وكانت طفلة صغيرة لا تعرف معنى الامتناع عن المأكل والمشرب ... لا تعرف عن رمضان إلا فرحته وحكاياته وفوازيره وإفطاره !! ثم تنام لتستيقظ على نداء رجل ليالي رمضان وخبطات طبلته الإيقاعية تن تتن تن (أصحى يا نايم)
منذ نهاية شهر شعبان ورؤية هلال رمضان وحتى رؤية شهر العيد شوال !!
دأبها ... تلهو وتلعب ... وإينما تتقاذفها الأيام تقبع هي كأى طفل وطفلة في أركان الأحداث تتفكر وتتأمل وتتحفظ على بعض ما تلتقطه من حولها لتخبئه في نفسها ، يتأثر عقلها ويدون قلبها ... وتبقى بعد كل تلك الأمور طفلة تلهو وتنظر
تلهو وتحفظ
تلهو وتتأمل
تلهو وتصمت .. وتتحدث ولا تتحدث
وتلهو وتكشف .. من يخدع ومن يقول الحقيقة
من يكذب ومن لا يكذب
كم عيد مر عليها ... !
ليس رمضان هو رمضان
وليس العيد كسابق عهده
في كل عام يمر... تشب مداركها .. وتتفتح عينها التي كم تمنت ألا تتفتح ،
لتضع لنفسها أول معادلات الحياة
هذه الدنيا التي نعيشها ليس كل ما فيها حلو
إذن فالدنيا فيها مُر
هذا المر بالنسبة لها شر
كانت تسير بخطوات سريعة لتلحق خطوات والدها الواسعة وتتعلق في يده
تصطدم بمشاجرة لإناس رأتهم كبار (يتشاجرون .... يتشاجرون كالأطفال )
وضعت ثاني معادلة ... وأخبرت والدها
أبي ... ( أنا لا أريد أن أكبر يا أبي )
الأب بعد صدمة ... ما كان يتوقع ابنته تتمنى ما تمنته
ولكنه لحق أذيال كلماتها بسؤال لماذا حبيبتي !!!
وهي بعفوية إدراكها قالت : لأنني لو كبرت سأصبح كهؤلاء الذين يتشاجرون !!
الأب : أبدًا حبيبتي أنتِ جميلة وستظلين جميلة
صمتت الطفلة !! وفي نفسها شيء يقول ... لا أصدقك يا أبي .
خيول السنين تجري وتجرجر وراءها سطور ذاكرتها .. والأحداث تتوالى
الطفلة لم تبقى طفلة على حالها
عرفت أنها عربية مسلمة فكان عليها أن تحب
وأن تعرف معني الحب .. وكان عليها أن تنتمي وأن تعرف معنى الانتماء ..
أنا عربية .. أنا مسلمة !!
أحب ديني وأحب عروبتي وأحب أسرتي وكل من هم حولى فيهم لى الخير
أحب ذرات الوطن
أفني حياتي لكل ما هو مسلم
هذه الفتاة ليست متفردة !! وليس لها هامش مكتوب عليه (حصريًا).
بل أنها نسخة مستنسجة في كل وطن وفي كل بلد
أنا لا أنتمي إلى بلد بعينها أنا مصرية ومغربية ولبنانية وجزائرية وسودانية وفلسطينية وعُمانية وسعودية
أنا قلبي يدمي إن دمى مسلم
أنا أشتاق لك من غاب عنا وهو مسلم
يبدو أيتها الفتاة المتعددة أن قلبك سيدمي كثيرًا وكثيرًا ...
هل علمتي ما جرى في كل بقاع المسلمين !!
يرسمون رسولك !! ويستهزأون ويسخرون من دينك
ويقتلون من يحمل راية إسلامك .
يغتصبون أرضك .. ويهتكون وطنك ...
وينعتون حامي الأوطان بالإرهابي ...
_ هي : يا ليتني ما كنت بشر !! _
يسرقون فرحتك في كل عيد
يكتبون في صُحفك مانشتات عريضة حروفها تكون جمل مغمومة ... سيقومون بحرق المصحف الشريف ... ولن يَمسّون قرآنك الذي يحفظه صدرك.
فَسَأَلَتْ : هل شيء فى حياتنا اختلف !.
أبدًا
إن خرجتِ من الدئرة الواسعة وعشتِ في دائرتك الضيقة ... كم من عدو من وطنك ويحمل دمك وينتمي لدينك يريد أن يحاربك!!!
دنياكِ ليست بريئة
ومعادلاتك فاشلة حتى لو كانت صحيحة
ليس كل من هو مسلم وعربي ومن نفس وطنك يحبك ويحمل لكِ الأزهار يا زهرتي
وإلا ما وجدتِ لكِ أعداء يا بُنيتي
ما وجدتِ يد من نفس دمك تصفع وجهك الصغير
ما وجدتِ بلد مسلم يشهر سلاحه فى وجه بلد مسلم آخر
ما وجدتِ من خان وغدر حتى وإن أحببته وأفنيتي قلبك لأجله
ما وجدتِ رمز الإسلام في وطنك يُسلّم من أسلمت لتعاود درب كفرها أم تلقى عذابها وموتها
العيد ليس ككل عيد مضى
فالأيام تشبه بعضها .. إلى متى تظل الدموع واقفة على ضفاف أجفاننا !!
أيها المسلمون ... نحن مسلمون .. فلماذا لم نكن يد واحدة ... لماذا تفرقنا وسرنا فى دورب متفرقة !
هل لكل بلد منا قمر لتذهب كل بلد مسلم بقمرها!!
ووقفة عرفة هي الأخرى بعد ما كانت واحدة هناك من يريد تَمزقها !
هل قرآننا واحد أم تعددت النسخ ككتب غيرنا!
أنا لا أستاء ما يفعله الغرباء فينا ... ونحن المسلمون نفعل ما لا يخطر على قلب بشر في بعضنا .
بأحلام طفلة متعددة .. بفطنة مسلمة .. وبفطرة قلب واعيٍ تسأل !
هل نحن كالبنيان المرصوص!!
أم ظل في قلوبنا سلاح كل منا يفكر كيف سنقضي على بعضنا !!
وجاء العيد ... وذهب يا أبي!
ولم نجد من يمسح دمعنا
ياسمينا مسلمة
تعليق