رأى على آراء فى قضية قرار زواج المطلقين
وما دفعنى للكتابة هو أننى أرى مجتمعنا المصرى مجتمعًا مترابطًا، يقف المسلم فيه بجوار أخيه النصرانى، وما يمرض المسلم سيؤثر حتمًا فى المسيحى، والعكس صحيح. فنحن مصريون قبل وبعد كل شيء تجمعنا أرضواحدة وجنسية واحدة وهوية واحدة ومصير واحد وكل مشاكلنا مشتركة لا فواصل بينها ولا حواجز بيننا. فالشأن المسيحي هو شأن إسلامي والعكس صحيح.
فهذا الموضوع ليس موضوعًا شخصيًا أدافع فيه عن مظلوم، أو أنتقد فيه ظالم، بل أتوجه فيه إلى أصحاب العقول من المسيحيين ورجال الكهنوت، الذين يملكون من أمرهم العقل، واتخاذ القرار. فالقضية تعنينا نحن المسلمين فى المجتمع الشرقى والإسلامى، حيث سيتأثر فيه خلق المسلم بتصرفات المسيحى، وخلق المسيحى بتصرفات المسلم. ولا يُنكر إنسان مسيحى منصف نعمة الإسلام على تربية ذريتهم فى الشرق الإسلامى من تنمية الخلق والحياء والعفة لديهم، ولو فعل منهم إنسان شيئًا غير أخلاقى، لم يتفاخر به، بل يفعله فى الخفاء كالمسلم العاصى أيضًا.
فلو كانت هذه القضية فى الغرب المسيحى، لهاجم كل الناس الشخص الذى يبحث عن عذرية زوجته، فلا عذرية لبنت فى أوروبا بلغت الثانية عشر من عمرها إلا من رحم ربى. ولما أخذ هذا الموضوع ذلك الحجم الإعلامى.
ولا يجوز أبدًا العمل بأي مبدأ يؤدى إلى وجود دولة أو دويلة داخل الدولة تحت أي إسم وتحت أي ظرف. فمصر كتلة واحدة، وقطعة واحدة، ونظام واحد، وحياة واحدة غير قابل للتجزؤ أو التقسيمأوالتشرذم مهما كان ضعفها .. ونحن نتحدث عن مشكلة بصرف النظر عن ديانة صاحب هذه المشكلة، لأنها مشكلة تخص المصريين ويحق لكل مصري أن يهتم بها لأنهاتؤثر في النسيج الاجتماعي للبلد بأكمله، وليس من صالح المسلمين وجود تصدع بين الكنيسة والمسيحيين، كما ليس من صالحهم وجود تصدع بين الأزهر والمسلمين. فالكليجب أن يعمل وأن يتحرك من منطلق الصالح العام سواء من الناحية الوطنية أو السياسية أو الدينية أو غيرها، وإن وجد غير ذلك عند البعض، فهؤلاء ليسوا إلا متعصبين، لا يعرفون حق المواطنة، ولا حق الجيرة.
ومن ناحية أخرى إحقاقًا للحق فأنا أؤيد حكم المحكمة لأسباب عديدة، منها الشكل القانونى الذى أكدته المحكمة الإدارية العليا فى حيثيات قرارها، وأنقله عن هبة نافع فى هذا الموقع: http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=66589
لقد أكدت المحكمة الإدارية في حيثياتها "أن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل علي رعاية الاقباط الأرثوذكس كافة، وهي في سبيل ذلك خولها القانون السلطات اللازمة بموافقة الأقباط وحسن سيرها وتقديم الخدمات اللازمة لهم، وهذه المهمة هي من مهام الدولة، ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة في هذا الخصوص إنما هو نشاط إداري دعت إليه اعتبارات الصالح العام وتعد القرارات الصادرة منها علي هذا النحو قرارات إداريةتتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح التي تخضع لرقابة القضاء من حيث مدي مشروعيتها ولذلك، فإن التصريح بالزواج ثانية كنسيا حسبما ورد النص عليه في المادة 69 من لائحةالاقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يعدو في حقيقته إلا أن يكون قراراً إدارياً يخضع لرقابة القضاء الإداري وبطلب الغائه يدخل في الاختصاص المعقود لذلك القضاءبمقتضي المادة «10» من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ولا يمس المعتقد المسيحي ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما استكمل شرائط صحته وضوابط نفاذهللتيقن من ان الرئيس الديني وهو يباشر اختصاصه في منح أو منع التصريح لم يتجاوز سلطاته المنوطة به بموجب قواعد شرعية الأرثوذكس وهو ما لا يعد تدخلاً من القضاء في المعتقد الديني وإنما هو اعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها، الامر الذي يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الاداري بنظر الدعوي محل الطعن لانتفاء ولايته او لانتفاء القرار الاداري لاسند لهمما من القانونيتعين طرحهما والالتفات عنهما."
