هذا لقاء أجرته الكاتبة إسراء البدر مع مهتدية ، وتم نشره في بوابة آسية
نصرانية دخلت الإسلام تفتح قلبها لـ"آسية
تجربة وفاء قسطنطين أكدت أنني محظوظة
تجربة وفاء قسطنطين أكدت أنني محظوظة
عندما يأذن الله تعالى لقلب أن يلامس الإيمان جوهره دون أن يحجبه شغافه، وعندما يريد الإنسان أن يرفعه قدرا من بعد غفوة يرشده للإسلام، هكذا هو الحال مع اختنا التي أطلقت على نفسها اسم بنت مريم، ودخلت الإسلام حرة طائعة لأمر الله عز وجل، انفرد موقع آسية بهذا الحوار الروحاني مع هذه الأخت علنا أن نبين لقارئنا الكريم أن المسلم يعيش نعمة لا تضاهيها نعمة وهي نعمة الإسلام والإيمان.
** لنأخذ نبذة تعريفية عن حضرتك، عمرك وتحصيلك الدراسي ومهنتك؟
* أنا مصرية من أصل نصراني، عمري 27 سنة، حاصلة على ليسانس حقوق، وربة منزل.
** كيف تبادر إلى ذهنك الدخول إلى الدين الإسلامي؟
* إذا كنتِ تقصدين الفكرة اللطيفة التي تشبه الأمنية أو أحيانا أحلام اليقظة، فأنا ربما لا أذكر على وجه التحديد متى كانت أول فكرة راودتني من هذا النوع، كانت في سنوات التعليم الابتدائي، ولكن التفكير الجدي المؤرِّق فقد بدأ أثناء الدراسة الجامعية وأخذ شكل موجات.
** من الذي وقف إلى جانبك وأرشدك إلى طريق الإسلام؟
* ليس من باب الجحود أن أنسب الفضل بعد الله لنفسي، حقيقةً أنا مدينة لعقلي وعزمي وصبري على البحث والتأمل، ثم قلة جديرة بكل احترام على رأسها زوجي، أقصد التأكيد أنني لم أكن واقعة تحت تأثير وجاذبية شخص آخر.
** هل لاقيت قبولا من المحيط بك في دينك السابق أم أن المعارضة لك كانت شديدة بشكل لم تتوقعيه أنت؟
* أنا أعرف قبل أن أعلن إسلامي أنه لا يمكنني مواجهة العائلة بتغيير الدين، لذا فقد تم كل شيء من ورائهم، كل ما هنالك أنهم وجدوا سريري فارغا يوما ما، فعرفوا أنني أسلمت وهربت.
لقد رأيت بنفسي تجربة قبل إسلامي لرجل نصراني كان يزور أخته التي أسلمت وتزوجت وتعامل معها بشكل طبيعي، ولكن هذا يحدث – إن حدث – في أوساط معينة ربما في أدنى السلم الاجتماعي. أنا أشعر بالغيرة كلما تذكرت هذه العلاقة بين الأخ وأخته.
تجربة وفاء قسطنطين التي حدثت بعد إسلامي بسنة تقريبا أكدت لي أنني محظوظة كثيرا، وأشعرتني أن حذر زوجي في محله.
أذكر أن زوجي قال لي بعد أن بدأنا حياتنا المشتركة: الآن أمامنا عمل جبار لا يقدر عليه إلا أكابر العقلاء، طبعا شعرت برهبة من هذا العمل الذي لا أعرفه، وأكمل زوجي كلامه: إنه السكوت.
** ما هي الوسائل والأساليب التي تم استخدامها معك لإبعادك عن الإسلام؟
* المناخ كان يسمح لي بالاختلاط بالمسلمات وبالقراءة الإسلامية أيضا، وقد كانوا على ثقة من تديني النصراني، ولكنهم لاحظوا مثلا امتناعي في الفترة الأخيرة عن تناول لحم الخنزير، فأحسست بالقلق في عيونهم، وتحدثوا معي بشكل غير مباشر، عن أن الله قد اختار أن تتباين أديان الناس، وأن البعض في فترة الشباب قد حاول التفكير في العقيدة ومراجعة الإيمان النصراني، وأن هذه فترة وتمر بسلام في الأخير، وما شابه ذلك من كلام أشعرني بقلقهم عليّ، لكنهم لم يحاصروني لأنهم لم يكونوا يعلمون حجم التغيرات التي كانت تحدث داخلي، لقد كانوا يلمحون من باب الاحتياط.
