السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
سؤال :
مريم رضى الله عنها أم المسيح عليه الصلاة و السلام نبية أم صديقة ؟
للاجابة على هذا السؤال نحتاج أن نرى بعض أقوال العلماء عند أهل السنة أولاً قبل الإجابة عليه قبل أن نرفض أو نقبل نبوتها .
أجاب على هذا السؤال الإمام إبن تيمية رحمه الله فى كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح فقال :
وغاية أمه أن تكون صديقة ودل بهذا أنها ليست بنبية ثم قال ( كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) وهذا من أظهر الصفات النافية للإلهية لحاجة الأكل إلى ما يدخل في جوفه ولما يخرج منه مع ذلك من الفضلات .
ونرى هنا أن الإمام إبن تيمية رد مسئلة أنها نبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى : المائدة {75} مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ .
والأن لنرى ماذا قال الإمام القرطبى حول مسئلة نبوتها فى تفسيره :
قال الإمام القرطبى رحمه الله : وَقَدْ اِسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام لَمْ تَكُنْ نَبِيَّة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَأُمّه صِدِّيقَة " . قُلْت : وَفِيهِ نَظَر , فَإِنَّهُ يَجُوز أَنْ تَكُون صِدِّيقَة مَعَ كَوْنهَا نَبِيَّة كَإِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام ; وَقَدْ مَضَى فِي " آل عِمْرَان " مَا يَدُلّ عَلَى هَذَا . وَاللَّه أَعْلَمُ . وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صِدِّيقَة لِكَثْرَةِ تَصْدِيقهَا بِآيَاتِ رَبّهَا وَتَصْدِيقهَا وَلَدهَا فِيمَا أَخْبَرَهَا بِهِ ; عَنْ الْحَسَن وَغَيْره . وَاللَّه أَعْلَمُ
وقال ايضا رحمه الله : وَاخْتَلَفَ النَّاس فِي نُبُوَّة مَرْيَم ; فَقِيلَ : كَانَتْ نَبِيَّة بِهَذَا الْإِرْسَال وَالْمُحَاوَرَة لِلْمَلَكِ . وَقِيلَ : لَمْ تَكُنْ نَبِيَّة وَإِنَّمَا كَلَّمَهَا مِثَال بَشَر , وَرُؤْيَتهَا لِلْمَلَكِ كَمَا رُئِيَ جِبْرِيل فِي صِفَة دِحْيَة حِين سُؤَاله عَنْ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام . وَالْأَوَّل أَظْهَر . وَقَدْ مَضَى الْكَلَام فِي هَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوْفًى فِي " آل عِمْرَان " وَالْحَمْد لِلَّهِ .
إذن الإمام القرطبى يرى أو يتبنى الرأى القائل أنها نبيه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأبو الحسن الأشعري فى مذهبه يرى أنّ كلّ من جاءه الملك عن الله تعالى بحكم من أمر أو نهي أو باعلام فهو نبي وقد تحقق في أمّ موسى ومريم شيء من هذا وفي غيرهما أيضا فقد تحقق في حواء وسارة وهاجر وآسية بنصّ القرآن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمام إبن حزم رحمه الله فى فصل تحت عنوان :
نبوة النساء - ماذا قال فى كتابه القيم
قال أبو محمد: هذا فصل لا نعلمه حدث التنازع العظيم فيه إلا عندنابقرطبة وفي زماننا فإن طائفة ذهبت إلى إبطال كون النبوة في النساء جملة وبدعت منقال ذلك وذهبت طائفة إلى القول بأنه قد كانت في النساء نبوة وذهبت طائفة إلى التوقففي ذلك.