"وأكدت المحكمة بأن التشريع المصري وفي الصدارة منه الدستور قد حرص علي حماية الأسرة بغض النظر عن العقيدة التي تدين بها، واقر المشرع لكل مواطن حقه الدستوري في تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التي ينتمي اليها، وفي اطار منظومة تشريعية تتخذ من احكام الدستور والقانون السند لحماية الحقوق والحريات مع تحديد للواجبات اللازمة في ذلك التنظيم الأسري ومن ثم فليسمقبولاً من أي جهة دينية ان تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها مما قد يختلفالرأي بشأنها لدي آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة خاصة ان التنظيم التشريعي لذلكالأمر أينما يكون وليد إرادة شاركت فيها الاتجهات الدينية المختلفة بالرأي والقرارقبل اصدار مثل ذلك التشريع، ومتي كان ذلك وكانت لائحة الأحوال الشخصية التي اقرها المجلس الملي في عام 1938 بما تضمنته من قواعد وعلي ما نصت عليه الفقرة الثانية منالمادة «3» من القانون رقم 1 لسنة 2000 باصدار قانون تنظيم بعض اوضاع واجراءات التضامن في مسائل الاحوال الشخصية تعتبر تلك اللائحة شريعتهم التي تنظم مسائل احوالهم الشخصية، فقد عينت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج باعتباره سراً مقدساً يتم وفقا لطقوس كنسية بقصد تكوين اسرة جديدة، فنظمت اللائحة احكام الخطبة واحكام عقد الزواج وبينت شروطه وموانعه كما نظمت احكام الطلاق وحالاته، فأوجبتاللائحة في المادة «6» منها علي الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعي يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرضي أو وجود رابطة زواج سابق، كما لم تجز المادة «25» لأحد الزوجين أن يتخذ زوجاً ثانياً ما دام الزواج قائماًورتبت المادة «68» علي الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائي الصادربه فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر ولا يرث أحدهما الآخر عندموته، وأجازت المادة «69» من ذات اللائحة لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أنيتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم علي حرمان احدهما أو كليهما من الزواج وفي هذهالحالة لا يجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج الا بتصريح من المجلس الأكليريكي. والثابت من الأوراق ان المطعون ضده وهو مسيحي أرثوذكسي حصل علي حكم بالتطليق من زوجته وتزوجت مطلقته من المدعو اسامة اميل بموجب عقد زواج للطوائف متحدي الملة في 27/4/2006"
وتواصل المحكمة حيثيات حكمها قائلة: "واشارت المحكمة الي ان المبادئ الاصولية فيالشريعة المسيحية انها تقوم علي وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحي ان يكون له سوي زوجة واحدة فإذا انفصم عقد الزواج زال المانع وجاز له الزواج ثانية، ولما كان الثابت ان الكنيسة قد اعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده واجازت لها الزواج ثانية، باعتبار ان العلاقة الزوجية بينهما قد انفصمت بطلاق بائن، لذا فغير المقبول حرمان المطعون ضده من الزواج ثانية كنسياً علي اعتبار ان سند الاحكام القضائية الصادرة في تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماوية بصفة مباشرة، ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح للمطعون ضده بالزواج به تمييز بين اصحاب المراكز المتماثلة علي خلاف حكم القانون ومكوناً لقرار سلبي يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية، كما يتوافر ركن الاستعجال من ان استمرار امتناع جهة الادارة عن اصدار التصريح له بالزواج الثاني يحول دون احصانه وقد يدفع به الي طريق الرذيلة، كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الانساني والشرعي والدستوري في الزواج وتكوين اسرة التي هي اللبنة الأولي للمجتمع ووفقا لأحكام شريعته التي يدين بها وهي نتائج يتعذر تداركها."
ومما سبق يتضح لنا الآتى:
1- يرى الدستور أن من حق كل مواطن أن يتزوج ويقيم أسرة على معتقده. ويقوم الدستور والقانون بحماية الحقوق والحريات للفرد والمجتمع.
2- إن القرارات الصادرة من الكنيسة علي رعاياها هى قرارات إداريةتتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح التي تخضع لرقابة القضاء من حيث مدي مشروعيتها.
3- أوجبت اللائحة في المادة «6» من الفقرة الثانية من المادة «3» من القانون رقم 1 لسنة 2000 أنه علي الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعي يحول دون الزواج.
