بعض شبهات النصارى في القرآن والرد عليها ج2

تقليص

عن الكاتب

تقليص

محمود العامري الإسلام اكتشف المزيد حول محمود العامري
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود العامري
    0- عضو حديث
    • 9 يون, 2010
    • 13
    • كاتب قانوني
    • الإسلام

    بعض شبهات النصارى في القرآن والرد عليها ج2


    س 126: جاء في سورة البقرة 2: 196 (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَاِملَةٌ) . فلماذا لم يقل تلك عشرة مع حذف كلمة كاملة تلافيا لإيضاح الواضح، لأنه من يظن العشرة تسعة؟

    الجواب : إن التوكيد طريقة مشهورة فى كلام العرب ، كقوله تعالى: (ولكن تَعْمَى القلوب التى فى الصدور) [الحج 46] ، وقوله تعالى: (ولا طائرٌ يطير بجناحيه) [الأنعام 38] ، أو يقول قائل سمعته بأذني ورأيته بعيني ، والفائدة فيه أن الكلام الذى يعبر عنه بالعبارات الكثيرة ويعرف بالصفات الكثيرة، أبعد عن السهو والنسيان من الكلام الذى يعبَّر عنه بالعبارة الواحدة ، وإذا كان التوكيد مشتملاً على هذه الحكمة كان ذكره فى هذا الموضع دلالة على أن رعاية العدد فى هذا الصوم من المهمات التى لا يجوز إهمالها ألبتة.

    وقيل أيضاً إن الله أتى بكلمة (كاملة) لبيان الكمال من ثلاثة أوجه: أنها كلمة فى البدل عن الهَدىْ قائمة مقامه ، وثانيهما أنها كاملة فى أن ثواب صاحبه كامل مثل ثواب من يأتى بالهَدىْ من القادرين عليه ، وثالثهما أنها كاملة فى أن حج المتمتع إذا أتى بهذا الصيام يكون كاملاً ، مثل حج من لم يأت بهذا التمتع.
    وذهب الإمام الطبري إلى أن المعنى « تلك عشرة فرضنا إكمالها عليكم، إكمال صومها لمتعتكم بالعمرة إلى الحج، فأخرج ذلك مخرج الخبر.


    23- أتى بضمير فاعل مع وجود فاعل

    س 127: جاء في سورة الأنبياء 21: 3 (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الذِينَ ظَلَمُوا) مع حذف ضمير الفاعل في أسرّوا لوجود الفاعل ظاهراً وهو الذين .

    الجواب : وفي هذه النقطة يقال : إن التركيب مطابق لقواعد اللغة العربية باتفاق علماء اللغة وإن اختلفوا في الفاعل الذي أسنِدَ إليه الفعل، والجمهور على أنه مسند للضمير، والاسم الظاهر بدل منه.

    ووجود علامة التثنية والجمع فى الفعل قبل الفاعل لغة طىء وأزد شنوءة، وقلنا من قبل إن القرآن نزل بلغات غير لغة قريش ، وهذا أمر كان لا بد منه ، ومع هذا جاء هذا التعبير فى لغة قريش ، ومنه قول عبد الله بن قيس بن الرقيات يرثى مصعب بن الزبير:
    تولى قتال المارقين بنفسه *** وقد أسلماه مبعد وحميم
    وقول محمد بن عبد الله العتبى من ولد عتبة بن أبى سفيان الأموى القرشى:
    رأين الغوانى الشيب لاح بعارضى *** فأعرضن عنى بالخدود النواضر
    [الذين ظلموا ليست هنا فاعلاً مكرراً ، فكلمة أسر هى الفعل ، والواو فاعله، والنجوى مفعول به، والذين نعت صفاتهم بأنهم ظلموا]


    24- الالتفات من المخاطب إلى الغائب قبل إتمام المعنى

    س 128: جاء في سورة يونس 10: 22 (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ). فلماذا التفت عن المخاطب إلى الغائب قبل تمام المعنى؟ والأصحّ أن يستمر على خطاب المخاطب.

    الجواب : 1- المقصود هو المبالغة كأنه تعالى يذكر حالهم لغيرهم لتعجيبهم منها ، ويستدعى منهم مزيد الإنكار والتقبيح. فالغرض هنا بلاغى لإثارة الذهن والإلتفات لما سيفعله هؤلاء المُبعدين من نكران لصنيع الله بهم.
    2- إن مخاطبته تعالى لعباده، هى على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، فهى بمنزلة الخبر عن الغائب ، وكل من أقام الغائب مقام المخاطب ، حسن منه أن يرده مرة أخرى إلى الغائب.
    3- إن الإنتقال فى الكلام من لفظ الغيبة إلى الحضور هو من باب التقرب والإكرام كقوله تعالى: (الحمد لله ربَّ العالمين * الرحمن الرحيم) [الفاتحة 2-3] وكله مقام الغيب ، ثم انتقل منها إلى قوله تعالى: (إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين) [الفاتحة 5] ، وهذا يدل على أن العبد كأنه انتقلَ من مقام الغيبة إلى مقام الحضور ، وهو يوجب علو الدرجة ، وكمال القرب من خدمة رب العالمين.

