جزاك الله خيرا
مدخل لدراسة الشريعة الاسلامية ..
تقليص
X
-
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد إذنك أخى (( عمر )) ...
تفضل أخى (( أنس ))
http://www.4shared.com/document/GRAYBPTr/____.htmlتعليق
-
نكمل ان شاء الله وأعتذر عن التوقف لانى نسيت الموضوع .. تابع .. الشريعة والفقه
وقد اضطربت أفكار الكاتبين وكلماتهم حول علاقة الشريعة بالفقه ، حتى فهم منها أنها التباين المطلق ، فالشريعة شىء والفقه شىء آخر ، فالشريعة الهية ، والفقه وضعى ! .
وهذا ليس بصحيح ، فالفقه علم شرعى بلا ريب ، لأنه من العلوم المبنية على الوحى الالهى .
وعمل العقل فى استنباط الأحكام ليس مطلقاً من كل قيد . بل هو مقيد بالأصول الشرعية فى الاستدلال .
والشريعة لاتوجد منفصلة أو معلقة فى الهواء . انما توجد داخل مجموع الفقه الاسلامى ، الا فيما جد من أحداث ووقائع ، فإن حكم الشريعة فيه ما تستنبطه عقول الفقهاء المعاصرين فى ضوء أصول الشريعة ومقاصدها ، ثم يضاف بعد ذلك الى الرصيد الفقهى .
ومن هنا لايُقبل بحال رفض الفقه الاسلامى بإعتباره من أعمال العقل البشرى غير المعصوم ، لأن هذا ينتهى الى رفض الشريعة ذاتها .
انما الذى يُقبل هنا هو تجديد الفقه وتطويره : تجديد الفقه وتطويره . بعدة أشياء ذكرناها فى بحث لنا . بعضها يتعلق بالشكل مثل : الفهرسة والتنظير والتقنين ، وبعضها يتعلق بالمضمون ، وأهمها احياء الاجتهاد ، سواء كان اجتهادا ((انتقائيا)) بترجيح أحد الآراء فى فقهنا الموروث ، بناء على الأدلة والاعتبارات الشرعية .
ثم ((انشائيا)) بإبداء الرأى فى المسائل الجديدة ، فى ضوء النصوص المحكمة ، والمقاصد الشرعية المعتبرة . دون تعصب لرأى قديم ، ولا عبودية لفكر جديد .
تـــــم
{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
سأكمل ان شاء الله فيما يلى بمقاصد الشريعة ..{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
المقاصد العامة للشريعة
1- رعاية المصالح :
هل للشريعة مقاصد وأهداف لما شرعته من أحكام ؟ سواء ما أمرت به من فرائض ومندوبات ، ومانهت عنه من مُحرمات ومكروهات ، وماجعلت للمكلفين الخيار فى فعله وتركه من مباحات .
أم أن الشريعة فى أحكامها تعبدية تحكمية ، تأمر وتنهى ، وُتحلل وُتحرم ، دون أن تقصد الى شىء وراء أمرها ونهيها ، وحظرها واباحتها ؟ ، وبعبارة أخرى : هل أحكام الشريعة معللة بعلل مفهومة للبشر أم لا ؟ .
ونبادر فنقول : إن الجمهرة العظمى من علماء الأمة من السلف والخلف ، متفقون على أن أحكام الشريعة - فى جملتها - معللة ، وأن لها مقاصد فى كل ماشرعته ، وأن هذه المقاصد والعلل والحكم معقولة ومفهومة فى الجملة ، بل معقولة ومفهومة تفصيلاً ، الا فى بعض الأحكام التعبدية المحضة ، والتى كان من الحكمة المعقولة أيضاً : ألا يُعرف تفصيل ماوراءها من أسرار .
لم يشذ فى هذا الاتجاه الا فئات قليلة ، من المتكلمين أو الفقهاء - مثل الظاهرية - اكتسحهم التيار العام الذى يقول بتعليل الأحكام .
