اصابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسحر

تقليص

عن الكاتب

تقليص

وليد المسلم مسلم اكتشف المزيد حول وليد المسلم
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • وليد المسلم
    مشرف عام

    • 11 يون, 2006
    • 762
    • مسلم

    اصابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسحر

    ان الله سبحانه وتعالى يبتلي رسله عليهم الصلاة والسلام بأنواع البلاء ، فيزداد بذلك أجرهم ، ويعظم ثوابهم ، فقد ابتلى رسله بتكذيب أقوامهم لهم ، ووصل ايذاؤهم إليهم ، وابتلى بعض الرسل بالمرض ، ومن الابتلاء الذي أوذي به الرسول صلى الله عليه وسلم ما أصابه من السحر ، روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً من بني زريق يقال له : لبيد بن الأعصم سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه كان يفعل الشيىء وما فعله . . . .
    إلا أن هناك بعض العلماء أنكروا هذا الحديث ، وردوه رداً منكراً بدعوى أنه مناقض لكتاب الله الذي برأ الرسول من السحر
    فمن هؤلاء العلماء ( الجصاص ) في كتابه أحكام القرآن : [ 1 : 49 ]
    حيث قال : (( ومثل هذه الاخبار من وضع الملحدين تلعباً بالحشو الطغام . . . . ))
    ومنهم ( أبو بكر الأصم ) حيث قال : (( إن حديث سحره صلى الله عليه وسلم المروي هنا متروك لما يلزمه من صدق قول الكفره أنه مسحور ، وهو مخالف لنص القرآن حيث أكذبهم الله سبحانه وتعالى . . . )) [ نقله عنه شارح المجموع : 19 : 243 ]
    ومنهم الشيخ جمال الدين القاسمي في تفسيره المسمى [ محاسن التأويل ] حيث قال : (( ولا غرابة في أن لا يقبل هذا الخبر لما برهن عليه ، وإن كان مخرجاً في الصحاح ، وذلك لأنه ليس كل مخرج فيها سالماً من القدح والنقد سنداً أو معنى كما يعرفه الراسخون . . . ))
    وقال الشيخ محمد عبده : (( وقد ذهب كثير من المقلدين الذين لا يعقلون ما النبوة ، ولا ينبغي لها إلى أن الخبر بتأثير السحر قد صح . . . . وقال : وهو مما يصدق فيه المشركين : (( إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً )) [ الفرقان : 8 ]

