بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}
(40) سورة النساء

قاعدة عامة وهامة نبدا بها

لو حاسب الله الناس بعدله فقط فمنهم من يستوجب النار
اما لشركه او معصيته او تقصيره او لعدم شكره ......

فالله تعالى قد وهبنا النعم التي لانحصيها والتي لا نحصيها شكرا

{وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
(34) سورة إبراهيم

{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}
(18) سورة النحل

ففي الايتين قرنهما بعد ذكر نعمته بالمغفرة والرحمة وظلم الانسان.... فالانسان وان كان مسلما فانه لن يستطيع احصاء شكرها لذلك قال النبي الكريم

أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك و بعفوك من عقوبتك ، بك منك ، لا نحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك


الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 430
خلاصة حكم المحدث: صحيح

لذلك كانت اهمية الرحمة

فبرحمة الله يدخلنا الجنة وبرحمة الله يعفو ويغفر وبرحمة الله يرفع عنا ما لا نطيقه

والله اعلم

أما بحسب الإسلام ، فلا ..

قال ابن تيمية رحمه الله :
(( ... العباد لا يزالون مقصرين محتاجين إلى عفوه ومغفرته [سبحانه]، فلن يدخل أحد الجنة بعمله، وما من أحد إلا وله ذنوب يحتاج فيها إلى مغفرة الله لها : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } ...
ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه، وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه، فهو ضال كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لن يدخل أحد الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل وروي بمغفرته"
ومن هذا أيضا الحديث الذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن الله لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم" الحديث )) (الفتاوى 1/ 217)


وأما بحسب النصرانية، فبعد الفداء المزعوم : الإجابة نعم في حق "المؤمنين" ..
فعندهم أن الله إذا عامل الناس بعدله ، لزم دخول "المؤمنين" ملكوت السموات عن استحقاق لا عن تفضل من الله أو منة ..
ولذلك يتبجحون بأنهم على يقين من النجاة الأخروية، بحجة أن المسيح قد دفع الأجرة عنهم كاملة ..
فيتبجحون على المسلمين بأن المسلم ينتظر من الله الرحمة وهي معلقة على مشيئته سبحانه .. وأما هم فلا يحتاجون إلى شيء من ذلك !
وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون !


وإجابة السؤال مبنية على مقدمة تتمثل في سؤال مهم :
هل يمكن أن رحمة الله تسبق عدله ؟

فأما في الإسلام، ففي الحديث الصحيح : "لما قضى الله الخلق، كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش :(إن رحمتي سبقت غضبي)" ..

وأما بحسب علماء النصرانية فهذا عندهم ممتنع ، ولا يمكن أن يتسامح الله في حقه أو يعفو ، ولو مع التائبين المستغفرين ..

وكذا التوبة والمغفرة - عندهم - لا تتم إلا بعد استيفاء الله حقه ..

فزعموا أن الله يمتنع عليه أن يتسامح في حقه ، بل لا بد له أن يستوفيه ، ولا يمكن أن يتسامح فيه مطلقـًا !

وهذا من قلة العقل بلا ريب .. فإن كثيرًا من البشر يتسامحون في حقهم ويتركونه ويعفون .. فكيف يحصِّل المخلوق كمالاً ولا يكون في الخالق الذي هو أحق بكل كمال ؟!

وهل يكون البشر الفقير أكرم من الله الغني الحميد ؟! .. تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا ..