تنوية : هذة مجموعة مختلفة من عمليات مجموعة الصاعقة المشهورة بإسم ( المجموعة 39 قتال)
بعض هذة العمليات صحيحة و موثقة... و البعض الأخر من خيال الكاتب.
كذلك الشخصيات في تلك الأحداث...و إحدي أهم تلك الشخصيات هو قائد المجموعة... ( العقيد/ إبراهيم الرفاعي )
بعض هذة العمليات صحيحة و موثقة... و البعض الأخر من خيال الكاتب.
كذلك الشخصيات في تلك الأحداث...و إحدي أهم تلك الشخصيات هو قائد المجموعة... ( العقيد/ إبراهيم الرفاعي )
****************
1_ السيمفونية
كان القمر مكتملا في وسط سماء صافية في إحدي ليالي صيف عام 1969
لا أسمع من حولي سوي صمت الصحراء ...و هو صمت غير تكاد أن تسمعه
كنت أرقب الطريق الأسفلتي الذي رقدت علي يمينه وسط الرمال
أنظر تجاه الشرق و أستمع إلي دقات قلبي تتصاعد كمن ينتظر _في شوق حارق_ قدوم حبيبته في موعدهما الأول
أحيانا أنظر إلي الجهة المقابلة_ يسار الطريق_ ..هناك كنت أري _بعين خيالي_ باقي أفراد مجموعتي.
أتخيل أنهم يتحدثون سويا و أنا وحدي هنا أحادث نفسي
أنا من إخترت أن أكون في الجانب المقابل وحيد
و كان يجب أن أختار ذلك
إرتجفت حين تذكرت حديثي مع الأسد ( إبراهيم الرفاعي)
نظر لي بثبات و قال بصوت هادئ عميق: لماذا إختر أنت يا ( محمد) أن تكون إشارة البدء؟
قلت له بصوت دعوت الله أن يخرج ثابتا...فخرج رغما عني مهتزا من فرط الرهبة : لأنها أول مهمة لي يا سيدي...فأردت أن أبرهن علي كفاءتي
نظر لي مبتسم العينان_ و إن كان وجهه كله ظل حازما _ :لو لم أري فيك الكفاءة اللازمة ...لما إخترتك لتكون ضمن وحوشي في المجموعة
زادت كلماته من ثباتي...لذا كانت صوتي أكثر تماسكا و أنا أجيب: هذا سبب أدعي ...كي أثبت لك أن إختيارك في موضعه يا سيدي.
تقدم مني بخطوات هادئة يملأها الثقة....كأنه أسد يمشي في عز و كبرياء...و إنتفض جسدي في رهبة حين وضع يده علي كتفي و قال : إذهب و قاتل كما دربتك...و عد سالما بإذن الله
لوهلة رأيت في عينيه نظرة الأب الحاني...الذي يخشي أي سوء علي أولاده...و في اللحظة التالية حلت نظرة الصقر_ الدائمة الوجود_ لتحتل عينيه و هو يردف: تذكر أن إشارة البدء ستكون من جانبك...تذكر أيضا ( الدقة...الإلتزام...التعاون بين أفراد المجموعة) تلك هي مفاتيح نجاح العملية...إنطلق علي بركة الله
إرتسمت إبتسامة علي ركن فمي و أنا أتذكر تلك المحادثة...كنت كمن لا يصدق أن هذا الحوار قد تم من الاساس...هل كنت حقا أتحدث وجها لوجه مع الأسطورة (إبراهيم الرفاعي)؟... بل هل أنا حقا أصبحت فردا من مجموعة الوحوش (39 قتال)؟ فخر الصاعقة المصرية و بريق الأمل لكل أفراد الجيش و الشعب في أيام لملم الأمل أذياله في إنكسار الهزيمة تاركا لجيوش اليأس كل الأوطان كي يعيث فيها فسادا و خرابا...
حتي زملائي في المهمة...كنت أنظر لهم نظرة الإنبهار التي تحتل كل حواسك و أنت في حضرة أبطال القصص التي قضيت سنواتك تقرأ عنها.
فلو أن أحدا وجد نفسه بصحبة _آلان كوترمان_ فلن يضيع الوقت معه في التحدث عن مباريات كرة القدم...
كلا لن أموت اليوم....فمع هؤلاء الوحوش الباسلة يصبح الموت أضعف من أن يمسك...و هم من خاضوا عشرات المهمات بضراوة وجرأة إحترمها الموت ذاته فقاتل أعدائهم إلي جانبهم و تركهم يعودوا سالمين.
