مصدر المقال :
William L. Petersen
فى مقال له بكتاب
The Reception of the New Testament in the Apostolic Fathers
Edited by
ANDREW F. GREGORY
CHRISTOPHER M. TUCKETT
صفحة 29 - 46
فحص التقاليد النصيه : ما الذى يخبرنا به نص الآباء الرسوليين عن نص العهد الجديد فى القرن الثانى
ويليام ل . بيترسن
منذ قرن مضى , قامت لجنة صغيره من مجتمع أكسفورد المختص باللاهوت التاريخى بنشر مجلد صغير يتألف من 144 صفحه بعنوان " العهد الجديد عند الآباء الرسوليين " 1. كانت المهمه التى كلفت بها اللجنه هى اعداد مجلد يعرض تلك الفقرات الخاصه بالكتاب المسيحيين الأوائل التى تشير – أو اعتقد أنها تشير – الى معرفة بأى من كتب العهد الجديد2.
قصرت اللجنه نفسها على ما يعرف باسم " الآباء الرسوليين " , ففحصت ثمانية كتّاب ( و – أو نصوص ) 3, و قدمت النتائج فى شكل أمثله . كل فقرة لأب رسولى اعتقد أن لها نظيرا فى العهد الجديد القانونى أخذت و طبعت باليونانيه و معها النظائر المشهوره 4 . صاحب كل فقره تحليل مختصر , فى الغالب , خلاصة ختاميه تعطى فكرة عامه عن مدى المعرفه المفترضه لهذا الكاتب ( أو النص ) عن العهد الجديد . دعونا نبدأ بأن نراجع النتائج التى وصلنا اليها منذ قرن مضى .
1- لجنه من مجتمع أكسفورد المختص باللاهوت التاريخى , العهد الجديد عند الآباء الرسوليين , (Oxford:Clarendon Press,1905),hereafter NTAF.
2- NTAF,p.iii.
3- المؤلفون – النصوص هى : رسالة برنابا , الديداخى ( مقسم الى جزئين , قسم " الطريقين " و القسم " الكنسى " ) , إكليمندس الرومانى , أغناطيوس , بوليكاربوس , راعى هرماس , رسالة إكليمندس الثانيه .
4- المشاكل المتعلقه بالتعامل مع " النظائر " الآبائيه أو الأبوكريفيه مقارنة بالنص الحالى للعهد الجديد مشتهره , و لا داعى أن نكررها فى مقامنا هذا .
نتائج الفحص الذى تم عام 1905 :
فى عام 1905 م قسم الباحثون احتمالية أن يكون أب معين يظهر معرفة بكتاب معين من العهد الجديد بأن أعطوا حرفا لكل تقاطع محتمل , بدءا من A وصولا الى D . يعبر الحرف A عن الكتب التى لا يمكن أن يكون هناك شك عقلانى حول معرفة الأب بها , و يعبر الحرف B عن الكتب التى لها احتمالية كبيره , و يعبر الحرف C عن الكتب التى لها احتمالية ضعيفه , و يعبر الحرف D عن أن الدليل غير متيقن منه بدرجة كبيره بحيث لا يسمح بأن تعتمد عليه 5, و قد لخصت النتائج فى جدول عرض فى صفحة 137 .
من بين 216 موضع محتمل للتقاطع بين أب و كتاب معين 6, كانت الإستنتاجات ممكنة فقط فى 85 تقاطعا , بنسبة 39 % . من بين هذه ال 85 موضعا التى أمكن أن يوضع لها حرف من أجل تصنيفها , نجد أن لدينا 43 موضعا أخذت حرف D , و 22 موضعا أخذت حرف C . هناك 14 موضعا أخذت حرف B ( على الرغم من ذلك فثمانية منها تأتى من مصدر واحد هو بوليكاربوس ) , و هناك 6 مواضع أخذت حرف A . اذا تحولنا للنسب المئويه فالمواضع التى أخذت حرف D تمثل 51 % من المجموع , و المواضع التى أخذت حرف C تمثل 26 % , أى أنهما معا يشكلان 77 % من المجموع . المواضع التى أخذت حرف B تمثل 16 % ( أو اذا حذفنا بوليكاربوس , 7 % ) , بينما تمثل المواضع التى أخذت حرف A جزءا ضئيلا مقداره 7 % من المجموع 7 .
إن أكثر السمات الملحوظه فى مجلد 1905 م هى الحقيقه القائله بأن – الآن بعد قرن منذ ذلك التاريخ - النتائج " الرسميه " التى توصلت لها اللجنه ( أى التصنيف عن طريق الحروف و تحديد ما يبدو أن كل أب قد عرفه من كتب العهد الجديد ) تتضاءل أهميتها اذا ما قارناها بملحوظات الباحثين التى كتبوها تعليقا على الفقرات التى فحصوها . إنه لمن المحير لماذا أن الباحثين فى القرن الأخير لم يهتموا إلا قليلا جدا بهذا " التعليق " على القراءات , ليس فقط لأن الملحوظات التى سجلها الباحثون عام 1905 م لم تكن فقط سابقة لزمانها , بل و أيضا قد أكدت بشكل مستقل بواسطة الباحثين اللاحقين . من أجل أن نفهم لماذا تم تجاهل الملاحظات التى سجلها الباحثون عام 1905 م , علينا أولا أن نأخذ عينة منها . التالى هو خليط لاقتباسات من المجلد الذى قدمته لجنة أكسفورد عام 1905 م :
6- هذه " التقاطعات المحتمله البالغ عددها 216 " بعيده عن القسم الذى صنفته اللجنه ل " التقليد الإزائى " الذى كان يعبر فيه عن معرفة محتمله بعلامة زائد ( + ) . لقد تجاهلت هذا لأن (1) إن هذا القسم لا يشترط وثيقة محدده و (2) علامة الزائد (+) تجعلنا نتساءل عن درجة هذه المعرفه لعدم استخدام حرف يظهر الرتبه . بالنسبة للكتب الأخرى التى استخدم معها تصنيف باستخدام الحروف , قد تجاهلت استخدام اللجنه للأقواس المربعه و لعلامات الإستفهام التى فقط تصف رتبة حرف ما .
7 – تذكر أن هذه النسب المئويه قد حسبت بناء على 85 تقاطعا حدد لكل منها رتبة حرف , و اذا كان سنحسب هذه النسب المئويه بناء على ال 216 مكانا محتملا , اذن سيكون لدينا 20 % لحرف D , 10 % لحرف C , 7 % لحرف B , و 3 % لحرف A , و 61 % لا يوجد دليل بخصوصها ( أى أن هذه الأرقام تساوى 101 % )
بخصوص رسالة برنابا ( التى درسها J.V.Bartlet ) نقرأ التالى : " اذن اجمالا , لدينا سبب يجعلنا نتوقع بأنه اذا كان برنابا يشير الى أى من كتابات العهد الجديد , فإن هذا يتم بطريقة حره و بشكل تفسيرى ......" 8 بعد ذلك بقليل نجد هذه الملاحظه : " على الرغم من أن الفقرات ( برنابا 13 - 2 و 3 و روميه 9 - 7 الى 13 ) ينقلان العباره المشتركه بينهما , إلا أنهما يستخدمانها بشكل مختلف .... إن برنابا غالبا ما يحرف الشىء الذى يستعيره , و إن معرفته برسالة روميه على الرغم من ذلك محتمله " 9.
بخصوص الديداخى ( الذى فحصه K.Lake ) نقرأ التالى : " إن التشابه بين هذه الفقره ( ديداخى 1- 4 الى 6 ) مع ما ورد فى انجيل متى ( 5 – 39 الى 42 ) و انجيل لوقا ( 6 – 29 و 30 ) أمر واضح . على الرغم من ذلك لا بد لنا أن نلاحظ أننا لو أخذنا الخمس حالات بحسب ترقميها و ترتيبها فى الديداخى , فإن متى لديه 1و 3 و 2و 5 و يحذف 4 , بينما لوقا لديه 1 و 3 و 5 و 4 و يحذف 2 . بالذهاب الى خارج نطاق الأناجيل القانونيه , فإن الدياتيسرون الخاص ب " تاتيان " ( بحسب اعادة تكوينه الذى أعده Zahn in his Forschungen,i.17 ) فيه 1 و 2 و 3 و 4 و يحذف 5 , و نجد أن دفاع يوستينوس ( Justin's Apology,i.16 ) يذكر فقط 1 و 3 , و يذكر 2 بعد ذلك بسطر . من الصعب أن نخرج بأى استنتاج آخر مؤكد من خلال هذه الحقائق أكثر من أن هذا التشابه مع أناجيلنا يمكن تفسيره بأى طريقه من الطرق الأربعه التى ذكرناها فى الملحوظة السابقه ....... فى الفقره التى توجد العديد من الإحتمالات بخصوصها , فقط أكثر التشابهات الحرفيه قربا ستكون كافية من أجل اثبات وجود اعتماد أدبى 10 .
بخصوص رسالة اكليمندس الأولى , سجل العالم (A.J.Carlyle) نتائجه , و كتب التالى : " يبدو أن الإقتباسات من العهد القديم فى معظمها تتسم بدقة كبيره , خصوصا فى حالة الإقتباس من فقرات مطوله ...... إن الإقتباسات من العهد الجديد لها شكل مختلف بكل وضوح . حتى فيما يتعلق بأعمال العهد الجديد التى يبدو لنا مؤكدا أن اكليمندس قد عرفها و استخدمها , مثل رسالة روميه و رسالة كورنثوس الأولى فإن الإقتباسات تتسم بالتحرر و عدم الدقه 11 .
بخصوص أغناطيوس الأنطاكى , دون العالم (W.R.Inge) الذى كان مسئولا عن دراسته ملحوظة جديرة بالإهتمام 12 قائلا أن " أغناطيوس دائما يقتبس من الذاكره , و أنه غير دقيق حتى بالمقارنه بمعاصريه , و أنه يبدو فى بعض الأحيان أن لديه ذاكره غير واضحه بخصوص العبارة عندما لا يفكر أو لا يرغب أن يذكر قراءه بالسياق الأصلى " 13.
8- NTAF,3.
9 - NTAF, 4(reading2).
10 - NTAF, 356(reading26).
11- NTAF, 37.
12 - إن ادعاء العالم Inge جدير بالملاحظه لثلاثة أسباب : (1) إنه زعم لا يمكن أن يقال به بأى درجة من درجات الثقه _ على الرغم من ذلك نجد أن العالم Inge يتحدث جازما فيقول " أغناطيوس دائما ..... " (2) إن ادعاء العالم Inge لا يمكن اثباته بالكليه و (3) هذا الإدعاء يزيل بالكامل – دون أى دليل – كل التفسيرات الأخرى المحتمله ( مثل : استشهاد حرفى من مصدر أبوكريفى , استشهاد دقيق من كتابات الآباء , استشهاد من التقليد الشفهى , استشهاد من نص مغاير لأحد الإناجيل .... الخ ) .
إن الصلف الذى نجده فى ادعاء العالم Inge – و لكنه ادعاء ورع دينيا – لا يواكب الأسلوب المدقق جدا و الفاحص و النقدى الذى نجده فى المساهمات الأخرى , انظر على سبيل المثال العمل التحليلى المدقق للعلماء J.V.Bartlet و A.J.Carlyle و P.V.M.Benecke على رسالة اكليمندس الثانيه .
13 - NTAF, 64(reading" g" );italics added.
بخصوص بوليكاربوس الذى من سميرنا , دون الباحث (P.V.M.Benecke) ملحوظته التاليه : " هنا مرة أخرى ( 12 – 3 ) يبدو أن لغة بوليكاربوس قد تأثرت بتعليم مشابه للعظه على الجبل ( متى 5 – 44 , لوقا 6 – 27 ) , و لكن الفقره لا تقدم أى دليل على استخدام أى من أناجيلنا الأربعه فى شكلها الحالى 14 .
بخصوص سفر راعى هرماس , كتب J. Drummond ما يلى : " إن مؤلف سفر راعى هرماس لا يمدنا فى أى موضع بإقتباس مباشر من العهد القديم أو الجديد و بالتالى فنحن مضطرون أن نعتمد على التلميحات التى دائما ما يتطرق لها درجة من الشك " 15.
و ختاما , رسالة اكليمندس الثانيه التى فحصها العلماء (J.V.Bartlet,A.J.Carlyle,and P.V.M.Benecke) نقرأ عنها التالى : " إن كلمات اكليمندس (رسالة اكليمندس الثانيه 3 – 2 ) مختلفة بقدر كاف عن ( متى 10 – 32 , أو لوقا 12 – 8 ) لدرجة تجعلنا نفكر أنه تم استخدام مصدر آخر تماما , سواء كان مصدرا شفهيا أو مكتوبا 16 . بخصوص فقرة أخرى لاحظوا التالى : " إن الفقره الوارده فى رسالة اكليمندس الثانيه 4 – 2 ربما بكل بساطة تعكس صدى لما ورد فى متى 7 – 21 ...... أو أن الإقتباس قد كان له هذا الشكل فى نفس المصدر الذى جاءت منه 4 – 5 و 5 – 2 الى 4 , إن الموضوع مماثل . أو أنها قد جاءت من التقليد الشفهى 17 .
كما توضح هذه العينات , فإن الباحثين فى عام 1905 م ( باسثناء العالم Inge الذى وقف على حافة نهج كنسى أسطورى ) كانوا مدركين تماما لتعددية التفسيرات المحتمله للدليل الذى وجدوه عند الآباء الرسوليين , و كانوا أيضا مدركين بشده لعدم قدرتهم على الوصول الى أحكام قاطعه بناء على هذا الدليل . كل ما كان بوسعهم أن يفعلوه هو أن يسيروا فى " الطريق السلبى " : إن المصدر - المصادر المستخدمه فى حوالى ثلاثة أرباع الفقرات المستخدمه عند الآباء الرسوليين و التى لها نظير فى العهد الجديد ( اذا اقتبسنا ما قاله العالم Benecke عن بوليكاربوس ) " لا تقدم أى دليل على استخدام أى من أناجيلنا فى شكلها الحالى " 18 . اذا كان الوضع بهذا الشكل , فعلى المرء أن يأخذ فى حسبانه ( اذا اقتبسنا ما قاله العلماء Bartlet و Carlyle و Benecke عن رسالة اكليمندس الثانيه ) " الإستخدام المباشر لمصدر آخر تماما ( أى مصدر غير قانونى ) سواء كان مصدرا شفهيا أو مكتوبا " 19 .
تلك الإستنتاجات - المؤسسه على أول تصنيف و فحص منهجى للنظائر المحتمله بين الآباء الرسوليين و العهد الجديد – هى ما تجعل من المجلد الصادر فى عام 1905 م مرحله مهمه من مراحل التعلم . على الرغم أن المهمه التى حددت لهذه اللجنه لم تكن أن يصدروا حكما على نص نظائر العهد الجديد عند الآباء الرسوليين , إلا أنهم على الرغم من ذلك قد فعلوا هذا . ليس من المعلوم ما اذا كانوا قد لاحظوا منذ البدايه أن مثل هذه الأحكام تمثل ضرورة و أنها خطوة وسيطه أثناء طريقهم تجاه هدفهم النهائى , أو ما اذا كانوا قد لاحظوا ذلك فقط أثناء سير المشروع . و لكن كما توضح لنا تلك العينات الصغيره التى عرضناها بالأعلى
14 - NTAF, 103(reading78).
15 - NTAF, 105.
16 - NTAF, 130(reading23).
17 - NTAF, 131(reading24).
18 - NTAF, 103(reading78).
19 - NTAF, 130(reading23).
, فإن ملحوظاتهم النصيه التجريبيه كانت مدمرة لفكرة وجود نص " معيارى " أو " رسمى " فى النصف الأول من القرن الثانى . إن الإنفصال بين المعتقد ( كلا من العامى و الأكاديمى ) و بين هذه النتائج تفسر بدرجة كبيره لم أن المجلد الصادر عام 1905 لم يلق سوى قدر قليل من الإنتباه , حتى – و إنه لأمر محزن - بين النقاد النصيين .
اذا بحث المرء عن الأطر فى القراءات التى صنفتها و فحصتها لجنة أكسفورد , تبرز لدينا ثلاثة استنتاجات عريضه . أولا , من الواضح أن الغالبيه العظمى من الفقرات الموجوده عند الآباء الرسوليين التى يمكن للمرء أن يجد لها نظائر محتمله فى العهد الجديد تتسم بوجود " انحرافات " عن نصنا الحالى , النص النقدى للعهد الجديد . لا بد أن نؤكد على أن الغالبيه العظمى من هذه الإختلافات ليست " طفيفه " ( أى ليست مجرد اختلافات هجائيه أو فى زمن الفعل ) بل اختلافات عظيمه ( نص جديد بالكامل , اضافة جوهريه أو حذف جوهرى , أو دمج لفكرتين أو فقرتين مختلفتين تماما ) . ثانيا , إن إحداث الإنسجام ظاهره مدهشة شائعه . فى بعض الأحيان تكون المواضع التى أحدث بها انسجام ( تقريبا ) بالكامل تتكون من ماده نجدها فى طبعاتنا الحديثه للعهد الجديد , و لكن على الرغم من ذلك فالأكثر شيوعا من هذا أن نجدها تحتوى على ماده تصنف فى يومنا هذا على أنها ماده غير قانونيه extra-canonical . ثالثا , غالبا ما يعيد الآباء الرسوليون انتاج – دون تسجيل أى ملاحظه على هذا - مادة نعتبرها اليوم غير قانونيه . فى بعض الأحيان نجد أن هذه الماده غير القانونيه تصدر بصيغة تدل على اقتباس _ مثل " الرب يقول " أو " الإنجيل يقول " . إن الدلاله الواضحه هى أن الأب قد اعتبر هذا المصدر غير القانونى ذا سلطة مساوية كغيره .
