أربعون نصيحة لإصلاح البيوت
محمد صالح المنجد
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... أما بعد :
البيت نعمة
قال الله تعالى :
" والله جعل لكم من بيوتكم سكناً " سورة النحل الآية 80 .
قال ابن كثير – رحمه الله – :
" يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع " .
ماذا يمثل البيت لأحدنا ؟
أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته ؟
أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده ؟
أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها ؟!
قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " سورة الأحزاب الآية : 33
وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ ، أو على أرصفة الشوارع ، واللاجئين المشردين في المخيمات المؤقتة ، عرفت نعمة البيت ، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر ، ولا مكان ثابت ، أنام أحيانا في بيت فلان ، وأحيانا في المقهى ، أو الحديقة أو على شاطئ البحر ، ومستودع ثيابي في سيارتي ؛ إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت .
ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى :
" هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر "
ثم قال : " يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار " سورة الحشر ، الآية : 2
والدافع عند المؤمن للاهتمام بإصلاح بيته عدة أمور :
أولا :
وقاية النفس والأهل نار جهنم ، والسلامة من عذاب الحريق :
" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "
سورة التحريم ، الآية : 6
ثانيا :
عظم المسئولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب :
قال صلى الله عليه وسلم :
" إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " .
ثالثا :
أنه المكان لحفظ النفس ، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس ، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة :
قال صلى الله عليه وسلم :
" طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته " .
وقال صلى الله عليه وسلم :
" خمس من فعل واحد منهن كان على الله ، من عاد مريضا ، أو خرج غازيا ، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره ، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس " .
وقال صلى الله عليه و سلم :
" سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته " .
ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا ، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم ، ويحمي أهله من التبرج والسفور ، ويحمي أولاده من قرناء السوء .
رابعا :
أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم ، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره ، وعند الفراغ من العمل والدراسة ، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات ، وإلا ستضيع في المحرمات .
خامسا :
وهو أهمها ، أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم ، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته ، والبيوت أحياء ، والأحياء مجتمع ، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله ، صامدا في وجه أعداء الله ، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر .
فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه ؛ من الداعية القدوة ، وطالب العلم، والمجاهد الصادق ، والزوجة الصالحة ، والأم المربية ، وبقية المصلحين .
فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية ، وبيوتنا فيها منكرات كثيرة ، وتقصير كبير ، وإهمال وتفريط ؛ فهنا يأتي السؤال الكبير
ما هي وسائل إصلاح البيوت؟
وإليك أيها القارئ الكريم الجواب ، نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها ، وأن يوجه جهود أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد
وهذه النصائح تدور على أمرين :
إما تحصيل مصالح ، وهو قيام بالمعروف ،
أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر .
وهذا أوان الشروع في المقصود
يتبع بإذن الله
تعليق