إبتسم ثانية لتلك الفكرة الصبيانية التي جالت بخاطري.
ووضعت يدي علي خوذتي لأتأكد من القماشة التي ثبتها عليها كي لا تلتمع تحت أشعة القمر و تظهر مكاني للأعداء.
كانت هجمات المجموعة تربك الأعداء...فأفضل التوقيتات لعمليات الصاعقة حين لا تكون السماء مظلمة_ أي بلا قمر_.
أما عمليات تلك المجموعة التي تعيش خلف دفاعات العدو_ أي في فم الخطر_ فكانت توقيتاتها ما بين عمليات تتم في ظهر بعض الايام و الشمس في كبد السماء...أو في ليالي إكتمال القمر_ كما هو الحال الان_ تثير جنون قادة العدو و إرتباكهم.
و كان هذا هو الهدف من معظم عمليات المجموعة...إثارة جنون العدو و دراسة رد فعله تجاه تلك العمليات.
قطع حبل أفكاري صوت صرير يشق سكون الصحراء السرمدي من بعيد و يتعالي في بدأ و رتابة.
لقد روي لي بعض أصدقائي في المجموعة_ ناقلين خبراتهم_ عن صوت جنزير الدبابة حين تسمعه لأول مرة.
إلا أنه مهما روي لك فلن تعرف الحقيقة إلا حين تسمع و تشعر بنفسك
الوحش الحديدي يظهر في الأفق من بعيد.
ذرات الرمال تحتك تهتز و كأن زلزال يضرب الأرض من تحتك بعنف.
صوت إحتكاك الحديد البارد يختلط مع صوت دقات قلبك و صوت أنفاسك البطيئة ليصنع سيمفونية الهول من حولك.
لا لن أجزع أو أفزع...تلك هي اللحظة التي حلمت بها.
ضغطت يدي علي سلاحي المضاد للدبابات _ أر بي جي_ الذي كنت أضعه بين قدماي .
كنت كمن يستلهم القوة من ملمس الحديد البارد للسلاح الثقيل.
كان الهول الحديدي يقترب أكثر...و صوت صريره يكاد يصم أذني و أنا أرقد علي بطني بجوار الطريق.
و حين مرت أول دبابة من جواري...شعرت و كأنها تمر من فوق راسي.
يزداد تواثب قلبي كالـ...كالـ لست أجد تشبيها يصف الجنون الذي يضرب بصدري.
ليس الخوف هو ما يكمن وراء ذلك الجنون الذي ينتاب قلبي...بل هو الشوق و اللهفة كالطفلة ليلة العيد.
أم تراه الخوف ؟!!
نعم قد يكون الخوف...و لكنه الخوف من أن أفشل.
ألقيت بأفكاري جانبا ..._و لست أدري كيف فعلت ذلك؟_
فجأة ما عدت اسمع أي صوت سوي صوت أنفاسي يأتي من بعيد ...و كانني أسمعه من أغوار نفسي.
لم يعد من حواسي شئ يعمل سوي حاسة الإبصار و التي تركزت علي علامة بالطبشور الأبيض تبدو مرسومة ببراءة علي حجر بجانب الطريق. و يدي متصلبة علي عصا تفجير و اصبعي يلامس_في توتر_ ذلك الزر في نهايتها.
كان ركب العدو يتكون من دبابتين أحدهما في المقدمة و الأخر في المؤخرة...و يمشي في الوسط حاملتي جنود نصف مجنزرتين.
وحين مرت الدبابة الاولي بجوار الحجر ضغط اصبعي علي زر التفجير.
كان من المفروض أن أغطي وجهي و أذني بيدي كي أتفادي دويّ و شظايا الإنفجار.
إلا أني لم أكن في حالة تسمح لي بأن أفكر بتلك الطريقة.
دويّ الإنفجار أصاب أذني بصمم مؤقت و كانت الشظايا تتطاير من حولي.
إلا أني تحركت سريعا ألتقط مضاد الدبابات المحمول كتفا_آر بي جي_ و أقنص الدبابة التي توقفت في المؤخرة.
كنت كمن يسابق الزمن ...و مع إنفجار الدبابة الثانية شعرت بأني ألقي كل مخاوفي و رهبتي مع الطلقة التي إنطلقت من فوق كتفي تحمل كل الهموم من علي كاهلي.
مع إنفجار الدبابة الثانية فتحت أبواب الجحيم.
زملائي قاموا بفتح نيرانهم من الجانب المقابل لمنع الجنود الإسرائيليين من النزول من عرباتهم و إصابة أكبر عدد منهم .