لقد حدث الكثير فى هذا القرن منذ نشر مجلد 1905 م . لقد نشبت حربان عالميتان و انتهت كل منهما , و قد صارت الذره طوع الإستخدام , و صار الطيران حقيقه , و اختفى مرض شلل الأطفال و الجدرى . و لكننا نجد بعد قرن مضى أن العلماء المعاصرين – الذين يعملون بشكل منفصل – يتوصلون الى نفس النتائج , و يعبرون عنها تقريبا بنفس المصطلحات . يمكن للمرء أن يطالع مثلا الكتاب الذى كتبه العالم Helmut Koster المعروف باسم Synoptische Uberlieferung bei den Apostolischen Vatern و يقرأ ( ما كتبه عن الديداخى 16 – 3 الى 8 و متى 24 – 10 الى 12 ) : " بسبب الإختلافات الكبيره فى الصياغه و المحتوى , لا يمكن أن يكون هناك علاقة أدبية بين النصوص " 20.
اذا تحولنا من الإستقصاء المطول للعالم Koster الى الدراسات التى تركز على وثيقة واحده , تظل النتائج كما هى . على سبيل المثال , بالنسبه لرسالة اكليمندس الثانيه 13 – 4 ( parr لوقا 6 – 32 , 6 – 27 , متى 5 – 46 , 44 ) كتب العالم Karl Donfried ما يلى : " من المحتمل جدا أن كاتب رسالة اكليمندس الثانيه كان بحوذته مصدر غير قانونى و أنه يقتبس منه " 21 .
20 - H.Koster,Synoptische Uberlieferung bei den Apostolischen Vatern TU 65(V Reihe, Band 10)
(Berlin: Akademie Verlag,1957),179.
21 - K.P.Donfried, The Setting of Second Clement in Early Christianity, NovTSup 38(Leiden:
Brill,1974),78
بينما يمكن للباحثين المعاصرين أن يراوغوا حول كيف يمكن على وجه الدقه أن نفسر قراءه معينه عند أب رسولى معين 22, إلا أن هناك حقيقه – قد لاحظتها بالفعل لجنة 1905 – تظل ثابته : فى الغالبيه الساحقه من المواضع , تلك الفقرات التى عند الآباء الرسوليين التى لها نظائر مع عهدنا الجديد فى عصرنا هذا , تقدم لنا نصا مختلفا جدا عما نجده الآن فى طبعاتنا النقديه المعاصره للعهد الجديد . ربما يتساءل البعض عما اذا كانت هذه الإختلافات ستختفى اذا ما غيرنا أساس المقارنة بعيدا عن نصنا النقدى المعاصر و جعلنا المقارنة مع النصوص الموجوده فى المخطوطات العظيمه ذات الحرف الكبير " great uncials " التى تنتمى لمنتصف القرن الرابع ( المخطوطه السينائيه و المخطوطه الفاتيكانيه ) . إن الإختلافات لن تختفى . و حتى لو غيرنا أساس المقارنه تجاه النص الموجود فى أقدم مخطوطات النص المتصل oldest continuous-text manuscripts للعهد الجديد ( P 64 + 67 و p 66 " كلاهما تعودان تقريبا الى حوالى عام 200 م 23) , فإن الإختلافات ستظل موجوده . يتحتم على المرء أن يعترف بكل بساطه أن الفقرات التى نجدها عند الآباء الرسوليين مختلفة عن النصوص الموجوده فى أقدم بردياتنا للعهد الجديد , و عن النص الموجود فى مخطوطات الحرف الكبير , و عن النص الموجود فى طبعاتنا المعاصره .
ذلك الحين و الآن , الإختلافات التى طرأت خلال قرن :
على الرغم من التشابهات بين النتائج التى توصل اليها فى مجلد 1905 م و بين تلك النتائج التى توصلت لها الأبحاث الحديثه (Koster,Donfried,Niederwimmer,etc.) , إلا أن هناك أيضا اختلافات . إن هذه الإختلافات مهمه , لأنها توضح كيف أن معرفتنا قد تغيرت , و توضح ما الذى دفع لهذا التغير . كانت المصادر الجديده المكتشفه هى ما دفعت لهذا التغير , و كانت كيفية التغير عبر إنتاج أطر جديده عن تطور النصوص المسيحيه الأولى ( بما فى ذلك تلك النصوص التى صارت فيما بعد قانونيه ) بناء على الأدله التى وجدناها فى تلك المصادر الجديده . دعونا نتناول كلا من ذلك فى دوره .
المصادر الجديده
إن ذكرنا فقط لأسماء ثلاثة مصادر اكتشفت بعد عام 1905 م سيكون كافيا للتعبير عن أهميتها . بداية فى عام 1911 م , جمع العالم Alfred Schmidtke
22 – هل السبب فى هذا الذاكره المخطئه للأب , أم اعتماد على " تقليد شفهى " , أم استخدام نسخة أوليه proto-version لأحد أناجلينا الأربعه القانونيه , أم اعتماد على انسجام قبل – يوستينى pre-Justin harmony , أم استخدام إنجيل أبوكريفى , أم ميل الأب أن يوائم النص بكل حريه ليناسب جمهور قارئيه و اللحظه التى يتحدث فيها .
23 - So K.and B.Aland, TheText of the New Testament, 2nd rev.edn.(trans.from the 2nd
German edn.(1981);Grand Rapids ,Mich.: Eerdmans; Leiden: Brill,1989),100.
و نشر التفسيرات التى تعرف حاليا باسم " طبعة انجيل صهيون " 24 . ثانيا , بردية ايجرتون رقم 2 التى اكتشفت عام 1934 م و نشرت عام 1935 م 25 . ثالثا , النسخه القبطيه لإنجيل توما بكامله التى عثر عليها عام 1945 م 26 .
الأطر الجديده التى نبعت من المصادر الجديده
أحدث اكتشاف هذه المصادر الجديده ثورة , لأنه فى العديد فى الحالات صار بحوذتنا العديد من الأمثله التى تعود للقرن الثانى لنفس القول أو الحادثه . لقد سمح هذا لنا أن نجرى مقارنات , و لأول مره صار بإمكاننا أن نرسم مسار التطور لقول معين أو فقره معينه : هناك نقطة ما على الخريطه تمثل موقعا ثابتا , و لكن هناك العديد من النقاط المتصله على الخريطه تمثل رسما بيانيا و مسارا يوضح التغير . إن وجود العديد من النسخ لنفس الفقره قد عنى أيضا أن " الأطر و الممارسات " التى انتهجها المؤلفون و النساخ فى تلك الفتره يمكن لنا أن نعينها و أن نقوم بوصفها . إن وجود هذه التعدديه فى أماكن العزو قد غير بشكل كبير نظرتنا تجاه تاريخ انتقال الكتب التى صارت فيما بعد جزءا من القانون . لتعرف كم كان مقدار هذا التغير , خذ هذين المثالين .
المثال الأول :
عندما تأمل مؤلفو مجلد 1905 م فى مصدر ما ورد فى رسالة اكليمندس الثانيه 12 – 2 , كان النظير الوحيد المعروف قصاصه ل " يوليوس كاسيانوس " (fl. 190?) اقتبسها اكليمندس السكندرى فى الستروماتا 3 – 13 – 92 . لقد لاحظ اكليمندس بكل وضوح أن النص الذى اقتبسه كاسيانوس لا يوجد فى " أناجلينا الأربعه " بل كان ( وفقا لما قاله أكليمندس ) من " ( الإنجيل ) بحسب المصريين " . على الرغم من ذلك , فإننا اليوم يمكن أن نجد له نظيرا مع القول رقم 22 فى إنجيل توما 27.
24 - A.Schmidtke, Neue Fragmente und Untersuchungen zu den judenchristlichen Evangelien,
TU37.1,3Reihe,Band7(Leipzig:Hinrichs,1911). الملاحظة الأولى للعالم Bousset عام 1894 م فى Textkritische Studien zum Neuen Testament,TU11.4(Leipzig:Hinrichs),1325) عن عشر من المخطوطات نالت اهتماما ضئيلا , و لم يسرد ال 39 مخطوطه التى تنتمى للمجموعه . انظر W.L.Petersen,Zion Gospel Edition,in D.N.Freedman(ed.), Anchor Bible Dictionary (New
Yorkoubleday,1992),vi.10978.
25 - H .I.Bell and T.C.Skeat (eds.) , قصاصات من إنجيل مجهول و من برديات مسيحيه قديمة أخرى (London:Trustees o fthe British Museum,1935),141.
26 - A.Guillaumont,H.-C.Puech,G.Quispel,W.Till,andY.Abd alMasih(eds.), TheGospel
of Thomas (Leiden:Brill;NewYork:Harper&Row,1959). إن أقدم قصاصات بلدة البهنسه " Oxyrhynchus " الخاصه بإنجيل توما ( P Oxy .1 ) كانت معلومة عند باحثى أكسفورد , فقد نشرت عام 1897 م . القصاصتان الأخريان ( P Oxy 654 , 655 ) لم يتم نشرهما سوى فى عام 1904 , و بالتالى فمن المفترض أنهما كانتا مجهولتين للجنة أكسفورد ( الثلاث قصاصات التى تنتمى للبهنسه " "Oxyrhynchus قد حررت بواسطة Grenfell and Hunt )
27 – النصوص متوفره فى لغاتها الأصليه إما فى Jesus, in H.Helderman and S.J.Noorda(eds.), Early Transmission of Words of Jesus
(Amsterdam:VUBoekhandel/Uitgeverij,1983),26188; أو فى Donfried,Setting of Second Clement
in Early Christianity,737. الترجمات الإنجليزيه الموجوده فى الجدول ( مع تعديلات طفيفه ) هى الخاصه على وجه الترتيب ب Baarda و Lightfoot/Harmer/Holmes و Baarda .
لم يكن الدليل الموجود فى إنجيل توما متوفرا لدى لجنة أكسفورد عام 1905 , فكانت ملاحظتهم على النحو التالى : " يبدو كما لو أن رسالة اكليمندس الثانيه تقتبس من نفس الفقره ( فى الإنجيل الذى بحسب المصريين , الذى اقتبس منه أيضا كاسيان ) " . فى الواقع , فإن العالم J.V.Bartlet الذى كان أحد أعضاء لجنة أكسفورد و الذى كان مسئولا عن فحص رسالة اكليمندس الثانيه , قد اقترح أن كل الإقتباسات غير القانونيه الموجوده فى رسالة أكليمندس الثانيه " ربما " قد أتت من الإنجيل
بحسب المصريين , حتى أنه ربما يكون " المصدر غير القانونى الوحيد " الذى تستشهد به رسالة اكليمندس الثانيه دائما28.
اذا أجرى تحليل للأمر فى يومنا هذا فسنصل الى نتيجة مختلفه . إن النصوص الثلاثه التى عرضناها بالأعلى تظهر لنا أنه عند منتصف القرن الثانى , كان تاريخ انتقال قول واحد ( " يصير الإثنان واحدا , الذكر مع الأثنى " ( العناصر g و l و m ) ) كان قد تفرع بالفعل الى عائلتين .
" العائله رقم 1 " , تتكون من اكليمندس السكندرى – كاسيانوس – صورة النص فى الإنجيل بحسب المصريين . فى هذه العائله , جوهر هذا القول ( العناصر g و l و m ) بقيت فيما يبدو فى صورة ليست بها مواضع اضافه . و لكن على الرغم من ذلك , قد أدمج مع قول آخر ( العناصر d و e و f ) التى تنتشر فى أماكن أخرى بشكل منفصل 29.
" العائله رقم 2 " تتكون من الشكل الذى نجده فى رسالة إكليمندس الثانيه و من إنجيل توما ( القول رقم 22 ) . إن صلة القرابه النصيه لهذين المصدرين يشهد لها أربع أوجه تشابه . (1) كلا النصين يعرضان القول كسؤال عن " الملكوت " ( العنصر c ) . ( 2) كلا النصين لم يقم بإضافة القول الثانى ( " عندما تدوسون على ثوب الخزى " , العناصر d و e و f ) الذى يوجد فى العائله الأولى . (3) فى كلا النصين , نجد أن الكلمات الأولى التى نطق بها يسوع متماثله ( العنصر g ) (4) كلا النصين يحتويان على نفس الإضافه التى تقول " و الخارج كالداخل " ( العنصر i ) .
لاحظ أيضا أن " العائله رقم 2 " تظهر حدوث تطور بداخلها . أولا , نلاحظ أن " العائله رقم 2 " فقط يوجد بها الإضافه ل " العنصر i " ( و الخارج كالداخل ) . فى اللحظه التى أدخلت فيها هذه الإضافه ( بواسطة كاتب رسالة اكليمندس الثانيه أو بواسطة مصدره ) و وصلت الى كاتب إنجيل توما , فإن كاتب إنجيل توما أو مصدره قد قام بتضخيم موضع الإضافه عن طريق إضافة العناصر h و j و k .
منذ قرن مضى , افترض العالم Bartlet أن كاتب رسالة اكليمندس الثانيه قد استخدم الإنجيل بحسب المصريين _ نفس المصدر الذى استخدمه كاسيانوس . على الرغم من ذلك , فإن استنتاجاتنا فى يومنا هذا مختلفة جدا . إننا نلاحظ أن
28 - NTAF,136 . على الرغم من هذه التصريحات , إلا أن العالم Bartlet يقدم أيضا ملاحظة ذات بصيرة بالغه عن مصادر الإنجيل الذى بحسب المصريين : " إن سمة المصدر المقتبس فى رسالة إكليمندس الثانيه 5 – 2 الى 4 يتشابه بدرجة أقرب مع ما نعرفه عن أقوال يسوع البهنسيه Oxyrhynchus Sayings of Jesus أكثر من تشابهه مع الإنجيل بحسب المصريين , كما يتصور عادة . و لكن من المحتمل أن الإنجيل المصرى قد احتوى على مواد كثيره من أناجيل أقدم , بما فى ذلك " إنجيل الأقوال " البهنساوى Oxyrhynchus "Sayings Gospel" . فى يومنا هذا يمكننا أن نقول أن العالم Bartlet كان قريبا جدا من التصور الصحيح _ على الرغم من أنه ربما يمكننا التأكيد أن الثلاث نسخ المتوفره لدينا اليوم لا يمثل أى منها الصورة الأقدم من القول , إلا أنه من المتفق عليه بشكل عام أن صورة القول التى نجدها فى رسالة إكليمندس الثانيه هى أقدم الصور المحفوظه التى نمتلكها , (so Koster,Donfried,Lindemann,etc.) , و لكن من الواضح أن الثلاثة كلها قد جاءت من تقليد أقدم .
29 – هذه العناصر الثلاثه الأولى ( d و e و f ) ذات صلة بكل وضوح بالقول رقم 37 فى إنجيل توما : ( قال تلاميذه " متى ستظهر لنا و متى سنراك ؟ " , قال يسوع " عندما تتعرون دون أن تخجلوا , و عندما تأخذون ثيابكم و تجعلونها تحت أقدامكم مثل الأطفال الصغار و تدوسونها , حينها سترون ابن الحى و لن تخافوا " .
بحوذتنا ثلاثة أشكال لنفس القول ( العناصر g و l و m ) و كلها يعود تاريخها الى النصف الأول من القرن الثانى . على الرغم من ذلك , لا يبدو أن أيا منها يقدم لنا الصوره الأكثر قدما لهذا القول . لقد عبث كل مصدر بكلمات يسوع , كل بطريقته الخاصه . فى " العائله رقم 1 " أدمج القول الأصلى ( العناصر g و l و m ) مع قول منفصل (العناصر d و e و f ) . فى " العائله رقم 2 " نلاحظ أن كاتب رسالة اكليمندس الثانيه قد أضاف " العنصر i " فى القول , و فى اللحظه التى وضع فيها " العنصر i " فى موضعه هذا , صار أمام كاتب إنجيل توما نقطة إنطلاق نحو إضافات أخرى ذات صله ( العناصر العناصر h و j و k ) .
فى عام 1905م , كانت لدى الباحثين صورتان فقط لهذا القول . فى يومنا هذا و بفضل اكتشاف إنجيل توما , صار لدينا ثلاثة أماكن للعزو , و صار لدينا نظرة أدق عن كيفية التعامل مع النصوص فى الفتره المبكره من القرن الثانى . و بالتالى فإن تحليلنا أكثر عمقا و أكثر تفصيلا .
المثال الثانى :
هناك قول للمسيح فى رسالة إكليمندس الثانيه 4 و 5 a , و قد صنفته لجنة أكسفورد على أنه قد أتى من " الأناجيل الأبوكريفيه " دون أن يشترطوا إنجيلا معينا 30. فى عام 1911 م نشر العالم Schmidtke تفسيرات ل " طبعة إنجيل صهيون " 31 , مما وفر أول نظير لهذا القول . فى مخطوطة الإنجيل اليونانيه رقم 1424 ( تعود للقرن التاسع أو العاشر ) , هناك تفسير على الهامش لنص متى 7 – 5 ينسب هذا القول الى " الإنجيل اليهودى " .