    أما إذا انتقل الخطاب من الحضور إلى الغيب وهو من أعظم أنواع البلاغة كقوله: (هو الذى يُسَيَّركم) ينطوي على الامتنان وإظهار نعمة المخاطبين، (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ) (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) ولما كان المسيرون في البر والبحر مؤمنين وكفارا والخطاب شامل لهم جميعا حسن الخطاب بذلك ليستديم الصالح الشكر، ولعل الطالح يتذكر هذه النعمة فيتهيأ قلبه لتذكر وشكر مسديها.
    ولما كان في آخر الآية ما يقتضي أنهم إذا نجوا بغوا في الأرض، عدل عن خطابهم بذلك إلى الغيبة، لئلا يخاطب المؤمنين بما لا يليق صدوره منهم وهو البغي بغير الحق.، فهذا يدل على المقت والتبعيد والطرد ، وهو اللائق بحال هؤلاء ، لأن من كان صفته أنه يقابل إحسان الله تعالى إليه بالكفران، كان اللائق به ماذُكِرَ. ففيها فائدتان: المبالغة والمقت أوالتبعيد.


    25- أتى بضمير المفرد للعائد على المثنى

    س 129: جاء في سورة التوبة 9: 62 (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ). فلماذا لم يثنّ الضمير العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول أن يرضوهما؟

    الجواب : 1- لا يُثنَّى مع الله أحدٌ ، ولا يُذكر الله تعالى مع غيره بالذكر المُجْمَل ، بل يجب أن يفرد بالذكر تعظيماً له.
    2- ثم إن المقصود بجميع الطاعات والعبادات هو الله ، فاقتصر على ذكره.
    3- ويجوز أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ والرأى مختلفُ أى نحن بما عندنا راضون.
    4- أن العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى ، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله ، فلهذا السبب خصَّ الله تعالى نفسه بالذكر.
    5- كما أن رضا الرسول من رضا الله وحصول المخالفة بينهما ممتنع فهو تابع لرضاء ربه ، لذلك اكتفى بذكر أحدهما كما يقال: إحسان زيد وإجماله نعشنى وجبرنى. وقد قال أهل العلم: إن إفراد الضمير لتلازم الرضاءين.
    6- أو على تقدير: والله أحق أن يرضُوه ورسوله كذلك، كما قال سيبويه: فهما جملتان حذف خبر إحداهما لدلالة الثاني عليه والتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك.



    26- أتى باسم جمع بدل المثنى

    س 130: جاء في سورة التحريم 66: 4 (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا). والخطاب (كما يقول البيضاوي). موجّه لحفصة وعائشة. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما إذ أنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟

    الجواب : القلب متغير فهو لا يثبت على حال واحدة ، فلذلك جمعه فصار قلب الإنسان قلوب ، فالحواس كلها تُفرَد ما عدا القلب: ومثل ذلك (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) [النحل 78] ، ولعل المراد به هو جمع بناء على القلة تنبيهاً على هناك الكثير من يسمع الحق بل ويراه ، لكن هناك قلة من القلوب التى تستجيب وتخشع لله.

    أن الله قد أتى بالجمع في قوله (قلوبكما) وساغ ذلك لإضافته إلى مثنى وهو ضميراهما. والجمع في مثل هذا أكثر استعمالا من المثنى. فإن العرب كرهوا اجتماع تَثْنيَيْن فعدلوا إلى الجمع لأن التثنية جمع في المعنى والإفراد.
    ولا يجوز عند البصريين إلا في الشعر كقوله: حمامة بطن الواديين ترنمي سقاك من العز الفوادي مطيرها.


    27- رفع القرآن اسم إنْ

    س ...: جاء فى سورة طه الآية 63 (إنْ هذانِ لَساحِرَانِ) وكان يجب أن يقول: إنْ هذين لساحرين

    الجواب : إنْ بالسكون وهى مخففة من ان ، وإنْ المخففة تكون مهملة وجوباً إذا جاء بعدها فعل ، أما إذا جاء بعدها اسم فالغالب هو الإهمال نحو: (إنْ زيدٌ لكريم) ومتى أُهمِلَت أ يقترن خبرها باللام المفتوحة وجوباً للتفرقة بينها وبين إنْ النافية كى لا يقع اللّبس. واسمها دائماً ضمير محذوف يُسمَّى ضمير (الشأن) وخبرها جملة ، وهى هنا (هذان ساحران).
    الرد على التناقضات المزعومة حول القرآن الكريم

    1- عدد أيام خلق السموات والأرض :

    (1) لا تناقض في القرآن حول عدد أيام خلق السماوات والأرض. ذكر بها أن خلق السماوات والأرض تم في ستة أيام.