4- لم تجز المادة «25» لأحد الزوجين أن يتخذ زوجًا ثانيًا ما دام الزواج قائمًا
5- وأقرت المادة «68» أنه بانعقاد الطلاق تُحل الرابطة الزوجية بين الاثنين، فلا حقوق بينهما ولا يرث أحدهما الآخر عند موته.
6- وأجازت المادة «69» من ذات اللائحة لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أنيتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم علي حرمان احدهما أو كليهما من الزواج. وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلسالأكليريكي.
7- حصل السيد مجدى وليم على حكم بتطليقه من زوجته.
8- حصلت طليقته على تصريح زواج من أساكة إميل وتزوجته بالفعل.
9- أقرت الكنيسة حكم الطلاق، ومن ثم أعطت طليقته تصريح زواج ثانى، بناءً على تغيير طليقته ملتها، وليس على اساس إثباتها الزنى على زوجها.
10- السيد مجدى وليم أصبح عازبًا، وغير متزوج، ويجوز له أن يتزوج مرة أخرى على معتقد كنيسته.
11- السيد مجدى وليم لا يجوز له الزواج مرة أخرى فى عرف الكنيسة إذا ثبت أنه زنى.
12- لم تثبت جريمة الزنى على الشيد مجدى وليم.
13- إن الشرطة هى المنوط بها إثبات جريمة الزنى، وتحرى صدق الشهود وعدالتهم فى هذه القضية إن وجد من الأساس شهود لها.
14- إن امتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج الثاني يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلي طريق الرذيلة.
15- إن امتناع الكنيسة عن إصدار التصريح له بالزواج الثاني يحول بينه وبين ممارسته لحقه الانساني والشرعي والدستوري في الزواج وتكوين أسرة، التي هي اللبنة الأولي للمجتمع ووفقا لأحكام شريعته التي يدين بها.
فكيف سيصح مجتمع به عدة آلاف من الرجال والنساء المدمرين نفسيًا واجتماعيًا وجنسيًا وهذا إذا استثنينا الجانب الصحى الذى سيتأثر بكل العوامل السابقة؟
هذا وقد اختلفت الآراء فى تقييم عددهم، فمنهم من قال 50 ألف ومنهم من قال 300 ألف أو أكثر. وهذا عدد كبير، ولا يعنى إلا تدمير 300 ألف أسرة فى المجتمع المصرى دفعة واحدة.
إن منع الزواج للمرة الثانية أو حتى العاشرة لهو أسهل طريق يؤدى إلى تدمير المجتمع القبطي بترك الأقباط دينهم لأديان أو ملل أخرى، كما أنه دعوة لتفشي الزنى في المجتمع، حيث لا يوجد أمام أحد الزوجين أو كليهما إلا الزنى للخلاص من الطرف الآخر. وهذا سيؤثر بلا أدنى شك فى أخلاقيات المسلمين أيضًا. بل سيؤثر أيضًا على رؤية الناس لمصداقية الكنيسة والكتاب المقدس فى منع الرذيلة، وتعليم الناس الفضائل. إذ كيف يعلمان الناس الفضيلة ونص الكتاب يقول للمسيحى ليس أمامك إلا الزنى للتخلص من عذاب الدنيا، وهذه الزيجة!
هل سيكون هؤلاء قوة بنَّاءة فى المجتمع؟ لا. فإنهم حيمًا سيكونون إما قوة مدمرة فيه، أو سيتجه البعض لتنفيس رغباته سريًا، أو ستدفع آخرين إلى التطرف الفكرى أو الجنسى. ويهم المسلم أو اليهودى أو المسيحى أو حتى الكافر الذى يعيش فى هذا المجتمع أن يكون آمنًا على نفسه وزوجته وذريته وجيرانه، أى على المجتمع كاملا. ومن الطبيعى أن تصيب تداعيات هذه المشكلة المجتمع كله.
