قصة الإنسان وعداوة الشيطان
قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ)
الملائكة : هم سكان السماء وهم مخلوقات نورانية " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" "ويسبحون له بالليل والنهار لا يفترون" " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" .
· وفي كل سماء أهلها من الملائكة ما بين سجود وركوع وقيام منذ أن خلقهم الله وكل سماء أهلها من الملائكة أشد عبادة ممن تحتها وكما أن الملائكة هم عمار السماء كان الجن عمار الأرض وقيل أن الجن عمروا الأرض ألفي سنة وقيل أربعون سنة .
يقول أبو إسحاق :-
لما خلق الله تعالى الجن أمرهم بعمارة الأرض وكانوا يعبدون الله جل ثناؤه حتى طال بهم الأمر فعصوا الله عز وجل وسفكوا الدماء فأرسل الله عليهم جنداً من الملائكة من السماء فألحقوهم بجزائر البحور .
- [ وإذ قال ربك للملائكة ] قوله سبحانه للملائكة إعلام لهم على سبيل التنويه كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه ولأن منهم من سوف يُسخره الله في خدمة الإنسان فمنهم الحفظة والكتبة وملائكة تحارب مع المؤمنين وملائكة تأخذ أرواح بني آدم ... الخ .
- فكان هذا الإعلام لأن الملائكة سوف تعمل مع هذا " الخليفة " .
-[ إني جاعل في الأرض خليفة ] قال بن كثير : المعنى قوم يخلف بعضهم بعضا قرن بعد قرن . وجيل بعد جيل والخليفة هو الذي يقوم بأمر المالك الذي استخلفه . فيكون معنى " الإنسان خليفة الله في أرضه " أي الذي يقوم بأمر الله تعالى في ملكه بأداء وظيفة (العبودية) المطلوب منه التي استخلف في الأرض من أجلها .
- وإصلاحه في الأرض : هو قيامه بهذه الوظيفة لذلك أعد الشرع المعاصي نوع من الإفساد في الأرض .
- [ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ] هذا ليس اعتراض من الملائكة على خلق الله تعالى لآدم وذريته لأن الملائكة لا يمكن أن تعترض على الله لأنهم لا يخالفون الله فيما أمرهم .
- قال تعالى " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " أي لا يسألونه شيء لم يأذن لهم الله تعالى به وإنما معنى كلامهم : انه سبحانه لما أعلمهم انه سيخلق في الأرض خلقاً قالوا هذا الكلام (أتجعل فيها من يفسد فيها ...) على سبيل الاستعلام والاستكشاف عن الحكمة في ذلك .
- يقولون : يا ربنا ما الحكمة من خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ، فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ولا يصدر منا شيء يناقض هذه العبودية ، والذي دفعهم لذلك حبهم الشديد لله عز وجل وكراهيتهم للإفساد في كونه .
- [ قال إني أعلم ما لا تعلمون ]
قال لهم الله تعالى ( إني أعلم ما لا تعلمون ) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم . فإني سأجعل فيهم الأنبياء والرسل ويوجد فيهم الصديقون والشهداء والصالحون والعُباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى .
س. كيف عرفت الملائكة أن بني آدم سيفسدون ؟
قال العلماء : إنهم عرفوا ذلك إما بعلم خاص من الله أنه أعلمهم ذلك .
أو بما فهموه من طبيعة البشرية التي خلقت من (صلصال من حمأ مسنون) أو فهموا ذلك لأن هناك حالة قبلها قاسوا عليها وهي من وجود الجن على الأرض وإفسادهم فيها .
[ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ] أراد الله عز وجل الرد على الملائكة بهذه الآية فعلم آدم الأسماء كلها وميز آدم على الملائكة وجعل الملائكة تتلقى أسماء هذه المسميات من آدم ، وهذا نوع من التكريم لآدم أن يعطيه ما لم يعطيه للملائكة ، ثم جعل آدم هو الذي يُعلمهم أسماء هذه المسميات التي لم يعرفونها . وهذا دليل على عظيم قدرة الله عز وجل يفعل ما يشاء في كونه فهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى عز وجل .
فما كان لآدم أن يتميز عن جنس الملائكة إلا بفضل الله وقدرته .
ومن هنا نأخذ ان الله تعالى وحده هو القادر أن يجعل الضعيف قوياً والقوى شديد القوة ضعيف إذا أراد عز وجل ذلك ، ولكن الإنسان لا يستطيع أن يعطي انسان آخر من قوته . فإذا كان هناك إنسان ضعيف يُريد أن يحمل حملاً ثقيلاً لا يقدر عليه وأراد إنسان آخر أن يعنيه فإنه لا يستطيع أن يعطيه من قوته وإنما يُعينه بأن يحمل عنه .
أو إذا كان الحمل معنوياً فيستطيع فقط أن يوصيه بالصبر ويشد من أذره بالكلام ورفع الهمه حتى يقوى ، أما الله تعالى فإنه يُعطيه قوة بحيث يجعل هذا الضعيف قوياً يمكنه أن يحمل هذا الحمل الثقيل . هذا بقدرته فهو يفعل ما يريد .
[ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ]
يتضمن هذا القول اعتراف بأن العلم كله مرجعه إلى الله فهو سبحانه مصدر العلم والحكمة أراد الحق تبارك وتعالى أن يعطي للملائكة الصورة بأنكم على بني آدم إما في تجربة الجن الذي عاشوا في الأرض قبله أو ضربا بالغيب ، والقياسان غير صحيحان . ولذلك ميز الله آدم على الملائكة في هذه اللحظة فعلمه الأسماء كلها .
ثم طلب من الملائكة أن يخبروه بهذه الأسماء لكنهم قالوا ان العلم من الله وحده وحيث أن الله تبارك وتعالى لم يعلمهم الأسماء فإنهم لا يعرفونها فطلب الله من آدم يخبرهم بأسماء هذه المسميات فأخبرهم بها لكنه لم يخبرهم بذاته وإنما أخبرهم بتعليم الله له . إذن فعلم آدم للأسماء كلها كان بمشيئة الله وهذه المشيئة وحدها هي التي جعلت آدم في ذلك الوقت يعلم ما لا تعلمه الملائكة وهنا رد الله سبحانه وتعالى على قول الملائكة بأن آدم سيفسد في الأرض فذكرهم الله بقوله :
[ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ]
أي أن الله تعالى وحده هو الذي يعلم الغيب فالله . فالله تعالى من قبل أن يخلق آدم ويجعله خليفة في الأرض فإنه عز وجل علي علم بكل ما سيحدث من آدم وذريته حتى قيام الساعة وبعد قيام الساعة .
س: ما هي هذه الأسماء ؟
قيل هي اسم كل شيء مثل حجر ، شجر ، دبة ، حيوان ، انسان ، نبات ، كوب .....
ولم تكن الملائكة تعرف أسماء هذه الأشياء لأنها لم تكن في حاجة لمعرفتها
يتبع ,,
تعليق