    وقد أجاب كثير من العلماء عن هذه الشبهة وبينوا زيفها بالآتي :
    أولاً : من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر ، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر إلي أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها فإنه عليه الصلاة والسلام لم يعصم من هذه الامور ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصيبه ما يصيب الرسل من أنواع البلاء وغير ذلك ، فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمور الدنيا ما لا حقيقة له ، كأن يخيل إليه أنه وطىء زوجاته وهو لم يطأهن ، و حدث انه جاء للرسول صلى الله عليه وسلم احد الصحابه يعوده قائلاً له : (( إنك توعك يا رسول الله فقال : إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم )) إلا ان الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك إلي تلقي الوحي عن الله سبحانه وتعالى ولا إلي البلاغ عن ربه إلي الناس لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الامة على عصمته صلى الله عليه وسلم في تلقي الوحي وإبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين .
    والذي وقع للرسول صلى الله عليه وسلم من السحر هو نوع من المرض الذي يتعلق بالصفات والعوارض البشرية والذي لا علاقة له بالوحي وبالرسالة التي كلف بإبلاغها ، لذلك يظن البعض أن ما اصاب الرسول صلى الله عليه وسلم من السحر هو نقصاً وعيباً وليس الأمر كما يظنون لأن ما وقع له هو من جنس ما كان يعتريه من الاعراض البشرية كأنواع الامراض والآلام ونحو ذلك ، فالانبياء صلوات الله وسلامه عليهم يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر كما قال الله سبحانه وتعالى : (( قالت رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده )) سورة إبراهيم : 11
    واستدل ابن القصار على ان الذي أصابه كان من جنس المرض بقول الرسول في حديث آخر : (( أما أنا فقد شفاني الله )) ويؤيد ذلك حديث ابن عباس عند ابن سعد : (( مرض النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب ، فهبط عليه ملكان )) فتح الباري 10 : 227 .
    قال المازري : (( ان الدليل قد قام على صدق النبي فيما يبلغه عن الله سبحانه وتعالى وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يخيل إليه أنه وطىء زوجاته ولم يكن وطئهن ، وهذا كثيراً ما يقع تخليه للأنسان في المنام ، فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .
    قال القاضي عياض رحمه الله : (( قد نزه الله سبحانه وتعالى الشرع والنبي عما يدخل في أمره لبساً ، وإنما السحر مرض من الامراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته .
    وأما ما ورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله ، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من تبليغه وشريعته ، أو يقدح في صدقه لقيام الدليل ، والاجماع على عصمته من هذا ، أما ما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها ، ولا فضل من أجلها ، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لاحقيقة له ، ثم ينجلي عنه كما كان .
    وجاء في مرسل عبد الرحمن بن كعب عند ابن سعد ان أخت لبيد بن الاعصم قالت : (( إن يكن نبياً فسيخبر ، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يذهب عقله .)) فوقع الشق الاول .
    ثانياً : أما دعواهم أن السحر من عمل الشيطان والشيطان لا سلطان له على عباد الله لأن الله يقول : (( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) سورة الحجر : 42
    فنقول :
    إن المراد من قوله سبحانه وتعالى : (( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) أي في الاغواء والإضلال فالسلطان المثبت للشيطان هو سلطان إضلاله لهم بتزينه للشر والباطل وإفساد إيمانهم ، فهذه الآية كقوله سبحانه وتعالى حكاية عن الشيطان في مخاطبته رب العزة : (( لأغونهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) ولا ريب ان الحالة التي تعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنطبق عليها هذه الآية الكريمة .
    ولا شك أن اصابة الشيطان للعبد الصالح في بدنه لا ينفيه القرآن ، وقد جاء في القرآن ما يدل على إمكان وقوعها ، ومن ذلك قول أيوب عليه السلام في دعائه ربه : (( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب )) سورة ص : 41
    وموسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، وقد خيل إليه عندما ألقى السحرة عصيهم أنه تسعى : (( فأوجس في نفسه خيفة موسى )) سورة طه : 67 فهذا التخيل الذي وقع لموسى يطابق التخيل الذي وقع للرسول صلى الله عليه وسلم ، إلا ان تأثير السحر كما قررنا لا يمكن أن يصل إلي حد الاخلال في تلقي الوحي والعمل به وتبليغه للناس ، لأن النصوص قد دلت على عصمة الرسل في ذلك .

    ثالثاً : نريد أن نسأل النصارى سؤالاً :
    إذا كنتم تعتقدون ان ما اصاب النبي محمداً على ايدي اليهود من السحر والذي قررنا انه لم يكن له تأثير في دينه وعبادته ، ولا في رسالته التي كلف بإبلاغها، إذا كنتم تعتقدون ان ما اصابه هو قدح و طعن في نبوته فهل يعني ذلك أنكم اسقطتم أنبياء كتابكم المقدس الذي نص على انهم عصاة زناة كفار ؟!
    ألم يرد في كتابكم المقدس أن نبي الله سليمان كفر وعبد الاوثان وهو نبي من انبياء الله [ سفر الملوك الاول ]
    فهل اسقتطم نبوءة سليمان وهل ما اقدم عليه النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر موجب للطعن في نبوته ومسقطاً لها ؟!
    وإذا كان ما قام به النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر لا يوجب الطعن في نبوته و لا يسقط نبوته عندكم ، فكيف تعتبرون ما أصاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السحر الذي لم يكن له تأثير في دينه وعبادته ولا في رسالته التي كلف بابلاغها هو أمر موجبا للطعن في نبوته ؟

    ثم أخبرونا عن ذلك الشيطان الذي تسلط على المسيح طوال 40 يوماً كما جاء في إنجيل متى ابتداءً من الاصحاح الرابع ، حيث كان إبليس يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له . فتارة يقوده إلي المدينة المقدسة و يوقفه على جناح الهيكل وتارة يأخذه إلي جبل عال جداً . . . الخ

    رابعا : في قصة سحر النبي عليه الصلاة والسلام الكثير من أدلة نبوته عليه الصلاة والسلام طبقاً للآتي :