    السورة (9:41 إلى 12) ذكر بها أن خلق الأرض تم في يومين وخلق الله الأنهار والغابات.. الخ في الأرض (بعد خلقها) في أربعة أيام، وأنه قد خلق السماوات في يومين (السورة 10 تتناقض مع السورة 41 ( 2+4+2=8 أيام ).
    والجواب:

    هذا السؤال يتعلق بقوله تعالى: { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين، وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، فسواهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها..}.

    نعم بجمع هذه الأيام دون فهم وعلم يكون المجموع ثمانية وقد ذكر الله في مواضع كثيرة من القرآن أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام..

    وما ظنه السائل تناقضا فليس بتناقض فإن الأربعة أيام الأولى هي حصيلة جمع اثنين واثنين.. فقد خلق الله الأرض خلقا أوليا في يومين ثم جعل فيها الرواسي وهي الجبال ووضع فيها بركتها من الماء، والزرع، وما ذخره فيها من الأرزاق في يومين آخرين فكانت أربعة أيام. فقول الله سبحانه وتعالى: {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين}، هذه الأيام الأربعة هي حصيلة اليومين الأولين ويومين آخرين فيكون المجموع أربعة. وليست هذه الأربعة هي أربعة أيام مستقلة أخرى زيادة على اليومين الأولين.. ومن هنا جاء الخطأ عند السائل.. ثم إن الله خلق السماوات في يومين فيكون المجموع ستة أيام بجمع أربعة واثنين..

    ولا تناقض في القرآن بأي وجه من الوجوه.. ثم إن القرآن لو كان مفترى كما يدعي السائل فإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن ليجهل مثلا أن اثنين وأربعة واثنين تساوي ثمانية وأنه قال في مكان آخر من القرآن إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام.. فهل يتصور عاقل أن من يقدم على تزييف رسالة بهذا الحجم، وكتاب بهذه الصورة يمكن أن يخطئ مثل هذا الخطأ الذي لا يخطئه طفل في السنة الأولى الإبتدائية ؟!

    لا شك أن من ظن أن الرسول افترى هذا القرآن العظيم ثم وقع في مثل هذا الخطأ المزعوم فهو من أحط الناس عقلا وفهما. والحال أن السائل لا يفهم لغة العرب وأن عربيا فصيحا يمكن أن يقول : زرت أمريكا فتجولت في ولاية جورجيا في يومين، وأنهيت جولتي في ولاية فلوريدا في أربعة أيام ثم عدت إلى لندن.. لا شك أن هذا لم يمكث في أمريكا إلا أربعة أيام فقط وليس ستة أيام لأنه قوله: في يومين في أربعة أيام يعني يومين في جورجيا ويومين في فلوريدا..

    وهذه الآية التي نحن بصددها تشبه أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة في مثل ذلك يكون مضغة في مثل ذلك فإن هذا جميعه في أربعين يوما فقط وليس في مائة وعشرين يوما كما فهمه من فهمه خطأ فقول الرسول (في مثل ذلك) أي في هذه الأربعين، ومثله هنا قوله تعالى: {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام} أي بزيادة يومين عن اليومين الأولين.


    2- مقدار الأيام عند الله, فهل اليوم الواحد يساوي ألف سنة أو خمسين ألف سنة عند الله ؟

    والجواب:

    سهل وبسيط وهو أن الأيام عند الله مختلفة فيوم القيامة يوم مخصوص وهذا مقداره خمسين ألف سنة من أيام الدنيا كما قال تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين آلف سنة}، وأما سائر الأيام عند الله فكل يوم طوله ألف سنة من أيام هذه الدنيا، كما قال تعالى: {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}. ومعلوم أن الأيام على الكواكب تختلف بحسب حجمها وحركتها، فماذا يمنع أن يكون يوم القيامة أطول من سائر الأيام.


    3- إخبار الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام وابنه. ففي سورة الأنبياء :الآية 76 ذكر بها أن نوح وأهل بيته قد نجوا من الفيضان، ولكن سورة هود :الآيات 32 إلى 48) ذكر بها أن أحد أولاد نوح قد غرق ؟

    والجواب :

    إن الاستثناء أسلوب معروف في لغة العرب فيذكر المتكلم المستثنى منه على وجه العموم ثم يخرج منهم من أراد إخراجه. ويمكن أن يأتي الإستثناء منفصلا، ويمكن أن يأتي متصلا.. وفي سورة الأنبياء قال الله تعالى عن نوح: {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم} وقد بين سبحانه وتعالى المراد بأهله في آيات أخرى وهو من آمن منهم فقط حيث أخبر سبحانه وتعالى في سورة هود أنه قال لنوح : { احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن، وما آمن معه إلا قليل}. فقد أمره الله سبحانه وتعالى أن يحمل أهله معه إلا من سبق القول من الله بهلاكهم.. وقد كان قد سبق في علم الله أن يهلك ابنه مع الهالكين لأنه لم يكن مؤمنا.. ولم يكتب الله لأحد النجاة مع نوح إلا أهل الإيمان فقط، وابنه لم يكن مؤمنا.. وبالتالي فلا تناقض بين قوله تعالى في سورة الأنبياء إنه نجى نوحا وأهله، وبين ما جاء في سورة هود إنه أغرق ابن نوح لأن ابن نوح لم يكن من أهله، كما قال تعالى لنوح لما سأله عن ابنه {يا نوح إنه ليس من أهلك}. وبالتالي فلا تناقض بحمد الله في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.