أما بعد هروبي فقد كانوا سيأخذونني لو ظهرت هنا أو هنا، أي مكان تتخيلينه سأظهر فيه لم يكن سيمنع من تسليمي لهم.
** كيف اتخذتِ قرارك بدخول الإسلام ومتى كان ذلك وأين؟
* اتخذته بناء على قراءة عقلية هادئة ومتزنة في حدود تفكيري، وبناء على ما كنت أسجله من يوميات استمرت إلى عام كامل كنت أدون فيها كل ملحوظة صغيرة أو كبيرة سواء عن الإسلام أو القرآن أو النبي محمد – صلى الله عليه وسلّم – أو الأناجيل أو المسيح عليه السلام، ولكني أؤكد على أن القرار جاء أيضا بعد كل هذا الجهد استجابة لإيمان وضعه الله في القلب، هذا الإيمان هو الذي يمكِّن فتاة على اتخاذ هذا القرار الجريء الذي غير مجرى حياتها.
** مراسيم دخولك الإسلام كيف كانت ومن كان معك ومن حضرها؟
* الله أكبر، كانت لحظة عظيمة، كانت أجمل فرح في حياتي، وأجمل حفل رغم أنه اقتصر على قلة قليلة جدا، وقد اكتنف هذا الحفل الإيماني البهيج السرية والهدوء، وأذكر أنني بكيت لمدة طويلة ولم أستطع أن أسيطر على مشاعري من الفرحة التي لا مثيل لها أبدا، وبالمناسبة فأنا رفضت أن يكون نطقي بالشهادتين في حضور من تزوجته بعد ذلك، أحببت أن أؤكد على أن إعلاني لإسلامي ليس إجراءً من إجراءات زواج من شخص مسلم.
** بعد دخولك الإسلام ومعارضة الأهل والأصدقاء كيف واجهت ذلك من وقف إلى جانبك من أهلك أم أن الكل قد تخلى عنك؟
* كانت الأمور مقلقة بالنسبة لي من ناحية ابتعادي عن أهلي، ووصل أخبار لي عن أنهم يبحثون عني كل مكان، وقلبوا الدنيا بدون ضجة، كانت الأمور داخلي مرتبكة بعض الشيء، فمن أحبهم يبحثون عني ولا أعرف على وجه التحديد ما يمكن أن يواجهني منهم، وخفت أن أتسبب في أذى من وقفوا معي وساعدوني على أن تمر هذه الفترة بهدوء، وكنت أشعر بشوق شديد لأمي، ولكن إيماني كان أقوى من أن تهزمني تلك المشاعر المضطربة.
**هل وجدتِ نفسك وحيدة؟
* لا، لم أشعر بالوحدة، فقد كان معي زوجي، وقد كان - ولازال ـ الزوج والأب والأخ والأم أيضا، أما في الفترة الأخيرة التي سبقت إعلان الإسلام، الفترة التي اقتربت فيها من الإسلام، كنت أجد نفسي وحيدة تماما، ولكنها الوحدة المنتجة التي تساعد الإنسان على التخلُّص من ضغط العاطفة والعادات والظروف المحيطة، وحدة منعت عني التأثر بالوعظ الموروث الذي كان يدور بي في حلقة مفرغة، لقد كانت الوحدة التي ولّدت الأسئلة، وهذه البداية للبحث عن الأجوبة، ما كنت أستطيع أن أستمر في تصديق مقولة: الرب لا يحب الأسئلة.
** صفي لنا شعورك عندما قررت أن تتخذي الإسلام دينا وشعورك بعد أن اتخذته دربا ودينا لك؟
* كان شعورا مختلطا وعارما من الفرحة الشديدة والشعور بالإفاقة والحسرة على ما فات سواء وقت أو طمأنينة ساذجة، وكذلك شعور بالقلق من التداعيات الاجتماعية للقرار الكبير، ومن فوق كل هذا شعور ساحر بالإنجاز.