ومما لاريب فيه لأى دارس أن الشريعة أقامت أحكامها على رعاية مصالح المكلفين ، ودرء المفاسد عنهم ، وتحقيق أقصى الخير لهم .
فالله سبحانه وتعالى قد جعل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للناس كافة ، كما قال تعالى : (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) .
كما أودع الله فى كتاب هذه الشريعة - القرآن الكريم - الشفاء والهدى والرحمة لكل من آمن به واتبعه ، كما قال الله تعالى يخاطب الناس كافة : (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى وحمة للمؤمنين) .
ومن استقرأ أحكام هذه الشريعة المحمدية ، وتأمل ما عللت به فى القرآن والسنة ، تبين له أنها قصدت الى اقامة مصلحة الخلق فى كل ما شرعته ، حتى العبادات نفسها ، روعيت فيها مصلحة المكلفين ، اذ الله تعالى غنى عن عبادة خلقه ، لا تنفعه طاعتهم وشكرهم ، ولا تضيره معصيتهم وكفرهم ، وانما يعود ذلك اليهم أنفسهم : (من شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم) .
فقد اقتضت حكمة الله تعالى ورحمته وجوده واحسانه أن يتعبد خلقه بما فيه صلاحهم وفلاحهم فى العاجلة والآجلة ، ولهذا نقرأ فى كتاب الله مثل هذه التعليلات للعبادات الشعائرية الكبرى فى الاسلام ، فى ختام آية الوضوء نقرأ : (مايريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ويتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) . وفى الصلاة نقرأ : (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) . وفى الزكاة نقرأ : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) . وفى الصوم : (لعلكم تتقون) . وفى الحج : (ليشهدوا منافع لهم) .
فإذا كانت مصالح المكلفين مرعية فى ذات العبادات التى اعتبر التعبد هو المقصود الأول منها ، فكيف بأمور المعاملات الدنيوية ، التى تنظم معايشهم وعلاقاتهم أفراداً وأسراً ومجتمعات وأمماً ؟ .
ولهذا أكد المحققون من علماء الأمة : أن الشريعة إنما وضعت لإقامة مصالح العباد فى المعاش والمعاد ، أو فى العاجل والآجل .
قلت (عمر المختار) : والدكتور يوسف القرضاوى أشار فى معرض استشهاده بتأكيد علماء الأمة عن تلك المسألة بكتابين من أمهات الكتب "إعلام الموقعين" ج1 ، و"الموافقات" ج2 ص 6 . أ.ه تعليقى
وهذه المصالح إما ضرورية أو حاجية ، أو تحسينية ، حسب تقسيم الإمامين الغزالى والشاطبى الغزالى والشاطبى وغيرهما .
قال الإمام الشاطبى :
(تكاليف الشريعة ترجع الى حفظ مقاصدها فى الخلق ، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون ضرورية .
والثانى : أن تكون حاجية .
والثالث : أن تكون تحسينية .
فأما الضرورية فمعناها : أنها لابد منها فى قيام مصالح الدين والدنيا ، بحيث اذا ُفقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة ، بل فساد وتهارج وفوت حياة ، وفى الأخرى فوت النجاة والنعيم ، والرجوع بالخسران المبين ، والحفظ لها يكون بأمرين :
أحدهما : مايقيم أركانها وثبت قواعدها ، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود .
والثانى : ما يدرأ عنها إختلال الواقع أو المتوقع فيها ، وذلك عبارة عن مراعتها من جانب العدم .
وبعد أن ذكر الشاطبى أمثلة لحفظ الضروريات من جانبها الإيجابى والسلبى قال : (ومجموع الضروريات خمسة : هى حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل ، وقد قالوا إنها مراعاة فى كل ملة) .
وقد أضاف القرافى وغيره الى هذه الخمسة عنصراً سادساً وهو (حفظ العرض) والعرض بتعبيرنا هو الكرامة والسمعة ، ولهذا حرمت الشريعة القذف والغيبة ونحوها ، وشرعت الحد فى القذف بالزنى خاصة ، كما شرعت التعزير فيما عدا القذف .
