بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع هام ... يجب على كل مسلم أن يعيه جيداً ومن أجمل ما قرأت بخصوص هذا ...
مقال للدكتور :يوسف القرضاوى فأحببت أن أنقله لكم للإستفادة ........
واحتج البخاري لما ذكره ببعض الآيات والأحاديث الدالة على دعواه.فمن الآيات قوله تعالى :(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... ).
ومن الأحاديث: قوله صلى الله عليه وسلم :"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "،لأنه إذا
فقه عمل، وأحسن ما عمل.
وكذلك فعل الحافظ المنذري في كتابه"الترغيب والترهيب "فبعد ذكر أحاديث في النية
والإخلاص واتباع الكتاب والسنة بدأ بكتاب "العلم".
وفقه الأولويات الذي نتحدث عنه مبناه ومداره على العلم، فبه نعرف ما حقه أن يقدم وما
شأنه أن يؤخر، وبدون هذا العلم نخبط خبط عشواء.
وما أصدق ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز : من عمل في غير علم كان ما يفسد
أكثر مما يصلح.
وهذا واضح في بعض الفئات من المسلمين، الذين لم تكن تنقصهم التقوى أو الإخلاص
والحماس، وإنما كان ينقصهم العلم والفهم بمقاصد الشرع، وحقائق الدين.
وهذا ما وصف به الخوارج الذين قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، على فضله
ومكانته في نصرة الإسلام، وقربه من رسول الله نسبا وصهرا وحبا،واستحلوا دمه ودماء
من سواهم من المسلمين، يتقربون بذلك إلى الله!!
وهؤلاء امتداد لمن اعترض على قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأموال
فقال له بجلافة وجهالة :اعدل فقال:"ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبت إذن وخسرت
إن لم أكن أعدل"!
وفي رواية : أن هذا الجلف الجافي قال له : يا رسول الله، اتق الله! قال: "أو لست أحق
أهل الأرض أن يتقي الله"؟!
لم يفقه هذا ومثله سياسة تأليف القلوب،وما تجلبه من مصالح عظيمة للأمة، وقد شرعها
الله في كتابه، وأجاز الصرف فيها من الصدقات، فكيف من الغنائم والفيء؟
ولما سأل بعض الصحابة قتل هذا المتطاول منعه الرسول الكريم .وحذر من ظهور طائفة
على شاكلته وصفهم بقوله : "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم وعملكم
مع عملهم،يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم،يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
ومعنى :"لا يجاوز حناجرهم ":أي لا تفقهه قلوبهم، ولا تستضئ به عقولهم،ولا ينتفعون بما
تلوا منه، رغم كثرة الصلاة والصيام.ومما وصفهم به كذلك:أنهم"يقتلون أهل الإسلام،
ويدعون أهل الأوثان".
فآفة هؤلاء ليست في ضمائرهم ولا نياتهم، بل في عقولهم وأفهامهم، ولهذا وصفوا في
حديث آخر بأنهم: "حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام".
وإنما أتى هؤلاء من قلة العلم، ونقص الفقه، فلم ينتفعوا بكتاب الله، مع أنه يتلونه رطبا
لكنها تلاوة بلا فقه، وربما فقهوه فقها أعوج، يناقض ما أراد به منزله تبارك وتعالى.
ولهذا حذر الإمام الجليل الحسن البصري من الإيغال في التعبد والعمل، قبل التحصن
بالعلم والتفقه، وقال في ذلك كلمته البليغة المعبرة : "العامل على غير علم كالسالك
على غير طريق، والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا
يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا
العلم، حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولو طلبوا العلم
لم يدلهم على ما فعلوا".
العلم شرط في كل عمل قيادي (سياسي أو عسكري أو قضائي) ومن هنا كان العلم
شرطا في كل عمل قيادي، سواء أكان عملا سياسيا إداريا، مثل عمل يوسف عليه السلام
الذي قال له ملك مصر :
(إنك اليوم لدينا مكين، قال اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم )، فأشار إلى
مؤهلاته الخاصة التي ترشحه لهذا العمل الكبير الذي كان يشمل المالية والاقتصاد
والتخطيط والزراعة والتموين في ذلك الحين . وقوام هذه المؤهلات أمران :
الحفظ (وهو يعني الأمانة )، والعلم، ويراد بالعلم، ويراد بالعلم هنا : الخبرة به
والكفاية فيه.وهذا يوافق ما جاء على لسان ابنه الشيخ الكبير في سورة القصص :
(إن خير من استأجرت القوي الأمين).
أم كان العمل عسكريا : كما قال تعالى في تعليل اختيار طالوت ملكا على أولئك الملأ
من بني إسرائيل: (قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم).
أم كان هذا العمل قضائيا، حتى إنهم اشترطوا في القاضي كما اشترطوا في الخليفة
أن يكون مجتهدا، فلم يكتفوا في مثله أن يكون عالما مقلدا لغيره، لأن الأصل في العلم
هو معرفة الحق بدليله، دون التزام بموافقة زيد أو عمرو من الناس، أما من قلد غيره
من البشر من غير أن تكون له حجة، أو كانت له حجة واهية غير ناهضة، فليس هذا
من العلم في شيء.