    4- الآيات النازلة في شأن جبريل عليه السلام. ويقولون : هناك وجهات نظر متضاربة في إدعاء محمد النبوة. ففي سورة النجم (53 :6-15) ذكر بها أن الله نفسه أوحى إلى محمد. و سورة النحل (16: 102، 26: 192-194)، ذكر بها أن "روح القدس" نزلت إلى محمد. والسورة (15 :8) ذكر بها أن الملائكة (وهم أكثر من واحد) نزلوا إلى محمد. السورة (2: 97) ذكر بها أن الملاك جبريل (واحد فقط) لم يذكر في القرآن ولا في الأناجيل ما يقول أن "روح القدس" هي جبريل.

    والجواب :

    قوله سبحانه وتعالى في سورة النجم (53 :3-12) عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} الآيات. فهذا وصف لجبريل الروح القدس الأمين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحراء، وجاءه بالوحي من ربه، ولقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورته التي خلقه الله عليه وله ستمائة جناح مرتين: واحدة في مكة في بدء الوحي وثانية عندما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما جاء ذلك في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين في الصحيحين (البخاري ومسلم) بالإسناد المتفق عليه. وجبريل المذكور في سورة النجم (53)، هو نفسه الذي ذكره الله في سورة النحل (14)، حيث يقول سبحانه وتعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين} (16: 102)، فقد سماه الله روحا لأنه ينزل بما يحيي موات القلوب وهو وحي الله إلى رسله ووصفه بروح (القدس) أي المقدس المنزه عن الكذب أو الغش فهو الذي قدسه الله ورفعه وأعلى من شأنه عليه السلام.


    5- لا تناقض في إخبار الرب عن خلق الإنسان مرة من طين وأخرى من ماء وتارة من نطفة .

    والجواب :

    أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنه بدأ خلق الإنسان بخلق أبي البشر آدم الذي خلقه من التراب، الذي أصبح طينا يعجنه بالماء، ثم حما مسنونا، أي طينا مخمرا، ثم سواه الله بأن خلقه بيديه سبحانه ثم أصبح آدم وهو في صورته الطينية صلصالا كالفخار، وهو الطين إذا يبس وجف، ثم نفخ الله فيه الروح فأصبح بشرا حيا، ثم أمر الملائكة بالسجود له بعد أصبح كذلك ثم خلق الله من أحد أضلاعه زوجته حواء (كما جاء ذلك في الحديث النبوي).. فهي أنثى مخلوقة من عظام زوجها..

    والله يخلق ما يشاء مما يشاء كيف يشاء، ثم لما عصى آدم بأكله من الشجرة التي نهاه الله أن يأكل منها أهبطه الله إلى الأرض.

    ثم جعل الله تناسل آدم من اجتماع ماء الرجل وماء المرأة، والعرب تسمي المني الذي يقذفه الرجل في رحم الأنثى ماءا، وسماه الله في القرآن {ماءا مهينا}.. وكل ذلك موجود في القرآن الكريم.

    وهذا المسكين ظن أن هذه آراء متعارضة، وظن أن كل ذلك آراء متعارضة ولم يفهم أن خلق آدم لم يكن كخلق حواء فآدم خلق من الطين، وحواء خلقت من ضلع آدم، وأن كل إنسان خلق من أنثى وذكر، من ماء مهين، وأن عيسى عليه السلام خلق من أنثى بلا ذكر كما قال سبحانه وتعالى عن عيسى {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}.

    وكان تنوع خلق البشر على هذه الصور ليبين الله لعباده قدرته الكاملة، فهو يخلق ما يشاء مما يشاء كيف يشاء، وقد خلق الإنسان الأول آدم من طين من غير أنثى أو ذكر، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق سائر الخلق من إجتماع الذكر والأنثى فسبحان من له القدرة الكاملة، والمشيئة النافذة. وهذا كله يدل على الخلق المستقل للإنسان وأنه لا ينتمي إلى حيوانات هذه الأرض، فالتطور إن كان حقا فهو إنما يكون في حيوانات وأحياء هذه الأرض فقط. وأما الإنسان فإنه خلق خلقا مستقلا في السماء، وإن كان الله قد خلقه من طين هذه الأرض. وهذا هو الذي يؤيده العلم والنظر في الكون.