أما شعوري بعد أن اتخذته دربا ودينا لي فهو شعور بالرضا عن الذات، وشعور بالولادة من جديد، وشعور بمعية الله.
** كيف ترين حياتك قبل الإسلام وبعده؟
* أيضا كان لدي ثقة بالنفس، ولكن الإسلام منحني نوعا آخر من الثقة بالنفس، نوع قائم على الثقة بالله والرضا بما قسمه، ومنحني شعورا بالراحة، فقد شعرت أنني بالتوحيد، ويا ليت الناس تعرف ما التوحيد! شعرت بالتوحيد أنني أغنى الناس وأقواهم وأعقلهم. وأدركت أن أي شيء سأحصل عليه بعد التوحيد لن يكون في حجم التوحيد، لذلك التقطت أنفاسي، ولم أعد أشعر بأن شيئا ما مهم جدا ينقصني لا أعرفه ولا أعرف كيف أحصل عليه، حياتي بالإسلام أهدأ وأقل توترا.
** بعد إسلامك هل قررت الحجاب فورا أم ارتأيت التريث في اتخاذ هذا القرار؟
* لقد نطقت الشهادتين وأنا أرتدي الحجاب، لأني كنت أريد أن أبدو مسلمة في عيون الناس، كنت أريد أن أحتفل بإسلامي، مثلما يرغب الضابط المتخرج بأن ينزل للمجتمع بالبدلة والنجمة، ولكن بعد ذلك رجعت للبيت طبعا، بيت الأسرة، إلى أن تم توفيق الأوضاع وحان ميعاد التحليق والحرية والحجاب.
** هل تعتقدين أن سنواتك السابقة في دينك السابق هو جهل بالدين الإسلامي سببه قصور من المسلمين أنفسهم في الدعوة الحقيقية لدين الله عز وجل؟
* صراحة، الإسلام قائم على نخبة تحمل هم الدعوة سواء بطباعة الكتاب أو الشريط أو بالبرنامج التلفزيوني أو على الشبكة، أما الناس العاديون فهم عالة على الإسلام ولا ينفعونه كثيرا سواء بالدعوة أو حتى بتمثُّل أخلاق الإسلام في حياتهم. وأذكر أن زميلة شابة مسلمة قد حذرت أمي مرة من مصاحبتي للمحجبات وخوفتها من أن أسلم!!
** كيف انعكس إسلامك على عملك وحياتك وكيف بتِّ تنظرين إلى الحياة؟
* صرت بإسلامي صاحبة شعور أقوى بالمسؤولية، ومن ناحية نظرتي للحياة فقد فهمت معنى الحياة ومعنى وجودي على الأرض ومعنى الاستخلاف والاستقامة.. طبعا تحررت من فكرة السير وراء الرمز الديني، فالرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
** ما هي التغييرات التي طرأت على حياتك فيما بعد؟
* الشعور القوي بالمسؤولية عن الأعمال والتصرفات جعلني أكثر محاسبة لنفسي، فلم يعد هناك من يقيني من عذاب النار إلا رحمة الله ثم العمل الصالح والمجاهدة في الله، إنه الرشد مثلا أصبحت أبذل جهدا أفضل في انتقاء الصديقات، وأبحث عما ينفعني من مواد ثقافية وإعلامية، لم يعد هناك وقت للعشوائية.
** لماذا قررت الهروب من اهلك ولمن ذهبتي؟
* قررت الهرب بديني، لأني أصبحت محشورة في بيت نصراني بين صور العذراء والقديسين والمسيح المعلقة على الحائط وصلوات نصرانية، حتى المخدة كانت تؤرقني في الأيام الأخيرة، كنت أريد أن أعيش كمسلمة طبيعية.
** كيف تعرفت على الشاب السعودي وكيف أخذ بيدك؟
* هو مصري وليس سعوديا.. ولا يمكنني توضيح كيف ساعدني من الناحية الإجرائية، أو توضيح ملابسات الأيام الأخيرة، ولكنه أجابني عن بعض التساؤلات المهمة التي كانت تتبادر إلى ذهني ووفر علي كثيرا من الوقت.
** هل تجدين قبولا من عائلة زوجك أو أنك تواجهين صعوبة في ذلك؟
* في البدء كان لديهم كلهم قلق وعدم ارتياح، أما الآن فأعتقد أنني أخت لأخوات زوجي بما تعنيه الكلمة وبنت لأمه، هي تعاملني كأنني بنتها بالضبط.