وإنما قبلوا قضاء المقلد، مثلما قبلوا ولاية من لا فقه له، للضرورة . غير أن هناك حد
أدنى من العلم لابد أن يكون لديه، وإلا قضى على جهل فكان من أهل النار.
وفي الحديث الذي رواه بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"القضاة ثلاثة : اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل علم الحق فقضى به فهو في
الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فجار في الحكم
فهو في النار".
يتبع
الأولويات في مجال العلم والفكر
موضوع هام ... يجب على كل مسلم أن يعيه جيداً ومن أجمل ما قرأت بخصوص هذا ...
مقال للدكتور :يوسف القرضاوى فأحببت أن أنقله لكم للإستفادة ........
يتناول المقال النقاط التالية
* أولوية العلم على العمل
* أولوية الفهم على مجرد الحفظ
* أولوية المقاصد على الظواهر
* أولوية الاجتهاد على التقليد
* أولوية الدراسة والتخطيط لأمور الدنيا
* الأولويات في الآراء الفقهية
* التفريق بين القطعي والظني
* أولوية العلم على العمل
* أولوية الفهم على مجرد الحفظ
* أولوية المقاصد على الظواهر
* أولوية الاجتهاد على التقليد
* أولوية الدراسة والتخطيط لأمور الدنيا
* الأولويات في الآراء الفقهية
* التفريق بين القطعي والظني
أولوية العلم على العمل
من أهم الأولويات المعتبرة شرعا : أولوية تقديم العلم على العمل . فالعلم يسبق العمل،وهو
دليله ومرشده. وفي حديث معاذ: "العلم إمام، والعمل تابعه".
من أهم الأولويات المعتبرة شرعا : أولوية تقديم العلم على العمل . فالعلم يسبق العمل،وهو
دليله ومرشده. وفي حديث معاذ: "العلم إمام، والعمل تابعه".
ولهذا وضع الإمام البخاري بابا في كتاب العلم من جامعه الصحيح جعل عنوانه :"باب العلم
قبل القول والعمل "، وقال شراحه :أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبر
ان إلا به، فهو متقدم عليهما، مصحح للنية، المصححة للعمل.قالوا: فنبه البخاري على ذلك
حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم :بأن العلم لا ينفع إلا بالعمل تهوين أمر العلم، والتساهل
في طلبه.
قبل القول والعمل "، وقال شراحه :أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبر
ان إلا به، فهو متقدم عليهما، مصحح للنية، المصححة للعمل.قالوا: فنبه البخاري على ذلك
حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم :بأن العلم لا ينفع إلا بالعمل تهوين أمر العلم، والتساهل
في طلبه.
واحتج البخاري لما ذكره ببعض الآيات والأحاديث الدالة على دعواه.فمن الآيات قوله تعالى :(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... ).
فأمر رسوله بالعلم بالتوحيد أولا، ثم ثنى بالاستغفار، وهو عمل . والخطاب وإن كان للنبي
فهو متناول لأمته.ومنها قوله تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء )، فالعلم هو الذي
يورث الخشية،الدافعة إلى العمل.
فهو متناول لأمته.ومنها قوله تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء )، فالعلم هو الذي
يورث الخشية،الدافعة إلى العمل.
ومن الأحاديث: قوله صلى الله عليه وسلم :"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "،لأنه إذا
فقه عمل، وأحسن ما عمل.
مما يستأنس به لتقديم العلم على العمل :أن أول ما نزل من القرآن : (إقرأ)،والقراءة مفتاح
مفتاح العلم، ثم نزل العمل في مثل: (يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر).وإنما كان العلم مقدما على العمل، لأنه هو الذي يميز الحق من الباطل في الاعتقادات
والصواب من الخطأ في المقولات، والمسنون من المبتدع في العبادات، والصحيح من
الفاسد في المعاملات،والحلال من الحرام في التصرفات،والفضيلة من الرذيلة في
الأخلاق والمقبول والمردود في المعايير، والراجح والمرجوح في الأقوال والأعمال.
والصواب من الخطأ في المقولات، والمسنون من المبتدع في العبادات، والصحيح من
الفاسد في المعاملات،والحلال من الحرام في التصرفات،والفضيلة من الرذيلة في
الأخلاق والمقبول والمردود في المعايير، والراجح والمرجوح في الأقوال والأعمال.
ولهذا وجدنا كثيرا من المصنفين من علمائنا السابقين يبدأون مصنفاتهم ب "كتاب العلم".مثل
ما صنع الإمام الغزالي في كتابيه : "إحياء علوم الدين "، و "منهاج العابدين ".
ما صنع الإمام الغزالي في كتابيه : "إحياء علوم الدين "، و "منهاج العابدين ".