قال أبو محمد: ما نعلم للمانعين من ذلك حجة أصلاً إلا أن بعضهمنازع في ذلك بقول الله قال أبو محمد: وهذا أمر لا ينازعون فيه ولم يدع أحد أنالله تعالى أرسل امرأة وإنما الكلام في النبوة دون الرسالة فوجب طلب الحق في ذلكبأن ينظر في معنى لفظة النبوة في اللغة التي خاطبنا الله بها عز وجل فوجدنا هذهاللفظة مأخوذة من الأنباء وهو الإعلام فمن أعلمه الله عز وجل بما يكون قبل أن يكونأو أوحي إليه منبئا له بأمر ما فهو نبي بلا شك وليس هذا من باب الإلهام الذي هوطبيعة كقول الله تعالى "وأوحى ربك إلى النحل " ولا من باب الظن والتوهم الذيلا يقطع بحقيقته إلا مجنون ولا من باب الكهانة التي هي من استراق الشياطين السمع منالسماء فيرمون بالشهب الثواقب وفيه يقول الله عز وجل "شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " وقد انقطعت الكهانة بمجيء رسولالله صلى الله عليه وسلم ولا من باب النجوم التي هي تجارب تتعلم ولا من باب الرؤياالتي لا يدري أصدقت أم كذبت بل الوحي الذي هو النبوة قصد من الله تعالى إلى إعلاممن يوحي إليه بما يعلمه به ويكون عند الوحي به إليه حقيقة خارجة عن الوجوه المذكورةيحدث الله عز وجل لمن أوحى به إليه علما ضروريا بصحة ما أوحي به كعلمه بما أدركبحواسه وبديهة عقله سواء لا مجال للشك في شيء منه إما بمجئ الملك به إليه وإمابخطاب يخاطب به في نفسه وهو تعليم من الله تعالى لمن يعلمه دون وساطة معلم فإنأنكروا أن يكون هذا هو معنى النبوة فليعرفونا ما معناها فإنهم لا يأتون بشيء أصلاًفإذ ذلك كذلك فقد جاء القرآن بأن الله عز وجل أرسل ملائكة إلى نساء فأخبروهن بوحيحق من الله تعالى فبشروا أم إسحاق بإسحاق عن الله تعالي قال عز وجل "وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ " فهذا خطاب الملائكة لأمإسحاق عن الله عز وجل بالبشارة لها بإسحاق ثم يعقوب ثم بقولهم لها أتعجبين من أمرالله ولا يمكن البتة أن يكون هذا الخطاب من ملك لغير نبي بوجه من الوجوه ووجدناهتعالى قد أرسل جبريل إلى مريم أم عيسى عليهما السلام بخطابها و قال لها "إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا " فهذه نبوة صحيحة بوحي صحيح ورسالة من تعالىإليها وكان زكريا عليه السلام يجد عندها من الله تعالى رزقا واردا تمنى من أجلهولدا فاضلا ووجدنا أم موسى عليهما الصلاة والسلام قد أوحى الله إليها بإلقاء ولدهافي اليم وأعلمها أنه سيرده إليها ويجعله نبيا مرسلا فهذه نبوة لا شك فيها وبضرورةالعقل يدري كل ذي تمييز صحيح أنها لو لم تكن واثقة بنبوة الله عز وجل لها لكانتبإلقائها ولدها في اليم برؤيا تراها أو بما يقع في نفسها أو قام في هاجستها في غايةالجنون والمرار الهائج ولو فعل ذلك أحدنا لكان غاية الفسق أو في غاية الجنون مستحقالمعاناة دماغه في البيمارستان لا يشك في هذا أحد فصح يقينا أن الوحي الذي ورد لهافي إلقاء ولدها في اليم كالوحي الوارد على إبراهيم في الرؤيا في ذبح ولده لكنه ذبحولده لرؤيا رآها أو ظن وقع في نفسه لكان بلا شك فاعل ذلك من غير الأنبياء فاسقا فينهاية الفسق أو مجنونا في غاية الجنون هذا ما لا يشك فيه أحد من الناس فصحت نبوتهنبيقين ووجدنا الله تعالى قد قال وقد ذكر من الأنبياء عليهم السلام في سورة كهعيصذكر مريم في جملتهم ثم قال عز وجل "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا " وهذا هو عموم لها معهم لا يجوز تخصيصها منجملتهم وليس قوله عز وجل وأمه صديقة بمانع من أن تكون نبية فقد قال تعال "يوسف أيها الصديق " وهو مع ذلك نبي رسول وهذا ظاهر وبالله تعالى التوفيق ويلحقبهن عليهن السلام في ذلك امرأة فرعون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل منالرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون أوكما قال عليه الصلاة والسلام والكمال في الرجال لا يكون إلا لبعض المرسلين عليهمالصلاة والسلام لأن من دونهم ناقص عنهم بلا شك وكان تخصيصه صلى الله عليه وسلم مريموامرأة فرعون تفضيلا لهما على سائر من أوتيت النبوة من النساء بلا شك إذ من نقص عنمنزلة آخر ولو بدقيقة فلم يكمل فصح بهذا الخبر أن هاتين المرأتين كملتا كمالا لميلحقهما فيه امرأة غيرهما أصلاً وإن كن بنصوص القرآن نبيات وقد قال تعالى "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض " فالكامل في نوعه هو الذي لا يلحقه أحد من أهل نوعهفهم من الرجال الرسل الذين فضلهم الله تعالى على سائر الرسل ومنه نبينا وإبراهيمعليهما الصلاة والسلام بلا شك للنصوص الواردة بذلك في فضلهما على غيرهما وكمل منالنساء من ذكر عليه الصلاة والسلام.