30 – اذا قبلنا تخمين العالم J.V.Bartlet و آخرون (see supra,at n.28) , فسينطبق على هذا الموضع بالإضافة لما ورد فى رسالة إكليمندس الثانيه 12 – 2 .
31 – انظر supra,n.24.
إن هذا التفسير لا يحدد لنا فقط مصدر هذا القول ( لقد استنتج العالم Schmidtke أن الإنجيل اليهودى كان أحد الأناجيل الخاصه بالمسيحيه المتهوده , و قد اقترح العالمان Vielhauer و Strecker أن هذا الإنجيل هو إنجيل الناصريين الذى يعود تاريخه الى النصف الأول من القرن الثانى 32) , بل يبدو أيضا أنه يحتفظ بصورة أكثر قدما و أكثر " ساميّه Semitic " لهذا القول أكثر مما تفعل رسالة اكليمندس الثانيه . لدعم هذا الإدعاء , لاحظ الآتى : (1) إن اضافة عبارة " معى مجتمعين " فى رسالة اكليمندس الثانيه ( العنصر c ) , يبدو أنها اضافة متأخرة على النص , لأنه تومىء بوجود مكان للإجتماع . (2) إن تكرار و عكس " فى – خارج حضنى ) فى التفسير ( " فى حضنى " = العنصر d , " خارج حضنى " = العنصر g ) يبدو أن له طبيعة ساميّه appear to be a Semitism . (3) العباره الوارده فى رسالة اكليمندس الثانيه " أوامرى " ( العنصر e ) تعكس كريستولوجى أعلى متركز حول شخص المسيح , بينما نجد أن عبارة " إرادة أبى الذى فى السماوات " تعكس كريستولوجى أكثر تواضعا ( و بالتالى فمن المفترض أنه أكثر قدما ) للمسيحيه المتهوده .
فى عام 1905 , كان القول الموجود فى رسالة اكليمندس الثانيه 4 و 5 a يقف بمفرده , و كل ما كان بوسع لجنة أكسفورد أن تقوله هو أنه يبدو أنه قد جاء من إنجيل أبوكريفى . على الرغم من أنهم لم يقولوا ذلك , يمكن للمرء أن يستنتج أنه بما أن أقدم مخطوطه لرسالة إكليمندس الثانيه هى المخطوطه السكندريه ( المخطوطه A التى تعود للقرن الخامس ) , فإن هذا القول لا يمكن أن يكون قد وجد قبل القرن الرابع . على الرغم من ذلك و بعد مضى قرن من الزمان , صار لدينا صورة أخرى من هذا القول , فى مصدر ينسبه الى وثيقة تعود للقرن الثانى ( الإنجيل اليهودى ) , و إنه لأمر بالغ الأهميه أن هذا " الإنجيل اليهودى " كان معاصرا زمنيا بشكل مباشر لرسالة إكليمندس الثانيه . إن هذا يثبت لنا أن هذا القول شديد القدم . إن النظير الجديد يسمح لنا أيضا أن نلاحظ أن صورة هذا القول فى رسالة اكليمندس الثانيه هى صورة أكثر تطورا للقول الموجود فى " الإنجيل اليهودى " .
الوضع فى عام 2005 :
كما اتضح لنا من الكلام السابق , فإن الإكتشافات التى وجدناها فى القرن الأخير قد سمحت لنا بنظرة أشمل عن الكيفيه التى كان يتم بها التعامل مع النصوص المسيحيه فى القرن الثانى . إنه لمن دواعى الفخر الدائم للجنة أكسفورد 1905 أنه _ على الرغم من أن الإكتشافات الجديده و الأطر الجديده عن تطور النصوص المسيحيه الأولى قد سمحت لنا بأن نشذب تحليلاتنا أكثر مما كان ممكنا فى عام 1905 _ إلا أن جوهر ملاحظات و تعليقات تلك اللجنه لا تزال صحيحه بعد قرن قد مضى عليها 33.
32 - P.Vielhauer and G.Strecker,IV.Jewish Christian Gospels,1:The Gospel of the
Nazoraeans,in W.Schneemelcher(ed.), New Testament Apocrypha,2nd English edn.(Cam-
bridge/Louisville,Ky.:JamesClarke/WestminsterPress,1991),i.159.
33- سبب خلودها هى أنها اعتمدت على الملاحظة التجريبيه , و ليس على ميل فكرى أو لاهوتى ( مثل الادعاء الجرىء للعالم Inge الذى لا أساس يعتمد عليه (supra,n.12) .
سواء اعتمد المرء على النتائج الموجوده فى مجلد 1905 ( التى عرضناها فى القسم 1 بالأعلى ) , أو اعتمد على التحليلات الأكثر حداثه (Koster و الآخرون ) , فإن الدليل المعتمد على التجربه يجبه المرء بأحد خيارين من أجل وصف النصوص التى تنتمى لهذه الفتره ( 100 – 150 م ) و التى صارت أخيرا هى العهد الجديد 34 . سنتناول كلا الخيارين كلا فى دوره .
الخيار الأول :
فى النصف الأول من القرن الثانى _ أى فى عصر الآباء الرسوليين _ و حتى فى فترة متأخرة عن هذا , فى زمن تاتيان و إكليمندس السكندرى ( بالقرب من نهايات القرن الثانى ) لم يكن ثمة قانون ثابت أو نص ثابت لأى من وثائق العهد الجديد . بل كان هناك بالأحرى " مجموعات " من الأقوال و الأحداث و الأجزاء ( لما صار فيما بعد ) أناجيلنا و رسائلنا ( القانونيه ) , التى انتشرت فى بادىء الأمر دون عنوان ( بالنسبه للأناجيل على الأقل ) ثم انتشرت بعد ذلك مع عنوان لها . و لكن محتويات " المجموعه " التى تحمل عنوان " مرقص " أو " رسالة روميه " كانت لا تزال تعانى بدرجة كبيره من التغيير المتواصل و كانت عرضة للتغيير . كانت الإضافات لا تزال توضع 35, كما هو الحال بالنسبه للحذف , و كان تسلسل النص لا يزال يعانى من التعديل 36 . باختصار ما كتبه آل آلاند the Alands صحيح :
لأنه فى القرن الثانى الميلادى لم يكن للعهد الجديد نص قد حدد بشكل نهائى . لم يزل هذا حتى عام 150 م حيث نجد عند يوستينوس لأول مره اقتباسات معقوله من الإنجيل ( قبل ذلك كانت الإقتباسات تتسم بالإعتباطيه ) ولم يتم تثبيت هذه النصوص العائمه الا على يد ايريناؤوس حوالى عام 180 م . 37
اذن فكل المحاولات التى تستهدف ترسيخ استخدام هذا الكتاب ( القانونى ) أو ذاك بواسطة الآباء الرسوليين ( كما كانت تسعى لجنة 1905 لأن تفعل ) _
34 – إن الملاحظات التاليه تخضع للتقييدات الآتيه : (1) إننى أتناول فقط الفتره ( 100 – 150 م ) (2) إننى أعتمد على أفضل الطبعات النقديه المتوفره لدينا اليوم لكتابات الآباء ( اذا غيرت الإكتشافات الجديده نص الآباء , فربما تتغير استنتاجاتى ) (3) إننى ألاحظ و على وعى تام بكل المشكلات فى مجال الدراسات الآبائيه و الأبوكريفيه , بما فى ذلك ما الذى يمكن أن يعتبر استشهادا , تلميحا , أو صدى , و التقلبات التى أصابت تاريخ نقل النص الخاص بكل أب , و أخيرا (4) معرفتنا المحدوده ( على الرغم أنها أفضل من المعرفه المتوفره فى عام 1905 م ) بالمصادر التى كانت متوفرة لدى كاتب ما فى النصف الأول من القرن الثانى .
35 – هناك مثالان من أكثر الأمثله وضوحا و قبولا , هما " النهايات " المختلفه لإنجيل مرقص ( ما يلى مرقص 16 – 8 ) , و قصة المرأه الزانيه فى إنجيل يوحنا ( 7 , 53 _ 8 . 11 ) .
36 – من المهم أن نلاحظ أن النزعه التحرريه التى تعامل بها " كتبة الأناجيل " كل واحد مع الإنجيل الخاص بالآخر , هى دليل حاسم على أسلوب التصليح الذى لا ينتهى و الموقف المتعجرف تجاه النص : انظر مثلا الى النزعه التحرريه التى انتهجها كل إنجيلى فى قصة " الدهن التى حدثت فى بيت عنيا " ( متى 26 – 6 الى 13 , مرقص 14 – 3 الى 9 , لوقا 7 – 36 الى 50 , يوحنا 12 – 1 الى 8 ) , بما فى ذلك الموضع الذى وضع فيه كل إنجيل هذه الحادثه من حياة يسوع . هناك أمثلة أخرى كثيره : التعليقات على الصلب و تاريخه , اكتشاف القبر الفارغ , حادثة الرجل الشاب الغنى , مثل الخراف الضاله ...........الخ .
37 - K.and B.Aland, Der Text des Neuen Testaments,1stedn.(StuttgarteutscheBibelge-
sellschaft,1982),64. نفس هذه الفقره توجد فى 2nd German edn.(1989) و فى الترجمه الإنجليزيه من ذلك (pp.545).
اذا قبل المرء تحليل آل آلاند the Alands _ محكوم عليها بالفشل منذ البدايه , لأنه كيف يمكن لنا بأى طريقة معقوله أن نتحدث عن استحدام أب رسولى معين ل " إنجيل متى " على سبيل المثال , اذا كنا نعلم أن نص إنجيل متى كان " عائما " , و لم يكن قد تم تثبيته بعد ؟ بينما يمكن للمرء أن يتحدث عن استخدام " التقاليد " التى التئمت فيما بعد و صارت فى النهايه جزءا من النص الثابث الذى يحمل فى يومنا هذا اسم " الإنجيل بحسب متى " ( أى إنجيل متى الموجود فى المخطوطات العظيمه ذات الحرف الكبير , و فى نصنا النقدى المعاصر 38) , إلا أنه لا يمكن للمرء أن يتحدث بأى درجة من الثقه عن الشكل الذى كان عليه " إنجيل متى " فى النصف الأول من القرن الثانى . 39
إن قبول هذا الخيار الأول له ما يستتبعه . إنه يعنى أنه على العلماء أن يكونوا حذرين من أن ينسبوا أى شىء لكنيسة القرن الأول , لأنه لا يوجد مطلقا أى دليل يعود للقرن الأول , و لأن الدليل الذى نجده فى القرن الثانى _ عند الآباء الرسوليين , على سبيل المثال _ لا يبث فينا الثقه . إن المشاكل ليست قاصرة على الطريقه المتحرره التى جرى بها التعامل مع النصوص ( كما برهن على ذلك المثالان اللذان عرضناهما , أو كما هو واضح فى أى خلاصه ) بل أيضا تمتد الى طبيعة الحاجز الذى يفصل ما بين ما دعى لاحقا باسم النصوص القانونيه و النصوص غير القانونيه 40 , و الى الإستشهاد بمادة " غير قانونيه " باعتبار أنها إنجيل أو قول للمسيح أثناء عصر الآباء الرسوليين 41 . إن المشكلة اذن ليست مجرد أن أحد النصوص كان غير مستقر , بل أيضا تتعلق بأى الوثائق ( أو بعبارة أصح , أى المجموعات من المواد ) و أى التقاليد هى التى تتمتع بالسلطه , و أيها ليس كذلك .
38 – لقد زعمت فى مكان آخر – كما زعم كثيرون غيرى فى الماضى و الحاضر – أن طبعاتنا النقديه الحديثه للعهد الجديد لا تقدم لنا نص الأناجيل و الرسائل فى الفتره المبكره من القرن الثانى ( بل و حتى الفتره المتأخره ) , بل بالأحرى ما تقدمه لنا طبعاتنا النقديه الحديثه هو النص الخاص بمخطوطات الحرف الكبير العظيمه ( 350 م ) و نص القرن الثالث ( أى من عام 185 م " فى عصر اريناؤوس " و ما بعد ذلك ) . انظر W.L.Petersen,The Genesis of the Gospels,in A.Denaux(ed.), New
Testament Textual Criticism and Exegesis,BETL161(Leuven:Peeters and University of Leuven
Press,2002),3365;also idem,What Text Can New Testament Textual Criticism Ultimately
Reach?,in B.Aland and J.Delobel(eds.),New Testament Textual Criticism,Exegesis and Church
History:A Discussion of Methods,CBET7(Kampen:Kok-Pharos,1994),13651,esp.151.
39 - إن الوعى بهذه المشكله هو الذى دفع العالم Niederwimmer أن يحترس من أنه على الرغم من أن " الإقتباس الموجود فى ديداخى 9 – 5 " موجود كلمة بكلمه فى متى 7 – 6 ... إلا أنه ليس من المؤكد أن كاتب الديداخى يقتبس من إنجيل متى (K.Niederwimmer, The Didache: A Commentary,
Hermeneia(Philadelphia:Fortress,1998),53) . بالفعل فى عام 1905 عرفت لجنة أكسفورد هذه المشكله و عرفت عواقبها : " إن التشابه الحرفى بين ديداخى 9 – 5 و متى 7 – 6 تشابه دقيق , و لكن الفقره الوارده فى إنجيل متى لا توجد بها اشارة الى الإفخارستيا , و إن طبيعة ضرب المثل the proverbial) character ) التى لهذا القول يقلل من الوزن الذى يجب أن نعطيه للتشابه الحرفى " (NTAF,27(reading10)).
40 – هناك العديد من الأمثله لما نعتبره فى يومنا هذا مادة غير قانونيه , تتخلل التقليد المخطوطى للأناجيل القانونيه , و على سبيل المثال : (1) " الضوء " فى الأردن وقت معمودية يسوع فى مخطوطات VetusLatina a and g1 . (2) اضافة الكلمات الفعليه التى تكلم بها اليهود فى لوقا 23 – 48 فى مخطوطة VetusLatina g1 (3) القراءه المغايره " شيطان لا جسم له " فى لوقا 24 – 37 .
41 – مثال على " استشهاد " بإنجيل غير معلوم لدينا اليوم نجده عند إكليمندس السكندرى فى الستروماتا 5 – 10 ( هذا بالطبع ليس مشكلة جديده عندما تتعامل مع Holy Writ : " الأنبياء " الذين كلامهم _ بحسب الإستشهاد الوارد فى متى 2 – 23 _ قد " تم " هم غير معلومين لنا اليوم ) .
من الواضح أن معايير العصر الرسولى لم تكن هى نفس معايير مجمع Quinisextine 42 .
اذا لم تكن تبعات الخيار الأول تروق لك , فهناك دائما بديل , و هو الخيار الثانى .
الخيار الثانى :
فى عصر الآباء الرسوليين , كان نص العهد الجديد ثابتا فى نفس الصوره التى لدينا اليوم . لقد كانت صورة إنجيل مرقص الموجوده فى عام 110 أو 130 م هى نفس الصوره النقديه لإنجيل مرقص التى نجدها فى طبعاتنا الحديثه , باستثناء بعض ضوضاء نصيه طفيفه غير ذات أهميه الى حد كبير , ( و من المفترض ) غياب النهايه الطويله ( مرقص 16 – 9 الى 20 ) . إن كل أماكن الإنحراف التى نجدها عند الآباء الرسوليين عن هذا النص " الرسمى " , يعود سببها _ كما يقترح العديد من العلماء الفيكتوريين ( بل و حتى المعاصرين ) 43 _ الى الإقتباس من الذاكره أو بسبب تكييف النص وفقا للأغراض اللحظيه ( مثل الكرازه , التبشير , التعليم , المعارضه ) .
إننى أجد أن هذا التصور خاطىء بشكل كبير , بسبب أربعة أشياء . أولا , إننا نعلم أن الكثير من القراءات " المغايره " التى نجدها عند الآباء الرسوليين لها نظائر عند آباء آخرين أو وثائق أخرى , حيث نجد أن نفس هذه القراءه
42 – و لكن حتى عندما أعلن مجمع Quinisextine فى عام 692 م القانون المكون من 27 كتابا لكل الكنيسه , فإنه لم يقم بتحديد الشكل النصى لهذه الكتب . و بالتالى فإن محتويات إنجيل متى أو إنجيل يوحنا ربما ( و قد حدث هذا بالفعل ) اختلفت بشكل كبير من منطقة لأخرى ( الأمثله سوف تشمل ايراد أو حذف " آيات البحّار " Sailor's Signs فى متى 18 – 2 و 3 , و أيراد أو حذف قصة المرأه الزانيه من إنجيل يوحنا ) . انظر أيضا infra,n.50.
