3 نساء قبطيات في أزمة
كاميليا صاحبة الخمسة والعشرين عاماً تأتي في الحلم وفي الصحو تطاردني أنا وكل مصري بائس لا يعرف كيف يحرك ساكناً في بلدة الاغتراب مصر.
كاميليا التي كانت عنوان جرائد لن يسمح لها أحد بقراءتها، وفاء ومن ثم كاميليا وبينهما إيرين عروس الإسكندرية التي قتلها زوجها ليصبح أرمل وليس مطلقا.. كلهن حواديت مصرية.
كاميليا في الخامسة والعشرين تستيقظ لتجد نفسها في غرفة أحد الأديرة، تحرك ذراعها فلا يتحرك ورأسها فلا يميل تبكي تصرخ والدموع والصراخ لا يخرج، فللمهدئات يا سادة تأثير كبير علي عقل وجسد النساء.
وعي المصري البسيط في الشارع يتذكر تأثير نفس المهدئات علي وفاء قسطنطين الغائبة منذ 6 أعوام في أحد الأديرة ولم يصل إليها أحد.
أسطورة الخطف الإسلامي
في كل البيوت المسيحية تتم تربية الفتيات علي الشدة والتخويف وتلقينهن بقوة كيف يتعامل المسلمون مع نسائهم وكيف أن الإسلام يقهر الإناث، وأن للزوج المسلم الحق في خيانة زوجته وأم أطفاله والتزوج بأخري وأخري وحكايات عن فلانة التي أحبت جارها وهربت معه ومن ثم تركها لتصبح بنت العائلة المسيحية الكريمة في الشارع لأنها اختارت الاختيار الفاشل وخرجت من جنة المسيحية الي جحيم الإسلام، بينما المسيحية تجعل الرجل والمرأة معاً رغماً عنهما حفاظاً علي المجتمع " مجتمع المساجين الخاضعين "، الخيانة ليست من الإسلام الحقيقي ولا السجن في المسيحية الحقيقية.. إطلاق الأحكام والتُهم أصبح طريقنا في تربية أولادنا والعقاب منهجنا في الإصلاح والتقويم.
وهنا أنا لا أشجع المسيحيات علي الإسلام أو الزواج بمسلمين أو العكس فالمجتمع مريض جداً جداً والمجتمعات المريضه بحمي الطائفية خطر جداً أن تدخل مؤسسة الزواج المختلط، فمن المستحيل أن يتكيف أصحاب الديانات المختلفة في زواج حينما تكون عوامل عدم التكيف متوافرة بفعل وجود من يغرسها ويعمل علي تنميتها وديمومتها، ولو تكيفوا لن تتكيف العائلات ولن يُترك الأبناء سالمين، رغم وجود قصص في الواقع تنفي هذا الافتراض الا أنهم أعداد قليلة من تمكنوا من الإنتصار للحب وللأسرة في مواجهة المجتمع الطائفي.
وللخرافات المغروسة في الأطفال منذ بدء التربية المسيحية الموجهة بداية من مدارس الأحد في الكنيسة والتي تعزل الأطفال المسيحيين عن أقرانهم من المسلمين وفي الخطاب الديني المتشدد في الكنائس ونظيره في المساجد تأثير كبير علي الحكم بفشل أي محاولة لزواج مختلط.
لن يبحث الفقراء عن وفاء قسطنطين أو كاميليا ولن يبكون إيرين:
ورد في كتاب دكتور نبيل لوقا بيباوي عن تنصير المسلمين وأسلمة المسيحيين الذي أكد أن زوج وفاء قسطنيطين القسيس رحمه الله كان يسبها علانية ويسيء إليها ومع السنوات أصبحت لا تحتمله وتوسلت الي مطران البحيرة ليجد لها حلاً بالانفصال عن زوجها فطلب منها أن تصبر، ولكن كرامة الرجل المسيحي الذي تمت تربيته أن زواجه أبدي ولا يحق لجاريته أن تفكر في الإنفصال، ولا أتحدث هنا عن مرحلة أعلي من الطموح الانساني ألا وهي " الطلاق والزواج مرة ثانية " أحلام البسطاء من البشر منذ بداية الحياة، بل أتحدث عن مجرد الرغبه في الانفصال.
لكن الفقراء في مصر مسلمين ومسيحيين، من يذهبون للعمل في الصباح وفي المساء يجدون الرغيف أقل وزناً وأعلي سعراً، الفقراء لم يتظاهروا من أجل وفاء قسطنطين الإنسانة في عام 2004 ولن يسألوا عنها في 2010، الفقراء المقيدون بالجهل والفقر في مصر لن يبكون فتاة مصرية قتلت غدراً ولا يهمني هنا دينها ولكن قتلها زوجها ورحل ناحية بلاد لن يجرؤ علي إيذاء إحدي نسائها، إنها إيرين عروس الإسكندرية والتي أخبرت القس أنها لا تريد العوده لزوجها فأعادها إليه لتموت وتموت معها كل امرأة تخضع لإرهاب هؤلاء البشر.