وهى إضافة صحيحة يجب إعتبارها ، وقد جاء فى الحديث الصحيح : (كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وعرضه وماله) فقرن العرض بالدم وقدمه على المال .
يـــــتبع
{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
وأعتذر بشدة عن التأخير فى الاستكمال فيما تقدم .. ولن يتكرر
ان شاء الله مرة أخرى ..{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
مدخل لدراسة الشريعة الاسلامية
تابع 1- رعاية المصالح :
وهذه المصالح إما ضرورية أو حاجية ، أو تحسينية ، حسب تقسيم الإمامين الغزالى والشاطبى الغزالى والشاطبى وغيرهما .
قال الإمام الشاطبى :
(تكاليف الشريعة ترجع الى حفظ مقاصدها فى الخلق ، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون ضرورية .
والثانى : أن تكون حاجية .
والثالث : أن تكون تحسينية .
فأما الضرورية فمعناها : أنها لابد منها فى قيام مصالح الدين والدنيا ، بحيث اذا ُفقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة ، بل فساد وتهارج وفوت حياة ، وفى الأخرى فوت النجاة والنعيم ، والرجوع بالخسران المبين ، والحفظ لها يكون بأمرين :
أحدهما : مايقيم أركانها وثبت قواعدها ، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود .
والثانى : ما يدرأ عنها إختلال الواقع أو المتوقع فيها ، وذلك عبارة عن مراعتها من جانب العدم .
وبعد أن ذكر الشاطبى أمثلة لحفظ الضروريات من جانبها الإيجابى والسلبى قال : (ومجموع الضروريات خمسة : هى حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل ، وقد قالوا إنها مراعاة فى كل ملة) .
وقد أضاف القرافى وغيره الى هذه الخمسة عنصراً سادساً وهو (حفظ العرض) والعرض بتعبيرنا هو الكرامة والسمعة ، ولهذا حرمت الشريعة القذف والغيبة ونحوها ، وشرعت الحد فى القذف بالزنى خاصة ، كما شرعت التعزير فيما عدا القذف .
وهى إضافة صحيحة يجب إعتبارها ، وقد جاء فى الحديث الصحيح : (كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وعرضه وماله) فقرن العرض بالدم وقدمه على المال .
ثم فسر الشاطبى (الحاجيات) بأنها مايُفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدى فى الغالب الى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب .
فإذا لم تراع دخل على المكلفين - على الجملة - الحرج والمشقة ، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادى المتوقع فى المصالح العامة (أى الضرورية) . ثم قال وأما (التحسينات) فمعناها : الأخذ بما يليق من محاسن العادات ، وتجنب الأحوال المدنسات ، التى تأنفها العقول الراجحات ، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق .
ويبين الشاطبى أن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة على الأمور الخمسة المذكورة فيما تقدم ، بحيث اعتبر قيام هذا الوجود الدنيوى مبنياً عليها ، حتى اذا انخرمت لم يبق لها وجود ، أعنى ماهو خاص بالمكلفين والتكليف .
وكذلك الأمور الأخروية ، لا قيام لها إلا بذلك ، ولو عُدم العقل لارتفع التدين (أى لأن العقل هو المخاطب بالتكليف) .
ولو عُدم الدين عُدم ترتب الجزاء المرتجى .
ولو عُدم المكلف ُلعدم من يتدين .
ولو عُدم النسل لم يكن فى العادة البقاء .
ولو عُدم المال لم يبق عيش .
ويخشى الشاطبى أن يفهم بعض الناس من كلمة (المال) أنه محصور فى الفضة والذهب والنقود ، فيدفع هذا الوهم ويفسره بما يشمل كل السلع الاقتصادية فيقول :
(وأعنى بالمال مايقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه ، ويستوى فى ذلك الطعام والشراب واللباس على اختلافها ، وما يؤدى اليها من جميع المتمولات ، فلو ارتفع ذلك لم يكن بقاء .