    هذا ما اعترض به المعترض على القرآن الكريم. ونأتي الآن إلى ما اعترض به على جمع القرآن وحفظه وكذلك اعتراضه على ما ظنه أنه يخالف الحق والعلم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    وأما ما ذكره الله في سورة الحجر الآية رقم 28 فإن الله لم يذكر فيها أن الملائكة نزلوا على النبي بالوحي كما فهم هذا الجاهل حيث يقول (والسورة رقم (15: 8) ذكر فيها أن الملائكة وهم أكثر من واحد نزلوا على محمد).

    وإنما الآيات هكذا {وقالوا} -أي الكفار- {يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون، لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} فرد الله مقالة الكفارهؤلاء الذين استعجلوا نزول الملائكة بالعذاب عليهم وهو ما هددهم الله به إن أصروا على التكذيب فقال تعالى: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين} أي إن الله لا ينزل الملائكة إلا بالحق وإنهم إذا نزلوا نزلوا بالعذاب عليهم فمعنى ذلك أنهم غير ممهلين، والحال أن الله أمهلهم ليقيم الحجة عليهم، ولم يشأ سبحانه وتعالى أن يعجل العقوبة الماحية المستأصلة لهم كما حدث للأمم السابقة بل شاء الله أن يعاقبهم بالعقوبات التي لا تستأصلهم فقد أنزل الملائكة في بدر وغيرها من معارك الرسول خزيا للكفار ونصرا للرسول والمؤمنين.

    وأما آية سورة البقرة (2: 97) فهي نص صريح في أن جبريل عليه السلام هو الذي أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} وهذا رد على اليهود الذين كرهوا جبريل، وأنه ينزل بحربهم وهلاكهم فأخبرهم الله أن هذا الملاك هو ملاك الرب، وأنه هو الذي أنزل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. وقد وصف الله جبريل في القرآن بأنه روح القدس أي الروح المقدسة كما قال سبحانه وتعالى: { قل نزله روح القدس من ربك بالحق}. وقد قدمنا معنى روح القدس.


    12- قوله (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) الحج وقال في آية أخرى (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) السجدة وقال في آية أخرى (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا) المعارج فقالوا فكيف يكون هذا الكلام المحكم وهو ينقض بعضه بعضا

    الجواب :

    أما قوله (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) فهذا من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض كل يوم كألف سنة

    وأما قوله (يدبر الأمرمن السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة) وذلك أن جبرائيل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم ويصعد إلى السماء في يوم كان مقداره ألف سنة وذلك أنه من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام فهبوط خمسمائة وصعود خمسمائة عام فذلك ألف سنة
    وأما قوله (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا) ذلك أن وقت وقوع العذاب للكافرين يوم القيامة تعرج الملائكة وجبرائيل عليه السلام في ذاك اليوم الذي سيكون مقداره خمسين الف سنة , فأين هو التناقض ؟؟!!!

    15- قول موسى (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) الأعراف وقال السحرة (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين) الشعراء وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين إلى قوله وأنا أول المسلمين) الأنعام قالوا فكيف قال موسى وأنا أول المؤمنين وقد كان قبله إبراهيم مؤمنا ويعقوب وإسحق فكيف جاز لموسى أن يقول وأنا أول المؤمنين وقالت السحرة أن كنا أول المؤمنين وكيف جاز للنبي أن يقول وأنا أول المؤمنين وقد كان قبله مسلمون كثير مثل عيسى ومن تبعه فشكوا في القرآن وقالوا إنه متناقض

    الجواب :

    وأما قول موسى (وأنا أول المؤمنين) فإنه حين قال (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)الأعراف ولا يراني أحد في الدنيا إلا مات فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) الأعراف يعني أول المصدقين أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات، وأما قول السحرة (أن كنا أول المؤمنين) يعنى أول المصدقين بموسى من أهل مصر من القبط وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم (وأنا أول المسلمين) يعني من أهل مكة فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة .


    24- قوله تعالى : ( لا أقسم بهذا البلد ) وأدعوا أن هذه الآية تناقض قوله تعالى : ( وهذا البلد الامين )

    الجواب :

    ( لا أقسم بهذا البلد ) قوله ( لا أقسم ) لا زائدة والمعنى أقسم ( بهذا البلد ) وقد تقدم الكلام على هذا في تفسير لا أقسم بيوم القيامة ومن زيادة لا في الكلام في غير القسم و قول الشاعر :

    تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد صميم القلب لا يتصدع

    أي يتصدع ومن ذلك قوله ما منعك أن لا تسجد أي أن تسجد قال الواحدي أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة

    أما قوله تعالى : ( وهذا البلد الأمين ) أجمع المفسرون أيضا في هذه الآية أن البلد هي مكة ولا خلاف في هذا

    وقد حكى أبو العباس بن سريح قال: سأل رجلُُ بعض العلماء عن قوله تعالى { لا أقسم بهذا البلد }(البلد/1) فأخبر سبحانه أنه لا يقسم بهذا البلد، ثم أقسم به في قوله { وهذا البلد الأمين } (التين/3) فقال ابن سريح: أي الأمرين أحب إليك؛ أجيبك ثم أقطعك ؟ أو أقطعك ثم أجيبك ؟ فقال: بل اقطعني ثم أجبني. قال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجالٍ وبين ظهراني قوم ، وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزاً، وعليه مطعناً، فلو كان هذا عندهم مناقضة لعلّقوا به وأسرعوا بالرد عليه. ولكنّ القوم علموا وجهلتَ، فلم ينكروا ما أنكرت. ثم قال : إن العرب قد تدخل " لا " في أثناء كلامها وتلغى معناها.

