بسم الله الرحمن الرحيم
الأدلة الشرعية: أصلها ومصدرها
مقدمة:
اتفق أهل السنة على أن الأدلة المعتبرة شرعًا أربعة وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع
والقياس، وذلك من حيث الجملة(1).
قال الشافعي: ".....وجهة العلم الخبر في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس"(2).
واتفقوا أيضًا على أن هذه الأدلة الأربعة ترجع إلى أصل واحد، هو الكتاب والسنة، إذ هما
ملاك الدين وقوام الإسلام(3).
قال الشافعي: ".....وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله ، وأن ما
سواهما تبع لهما"(4).
وهذه الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف، إذ يوافق بعضها بعضًا ويصدق بعضها بعضًا؛لأن
الجميع حق والحق لا يتناقض(5)، وهي كذلك متلازمة لا تفترق، فجميع هذه الأدلة يرجع
إلى الكتاب(6)، والكتاب قد دل على حجية السنة، والكتاب والسنة دلا على حجية
الإجماع، وهذه الأدلة الثلاثة دلت على حجية القياس(7).
لذلك صح أن يقال: مصدر هذه الأدلة هو القرآن، باعتبار أنه الأصل، وأن ما عداه
بيان له، وفرع عنه، ومستند إليه.
ويصح أيضًا أن يقال: مصدر هذه الأدلة هو الرسول ؛ لأن الكتاب إنما سمع منه
تبليغًا، والسنة تصدر عنه تبيينًا، والإجماع والقياس مستندان في إثباتهما إلى الكتاب
والسنة(8).
قال ابن تيمية: " ....... وكذلك إذا قلنا: الكتاب والسنة والإجماع، فمدلول الثلاثة
واحد؛ فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة
فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب، وكذلك كل ما سنه الرسول فالقرآن
يأمر باتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك.
وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه لا يكون إلا حقًا موافقًا لما في الكتاب والسنة(9).
ومما مضى يتبين أن الكتاب والسنة هما أصل الأدلة الأربعة المتفق عليها، وهذا الأصل
قد يسمى بالنقل، أو الوحي، أو السمع، أو الشرع، أو النص، أو الخبر، أو الأثر، يقابله
العقل، أو الرأي، أو النظر، أو الاجتهاد، أو الاستنباط.
وقد امتاز هذا الأصل العظيم – أعني الكتاب والسنة – بخصائص، وتفرد بفضائل واقترنت
به آداب، أظهرها أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى.
إنها قواعد مهمة للتعامل مع النصوص الشرعية، ومقدمات ضرورية للنظر في الكتاب
والسنة، وهي أصول للاستنباط وضوابط للتفكير.
خصائص أصل الأدلة "الكتاب والسنة":
1- أن هذا الأصل وحي من الله، فالقرآن الكريم كلامه سبحانه، والسنة النبوية بيانه
ووحيه إلى رسوله –صلى الله عليه وسلم-(10)؛ قال تعالى:
"وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" [النجم: 3، 4].
2- أن هذا الأصل إنما بلغنا عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا سماع لنا من
الله تعالى، ولا من جبريل عليه السلام، فالكتاب سُمع منه تبليغً، والسنة تصدرعنه
تبيينًا(11)، وقد قال تعالى آمرًا نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يقول:
"وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19].
3- أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الأصل، كما قال سبحانه:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9] (12)، قال ابن القيم:
"والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه –صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه؛ليقيم
به حجته على العباد إلى آخر الدهر"(13).
4- أن هذا الأصل هو حجة الله التي أنزلها على خلقه.
قال الشافعي: ".........لأن الله جل ثناؤه أقام على خلقه الحجة من وجهين، أصلهما
في الكتاب: كتابه ثم سنة نبيه"(14).
وقال ابن القيم: "إن الله سبحانه قد أقام الحجة على خلقه بكتابه ورسله، فقال:
"تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا" [الفرقان: 1]. وقال:
"وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19].فكل من بلغه هذا
القرآن فقد أنذر به وقامت عليه حجة الله به"(15).
5- أن هذا الأصل هو جهة العلم عن الله وطريق الإخبار عنه سبحانه.
قال ابن عبد البر: "وأما أصول العلم فالكتاب والسنة(16) يوضحه".
6- أن هذا الأصل هو طريق التحليل، والتحريم، ومعرفة أحكام الله، وشرعه.
قال ابن تيمية: "وأوجب عليهم الإيمان به، وبما جاء به، وطاعته،وأن يحللوا
ما حلل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله...." (17).
7- وجوب الاتباع لهذا الأصل، ولزوم التمسك بما فيه.
قال الشافعي: ".......وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسول"(18).
8- أن وجوب اتباع هذا الأصل عام، فلا يجوز ترك شيء مما دل عليه هذا الأصل، أبدًا
وتحرم مخالفته على كل حال.
قال ابن عبد البر: ".....وقد أمر الله عز وجل بطاعته –صلى الله عليه وسلم-
واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء – كما أمرنا باتباع كتاب الله – ولم يقل
وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ"(19).
وقال ابن تيمية: "......فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع: الكتاب والسنة والإجماع
فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع، لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب لا يجوز
ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحدً الخروج عن شيء مما دلت
عليه، وهي مبنية على أصلين:
أحدهما: أن هذا جاء به الرسول.
والثاني: أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه.
وهذه الثانية إيمانية ضدها الكفر أو النفاق"(20).
