بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
من هو المتحكم فى صفات الكائنات الحية (الكائن ام احد اخر) ؟
لو نظرنا للكائنات الحية على وجه الارض ودققنا فيما لها من صفات بنظرة شاملة نجد ان جميع الصفات الحسية كالطول واللون وفصيلة الدم يرثها الانسان عن ابائه واجداده عن طريق عامل الوراثة لذلك يقول العالم (كريسى موريسون) في كتابه ((العلم يدعوا إلى الإيمان)) ص144
(( إن القائلين بالتطور لا يعلمون شيئا عن وحدات الوراثة ... فكل خلية ذكرية كانت أو أنثوية تحتوى على صبغيات او (كروموزومات) تحمل المورثات التي تعتبر العامل الرئيسي فيما سوف يكون عليه كل كائن حي أو إنسان .. وتبلغ هذه الصبغيات من الدقة أنها هي المسئولة عن المخلوقات البشرية جميعا التي على سطح الأرض , من حيث خصائصها الفردية وأحوالها النفسية , وألوانها , وأجناسها , لو جمعت كلها ووضعت في مكان واحد لكان حجمها اقل من حجم الكشتبان ... وهذه الصبغيات الدقيقة هي التي تحفظ التصميم , وسجل السلف , والخواص لكل كائن حي , وهى تتحكم تفصيلا في الجزر والجزع والورق والزهر والثمر ... لكل نبات تقريبا , كما تقرر الشكل والقشر والشعر والأجنحة .. لكل حيوان , وكذلك الإنسان )) .
ولكن الغريب ان الكثير والكثير من الصفات الاخرى والمشاعر خارجة عن ارادة الكائنات الحية والانسان, وليست خارجة عن ارادة الكائن فقط بل وخارجة ايضا عن قوانين الوراثة و عواملها ونواقلها , كالمحبة والكراهية والرحمة والكرم والقسوة والحقد والانانية وغيرهم من صفات واحاسيس فمن اين اتت هذه الصفات وليس للكائن فيها ارادة او اختيار ؟ , حيث تاتى هذه الصفات فى احيان كثيرة على خلاف ارادة الاباء و الابناء مع التفاوت فى الحجم بين كل انسان واخر فهذا كريم وهذا كريم جدا وهذا بخيل وهذا ابخل مما يعنى انها خارجة عن ارادة الكائن الحى واختياره و لو كانت داخلة فى الارادة لحدث توافق فيها بين كل الكائنات الحية على سطح الارض فتكون كل الكائنات رحيمة او كل الكائنات قاسية _ اى نسخة واحدة _ واذا كانت هذه الصفات خارجة عن ارادة الكائنات فيجب ان نسال من الذى اوجدها فى الكائنات ؟ مع وجود بعضها فى البعض مع التفاوت ووجود المقابل لها فى البعض الاخر مع التفاوت ايضا , الشىء الذى يدل على عدم وجود قانون يحكمها او ناقل ينقلها مما يعنى انها متعلقة بارادة اخرى خارجة عن ارادة الكائنات التى تتصف بها .
ومن الغريب ان هذه الصفات ليس خارجة عن ارادة الاباء والابناء فقط انما هى ايضا خارجة عن ارادة الكائن الحى ذاته فقد يحب او يكره انسان انسان اخر رغما عن ارادته بدون وجود اى سبب يدعوا لذلك او ذلك.
قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا سورة آل عمران آية 103 وَأَعْظَمُ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي جَمْعِ الْكَلِمَةِ وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ مِنْهُمْ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ سورة الأنفال آية 63 , وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ سورة آل عمران آية 105
واذا كانت الصفات المعنوية فى الانسان خارجة عن ارادته نجد ان الاخلاق ايضا كذلك ولكن بدرجة اكبر حيث انها تمتد لتشمل كافة المخلوقات على وجه الارض ولا تقتصر فى الوجود على البشر فقط .