إلا أن ذلك لم يمنع الجنود الإسرائيليين من القفز من عرباتهم وسط النيران و هم يصرخون في هلع.
كان الخوف هو محركهم للهروب و للدفاع عن النفس.
بدأ الإسرائيليين في الرد علي نيران زملائي. و من شدة نيران مجموعتين_و التي كانت تتكون من ثلاث أفراد_.نسي الإسرائيليين وجودي علي الجانب الاخر من الطريق.
كل هذا التحليل جال بخاطري الأن و أنا أحلل المعركة بعد نهايتها.
أما و أنا في أتون المعركة ...لم يكن هناك مجال في عقلي للمشاهدة أو التحليل.
لقد تحولت_دون أن أدري_ لآلة ضخ نيران علي الأعداء.
و من موقعي أكاد أجزم علي أني أصبت _علي الأقل_ جنديين.
كما أني فرقت نيران العدو فلم يعد منصبا علي زملائي في المجموعة الثانية.
فاصبح مشتتا بين إتجاهي الطريق.
كنت أسمع صوت صرخات المصابين منهم يختلط مع صوت النيران و قرقعة الحديد وسط نيران إنفجاري الدبابتين يتخلل ذلك صوت رصاصات ترتطم بين حين و آخر بحديد العربتين المصفحتين.
لم أكن أعلم بأن سيمفونية القتال بتلك الروعة أبدا.
شيئا فشيئا يتغير ما بداخلي.
شيئا فشيئا أشعر أني أخلق من جديد.
أنا وحش كما أصدقائي في الجانب الأخر لا أهاب الموت.
أنا وحش أتمني الشهادة.
وحش يؤدي مهمته...و يذيق الأعداء عذابا.
أصرخوا.
أصرخوا.
أصرخوا.
أشعر بأني أسد يزأر...فيتردد زئيره في الفضاء يرهب الكائنات.
وحين أنطلقت إشارة الإنسحاب كنت علي وشك عصيان الأمر.
لا لن أنسحب الأن....
فهناك بعض أعداء لم أقتلهم بعض.
لا لن أنسحب الأن....
فهناك باقي رصاصات في خزانتي يطوق لحصد الآلام و الآنات ولاضير من حصد الأرواح أيضا.
و لكنني جندي مخلص مدرب...يرفض تكسير الأوامر.
إذا هذا يكفي اليوم...اليوم أعود مع مجموعتي مرفوع الرأس...كبالغ يرفع رأسه في فخر كان بالأمس طفلا و صار اليوم رجل.
1_ السيمفونية
كان القمر مكتملا في وسط سماء صافية في إحدي ليالي صيف عام 1969
لا أسمع من حولي سوي صمت الصحراء ...و هو صمت غير تكاد أن تسمعه
كنت أرقب الطريق الأسفلتي الذي رقدت علي يمينه وسط الرمال
أنظر تجاه الشرق و أستمع إلي دقات قلبي تتصاعد كمن ينتظر _في شوق حارق_ قدوم حبيبته في موعدهما الأول
أحيانا أنظر إلي الجهة المقابلة_ يسار الطريق_ ..هناك كنت أري _بعين خيالي_ باقي أفراد مجموعتي.
أتخيل أنهم يتحدثون سويا و أنا وحدي هنا أحادث نفسي
أنا من إخترت أن أكون في الجانب المقابل وحيد
و كان يجب أن أختار ذلك
إرتجفت حين تذكرت حديثي مع الأسد ( إبراهيم الرفاعي)
نظر لي بثبات و قال بصوت هادئ عميق: لماذا إختر أنت يا ( محمد) أن تكون إشارة البدء؟
قلت له بصوت دعوت الله أن يخرج ثابتا...فخرج رغما عني مهتزا من فرط الرهبة : لأنها أول مهمة لي يا سيدي...فأردت أن أبرهن علي كفاءتي
نظر لي مبتسم العينان_ و إن كان وجهه كله ظل حازما _ :لو لم أري فيك الكفاءة اللازمة ...لما إخترتك لتكون ضمن وحوشي في المجموعة
زادت كلماته من ثباتي...لذا كانت صوتي أكثر تماسكا و أنا أجيب: هذا سبب أدعي ...كي أثبت لك أن إختيارك في موضعه يا سيدي.
