أنا وعم عبده

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحمد فتحي مسلم اكتشف المزيد حول أحمد فتحي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد فتحي
    0- عضو حديث
    • 25 يون, 2010
    • 19
    • بكالوريوس تجارة
    • مسلم

    أنا وعم عبده



    هناك دائما في حياة كل منا (عم عبده)

    يمر بحياتنا لمدة طويلة أو قصيرة إلا أننا دائما ما نتذكره
    و اليوم أحكي عن أحدهم

    لقد كان عم عبده طيب القلب_ككل عم عبده_
    بشوش الوجة_ كأي عم عبده_
    له تلك اللحية البيضاء _التي تميز عم عبده_
    إلا أن عم عبده هنا كان أكثر تميزا
    كان بقدم واحدة و عكازين

    تعرفت عليه أيام (قهوة بوب)
    تلك القهوة التي شهدت أكثر أيام أصدقاء العمر
    الأصدقاء الذين لا يد لك في إختيارهم
    بل أن عينيك تتفتح علي الدنيا لتجدهم أصدقائك
    نفس السن... و نفس الشارع
    نفس المدرسة و دروس إعدادي و ثانوي
    و حتي _الغالبية منهم_نفس الجامعة


    و كان (عم عبده) يعمل في المقهي
    صاحب المقهي كان يوكل إليه مهمة (####)
    لقد كان عم عبده وحيد في الدنيا بعد أن تزوج الأولاد و أخذتهم مشاغل الدنيا و توفيت الزوجة.
    لذا كانت القهوة بالنسبة له هي العمل...و السكن...و التسلية الوحيدة.
    لم يكن يخرج منها كثيرا إلا للصلاة في المسجد المجاور.

    كان عم عبده يحبنا و يحب الجلوس معنا
    كان من الواضح أنه يري فينا أحفاد يفتقدهم
    و كنا نحب و نأنس لمجلسه كثيرا_و بخاصة أنا_
    كنت أري فيه جدا حرمت منه

    لازلت أذكر أحاديثه عن زمن جميل عاشه و عن أيام غبرة يعيشها الأن
    عن أناس طيبون كانوا...و عن جيل_مهبب_ هو جيلنا.
    و كم كنت أجلس معه _أحيانا_ بالساعات أستمع لعشقه لنادي الإسماعيلي
    فهو من الإسماعيلية أصلا.
    أو عن أيام النكسة و مرارة التهجير
    كان يصوره لنا فنراه بعينيه.
    أسر فوق عربات لوري متهالكة تحمل أثاثا أغلبه لا قيمة له إلا أنه ذكري بيت فقدوه
    الصمت يهيمن علي الموجودات و نظرات حائرة مليئة بالتساؤل عن مستقبل مجهول.

    أحيانا ما كنت أجلس لأستمتع بمباريات الإسماعيلي معه
    أو يجلس هو ليستمتع بمباريات الزمالك معي.
    فكإسماعيلاوي_عم عبده_ يحب الزمالك بالفطرة.
    و كزمالكاوي_أنا_أعشق الدراويش دون سبب.

    إلا أن المتعة حقا_بالنسبة لي_ كانت عندما يحكي (عم عبده) عن أيامه في الجيش بعد النكسة مباشرة.
    فأنا عاشق لحكاوي الجيش و الحرب و الجندية
    لم يكن عم عبده يحكي عن معارك...و لا أبطال
    بل كانت جل حكاياته كانت عن أشجار المانجو في الإسماعيلية_حيث كان يخدم_
    و كم أحب هذا...فها هو يعود لمدينته الجريحة التي يحفظ شوارعها شبرا شبرا.
    وعن حائط الصواريخ يحكي_حيث أنه كان في سلاح الدفاع الجوي_
    و عن الغارات الإسرائيلية.

    أما قصة ساقه المفقودة.
    فلم نسأله يوما عنها و عن حكايتها.
    طالما أنه كان في الجيش أثناء الحرب مع إسرائيل
    فهو فقدها في الحرب_لا يجب أن تكون أينشتاين لتخمن ذلك_
    كما أننا كنا نحترم عدم حديثه عن تلك الواقعة.

    إلي أن جاءت تلك الليلة من أحدي ليالي فصل الصيف.
    كانت ليلة شديدة الولاء لفصل الصيف.
    حتي أنها من الممكن أن تصبح مرجعا للطلبة الذي يدرسون المناخ و فصول العام.
    حر...رطوبة عالية...النوم المستحيل...الشعور بالإختناق و الممل من الكمبيوتر و التلفاز...
    ذبابة ذكر_و لا تسألني كيف علمت جنسها؟_ تطن في أرجاء الغرفة من حولك.
    لتذكرك بأن جسدك مبللا بالعرق اللزج...و المروحة من فوقك لا تلقي إلا بلفحات لهب.
    لا تجد أمامك إلا أن تغسل وجهك للمرة الألف بعد المليون الرابع
    ولا تنسي أن تترك قطرات الماء تتساقط علي صدرك.
    تلبس القميص الخفيف و تتأكد ان ##### بها ما يكفي لليلة علي المقهي.
    و علي المقهي لا تجد إلا عم عبده و بعض الرواد اللذين يعملون بعد الظهر فلا ضرر لديهم من السهر حتي مطلع الفجر هربا من لهيب الأبواب المغلقة.