إذن الإمام إبن حزم ينتصر لمسئلة أنها نبية بل جعل معها أيضاً أم إسحاق أيضا نبية كذلك إمرأة فرعون نبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
لكن الحقيقة أن النبوة للرجال فقط منذ أن خلق الله الخلق إلى النبى صلى الله عليه و سلم .
يقول الله تعالي: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى...) (يوسف 109)
يقول الله تعالي: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) (المائدة 75)
قال عن إبراهيم عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) (مريم 41)
وقال عن وإدريس عليه السلام : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) (مريم 56)
وإسحاق عليه السلام ويعقوب عليه السلام: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) (مريم 49)
وموسي عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا)
(مريم 51)، وهارون عليه السلام: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) (مريم 53)
وإسماعيل عليه السلام : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا) (مريم 54)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
وفى النهاية قال الله تعالى (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (هود 36) .
فهل النحل أنبياء بناء على هذا الرأى القائل بنبوة مريم ؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام النووى رحمه الله فى شرحه لصحيح مسلم حول من قال بنبوة النساء: قول منكر ضعيف.
و ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو الصحيح في قول الله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً {النحل:43} .
سؤال :
مريم رضى الله عنها أم المسيح عليه الصلاة و السلام نبية أم صديقة ؟
للاجابة على هذا السؤال نحتاج أن نرى بعض أقوال العلماء عند أهل السنة أولاً قبل الإجابة عليه قبل أن نرفض أو نقبل نبوتها .
أجاب على هذا السؤال الإمام إبن تيمية رحمه الله فى كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح فقال :
وغاية أمه أن تكون صديقة ودل بهذا أنها ليست بنبية ثم قال ( كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) وهذا من أظهر الصفات النافية للإلهية لحاجة الأكل إلى ما يدخل في جوفه ولما يخرج منه مع ذلك من الفضلات .
ونرى هنا أن الإمام إبن تيمية رد مسئلة أنها نبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى : المائدة {75} مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ .
والأن لنرى ماذا قال الإمام القرطبى حول مسئلة نبوتها فى تفسيره :
قال الإمام القرطبى رحمه الله : وَقَدْ اِسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام لَمْ تَكُنْ نَبِيَّة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَأُمّه صِدِّيقَة " . قُلْت : وَفِيهِ نَظَر , فَإِنَّهُ يَجُوز أَنْ تَكُون صِدِّيقَة مَعَ كَوْنهَا نَبِيَّة كَإِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام ; وَقَدْ مَضَى فِي " آل عِمْرَان " مَا يَدُلّ عَلَى هَذَا . وَاللَّه أَعْلَمُ . وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صِدِّيقَة لِكَثْرَةِ تَصْدِيقهَا بِآيَاتِ رَبّهَا وَتَصْدِيقهَا وَلَدهَا فِيمَا أَخْبَرَهَا بِهِ ; عَنْ الْحَسَن وَغَيْره . وَاللَّه أَعْلَمُ
وقال ايضا رحمه الله : وَاخْتَلَفَ النَّاس فِي نُبُوَّة مَرْيَم ; فَقِيلَ : كَانَتْ نَبِيَّة بِهَذَا الْإِرْسَال وَالْمُحَاوَرَة لِلْمَلَكِ . وَقِيلَ : لَمْ تَكُنْ نَبِيَّة وَإِنَّمَا كَلَّمَهَا مِثَال بَشَر , وَرُؤْيَتهَا لِلْمَلَكِ كَمَا رُئِيَ جِبْرِيل فِي صِفَة دِحْيَة حِين سُؤَاله عَنْ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام . وَالْأَوَّل أَظْهَر . وَقَدْ مَضَى الْكَلَام فِي هَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوْفًى فِي " آل عِمْرَان " وَالْحَمْد لِلَّهِ .