تقدم مني بخطوات هادئة يملأها الثقة....كأنه أسد يمشي في عز و كبرياء...و إنتفض جسدي في رهبة حين وضع يده علي كتفي و قال : إذهب و قاتل كما دربتك...و عد سالما بإذن الله
لوهلة رأيت في عينيه نظرة الأب الحاني...الذي يخشي أي سوء علي أولاده...و في اللحظة التالية حلت نظرة الصقر_ الدائمة الوجود_ لتحتل عينيه و هو يردف: تذكر أن إشارة البدء ستكون من جانبك...تذكر أيضا ( الدقة...الإلتزام...التعاون بين أفراد المجموعة) تلك هي مفاتيح نجاح العملية...إنطلق علي بركة الله
إرتسمت إبتسامة علي ركن فمي و أنا أتذكر تلك المحادثة...كنت كمن لا يصدق أن هذا الحوار قد تم من الاساس...هل كنت حقا أتحدث وجها لوجه مع الأسطورة (إبراهيم الرفاعي)؟... بل هل أنا حقا أصبحت فردا من مجموعة الوحوش (39 قتال)؟ فخر الصاعقة المصرية و بريق الأمل لكل أفراد الجيش و الشعب في أيام لملم الأمل أذياله في إنكسار الهزيمة تاركا لجيوش اليأس كل الأوطان كي يعيث فيها فسادا و خرابا...
حتي زملائي في المهمة...كنت أنظر لهم نظرة الإنبهار التي تحتل كل حواسك و أنت في حضرة أبطال القصص التي قضيت سنواتك تقرأ عنها.
فلو أن أحدا وجد نفسه بصحبة _آلان كوترمان_ فلن يضيع الوقت معه في التحدث عن مباريات كرة القدم...
كلا لن أموت اليوم....فمع هؤلاء الوحوش الباسلة يصبح الموت أضعف من أن يمسك...و هم من خاضوا عشرات المهمات بضراوة وجرأة إحترمها الموت ذاته فقاتل أعدائهم إلي جانبهم و تركهم يعودوا سالمين.
إبتسم ثانية لتلك الفكرة الصبيانية التي جالت بخاطري.
ووضعت يدي علي خوذتي لأتأكد من القماشة التي ثبتها عليها كي لا تلتمع تحت أشعة القمر و تظهر مكاني للأعداء.
كانت هجمات المجموعة تربك الأعداء...فأفضل التوقيتات لعمليات الصاعقة حين لا تكون السماء مظلمة_ أي بلا قمر_.
أما عمليات تلك المجموعة التي تعيش خلف دفاعات العدو_ أي في فم الخطر_ فكانت توقيتاتها ما بين عمليات تتم في ظهر بعض الايام و الشمس في كبد السماء...أو في ليالي إكتمال القمر_ كما هو الحال الان_ تثير جنون قادة العدو و إرتباكهم.
و كان هذا هو الهدف من معظم عمليات المجموعة...إثارة جنون العدو و دراسة رد فعله تجاه تلك العمليات.
قطع حبل أفكاري صوت صرير يشق سكون الصحراء السرمدي من بعيد و يتعالي في بدأ و رتابة.
لقد روي لي بعض أصدقائي في المجموعة_ ناقلين خبراتهم_ عن صوت جنزير الدبابة حين تسمعه لأول مرة.
إلا أنه مهما روي لك فلن تعرف الحقيقة إلا حين تسمع و تشعر بنفسك
الوحش الحديدي يظهر في الأفق من بعيد.
ذرات الرمال تحتك تهتز و كأن زلزال يضرب الأرض من تحتك بعنف.
صوت إحتكاك الحديد البارد يختلط مع صوت دقات قلبك و صوت أنفاسك البطيئة ليصنع سيمفونية الهول من حولك.
لا لن أجزع أو أفزع...تلك هي اللحظة التي حلمت بها.
ضغطت يدي علي سلاحي المضاد للدبابات _ أر بي جي_ الذي كنت أضعه بين قدماي .
كنت كمن يستلهم القوة من ملمس الحديد البارد للسلاح الثقيل.
كان الهول الحديدي يقترب أكثر...و صوت صريره يكاد يصم أذني و أنا أرقد علي بطني بجوار الطريق.
و حين مرت أول دبابة من جواري...شعرت و كأنها تمر من فوق راسي.
يزداد تواثب قلبي كالـ...كالـ لست أجد تشبيها يصف الجنون الذي يضرب بصدري.
ليس الخوف هو ما يكمن وراء ذلك الجنون الذي ينتاب قلبي...بل هو الشوق و اللهفة كالطفلة ليلة العيد.
أم تراه الخوف ؟!!