    1. كيف عرف النبي عليه الصلاة والسلام أن الذي سحره هو لبيد بن الأعصم وأن السحر موجود في مكان كذا وكذا لو لم يكن نبياً ؟, فالنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي أرسل أصحابه ليستخرجوا السحر من المكان الذي وضع فيه , ( وقصة إخبار الملائكة لمحمد عليه الصلاة والسلام بموضع ومكان السحر لم يذكرها هؤلاء الضالون فهم انتقائيون في اختيار موادهم.)
    2. لقد فك الرسول عليه الصلاة والسلام السحر بقراءة المعوذتين وهذا دليل على أن المعوذتين كلام الله عز وجل وأن محمداً نبي موحىً إليه.
    3. هذه القصة دليل على كذب المستشرقين عندما قالوا إن السنة النبوية قد وضعها أصحاب النبي ليثبتوا أنه نبي وأنه كامل في كل صفاته فلو كان كلامهم صحيحاً لكان هذا الحديث أول شيء يحذفه الصحابة من السنة لأنه ينقص من قدر النبي (ص) على حد زعمهم طبعاً فقد أثبتنا الآن أن هذا الحديث يدل على نبوة محمد (ص).
    قال الله تعالى {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم}

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،
    منقول للفائدة
  • يوسف المصري
    10- عضو متميز

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 28 سبت, 2008
    • 1839
    • مرشد سياحى
    • مسلم جداااااا

    #2
    هل أصاب السِحْرُ رسولَنا الكريم ؟

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    فى حديث مع الدكتور محمد هداية على قناة دريم

    أنكر فكرة أن يكون النبى قد سحر له كما فى الحديث الصحيح


    الحديث
    روى البخاري و مسلم واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ، حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ، ثم قال : يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر ، قال : وأين هو ؟ قال : في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس من أصحابه ، فجاء فقال : يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء ، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين ، قلت : يا رسول الله ، أفلا استخرجته ؟ فقال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثوِّر على الناس فيه شراً ، فأمر بها فدفنت " .

    وفي رواية للبخاري عن عائشة : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُحِر ، حتى كان يُرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن - قال : سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا - ، وفي رواية قالت : مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي ....




    و قال أن كتاب صحيح البخارى هو أصح كتاب بعد كتاب الله إذن فهو يحوى أخطاء و أن الحديث الذى يتعارض مع القرآن لا نأخذ به
    و أن هذا الحديث الذى يحكى عن ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد سحر له غير صحيح
    لأن الله تعالى قالى فى القرآن الكريم

    ا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
    و الرد من موقع أخر


    وما أثير حول هذا الحديث من شبه ليست جديدة في الحقيقة ، وإنما هي شبه قديمة أثارها أهل الزيغ والابتداع من قديم الزمان ، ورددها من جاء بعدهم ، فقد ذكر الإمام ابن قتيبة رحمه الله في كتابه " تأويل مختلف الحديث " هذه الحديث من ضمن الأحاديث التي طعن فيها النظَّام وأمثاله من أئمة الاعتزال الذين لا يقيمون وزناً للأحاديث والسنن ، وزعم الجصاص أنه من وضع الملحدين ، وادعى أبو بكر الأصم أنه متروك ومخالف لنص القرآن .

    ثم جاء بعض المعاصرين فتلقفوا هذه الآراء ، ورددوها تحت مسمى تحكيم العقل ، وطرح كل ما يتعارض مع مسلماته وثوابته ، ويمكن تلخيص الشبه المثارة حول الحديث في ثلاثة أمور .

    الأول : أن الحديث وإن رواه البخاري و مسلم فهو حديث آحادي ، لا يؤخذ به في العقائد ، وعصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تأثير السحر في عقله ، عقيدة من العقائد ، فلا يؤخذ في إثبات ما يخالفها إلا باليقين كالحديث المتواتر ، ولا يكتفي في ذلك بالظن .

    والثاني : أن الحديث يخالف القرآن الكريم الذي هو متواتر ويقيني ، في نفي السحر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فالقرآن نعى على المشركين ووبخهم على نسبتهم إثبات السحر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال سبحانه :{ وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا }( الفرقان 8 - 9) ، وقال جل وعلا : { نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا }( الإسراء 47 - 48) .