43 – انظر مثلا الملاحظات على الإقتباسات الكتابيه فى رسالة برنابا للعالم M.Staniforth(ed.),
Early Christian Writings (Harmondsworth:Penguin,1968):" إن القارىء العادى قد يجد نفسه متحيرا بسبب عدم الدقه الظاهره للعديد من الإقتباسات الغزيره لبرنابا من الكتب المقدسه . هناك ثلاثة عوامل , أى منها _ إما بنفسه أو بالتضامن مع غيره _ قد تفسر هذا . أولا , علينا ألا ننسى أن برنابا يستخدم الكتاب المقدس الوحيد الذى كان مألوفا للعالم الناطق باليونانيه , الترجمه السبعينيه اليونانيه للكتب العبريه الأصليه . ثانيا , إن معايير الضبط عنده ليس عاليه , فهو يقتبس فى الغالب من ذاكرة لا يعتمد عليها جدا , و إنه قانع بأن يعطى المعنى العام للنص بدلا من ذكر كلمات النص بدقه . و أخيرا , علينا أن نعترف للأسف أنه لم يكن يتورع كثيرا عن تغيير أو إضافة شىء للنص المقدس من أجل أن يقوى حجته " (p.191) . من الواضح أن العالم Staniforth لم يخطر بباله – أو أنها كانت فكرة خارج نطاق المقبول - أن كاتب رسالة برنابا بكل بساطه كان لديه نص مختلف عن نصنا , و أنه كان يقتبس منه بدقه !
انظر أيضا الملاحظات المتعلقه بالإقتباسات الكتابيه ليوستينوس فى A.Roberts and J.Donaldson
(eds.), The Ante-Nicene Fathers,American edn.(Grand Rapids,Mich.:Eerdmans,1985),I : " إن يوستينوس يقتبس من الذاكره , و بالتالى هناك بعض التناقضات بين كلمات يسوع المذكوره هنا , و نفس هذه الكلمات كما هى مسجله فى إناجيلنا " (167n.3) , " هذا و الإقتباس التالى مأخوذان بشكل مشوش من متى 23 و لوقا 11 " (203n.6) .
إن دراسة العالم M. Mees لإكليمندس السكندرى تستخدم نظرية " المواءمه اللحظيه " , و حديثا زعم العالم J.Verheyden فى (Assessing Gospel Quotations in Justin Martyr,in A.
Denaux(ed.), New Testament Textual Criticism and Exegesis:FestschriftJ.Delobel,BETL161
(Leuven:Peeters,2002),36177) أن يوستينوس كانت لديه دوافع أدبيه أو أسلوبيه بالنسبه لبعض التعديلات التى قام بها .
تظهر لنا فى شكلها " المغاير " فى معظمها , و فى العديد من الأحيان نجدها فى نفس الشكل المغاير بكل دقه . إن هذا برهان حاسم أن مصدر هذه القراءات " المغايره " لا يعود الى ذاكرة أخطأت , و لا يمكن كذلك للتكييفات " التلقائيه " التى بحسب الموقف أن تفسر هذا الأمر . بل بالأحرى , إننا نتعامل مع تقليد _ من المؤكد تقريبا أنه مكتوب ( بسبب ما نجده من تشابه حرفى ) _ كان معروفا للعديد من المؤلفين الذين يجمعهم تقارب زمنى شديد مع بعضهم البعض 44.
ثانيا , بينما أن الإدعاء بأن كل الآباء قد أصابهم الخبل قد يروق للبعض _ لا بد لى أن أعترف أننى متعاطف جدا مع هذه التهمه _ إلا أن هذا الإدعاء ضعيف , لأنه يفرض على المرء أن يؤمن بشيئين متناقضين و متعارضين . من أجل أن تتبنى هذا الموقف , لا بد لك من ناحية معينه أن تؤمن بأن الآباء قد اعترفوا بقيمة النص , و بالتالى فقد ترسخ هذا النص بكل حرص و حوفظ عليه و نقل بدقة متناهيه . و لكن هذا الخيار يدفعك أيضا فى ذات الوقت أن تؤكد ( من ناحية أخرى ) أن كل آباء الكنيسه الأوائل قد تعاملوا مع هذا النص " الراسخ المحفوظ المنقول بكل دقه " بشكل متعجرف , و لعبوا به ليلائم أغراضهم اللحظيه , و أنهم _ بالرغم أنهم قد يكونون قد حفظوا كل الإلياذه و الأوديسه فى شبابهم أثناء وثنيتهم _ الآن غير قادرين أن يستشهدوا من الذاكره بأبسط " كلمات الله " _ هذا الإله الذى كانوا مستعدين أن يموتوا من أجله _ دون أن يفسدوا الأمور .
اذا كان هذا المنطق السخيف _ من الناحيه المجرده و من الناحيه العمليه _ لا يجعل من الإحتجاج ب " الذاكره الخاطئه " أمرا ضعيفا , اذن انظر الى الحقائق التاليه . بكل بساطه , إن هذا الموقف لا ينسجم مع ما نعرفه عن الذاكره و النصوص فى العصر القديم . تذكر أنه فى Xenophons Symposium(3.5) صار " نيسيراتوس " أضحوكه عندما قال " لقد كان أبى متلهفا أن يرانى أصير رجلا صالحا , و من أجل هذا أرغمنى أن أحفظ كل أعمال هوميروس , حتى أننى الآن أستطيع أن أكرر كل الإلياذه و الأوديسه عن ظهر قلب " 45 . لم تأت الفكاهه بسبب التأمل فى مثل هذه المهمه الثقيله , بل بسبب أن هذا الأمر كان شائعا . لقد خفض " أنتيسينيس " من تفاخر " نيسيراتوس " قائلا : " ألم تعلم أن كل محترف للقصائد يعرف هذه القصائد أيضا ؟ " . هنا تدخل سقراط و أنقذ " نيسيراتوس " قائلا : " من الواضح أن محترفى القصائد لا يفهمون المعانى الخفيه فيها " بعكس نيسيراتوس الذى يفهم هذه المعانى بفضل دراسته الشامله تحت يد معلمين أجزل لهم الأجر جيدا .
44 – على سبيل المثال , فى مثالنا الثانى الذى ذكرناه بالأعلى , المخطوطه 1424 يعود تاريخها الى القرن التاسع – العاشر , و لكن لا يمكننا أن نقول أن التفسير يعود الى العصور الوسطى , لأنه (1) إنه منسوب الى " الإنجيل اليهودى " , و الذى يفهم فى العاده على أنه أحد أناجيل المسيحيه المتهوده ( الأكثر احتمالا أنه إنجيل الناصريين (so Vielhauer and Strecker) ) , مما (2) يضعه فى النصف الأول من القرن الثانى , و هذا (3) تماما الوقت الذى ألفت فيه رسالة إكليمندس الثانيه _ و إن رسالة إكليمندس الثانيه هى المصدر الآخر الوحيد المعروف الذى يقدم لنا جوهريا نفس القول .
45 - E.C.Marchantand O.J.Todd(eds.), Xenophon,iv,LCL(Cambridge,Mass.:Harvard
University Press;London:Heinemann,1923),5589.
من المؤكد أن آباءنا الرسوليين لم يكونوا شبابا يونانيا أرستقراطيا ذوى وسامة و قوام ممشوق , و أنهم لم ينالوا أفضل تعليم فى ذلك العالم . و لكن تظل أمامنا حقيقتان : فى العالم القديم , اذا كان لديك نص قصير بحجم رسالة يعقوب أو حتى إنجيل متى , فإن حفظ هذا النص لم يكن ليمثل أية مشكله . ثانيا , اذا كنت تحترم هذا النص بأى درجه , و تعلمت " المعانى الخفيه " 46 التى فيه , اذن يلزم من هذا أن حفظك لهذا النص ينبغى أن يكون دقيقا جدا , و إلا " ستختفى " النقطه التى تريد تفسيرها فى " أنسجة العنكبوت " لذاكرتك التى تخطىء . لقد سار النص و التفسير يدا بيد 47. كما أن أسلوب القصيدة قد حافظ على سلامة النص , كذلك فإن النظام التفسيرى الذى يعتمد على استخلاص " المعانى الخفيه " من نص ما قد ساعد أيضا على الحفاظ على سلامة النص .
و لكن ليس هذا ما يقوله لنا المدافعون عن نظرية " خطأ الذاكره " . فى أعينهم , النص موجود فى مكان ما بكل مجده الطاهر , و لكنه تقريبا لم يستشهد به أبدا بدقه بواسطة أى من هؤلاء الآباء الرسوليين . لقد كان الحفظ شائعا فى ذلك العصر , و لم تكن التفسيرات تستقى من نمط ما بعد الحداثه المتأخر , بل من المعانى " الخفيه " التى توجد داخل نص ما . ثالثا , إن من يؤمنون بهذا الخيار يزعمون أن الإقتباسات المغايره التى نجدها عند الآباء هى نتيجة _ اذا لم تكن بسبب الذاكره التى تخطىء _ تكييفهم النص ليلائم الموقف اللحظى : فكانوا أثناء التعليم أو الكرازه أو المعارضه أو التبشير يغيرون هذا النص المحفوظ بدقه متناهيه ليلائم أغراضهم . مرة أخرى , و فقط بحسب الظاهر يمكننا أن نستبعد هذا الزعم لنفس الأسباب التى قلناها عن تفسير الأمر بأنه " خطأ ذاكره " . من المستحيل أن نتصور أن قادة الكنيسه _ الذين هم على وعى بمدى أهمية النص و مدركين لضرورة الحفاظ عليه و نقله صحيحا و المتيقظين على الدوام ضد أى افسادات للنص _ سوف يكونون فى ذات الوقت يتعاملون مع نفس هذا النص بمثل هذا التحرر . كما نعلم جميعا , إن عادة التدقيق تتخلل حياة الإنسان . إن الإنسان لن يعمل بلا كلل ليحافظ على نص ما بدقة متناهيه , ليأتى بعد ذلك و يستشهد به بصورة مهمله أثناء كتابته للأطروحات اللاهوتيه التى لها احترام عال بحيث أنها هى الأعمال الوحيده التى وصلتنا من المسيحيين الأوائل .
رابعا و أخيرا , إن هذا الخيار ضد المنطق السليم , و يتجاهل النظائر التى نجدها فى الأديان الأخرى . إننا نعلم أن النصوص تتطور , و عندما يكون الأمر متعلقا بالمباحث اللاهوتيه , تكون الحاجه شديده لتكييف و تغيير النص من أجل منع " سوء الإستخدام " أو " سوء التفسير " 48. كذلك الحاجه لأن تواكب
46 - Cf.esp.Mark 4.1012,334;also Gal.4.2331.
47 - See J.Delobel,Textual Criticism and Exegesis:SiameseTwins?,in B.Aland and J.Delobel
(eds.), New Testament Textual Criticism,Exegesis and Church History:A Discussion of Methods,
CBET7(Kampen:Kok-Pharos,1994),98117.
48 – الأمثلة لا تحصى , و تمتد من أول العصر القديم ( فى موجز , انظر مرقص 10 – 17 و 18 مع متى 19 – 16 و 17 , أو مرقص 11 – 13 مع متى 21 – 19 , فى كل حاله تبدو لك الأسباب اللاهوتيه التى دفعت لتغيير النص بكل وضوح ) وصولا الى العصر الحديث ( الكتاب المقدس الجديد الأورشليمى الرومانى الكاثوليكى 1990 يترجم الكلمه الوارده فى مرقص 14 – 25 " خمر " , فبعكس المعمدانيين أو الميثوديست يستخدم الكاثوليك الخمر فى الإفخارستيا .
الأزمنه المتقلبه و الأنماط اللاهوتيه المتأخره 49. مع كل هذا , يطلب البعض منا أن نفترض أنه أثناء الفتره التى كان فيها النص فى أقل درجاته ثباتا و فى أقل درجات الحمايه لعدم اكتسابه صفة القانونيه و فى أكثر الأوقات عرضة للضغوط من جمهور الناخبين ( مثل الغنوصيين و المونتانيين و المسيحيين المتهودين و المسيحيين البولسيين و المسيحيين البطرسيين ....الخ ) الذين يتنافسون على الهيمنه داخل المسيحيه , أن يكون النص قد حفظ فى طهر عذراوى , و عزل بطريقة سحريه عن كل هذه الدوافع الرخيصه . إن قبول هذا الطرح ليس فقط تحد للمنطق السليم , بل و أيضا سخرية من المنطق و من خبرتنا بالنصوص الخاصه بالتقاليد الدينيه الأخرى 50. إنه أيضا تحد للدليل النصى المعتمد على التجربه و الذى نجده عند الآباء الرسوليين و للتقليد المخطوطى للعهد الجديد .
الإستنتاجات :
بعد مضى مائة عام من إنتاج لجنة أكسفورد لتقريرها , لدينا كل الحق أن نتعجب من فطنة هذا التقرير و من درجة اتقانه و من حجمه الوجيز . على الرغم من ذلك , فالسؤال الذى طرحته اللجنه _ أى الكتب من العهد الجديد نجد لها دليلا عند الآباء الرسوليين ؟ _ لن يكون هو السؤال الذى نطرحه الآن . فى يومنا هذا سيكون سؤالنا أكثر جوهريه و تمهيدى بشكل أكبر , و هو : ما هى النظائر النصيه التى توجد للفقرات سهلة التمييز 51عند الآباء الرسوليين , و ما الذى تخبرنا به هذه النظائر عن الطبيعه النصيه للوثائق _ أيا ما تكون _ التى كانت معروفة للآباء الرسوليين ؟
قدمت اجابات لهذا السؤال لأول مره فى مجلد 1905 , و لكن جرى تجاهلها بشكل كبير بسبب تأثيرها المدمر على الأساطير المعتنقه بشده عن نشأة العهد الجديد . على الرغم من هذا , فإن كل ما فعله القرن الأخير من البحث هو أنه قد أكد على النتائج التى توصلت لها لجنة أكسفورد كما عرضناها فى القسم الأول من ورقتنا البحثيه هذه . إن نص الوثائق التى ستتضمن فيما بعد فى
49 – الأمثلة كثيرة جدا : الكنيسه الأولى المسالمه (cf.Adolf von Harnack, Militia Christi:
The Christian Religion and the Military in the First Three Centuries (Philadelphia:Fortress,
1981),or C.J.Cadoux,The Early Christian Attitude to War: A Contribution to the History of Early
Christian Ethics (London:Headley Brothers,1919)) مقارنة بالكنيسه المحاربه البعد – قسطنطينيه , التى صارت فى عام 380 م الدين الرسمى للإمبراطوريه الرومانيه . وضاعة قدر السود المقدره إلهيا (cf.S.R.Haynes,Noah's Curse:The Biblical Justification of American Slavery
(NewYork:Oxford University Press,2001)) بالمقارنه بالوضع الجديد الذى يساويهم بالبيض فى فترة ما بعد الحرب العالميه الثانيه ......... الخ .
50 – انظر مثلا , المشكله المتعلقه بعلاقة نص الترجمه السبعينيه ب " اليونانيه القديمه " , و بالنص الماسورى , و بنص آكيلا , و بنص سيماخوس , و بنص ثيودوتيون , و بنص قمران .......الخ . (cf.E.Tov, Textual Criticism of the Hebrew Bible
(Minneapolis:Fortress;Assen:VanGorcum,1992),or S.Jellicoe, The Septuagint and Modern
Study (repr.,Winona Lake,Ind.:Eisenbrauns,1989),2334,31213, et passim).
51 – اقتباسات " مجهوله " من " أناجيل " مجهوله أو " أقوال ليسوع " مجهوله
العهد الجديد لم تكن مستقرة أو رسميه . فى الواقع , كان النص لا يزال يتطور من حيث كلا من المجال و الأشكال المختلفه .
بالإضافة لما سبق , لا نجد أى قانون واضح , كما هو واضح من الإستشهاد بما يعتبر اليوم أقوالا غير قانونيه ليسوع على أنها " إنجيل " , و من الوضع الذى أضفى على وثائق ( مثل " الإنجيل " المجهول المستشهد به بكل وضوح فى رسالة اكليمندس الثانيه 8 – 5 " لأن الرب قال فى الإنجيل " ) غير معروفة لدينا اليوم . على الرغم من ذلك , فالشىء الأكثر أهميه هو الإعتراف _ الموجود ضمنيا فى النتائج المذكوره فى مجلد 1905 _ أن أمر تثبيت القانون كانت له أهمية ضئيله , لأنه بكل بساطه وضع اسم مثل " متى " على قائمه ما , لا يثبت محتويات هذه الوثيقه و لا يثبت نصها 52.
52 – مثال على هذا , لائحة أثناسيوس القانونيه لعام 367 م ( فى رسالته الفصحيه رقم 39 ) : إن هذه اللائحه تذكر إنجيل يوحنا , و لكن نص إنجيل يوحنا الذى عرفه أثناسيوس ربما لم يكن فيه قصة المرأه الزانيه ( يوحنا 7 , 53 – 8 . 11 ) , لأن أقدم مخطوطة يونانيه تتضمن هذه الفقره هى المخطوطه بيزا ( D ) و التى يعود تاريخها الى حوالى عام 400 م , (so D.C.Parker,Codex Bezae:An Early Christian Manuscript and its Text(Cambridge:Cambridge University Press,1991),2801). إن هذا التلاعب بالنص لم يكن دوما عن طريق الإضافه , لأنه حوالى عام 430 م يذكر أغسطينوس (De adulterinis coniugiis 7.6(ed.Zycha,CSEL41,
3878)) أن الرجال الأتقياء فى أبرشيته حذفوا نفس هذه الفقره من نسخهم التى لإنجيل يوحنا , خشية أن تستخدمها زوجاتهن ليبررن زناهن و يفلتن من العقاب .