قال : وهذا كله معلوم لايرتاب فيه من عرف ترتيب أحوال الدنيا ، وأنها زاد للآخرة) .
وإذا ثبت هذا : فالأمور إنما هى حائمة حول هذا الحمى ، إذ هى تردد على الضروريات تكملها بحيث ترفع المشقات فى القيام بها واكتسابها ، وتميل بهم فيها إلى التوسط والاعتدال فى الأمور ، حتى تكون جارية على وجه لايميل الى الإفراط والتفريط .
وذلك مثل اشتراط عدم الغرر والجهالة فى البيوع ، وجواز الصلاة قاعداً ومضطجعاً للمريض ، وجواز إفطاره فى صيام الفرض إلى زمان صحته ، وكذلك إسقاط شطر الصلاة الرباعية تخفيفاً عن المسافر ، وتأجيل الصوم المفروض إلى زمن الإقامة .
قال الشاطبى :
(فإذا ُفهم هذا لم يرتب العاقل فى أن هذه الأمور الحاجية فروع دائرة حول الأمور الضرورية .
وهذا الحكم فى التحسينية ، لأنها تكمل ماهو حاجى وضرورى ، فإذا كملت ماهو ضرورى فظاهر ، وإذا كملت ماهو حاجى ، فالحاجى يكمل الضرورى ، والمكمل للمكمل مكمل ، فالتحسينية إذن كالفرع للأصل الضرورى وبنى عليه) .
.................................................. ......................
2- سعة المصلحة وثبوتها فى نظر الشرع :
وبهذا يتبين لنا شمول المصلحة التى قصدت الشريعة إلى إقامتها وحفظها ، فهى ليست المصلحة الدنيوية فحسب ، كما يدعو خصوم الدين ، ولا المصلحة المادية فقط ، كما يدعو أعداء الروحية ، ولا المصلحة الفردية وحدها ، كما ينادى عشاق الوجودية وأنصار الرأسمالية ، ولا مصلحة الجماعة أو البروليتاريا كما يدعو إلى ذلك أتباع الماركسية والمذاهب الجماعية ، ولا المصلحة الإقليمية العنصرية كما ينادى بذلك دعاة العصبية ، ولا المصلحة الآنية للجيل الحاضر وحده ، كما تتصور بعض النظريات السطحية ، إنما المصلحة التى قامت عليها الشريعة فى كلياتها وجزئياتها ، وراعتها فى عامة أحكامها ، هى المصلحة الى تسع الدنيا والآخرة ، وتشمل المادة والروح ، وتوازن بين الفرد والمجتمع والطبقة والأمة ، وبين المصلحة القومية الخاصة والمصلحة الإنسانية العامة ، وبين مصلحة الجيل الحاضر ومصلحة الأجيال المستقبلة ، والموازنة بالقسط بين هذه المصالح المتقابلة المتضاربة فى كثير من الأحيان لا ينهض بها علم بشر ، وحكمة بشر وقدرة بشر .
فالبشر أعجر من أن يحيط بُكنة هذه المصالح ويوفق بينها ، ويعطى كل ذى حق منها حقه بالقسطاس المستقيم ، وعجزه يأتى من ناحيتين :
1- ناحية محدودية عقله وعلمه ، وذلك تابع لطبيعته البشرية المخلوقة الفانية المتأثرة - حتماً - بالزمان والمكان المحيط والوراثة .