ولا يتعارض هذا مع الدين أو الفكر الإسلامى، لأن الإسلام دين عالمى، للناس كافة، وليس لأمة بعينها: يقول الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ....} (110) سورة آل عمران
{... وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا} (79) سورة النساء
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107) سورة الأنبياء
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ...} (158) سورة الأعراف
{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (1) سورة الفرقان
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (28) سورة سبأ
{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (104) سورة يوسف
وقد يقول قائل: إن الصحف والمجلات تطالعنا بالكثير من المشكلات الفقهية والخلافات فى الرأى داخل أحكام الشريعة الإسلامية ولا يتدخل مسيحى فى مثل هذه المواضيع، فلماذا يتدخل المسلم فى شؤون المسيحيين؟
وأقول له: فى الحقيقة سوء النية، وسوء الظن هو من أحد العوامل التى تجعل المسلم أن يُحجم عن التدخل فى مشكلة المسيحية التى تتعلق بالمجتمع الذى يعيش فيه مع المسلم، وتمنع المسيحى من المشاركة فى قضية إسلامية تتعلق بالمجتمع الذى يحيا فيه المسيحى. ولكن الموضوع هنا مختلف، الموضوع هنا يتعرض لكيان أمة بأكملها. ومثل هذه القضايا يكون للأمة بأسرها اتخاذ القرار المناسب لبقاء هذه الأمة سليمة صحيًا وعقليًا وسياسيًا وعلميًا. فهل لى أن أبدى رأيى بصورة علمية، أم أن محاكم التفتيش انتقلت إلى مصر وستحجر الكنيسة على فهم الكتاب وتأويل النصوص دون غيرها من البشر؟
أين تكمن مشكلة الحكم الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا بشأن إرغام الكنيسة المصرية بإصدار تصاريح زواج للمطلقين والمطلقات؟
فى الحقيقة لقد قمت بتجميع كتب ومقالات فى هذا الموضوع. وبدأت فى قراءة ما صرح به البابا والأساقفة والقساوسة والمثقفين والمتخصصين فى الجانب القانونى والدينى، ولم أشعر إلا بأننى فى بلد قد انقسم إلى اثنين، مواطنون فيه من نوع العبيد (وهم المسلمون الذين يسرى عليهم قرارات المحاكم وينفذونها وهم صاغرون) ونوع آخر من السوبر باشاوات، وهم المسيحيون، الذين لا يريدون أن يخضعوا لحكم محكمة ولا لإرادة شعب أو قوة سياسية، وإنما لإرادة البابا، الذى يحرك هو ورجاله من المجمع (المقدس) أقباط المهجر والأقباط فى الداخل للضغط على الدولة ورئيسها وقيادتها لتحقيق ما يرونه سليمًا، وذلك تحت مسمى مخالفة الإنجيل.
ويتمسكون بقول ذُكر فى أناجيلهم، وهو قابل للتأويل والفهم بصورة مغايرة لما يفهمونه به، وسوف نتعرض له بالتفصيل فى الصفحات القادمة. لكن استوقفنى قول يُنسب ليسوع، وهو أيضًا فى الأناجيل، يقول: (... وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ. 18اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ.) متى 18: 17-18
إن هذا النص استبدل الحكم الإلهى بالكنيسة والتلاميذ. وأصبح ما يحله التلاميذ أو يحرمونه تتغير تبعًا له إرادة السماء، وهذه ليست مبالغة منى فى فهم النص، ولكن هذا ما حدث بالفعل، فقد جعل بطرس الكرازة وسط الوثنيين بناءً على حلم، وقام بولس بإلغاء الختان والناموس بناءً على وجهة نظره على الرغم من معاتبة ومحاكمة باقى التلاميذ لبولس (أعمال 21: 17-32)،وبطرس (أعمال 11: 1-4).
وكذلك على الرغم من أن يسوع قد اعتبر الخنزير من الحيوانات النجسة وسمح للشياطين أن تدخل فيها، إلا أن بطرس أحل أكل كل الحيوانات: (9ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 10فَجَاعَ كَثِيراً وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ 11فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلاَّةٍ عَلَى الأَرْضِ. 12وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. 13وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ اذْبَحْ وَكُلْ». 14فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». 15فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضاً صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!») أعمال الرسل 10: 9-15
وينوب البابا عن الكنيسة والتلاميذ. فلماذا لا يحل البابا هذا الإشكال، وهو غير ملتزم بنص الإنجيل أو حتى بنص قاله يسوع نفسه، بناءً على ما أعطاه يسوع للتلاميذ؟
وقد عاصرنا بالأمس القريب اعتصام الأقباط داخل الكاتدرائية بالعباسية للضغط على الدولة لتسليم المسلمة وفاء قسطنطين، ورفض الأساقفة أن تختلى بها النيابة فى التحقيقات، وأصروا على الحضور معها. وتم تسليم وفاء قسطنطين، ولا يعلم أحد بمكانها إلا الله، هذا إن لم تكن قد قتلت، ثم دفنت بدون تصريح فى مكان ما.
ومن هذه الآراء نقرأ: (وعلمت "المصريون" أن بعض الكهنة استبقوا اجتماع اليوم بتحركات مكثفة بهدف حشد الشباب القبطي لإعلان العصيان حال عدم إقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد، والتي ستبدأها "الكتيبة الطيبية"بمظاهرة حاشدة غدًا الأربعاء أمام المقر البابوي لإعلان دعمها للبابا شنودة في موقفه الرافض لتنفيذ الحكم القضائي.)
