل كده .. بناء على بعض خبرة اكتسبتها من خلال مزاولتي داخل القطاع كطبيبة ..
و إن كان هناك بعض اختلاف ما بين بلدينا المغرب و مصر كنت قد لاحظته أثناء نقاشي مع طبيبتنا الغالية سوليما
لكن ده طبعا لو فضلت في المنصب بتاعي الحالي في حكومة سيادته و لم تتم إقالتي !!
إن شاء الله في انتظار باقي مشاكل القطاع التي يراها عالي المقام .. فلعلنا نجد دواء للداء
دام توفيق الله لكم صاحبا
تعليق