وعن هذه الاخلاق يقول العقاد :
"وان المسلم ليؤمن بصدر هذه الاخلاق المثلى , ويؤمن بأنها جميعا مفروضة عليه بامر من الله .
ولكن المسلم وغير المسلم ليؤمن يستطيعان إن يقولا معا انها صفات لا ترجع الى مصدر غير المصدر الالهى , الذى تصدر منه جميع الاشياء , لان مناطها الاعلى لم يتعلق بمنفعة المجتمع , ولا بأستطاعة القوة , ولا بالقانون والسلطان , ولكنه تعلق بما فى الإنسان من حب للجمال وشوق للكمال , وكلاهما نفحة من الخالق يهتدى بها الاحياء عامة فى معارج الرفعة والارتقاء" .
(الفلسفة القرآنية- عباس محمودالعقاد ص27)
فما هو الذي يجعل بشر في الهند مع إنهم وثنيون يقدسون الزواج ويقبحون اى شيء غيره فيما يتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة مع تقدير العفة والشرف وما الذي يجعل فيلسوف ككونفوشيوس لا يؤمن باله او حياة آخرة يؤكد على الأخلاق كاحترام الآباء والأسلاف، وعلى الأفكار كاحترام سلطة الحكومة وضرورة قيام الحكم على أسس أخلاقية عالية وما الذي يجعل رجل مشرك كعبد الله بن أريقط. وهو رجلا من بني الديل بن بكر، وكانت أمه من بنى سهم بن عمرو، ان يكون محلا لثقة الرسول صل الله عليه وسلم، فى الدلاله على الطريق اثناء الهجرة ، ويدفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.(من سيرة ابن هشام ) الاجابة (فَأَلْهَمَهَا فجورها وَتَقْوَاهَا)
وهذا لا يقتصر على البشر فقط كما قلنا بل يمتد ليشمل كل المخلوقات "فيمكنك مثلا ان ترى شعور القطة بالخطا عندما تتلصص على مائدة الطعام وفى غفلة من اصحابها تمد فمها فتلتقف قطعة من السمك فمن اين اتت هذه القطة بهذا الشعور انه هو احساس الفطرة الاولى الذى ركبه الخالق فى المخلوق والقط اذا تبرز ثم اثنى على ما فعل واهال عليه التراب حتى يخفيه عن الانظار ذلك الفعل الغريزى يدل على الإحساس الفطري بالقبح الذي لم يكتسب بل موجود منذ لحظة الولادة وكذلك غضبة الجمل بعد تكرر الاهانة من صاحبه وترفع الاسد عن ان يهاجم فريسته غدرا من الخلف وأيضا الوفاء الزوجى فى الحمام والولاء للجماعة فى الحيوانات التى تتحرك فى جماعات وتقديم الخدمات بلا مقابل من الدولفين وتقديم الكلب حياته فى مقابل حياة صاحبه كل هذه أخلاق مفطورة فى الحشوة الحية وفى الحيوان نحن أمام الأسس الأولى للضمير .. نكتشفها تحت الجلد و في الدم لم يعلمها معلم و إنما هي في الخلقة.
"و نحن إذ نتردد قبل الفعل نتيجة إحساس فطري بالمسئولية .. ثم نشعر بالعبء في أثناء الفعل نتيجة تحري الصواب .. و نشعر بالندم بعد الفعل نتيجة الخطأ .
هذه المشاعر الفطرية التي يشترك فيها المثقف و البدائي و الطفل هي دليل على شعور باطن بالقانون و النظام و أن هناك محاسبة .. و أن هناك عدالة .. و أن كل واحد فينا مطالب بالعدالة كما أن له الحق في أن يطلبها .. و أن هذا شعور مفطور فينا منذ الميلاد جاءنا من الخالق الذي خلقنا و من طبيعتنا ذاتها" .(مصطفى محمود – رحلتى من الشك الى الايمان)
ولا علاقة له بالصبغيات او القوانين الوراثية او ما يسمى بالتطور فالكائن الحى سواء كان الانسان او غيره من كائنات لا يعقل ان يجلب لنفسة التعب والمعاناة بضمير يانبه ونفس تلومه واحاسيس تارق عليه مضجعه .