وتواصل جريدة المصريون قائلة: (اجتمع مايكل منير رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة ببعض أساقفة المجمع المقدس وعلي رأسهم الأنبا يوأنس وأرميا – سكرتيرا البابا صباح أمس بالمقر البابوي في جلسة مغلقة استمرت قرابة الساعة، أكد لهما خلالها دعم أقباط المهجر لموقف البابا شنودة الرافض للزواج الثاني للضغط على الدولة لتعديل لائحة 1938.ويرفض البابا شنودة الالتزام باللائحة المشار إليها الخاصة بتنظيم الأحوال الشخصية للمسيحيين، قائلا إن هذه اللائحة قررها أشخاص علمانيون ليسوا على دراية بتعاليم المسيحية كما ينبغي فقرروا أمورا على المستوى الاجتماعي وليس على المستوى التعليم الديني، متعللا بأنه وإن كان قد أصدرها أعضاء المجلس المللي من الباشوات البكوات منذ زمن، لكنها لاقت اعتراضا من رجال الدين ولم يوافق عليها البطريرك في ذلك الوقت لأنه كان هناك صراع بين البطاركة والمجالس المللية.)
وقال الانبا مرقص فى جريدة المصريون: إنه "منالمفترض أن يحكم القضاء بما يتصل بالأمور المدنية لكنه لا "يحشر" نفسه فيالأمور المتعلقة بالدين".
وفى المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير: (الأنبا بولا يحذر من صدام محتمل بين الكنيسة والدولة ويقول أقباط المهجر ورقة ضغط قوية
المختصر / حذر الأنبا بولا أسقف طنطا، ورئيس المجلس الإكليريكي، من توابع حكم الإدارية العليا، بإلزام الكنيسة بإصدار تراخيص زواج للمطلقين. وقال: »إن نتيجة هذا الحكم صدام مباشر بين الكنيسة والدولة«. وتساءل رئيس المجلس الإكليريكي، المختص بأمور الزواج والطلاق بالكنيسة الأرثوذكسية: »لماذا هذا الصدام بين الدولةوالكنيسة قبل انتخابات مجلس الشعب، والرئاسة«؟. وأشار إلي أن شنودة لا يستحق هذا لعلاقته المعروفة مع الدولة. وحذر بولا، من مساهمة نتيجة حكم الإدارية العليا في إثارة القول بتعرض المسيحيين للاضطهاد في مصر، ويأتي هذه المرة من الدولة)
وكانرئيس المجلس الإكليريكي الذس تحدث إلي برنامج »بيوت علي الصخر«، الذي أذاعته مساءأمس الأول، قناة » CTV « القبطية الفضائية في إطار مشاركته في حلقة بعنوان » تشريع الأحوال الشخصية «.. ألمح إلي استخدام أقباط المهجر ورقة ضغط خارجية قائلا: «إن أقباط المهجر أصبحوا قوة ولهم اتصالات مع صانعي القرار في الخارج «.
وأنهي حديثه بأن حكم الإدارية العليا من الأحكام الكارثية، مؤكدًا أن الكنيسة لا تخضع لمثل هذه الأحكام.)
كما اختتم البابا حديثه الذى نقله أسامة فرج على النت بتهديد للدولة قائلا: (أنا طيب جداً مع الناس الغلابة، ولكن إذا تعلق الموضوع بشىء يمس العقيدة، سأتحول لشخص آخر)
فى الوقت الذى يتهم فيه السيد مجدى وليم، وهو الزوج السابق للسيدة هالة صدقى، الأنبا شنودة بالتعنت، وعدم العدل فى هذه القضية، ويرى أنه موظف فى الدولة، عليه الإذعان لحكم المحكمة مهما كان، فيقول: (إن الرئيس السادات في عام1981 حينما غضب علي شنودة قام بإلغاء القرار الجمهوري بتعيينه في1971 وحدد إقامته في الدير، إذن شنودة موظف عمومي ويخضع لأحكام القضاء، ولابد أن يمتثل للقانون، فالقانون هو الذي يعيد الحق بأصحابه، وهم يتذرعون ويقولون إن شنودة أعطي هالة صدقي تصريحا، وإذا سألت لماذا: يقولون الأسباب سرية؟ يعني سرية علي صاحب الشأن.)