** كيف كنت تخططين لحياتك قبل الإسلام وهل تغير التخطيط بعد الدخول؟
* كنت أفكر كشابة صغيرة – وهذا منتشر حتى بين بنات المسلمين – في المكانة الاجتماعية، والمزيد من الرقي، والتزوج من شخص ناجح اجتماعيا ووسيم وثري، وبعد إسلامي صار دوري كزوجة صالحة وكأم مربية وكقدوة حسنة هو محل خطتي وجهدي.
** وفق تجربتك هل ترين أن الإسلام يحجم دور المرأة أم أن المجتمعات الإسلامية أخطأت الفهم والتعبير؟
* الحقيقة أنني لم أكن مشغولة في فترة دراستي للإسلام بمسألة (المرأة في الإسلام)، لم أكن أبحث عن جوائز (نسوية)، إنما كنت أبحث عن جوائز (إنسانية)، ووجدتها.
كنت أبحث بالأساس عن حقيقة الله والرسول والرسالة وجوهر العقيدة والإيمان، وطالما أن الذكور لا يبحثون هذه المباحث انطلاقا من كونهم ذكور، فإن بحث الإناث لهذه المباحث يجب أيضا أن لا ينطلق من كونهم إناثا.
هذا الاتجاه السليم في البحث وصلت به إلى حقيقة أن الله كرّم بني آدم، رجالا ونساء، أحرارا وأرقاء، بيضا وملونين، أغنياء وفقراء، وجعل دار الكرامة للمتقين من الرجال والنساء والأحرار والأرقاء والبيض والملونين والأغنياء والفقراء، وجعل دار الذل والهوان للعصاة منهم جميعا، هذا ما وصلت إليه، لكن الذي سينطلق في بحثه عن الحق من كونه (أفريقي) أو (امرأة) أو (عامل من الكادحين) فلن يجد ما يريد، الحق ليس برنامجا انتخابيا لمغازلة الفئات، حتى ولو كانت فئات تعاني شيئا من التهميش، الحق يشمل ذلك طبعا، ولكنه أكبر من ذلك..
والإسلام كما عرفته بعد إسلامي لا يحجم دور المرأة، بل يحافظ عليها، ويحرِّم (تسليعها) على يد المنحلين أخلاقيا وفكريا. الذين ينادون بتحرير المرأة من منطلق علماني لا يضايقهم أن تكون المرأة معروضة عارية في واجهات علب الدعارة في المدن السياحية بالعالم الغربي، العالم الغربي الذي تبنى مفاهيم التحرر، ولا يؤذيهم استغلالها من قبل الرأسماليين الفاسدين للدعاية والإعلان بطريقة رخيصة، ولكن يؤذيهم أن تحمي المرأة جسدها وتصونه. الإسلام يعز المرأة ويصونها من أن تكون دمية جنسية في يد الرجال.
** كلمة أخيرة ما هي ولمن؟
* لمن يفكر في اعتناق الدين الإسلامي ولكنه متردد لا تجعل تفكيرك في التكلفة الاجتماعية التي ستدفعها سببا للهروب من مواجهة الحقيقة التي بدأت تشعر بها ومن مواجهة المعتقدات الموروثة عن الأهل، أجب نداء فطرتك السليمة التي شوشت عليها الموروثات المكذوبة والتلفيقات، إنك ستقف أمام الله وحدك يوم لا ينفع مال ولا بنون، فلا تبيع بعرض الدنيا وبيئتك الدينية رضا الله والجنة، فلن تجد من يجادل عنك ويدافع عنك يوم القيامة ممن اختبأت فيهم في الدنيا وأعطيتهم أذنيك.
أعرف ما تفكر فيه، وأعرف أنك تتعرض للتخدير، ولكن وجود تراث من التسامح والدعوة لخلق حسن في دينك ليس وحده كافيا للدلالة على سلامة الاعتقاد في الله، فمثل هذا التراث الحسن والمتسامح موجود في كل الأديان السماوية وغير السماوية، بل حتى توجد التوصيات الأخلاقية في تعاليم فلاسفة ملحدين، المقتطفات الجيدة والمؤثرة، لا مشكلة فيها طبعا، ولكنها لن تكفي للتغطية على الهشاشة والخلط الشديد في المعتقد، صدقيني هناك أشخاص وديعون من الهندوس والسيخ والبوذيين وغيرهم، ولكن ليس كل وديع هو شخص سليم العقيدة، الملحدون يتكلمون أيضا عن المحبة، فاحسبها جيدا ولا تخدع نفسك.