2- وناحية تأثير الميول والأهواء والنزعات عليه ، سواء أكانت ميولاً شخصية أم أسرية أم إقليمية أم طبقية أم حزبية أم قومية ، وكل واحدة من هذه لا تخلو من تأثير عليه من حيث يشعر أو لا يشعر ، والمعصوم من عصمة الله ، وفى هذا المعنى يقول الإمام الشاطبى :
(إن المصالح التى تقوم بها أحوال العبد لا يعرفها حق معرفتها إلا خالقها وواضعها ، وليس للعبد بها علم إلا من بعد وجوه ، والذى يخفى عليه منها أكثر من الذى يبدو له ، فقد يكون ساعياً فى مصلحة نفسه من وجه لا يوصله إليها ، أو يوصله إليها عاجلاً لا آجلاً ، أو يوصله إليها ناقصة لا كاملة ، أو يكون فيها مفسدة تربى - فى الموازنة - على المصلحة ، فلا يقوم خيرها بشرها ، وكم من مدبر أمراً لا يتم له على كماله أصلاً ، ولا يجنى منه ثمرة أصلاً ، وهو معلوم مشاهد من العقلاء ، فلهذا بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، فإذا كان كذلك فالرجوع إلى الوجه الذى وضعه الشارع رجوع إلى وجه المصلحة ... بخلاف الرجوع إلى ما خالفه ..) .
ولهذا كانت رعاية المصالح كلها (فردية واجتماعية) للإنسان كله (جسمه وروحه وعقله) وللطبقات كلها (أغنياء وفقراء ، وحكاماً ومحكومين ، وعمالاً وأرباب عمل) وللإنسانية كلها (بيضاً وسوداً ووطنين وأجانب) وللأجيال كلها (حاضرة ومستقبلة) لايقدر عليها إلا رب الناس ، ملك الناس ، إله الناس .
يـــــبع
{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
يبدو أن الموضوع أصبح مهجور ..
على العموم للرفع{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
تعليق
-
مدخل لدراسة الشريعة الاسلامية
تابع 1- رعاية المصالح :
ثم فسر الشاطبى (الحاجيات) بأنها مايُفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدى فى الغالب الى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب .
فإذا لم تراع دخل على المكلفين - على الجملة - الحرج والمشقة ، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادى المتوقع فى المصالح العامة (أى الضرورية) . ثم قال وأما (التحسينات) فمعناها : الأخذ بما يليق من محاسن العادات ، وتجنب الأحوال المدنسات ، التى تأنفها العقول الراجحات ، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق .
ويبين الشاطبى أن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة على الأمور الخمسة المذكورة فيما تقدم ، بحيث اعتبر قيام هذا الوجود الدنيوى مبنياً عليها ، حتى اذا انخرمت لم يبق لها وجود ، أعنى ماهو خاص بالمكلفين والتكليف .
وكذلك الأمور الأخروية ، لا قيام لها إلا بذلك ، ولو عُدم العقل لارتفع التدين (أى لأن العقل هو المخاطب بالتكليف) .
ولو عُدم الدين عُدم ترتب الجزاء المرتجى .
ولو عُدم المكلف ُلعدم من يتدين .
ولو عُدم النسل لم يكن فى العادة البقاء .
ولو عُدم المال لم يبق عيش .
ويخشى الشاطبى أن يفهم بعض الناس من كلمة (المال) أنه محصور فى الفضة والذهب والنقود ، فيدفع هذا الوهم ويفسره بما يشمل كل السلع الاقتصادية فيقول :
(وأعنى بالمال مايقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه ، ويستوى فى ذلك الطعام والشراب واللباس على اختلافها ، وما يؤدى اليها من جميع المتمولات ، فلو ارتفع ذلك لم يكن بقاء .
قال : وهذا كله معلوم لايرتاب فيه من عرف ترتيب أحوال الدنيا ، وأنها زاد للآخرة) .
وإذا ثبت هذا : فالأمور إنما هى حائمة حول هذا الحمى ، إذ هى تردد على الضروريات تكملها بحيث ترفع المشقات فى القيام بها واكتسابها ، وتميل بهم فيها إلى التوسط والاعتدال فى الأمور ، حتى تكون جارية على وجه لايميل الى الإفراط والتفريط .
وذلك مثل اشتراط عدم الغرر والجهالة فى البيوع ، وجواز الصلاة قاعداً ومضطجعاً للمريض ، وجواز إفطاره فى صيام الفرض إلى زمان صحته ، وكذلك إسقاط شطر الصلاة الرباعية تخفيفاً عن المسافر ، وتأجيل الصوم المفروض إلى زمن الإقامة .