    فأين هذا التناقض المزعوم ؟؟؟؟؟؟؟


    25- سورة البقرة، آية 29: ( هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم )

    سورة فصلت، آيات 9-12: ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين و أوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفضاً ذلك تقدير العزيز العليم )

    سورة النازعات، آيات 27-30: ( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها ) فسورة البقرة وسورة فصلت تذكران خلق الله للأرض أولا ثم السماء. بينما سورة النازعات تذكر خلق السماء أولا ثم الأرض .

    الجواب :

    سهل وبسيط , أولا : الدحي ليس معناها الخلق والتي ذكرها الله في آخر سورة النازعات الآية السابعة والعشرون ( والأرض بعد ذلك دحاها )

    ثانيا : خلق الله الأرض في يومين ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله ‏( دحاها ) , فأين هذا التناقض المزعوم ؟؟؟

    26- ماذا تقولون في قوله تبارك وتعالى حكاية عن موسى (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين). وقال تعالى في موضع آخر (وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب) والثعبان الحية العظيمة الخلقة والجان الصغير من الحيات فكيف اختلف الوصفان والقصة واحدة وكيف يجوز ان تكون العصا في حالة واحدة بصفة ما عظم خلقه من الحيات وبصفة ما صغر منها وبأي شئ تزيلون التناقض عن هذا الكلام

    الجواب :

    أول ما نقوله ان الذي ظنه السائل من كون الآيتين خبرا عن قصة واحدة باطل بل الحالتان مختلفتان فالحال التي أخبر ان العصا فيها بصفة الجان كانت في ابتداء النبوة وقبل مصير موسى إلى فرعون والحال التي صار العصا عليها ثعبانا كانت عند لقائه فرعون وابلاغه الرسالة والتلاوة تدل على ذلك واذا اختلفت القصتان فلا مسألة على أن قوما من المفسرين قد تعاطوا الجواب على هذا السؤال إما لظنهم ان القصة واحدة أو لاعتقادهم ان العصا الواحدة لا يجوز ان تنقلب في حالتين تارة إلى صفة الجان وتارة إلى صفة الثعبان أو على سبيل الاستظهار في الحجة وان الحال لو كانت واحدة على ما ظن لم يكن بين الآيتين تناقض وهذا الوجه أحسن ما تكلف به الجواب لاجله لان الاولين لا يكونان الا عن غلط أو عن غفلة وذكروا وجهين تزول بكل واحد منهما الشبهة من تأويلها.

    أحدهما انه تعالى انما شبهها بالثعبان في إحدى الآيتين لعظم خلقها وكبر جسمها وهول منظرها وشبهها في الآية الاخرى بالجان لسرعة حركتها ونشاطها وخفتها فاجتمع لها مع انها في جسم الثعبان وكبر خلقه نشاط الجان وسرعة حركته وهذا أبهر في باب الاعجاز وأبلغ في خرق العادة ولا تناقض معه بين الآتين. وليس يجب اذا شبهها بالثعبان ان يكون لها جميع صفات الثعبان واذا شبهها بالجان ان يكون لها جميع صفاته وقد قال الله تعالى (يطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير قوارير من فضة) ولم يرد تعالى ان الفضة قوارير على الحقيقة وانما وصفها بذلك لانه اجتمع لها صفاء القوارير وشفوفها ورقتها مع انها من فضة وقد تشبه العرب الشئ بغيره في بعض وجوهه فيشبهون المرأة بالظبية وبالبقرة ونحن نعلم أن في الظباء والبقر من الصفات مالا يستحسن ان يكون في النساء وانما وقع التشبيه في صفة دون صفة ومن وجه دون آخر.