    الثالث : أنه لو جاز على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتخيل أنه يفعل الشيء وما فعله ، لجاز عليه أن يظن أنه بلَّغ شيئـًا وهو لم يبلِّغه ، أو أن شيئـًا ينزل عليه ولم ينزل عليه ، وهو أمر مستحيل في حقه صلى الله عليه وسلم لأنه يتنافى مع عصمته في الرسالة والبلاغ .




    الرد على الشبهة

    وقد تصدى أهل العلم لهذه الشبهات ، وأجابوا عنها بما يرد عن الحديث كل تهمة ، ويفند كل فرية ، فأما ما يتعلق بحجية أخبار الآحاد ، فإن الأدلة شاهدة من كتاب الله ، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقوال السلف ، بل وإجماعهم - كما نقله غير واحد كالشافعي و النووي و الآمدي وغيرهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد ، وقبول الاستدلال به في العقائد والعبادات على حد سواء ، وهي أدلة كثيرة لا تحصى ، وليس هذا مجال سردها ، وقد سبق الكلام عنها في مواضيع مستقلة في محور الحديث ، بعنوان ( حجية خبر الآحاد ، والشبهات حوله ) ( حديث الآحاد حجة في العقائد والأحكام ) يمكن للقارئ الكريم الرجوع إليها .

    ويكفي وجود هذه الأحاديث في الصحيحين للجزم بصحتها وثبوتها، وقد أجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقبول، وليست هي من الأحاديث المنتقدة حتى تستثنى من ذلك، وقد رُوِيت من طرق عدة في الصحيحين وغيرهما ، وعن غير واحد من الصحابة منهم : عائشة ، و ابن عباس ، و زيد بن أرقم - رضي الله عنهم- ، وغيرهم مما يبعد عنه احتمال الغلط أو السهو أو الكذب ، كما أثبتها واعترف بصحتها رواية ودراية كبار الأئمة الذي هم أرسخ قدمـًا في هذا الشأن ، وفي الجمع بين المعقول والمنقول كالإمام المازري و الخطابي ،و القاضي عياض ، والإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، والإمام ابن كثير ، والإمام ابن حجر وغيرهم ممن لا يحصيهم العدُّ ، فهل كل هؤلاء الأئمة فسدت عقولهم ، فلم يتفطنوا إلى ما تفطن إليه أصحاب العقول ؟! ، أم أنه التسليم والانقياد ، وتعظيم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعدم معارضته برأي أو قياس .

    وأما أن الحديث مخالف للقرآن فهو دليل على سوء الفهم ، لأن المشركين لم يريدوا بقولهم :{إن تتبعون إلا رجلا مسحورا } أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحر فترة يسيرة بحيث لم يتعلق سحره بأمور الرسالة والتبليغ ، ثم شفاه الله ، وإنما أرادوا بقولهم ذلك إثبات أن ما يصدُر عنه ما هو إلا خيال وجنون في كل ما يقول وما يفعل ، وفيما يأتي ويذر، وأنه ليس رسولاً ، وأن ما جاء به ليس من الوحي في شيء ، وإنما هو خيال مسحور ، فغرضهم إنكار رسالته - صلى الله عليه وسلم - ، وبالتالي فلا يلزمهم تصديقه ولا اتباعه .

    ولا ريب أن الحال التي ذُكَرت في الحديث عروضها له - صلى الله عليه وسلم - لفترة خاصة ، ليست هي التي زعمها المشركون في شيء ، فلا يصح أن يؤخذ من تكذيب القرآن لما زعمه المشركون دليلاً على عدم ثبوت الحديث ، فنحن عندما نؤمن بما دل عليه الحديث لا نكون مصدقين للمشركين ولا موافقين لهم فيما أرادوا ، لأن الذي عناه الحديث غير الذي عناه أولئك الظالمون، وإذا ثبت ذلك لم يكن هناك تصديق ولا موافقة لهم .