أتباع المرسلين
** لنأخذ نبذة تعريفية عن حضرتك، عمرك وتحصيلك الدراسي ومهنتك؟
* أنا مصرية من أصل نصراني، عمري 27 سنة، حاصلة على ليسانس حقوق، وربة منزل.
** كيف تبادر إلى ذهنك الدخول إلى الدين الإسلامي؟
* إذا كنتِ تقصدين الفكرة اللطيفة التي تشبه الأمنية أو أحيانا أحلام اليقظة، فأنا ربما لا أذكر على وجه التحديد متى كانت أول فكرة راودتني من هذا النوع، كانت في سنوات التعليم الابتدائي، ولكن التفكير الجدي المؤرِّق فقد بدأ أثناء الدراسة الجامعية وأخذ شكل موجات.
** من الذي وقف إلى جانبك وأرشدك إلى طريق الإسلام؟
* ليس من باب الجحود أن أنسب الفضل بعد الله لنفسي، حقيقةً أنا مدينة لعقلي وعزمي وصبري على البحث والتأمل، ثم قلة جديرة بكل احترام على رأسها زوجي، أقصد التأكيد أنني لم أكن واقعة تحت تأثير وجاذبية شخص آخر.
** هل لاقيت قبولا من المحيط بك في دينك السابق أم أن المعارضة لك كانت شديدة بشكل لم تتوقعيه أنت؟
* أنا أعرف قبل أن أعلن إسلامي أنه لا يمكنني مواجهة العائلة بتغيير الدين، لذا فقد تم كل شيء من ورائهم، كل ما هنالك أنهم وجدوا سريري فارغا يوما ما، فعرفوا أنني أسلمت وهربت.
لقد رأيت بنفسي تجربة قبل إسلامي لرجل نصراني كان يزور أخته التي أسلمت وتزوجت وتعامل معها بشكل طبيعي، ولكن هذا يحدث – إن حدث – في أوساط معينة ربما في أدنى السلم الاجتماعي. أنا أشعر بالغيرة كلما تذكرت هذه العلاقة بين الأخ وأخته.
تجربة وفاء قسطنطين التي حدثت بعد إسلامي بسنة تقريبا أكدت لي أنني محظوظة كثيرا، وأشعرتني أن حذر زوجي في محله.
أذكر أن زوجي قال لي بعد أن بدأنا حياتنا المشتركة: الآن أمامنا عمل جبار لا يقدر عليه إلا أكابر العقلاء، طبعا شعرت برهبة من هذا العمل الذي لا أعرفه، وأكمل زوجي كلامه: إنه السكوت.
** ما هي الوسائل والأساليب التي تم استخدامها معك لإبعادك عن الإسلام؟
* المناخ كان يسمح لي بالاختلاط بالمسلمات وبالقراءة الإسلامية أيضا، وقد كانوا على ثقة من تديني النصراني، ولكنهم لاحظوا مثلا امتناعي في الفترة الأخيرة عن تناول لحم الخنزير، فأحسست بالقلق في عيونهم، وتحدثوا معي بشكل غير مباشر، عن أن الله قد اختار أن تتباين أديان الناس، وأن البعض في فترة الشباب قد حاول التفكير في العقيدة ومراجعة الإيمان النصراني، وأن هذه فترة وتمر بسلام في الأخير، وما شابه ذلك من كلام أشعرني بقلقهم عليّ، لكنهم لم يحاصروني لأنهم لم يكونوا يعلمون حجم التغيرات التي كانت تحدث داخلي، لقد كانوا يلمحون من باب الاحتياط.
أما بعد هروبي فقد كانوا سيأخذونني لو ظهرت هنا أو هنا، أي مكان تتخيلينه سأظهر فيه لم يكن سيمنع من تسليمي لهم.