William L. Petersen
فى مقال له بكتاب
The Reception of the New Testament in the Apostolic Fathers
Edited by
ANDREW F. GREGORY
CHRISTOPHER M. TUCKETT
صفحة 29 - 46
فحص التقاليد النصيه : ما الذى يخبرنا به نص الآباء الرسوليين عن نص العهد الجديد فى القرن الثانى
ويليام ل . بيترسن
منذ قرن مضى , قامت لجنة صغيره من مجتمع أكسفورد المختص باللاهوت التاريخى بنشر مجلد صغير يتألف من 144 صفحه بعنوان " العهد الجديد عند الآباء الرسوليين " 1. كانت المهمه التى كلفت بها اللجنه هى اعداد مجلد يعرض تلك الفقرات الخاصه بالكتاب المسيحيين الأوائل التى تشير – أو اعتقد أنها تشير – الى معرفة بأى من كتب العهد الجديد2.
قصرت اللجنه نفسها على ما يعرف باسم " الآباء الرسوليين " , ففحصت ثمانية كتّاب ( و – أو نصوص ) 3, و قدمت النتائج فى شكل أمثله . كل فقرة لأب رسولى اعتقد أن لها نظيرا فى العهد الجديد القانونى أخذت و طبعت باليونانيه و معها النظائر المشهوره 4 . صاحب كل فقره تحليل مختصر , فى الغالب , خلاصة ختاميه تعطى فكرة عامه عن مدى المعرفه المفترضه لهذا الكاتب ( أو النص ) عن العهد الجديد . دعونا نبدأ بأن نراجع النتائج التى وصلنا اليها منذ قرن مضى .
1- لجنه من مجتمع أكسفورد المختص باللاهوت التاريخى , العهد الجديد عند الآباء الرسوليين , (Oxford:Clarendon Press,1905),hereafter NTAF.
2- NTAF,p.iii.
3- المؤلفون – النصوص هى : رسالة برنابا , الديداخى ( مقسم الى جزئين , قسم " الطريقين " و القسم " الكنسى " ) , إكليمندس الرومانى , أغناطيوس , بوليكاربوس , راعى هرماس , رسالة إكليمندس الثانيه .
4- المشاكل المتعلقه بالتعامل مع " النظائر " الآبائيه أو الأبوكريفيه مقارنة بالنص الحالى للعهد الجديد مشتهره , و لا داعى أن نكررها فى مقامنا هذا .
نتائج الفحص الذى تم عام 1905 :
فى عام 1905 م قسم الباحثون احتمالية أن يكون أب معين يظهر معرفة بكتاب معين من العهد الجديد بأن أعطوا حرفا لكل تقاطع محتمل , بدءا من A وصولا الى D . يعبر الحرف A عن الكتب التى لا يمكن أن يكون هناك شك عقلانى حول معرفة الأب بها , و يعبر الحرف B عن الكتب التى لها احتمالية كبيره , و يعبر الحرف C عن الكتب التى لها احتمالية ضعيفه , و يعبر الحرف D عن أن الدليل غير متيقن منه بدرجة كبيره بحيث لا يسمح بأن تعتمد عليه 5, و قد لخصت النتائج فى جدول عرض فى صفحة 137 .
من بين 216 موضع محتمل للتقاطع بين أب و كتاب معين 6, كانت الإستنتاجات ممكنة فقط فى 85 تقاطعا , بنسبة 39 % . من بين هذه ال 85 موضعا التى أمكن أن يوضع لها حرف من أجل تصنيفها , نجد أن لدينا 43 موضعا أخذت حرف D , و 22 موضعا أخذت حرف C . هناك 14 موضعا أخذت حرف B ( على الرغم من ذلك فثمانية منها تأتى من مصدر واحد هو بوليكاربوس ) , و هناك 6 مواضع أخذت حرف A . اذا تحولنا للنسب المئويه فالمواضع التى أخذت حرف D تمثل 51 % من المجموع , و المواضع التى أخذت حرف C تمثل 26 % , أى أنهما معا يشكلان 77 % من المجموع . المواضع التى أخذت حرف B تمثل 16 % ( أو اذا حذفنا بوليكاربوس , 7 % ) , بينما تمثل المواضع التى أخذت حرف A جزءا ضئيلا مقداره 7 % من المجموع 7 .
إن أكثر السمات الملحوظه فى مجلد 1905 م هى الحقيقه القائله بأن – الآن بعد قرن منذ ذلك التاريخ - النتائج " الرسميه " التى توصلت لها اللجنه ( أى التصنيف عن طريق الحروف و تحديد ما يبدو أن كل أب قد عرفه من كتب العهد الجديد ) تتضاءل أهميتها اذا ما قارناها بملحوظات الباحثين التى كتبوها تعليقا على الفقرات التى فحصوها . إنه لمن المحير لماذا أن الباحثين فى القرن الأخير لم يهتموا إلا قليلا جدا بهذا " التعليق " على القراءات , ليس فقط لأن الملحوظات التى سجلها الباحثون عام 1905 م لم تكن فقط سابقة لزمانها , بل و أيضا قد أكدت بشكل مستقل بواسطة الباحثين اللاحقين . من أجل أن نفهم لماذا تم تجاهل الملاحظات التى سجلها الباحثون عام 1905 م , علينا أولا أن نأخذ عينة منها . التالى هو خليط لاقتباسات من المجلد الذى قدمته لجنة أكسفورد عام 1905 م :
6- هذه " التقاطعات المحتمله البالغ عددها 216 " بعيده عن القسم الذى صنفته اللجنه ل " التقليد الإزائى " الذى كان يعبر فيه عن معرفة محتمله بعلامة زائد ( + ) . لقد تجاهلت هذا لأن (1) إن هذا القسم لا يشترط وثيقة محدده و (2) علامة الزائد (+) تجعلنا نتساءل عن درجة هذه المعرفه لعدم استخدام حرف يظهر الرتبه . بالنسبة للكتب الأخرى التى استخدم معها تصنيف باستخدام الحروف , قد تجاهلت استخدام اللجنه للأقواس المربعه و لعلامات الإستفهام التى فقط تصف رتبة حرف ما .
7 – تذكر أن هذه النسب المئويه قد حسبت بناء على 85 تقاطعا حدد لكل منها رتبة حرف , و اذا كان سنحسب هذه النسب المئويه بناء على ال 216 مكانا محتملا , اذن سيكون لدينا 20 % لحرف D , 10 % لحرف C , 7 % لحرف B , و 3 % لحرف A , و 61 % لا يوجد دليل بخصوصها ( أى أن هذه الأرقام تساوى 101 % )
بخصوص رسالة برنابا ( التى درسها J.V.Bartlet ) نقرأ التالى : " اذن اجمالا , لدينا سبب يجعلنا نتوقع بأنه اذا كان برنابا يشير الى أى من كتابات العهد الجديد , فإن هذا يتم بطريقة حره و بشكل تفسيرى ......" 8 بعد ذلك بقليل نجد هذه الملاحظه : " على الرغم من أن الفقرات ( برنابا 13 - 2 و 3 و روميه 9 - 7 الى 13 ) ينقلان العباره المشتركه بينهما , إلا أنهما يستخدمانها بشكل مختلف .... إن برنابا غالبا ما يحرف الشىء الذى يستعيره , و إن معرفته برسالة روميه على الرغم من ذلك محتمله " 9.
بخصوص الديداخى ( الذى فحصه K.Lake ) نقرأ التالى : " إن التشابه بين هذه الفقره ( ديداخى 1- 4 الى 6 ) مع ما ورد فى انجيل متى ( 5 – 39 الى 42 ) و انجيل لوقا ( 6 – 29 و 30 ) أمر واضح . على الرغم من ذلك لا بد لنا أن نلاحظ أننا لو أخذنا الخمس حالات بحسب ترقميها و ترتيبها فى الديداخى , فإن متى لديه 1و 3 و 2و 5 و يحذف 4 , بينما لوقا لديه 1 و 3 و 5 و 4 و يحذف 2 . بالذهاب الى خارج نطاق الأناجيل القانونيه , فإن الدياتيسرون الخاص ب " تاتيان " ( بحسب اعادة تكوينه الذى أعده Zahn in his Forschungen,i.17 ) فيه 1 و 2 و 3 و 4 و يحذف 5 , و نجد أن دفاع يوستينوس ( Justin's Apology,i.16 ) يذكر فقط 1 و 3 , و يذكر 2 بعد ذلك بسطر . من الصعب أن نخرج بأى استنتاج آخر مؤكد من خلال هذه الحقائق أكثر من أن هذا التشابه مع أناجيلنا يمكن تفسيره بأى طريقه من الطرق الأربعه التى ذكرناها فى الملحوظة السابقه ....... فى الفقره التى توجد العديد من الإحتمالات بخصوصها , فقط أكثر التشابهات الحرفيه قربا ستكون كافية من أجل اثبات وجود اعتماد أدبى 10 .
بخصوص رسالة اكليمندس الأولى , سجل العالم (A.J.Carlyle) نتائجه , و كتب التالى : " يبدو أن الإقتباسات من العهد القديم فى معظمها تتسم بدقة كبيره , خصوصا فى حالة الإقتباس من فقرات مطوله ...... إن الإقتباسات من العهد الجديد لها شكل مختلف بكل وضوح . حتى فيما يتعلق بأعمال العهد الجديد التى يبدو لنا مؤكدا أن اكليمندس قد عرفها و استخدمها , مثل رسالة روميه و رسالة كورنثوس الأولى فإن الإقتباسات تتسم بالتحرر و عدم الدقه 11 .
بخصوص أغناطيوس الأنطاكى , دون العالم (W.R.Inge) الذى كان مسئولا عن دراسته ملحوظة جديرة بالإهتمام 12 قائلا أن " أغناطيوس دائما يقتبس من الذاكره , و أنه غير دقيق حتى بالمقارنه بمعاصريه , و أنه يبدو فى بعض الأحيان أن لديه ذاكره غير واضحه بخصوص العبارة عندما لا يفكر أو لا يرغب أن يذكر قراءه بالسياق الأصلى " 13.
8- NTAF,3.
9 - NTAF, 4(reading2).
10 - NTAF, 356(reading26).
11- NTAF, 37.
12 - إن ادعاء العالم Inge جدير بالملاحظه لثلاثة أسباب : (1) إنه زعم لا يمكن أن يقال به بأى درجة من درجات الثقه _ على الرغم من ذلك نجد أن العالم Inge يتحدث جازما فيقول " أغناطيوس دائما ..... " (2) إن ادعاء العالم Inge لا يمكن اثباته بالكليه و (3) هذا الإدعاء يزيل بالكامل – دون أى دليل – كل التفسيرات الأخرى المحتمله ( مثل : استشهاد حرفى من مصدر أبوكريفى , استشهاد دقيق من كتابات الآباء , استشهاد من التقليد الشفهى , استشهاد من نص مغاير لأحد الإناجيل .... الخ ) .
إن الصلف الذى نجده فى ادعاء العالم Inge – و لكنه ادعاء ورع دينيا – لا يواكب الأسلوب المدقق جدا و الفاحص و النقدى الذى نجده فى المساهمات الأخرى , انظر على سبيل المثال العمل التحليلى المدقق للعلماء J.V.Bartlet و A.J.Carlyle و P.V.M.Benecke على رسالة اكليمندس الثانيه .
13 - NTAF, 64(reading" g" );italics added.
بخصوص بوليكاربوس الذى من سميرنا , دون الباحث (P.V.M.Benecke) ملحوظته التاليه : " هنا مرة أخرى ( 12 – 3 ) يبدو أن لغة بوليكاربوس قد تأثرت بتعليم مشابه للعظه على الجبل ( متى 5 – 44 , لوقا 6 – 27 ) , و لكن الفقره لا تقدم أى دليل على استخدام أى من أناجيلنا الأربعه فى شكلها الحالى 14 .
بخصوص سفر راعى هرماس , كتب J. Drummond ما يلى : " إن مؤلف سفر راعى هرماس لا يمدنا فى أى موضع بإقتباس مباشر من العهد القديم أو الجديد و بالتالى فنحن مضطرون أن نعتمد على التلميحات التى دائما ما يتطرق لها درجة من الشك " 15.
و ختاما , رسالة اكليمندس الثانيه التى فحصها العلماء (J.V.Bartlet,A.J.Carlyle,and P.V.M.Benecke) نقرأ عنها التالى : " إن كلمات اكليمندس (رسالة اكليمندس الثانيه 3 – 2 ) مختلفة بقدر كاف عن ( متى 10 – 32 , أو لوقا 12 – 8 ) لدرجة تجعلنا نفكر أنه تم استخدام مصدر آخر تماما , سواء كان مصدرا شفهيا أو مكتوبا 16 . بخصوص فقرة أخرى لاحظوا التالى : " إن الفقره الوارده فى رسالة اكليمندس الثانيه 4 – 2 ربما بكل بساطة تعكس صدى لما ورد فى متى 7 – 21 ...... أو أن الإقتباس قد كان له هذا الشكل فى نفس المصدر الذى جاءت منه 4 – 5 و 5 – 2 الى 4 , إن الموضوع مماثل . أو أنها قد جاءت من التقليد الشفهى 17 .
كما توضح هذه العينات , فإن الباحثين فى عام 1905 م ( باسثناء العالم Inge الذى وقف على حافة نهج كنسى أسطورى ) كانوا مدركين تماما لتعددية التفسيرات المحتمله للدليل الذى وجدوه عند الآباء الرسوليين , و كانوا أيضا مدركين بشده لعدم قدرتهم على الوصول الى أحكام قاطعه بناء على هذا الدليل . كل ما كان بوسعهم أن يفعلوه هو أن يسيروا فى " الطريق السلبى " : إن المصدر - المصادر المستخدمه فى حوالى ثلاثة أرباع الفقرات المستخدمه عند الآباء الرسوليين و التى لها نظير فى العهد الجديد ( اذا اقتبسنا ما قاله العالم Benecke عن بوليكاربوس ) " لا تقدم أى دليل على استخدام أى من أناجيلنا فى شكلها الحالى " 18 . اذا كان الوضع بهذا الشكل , فعلى المرء أن يأخذ فى حسبانه ( اذا اقتبسنا ما قاله العلماء Bartlet و Carlyle و Benecke عن رسالة اكليمندس الثانيه ) " الإستخدام المباشر لمصدر آخر تماما ( أى مصدر غير قانونى ) سواء كان مصدرا شفهيا أو مكتوبا " 19 .
تلك الإستنتاجات - المؤسسه على أول تصنيف و فحص منهجى للنظائر المحتمله بين الآباء الرسوليين و العهد الجديد – هى ما تجعل من المجلد الصادر فى عام 1905 م مرحله مهمه من مراحل التعلم . على الرغم أن المهمه التى حددت لهذه اللجنه لم تكن أن يصدروا حكما على نص نظائر العهد الجديد عند الآباء الرسوليين , إلا أنهم على الرغم من ذلك قد فعلوا هذا . ليس من المعلوم ما اذا كانوا قد لاحظوا منذ البدايه أن مثل هذه الأحكام تمثل ضرورة و أنها خطوة وسيطه أثناء طريقهم تجاه هدفهم النهائى , أو ما اذا كانوا قد لاحظوا ذلك فقط أثناء سير المشروع . و لكن كما توضح لنا تلك العينات الصغيره التى عرضناها بالأعلى
14 - NTAF, 103(reading78).
15 - NTAF, 105.
16 - NTAF, 130(reading23).
17 - NTAF, 131(reading24).
18 - NTAF, 103(reading78).
19 - NTAF, 130(reading23).
, فإن ملحوظاتهم النصيه التجريبيه كانت مدمرة لفكرة وجود نص " معيارى " أو " رسمى " فى النصف الأول من القرن الثانى . إن الإنفصال بين المعتقد ( كلا من العامى و الأكاديمى ) و بين هذه النتائج تفسر بدرجة كبيره لم أن المجلد الصادر عام 1905 لم يلق سوى قدر قليل من الإنتباه , حتى – و إنه لأمر محزن - بين النقاد النصيين .
اذا بحث المرء عن الأطر فى القراءات التى صنفتها و فحصتها لجنة أكسفورد , تبرز لدينا ثلاثة استنتاجات عريضه . أولا , من الواضح أن الغالبيه العظمى من الفقرات الموجوده عند الآباء الرسوليين التى يمكن للمرء أن يجد لها نظائر محتمله فى العهد الجديد تتسم بوجود " انحرافات " عن نصنا الحالى , النص النقدى للعهد الجديد . لا بد أن نؤكد على أن الغالبيه العظمى من هذه الإختلافات ليست " طفيفه " ( أى ليست مجرد اختلافات هجائيه أو فى زمن الفعل ) بل اختلافات عظيمه ( نص جديد بالكامل , اضافة جوهريه أو حذف جوهرى , أو دمج لفكرتين أو فقرتين مختلفتين تماما ) . ثانيا , إن إحداث الإنسجام ظاهره مدهشة شائعه . فى بعض الأحيان تكون المواضع التى أحدث بها انسجام ( تقريبا ) بالكامل تتكون من ماده نجدها فى طبعاتنا الحديثه للعهد الجديد , و لكن على الرغم من ذلك فالأكثر شيوعا من هذا أن نجدها تحتوى على ماده تصنف فى يومنا هذا على أنها ماده غير قانونيه extra-canonical . ثالثا , غالبا ما يعيد الآباء الرسوليون انتاج – دون تسجيل أى ملاحظه على هذا - مادة نعتبرها اليوم غير قانونيه . فى بعض الأحيان نجد أن هذه الماده غير القانونيه تصدر بصيغة تدل على اقتباس _ مثل " الرب يقول " أو " الإنجيل يقول " . إن الدلاله الواضحه هى أن الأب قد اعتبر هذا المصدر غير القانونى ذا سلطة مساوية كغيره .
