بارك الله فيك.
لاحظوا أنَّ الخطيئة ناتجة عن تفكير غاية في البدائية والسذاجة، فلو لاحظتم حياة القبائل البدوية، تجدوا لفكرة الخطيئة أصول وفروع، فعندما يَقْتُل بدوي من قبيلة معينة بدويًا آخر من قبيلة أُخرى؛ فإنَّ القبيلة التي انقتل أحد أفراده، تُعَمِّم جريمة القتل على كامل القبيلة الأُخرى، حتى إذا حانت لهم الفرصة؛ فقد لا يكتفون بقتل واحد من قبيلة القاتل، بل قد يحصدوا منها حصدًا في القتل، وهذا الحصد في القتل يُمَثِّل أشد تفكير البدوي بدائية وسذاجة.
تعميم الخطيئة، كتعميم جريمة القاتل في حياة البدائيين السُّذَّج، فإذا كانت القبيلة التي انقتل أحد أفرادها متعجرفة فلا تكتفي بقتل واحد من قبيلة القاتل، بل قد لا يكتفون بقتل كل قبيلة القاتل، فيوجهون بقية الغضب إلى أنفسهم، وهذه الفكرة البدائية الغارقة في السذاجة يقابلها في المسيحية: الخطأ غير المحدود الذي تم توجيهه إلى الله بمخالفة حواء وآدم الأكل من شجرة المعرفة، ولكي يتم تكفير هذه الخطيئة التي زُعِم أنَّها غير محدودة؛ فلا بد أنْ يموت شيء غير محدود، وهو أقنوم الابن على حد زعمهم، وبعضهم لا يقول: أنَّ الذي مات هو أقنوم الابن، بل الناسوت (جسد يسوع)، وغير المحدودية هذه تقابل القتل الكثير في الفكر البدائي الغارق في البدائية، فقتل الواحد لا يجب تحديده بواحد، بل لا بد من أنْ يكون غير محدود بواحد، حيث يصل أحيانًا إلى إبادة قبيلة كاملة من الوجود.
لاحظوا أنَّ المسيحيين لا يستطيعون إثبات أنَّ الخطيئة كانت غير محدودة، فغير المحدود في هذا السياق ليس أكثر من فكرة ذهنية لا أكثر؛ ذلك أنَّ المحدود (حواء وآدم) لا يمكن أنْ يصدر منه فعل غير محدود بالمعنى المسيحي؛ وبهذا نعود إلى غير المحدود بالمعنى الذي عند البدائيين السُّذَّج عندما لا يكتفون بقتل واحد، بل يجعلون القتل غير محدود بواحد، فيقابل كم القتل عند البدائي الساذج كيف القتل في المسيحية، حيث كان القتل لواحد فقط كما يقولون، فهنا كم وهناك كيف.
وبهذا ففكر البدئي الساذج وفكر المسيحيين الديني، يمثلان الغوغائية والدهمائية والفوضوية، والخزعبلاتية، والترهاتية، وتجمعها اللاعقلانية.