إذن الإمام القرطبى يرى أو يتبنى الرأى القائل أنها نبيه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأبو الحسن الأشعري فى مذهبه يرى أنّ كلّ من جاءه الملك عن الله تعالى بحكم من أمر أو نهي أو باعلام فهو نبي وقد تحقق في أمّ موسى ومريم شيء من هذا وفي غيرهما أيضا فقد تحقق في حواء وسارة وهاجر وآسية بنصّ القرآن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمام إبن حزم رحمه الله فى فصل تحت عنوان :
نبوة النساء - ماذا قال فى كتابه القيم
قال أبو محمد: هذا فصل لا نعلمه حدث التنازع العظيم فيه إلا عندنابقرطبة وفي زماننا فإن طائفة ذهبت إلى إبطال كون النبوة في النساء جملة وبدعت منقال ذلك وذهبت طائفة إلى القول بأنه قد كانت في النساء نبوة وذهبت طائفة إلى التوقففي ذلك.
قال أبو محمد: ما نعلم للمانعين من ذلك حجة أصلاً إلا أن بعضهمنازع في ذلك بقول الله قال أبو محمد: وهذا أمر لا ينازعون فيه ولم يدع أحد أنالله تعالى أرسل امرأة وإنما الكلام في النبوة دون الرسالة فوجب طلب الحق في ذلكبأن ينظر في معنى لفظة النبوة في اللغة التي خاطبنا الله بها عز وجل فوجدنا هذهاللفظة مأخوذة من الأنباء وهو الإعلام فمن أعلمه الله عز وجل بما يكون قبل أن يكونأو أوحي إليه منبئا له بأمر ما فهو نبي بلا شك وليس هذا من باب الإلهام الذي هوطبيعة كقول الله تعالى "وأوحى ربك إلى النحل " ولا من باب الظن والتوهم الذيلا يقطع بحقيقته إلا مجنون ولا من باب الكهانة التي هي من استراق الشياطين السمع منالسماء فيرمون بالشهب الثواقب وفيه يقول الله عز وجل "شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " وقد انقطعت الكهانة بمجيء رسولالله صلى الله عليه وسلم ولا من باب النجوم التي هي تجارب تتعلم ولا من باب الرؤياالتي لا يدري أصدقت أم كذبت بل الوحي الذي هو النبوة قصد من الله تعالى إلى إعلاممن يوحي إليه بما يعلمه به ويكون عند الوحي به إليه حقيقة خارجة عن الوجوه المذكورةيحدث الله عز وجل لمن أوحى به إليه علما ضروريا بصحة ما أوحي به كعلمه بما أدركبحواسه وبديهة عقله سواء لا مجال للشك في شيء منه إما بمجئ الملك به إليه وإمابخطاب يخاطب به في نفسه وهو تعليم من الله تعالى لمن يعلمه دون وساطة معلم فإنأنكروا أن يكون هذا هو معنى النبوة فليعرفونا ما معناها فإنهم لا يأتون بشيء أصلاًفإذ ذلك كذلك فقد جاء القرآن بأن الله عز وجل أرسل ملائكة إلى نساء فأخبروهن بوحيحق من الله تعالى فبشروا أم إسحاق بإسحاق عن الله تعالي قال عز وجل "وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ " فهذا خطاب الملائكة لأمإسحاق عن الله عز وجل بالبشارة لها بإسحاق ثم يعقوب ثم بقولهم لها أتعجبين من أمرالله ولا يمكن البتة أن يكون هذا الخطاب من ملك لغير نبي بوجه من الوجوه ووجدناهتعالى قد أرسل جبريل إلى مريم أم عيسى عليهما السلام بخطابها و قال لها "إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا " فهذه نبوة صحيحة بوحي صحيح ورسالة من تعالىإليها وكان زكريا عليه السلام يجد عندها من الله تعالى رزقا واردا تمنى من أجلهولدا فاضلا ووجدنا أم موسى عليهما الصلاة والسلام قد أوحى الله إليها بإلقاء ولدهافي اليم وأعلمها أنه سيرده إليها ويجعله نبيا مرسلا فهذه نبوة لا شك فيها وبضرورةالعقل يدري كل ذي تمييز صحيح أنها لو لم تكن واثقة بنبوة الله عز وجل لها لكانتبإلقائها ولدها في اليم برؤيا تراها أو بما يقع في نفسها أو قام في هاجستها في غايةالجنون والمرار الهائج ولو فعل ذلك أحدنا لكان غاية الفسق