لقد حدث الكثير فى هذا القرن منذ نشر مجلد 1905 م . لقد نشبت حربان عالميتان و انتهت كل منهما , و قد صارت الذره طوع الإستخدام , و صار الطيران حقيقه , و اختفى مرض شلل الأطفال و الجدرى . و لكننا نجد بعد قرن مضى أن العلماء المعاصرين – الذين يعملون بشكل منفصل – يتوصلون الى نفس النتائج , و يعبرون عنها تقريبا بنفس المصطلحات . يمكن للمرء أن يطالع مثلا الكتاب الذى كتبه العالم Helmut Koster المعروف باسم Synoptische Uberlieferung bei den Apostolischen Vatern و يقرأ ( ما كتبه عن الديداخى 16 – 3 الى 8 و متى 24 – 10 الى 12 ) : " بسبب الإختلافات الكبيره فى الصياغه و المحتوى , لا يمكن أن يكون هناك علاقة أدبية بين النصوص " 20.
اذا تحولنا من الإستقصاء المطول للعالم Koster الى الدراسات التى تركز على وثيقة واحده , تظل النتائج كما هى . على سبيل المثال , بالنسبه لرسالة اكليمندس الثانيه 13 – 4 ( parr لوقا 6 – 32 , 6 – 27 , متى 5 – 46 , 44 ) كتب العالم Karl Donfried ما يلى : " من المحتمل جدا أن كاتب رسالة اكليمندس الثانيه كان بحوذته مصدر غير قانونى و أنه يقتبس منه " 21 .
20 - H.Koster,Synoptische Uberlieferung bei den Apostolischen Vatern TU 65(V Reihe, Band 10)
(Berlin: Akademie Verlag,1957),179.
21 - K.P.Donfried, The Setting of Second Clement in Early Christianity, NovTSup 38(Leiden:
Brill,1974),78
بينما يمكن للباحثين المعاصرين أن يراوغوا حول كيف يمكن على وجه الدقه أن نفسر قراءه معينه عند أب رسولى معين 22, إلا أن هناك حقيقه – قد لاحظتها بالفعل لجنة 1905 – تظل ثابته : فى الغالبيه الساحقه من المواضع , تلك الفقرات التى عند الآباء الرسوليين التى لها نظائر مع عهدنا الجديد فى عصرنا هذا , تقدم لنا نصا مختلفا جدا عما نجده الآن فى طبعاتنا النقديه المعاصره للعهد الجديد . ربما يتساءل البعض عما اذا كانت هذه الإختلافات ستختفى اذا ما غيرنا أساس المقارنة بعيدا عن نصنا النقدى المعاصر و جعلنا المقارنة مع النصوص الموجوده فى المخطوطات العظيمه ذات الحرف الكبير " great uncials " التى تنتمى لمنتصف القرن الرابع ( المخطوطه السينائيه و المخطوطه الفاتيكانيه ) . إن الإختلافات لن تختفى . و حتى لو غيرنا أساس المقارنه تجاه النص الموجود فى أقدم مخطوطات النص المتصل oldest continuous-text manuscripts للعهد الجديد ( P 64 + 67 و p 66 " كلاهما تعودان تقريبا الى حوالى عام 200 م 23) , فإن الإختلافات ستظل موجوده . يتحتم على المرء أن يعترف بكل بساطه أن الفقرات التى نجدها عند الآباء الرسوليين مختلفة عن النصوص الموجوده فى أقدم بردياتنا للعهد الجديد , و عن النص الموجود فى مخطوطات الحرف الكبير , و عن النص الموجود فى طبعاتنا المعاصره .
ذلك الحين و الآن , الإختلافات التى طرأت خلال قرن :
على الرغم من التشابهات بين النتائج التى توصل اليها فى مجلد 1905 م و بين تلك النتائج التى توصلت لها الأبحاث الحديثه (Koster,Donfried,Niederwimmer,etc.) , إلا أن هناك أيضا اختلافات . إن هذه الإختلافات مهمه , لأنها توضح كيف أن معرفتنا قد تغيرت , و توضح ما الذى دفع لهذا التغير . كانت المصادر الجديده المكتشفه هى ما دفعت لهذا التغير , و كانت كيفية التغير عبر إنتاج أطر جديده عن تطور النصوص المسيحيه الأولى ( بما فى ذلك تلك النصوص التى صارت فيما بعد قانونيه ) بناء على الأدله التى وجدناها فى تلك المصادر الجديده . دعونا نتناول كلا من ذلك فى دوره .
المصادر الجديده
إن ذكرنا فقط لأسماء ثلاثة مصادر اكتشفت بعد عام 1905 م سيكون كافيا للتعبير عن أهميتها . بداية فى عام 1911 م , جمع العالم Alfred Schmidtke
22 – هل السبب فى هذا الذاكره المخطئه للأب , أم اعتماد على " تقليد شفهى " , أم استخدام نسخة أوليه proto-version لأحد أناجلينا الأربعه القانونيه , أم اعتماد على انسجام قبل – يوستينى pre-Justin harmony , أم استخدام إنجيل أبوكريفى , أم ميل الأب أن يوائم النص بكل حريه ليناسب جمهور قارئيه و اللحظه التى يتحدث فيها .
23 - So K.and B.Aland, TheText of the New Testament, 2nd rev.edn.(trans.from the 2nd
German edn.(1981);Grand Rapids ,Mich.: Eerdmans; Leiden: Brill,1989),100.
و نشر التفسيرات التى تعرف حاليا باسم " طبعة انجيل صهيون " 24 . ثانيا , بردية ايجرتون رقم 2 التى اكتشفت عام 1934 م و نشرت عام 1935 م 25 . ثالثا , النسخه القبطيه لإنجيل توما بكامله التى عثر عليها عام 1945 م 26 .
الأطر الجديده التى نبعت من المصادر الجديده
أحدث اكتشاف هذه المصادر الجديده ثورة , لأنه فى العديد فى الحالات صار بحوذتنا العديد من الأمثله التى تعود للقرن الثانى لنفس القول أو الحادثه . لقد سمح هذا لنا أن نجرى مقارنات , و لأول مره صار بإمكاننا أن نرسم مسار التطور لقول معين أو فقره معينه : هناك نقطة ما على الخريطه تمثل موقعا ثابتا , و لكن هناك العديد من النقاط المتصله على الخريطه تمثل رسما بيانيا و مسارا يوضح التغير . إن وجود العديد من النسخ لنفس الفقره قد عنى أيضا أن " الأطر و الممارسات " التى انتهجها المؤلفون و النساخ فى تلك الفتره يمكن لنا أن نعينها و أن نقوم بوصفها . إن وجود هذه التعدديه فى أماكن العزو قد غير بشكل كبير نظرتنا تجاه تاريخ انتقال الكتب التى صارت فيما بعد جزءا من القانون . لتعرف كم كان مقدار هذا التغير , خذ هذين المثالين .
المثال الأول :
عندما تأمل مؤلفو مجلد 1905 م فى مصدر ما ورد فى رسالة اكليمندس الثانيه 12 – 2 , كان النظير الوحيد المعروف قصاصه ل " يوليوس كاسيانوس " (fl. 190?) اقتبسها اكليمندس السكندرى فى الستروماتا 3 – 13 – 92 . لقد لاحظ اكليمندس بكل وضوح أن النص الذى اقتبسه كاسيانوس لا يوجد فى " أناجلينا الأربعه " بل كان ( وفقا لما قاله أكليمندس ) من " ( الإنجيل ) بحسب المصريين " . على الرغم من ذلك , فإننا اليوم يمكن أن نجد له نظيرا مع القول رقم 22 فى إنجيل توما 27.
24 - A.Schmidtke, Neue Fragmente und Untersuchungen zu den judenchristlichen Evangelien,
TU37.1,3Reihe,Band7(Leipzig:Hinrichs,1911). الملاحظة الأولى للعالم Bousset عام 1894 م فى Textkritische Studien zum Neuen Testament,TU11.4(Leipzig:Hinrichs),1325) عن عشر من المخطوطات نالت اهتماما ضئيلا , و لم يسرد ال 39 مخطوطه التى تنتمى للمجموعه . انظر W.L.Petersen,Zion Gospel Edition,in D.N.Freedman(ed.), Anchor Bible Dictionary (New
Yorkoubleday,1992),vi.10978.
25 - H .I.Bell and T.C.Skeat (eds.) , قصاصات من إنجيل مجهول و من برديات مسيحيه قديمة أخرى (London:Trustees o fthe British Museum,1935),141.
26 - A.Guillaumont,H.-C.Puech,G.Quispel,W.Till,andY.Abd alMasih(eds.), TheGospel
of Thomas (Leiden:Brill;NewYork:Harper&Row,1959). إن أقدم قصاصات بلدة البهنسه " Oxyrhynchus " الخاصه بإنجيل توما ( P Oxy .1 ) كانت معلومة عند باحثى أكسفورد , فقد نشرت عام 1897 م . القصاصتان الأخريان ( P Oxy 654 , 655 ) لم يتم نشرهما سوى فى عام 1904 , و بالتالى فمن المفترض أنهما كانتا مجهولتين للجنة أكسفورد ( الثلاث قصاصات التى تنتمى للبهنسه " "Oxyrhynchus قد حررت بواسطة Grenfell and Hunt )
27 – النصوص متوفره فى لغاتها الأصليه إما فى Jesus, in H.Helderman and S.J.Noorda(eds.), Early Transmission of Words of Jesus
(Amsterdam:VUBoekhandel/Uitgeverij,1983),26188; أو فى Donfried,Setting of Second Clement
in Early Christianity,737. الترجمات الإنجليزيه الموجوده فى الجدول ( مع تعديلات طفيفه ) هى الخاصه على وجه الترتيب ب Baarda و Lightfoot/Harmer/Holmes و Baarda .
لم يكن الدليل الموجود فى إنجيل توما متوفرا لدى لجنة أكسفورد عام 1905 , فكانت ملاحظتهم على النحو التالى : " يبدو كما لو أن رسالة اكليمندس الثانيه تقتبس من نفس الفقره ( فى الإنجيل الذى بحسب المصريين , الذى اقتبس منه أيضا كاسيان ) " . فى الواقع , فإن العالم J.V.Bartlet الذى كان أحد أعضاء لجنة أكسفورد و الذى كان مسئولا عن فحص رسالة اكليمندس الثانيه , قد اقترح أن كل الإقتباسات غير القانونيه الموجوده فى رسالة أكليمندس الثانيه " ربما " قد أتت من الإنجيل
بحسب المصريين , حتى أنه ربما يكون " المصدر غير القانونى الوحيد " الذى تستشهد به رسالة اكليمندس الثانيه دائما28.
اذا أجرى تحليل للأمر فى يومنا هذا فسنصل الى نتيجة مختلفه . إن النصوص الثلاثه التى عرضناها بالأعلى تظهر لنا أنه عند منتصف القرن الثانى , كان تاريخ انتقال قول واحد ( " يصير الإثنان واحدا , الذكر مع الأثنى " ( العناصر g و l و m ) ) كان قد تفرع بالفعل الى عائلتين .
" العائله رقم 1 " , تتكون من اكليمندس السكندرى – كاسيانوس – صورة النص فى الإنجيل بحسب المصريين . فى هذه العائله , جوهر هذا القول ( العناصر g و l و m ) بقيت فيما يبدو فى صورة ليست بها مواضع اضافه . و لكن على الرغم من ذلك , قد أدمج مع قول آخر ( العناصر d و e و f ) التى تنتشر فى أماكن أخرى بشكل منفصل 29.
" العائله رقم 2 " تتكون من الشكل الذى نجده فى رسالة إكليمندس الثانيه و من إنجيل توما ( القول رقم 22 ) . إن صلة القرابه النصيه لهذين المصدرين يشهد لها أربع أوجه تشابه . (1) كلا النصين يعرضان القول كسؤال عن " الملكوت " ( العنصر c ) . ( 2) كلا النصين لم يقم بإضافة القول الثانى ( " عندما تدوسون على ثوب الخزى " , العناصر d و e و f ) الذى يوجد فى العائله الأولى . (3) فى كلا النصين , نجد أن الكلمات الأولى التى نطق بها يسوع متماثله ( العنصر g ) (4) كلا النصين يحتويان على نفس الإضافه التى تقول " و الخارج كالداخل " ( العنصر i ) .
لاحظ أيضا أن " العائله رقم 2 " تظهر حدوث تطور بداخلها . أولا , نلاحظ أن " العائله رقم 2 " فقط يوجد بها الإضافه ل " العنصر i " ( و الخارج كالداخل ) . فى اللحظه التى أدخلت فيها هذه الإضافه ( بواسطة كاتب رسالة اكليمندس الثانيه أو بواسطة مصدره ) و وصلت الى كاتب إنجيل توما , فإن كاتب إنجيل توما أو مصدره قد قام بتضخيم موضع الإضافه عن طريق إضافة العناصر h و j و k .
منذ قرن مضى , افترض العالم Bartlet أن كاتب رسالة اكليمندس الثانيه قد استخدم الإنجيل بحسب المصريين _ نفس المصدر الذى استخدمه كاسيانوس . على الرغم من ذلك , فإن استنتاجاتنا فى يومنا هذا مختلفة جدا . إننا نلاحظ أن
28 - NTAF,136 . على الرغم من هذه التصريحات , إلا أن العالم Bartlet يقدم أيضا ملاحظة ذات بصيرة بالغه عن مصادر الإنجيل الذى بحسب المصريين : " إن سمة المصدر المقتبس فى رسالة إكليمندس الثانيه 5 – 2 الى 4 يتشابه بدرجة أقرب مع ما نعرفه عن أقوال يسوع البهنسيه Oxyrhynchus Sayings of Jesus أكثر من تشابهه مع الإنجيل بحسب المصريين , كما يتصور عادة . و لكن من المحتمل أن الإنجيل المصرى قد احتوى على مواد كثيره من أناجيل أقدم , بما فى ذلك " إنجيل الأقوال " البهنساوى Oxyrhynchus "Sayings Gospel" . فى يومنا هذا يمكننا أن نقول أن العالم Bartlet كان قريبا جدا من التصور الصحيح _ على الرغم من أنه ربما يمكننا التأكيد أن الثلاث نسخ المتوفره لدينا اليوم لا يمثل أى منها الصورة الأقدم من القول , إلا أنه من المتفق عليه بشكل عام أن صورة القول التى نجدها فى رسالة إكليمندس الثانيه هى أقدم الصور المحفوظه التى نمتلكها , (so Koster,Donfried,Lindemann,etc.) , و لكن من الواضح أن الثلاثة كلها قد جاءت من تقليد أقدم .
29 – هذه العناصر الثلاثه الأولى ( d و e و f ) ذات صلة بكل وضوح بالقول رقم 37 فى إنجيل توما : ( قال تلاميذه " متى ستظهر لنا و متى سنراك ؟ " , قال يسوع " عندما تتعرون دون أن تخجلوا , و عندما تأخذون ثيابكم و تجعلونها تحت أقدامكم مثل الأطفال الصغار و تدوسونها , حينها سترون ابن الحى و لن تخافوا " .
بحوذتنا ثلاثة أشكال لنفس القول ( العناصر g و l و m ) و كلها يعود تاريخها الى النصف الأول من القرن الثانى . على الرغم من ذلك , لا يبدو أن أيا منها يقدم لنا الصوره الأكثر قدما لهذا القول . لقد عبث كل مصدر بكلمات يسوع , كل بطريقته الخاصه . فى " العائله رقم 1 " أدمج القول الأصلى ( العناصر g و l و m ) مع قول منفصل (العناصر d و e و f ) . فى " العائله رقم 2 " نلاحظ أن كاتب رسالة اكليمندس الثانيه قد أضاف " العنصر i " فى القول , و فى اللحظه التى وضع فيها " العنصر i " فى موضعه هذا , صار أمام كاتب إنجيل توما نقطة إنطلاق نحو إضافات أخرى ذات صله ( العناصر العناصر h و j و k ) .
فى عام 1905م , كانت لدى الباحثين صورتان فقط لهذا القول . فى يومنا هذا و بفضل اكتشاف إنجيل توما , صار لدينا ثلاثة أماكن للعزو , و صار لدينا نظرة أدق عن كيفية التعامل مع النصوص فى الفتره المبكره من القرن الثانى . و بالتالى فإن تحليلنا أكثر عمقا و أكثر تفصيلا .
المثال الثانى :
هناك قول للمسيح فى رسالة إكليمندس الثانيه 4 و 5 a , و قد صنفته لجنة أكسفورد على أنه قد أتى من " الأناجيل الأبوكريفيه " دون أن يشترطوا إنجيلا معينا 30. فى عام 1911 م نشر العالم Schmidtke تفسيرات ل " طبعة إنجيل صهيون " 31 , مما وفر أول نظير لهذا القول . فى مخطوطة الإنجيل اليونانيه رقم 1424 ( تعود للقرن التاسع أو العاشر ) , هناك تفسير على الهامش لنص متى 7 – 5 ينسب هذا القول الى " الإنجيل اليهودى " .