** كيف اتخذتِ قرارك بدخول الإسلام ومتى كان ذلك وأين؟
* اتخذته بناء على قراءة عقلية هادئة ومتزنة في حدود تفكيري، وبناء على ما كنت أسجله من يوميات استمرت إلى عام كامل كنت أدون فيها كل ملحوظة صغيرة أو كبيرة سواء عن الإسلام أو القرآن أو النبي محمد – صلى الله عليه وسلّم – أو الأناجيل أو المسيح عليه السلام، ولكني أؤكد على أن القرار جاء أيضا بعد كل هذا الجهد استجابة لإيمان وضعه الله في القلب، هذا الإيمان هو الذي يمكِّن فتاة على اتخاذ هذا القرار الجريء الذي غير مجرى حياتها.
** مراسيم دخولك الإسلام كيف كانت ومن كان معك ومن حضرها؟
* الله أكبر، كانت لحظة عظيمة، كانت أجمل فرح في حياتي، وأجمل حفل رغم أنه اقتصر على قلة قليلة جدا، وقد اكتنف هذا الحفل الإيماني البهيج السرية والهدوء، وأذكر أنني بكيت لمدة طويلة ولم أستطع أن أسيطر على مشاعري من الفرحة التي لا مثيل لها أبدا، وبالمناسبة فأنا رفضت أن يكون نطقي بالشهادتين في حضور من تزوجته بعد ذلك، أحببت أن أؤكد على أن إعلاني لإسلامي ليس إجراءً من إجراءات زواج من شخص مسلم.
** بعد دخولك الإسلام ومعارضة الأهل والأصدقاء كيف واجهت ذلك من وقف إلى جانبك من أهلك أم أن الكل قد تخلى عنك؟
* كانت الأمور مقلقة بالنسبة لي من ناحية ابتعادي عن أهلي، ووصل أخبار لي عن أنهم يبحثون عني كل مكان، وقلبوا الدنيا بدون ضجة، كانت الأمور داخلي مرتبكة بعض الشيء، فمن أحبهم يبحثون عني ولا أعرف على وجه التحديد ما يمكن أن يواجهني منهم، وخفت أن أتسبب في أذى من وقفوا معي وساعدوني على أن تمر هذه الفترة بهدوء، وكنت أشعر بشوق شديد لأمي، ولكن إيماني كان أقوى من أن تهزمني تلك المشاعر المضطربة.
**هل وجدتِ نفسك وحيدة؟
* لا، لم أشعر بالوحدة، فقد كان معي زوجي، وقد كان - ولازال ـ الزوج والأب والأخ والأم أيضا، أما في الفترة الأخيرة التي سبقت إعلان الإسلام، الفترة التي اقتربت فيها من الإسلام، كنت أجد نفسي وحيدة تماما، ولكنها الوحدة المنتجة التي تساعد الإنسان على التخلُّص من ضغط العاطفة والعادات والظروف المحيطة، وحدة منعت عني التأثر بالوعظ الموروث الذي كان يدور بي في حلقة مفرغة، لقد كانت الوحدة التي ولّدت الأسئلة، وهذه البداية للبحث عن الأجوبة، ما كنت أستطيع أن أستمر في تصديق مقولة: الرب لا يحب الأسئلة.
** صفي لنا شعورك عندما قررت أن تتخذي الإسلام دينا وشعورك بعد أن اتخذته دربا ودينا لك؟
* كان شعورا مختلطا وعارما من الفرحة الشديدة والشعور بالإفاقة والحسرة على ما فات سواء وقت أو طمأنينة ساذجة، وكذلك شعور بالقلق من التداعيات الاجتماعية للقرار الكبير، ومن فوق كل هذا شعور ساحر بالإنجاز.
أما شعوري بعد أن اتخذته دربا ودينا لي فهو شعور بالرضا عن الذات، وشعور بالولادة من جديد، وشعور بمعية الله.