    كان _كالعادة_ #######
    حييته فرد التحية مبتسما.
    ثم نهض متكئا علي عكازيه حتي جلس علي طاولتي خارج المقهي.
    كالعادة و دون سابق إنذار بدأ يترحم عم عبده عن الزمان الجميل الذي يفتقده في كل ما حوله.
    حتي ليالي الصيف ما عادت ليالي الصيف التي إعتادها
    زمان كان الصيف أجمل و لياليه ألطف علي الناس.
    جال بخاطري أن (عم عبده) لو كان أكثر ثقافة لكانت أمنيته الوحيدة أن يملك ألة زمن ليعود لأيام زمان.
    إبتسمت لتلك الخاطرة
    و إبتسمت أكثر حين تصورت أن أحد أعظم أحلام العلماء _ألة الزمن_ يقوده (عم عبده ) للوراء .
    و ليس للأمام كما تمني العلماء.

    هنا بادرته يالسؤال دو مقدمات:
    ((عم عبده؟...إنت إزاي رجلك إتقطعت؟))
    صمت قليلا ثم أجاب ببساطة:((في الحرب))
    فقلت له متلهفا:((أيوة...ما أنا عارف..بس إزاي يعني؟...و أمتي ف الحرب بالظبط؟))
    رد و هو يسرح بعينيه في الليل المحيط بنا:(( في حرب الإستنزاف))
    كانت هذه آولي المفاجأت...فلقد تصورت طيلة معرفتي به أنه قد فقد ساقه في حرب أكتوبر و لم أتخيل للحظة أنه فقدها قبل الحرب.
    صمت للحظات..ثم أردف قائلا و هو لا يزال علي شروده:((أنا كنت في الدفاع الجوي...كان السلاح لسه منفصل قريب و أصبح سلاح مستقل...
    ياما شفت غارات من الصهاينة...و ياما دفنت أصحابي بعد الغارات.
    و لما بدأنا نبني حائط الصواريخ كنا بنحمي العمال بمدافعنا من الغارات...بس برده شباب كتير راحوا في الغارات دي...
    وحدتي كانت من الوحدات المميزة ...كنا بناخد تدريبات خاصة...لغاية ما بقينا من أشهر وحدات الدفاع الجوي في المهارة و الدقة و سرعة الإشتباك مع العدو في السلاح كله.
    كان كل السلاح بيتكلم عننا...لغاية ما جيه اليوم الموعود.
    ف اليوم دا زرنا قائد السلاح و معاه خبرا روس...كانوا ساعتها لسه ماليين الجيش.
    طلبوا من مدير السلاح نعملهم بيان عملي لإشتباك مع العدو...
    و فعلا عملنا البيان...من حالة الثبات لحالة الإشتباك الفعلي مع العدو في 13 ثانية.
    الخبرا الروس كانوا هيتجننوا...مش مصدقين إن المصريين ممكن يوصلوا للمستوي القياسي دا.
    الخبرا طلبوا إنهم يسلموا علينا فرد فرد و يتصورا مع كل طاقم مدفع علي مدفعهم...
    كنا ف رمضان...و البيان كان بعد الفطار علي طول...
    مكناش نعرف إن دي أخر مرة نفطر فيها مع بعض.
    قبل السحور كانت صواريخ العدو و طيراته بتضرب الموقع...كأنهم عارفين كل مدفع فين؟...و كل طقم مدفع بيتحرك إزاي...
    إشتبكنا معاهم...بس هما كانوا عارفين بيعملوا إيه.
    فطرنا مع بعض...بس ملحقناش نتسحر...
    كتير إستشهدوا...و كتير _زيي_ إنصابوا و خرجوا من الخدمة.
    فهمت حاجة يابني؟))

    أشحت بوجهي في الإتجاة الاخر من الطريق...كنت أكره أن يري دموعا إحتشدت في مقلتي...
    أخرجت زفرة حارة من صدري####.و رددت متنهدا:((فهمت يا عم عبده؟))
    هز رأسه في أسف قائلا:(( الله يرحم موتانا))
    رددت :((آميين))
    نهض في بطء و قال:((الفجر هيدن...ياللا بينا ع الجامع))
    سرت إلي جواره في صمت.


