أووفا ريكس - كادت أن تسلم بريطانيا أيام حكمه
قبل أسبوعين أو ثلاثة كتبت مقالا بعنوان "أكثرهم حمقا وسوء حظ" قلت في مقدمته إن أحد الملوك البريطانيين اختلف مع البابا في روما - في وقت كانت فيه بريطانيا كاثوليكية - فأصدر البابا قرارا حرّم فيه تزاوج البريطانيين من بعضهم البعض مما أوقع الملك في حرج أمام شعبه.. وللخروج من هذا المأزق طلب الملك الانجليزي من ملوك الطوائف في الأندلس إرسال بعض المشايخ لتحويل بريطانيا للإسلام نكاية بالفاتيكان. إلا أنهم كانوا مشغولين بحروبهم الداخلية فتقاعسوا عن مساعدته حتى وصل الخبر الى البابا فأصلح الخلاف ورفع قرار التحريم (...)!
... وفي ذلك المقال وعدت بتوثيق هذه القصة وتفصيلها مستقبلا في مقال خاص.. ويبدو أنني أقحمت نفسي في بحث تاريخي معقد لأنني (حتى ذلك الحين) كنت أتحدث من الذاكرة عن قصة قرأتها أيام الطفولة ولا أتذكر تفاصيلها الآن.. وهكذا عدت - بعد الانتهاء من ذلك المقال - لمراجعة سلسلة الملوك الانجليز فوجدت بالفعل ملكاً من العصور الوسطى اختلف مع البابا فحرم الأخير تزاوج الإنجليز من بعضهم البعض - ولكن لا يوجد ما يفيد بنيته بالتحول للدين الاسلامي..
فالموسوعة البريطانية مثلا تشير الى وجود ملك انجليزي يدعى أووفا ريكس Offa rex تولى الحكم عام 757واستطاع توحيد معظم المقاطعات الإنجليزية. ولسبب غامض لاتوجد كتابات كثيرة عن هذا الملك مما جعله يختفي من المناهج الدراسية ومعظم المصادر التاريخية. غير انه عاد الى الواجهة بقوة ودخل الموسوعة البريطانية بعد اكتشاف عملة نقدية تحمل بالإضافة لاسمه شهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" (وهذه ليست مبالغة ويمكن رؤيتها في الموقع الإلكتروني للمتحف البريطاني أو البحث عنها بالانترنت بواسطة الجملة التالية: Coin of the King offa rex)!
ورغم وجود هذه العملة في المتحف البريطاني منذ عام 1922إلا ان الجدل مايزال دائرا حول أصلها وخلفيتها التاريخية؛ فهناك من يعتقد ان الملك ريكس سافر في شبابه الى الأندلس وتأثر بالحضارة الإسلامية هناك.. وهناك من يؤكد أنه أسلم فعلا وراسل أمراء الدولة الأموية في أسبانيا لتحويل انجلترا للدين الاسلامي (حيث يتوافق تاريخ توليه الحكم مع ولاية السلطان عبد الرحمن الملقب بصقر الاندلس بين عامي 755و 788ميلادية)..
ورغم أن هناك من يدعي أن سك الدنانير العربية في بريطانيا كان معتادا في ذلك العصر لتسهيل التبادل التجاري مع العرب؛ إلا أن هذا لا يفسر قيام الملك ريكس بسك عملات ذهبية تجمع صورته واسم مملكته ضمن إطار "لا إله إلا الله محمد رسول الله"!
... ومن الأشياء المهمة التي عثرت عليها أيضا أن الملك أووفا ريكس كان - في البداية - على علاقة ممتازة مع البابا أدريان الأول (772-795) ثم اختلف معه بسبب إصرار البابا على فرض سلطته على الكنيسة الانجليزية. وفي حين توجد مصادر كثيرة تتحدث عن البابا أدريان الأول لا يوجد شيء يذكر عن الملك ريكس رغم دوره الكبير في توحيد المقاطعات الانجليزية. ويعتقد بعض المؤرخين ان الوثائق المتعلقة بهذا الملك أتلفت بعد وفاته مباشرة بأمر من الكنيسة خشية تأثيرها على الناس...