واذا اردنا ان ندلل على كل ما سبق بدرجة اكبر فلن نجد دلالة افضل من الغريزة الدينية...هذه الغريزة التى تفصل بين الانسان والحيوان فصلا تاما , يقول عنها الشيخ سيد سابق فى كتابه (العقائد الاسلامية ص43) تحت عنوان الفطرة دليل على وجود الله : "والكون وما فيه من نظام واحكام وجمال وكمال وتناسق وابداع ليس هو وحده الشاهد الوحيد على وجود قيوم السموات والارض , انما هناك شاهد اخر , وهو الشعور المغروس فى النفس الانسانية بوجوده سبحانه , وهو شعور فطرى فطر الله الناس عليه وهو المعبر عنه بالغريزة الدينية , وهو المميز للانسان عن الحيوان , وقد يغفوا هذا الشعور بسبب ما من الاسباب فلا يستيقظ الا بمثير يبعث على يقظته من الم ينزل , أو ضر يحيط به والى هذا تشير الاية الكريمة : (واذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه )الاية 12 من سورة يونس
فكيف يكون الانسان ذو اصل حيوانى او تطور عن قرد ولديه هذه الغريزة التى تفصل بينه وبين غيره من المخلوقات فصلا تاما . فمن اين جائته هذه الغريزة وهو يحاول الهروب منها بكافة الطرق و الوسائل التى تنتهى فى اخرها بالشك والالحاد ((فهو يعتبرها من اكثر الاشياء التى تقيد حريته )).
هل هو الذى زرعها فى نفسه ليهرب منها ام هى التى زرعت فيه من لدن حكيم خبير ؟ .
يتبع
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
من هو المتحكم فى صفات الكائنات الحية (الكائن ام احد اخر) ؟
لو نظرنا للكائنات الحية على وجه الارض ودققنا فيما لها من صفات بنظرة شاملة نجد ان جميع الصفات الحسية كالطول واللون وفصيلة الدم يرثها الانسان عن ابائه واجداده عن طريق عامل الوراثة لذلك يقول العالم (كريسى موريسون) في كتابه ((العلم يدعوا إلى الإيمان)) ص144
(( إن القائلين بالتطور لا يعلمون شيئا عن وحدات الوراثة ... فكل خلية ذكرية كانت أو أنثوية تحتوى على صبغيات او (كروموزومات) تحمل المورثات التي تعتبر العامل الرئيسي فيما سوف يكون عليه كل كائن حي أو إنسان .. وتبلغ هذه الصبغيات من الدقة أنها هي المسئولة عن المخلوقات البشرية جميعا التي على سطح الأرض , من حيث خصائصها الفردية وأحوالها النفسية , وألوانها , وأجناسها , لو جمعت كلها ووضعت في مكان واحد لكان حجمها اقل من حجم الكشتبان ... وهذه الصبغيات الدقيقة هي التي تحفظ التصميم , وسجل السلف , والخواص لكل كائن حي , وهى تتحكم تفصيلا في الجزر والجزع والورق والزهر والثمر ... لكل نبات تقريبا , كما تقرر الشكل والقشر والشعر والأجنحة .. لكل حيوان , وكذلك الإنسان )) .