قال الشاطبى :
(فإذا ُفهم هذا لم يرتب العاقل فى أن هذه الأمور الحاجية فروع دائرة حول الأمور الضرورية .
وهذا الحكم فى التحسينية ، لأنها تكمل ماهو حاجى وضرورى ، فإذا كملت ماهو ضرورى فظاهر ، وإذا كملت ماهو حاجى ، فالحاجى يكمل الضرورى ، والمكمل للمكمل مكمل ، فالتحسينية إذن كالفرع للأصل الضرورى وبنى عليه) .
.................................................. ......................
2- سعة المصلحة وثبوتها فى نظر الشرع :
وبهذا يتبين لنا شمول المصلحة التى قصدت الشريعة إلى إقامتها وحفظها ، فهى ليست المصلحة الدنيوية فحسب ، كما يدعو خصوم الدين ، ولا المصلحة المادية فقط ، كما يدعو أعداء الروحية ، ولا المصلحة الفردية وحدها ، كما ينادى عشاق الوجودية وأنصار الرأسمالية ، ولا مصلحة الجماعة أو البروليتاريا كما يدعو إلى ذلك أتباع الماركسية والمذاهب الجماعية ، ولا المصلحة الإقليمية العنصرية كما ينادى بذلك دعاة العصبية ، ولا المصلحة الآنية للجيل الحاضر وحده ، كما تتصور بعض النظريات السطحية ، إنما المصلحة التى قامت عليها الشريعة فى كلياتها وجزئياتها ، وراعتها فى عامة أحكامها ، هى المصلحة الى تسع الدنيا والآخرة ، وتشمل المادة والروح ، وتوازن بين الفرد والمجتمع والطبقة والأمة ، وبين المصلحة القومية الخاصة والمصلحة الإنسانية العامة ، وبين مصلحة الجيل الحاضر ومصلحة الأجيال المستقبلة ، والموازنة بالقسط بين هذه المصالح المتقابلة المتضاربة فى كثير من الأحيان لا ينهض بها علم بشر ، وحكمة بشر وقدرة بشر .
فالبشر أعجر من أن يحيط بُكنة هذه المصالح ويوفق بينها ، ويعطى كل ذى حق منها حقه بالقسطاس المستقيم ، وعجزه يأتى من ناحيتين :
1- ناحية محدودية عقله وعلمه ، وذلك تابع لطبيعته البشرية المخلوقة الفانية المتأثرة - حتماً - بالزمان والمكان المحيط والوراثة .
2- وناحية تأثير الميول والأهواء والنزعات عليه ، سواء أكانت ميولاً شخصية أم أسرية أم إقليمية أم طبقية أم حزبية أم قومية ، وكل واحدة من هذه لا تخلو من تأثير عليه من حيث يشعر أو لا يشعر ، والمعصوم من عصمة الله ، وفى هذا المعنى يقول الإمام الشاطبى :
(إن المصالح التى تقوم بها أحوال العبد لا يعرفها حق معرفتها إلا خالقها وواضعها ، وليس للعبد بها علم إلا من بعد وجوه ، والذى يخفى عليه منها أكثر من الذى يبدو له ، فقد يكون ساعياً فى مصلحة نفسه من وجه لا يوصله إليها ، أو يوصله إليها عاجلاً لا آجلاً ، أو يوصله إليها ناقصة لا كاملة ، أو يكون فيها مفسدة تربى - فى الموازنة - على المصلحة ، فلا يقوم خيرها بشرها ، وكم من مدبر أمراً لا يتم له على كماله أصلاً ، ولا يجنى منه ثمرة أصلاً ، وهو معلوم مشاهد من العقلاء ، فلهذا بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، فإذا كان كذلك فالرجوع إلى الوجه الذى وضعه الشارع رجوع إلى وجه المصلحة ... بخلاف الرجوع إلى ما خالفه ..) .