30 – اذا قبلنا تخمين العالم J.V.Bartlet و آخرون (see supra,at n.28) , فسينطبق على هذا الموضع بالإضافة لما ورد فى رسالة إكليمندس الثانيه 12 – 2 .
31 – انظر supra,n.24.
إن هذا التفسير لا يحدد لنا فقط مصدر هذا القول ( لقد استنتج العالم Schmidtke أن الإنجيل اليهودى كان أحد الأناجيل الخاصه بالمسيحيه المتهوده , و قد اقترح العالمان Vielhauer و Strecker أن هذا الإنجيل هو إنجيل الناصريين الذى يعود تاريخه الى النصف الأول من القرن الثانى 32) , بل يبدو أيضا أنه يحتفظ بصورة أكثر قدما و أكثر " ساميّه Semitic " لهذا القول أكثر مما تفعل رسالة اكليمندس الثانيه . لدعم هذا الإدعاء , لاحظ الآتى : (1) إن اضافة عبارة " معى مجتمعين " فى رسالة اكليمندس الثانيه ( العنصر c ) , يبدو أنها اضافة متأخرة على النص , لأنه تومىء بوجود مكان للإجتماع . (2) إن تكرار و عكس " فى – خارج حضنى ) فى التفسير ( " فى حضنى " = العنصر d , " خارج حضنى " = العنصر g ) يبدو أن له طبيعة ساميّه appear to be a Semitism . (3) العباره الوارده فى رسالة اكليمندس الثانيه " أوامرى " ( العنصر e ) تعكس كريستولوجى أعلى متركز حول شخص المسيح , بينما نجد أن عبارة " إرادة أبى الذى فى السماوات " تعكس كريستولوجى أكثر تواضعا ( و بالتالى فمن المفترض أنه أكثر قدما ) للمسيحيه المتهوده .
فى عام 1905 , كان القول الموجود فى رسالة اكليمندس الثانيه 4 و 5 a يقف بمفرده , و كل ما كان بوسع لجنة أكسفورد أن تقوله هو أنه يبدو أنه قد جاء من إنجيل أبوكريفى . على الرغم من أنهم لم يقولوا ذلك , يمكن للمرء أن يستنتج أنه بما أن أقدم مخطوطه لرسالة إكليمندس الثانيه هى المخطوطه السكندريه ( المخطوطه A التى تعود للقرن الخامس ) , فإن هذا القول لا يمكن أن يكون قد وجد قبل القرن الرابع . على الرغم من ذلك و بعد مضى قرن من الزمان , صار لدينا صورة أخرى من هذا القول , فى مصدر ينسبه الى وثيقة تعود للقرن الثانى ( الإنجيل اليهودى ) , و إنه لأمر بالغ الأهميه أن هذا " الإنجيل اليهودى " كان معاصرا زمنيا بشكل مباشر لرسالة إكليمندس الثانيه . إن هذا يثبت لنا أن هذا القول شديد القدم . إن النظير الجديد يسمح لنا أيضا أن نلاحظ أن صورة هذا القول فى رسالة اكليمندس الثانيه هى صورة أكثر تطورا للقول الموجود فى " الإنجيل اليهودى " .
الوضع فى عام 2005 :
كما اتضح لنا من الكلام السابق , فإن الإكتشافات التى وجدناها فى القرن الأخير قد سمحت لنا بنظرة أشمل عن الكيفيه التى كان يتم بها التعامل مع النصوص المسيحيه فى القرن الثانى . إنه لمن دواعى الفخر الدائم للجنة أكسفورد 1905 أنه _ على الرغم من أن الإكتشافات الجديده و الأطر الجديده عن تطور النصوص المسيحيه الأولى قد سمحت لنا بأن نشذب تحليلاتنا أكثر مما كان ممكنا فى عام 1905 _ إلا أن جوهر ملاحظات و تعليقات تلك اللجنه لا تزال صحيحه بعد قرن قد مضى عليها 33.
32 - P.Vielhauer and G.Strecker,IV.Jewish Christian Gospels,1:The Gospel of the
Nazoraeans,in W.Schneemelcher(ed.), New Testament Apocrypha,2nd English edn.(Cam-
bridge/Louisville,Ky.:JamesClarke/WestminsterPress,1991),i.159.
33- سبب خلودها هى أنها اعتمدت على الملاحظة التجريبيه , و ليس على ميل فكرى أو لاهوتى ( مثل الادعاء الجرىء للعالم Inge الذى لا أساس يعتمد عليه (supra,n.12) .
سواء اعتمد المرء على النتائج الموجوده فى مجلد 1905 ( التى عرضناها فى القسم 1 بالأعلى ) , أو اعتمد على التحليلات الأكثر حداثه (Koster و الآخرون ) , فإن الدليل المعتمد على التجربه يجبه المرء بأحد خيارين من أجل وصف النصوص التى تنتمى لهذه الفتره ( 100 – 150 م ) و التى صارت أخيرا هى العهد الجديد 34 . سنتناول كلا الخيارين كلا فى دوره .
الخيار الأول :
فى النصف الأول من القرن الثانى _ أى فى عصر الآباء الرسوليين _ و حتى فى فترة متأخرة عن هذا , فى زمن تاتيان و إكليمندس السكندرى ( بالقرب من نهايات القرن الثانى ) لم يكن ثمة قانون ثابت أو نص ثابت لأى من وثائق العهد الجديد . بل كان هناك بالأحرى " مجموعات " من الأقوال و الأحداث و الأجزاء ( لما صار فيما بعد ) أناجيلنا و رسائلنا ( القانونيه ) , التى انتشرت فى بادىء الأمر دون عنوان ( بالنسبه للأناجيل على الأقل ) ثم انتشرت بعد ذلك مع عنوان لها . و لكن محتويات " المجموعه " التى تحمل عنوان " مرقص " أو " رسالة روميه " كانت لا تزال تعانى بدرجة كبيره من التغيير المتواصل و كانت عرضة للتغيير . كانت الإضافات لا تزال توضع 35, كما هو الحال بالنسبه للحذف , و كان تسلسل النص لا يزال يعانى من التعديل 36 . باختصار ما كتبه آل آلاند the Alands صحيح :
لأنه فى القرن الثانى الميلادى لم يكن للعهد الجديد نص قد حدد بشكل نهائى . لم يزل هذا حتى عام 150 م حيث نجد عند يوستينوس لأول مره اقتباسات معقوله من الإنجيل ( قبل ذلك كانت الإقتباسات تتسم بالإعتباطيه ) ولم يتم تثبيت هذه النصوص العائمه الا على يد ايريناؤوس حوالى عام 180 م . 37
اذن فكل المحاولات التى تستهدف ترسيخ استخدام هذا الكتاب ( القانونى ) أو ذاك بواسطة الآباء الرسوليين ( كما كانت تسعى لجنة 1905 لأن تفعل ) _
34 – إن الملاحظات التاليه تخضع للتقييدات الآتيه : (1) إننى أتناول فقط الفتره ( 100 – 150 م ) (2) إننى أعتمد على أفضل الطبعات النقديه المتوفره لدينا اليوم لكتابات الآباء ( اذا غيرت الإكتشافات الجديده نص الآباء , فربما تتغير استنتاجاتى ) (3) إننى ألاحظ و على وعى تام بكل المشكلات فى مجال الدراسات الآبائيه و الأبوكريفيه , بما فى ذلك ما الذى يمكن أن يعتبر استشهادا , تلميحا , أو صدى , و التقلبات التى أصابت تاريخ نقل النص الخاص بكل أب , و أخيرا (4) معرفتنا المحدوده ( على الرغم أنها أفضل من المعرفه المتوفره فى عام 1905 م ) بالمصادر التى كانت متوفرة لدى كاتب ما فى النصف الأول من القرن الثانى .
35 – هناك مثالان من أكثر الأمثله وضوحا و قبولا , هما " النهايات " المختلفه لإنجيل مرقص ( ما يلى مرقص 16 – 8 ) , و قصة المرأه الزانيه فى إنجيل يوحنا ( 7 , 53 _ 8 . 11 ) .
36 – من المهم أن نلاحظ أن النزعه التحرريه التى تعامل بها " كتبة الأناجيل " كل واحد مع الإنجيل الخاص بالآخر , هى دليل حاسم على أسلوب التصليح الذى لا ينتهى و الموقف المتعجرف تجاه النص : انظر مثلا الى النزعه التحرريه التى انتهجها كل إنجيلى فى قصة " الدهن التى حدثت فى بيت عنيا " ( متى 26 – 6 الى 13 , مرقص 14 – 3 الى 9 , لوقا 7 – 36 الى 50 , يوحنا 12 – 1 الى 8 ) , بما فى ذلك الموضع الذى وضع فيه كل إنجيل هذه الحادثه من حياة يسوع . هناك أمثلة أخرى كثيره : التعليقات على الصلب و تاريخه , اكتشاف القبر الفارغ , حادثة الرجل الشاب الغنى , مثل الخراف الضاله ...........الخ .
37 - K.and B.Aland, Der Text des Neuen Testaments,1stedn.(StuttgarteutscheBibelge-
sellschaft,1982),64. نفس هذه الفقره توجد فى 2nd German edn.(1989) و فى الترجمه الإنجليزيه من ذلك (pp.545).
اذا قبل المرء تحليل آل آلاند the Alands _ محكوم عليها بالفشل منذ البدايه , لأنه كيف يمكن لنا بأى طريقة معقوله أن نتحدث عن استحدام أب رسولى معين ل " إنجيل متى " على سبيل المثال , اذا كنا نعلم أن نص إنجيل متى كان " عائما " , و لم يكن قد تم تثبيته بعد ؟ بينما يمكن للمرء أن يتحدث عن استخدام " التقاليد " التى التئمت فيما بعد و صارت فى النهايه جزءا من النص الثابث الذى يحمل فى يومنا هذا اسم " الإنجيل بحسب متى " ( أى إنجيل متى الموجود فى المخطوطات العظيمه ذات الحرف الكبير , و فى نصنا النقدى المعاصر 38) , إلا أنه لا يمكن للمرء أن يتحدث بأى درجة من الثقه عن الشكل الذى كان عليه " إنجيل متى " فى النصف الأول من القرن الثانى . 39
إن قبول هذا الخيار الأول له ما يستتبعه . إنه يعنى أنه على العلماء أن يكونوا حذرين من أن ينسبوا أى شىء لكنيسة القرن الأول , لأنه لا يوجد مطلقا أى دليل يعود للقرن الأول , و لأن الدليل الذى نجده فى القرن الثانى _ عند الآباء الرسوليين , على سبيل المثال _ لا يبث فينا الثقه . إن المشاكل ليست قاصرة على الطريقه المتحرره التى جرى بها التعامل مع النصوص ( كما برهن على ذلك المثالان اللذان عرضناهما , أو كما هو واضح فى أى خلاصه ) بل أيضا تمتد الى طبيعة الحاجز الذى يفصل ما بين ما دعى لاحقا باسم النصوص القانونيه و النصوص غير القانونيه 40 , و الى الإستشهاد بمادة " غير قانونيه " باعتبار أنها إنجيل أو قول للمسيح أثناء عصر الآباء الرسوليين 41 . إن المشكلة اذن ليست مجرد أن أحد النصوص كان غير مستقر , بل أيضا تتعلق بأى الوثائق ( أو بعبارة أصح , أى المجموعات من المواد ) و أى التقاليد هى التى تتمتع بالسلطه , و أيها ليس كذلك .
38 – لقد زعمت فى مكان آخر – كما زعم كثيرون غيرى فى الماضى و الحاضر – أن طبعاتنا النقديه الحديثه للعهد الجديد لا تقدم لنا نص الأناجيل و الرسائل فى الفتره المبكره من القرن الثانى ( بل و حتى الفتره المتأخره ) , بل بالأحرى ما تقدمه لنا طبعاتنا النقديه الحديثه هو النص الخاص بمخطوطات الحرف الكبير العظيمه ( 350 م ) و نص القرن الثالث ( أى من عام 185 م " فى عصر اريناؤوس " و ما بعد ذلك ) . انظر W.L.Petersen,The Genesis of the Gospels,in A.Denaux(ed.), New
Testament Textual Criticism and Exegesis,BETL161(Leuven:Peeters and University of Leuven
Press,2002),3365;also idem,What Text Can New Testament Textual Criticism Ultimately
Reach?,in B.Aland and J.Delobel(eds.),New Testament Textual Criticism,Exegesis and Church
History:A Discussion of Methods,CBET7(Kampen:Kok-Pharos,1994),13651,esp.151.
39 - إن الوعى بهذه المشكله هو الذى دفع العالم Niederwimmer أن يحترس من أنه على الرغم من أن " الإقتباس الموجود فى ديداخى 9 – 5 " موجود كلمة بكلمه فى متى 7 – 6 ... إلا أنه ليس من المؤكد أن كاتب الديداخى يقتبس من إنجيل متى (K.Niederwimmer, The Didache: A Commentary,
Hermeneia(Philadelphia:Fortress,1998),53) . بالفعل فى عام 1905 عرفت لجنة أكسفورد هذه المشكله و عرفت عواقبها : " إن التشابه الحرفى بين ديداخى 9 – 5 و متى 7 – 6 تشابه دقيق , و لكن الفقره الوارده فى إنجيل متى لا توجد بها اشارة الى الإفخارستيا , و إن طبيعة ضرب المثل the proverbial) character ) التى لهذا القول يقلل من الوزن الذى يجب أن نعطيه للتشابه الحرفى " (NTAF,27(reading10)).
40 – هناك العديد من الأمثله لما نعتبره فى يومنا هذا مادة غير قانونيه , تتخلل التقليد المخطوطى للأناجيل القانونيه , و على سبيل المثال : (1) " الضوء " فى الأردن وقت معمودية يسوع فى مخطوطات VetusLatina a and g1 . (2) اضافة الكلمات الفعليه التى تكلم بها اليهود فى لوقا 23 – 48 فى مخطوطة VetusLatina g1 (3) القراءه المغايره " شيطان لا جسم له " فى لوقا 24 – 37 .
41 – مثال على " استشهاد " بإنجيل غير معلوم لدينا اليوم نجده عند إكليمندس السكندرى فى الستروماتا 5 – 10 ( هذا بالطبع ليس مشكلة جديده عندما تتعامل مع Holy Writ : " الأنبياء " الذين كلامهم _ بحسب الإستشهاد الوارد فى متى 2 – 23 _ قد " تم " هم غير معلومين لنا اليوم ) .
من الواضح أن معايير العصر الرسولى لم تكن هى نفس معايير مجمع Quinisextine 42 .
اذا لم تكن تبعات الخيار الأول تروق لك , فهناك دائما بديل , و هو الخيار الثانى .
الخيار الثانى :
فى عصر الآباء الرسوليين , كان نص العهد الجديد ثابتا فى نفس الصوره التى لدينا اليوم . لقد كانت صورة إنجيل مرقص الموجوده فى عام 110 أو 130 م هى نفس الصوره النقديه لإنجيل مرقص التى نجدها فى طبعاتنا الحديثه , باستثناء بعض ضوضاء نصيه طفيفه غير ذات أهميه الى حد كبير , ( و من المفترض ) غياب النهايه الطويله ( مرقص 16 – 9 الى 20 ) . إن كل أماكن الإنحراف التى نجدها عند الآباء الرسوليين عن هذا النص " الرسمى " , يعود سببها _ كما يقترح العديد من العلماء الفيكتوريين ( بل و حتى المعاصرين ) 43 _ الى الإقتباس من الذاكره أو بسبب تكييف النص وفقا للأغراض اللحظيه ( مثل الكرازه , التبشير , التعليم , المعارضه ) .
إننى أجد أن هذا التصور خاطىء بشكل كبير , بسبب أربعة أشياء . أولا , إننا نعلم أن الكثير من القراءات " المغايره " التى نجدها عند الآباء الرسوليين لها نظائر عند آباء آخرين أو وثائق أخرى , حيث نجد أن نفس هذه القراءه
42 – و لكن حتى عندما أعلن مجمع Quinisextine فى عام 692 م القانون المكون من 27 كتابا لكل الكنيسه , فإنه لم يقم بتحديد الشكل النصى لهذه الكتب . و بالتالى فإن محتويات إنجيل متى أو إنجيل يوحنا ربما ( و قد حدث هذا بالفعل ) اختلفت بشكل كبير من منطقة لأخرى ( الأمثله سوف تشمل ايراد أو حذف " آيات البحّار " Sailor's Signs فى متى 18 – 2 و 3 , و أيراد أو حذف قصة المرأه الزانيه من إنجيل يوحنا ) . انظر أيضا infra,n.50.