** كيف ترين حياتك قبل الإسلام وبعده؟
* أيضا كان لدي ثقة بالنفس، ولكن الإسلام منحني نوعا آخر من الثقة بالنفس، نوع قائم على الثقة بالله والرضا بما قسمه، ومنحني شعورا بالراحة، فقد شعرت أنني بالتوحيد، ويا ليت الناس تعرف ما التوحيد! شعرت بالتوحيد أنني أغنى الناس وأقواهم وأعقلهم. وأدركت أن أي شيء سأحصل عليه بعد التوحيد لن يكون في حجم التوحيد، لذلك التقطت أنفاسي، ولم أعد أشعر بأن شيئا ما مهم جدا ينقصني لا أعرفه ولا أعرف كيف أحصل عليه، حياتي بالإسلام أهدأ وأقل توترا.
** بعد إسلامك هل قررت الحجاب فورا أم ارتأيت التريث في اتخاذ هذا القرار؟
* لقد نطقت الشهادتين وأنا أرتدي الحجاب، لأني كنت أريد أن أبدو مسلمة في عيون الناس، كنت أريد أن أحتفل بإسلامي، مثلما يرغب الضابط المتخرج بأن ينزل للمجتمع بالبدلة والنجمة، ولكن بعد ذلك رجعت للبيت طبعا، بيت الأسرة، إلى أن تم توفيق الأوضاع وحان ميعاد التحليق والحرية والحجاب.
** هل تعتقدين أن سنواتك السابقة في دينك السابق هو جهل بالدين الإسلامي سببه قصور من المسلمين أنفسهم في الدعوة الحقيقية لدين الله عز وجل؟
* صراحة، الإسلام قائم على نخبة تحمل هم الدعوة سواء بطباعة الكتاب أو الشريط أو بالبرنامج التلفزيوني أو على الشبكة، أما الناس العاديون فهم عالة على الإسلام ولا ينفعونه كثيرا سواء بالدعوة أو حتى بتمثُّل أخلاق الإسلام في حياتهم. وأذكر أن زميلة شابة مسلمة قد حذرت أمي مرة من مصاحبتي للمحجبات وخوفتها من أن أسلم!!
** كيف انعكس إسلامك على عملك وحياتك وكيف بتِّ تنظرين إلى الحياة؟
* صرت بإسلامي صاحبة شعور أقوى بالمسؤولية، ومن ناحية نظرتي للحياة فقد فهمت معنى الحياة ومعنى وجودي على الأرض ومعنى الاستخلاف والاستقامة.. طبعا تحررت من فكرة السير وراء الرمز الديني، فالرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
** ما هي التغييرات التي طرأت على حياتك فيما بعد؟
* الشعور القوي بالمسؤولية عن الأعمال والتصرفات جعلني أكثر محاسبة لنفسي، فلم يعد هناك من يقيني من عذاب النار إلا رحمة الله ثم العمل الصالح والمجاهدة في الله، إنه الرشد مثلا أصبحت أبذل جهدا أفضل في انتقاء الصديقات، وأبحث عما ينفعني من مواد ثقافية وإعلامية، لم يعد هناك وقت للعشوائية.
** لماذا قررت الهروب من اهلك ولمن ذهبتي؟
* قررت الهرب بديني، لأني أصبحت محشورة في بيت نصراني بين صور العذراء والقديسين والمسيح المعلقة على الحائط وصلوات نصرانية، حتى المخدة كانت تؤرقني في الأيام الأخيرة، كنت أريد أن أعيش كمسلمة طبيعية.
** كيف تعرفت على الشاب السعودي وكيف أخذ بيدك؟
* هو مصري وليس سعوديا.. ولا يمكنني توضيح كيف ساعدني من الناحية الإجرائية، أو توضيح ملابسات الأيام الأخيرة، ولكنه أجابني عن بعض التساؤلات المهمة التي كانت تتبادر إلى ذهني ووفر علي كثيرا من الوقت.
** هل تجدين قبولا من عائلة زوجك أو أنك تواجهين صعوبة في ذلك؟
* في البدء كان لديهم كلهم قلق وعدم ارتياح، أما الآن فأعتقد أنني أخت لأخوات زوجي بما تعنيه الكلمة وبنت لأمه، هي تعاملني كأنني بنتها بالضبط.
** كيف كنت تخططين لحياتك قبل الإسلام وهل تغير التخطيط بعد الدخول؟
* كنت أفكر كشابة صغيرة – وهذا منتشر حتى بين بنات المسلمين – في المكانة الاجتماعية، والمزيد من الرقي، والتزوج من شخص ناجح اجتماعيا ووسيم وثري، وبعد إسلامي صار دوري كزوجة صالحة وكأم مربية وكقدوة حسنة هو محل خطتي وجهدي.