يتبع
الأدلة الشرعية: أصلها ومصدرها
مقدمة:
اتفق أهل السنة على أن الأدلة المعتبرة شرعًا أربعة وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع
والقياس، وذلك من حيث الجملة(1).
قال الشافعي: ".....وجهة العلم الخبر في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس"(2).
واتفقوا أيضًا على أن هذه الأدلة الأربعة ترجع إلى أصل واحد، هو الكتاب والسنة، إذ هما
ملاك الدين وقوام الإسلام(3).
قال الشافعي: ".....وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله ، وأن ما
سواهما تبع لهما"(4).
وهذه الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف، إذ يوافق بعضها بعضًا ويصدق بعضها بعضًا؛لأن
الجميع حق والحق لا يتناقض(5)، وهي كذلك متلازمة لا تفترق، فجميع هذه الأدلة يرجع
إلى الكتاب(6)، والكتاب قد دل على حجية السنة، والكتاب والسنة دلا على حجية
الإجماع، وهذه الأدلة الثلاثة دلت على حجية القياس(7).
لذلك صح أن يقال: مصدر هذه الأدلة هو القرآن، باعتبار أنه الأصل، وأن ما عداه
بيان له، وفرع عنه، ومستند إليه.
ويصح أيضًا أن يقال: مصدر هذه الأدلة هو الرسول ؛ لأن الكتاب إنما سمع منه
تبليغًا، والسنة تصدر عنه تبيينًا، والإجماع والقياس مستندان في إثباتهما إلى الكتاب
والسنة(8).
قال ابن تيمية: " ....... وكذلك إذا قلنا: الكتاب والسنة والإجماع، فمدلول الثلاثة
واحد؛ فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة
فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب، وكذلك كل ما سنه الرسول فالقرآن
يأمر باتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك.
وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه لا يكون إلا حقًا موافقًا لما في الكتاب والسنة(9).
ومما مضى يتبين أن الكتاب والسنة هما أصل الأدلة الأربعة المتفق عليها، وهذا الأصل
قد يسمى بالنقل، أو الوحي، أو السمع، أو الشرع، أو النص، أو الخبر، أو الأثر، يقابله
العقل، أو الرأي، أو النظر، أو الاجتهاد، أو الاستنباط.
وقد امتاز هذا الأصل العظيم – أعني الكتاب والسنة – بخصائص، وتفرد بفضائل واقترنت
به آداب، أظهرها أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى.
إنها قواعد مهمة للتعامل مع النصوص الشرعية، ومقدمات ضرورية للنظر في الكتاب
والسنة، وهي أصول للاستنباط وضوابط للتفكير.
خصائص أصل الأدلة "الكتاب والسنة":
1- أن هذا الأصل وحي من الله، فالقرآن الكريم كلامه سبحانه، والسنة النبوية بيانه
ووحيه إلى رسوله –صلى الله عليه وسلم-(10)؛ قال تعالى:
"وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" [النجم: 3، 4].
2- أن هذا الأصل إنما بلغنا عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا سماع لنا من
الله تعالى، ولا من جبريل عليه السلام، فالكتاب سُمع منه تبليغً، والسنة تصدرعنه
تبيينًا(11)، وقد قال تعالى آمرًا نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يقول:
"وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19].
3- أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الأصل، كما قال سبحانه:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9] (12)، قال ابن القيم:
"والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه –صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه؛ليقيم
به حجته على العباد إلى آخر الدهر"(13).
4- أن هذا الأصل هو حجة الله التي أنزلها على خلقه.
قال الشافعي: ".........لأن الله جل ثناؤه أقام على خلقه الحجة من وجهين، أصلهما
في الكتاب: كتابه ثم سنة نبيه"(14).
وقال ابن القيم: "إن الله سبحانه قد أقام الحجة على خلقه بكتابه ورسله، فقال:
"تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا" [الفرقان: 1]. وقال:
"وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19].فكل من بلغه هذا
القرآن فقد أنذر به وقامت عليه حجة الله به"(15).
5- أن هذا الأصل هو جهة العلم عن الله وطريق الإخبار عنه سبحانه.
قال ابن عبد البر: "وأما أصول العلم فالكتاب والسنة(16) يوضحه".
6- أن هذا الأصل هو طريق التحليل، والتحريم، ومعرفة أحكام الله، وشرعه.
قال ابن تيمية: "وأوجب عليهم الإيمان به، وبما جاء به، وطاعته،وأن يحللوا
ما حلل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله...." (17).
7- وجوب الاتباع لهذا الأصل، ولزوم التمسك بما فيه.
قال الشافعي: ".......وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسول"(18).
8- أن وجوب اتباع هذا الأصل عام، فلا يجوز ترك شيء مما دل عليه هذا الأصل، أبدًا
وتحرم مخالفته على كل حال.
قال ابن عبد البر: ".....وقد أمر الله عز وجل بطاعته –صلى الله عليه وسلم-
واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء – كما أمرنا باتباع كتاب الله – ولم يقل
وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ"(19).
وقال ابن تيمية: "......فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع: الكتاب والسنة والإجماع
فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع، لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب لا يجوز
ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحدً الخروج عن شيء مما دلت
عليه، وهي مبنية على أصلين:
أحدهما: أن هذا جاء به الرسول.
والثاني: أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه.
وهذه الثانية إيمانية ضدها الكفر أو النفاق"(20).
يتبع
تعليق