غير ان هناك أثرا عظيما لهذا الملك - بجانب القطع النقدية - يصعب إزالته أو حتى (القفز فوقه).. فبغرض حماية مملكته من غزو القبائل الإسكتلندية في الشمال بنى سورا يمتد من شرق انجلترا الى غربها ماتزال آثاره باقية حتى اليوم. وهذا السور يشكل حاليا الحدود النظرية الفاصلة بين انجلترا واسكتلندا ويعد معلما تاريخيا وسياحيا مهما ما يزال يعرف باسمه القديم.. سور أووفا أو Offas Dyke. ا.هــ
منقول من صحيفة الرياض :
http://www.alriyadh.com/2007/04/12/article241131.html
صورة العملة من المتحف البريطاني :
Gold imitation dinar of Offa
قبل أسبوعين أو ثلاثة كتبت مقالا بعنوان "أكثرهم حمقا وسوء حظ" قلت في مقدمته إن أحد الملوك البريطانيين اختلف مع البابا في روما - في وقت كانت فيه بريطانيا كاثوليكية - فأصدر البابا قرارا حرّم فيه تزاوج البريطانيين من بعضهم البعض مما أوقع الملك في حرج أمام شعبه.. وللخروج من هذا المأزق طلب الملك الانجليزي من ملوك الطوائف في الأندلس إرسال بعض المشايخ لتحويل بريطانيا للإسلام نكاية بالفاتيكان. إلا أنهم كانوا مشغولين بحروبهم الداخلية فتقاعسوا عن مساعدته حتى وصل الخبر الى البابا فأصلح الخلاف ورفع قرار التحريم (...)!
... وفي ذلك المقال وعدت بتوثيق هذه القصة وتفصيلها مستقبلا في مقال خاص.. ويبدو أنني أقحمت نفسي في بحث تاريخي معقد لأنني (حتى ذلك الحين) كنت أتحدث من الذاكرة عن قصة قرأتها أيام الطفولة ولا أتذكر تفاصيلها الآن.. وهكذا عدت - بعد الانتهاء من ذلك المقال - لمراجعة سلسلة الملوك الانجليز فوجدت بالفعل ملكاً من العصور الوسطى اختلف مع البابا فحرم الأخير تزاوج الإنجليز من بعضهم البعض - ولكن لا يوجد ما يفيد بنيته بالتحول للدين الاسلامي..
فالموسوعة البريطانية مثلا تشير الى وجود ملك انجليزي يدعى أووفا ريكس Offa rex تولى الحكم عام 757واستطاع توحيد معظم المقاطعات الإنجليزية. ولسبب غامض لاتوجد كتابات كثيرة عن هذا الملك مما جعله يختفي من المناهج الدراسية ومعظم المصادر التاريخية. غير انه عاد الى الواجهة بقوة ودخل الموسوعة البريطانية بعد اكتشاف عملة نقدية تحمل بالإضافة لاسمه شهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" (وهذه ليست مبالغة ويمكن رؤيتها في الموقع الإلكتروني للمتحف البريطاني أو البحث عنها بالانترنت بواسطة الجملة التالية: Coin of the King offa rex)!
ورغم وجود هذه العملة في المتحف البريطاني منذ عام 1922إلا ان الجدل مايزال دائرا حول أصلها وخلفيتها التاريخية؛ فهناك من يعتقد ان الملك ريكس سافر في شبابه الى الأندلس وتأثر بالحضارة الإسلامية هناك.. وهناك من يؤكد أنه أسلم فعلا وراسل أمراء الدولة الأموية في أسبانيا لتحويل انجلترا للدين الاسلامي (حيث يتوافق تاريخ توليه الحكم مع ولاية السلطان عبد الرحمن الملقب بصقر الاندلس بين عامي 755و 788ميلادية)..
ورغم أن هناك من يدعي أن سك الدنانير العربية في بريطانيا كان معتادا في ذلك العصر لتسهيل التبادل التجاري مع العرب؛ إلا أن هذا لا يفسر قيام الملك ريكس بسك عملات ذهبية تجمع صورته واسم مملكته ضمن إطار "لا إله إلا الله محمد رسول الله"!
... ومن الأشياء المهمة التي عثرت عليها أيضا أن الملك أووفا ريكس كان - في البداية - على علاقة ممتازة مع البابا أدريان الأول (772-795) ثم اختلف معه بسبب إصرار البابا على فرض سلطته على الكنيسة الانجليزية. وفي حين توجد مصادر كثيرة تتحدث عن البابا أدريان الأول لا يوجد شيء يذكر عن الملك ريكس رغم دوره الكبير في توحيد المقاطعات الانجليزية. ويعتقد بعض المؤرخين ان الوثائق المتعلقة بهذا الملك أتلفت بعد وفاته مباشرة بأمر من الكنيسة خشية تأثيرها على الناس...
غير ان هناك أثرا عظيما لهذا الملك - بجانب القطع النقدية - يصعب إزالته أو حتى (القفز فوقه).. فبغرض حماية مملكته من غزو القبائل الإسكتلندية في الشمال بنى سورا يمتد من شرق انجلترا الى غربها ماتزال آثاره باقية حتى اليوم. وهذا السور يشكل حاليا الحدود النظرية الفاصلة بين انجلترا واسكتلندا ويعد معلما تاريخيا وسياحيا مهما ما يزال يعرف باسمه القديم.. سور أووفا أو Offas Dyke. ا.هــ
منقول من صحيفة الرياض :
http://www.alriyadh.com/2007/04/12/article241131.html
صورة العملة من المتحف البريطاني :
Gold imitation dinar of Offa
بقلم فهد عامر الأحمدي
تعليق