43 – انظر مثلا الملاحظات على الإقتباسات الكتابيه فى رسالة برنابا للعالم M.Staniforth(ed.),
Early Christian Writings (Harmondsworth:Penguin,1968):" إن القارىء العادى قد يجد نفسه متحيرا بسبب عدم الدقه الظاهره للعديد من الإقتباسات الغزيره لبرنابا من الكتب المقدسه . هناك ثلاثة عوامل , أى منها _ إما بنفسه أو بالتضامن مع غيره _ قد تفسر هذا . أولا , علينا ألا ننسى أن برنابا يستخدم الكتاب المقدس الوحيد الذى كان مألوفا للعالم الناطق باليونانيه , الترجمه السبعينيه اليونانيه للكتب العبريه الأصليه . ثانيا , إن معايير الضبط عنده ليس عاليه , فهو يقتبس فى الغالب من ذاكرة لا يعتمد عليها جدا , و إنه قانع بأن يعطى المعنى العام للنص بدلا من ذكر كلمات النص بدقه . و أخيرا , علينا أن نعترف للأسف أنه لم يكن يتورع كثيرا عن تغيير أو إضافة شىء للنص المقدس من أجل أن يقوى حجته " (p.191) . من الواضح أن العالم Staniforth لم يخطر بباله – أو أنها كانت فكرة خارج نطاق المقبول - أن كاتب رسالة برنابا بكل بساطه كان لديه نص مختلف عن نصنا , و أنه كان يقتبس منه بدقه !
انظر أيضا الملاحظات المتعلقه بالإقتباسات الكتابيه ليوستينوس فى A.Roberts and J.Donaldson
(eds.), The Ante-Nicene Fathers,American edn.(Grand Rapids,Mich.:Eerdmans,1985),I : " إن يوستينوس يقتبس من الذاكره , و بالتالى هناك بعض التناقضات بين كلمات يسوع المذكوره هنا , و نفس هذه الكلمات كما هى مسجله فى إناجيلنا " (167n.3) , " هذا و الإقتباس التالى مأخوذان بشكل مشوش من متى 23 و لوقا 11 " (203n.6) .
إن دراسة العالم M. Mees لإكليمندس السكندرى تستخدم نظرية " المواءمه اللحظيه " , و حديثا زعم العالم J.Verheyden فى (Assessing Gospel Quotations in Justin Martyr,in A.
Denaux(ed.), New Testament Textual Criticism and Exegesis:FestschriftJ.Delobel,BETL161
(Leuven:Peeters,2002),36177) أن يوستينوس كانت لديه دوافع أدبيه أو أسلوبيه بالنسبه لبعض التعديلات التى قام بها .
تظهر لنا فى شكلها " المغاير " فى معظمها , و فى العديد من الأحيان نجدها فى نفس الشكل المغاير بكل دقه . إن هذا برهان حاسم أن مصدر هذه القراءات " المغايره " لا يعود الى ذاكرة أخطأت , و لا يمكن كذلك للتكييفات " التلقائيه " التى بحسب الموقف أن تفسر هذا الأمر . بل بالأحرى , إننا نتعامل مع تقليد _ من المؤكد تقريبا أنه مكتوب ( بسبب ما نجده من تشابه حرفى ) _ كان معروفا للعديد من المؤلفين الذين يجمعهم تقارب زمنى شديد مع بعضهم البعض 44.
ثانيا , بينما أن الإدعاء بأن كل الآباء قد أصابهم الخبل قد يروق للبعض _ لا بد لى أن أعترف أننى متعاطف جدا مع هذه التهمه _ إلا أن هذا الإدعاء ضعيف , لأنه يفرض على المرء أن يؤمن بشيئين متناقضين و متعارضين . من أجل أن تتبنى هذا الموقف , لا بد لك من ناحية معينه أن تؤمن بأن الآباء قد اعترفوا بقيمة النص , و بالتالى فقد ترسخ هذا النص بكل حرص و حوفظ عليه و نقل بدقة متناهيه . و لكن هذا الخيار يدفعك أيضا فى ذات الوقت أن تؤكد ( من ناحية أخرى ) أن كل آباء الكنيسه الأوائل قد تعاملوا مع هذا النص " الراسخ المحفوظ المنقول بكل دقه " بشكل متعجرف , و لعبوا به ليلائم أغراضهم اللحظيه , و أنهم _ بالرغم أنهم قد يكونون قد حفظوا كل الإلياذه و الأوديسه فى شبابهم أثناء وثنيتهم _ الآن غير قادرين أن يستشهدوا من الذاكره بأبسط " كلمات الله " _ هذا الإله الذى كانوا مستعدين أن يموتوا من أجله _ دون أن يفسدوا الأمور .
اذا كان هذا المنطق السخيف _ من الناحيه المجرده و من الناحيه العمليه _ لا يجعل من الإحتجاج ب " الذاكره الخاطئه " أمرا ضعيفا , اذن انظر الى الحقائق التاليه . بكل بساطه , إن هذا الموقف لا ينسجم مع ما نعرفه عن الذاكره و النصوص فى العصر القديم . تذكر أنه فى Xenophons Symposium(3.5) صار " نيسيراتوس " أضحوكه عندما قال " لقد كان أبى متلهفا أن يرانى أصير رجلا صالحا , و من أجل هذا أرغمنى أن أحفظ كل أعمال هوميروس , حتى أننى الآن أستطيع أن أكرر كل الإلياذه و الأوديسه عن ظهر قلب " 45 . لم تأت الفكاهه بسبب التأمل فى مثل هذه المهمه الثقيله , بل بسبب أن هذا الأمر كان شائعا . لقد خفض " أنتيسينيس " من تفاخر " نيسيراتوس " قائلا : " ألم تعلم أن كل محترف للقصائد يعرف هذه القصائد أيضا ؟ " . هنا تدخل سقراط و أنقذ " نيسيراتوس " قائلا : " من الواضح أن محترفى القصائد لا يفهمون المعانى الخفيه فيها " بعكس نيسيراتوس الذى يفهم هذه المعانى بفضل دراسته الشامله تحت يد معلمين أجزل لهم الأجر جيدا .
44 – على سبيل المثال , فى مثالنا الثانى الذى ذكرناه بالأعلى , المخطوطه 1424 يعود تاريخها الى القرن التاسع – العاشر , و لكن لا يمكننا أن نقول أن التفسير يعود الى العصور الوسطى , لأنه (1) إنه منسوب الى " الإنجيل اليهودى " , و الذى يفهم فى العاده على أنه أحد أناجيل المسيحيه المتهوده ( الأكثر احتمالا أنه إنجيل الناصريين (so Vielhauer and Strecker) ) , مما (2) يضعه فى النصف الأول من القرن الثانى , و هذا (3) تماما الوقت الذى ألفت فيه رسالة إكليمندس الثانيه _ و إن رسالة إكليمندس الثانيه هى المصدر الآخر الوحيد المعروف الذى يقدم لنا جوهريا نفس القول .
45 - E.C.Marchantand O.J.Todd(eds.), Xenophon,iv,LCL(Cambridge,Mass.:Harvard
University Press;London:Heinemann,1923),5589.
من المؤكد أن آباءنا الرسوليين لم يكونوا شبابا يونانيا أرستقراطيا ذوى وسامة و قوام ممشوق , و أنهم لم ينالوا أفضل تعليم فى ذلك العالم . و لكن تظل أمامنا حقيقتان : فى العالم القديم , اذا كان لديك نص قصير بحجم رسالة يعقوب أو حتى إنجيل متى , فإن حفظ هذا النص لم يكن ليمثل أية مشكله . ثانيا , اذا كنت تحترم هذا النص بأى درجه , و تعلمت " المعانى الخفيه " 46 التى فيه , اذن يلزم من هذا أن حفظك لهذا النص ينبغى أن يكون دقيقا جدا , و إلا " ستختفى " النقطه التى تريد تفسيرها فى " أنسجة العنكبوت " لذاكرتك التى تخطىء . لقد سار النص و التفسير يدا بيد 47. كما أن أسلوب القصيدة قد حافظ على سلامة النص , كذلك فإن النظام التفسيرى الذى يعتمد على استخلاص " المعانى الخفيه " من نص ما قد ساعد أيضا على الحفاظ على سلامة النص .
و لكن ليس هذا ما يقوله لنا المدافعون عن نظرية " خطأ الذاكره " . فى أعينهم , النص موجود فى مكان ما بكل مجده الطاهر , و لكنه تقريبا لم يستشهد به أبدا بدقه بواسطة أى من هؤلاء الآباء الرسوليين . لقد كان الحفظ شائعا فى ذلك العصر , و لم تكن التفسيرات تستقى من نمط ما بعد الحداثه المتأخر , بل من المعانى " الخفيه " التى توجد داخل نص ما . ثالثا , إن من يؤمنون بهذا الخيار يزعمون أن الإقتباسات المغايره التى نجدها عند الآباء هى نتيجة _ اذا لم تكن بسبب الذاكره التى تخطىء _ تكييفهم النص ليلائم الموقف اللحظى : فكانوا أثناء التعليم أو الكرازه أو المعارضه أو التبشير يغيرون هذا النص المحفوظ بدقه متناهيه ليلائم أغراضهم . مرة أخرى , و فقط بحسب الظاهر يمكننا أن نستبعد هذا الزعم لنفس الأسباب التى قلناها عن تفسير الأمر بأنه " خطأ ذاكره " . من المستحيل أن نتصور أن قادة الكنيسه _ الذين هم على وعى بمدى أهمية النص و مدركين لضرورة الحفاظ عليه و نقله صحيحا و المتيقظين على الدوام ضد أى افسادات للنص _ سوف يكونون فى ذات الوقت يتعاملون مع نفس هذا النص بمثل هذا التحرر . كما نعلم جميعا , إن عادة التدقيق تتخلل حياة الإنسان . إن الإنسان لن يعمل بلا كلل ليحافظ على نص ما بدقة متناهيه , ليأتى بعد ذلك و يستشهد به بصورة مهمله أثناء كتابته للأطروحات اللاهوتيه التى لها احترام عال بحيث أنها هى الأعمال الوحيده التى وصلتنا من المسيحيين الأوائل .
رابعا و أخيرا , إن هذا الخيار ضد المنطق السليم , و يتجاهل النظائر التى نجدها فى الأديان الأخرى . إننا نعلم أن النصوص تتطور , و عندما يكون الأمر متعلقا بالمباحث اللاهوتيه , تكون الحاجه شديده لتكييف و تغيير النص من أجل منع " سوء الإستخدام " أو " سوء التفسير " 48. كذلك الحاجه لأن تواكب
46 - Cf.esp.Mark 4.1012,334;also Gal.4.2331.
47 - See J.Delobel,Textual Criticism and Exegesis:SiameseTwins?,in B.Aland and J.Delobel
(eds.), New Testament Textual Criticism,Exegesis and Church History:A Discussion of Methods,
CBET7(Kampen:Kok-Pharos,1994),98117.
48 – الأمثلة لا تحصى , و تمتد من أول العصر القديم ( فى موجز , انظر مرقص 10 – 17 و 18 مع متى 19 – 16 و 17 , أو مرقص 11 – 13 مع متى 21 – 19 , فى كل حاله تبدو لك الأسباب اللاهوتيه التى دفعت لتغيير النص بكل وضوح ) وصولا الى العصر الحديث ( الكتاب المقدس الجديد الأورشليمى الرومانى الكاثوليكى 1990 يترجم الكلمه الوارده فى مرقص 14 – 25 " خمر " , فبعكس المعمدانيين أو الميثوديست يستخدم الكاثوليك الخمر فى الإفخارستيا .
الأزمنه المتقلبه و الأنماط اللاهوتيه المتأخره 49. مع كل هذا , يطلب البعض منا أن نفترض أنه أثناء الفتره التى كان فيها النص فى أقل درجاته ثباتا و فى أقل درجات الحمايه لعدم اكتسابه صفة القانونيه و فى أكثر الأوقات عرضة للضغوط من جمهور الناخبين ( مثل الغنوصيين و المونتانيين و المسيحيين المتهودين و المسيحيين البولسيين و المسيحيين البطرسيين ....الخ ) الذين يتنافسون على الهيمنه داخل المسيحيه , أن يكون النص قد حفظ فى طهر عذراوى , و عزل بطريقة سحريه عن كل هذه الدوافع الرخيصه . إن قبول هذا الطرح ليس فقط تحد للمنطق السليم , بل و أيضا سخرية من المنطق و من خبرتنا بالنصوص الخاصه بالتقاليد الدينيه الأخرى 50. إنه أيضا تحد للدليل النصى المعتمد على التجربه و الذى نجده عند الآباء الرسوليين و للتقليد المخطوطى للعهد الجديد .
الإستنتاجات :
بعد مضى مائة عام من إنتاج لجنة أكسفورد لتقريرها , لدينا كل الحق أن نتعجب من فطنة هذا التقرير و من درجة اتقانه و من حجمه الوجيز . على الرغم من ذلك , فالسؤال الذى طرحته اللجنه _ أى الكتب من العهد الجديد نجد لها دليلا عند الآباء الرسوليين ؟ _ لن يكون هو السؤال الذى نطرحه الآن . فى يومنا هذا سيكون سؤالنا أكثر جوهريه و تمهيدى بشكل أكبر , و هو : ما هى النظائر النصيه التى توجد للفقرات سهلة التمييز 51عند الآباء الرسوليين , و ما الذى تخبرنا به هذه النظائر عن الطبيعه النصيه للوثائق _ أيا ما تكون _ التى كانت معروفة للآباء الرسوليين ؟
قدمت اجابات لهذا السؤال لأول مره فى مجلد 1905 , و لكن جرى تجاهلها بشكل كبير بسبب تأثيرها المدمر على الأساطير المعتنقه بشده عن نشأة العهد الجديد . على الرغم من هذا , فإن كل ما فعله القرن الأخير من البحث هو أنه قد أكد على النتائج التى توصلت لها لجنة أكسفورد كما عرضناها فى القسم الأول من ورقتنا البحثيه هذه . إن نص الوثائق التى ستتضمن فيما بعد فى
49 – الأمثلة كثيرة جدا : الكنيسه الأولى المسالمه (cf.Adolf von Harnack, Militia Christi:
The Christian Religion and the Military in the First Three Centuries (Philadelphia:Fortress,
1981),or C.J.Cadoux,The Early Christian Attitude to War: A Contribution to the History of Early
Christian Ethics (London:Headley Brothers,1919)) مقارنة بالكنيسه المحاربه البعد – قسطنطينيه , التى صارت فى عام 380 م الدين الرسمى للإمبراطوريه الرومانيه . وضاعة قدر السود المقدره إلهيا (cf.S.R.Haynes,Noah's Curse:The Biblical Justification of American Slavery
(NewYork:Oxford University Press,2001)) بالمقارنه بالوضع الجديد الذى يساويهم بالبيض فى فترة ما بعد الحرب العالميه الثانيه ......... الخ .
50 – انظر مثلا , المشكله المتعلقه بعلاقة نص الترجمه السبعينيه ب " اليونانيه القديمه " , و بالنص الماسورى , و بنص آكيلا , و بنص سيماخوس , و بنص ثيودوتيون , و بنص قمران .......الخ . (cf.E.Tov, Textual Criticism of the Hebrew Bible
(Minneapolis:Fortress;Assen:VanGorcum,1992),or S.Jellicoe, The Septuagint and Modern
Study (repr.,Winona Lake,Ind.:Eisenbrauns,1989),2334,31213, et passim).
51 – اقتباسات " مجهوله " من " أناجيل " مجهوله أو " أقوال ليسوع " مجهوله
العهد الجديد لم تكن مستقرة أو رسميه . فى الواقع , كان النص لا يزال يتطور من حيث كلا من المجال و الأشكال المختلفه .
بالإضافة لما سبق , لا نجد أى قانون واضح , كما هو واضح من الإستشهاد بما يعتبر اليوم أقوالا غير قانونيه ليسوع على أنها " إنجيل " , و من الوضع الذى أضفى على وثائق ( مثل " الإنجيل " المجهول المستشهد به بكل وضوح فى رسالة اكليمندس الثانيه 8 – 5 " لأن الرب قال فى الإنجيل " ) غير معروفة لدينا اليوم . على الرغم من ذلك , فالشىء الأكثر أهميه هو الإعتراف _ الموجود ضمنيا فى النتائج المذكوره فى مجلد 1905 _ أن أمر تثبيت القانون كانت له أهمية ضئيله , لأنه بكل بساطه وضع اسم مثل " متى " على قائمه ما , لا يثبت محتويات هذه الوثيقه و لا يثبت نصها 52.
52 – مثال على هذا , لائحة أثناسيوس القانونيه لعام 367 م ( فى رسالته الفصحيه رقم 39 ) : إن هذه اللائحه تذكر إنجيل يوحنا , و لكن نص إنجيل يوحنا الذى عرفه أثناسيوس ربما لم يكن فيه قصة المرأه الزانيه ( يوحنا 7 , 53 – 8 . 11 ) , لأن أقدم مخطوطة يونانيه تتضمن هذه الفقره هى المخطوطه بيزا ( D ) و التى يعود تاريخها الى حوالى عام 400 م , (so D.C.Parker,Codex Bezae:An Early Christian Manuscript and its Text(Cambridge:Cambridge University Press,1991),2801). إن هذا التلاعب بالنص لم يكن دوما عن طريق الإضافه , لأنه حوالى عام 430 م يذكر أغسطينوس (De adulterinis coniugiis 7.6(ed.Zycha,CSEL41,
3878)) أن الرجال الأتقياء فى أبرشيته حذفوا نفس هذه الفقره من نسخهم التى لإنجيل يوحنا , خشية أن تستخدمها زوجاتهن ليبررن زناهن و يفلتن من العقاب .
تعليق