    27- (لا تبديل لكلمات الله ) تناقض قوله (وإذا بدلنا آية مكان آية..)
    (لا مبدل لكلماته ) تناقض قوله (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها )
    (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) تناقض قوله ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )

    الجواب :
    الصورة الأولى للتناقض الموهوم بين آية يونس: (لا تبديل لكلمات الله) وآية النحل (وإذا بدلنا آية مكان آية..) لا وجود لها إلا فى أوهامهم ويبدو أنهم يجهلون معنى التناقض تمامًا. فالتناقض من أحكام العقل ، ويكون بين أمرين كليين لا يجتمعان أبداً فى الوجود فى محل واحد ، ولا يرتفعان أبداً عن ذلك المحل ، بل لا بد من وجود أحدهما وانتفاء الآخر ، مثل الموت والحياة. فالإنسان يكون إما حيًّا وإما ميتا ولا يرتفعان عنه فى وقت واحد ، ومحال أن يكون حيًّا و ميتاً فى آن واحد ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان فى محل واحد.
    ومحال أن يكون إنسان ما لا حى ولا ميت فى آن واحد وليس فى القرآن كله صورة ما من صور التناقض العقلى إلا ما يدعيه الجهلاء أو المعاندون. والعثور على التناقض بين الآيتين المشار إليهما محال محال ؛ لأن قوله تعالى فى سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله) معناه لا تبديل لقضاء الله الذى يقضيه فى شئون الكائنات ، ويتسع معنى التبديل هنا ليشمل سنن الله وقوانينه الكونية. ومنها القوانين الكيميائية ، والفيزيائية وما ينتج عنها من تفاعلات بين عناصرالموجودات ،أو تغييرات تطرأ عليها. كتسخين الحديد أو المعادن وتمددها بالحرارة ، وتجمدها وانكماشها بالبرودة. هذه هى كلمات الله عزّ وجلّ.
    وقد عبر عنها القرآن فى مواضع أخرى ب.. السنن وهى القوانين التى تخضع لها جميع الكائنات ، الإنسان والحيوان والنبات والجمادات. إن كل شئ فى الوجود ، يجرى ويتفاعل وفق السنن الإلهية أو كلماته الكلية ، التى ليس فى مقدور قوة فى الوجود أن تغيرها أو تعطل مفعولها فى الكون.
    ذلك هو المقصود به ب " كلمات الله " ، التى لا نجد لها تبديلاً ، ولا نجد لها تحويلاً.

    ومن هذه الكلمات أو القوانين والسنن الإلهية النافذة طوعاً أو كرهاً قوله تعالى: ( كل نفس ذائقة الموت ) . فهل فى مقدور أحد مهما كان أن يعطل هذه السنة الإلهية فيوقف " سيف المنايا " ويهب كل الأحياء خلوداً فى هذه الحياة الدنيا ؟
    فكلمات الله إذن هى عبارة عن قضائه فى الكائنات وقوانينه المطردة فى الموجودات وسننه النافذة فى المخلوقات.
    ولا تناقض فى العقل ولا فى النقل ولا فى الواقع المحسوس بين مدلول آية: (لا تبديل لكلمات الله) وآية: (وإذا بدلنا آية مكان آية..).
    لأن معنى هذه الآية: إذا رفعنا آية ، أى وقفنا الحكم بها ، ووضعنا آية مكانها ، أى وضعنا الحكم بمضمونها مكان الحكم بمضون الأولى. قال جهلة المشركين: إنما أنت مفتِرٍ .
    فلكل من الآيتين معنى فى محل غير معنى ومحل الأخرى.
    فالآية فى سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله) والآية فى سورة النحل: (وإذا بدلنا آية مكان آية..) لكل منهما مقام خاص ، ولكن هؤلاء الحقدة جعلوا الكلمات بمعنى الآيات ، أو جعلوا الآيات بمعنى الكلمات زوراً وبهتاناً ، ليوهموا الناس أن فى القرآن تناقضاً. وهيهات هيهات لما يتوهمون.
    أما الآيتان (لا مبدل لكلماته) و(ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وقد تقدم ذكرهما فى الجدول السابق.
    هاتان الآيتان بريئتان من التناقض براءة قرص الشمس من اللون الأسود :
    فآية الكهف (لا مبدل لكلماته) معناها لا مغير لسننه وقوانينه فى الكائنات. وهذا هو ما عليه المحققون من أهل العلم ويؤيده الواقع المحسوس والعلم المدروس.
    وحتى لو كان المراد من " كلماتـه " آياته المنـزلة فى الكتاب العـزيز " القرآن " فإنه ـ كذلك ـ لا مبدل لها من الخلق فهى باقية محفوظة كما أنزلها الله عز وجل ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
    أما آية البقرة: (ما ننسخ من آية ) فالمراد من الآية فيها المعجزة ، التى يجريها الله على أيدى رسله. ونسخها رفعها بعد وقوعها. وليس المراد الآية من القرآن ، وهذا ما عليه المحققون من أهل التأويل. بدليل قوله تعالى فى نفس الآية: (ألم تعلم أن الله على كل شىء قدير ).
    ويكون الله عز وجل قد أخبر عباده عن تأييده رسله بالمعجزات وتتابع تلك المعجزات ؛ لأنها من صنع الله ، والله على كل شىء قدير.
    فالآيتان ـ كما ترى ـ لكل منهما مقام خاص بها ، وليس بينهما أدنى تعارض ، فضلاً عن أن يكون بينهما تناقض.
    أما الآيتان الأخيرتان الواردتان فى الجدول ، وهما آية الحجر: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وآية الرعد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فلا تعارض بينهما كذلك ؛ لأن الآية الأولى إخبار من الله بأنه حافظ للقرآن من التبديل والتحريف والتغيير ، ومن كل آفات الضياع وقد صدق إخباره تعالى ، فظل القرآن محفوظاً من كل ما يمسه مما مس كتب الرسل السابقين عليه فى الوجود الزمنى ، ومن أشهرها التوراة وملحقاتها. والإنجيل الذى أنزله الله على عيسى عليه السلام.
    أما الآية الثانية: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فهى إخبار من الله بأنه هو وحده المتصرف فى شئون العباد دون أن يحد من تصرفه أحد. فإرادته ماضية ، وقضاؤه نافذ ، يحيى ويميت ، يغنى ويفقر ، يُصحُّ ويُمْرِضُ ، يُسْعِد ويُشْقِى ، يعطى ويمنع ، لا راد لقضائه ، ولا معقب على حكمه (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسـألون ) . فأين التناقـض المزعوم بين هاتين الآيتين يا ترى ؟ التناقض كان سيكون لو ألغت آية معنى الأخرى. أما ومعنى الآيتين كل منهما يسير فى طريقٍ متوازٍ غير طريق الأخرى ، فإن القول بوجود تناقض بينهما ضرب من الخبل والهذيان المحموم ، ولكن ماذا نقول حينما يتكلم الحقد والحسد ، ويتوارى العقل وراء دياجير الجهالة الحاقدة ؟ نكتفى بهذا الرد الموجز المفحم ، على ما ورد فى الجدول المتقدم ذكره.