ولكن الغريب ان الكثير والكثير من الصفات الاخرى والمشاعر خارجة عن ارادة الكائنات الحية والانسان, وليست خارجة عن ارادة الكائن فقط بل وخارجة ايضا عن قوانين الوراثة و عواملها ونواقلها , كالمحبة والكراهية والرحمة والكرم والقسوة والحقد والانانية وغيرهم من صفات واحاسيس فمن اين اتت هذه الصفات وليس للكائن فيها ارادة او اختيار ؟ , حيث تاتى هذه الصفات فى احيان كثيرة على خلاف ارادة الاباء و الابناء مع التفاوت فى الحجم بين كل انسان واخر فهذا كريم وهذا كريم جدا وهذا بخيل وهذا ابخل مما يعنى انها خارجة عن ارادة الكائن الحى واختياره و لو كانت داخلة فى الارادة لحدث توافق فيها بين كل الكائنات الحية على سطح الارض فتكون كل الكائنات رحيمة او كل الكائنات قاسية _ اى نسخة واحدة _ واذا كانت هذه الصفات خارجة عن ارادة الكائنات فيجب ان نسال من الذى اوجدها فى الكائنات ؟ مع وجود بعضها فى البعض مع التفاوت ووجود المقابل لها فى البعض الاخر مع التفاوت ايضا , الشىء الذى يدل على عدم وجود قانون يحكمها او ناقل ينقلها مما يعنى انها متعلقة بارادة اخرى خارجة عن ارادة الكائنات التى تتصف بها .
ومن الغريب ان هذه الصفات ليس خارجة عن ارادة الاباء والابناء فقط انما هى ايضا خارجة عن ارادة الكائن الحى ذاته فقد يحب او يكره انسان انسان اخر رغما عن ارادته بدون وجود اى سبب يدعوا لذلك او ذلك.
قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا سورة آل عمران آية 103 وَأَعْظَمُ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي جَمْعِ الْكَلِمَةِ وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ مِنْهُمْ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ سورة الأنفال آية 63 , وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ سورة آل عمران آية 105
واذا كانت الصفات المعنوية فى الانسان خارجة عن ارادته نجد ان الاخلاق ايضا كذلك ولكن بدرجة اكبر حيث انها تمتد لتشمل كافة المخلوقات على وجه الارض ولا تقتصر فى الوجود على البشر فقط .
وعن هذه الاخلاق يقول العقاد :
"وان المسلم ليؤمن بصدر هذه الاخلاق المثلى , ويؤمن بأنها جميعا مفروضة عليه بامر من الله .
ولكن المسلم وغير المسلم ليؤمن يستطيعان إن يقولا معا انها صفات لا ترجع الى مصدر غير المصدر الالهى , الذى تصدر منه جميع الاشياء , لان مناطها الاعلى لم يتعلق بمنفعة المجتمع , ولا بأستطاعة القوة , ولا بالقانون والسلطان , ولكنه تعلق بما فى الإنسان من حب للجمال وشوق للكمال , وكلاهما نفحة من الخالق يهتدى بها الاحياء عامة فى معارج الرفعة والارتقاء" .
(الفلسفة القرآنية- عباس محمودالعقاد ص27)
فما هو الذي يجعل بشر في الهند مع إنهم وثنيون يقدسون الزواج ويقبحون اى شيء غيره فيما يتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة مع تقدير العفة والشرف وما الذي يجعل فيلسوف ككونفوشيوس لا يؤمن باله او حياة آخرة يؤكد على الأخلاق كاحترام الآباء والأسلاف، وعلى الأفكار كاحترام سلطة الحكومة وضرورة قيام الحكم على أسس أخلاقية عالية وما الذي يجعل رجل مشرك كعبد الله بن أريقط. وهو رجلا من بني الديل بن بكر، وكانت أمه من بنى سهم بن عمرو، ان يكون محلا لثقة الرسول صل الله عليه وسلم، فى الدلاله على الطريق اثناء الهجرة ، ويدفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.(من سيرة ابن هشام ) الاجابة (فَأَلْهَمَهَا فجورها وَتَقْوَاهَا)
وهذا لا يقتصر على البشر فقط كما قلنا بل يمتد ليشمل كل المخلوقات "فيمكنك مثلا ان ترى شعور القطة بالخطا عندما تتلصص على مائدة الطعام وفى غفلة من اصحابها تمد فمها فتلتقف قطعة من السمك فمن اين اتت هذه القطة بهذا الشعور انه هو احساس الفطرة الاولى الذى ركبه الخالق فى المخلوق والقط اذا تبرز ثم اثنى على ما فعل واهال عليه التراب حتى يخفيه عن الانظار ذلك الفعل الغريزى يدل على الإحساس الفطري بالقبح الذي لم يكتسب بل موجود منذ لحظة الولادة وكذلك غضبة الجمل بعد تكرر الاهانة من صاحبه وترفع الاسد عن ان يهاجم فريسته غدرا من الخلف وأيضا الوفاء الزوجى فى الحمام والولاء للجماعة فى الحيوانات التى تتحرك فى جماعات وتقديم الخدمات بلا مقابل من الدولفين وتقديم الكلب حياته فى مقابل حياة صاحبه كل هذه أخلاق مفطورة فى الحشوة الحية وفى الحيوان نحن أمام الأسس الأولى للضمير .. نكتشفها تحت الجلد و في الدم لم يعلمها معلم و إنما هي في الخلقة.