وكذلك فعل الحافظ المنذري في كتابه"الترغيب والترهيب "فبعد ذكر أحاديث في النية
والإخلاص واتباع الكتاب والسنة بدأ بكتاب "العلم".
وفقه الأولويات الذي نتحدث عنه مبناه ومداره على العلم، فبه نعرف ما حقه أن يقدم وما
شأنه أن يؤخر، وبدون هذا العلم نخبط خبط عشواء.
وما أصدق ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز : من عمل في غير علم كان ما يفسد
أكثر مما يصلح.
وهذا واضح في بعض الفئات من المسلمين، الذين لم تكن تنقصهم التقوى أو الإخلاص
والحماس، وإنما كان ينقصهم العلم والفهم بمقاصد الشرع، وحقائق الدين.
وهذا ما وصف به الخوارج الذين قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، على فضله
ومكانته في نصرة الإسلام، وقربه من رسول الله نسبا وصهرا وحبا،واستحلوا دمه ودماء
من سواهم من المسلمين، يتقربون بذلك إلى الله!!
وهؤلاء امتداد لمن اعترض على قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأموال
فقال له بجلافة وجهالة :اعدل فقال:"ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبت إذن وخسرت
إن لم أكن أعدل"!
وفي رواية : أن هذا الجلف الجافي قال له : يا رسول الله، اتق الله! قال: "أو لست أحق
أهل الأرض أن يتقي الله"؟!
لم يفقه هذا ومثله سياسة تأليف القلوب،وما تجلبه من مصالح عظيمة للأمة، وقد شرعها
الله في كتابه، وأجاز الصرف فيها من الصدقات، فكيف من الغنائم والفيء؟
ولما سأل بعض الصحابة قتل هذا المتطاول منعه الرسول الكريم .وحذر من ظهور طائفة
على شاكلته وصفهم بقوله : "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم وعملكم
مع عملهم،يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم،يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
ومعنى :"لا يجاوز حناجرهم ":أي لا تفقهه قلوبهم، ولا تستضئ به عقولهم،ولا ينتفعون بما
تلوا منه، رغم كثرة الصلاة والصيام.ومما وصفهم به كذلك:أنهم"يقتلون أهل الإسلام،
ويدعون أهل الأوثان".
فآفة هؤلاء ليست في ضمائرهم ولا نياتهم، بل في عقولهم وأفهامهم، ولهذا وصفوا في
حديث آخر بأنهم: "حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام".
وإنما أتى هؤلاء من قلة العلم، ونقص الفقه، فلم ينتفعوا بكتاب الله، مع أنه يتلونه رطبا
لكنها تلاوة بلا فقه، وربما فقهوه فقها أعوج، يناقض ما أراد به منزله تبارك وتعالى.
ولهذا حذر الإمام الجليل الحسن البصري من الإيغال في التعبد والعمل، قبل التحصن
بالعلم والتفقه، وقال في ذلك كلمته البليغة المعبرة : "العامل على غير علم كالسالك
على غير طريق، والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا
يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا
العلم، حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولو طلبوا العلم
لم يدلهم على ما فعلوا".
العلم شرط في كل عمل قيادي (سياسي أو عسكري أو قضائي) ومن هنا كان العلم
شرطا في كل عمل قيادي، سواء أكان عملا سياسيا إداريا، مثل عمل يوسف عليه السلام
الذي قال له ملك مصر :
(إنك اليوم لدينا مكين، قال اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم )، فأشار إلى
مؤهلاته الخاصة التي ترشحه لهذا العمل الكبير الذي كان يشمل المالية والاقتصاد
والتخطيط والزراعة والتموين في ذلك الحين . وقوام هذه المؤهلات أمران :
الحفظ (وهو يعني الأمانة )، والعلم، ويراد بالعلم، ويراد بالعلم هنا : الخبرة به
والكفاية فيه.وهذا يوافق ما جاء على لسان ابنه الشيخ الكبير في سورة القصص :
(إن خير من استأجرت القوي الأمين).
أم كان العمل عسكريا : كما قال تعالى في تعليل اختيار طالوت ملكا على أولئك الملأ
من بني إسرائيل: (قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم).
أم كان هذا العمل قضائيا، حتى إنهم اشترطوا في القاضي كما اشترطوا في الخليفة
أن يكون مجتهدا، فلم يكتفوا في مثله أن يكون عالما مقلدا لغيره، لأن الأصل في العلم
هو معرفة الحق بدليله، دون التزام بموافقة زيد أو عمرو من الناس، أما من قلد غيره
من البشر من غير أن تكون له حجة، أو كانت له حجة واهية غير ناهضة، فليس هذا
من العلم في شيء.
وإنما قبلوا قضاء المقلد، مثلما قبلوا ولاية من لا فقه له، للضرورة . غير أن هناك حد
أدنى من العلم لابد أن يكون لديه، وإلا قضى على جهل فكان من أهل النار.
وفي الحديث الذي رواه بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"القضاة ثلاثة : اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل علم الحق فقضى به فهو في
الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فجار في الحكم
فهو في النار".
يتبع
تعليق