ونرى تصريح البابا القائل (لن يجبرني أحد على تنفيذ حكم القضاء وترك تعاليم الإنجيل) يُشكك بداية فى نزاهة القضاء، وأنه متعصب ضد الإنجيل، ولا يراعى أصحاب العقائد الأخرى. وهذا كفيل بتعرضه هو نفسه للمحاكمة، ودخوله فى خصومة مع القضاء. إلا أنه أدخل الدولة فى حرب شخصية ضد الإنجيل، وحوَّل الحرب الإعلامية والحقيقية ليدارى على ممارساته نفسه ضد رعاياه!! وهو أذكى من أن يقول إنه لن يجبره أحد على تنفيذ حكم القضاء ويسكت، وإلا لوجد ملايين الأمناء على مصر وهيْبَة قضاتها وسمعتها فى الداخل والخارج للرد عليه.
تُرى ماذا كان سيفعل أمن الدولة وكل الأجهزة الأمنية لو صدرت مثل هذه الجملة من مسلم أو مسيحى بسيط وأيضًا على أرض مصر؟ هل وصل بنا التدهور فى الحال إلى أن أصبحنا إذا سرق فينا الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد؟ وا خسارتاه! ووا حسرتاه على هذا البلد!
وهل ستضطر الدولة إلى تغيير قوانينها كلما تغير اجتهاد البابا أو رؤيته لأمر ما وإلا رفض تنفيذ الإنصياع لقوانين الدولة ومؤسساتها وتحدى قوانينها وأثار عليها كل أتباعه؟ أليس هذا خروج على الشرعية؟ وهل يحق لمسلم أن يخرج على شرعية الدولة وقوانينها، عندما تُخالف الدولة الشريعة الإسلامية؟
وماذا سيكون رد فعل الدولة إذا تظاهر عليها أناس يطالبون بقطع يد السارق ورجم الزانى المحصن وتنفيذ كل أحكام الشريعة الإسلامية فى الحدود والإقتصاد؟
وبما سيوصف المسلم الذى يعيش فى بلد أوروبى أغلبية سكانه من المسيحيين، ويُطالب بإلغاء فوائد البنوك لأنها ربا ينهى عنه الإسلام؟ وبما ستوصف الدولة التى ترضخ لتهديده؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا القانون الذى حكم به القضاء ليس قانونًا إسلاميًا، ولكنه قانونًا هم واضعوه، وارتضوا العمل به ردحًا من الزمن.
لكن من مفردات قانون الأحوال الشخصية الجديد الذى يريد الأنبا شنودة لىّ ذراع الدولة المسلمة بكل مؤسساتها حكومة وشعبًا وقضاءً، وتمريره، أن المسيحى الذى يدخل الإسلام ينبغى ألا يفلت من أيدى الكنيسة وقبضتها، ويستمر تطبيق قوانين الأحوال الشخصية الخاص بملته التى تركها. وهذا يعنى أنه لن يحصل على تصريح زواج أو طلاق، طالما أنه خرج عن طوع الكنيسة وتحدَّاها؟ ويعنى أيضًا أن الكنيسة قد رصدت أو تظن أن أعدادًا كبيرة من المسيحيين المتحولين إلى الإسلام كان من أجل الطلاق أو الرغبة فى زواج آخر غير الذى كان قائمًا وفشل. فما معنى إصرار الكنيسة إلا أنها تقول لرعاياها "لا يهمنا إن ذهبتم كلكم إلى الجحيم، فما نقرأه فى كتابنا الذى نقدسه سيكون على رقاب الجميع، حتى لو أسلمتم كلكم أو اعتنقتم دينًا آخرًا"، حتى لو علمت أن هذا النص الذى ترتكن إليه هو موضع خلاف بين نصوص مخطوطات الكتاب نفسه.
وفى نفس الوقت تضمن الكنيسة، إذا كانت ستعطيه هذا التصريح، ألا تُحرم من أمواله، كما أنها لن تُجهد نفسها فى البحث عنه، بل ستضمن أنه سيأتى إليها بأرجله. وبالتالى فإن هذا القانون هو محاولة لفرض سيطرة البابا على الدولة حكومة وشعبًا، على الرغم من أنه أكثر من 95% مسلمون، أو على الأقل لإحكام السيطرة التامة على المسيحيين، كما تمارسه من خلال أسرار الكنيسة، التى لا يعرف يسوع ولا من سبقه من الأنبياء عنها شيئًا.
وليست هذه هى المرة الوحيدة التى يتحدى فيها مسيحى الدولة وقوانينها، فبالأمس القريب رفضت مديرة مدرسة الفرانسيسكان بالأسكندرية ارتداء الفتيات المسلمات الحجاب داخل المدرسة على الرغم من حصولهن على حكم، يمكنهم من ارتداء الحجاب داخل المدرسة. وذلك تحت زعم عدم التمييز بين البنات فى هذا السن الصغير، ونسيت أن أسماءهم والصليب الذى تحمله أذرعتهم يميز بالفعل بينهن.