    28- ( ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين ) تناقض مع قوله تعالى : ( ثلة من الأولين * وثلة من الآخرين ) .
    الجواب :
    قال تعالى في سورة الواقعة : ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْس لِوَقْعَتهَا كاذِبَةٌ (2) خَافِضةٌ رّافِعَةٌ (3) إِذَا رُجّتِ الأَرْض رَجّا (4) وَ بُستِ الْجِبَالُ بَسّا (5) فَكانَت هَبَاءً مّنبَثّا (6) وَ كُنتُمْ أَزْوَجاً ثَلَاثَةً (7) فَأَصحَاب الْمَيْمَنَةِ مَا أَصحَاب الْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصحَب المَْشئَمَةِ مَا أَصحَب المَْشئَمَةِ (9) وَ السابِقُونَ السابِقُونَ )

    لقد قسّم المولى سبحانه وتعالى البشر يوم القيامة إلى ثلاثة أزواج :

    1- أصحاب الميمنة ( اليمين )

    2-أصحاب المشئمة ( الشمال )

    3- السابقون السابقون

    سأستعرض الآيات القرآنية وستعلمون أنه لا وجود لهذا التناقض الا في خيالهم الأعمى وسأكتفي بالقسمين الأولين وهما : السابقون السابقون واصحاب الميمنة ( اليمين ) لتمركز التناقض المزعوم في هذان القسمين :


    أولا : السابقون السابقون :

    قال تعالى عن السابقون السابقون : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ )

    فقد وصف الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أن السابقون السابقون والذين لهم أعلى منازل النعيم في الجنة أنهم ثلة من الأولين ( أي كثيرون من الأولين ) لأن الأولين قد عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت درجات إيمانهم من أقوى الدرجات , وقوله تعالى ( وقليل من الآخرين ) لأن الأجيال المتأخرة لا يمكن مقارنة قوة إيمانهم بمن عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم

    ثانيا : أصحاب الميمنة ( اليمين ) :

    قال تعالى عن أصحاب اليمين : ( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ )

    فقد وصف الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أن اصحاب الميمنة ( اليمين ) بأنهم ثلة من الأولين ( أي كثيرون أيضا من الأولين ) وثلة من الآخرين ( وأيضا يشاركهم الآخرين في ذلك )

    فلا تناقض بين الآيتين على الإطلاق ,,,

    فهذه الآية ( ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين ) خصت السابقون السابقون

    وهذه الآية ( ثلة من الأولين * وثلة من الآخرين ) خصت أصحاب الميمنة ( اليمين )

    للأمانة العلمية جميع ما ذكرته منقول وليس لي منه سوى النقل

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة عبدالحميد حسين سيد أحمد, منذ 3 أسابيع
ردود 0
25 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عبدالحميد حسين سيد أحمد
ابتدأ بواسطة أحمد هاني مسعد, منذ 4 أسابيع
ردود 0
25 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أحمد هاني مسعد
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 25 أكت, 2024, 09:42 م
ردود 0
21 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 أكت, 2024, 01:29 ص
رد 1
15 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة محمد,,, 3 أكت, 2024, 04:46 م
رد 1
44 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة الراجى رضا الله
يعمل...