"و نحن إذ نتردد قبل الفعل نتيجة إحساس فطري بالمسئولية .. ثم نشعر بالعبء في أثناء الفعل نتيجة تحري الصواب .. و نشعر بالندم بعد الفعل نتيجة الخطأ .
هذه المشاعر الفطرية التي يشترك فيها المثقف و البدائي و الطفل هي دليل على شعور باطن بالقانون و النظام و أن هناك محاسبة .. و أن هناك عدالة .. و أن كل واحد فينا مطالب بالعدالة كما أن له الحق في أن يطلبها .. و أن هذا شعور مفطور فينا منذ الميلاد جاءنا من الخالق الذي خلقنا و من طبيعتنا ذاتها" .(مصطفى محمود – رحلتى من الشك الى الايمان)
ولا علاقة له بالصبغيات او القوانين الوراثية او ما يسمى بالتطور فالكائن الحى سواء كان الانسان او غيره من كائنات لا يعقل ان يجلب لنفسة التعب والمعاناة بضمير يانبه ونفس تلومه واحاسيس تارق عليه مضجعه .
واذا اردنا ان ندلل على كل ما سبق بدرجة اكبر فلن نجد دلالة افضل من الغريزة الدينية...هذه الغريزة التى تفصل بين الانسان والحيوان فصلا تاما , يقول عنها الشيخ سيد سابق فى كتابه (العقائد الاسلامية ص43) تحت عنوان الفطرة دليل على وجود الله : "والكون وما فيه من نظام واحكام وجمال وكمال وتناسق وابداع ليس هو وحده الشاهد الوحيد على وجود قيوم السموات والارض , انما هناك شاهد اخر , وهو الشعور المغروس فى النفس الانسانية بوجوده سبحانه , وهو شعور فطرى فطر الله الناس عليه وهو المعبر عنه بالغريزة الدينية , وهو المميز للانسان عن الحيوان , وقد يغفوا هذا الشعور بسبب ما من الاسباب فلا يستيقظ الا بمثير يبعث على يقظته من الم ينزل , أو ضر يحيط به والى هذا تشير الاية الكريمة : (واذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه )الاية 12 من سورة يونس
فكيف يكون الانسان ذو اصل حيوانى او تطور عن قرد ولديه هذه الغريزة التى تفصل بينه وبين غيره من المخلوقات فصلا تاما . فمن اين جائته هذه الغريزة وهو يحاول الهروب منها بكافة الطرق و الوسائل التى تنتهى فى اخرها بالشك والالحاد ((فهو يعتبرها من اكثر الاشياء التى تقيد حريته )).
هل هو الذى زرعها فى نفسه ليهرب منها ام هى التى زرعت فيه من لدن حكيم خبير ؟ .
يتبع
تعليق