    وأما ادعائهم بأن هذا الحديث يتنافى مع عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرسالة والبلاغ فإن الذين صححوا حديث السحر كالبخاري و مسلم وغيرهما ، ومن جاء بعدهما من أهل العلم والشراح ، قالوا إن ما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو من جنس سائر الأمراض التي تعرض لجميع البشر ، وتتعلق بالجسم ولا تسلط لها على العقل أبداً ، وهو أمر يجوز على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، قال القاضي عياض : " فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده ، وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده "

    وقول عائشة : " أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله " إما أن يكون في أمور الدنيا لا في أمور الدين والرسالة ، وقياس أمور الوحي والرسالة على أمور الدنيا قياس مع الفارق ، فإنه بالنسبة لأمور الدين معصوم من الخطأ والتغير والتبدل لا يخالف في ذلك أحدٌ ، فللرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتباران : اعتبار كونه بشرًا ، واعتبار كونه رسولاً ، فبالاعتبار الأول يجوز عليه ما يجوز على سائر البشر ، ومنه أن يُسحر ، وبالاعتبار الثاني لا يجوز ما يخل بالرسالة لقيام الدليل العقلي والنقلي على العصمة منه .
    على أنه قد قال بعضهم : إنه لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، أن يجزم بفعله ذلك ، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت .

    وإما أن يكون ذلك التخيل في أمر خاص بينته الروايات الأخرى في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، هي رواية الإمام سفيان بن عيينة التي رواها عنه اثنان من كبار شيوخ البخاري الأول شيخه المُسْنَدي ، والثاني شيخه الإمام الحميدي ، وفيها تقول عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سحر حتى كان يُرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنَّ ، قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذلك " .
    فهذه الرواية تبين ما في الرواية الأولى من إجمال ، وما هو هذا الشيء الذي كان يخيل إليه أنه فعله ولم يفعله ؟ ، قال القاضي عياض رحمه الله : " يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء ، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك كما هو شأن المعقود " .

    وسواء قلنا بهذا أو بذاك فليس في الحديث أبداً ما يخل بعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلق بالتبليغ والرسالة ، ولذلك قال الإمام المازري رحمه الله : " أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث - يريد حديث السحر - وزعموا أنه يحط منصب النبوة ، ويشكك فيها ، قالوا : وكل ما أدى إلى ذلك باطل ، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرَّعوه من الشرائع ، إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثَمَّ ، وأنه يوحى إليه ولم يوح إليه بشيء ، وهذا كله مردود ، لأن الدليل قد قام على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل.

    وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعتري البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يُخَيَّل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين " ، قال : " وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطئهن ، وهذا كثيرًا ما يقع تخيله للإنسان ، وهو في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة " أهـ .

    ثم ما رأي المنكرين للحديث فيما ثبت في القرآن الكريم منسوباً إلى نبي الله موسى عليه السلام من أنه تخيل في حبال السحرة وعصيهم أنها حيات تسعى ، فهل ينكرون القرآن القطعي المتواتر ؟! وهل تخيله هذا أخل بمنصب الرسالة والتبليغ ؟! وإذا كان لا مناص لهم من التسليم بما جاء به القرآن الكريم ، فلم اعتبروا التخيل في حديث السحر منافيـًا للعصمة ؟! ولم يعتبروه في قصة موسى عليه السلام منافيـًا للعصمة ؟! .

    لقد شاء الله سبحانه - وله الحكمة البالغة - أن يبتلي أنبياءه بشتى أنواع البلاء ليعلم الناس أنهم بشر مثلهم ، فلا يرفعوهم إلى درجة الألوهية ، وليزداد ثواب الأنبياء ، وتعظم منازلهم ودرجاتهم عند الله تعالى بما يلاقونه ويتحملونه في سبيل تبليغ رسالات الله ، وللإمام ابن القيم كلام حول هذا الموضوع نرى أن نختم به حديثنا ، حيث قال رحمه الله بعد أن ذكر الأحاديث الدالة على سِحر النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وهذا الحديث ثابت عند أهل العلم بالحديث ، مُتَلقَّى بالقبول بينهم لا يختلفون في صحته ، وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم ، وأنكروه أشد الإنكار ، وقابلوه بالتكذيب ، وصنف فيه بعضهم مصنفـًا منفردًا حمل فيه على هشام - يعني ابن عروة بن الزبير - ، وكان غاية ما أحسن القول فيه أن قال : غلط واشتبه عليه الأمر ، ولم يكن من هذا شيء ، قال : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز أن يُسْحَر ، فإنه تصديق لقول الكفار : {إن تتبعون إلا رجلا مسحورا }( الإسراء 47 ، الفرقان 8) .... قالوا : فالأنبياء لا يجوز عليهم أن يُسحروا ، فإن ذلك ينافي حماية الله لهم ، وعصمتهم من الشياطين .