فهل حبست مديرة المدرسة تبعًا للمادة 123 من قانون العقوبات، الذى يقضى بمعاقبة الموظف بالحبس والعزل من منصبه إذا امتنع عمدًا عن تنفيذ حكم أو أمر قضائى بعد مضى ثمانية أيام على إنذاره على يد محضر، إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص هذا الموظف؟
ومما يثير تعجبك أن الحجاب بل والنقاب فرض عين على كل مسيحية بالغة! وها هو نص كتابهم الدسقولية (تعاليم الرسل) ص27، والذى يُعد بمثابة التشريع الثانى لهم: (لا تتشبهن بهؤلاء النساء أيتها المسيحيات إذا أردتن أن تكن مؤمنات. اهتمى بزوجك لترضيه وحده، وإذا مشيت فى الطريق فغطى رأسك بردائك [1كو 11: 6] فإنك إذا تغطيت بعفة تُصانين عن نظر الأشرار، ولا تزوقى وجهك الذى خلقه الله، فليس فيه شىء ينقص زينة، لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدًا [تك 1: 31] ولا يحتاج إلى زينة. وما زيد على الحسن فإنه يغير نعمة الله. يكون مشيك ووجهك ينظر إلى أسفل، وأنت مطرقة مغطاة من كل ناحية).
والآن لماذا تسمح هذه السيدة واختها التى تترأس مدرسة الفرانسيسكان للراهبات بالقاهرة بارتداء الحجاب للراهبات، وتمنع المسلمات منه؟ هل هذا تحرش أم تنفيذًا لمخطط غربى يُقصد به التخطيط لإقامة فتنة، تأتى على الأخضر واليابس فى الدولة، أم تعصب ضد المسلمات، أم قهر لهن أم تحديًا لقانون الدولة أم استعراضًا لقوتها ونفوذها أم ماذا بالضبط؟
فسيحاسب الله تعالى رئيس الجمهورية وأجهزته الأمنية على التحدى الصارخ الذى تمارسه السيدة نادية وأختها فى مدرستى الفارنسيسكان بالقاهرة والأسكندرية، ومنع الفتيات المسلمات البالغات من ارتداء الحجاب. ولم يتمكن إنسان فى الدولة على إجبارهن على اتباع قوانين الدولة!! وكان أبسط رد فعل على هذا التحدى هو إجبار المدرسة على رد المبالغ التى تتحصل عليها من المسلمات ونقلهن إلى مدارس أخرى، مع الأخذ فى العلم أن عدد المسلمات فى هذه المدرسة يبلغ حوالى 95% من الطالبات.
يقول سامى المصرى وهو مسيحى موضوعى فى مقالاته، فى مقال له على النت بعنوان (الأنبا شنودة وحافة الكارثة (2)): (إن أكثر عصر تم فيه كسر القوانين الكنسية في جميع المجالات هو عصر الأنبا شنودة بما في ذلك القوانين الخاصة بانتخاب البابا نفسه. الأنبا شنودة ليس فقط هو أكثر من كسر القوانين الكنسية في تاريخ الكنيسة، بل ويعمل على تقنين المخالفة لتصبح هي القانون المستقبلي للكنيسة، مما يشكل خطرا على القيمة الحضارية للشعب القبطي. الأنبا شنودة نفسه هو ابن الزوجة الثانية، والقانون الكنسي يمنع ابن الزوجة الثانية من أن يتقلد أي رتبة كنسية حتى رتبة شماس!!! أخو الأنبا شنودة الأكبر روفائيل غير الشقيق من أم أخرى هي الزوجة الأولى. معنى ذلك أن الأنبا شنودة يضيف مخالفة جديدة لم يتنبه لها أحد لكل مخالفاته الجسيمة التي كسر وتحدى بها القانون الكنسي ليصل لمنصبه كبطريرك بطرق غير مشروعة معتمدا على ضغوط الدولة. فبأي حق يتشدق بالقانون الكنسي وتعاليم المسيح التي كسرها؟ كيف وهو أكثر من خالف القانون الكنسي، يريد باسم الله والدين والقانون أن يتحكم في أخص حقوق الإنسان بشكل استبدادي ليمنع الزواج الثاني؟)
ويقول أيضًا: (ورغم كل هذه الحقائق يقوم البابا بوضع العراقيل للوقوف أمام حل المشاكل الأسرية مع استفحال الرشوة والمحسوبية في ذلك المجال. لقد ذبح البطريرك الشعب القبطي باسم القانون الكنسي الأمر الذي يقوم على الفريسية والعبث ولوي المفاهيم الإنجيلية باستخدام الآية الواحدة مع إفراغها من مضمونها والإهمال الكامل للتقليد الكنسي الذي هو سمة الأرثوذكسية الأولى، في الوقت الذي يتهم فيه البابا كل من ينطق بالحق الأرثوذكسي بالبروتستانتية.)