ولهذا كانت رعاية المصالح كلها (فردية واجتماعية) للإنسان كله (جسمه وروحه وعقله) وللطبقات كلها (أغنياء وفقراء ، وحكاماً ومحكومين ، وعمالاً وأرباب عمل) وللإنسانية كلها (بيضاً وسوداً ووطنين وأجانب) وللأجيال كلها (حاضرة ومستقبلة) لايقدر عليها إلا رب الناس ، ملك الناس ، إله الناس .
يـــــبع
وقد وجد عمر بعد طول تأمل فى كتاب الله ما يؤيد وجهة نظره فى سورة الحشر ، حيث أشارت الآيات فى مصرف الفىء - بعد المهاجرين والأنصار - وهم الجيل الحاضر آنذاك ، إلى الذين يجيئون بعدهم من الأجيال ، ذلك فى قوله تعالى : (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا إغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) .
وبهذه الآيات وجد عم الحجة على مخالفيه من الصحابة رضى الله عنهم جميعاً . قال عمر (ما أرى الآية إلا عمت الخلق كلهم) ، وقال للذين عارضوه : (تريدون أى يأتى آخر الناس ليس لهم شىء ؟ فما لمن بعدكم ؟) ويقول (لولا آخر الناس مافتحت قرية) ...إلخ ، فقد فهم عمر من كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومقاصد شريعته ، أن مصالح الأجيال كلها يجب أن ُتراعى ولا يستأثر جيل واحد او جيلان بالخير والرفاهية على حساب من بعدهم ، ولهذا كان ينظر إلى آخر الناس (الأجيال اللاحقة التى يخبثها الغيب) ويعمل لصالحها كالأجيال الحاضرة .
ولقد كان معاذ - الفقيه الأنصار الجليل وأعلم الصحابة بالحلال والحرام كما فى الحديث - من أنصار عمر فى رأيه ، وقد قال له مُحذراً من الإستجابة إلى رغبة المطالبين بالقسمة : (إنك إن قسمتها صار الريع العظيم فى أيدى هؤلاء القوم ، ثم يبيدون فيصير ذلك إلى الرجل الواحد أو المرأة (أى أنه ينبه فى هذا الوقت المبكر إلى خطر الملكية العقارية الواسعة) ثم يأتى من بعدهم قوم يسدون من الإسلام مسداً (أى يبلون فى الدفاع عنه بلاءً حسناً) وهم لا يجدون شيئاً ، فإنظر أمر يسع أولهم وآخرهم) .
والمقصود هنا : أن الشريعة ترعى مصالح المكلفين بهذا الشمول المتوازن ، أو بهذا التوازن الشامل ، فمن أراد أن يفهم المصلحة فى الشريعة فليفهمها فى ضوء هذا التصور .
يـــــتبع{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
- درء المفاسد لازم لرعاية المصالح :
وإذا كانت الشريعة تقصد إلى رعاية المصالح ، فهى بالتالى تقصد إلى إزالة المفاسد ومنعها ، حتى إن بعض الذين اعتبروا المصلحة دليلاً شرعياً مستقلاً ، استندوا إلى حديث : ( لا ضرر ولا ضرار ) وهو وإن كان بلفظه آحاد ، فهو بمضمونه مقطوع به من استقراء الأحكام الجزئية الكثيرة الثابتة بالقرآن والسنة .
وقال أبو داو : الفقه يدور على خمسة أحاديث .. وعده منها .
ومعنى : ( لا ضرر ولا ضرار ) أى لا يضر الإنسان نفسه ولا يضار غيره . أو لا يضر غيره ابتداءً ولا يضاره جزاءً . وإذا ثبت نفى الضرر والضرار لزم أن ُترعى المصالح والمنافع وُتحفظ .