الفقراء أيضاً في مصر لن يُوجهوا سؤالاً لقداسة البابا: لماذا أعاد الأمن كاميليا إلي الكنيسة ومن أعطي لكم سلطاناً لغسل مخ الفتاة كما ورد علي لسان القمص متي ساويرس في قناة الكرمة بالحرف قال " كاميليا إتعملها غسيل مخ وإحنا بنعمل غسيل للغسيل اللي اتعملها " بأي حق تفعلون هذا؟
وإن صدقت أن كاميليا معكم بإرادتها وإن كان هذا منافياً لتصريحات الأنبا موسي التي قال فيها إنها تعاني من انهيار عصبي وتأخذ مهدئات، لماذا لم يسمح لأي جهة حقوقية بالاطمئنان عليها؟؟ ولماذا تحتجزونها لديكم رغماً عنها؟؟
سجون الأديرة والتوبة الجبرية
لو كنتم صادقين فيما تروجون فلتسمحوا لنا نحن شعب مصر بكل أطيافه من نصمت كثيراً برؤية كلتيهما في برنامج تليفزيوني محايد وأقترح مني الشاذلي أو من ترون لتتحاور مع كاميليا أو وفاء أو من بقي منهما علي قيد الحياة من دون مخدر من دون مهدئ اتركوهما تعلنان عن رغبتهما في قضاء الباقي من العمر للتقوي والصلاة في الأديرة!.
وعن البلاغ للنائب العام الذي قدمه 14 محامياً وصحفياً وباحثاً يطالبون من خلاله الجهات المختصة بإخضاع كافة الأديرة للتفتيش الصحي والاجتماعي والقضائي والأهلي والأمني من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية المعنية، لكشف مصير النساء اللائي أشهرن إسلامهن أمام شيخ الأزهر، وما إن كن تراجعهن عن إسلامهن بمحض إرادتهن أم تعرضن للإكراه هناك وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكنيسة وبادر بالرد عضو المجلس الأعلي للأقباط القمص صليب متي، أن الأديرة هي أماكن للعبادة فقط وليست مخصصة لأي أغراض أخري، فهي أماكن تضم من تركوا العالم وفضلوا العبادة لله من الرهبان والراهبات، مؤكداً أن الأديرة والكنائس لا تتلقي معونات من الدولة، فجميع مصادرها تمويل شعبي وبركة من الله، فليس من حق أية جهة رقابية أن تتدخل في شئون الكنيسة إلا البابا والمجمع المقدس.
ورداً علي القمص صليب متي :
أولا من يعمل في النور لا يخاف الرقابة ولا يرفضها علي الإطلاق بل بالعكس كان علي الكنيسة أن ترحب بكل رقيب لأن الأديرة أماكن راقية يأتيها الناس كما ورد في كلامك بإرادتهم ليتعبدوا ويأتي الزائرون أيضاً ليحصلوا علي البركة وأود هنا أن أهمس في أذنك أن كاميليا لديكم رغماً عن إرادتها وأن وفاء قرينتها لديكم رغماً عن إرادتها ولو كنتُ كاذبة لظهرتا علي الهواء مباشرة في أحد البرامج وليعلنا أنهما لديكم تتعبدان وراضيتان تماما، وأشك في إمكانية هذا لأن المهدئ يجعل صاحبه غير قادر علي التحدث أو الرد ومن دون المهدئ لحطمت كاميليا ووفاء كل القيود، كما فعلتا حين هربتا من الكنيسة التي لم تساعدهما.
ويا سيدي الفاضل كون الدولة المصريه لا تقدم أي معونة للأديرة هذا لا يمنع حق الدولة في الرقابة عليها، فلا يمكن أن يكون كل نشاط غير ممول من قبل الدولة غير خاضع لرقابتها ولو صح هذا لخربت البلد في نفس اللحظة.
وعن سؤالك الوارد في الصحف هل يخضع الأزهر لرقابة؟
نعم يخضع ولنفترض جدلاً أنه لا يخضع لأية رقابة ولكن في حالة قبول مؤسسة الأزهر وإعلانها أنها مستعدة للخضوع لرقابة وتفتيش كامل من الدولة علي كل ما لديها وإن كان حادثاً بالفعل هل تقبل الكنيسة نفس المبادرة؟
نهاية الحدوتة
"لو لم تحب جارك علي دين غير دينك وتذكر جارك بموعد صلاة الجمعة ويذكرك هو بقداس الأحد، تعترف بحقه مثلك في الحياة والصلاة والتواجد، تغلق آذانك عن كل خطاب ديني يدفعك للكراهية وممارسة العنف مع الآخر، تنصت لعصافير الصباح والطبلة والطبلية المصرية، نبكي علي وفاة إيرين ونحضر زوجها السفاح للقصاص العلني، نحضر كاميليا ولا نتخلي عنها كما فعلنا مع وفاء!، نحارب الفقر والغلاء والمرض، نعمل معاً من أجل غد فيه أرغفة عيش تكفينا، وأسرة مستشفيات تكفي مرضانا ونيل لا يبخل علينا بمياهه، لو لم نفعل هذا ستنتهي الحدوتة نهاية مأساوية في داخلها نفس تساؤل أغنية حدوتة مصرية
مين اللي بيبيع الضمير ويشتري بيه الدمار!
العدد رقم 265 بتاريخ الاثنين الموافق 9/8/2010
تعليق