ويواصل قائلا: (الفساد الكنسي البطريركي الذي كسر القوانين الكنسية وأهمل التقليد المقدس هو أكثر ما يشجع على أسلمة الأقباط التي أصبحت تشكل ظاهرة مخيفة. فإن كان هناك ما يقرب من ثلاثمائة ألف حالة طلاق معلقة دون حل حسب ما هو شائع، فعلى الأقل هناك خمسة أضعاف هؤلاء هم الذين وجدوا الحل السهل في الإسلام. وآخرون يمارسون الزنى في علاقات غير مشروعة خارج النطاق العائلي مما يدمر الكيان القبطي وقيمته التاريخية الحضارية. البابا يقف كمسئول أول أمام الله والتاريخ عن ذلك الوضع المأسوى الذي هبط إليه المجتمع القبطي.)
http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=218178
لكن دعونا نناقش الموضوع بهدوء أكثر، ونعتبر كل هذه التصاريح من شأن المسؤولين فى الدولة، تُحاسبهم عليها كيفما شاءت. دون أن أقحم نفسى فى الشؤون السياسية، فلا أبغض شيئًا مثل بغضى للسياسة والسياسيين، ولكننى أجلس يائسًا، لا أرى بصيصًا من الأمل لإصلاح هذا البلد، أشم رائحة الإحباط فى كل شىء، زادنى إحباطًا ويأسًا ما قرأته من تهديدات للدولة، وتمرد على قرارات قضاتها، والخروج على دستورها. أشعر أن الدولة انقسمت إلى دولتين: دولة ضعيفة تتهاوى يحكمها مبارك، ودويلة قوية تتنامى يحكمها شنودة.
واستوقفنى كيف سيتخذ الرئيس قراره بمخالفة قرارات المحكمة والقانون! وكيف سيفكر الرئيس؟ ووضعت نفسى مكانه وأخذت أتساءل: هل سيضحى بأبنائه وبناته من المسيحيين الذين يريدون الزواج مرة أخرى بعد الطلاق ليكسب تأييدًا سياسيًا لشنودة ورجاله وغير الغارمين من أبناء الكنيسة؟ هل يدرك خطورة أكثر من 300 ألف أسرة مسيحية تريد الطلاق أو الزواج لمرة أخرى بعد حصولها على الموافقة بالطلاق؟
هل الزواج والطلاق حرية شخصية للأزواج كفلها لهم الله تعالى والشريعة والقانون أم من الممكن أن تتدخل فيها الكنيسة؟ وإذا كان ما جمعه الله لا يفرقه إلا الله، فما دخل الكنيسة فى هذا الموضوع؟ هل أقامت نفسها إلهًا على الأرض تحمع من تشاء وتفرق من تريد؟ وماذا سيفعل الرئيس لو ثبت له بالأدلة القطعية أن الكنيسة تسىء استخدام استصدار تصاريح زواج أو الموافقة على الطلاق؟ وهل بموافقة الدولة على ممارسة الكنيسة لهذا الحق يعتبر اتفاقًا ضمنيًا معها على مسيحى مصر، تتخلى عن حمايتهم، وصيانة حقوقهم الدستورية، وتترك كل ذلك لرضى الكنيسة أو البابا عنهم؟
هل سيرضخ الرئيس لتهديدهم بإثارة أقباط المهجر، وبحشد الأقباط فى الداخل للقيام بثورة، ومطالبة أمريكا وإسرائيل بالتدخل لحمايتهم، كما حدث فى تظاهرهم من أجل وفاء قسطنطين؟ أم سيضمن للدولة عزتها وسيادة قانونها ويفعِّل حكم المحكمة؟ أم سيفعِّل قرارات الكنيسة فى ضوء تشريع جديد خاص بهم؟
واستوقفنى أيضًا كيف ستتصرف الدولة حيال الأنبا شنودة إذا رفض تنفيذ الحكم؟ فهل توجد جهة ما فى مصر تستطيع أن تلزمه على التنفيذ بالقوة الجبرية؟ وما هى هذه الجهة؟ وما هى آليات ردع الكنيسة عند تعنت قيادتها ورفض تنفيذ أحكام قضاتها؟ بل كيف يصدر حكم قضائى لا تستطيع الداخلية تنفيذه؟ وهل بذلك أعلن القضاء والداخلية الاستسلام لكل مواطن ذى نفوذ وعجز الداخلية التام عن تنفيذ أحكام القضاء؟
يُتبع
تعليق