وقد أخذ العلماء منه ، أن الأصل فى المضار التحريم ، لأن كلمة (ضرر) جاءت نكرة فى سياق النفى فتعم كل ضرر كان . بخلاف المنافع ، فالأصل فيها الإباحة لقوله تعالى : (خلق لكم ما فى الأرض جميعاً)
يتبع فى القريب العاجل ..التعديل الأخير تم بواسطة عمر المختار; 27 نوف, 2010, 08:55 ص.{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
درء المفاسد لازم لرعاية المصالح :
وإذا كانت الشريعة تقصد إلى رعاية المصالح ، فهى بالتالى تقصد إلى إزالة المفاسد ومنعها ، حتى إن بعض الذين اعتبروا المصلحة دليلاً شرعياً مستقلاً ، استندوا إلى حديث : ( لا ضرر ولا ضرار ) وهو وإن كان بلفظه آحاد ، فهو بمضمونه مقطوع به من استقراء الأحكام الجزئية الكثيرة الثابتة بالقرآن والسنة .
وقال أبو داو : الفقه يدور على خمسة أحاديث .. وعده منها .
ومعنى : ( لا ضرر ولا ضرار ) أى لا يضر الإنسان نفسه ولا يضار غيره . أو لا يضر غيره ابتداءً ولا يضاره جزاءً . وإذا ثبت نفى الضرر والضرار لزم أن ُترعى المصالح والمنافع وُتحفظ .
وقد أخذ العلماء منه ، أن الأصل فى المضار التحريم ، لأن كلمة (ضرر) جاءت نكرة فى سياق النفى فتعم كل ضرر كان . بخلاف المنافع ، فالأصل فيها الإباحة لقوله تعالى : (خلق لكم ما فى الأرض جميعاً)
يتبع فى القريب العاجل ..
وقد تقدمت إشارة الشاطبى إلى أن حفظ المصالح أو المقاصد الشرعية تكون من جهتين : إيجابية بحفظ ما يثبت قواعدها ويقيم أركانها .. وسلبية ، بدرء الاختلال الواقع أو المتوقع عنها .
ومن ثم كان درء المفاسد لازماً لإقامة المصالح ، بل هو داخل فى مراعاتها من جهة العدم كما قال الشاطبى رحمه الله ، وعلى هذا الأساس العريض قامت أوامر الشرع ونواهيه .
يقول الإمام القرافى :
(إذا عُلم أن الأوامر تتبع المصالح ، كما أن النواهى تتبع المفاسد ، والمصلحة إن كانت فى أدنى الرتب كان المرتب عليها الوجوب . ثم إن المصلحة تترقى ويترقى الندب بإرتقائها حتى يكون أعلى مراتب الندب ، بل أدنى مراتب الوجوب .
وكذلك نقول فى المفسدة : التقسيم بجملته - يعنى إذا كانت فى أدنى الرتب رتبت عليها الكراهية ، أو فى أعلاها فالحُرمة - وترتقى الكراهة بارتقاء المفسدة ، حتى يكون أعلى مراتب المكروه ، يلى أدنى مراتب التحريم .
وقد بين القرافى أن الشارع إنما خصص المرتبة العليا بالوجوب ، وحث عليها بالزواجر ، صوناً لتلك المصلحة عن الضياع ، كما خص المفاسد العظيمة بالزجر والوعيد ، حسماً لمادة الفساد عن الدخول فى الوجود ، تفضلاً منه تعالى .
ا.هـ{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
-
- تعارض المصالح والمفاسد وموقف الشريعة :
هنا يسلك الشرع سبيل التوفيق أو سبيل التغليب والترجيح .
ا.هـ{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }تعليق
مواضيع ذات صلة
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
تكذيباً لمن زعم ذلك: لم يتم عمل أية دراسات علمية حول عنصر الحجر الأسود مطلقاً ..
بواسطة فارس الميـدان
ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 5 أغس, 2024, 07:27 م
|
رد 1
66 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة فارس الميـدان
|
||
ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
|
ردود 0
34 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة وداد رجائي
|
||
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 9 يون, 2024, 03:56 ص
|
ردود 0
32 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة *اسلامي عزي*
|
||
من بدع شهر رجب
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
|
ردود 0
57 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة عاشق طيبة
|
||
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
|
ردود 0
89 مشاهدات
0 ردود الفعل
|
آخر مشاركة
بواسطة عطيه الدماطى
|
تعليق