    قال : وهذا الذي قاله هؤلاء مردود عند أهل العلم ، فإن هشامـًا من أوثق الناس وأعلمهم ، ولم يقدح فيه أحدٌ من الأئمة بما يوجب رد حديثه فما للمتكلمين وما لهذا الشأن ؟ ، وقد رواه غير هشام عن عائشة ، وقد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث ، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة ، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن ، والحديث ، والتاريخ ، والفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأيامه من المتكلمين ( ثم أخذ يذكر بعض الروايات في إثبات سحره - صلى الله عليه وسلم- ) . . . . . . إلى أن قال : والسحر الذي أصابه كان مرضـًا من الأمراض عارضـًا شفاه الله منه ، ولا نقص في ذلك ولا عيب بوجه ما ، فإن المرض يجوز على الأنبياء ، وكذلك الإغماء ، فقد أغمي عليه -- صلى الله عليه وسلم - في مرضه ، ووقع حين انفكت قدمه ، وجُحِشَ شِقه ( أي انخدش ) ، وهذا من البلاء الذي يزيده الله به رفعةً في درجاته ، ونيل كرامته ، وأشد الناس بلاء الأنبياء ؛ فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به من القتل والضرب والشتم والحبس ، فليس ببدع أن يبتلى النبي - صلى الله عليه وسلم- من بعض أعدائه بنوع من السحر كما ابتلي بالذي رماه فشجه ، وابتلي بالذي ألقى على ظهره السلا وهو ساجد ، فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك ، بل هذا من كمالهم ، وعلو درجاتهم عند الله " أهـ .

    _________________
    المراجع :
    - دفاع عن السنة الدكتور محمد محمد أبو شهبة
    حديث السحر في الميزان الدكتور سعد المرصفي
    - الأنوار الكاشفة للمعلمي


    ملحدون في الجنة

    لتحميل كتاب لماذا اله النصارى خروف؟ مباشرة من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا

    تعليق

    • م /الدخاخني
      إدارة المنتدى

      • 17 يون, 2006
      • 2724
      • مهندس
      • مسلم

      #3
      بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
      وبعـــــــــــــــــــــــــــــــــــد

      جزاكم الله خيرا أخينا الكريم / يوسف المصري

      قمت بإعادة تنسيق المشاركة وكذلك الدمج مع موضوع أخينا الحبيب / وليد المسلم .
      بين الشك واليقين مسافات , وبين الشر والخير خطوات فهيا بنا نقطع المسافات بالخطوات لنصل الي اليقين والثبات .

      (( أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ))

      تعليق

      • يوسف المصري
        10- عضو متميز

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 28 سبت, 2008
        • 1839
        • مرشد سياحى
        • مسلم جداااااا

        #4
        جزاك الله خيرا استاذنا الدخاخنى على ما قمت به من جهود وفقك الله تعالى


        ملحدون في الجنة

        لتحميل كتاب لماذا اله النصارى خروف؟ مباشرة من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا

        تعليق

        • طلب المغفرة
          0- عضو حديث
          • 16 يون, 2011
          • 15
          • محامى
          • مسلم

          #5
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيراً على ما تقدموة من توضيح وشرح للسنه المطهره الصحيحه الثابتة عن النبى صلى الله عليه وسلم

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 2 أسابيع
          ردود 0
          115 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة أحمد الشامي1
          بواسطة أحمد الشامي1
          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 2 أسابيع
          ردود 0
          23 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة أحمد الشامي1
          بواسطة أحمد الشامي1
          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 14 أكت, 2024, 04:41 ص
          ردود 0
          240 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة أحمد الشامي1
          بواسطة أحمد الشامي1
          ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 سبت, 2024, 09:29 م
          ردود 0
          116 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة أحمد الشامي1
          بواسطة أحمد الشامي1
          ابتدأ بواسطة الشهاب_الثاقب, 13 أغس, 2024, 06:03 ص
          ردود 3
          118 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة الشهاب_الثاقب
          يعمل...