نعم قد يكون الخوف...و لكنه الخوف من أن أفشل.
ألقيت بأفكاري جانبا ..._و لست أدري كيف فعلت ذلك؟_
فجأة ما عدت اسمع أي صوت سوي صوت أنفاسي يأتي من بعيد ...و كانني أسمعه من أغوار نفسي.
لم يعد من حواسي شئ يعمل سوي حاسة الإبصار و التي تركزت علي علامة بالطبشور الأبيض تبدو مرسومة ببراءة علي حجر بجانب الطريق. و يدي متصلبة علي عصا تفجير و اصبعي يلامس_في توتر_ ذلك الزر في نهايتها.
كان ركب العدو يتكون من دبابتين أحدهما في المقدمة و الأخر في المؤخرة...و يمشي في الوسط حاملتي جنود نصف مجنزرتين.
وحين مرت الدبابة الاولي بجوار الحجر ضغط اصبعي علي زر التفجير.
كان من المفروض أن أغطي وجهي و أذني بيدي كي أتفادي دويّ و شظايا الإنفجار.
إلا أني لم أكن في حالة تسمح لي بأن أفكر بتلك الطريقة.
دويّ الإنفجار أصاب أذني بصمم مؤقت و كانت الشظايا تتطاير من حولي.
إلا أني تحركت سريعا ألتقط مضاد الدبابات المحمول كتفا_آر بي جي_ و أقنص الدبابة التي توقفت في المؤخرة.
كنت كمن يسابق الزمن ...و مع إنفجار الدبابة الثانية شعرت بأني ألقي كل مخاوفي و رهبتي مع الطلقة التي إنطلقت من فوق كتفي تحمل كل الهموم من علي كاهلي.
مع إنفجار الدبابة الثانية فتحت أبواب الجحيم.
زملائي قاموا بفتح نيرانهم من الجانب المقابل لمنع الجنود الإسرائيليين من النزول من عرباتهم و إصابة أكبر عدد منهم .
إلا أن ذلك لم يمنع الجنود الإسرائيليين من القفز من عرباتهم وسط النيران و هم يصرخون في هلع.
كان الخوف هو محركهم للهروب و للدفاع عن النفس.
بدأ الإسرائيليين في الرد علي نيران زملائي. و من شدة نيران مجموعتين_و التي كانت تتكون من ثلاث أفراد_.نسي الإسرائيليين وجودي علي الجانب الاخر من الطريق.
كل هذا التحليل جال بخاطري الأن و أنا أحلل المعركة بعد نهايتها.
أما و أنا في أتون المعركة ...لم يكن هناك مجال في عقلي للمشاهدة أو التحليل.
لقد تحولت_دون أن أدري_ لآلة ضخ نيران علي الأعداء.
و من موقعي أكاد أجزم علي أني أصبت _علي الأقل_ جنديين.
كما أني فرقت نيران العدو فلم يعد منصبا علي زملائي في المجموعة الثانية.
فاصبح مشتتا بين إتجاهي الطريق.
كنت أسمع صوت صرخات المصابين منهم يختلط مع صوت النيران و قرقعة الحديد وسط نيران إنفجاري الدبابتين يتخلل ذلك صوت رصاصات ترتطم بين حين و آخر بحديد العربتين المصفحتين.
لم أكن أعلم بأن سيمفونية القتال بتلك الروعة أبدا.
شيئا فشيئا يتغير ما بداخلي.
شيئا فشيئا أشعر أني أخلق من جديد.
أنا وحش كما أصدقائي في الجانب الأخر لا أهاب الموت.
أنا وحش أتمني الشهادة.
وحش يؤدي مهمته...و يذيق الأعداء عذابا.
أصرخوا.
أصرخوا.
أصرخوا.
أشعر بأني أسد يزأر...فيتردد زئيره في الفضاء يرهب الكائنات.
وحين أنطلقت إشارة الإنسحاب كنت علي وشك عصيان الأمر.
لا لن أنسحب الأن....
فهناك بعض أعداء لم أقتلهم بعض.
لا لن أنسحب الأن....
فهناك باقي رصاصات في خزانتي يطوق لحصد الآلام و الآنات ولاضير من حصد الأرواح أيضا.
و لكنني جندي مخلص مدرب...يرفض تكسير الأوامر.
إذا هذا يكفي اليوم...اليوم أعود مع مجموعتي مرفوع الرأس...كبالغ يرفع رأسه في فخر كان بالأمس طفلا و صار اليوم رجل.
تعليق