    مرت الأيام ...و دارت الدنيا .
    و ترك عم عبده المقهي
    و لم أعد أراه أو أسمع عنه.
    قد يكون ما يزال حيا يرزق...يترحم علي زمنه الجميل الضائع.
    أو هو لحق بالأحباب و الأصحاب الذين سبقوة إلي دار الأخرة.

    إلا أنه قد حفر في ذاكرتي ركن (عم عبده) الخاص.
    فليس هناك شخصا سويّ طبيعي لم يقابل أحد (أعمام عبده) في حياته.
  • الشرقاوى
    حارس مؤسس

    • 9 يون, 2006
    • 5442
    • مدير نفسي
    • مسلم

    #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    موضوع جميل لا يعيبه إلا كونك زملكاوي وكونه درويش

    إسم عبده حمله "أبي" رحمة الله عليه

    ولهذا أشكرك بإعتباري "إبن عبده"



    شكرا


    الـ SHARKـاوي
    إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
    ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
    فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
    فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
    ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

    تعليق

    • لا تسئلني من أنا
      12- عضو معطاء
      حارس من حراس العقيدة

      • 23 مار, 2010
      • 2240
      • .............
      • الحمد لله مسلمةة

      #3
      السلام عليكم ورحمةة الله وبركاته

      ما شاء الله قصةة جميلةة

      بيعجبني جداً ما يكتبه قلم حضرتك أستاذ/ أحمد

      جزاك الله خيراً كثيراً
      ...................

      هل حضرتك عندما كتبت القصةة إلينا لمجرد أن تستعيد الذكريات أم لأنك تريد أن توصل لنا شئ معيناً؟؟






      والذي نفسه بغير جمالٍ لا يرى في الكون شيئاً جميلاً
      أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلاً

      تعليق

      • لا تسئلني من أنا
        12- عضو معطاء
        حارس من حراس العقيدة

        • 23 مار, 2010
        • 2240
        • .............
        • الحمد لله مسلمةة

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة الشرقاوى
        بسم الله الرحمن الرحيم

        موضوع جميل لا يعيبه إلا كونك زملكاوي وكونه درويش

        إسم عبده حمله "أبي" رحمة الله عليه

        ولهذا أشكرك بإعتباري "إبن عبده"



        شكرا


        رحم الله والدك وأسكنه فسيح جناته


        والذي نفسه بغير جمالٍ لا يرى في الكون شيئاً جميلاً
        أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلاً

        تعليق

        • أحمد فتحي
          0- عضو حديث
          • 25 يون, 2010
          • 19
          • بكالوريوس تجارة
          • مسلم

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة الشرقاوى
          بسم الله الرحمن الرحيم

          موضوع جميل لا يعيبه إلا كونك زملكاوي وكونه درويش

          إسم عبده حمله "أبي" رحمة الله عليه

          ولهذا أشكرك بإعتباري "إبن عبده"



          شكرا

          و عليكم السلام يا عم ( شرقاوي ) يا أهلاوي...
          يشرفني رد حضرتك... و يسعدني كثيرا أن تنال قصتي إعجابك.

          رحم الله والدك عم (عبده) و لست وحدك إبنه...
          فكلنا أبناء أعمام (عبده) بارك الله في أحيائهم و غفر لموتاهم.

          تعليق

          • أحمد فتحي
            0- عضو حديث
            • 25 يون, 2010
            • 19
            • بكالوريوس تجارة
            • مسلم

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة لا تسئلني من أنا
            السلام عليكم ورحمةة الله وبركاته

            ما شاء الله قصةة جميلةة

            بيعجبني جداً ما يكتبه قلم حضرتك أستاذ/ أحمد

            جزاك الله خيراً كثيراً
            ...................

            هل حضرتك عندما كتبت القصةة إلينا لمجرد أن تستعيد الذكريات أم لأنك تريد أن توصل لنا شئ معيناً؟؟





            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            شرف كبير إن الموضوع يعجب حضرتك أ/ لا تسألني من أنا.
            جزاكم الله كل خير.

            و بخصوص سؤال حضرتك
            فعلا كان فيه أكتر من حاجة كنت حابب أوصلها بالقصة دي.
            كان نفسي ألقي الضوء علي أبطال كتييير حوالينا ممكن نكون بنشوفهم كل يوم و بنتعامل معاهم و إحنا مش قادرين نحس بطولتهم ... و هما أد إيه ضحوا بحاجات كتير غالية عشانا.

            كمان فيه رسايله تانية كان نفسي حد ياخد باله منها و يعلق عليه.... بس مش هاقولها دلوقتي.
            لو حد فعلا حابب يعرفها....ياريت يقرا القصة بتمعن أكثر...و يقرا كويس بين السطور.

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
            ردود 0
            7 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
            ردود 0
            6 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
            ردود 0
            7 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
            ردود 8
            14 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
            رد 1
            8 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
            يعمل...