أو في غاية الجنون مستحقالمعاناة دماغه في البيمارستان لا يشك في هذا أحد فصح يقينا أن الوحي الذي ورد لهافي إلقاء ولدها في اليم كالوحي الوارد على إبراهيم في الرؤيا في ذبح ولده لكنه ذبحولده لرؤيا رآها أو ظن وقع في نفسه لكان بلا شك فاعل ذلك من غير الأنبياء فاسقا فينهاية الفسق أو مجنونا في غاية الجنون هذا ما لا يشك فيه أحد من الناس فصحت نبوتهنبيقين ووجدنا الله تعالى قد قال وقد ذكر من الأنبياء عليهم السلام في سورة كهعيصذكر مريم في جملتهم ثم قال عز وجل "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا " وهذا هو عموم لها معهم لا يجوز تخصيصها منجملتهم وليس قوله عز وجل وأمه صديقة بمانع من أن تكون نبية فقد قال تعال "يوسف أيها الصديق " وهو مع ذلك نبي رسول وهذا ظاهر وبالله تعالى التوفيق ويلحقبهن عليهن السلام في ذلك امرأة فرعون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل منالرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون أوكما قال عليه الصلاة والسلام والكمال في الرجال لا يكون إلا لبعض المرسلين عليهمالصلاة والسلام لأن من دونهم ناقص عنهم بلا شك وكان تخصيصه صلى الله عليه وسلم مريموامرأة فرعون تفضيلا لهما على سائر من أوتيت النبوة من النساء بلا شك إذ من نقص عنمنزلة آخر ولو بدقيقة فلم يكمل فصح بهذا الخبر أن هاتين المرأتين كملتا كمالا لميلحقهما فيه امرأة غيرهما أصلاً وإن كن بنصوص القرآن نبيات وقد قال تعالى "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض " فالكامل في نوعه هو الذي لا يلحقه أحد من أهل نوعهفهم من الرجال الرسل الذين فضلهم الله تعالى على سائر الرسل ومنه نبينا وإبراهيمعليهما الصلاة والسلام بلا شك للنصوص الواردة بذلك في فضلهما على غيرهما وكمل منالنساء من ذكر عليه الصلاة والسلام.
إذن الإمام إبن حزم ينتصر لمسئلة أنها نبية بل جعل معها أيضاً أم إسحاق أيضا نبية كذلك إمرأة فرعون نبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
لكن الحقيقة أن النبوة للرجال فقط منذ أن خلق الله الخلق إلى النبى صلى الله عليه و سلم .
يقول الله تعالي: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى...) (يوسف 109)
يقول الله تعالي: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) (المائدة 75)
قال عن إبراهيم عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) (مريم 41)
وقال عن وإدريس عليه السلام : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) (مريم 56)
وإسحاق عليه السلام ويعقوب عليه السلام: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) (مريم 49)
وموسي عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا)
(مريم 51)، وهارون عليه السلام: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) (مريم 53)
وإسماعيل عليه السلام : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا) (مريم 54)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
وفى النهاية قال الله تعالى (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (هود 36) .
فهل النحل أنبياء بناء على هذا الرأى القائل بنبوة مريم ؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام النووى رحمه الله فى شرحه لصحيح مسلم حول من قال بنبوة النساء: قول منكر ضعيف.
و ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو الصحيح في قول الله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً {النحل:43} .
تعليق