** وفق تجربتك هل ترين أن الإسلام يحجم دور المرأة أم أن المجتمعات الإسلامية أخطأت الفهم والتعبير؟
* الحقيقة أنني لم أكن مشغولة في فترة دراستي للإسلام بمسألة (المرأة في الإسلام)، لم أكن أبحث عن جوائز (نسوية)، إنما كنت أبحث عن جوائز (إنسانية)، ووجدتها.
كنت أبحث بالأساس عن حقيقة الله والرسول والرسالة وجوهر العقيدة والإيمان، وطالما أن الذكور لا يبحثون هذه المباحث انطلاقا من كونهم ذكور، فإن بحث الإناث لهذه المباحث يجب أيضا أن لا ينطلق من كونهم إناثا.
هذا الاتجاه السليم في البحث وصلت به إلى حقيقة أن الله كرّم بني آدم، رجالا ونساء، أحرارا وأرقاء، بيضا وملونين، أغنياء وفقراء، وجعل دار الكرامة للمتقين من الرجال والنساء والأحرار والأرقاء والبيض والملونين والأغنياء والفقراء، وجعل دار الذل والهوان للعصاة منهم جميعا، هذا ما وصلت إليه، لكن الذي سينطلق في بحثه عن الحق من كونه (أفريقي) أو (امرأة) أو (عامل من الكادحين) فلن يجد ما يريد، الحق ليس برنامجا انتخابيا لمغازلة الفئات، حتى ولو كانت فئات تعاني شيئا من التهميش، الحق يشمل ذلك طبعا، ولكنه أكبر من ذلك..
والإسلام كما عرفته بعد إسلامي لا يحجم دور المرأة، بل يحافظ عليها، ويحرِّم (تسليعها) على يد المنحلين أخلاقيا وفكريا. الذين ينادون بتحرير المرأة من منطلق علماني لا يضايقهم أن تكون المرأة معروضة عارية في واجهات علب الدعارة في المدن السياحية بالعالم الغربي، العالم الغربي الذي تبنى مفاهيم التحرر، ولا يؤذيهم استغلالها من قبل الرأسماليين الفاسدين للدعاية والإعلان بطريقة رخيصة، ولكن يؤذيهم أن تحمي المرأة جسدها وتصونه. الإسلام يعز المرأة ويصونها من أن تكون دمية جنسية في يد الرجال.
** كلمة أخيرة ما هي ولمن؟
* لمن يفكر في اعتناق الدين الإسلامي ولكنه متردد لا تجعل تفكيرك في التكلفة الاجتماعية التي ستدفعها سببا للهروب من مواجهة الحقيقة التي بدأت تشعر بها ومن مواجهة المعتقدات الموروثة عن الأهل، أجب نداء فطرتك السليمة التي شوشت عليها الموروثات المكذوبة والتلفيقات، إنك ستقف أمام الله وحدك يوم لا ينفع مال ولا بنون، فلا تبيع بعرض الدنيا وبيئتك الدينية رضا الله والجنة، فلن تجد من يجادل عنك ويدافع عنك يوم القيامة ممن اختبأت فيهم في الدنيا وأعطيتهم أذنيك.
أعرف ما تفكر فيه، وأعرف أنك تتعرض للتخدير، ولكن وجود تراث من التسامح والدعوة لخلق حسن في دينك ليس وحده كافيا للدلالة على سلامة الاعتقاد في الله، فمثل هذا التراث الحسن والمتسامح موجود في كل الأديان السماوية وغير السماوية، بل حتى توجد التوصيات الأخلاقية في تعاليم فلاسفة ملحدين، المقتطفات الجيدة والمؤثرة، لا مشكلة فيها طبعا، ولكنها لن تكفي للتغطية على الهشاشة والخلط الشديد في المعتقد، صدقيني هناك أشخاص وديعون من الهندوس والسيخ والبوذيين وغيرهم، ولكن ليس كل وديع هو شخص سليم العقيدة، الملحدون يتكلمون أيضا عن المحبة، فاحسبها جيدا ولا تخدع نفسك.
أتباع المرسلين
تعليق