هل ادم تم عاقبه ام لا وان تم العقاب فما هى الادلة العقلية والنقلية على ذلك

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ابن النعمان مسلم اكتشف المزيد حول ابن النعمان
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابن النعمان
    7- عضو مثابر
    حارس من حراس العقيدة

    • 22 فبر, 2010
    • 1222
    • اخصائي تحاليل طبية
    • مسلم

    هل ادم تم عاقبه ام لا وان تم العقاب فما هى الادلة العقلية والنقلية على ذلك

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    هل ادم تم عقابه ام لا وان تم فما هى الادلة العقلية والنقلية على ذلك
    بدايتا مبدئية عندما فعل ادم الخطيئة أراد الخالق حسب معتقد النصارى أن يعاقبه ليطبق العدل وأراد في نفس الوقت عدم فعل ذلك الفعل الذى يناقض الرحمة من منظورهم اى النصارى لأنه رحيم فأصبح هناك مشكلة بين العدل والرحمة ليس لها حل إلا التوفيق او الجمع بينهما ولا يتأتى ذلك إلا إذا جاء من يحمل الخطيئة عن ادم وأبنائه وبذلك يكون الخالق قد رحم ادم ولم يعاقبه وفى نفس الوقت حقق العدل وهذا التبرير أو التفسير الخاطئ دائما ما نسمعه مرارا وتكرارا من النصارى منذ ابتداع بولس (بولس الرسول هو أحد قادة الجيل المسيحي الأول ويعتبره البعض على أنه ثاني أهم شخصية في تاريخ المسيحية بعد المسيح نفسه ,وضعه مايكل هارت فى المرتبة السادسة فى كتابه عظماء التاريخ. عرف برسول الأمم حيث كان من أبرز من بشر بهذه الديانة في آسيا الصغرى و أوروبا، وكان له الكثير من المريدين والخصوم على حد سواء. يتوقع أنه لم يتمتع بذات المكانة التي خصها معاصريه من المسيحيين لبطرس أو ليعقوب أخو الرب، ومن خلال الرسائل التي تنسب إليه تتبين ملامح صراع خاضه بولس ليثبت شرعية ومصداقية عمله كرسول للمسيح. ساهم التأثير الذي خلفه بولس في المسيحية بجعله واحد من أكبر القادة الدينيين في العالم على مر العصور.احتفل العالم المسيحي بين 29حزيران 2008 و 29 حزيران 2009 باليبوبيل الألفي الثاني على مولده في طرسوس(أسية الصغرى) – الموسوعة العربية ) لعقيدة (( كفارة المسيح )) تعليلاً منه لموت المسيح الناصري على الصليب . ومن الغريب انه لم يحقق هو بنفسه في مدى صحة ما وصله من روايات متعلقة بحادثة الصلب . فسلم بموت المسيح بشكل طبيعي
    وتم اعتبار اختلا قات ومزاعم بولس حقيقة يقينية لا تقبل الشك مع تجاهل سيرته السابقة التي كان فيه من ألد أعداء المسيحية. و هو نفسه يتعرف بهذه الحقيقة في رسالته إلى أهل غلاطية 1/13 التي يقول فيها : (( فقد سمعتم بسيرتي الماضية في ملة اليهود . إذ كنت أضطهد كنيسة الله غاية الاضطهاد ، وأحاول تدميرها ..)) فعلى اى أساس كانت فيه كل هذه الثقة العمياء وهل يمكن ان يتحول الشيطان إلى ملاك مرة واحدة بدون مقدمات وإلا فلا لوم على كل من يدعى النبوة من المفسدين والطغاة بين ليلة وضحاها وخصوصا اذا كان فعل الاعاجيب والغرائب لا يفرق بين نبى او مدعى , صالح او طالح شيطان او ملاك .ولكن إذا نظرنا في الكتاب المقدس وفى نفس الوقت اعتبرنا البداهة العقلية بعد نظرة فاحصة إلى واقع الإنسان على سطح الأرض , فسوف نجد ان الحقيقة الجلية تقول بان ادم قد تم عقابه بالفعل مما يدل على فساد وبطلان كل ما سبق من أسس للمسيحية وكل ما هو مبنى عليها وهذا لا يحتاج إلى إثبات ولكن يحتاج أولا إلى قرأة الفقرات ( 2/15-3/24) التي وردت في سفر التكوين متحدثتا عن قصة الخطيئة بتمعن وتفكر , ثانيا معرفة مبدأ بسيط يعرف بمبدأ النسبية , ثالثا نظرة فاحصة إلى واقع الإنسان على سطح الأرض
    اولا اثبات ان ادم تم عقابه من سفر التكوين
    يقول سفر التكوين: " وأخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها تموت موتا .....
    وكانت الحية أحيَل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله؟، فقالت للمرأة: أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه، ولا تمساه لئلا تموتا.
    فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها، وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر.
    وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟
    فقال: سمعت صوتك في الجنة، فخشيت لأني عريان، فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان ؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.
    فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرّتني فأكلتُ.
    فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم. ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.
    وقال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك.
    وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها، لأنك تراب، وإلى تراب تعود ...
    وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة " (التكوين 2/15-3/24).
    كل من يقرا هذه الآيات بغض النظر عن الأوصاف التي وصف بها الإله كمشيه فى الجنة وجهله بما يحدث وتعالى الله عن ذلك ( لأنه من غير المعقول أن يكون الإله جاهلا بخطايا البشر ثم يحاسبهم عليها على الأقل يمكن للإنسان في سبيل النجاة أن ينكر ما فعله من أخطاء او عدم إيمانه مستغلا جهل الإله بذلك لان أول ما نلاحظه أن الرواية التوراتية تتحدث عن الذات الإلهية بما لا يليق بشمولية علم الله وتنزهه، ومنه " وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب النهار، فاختبأ آدم وامرأته في وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت ؟ "، فسؤاله ليس سؤالاً تقريرياً، وليس تأنيبياً، بل هو استفهامي، صدر عن عاجز عن الوصول إلى من توارى عنه حين سمع وقع أقدامه.ويمكنك ان تقارن ما ورد فى العهد القديم بما ورد فى القرآن الكريم وتحكم العقل اذ يقول الحق سبحانه وتعالى فى الاية السابعة من سورة غافر (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) و فى الاية السابعة ايضا من سورة طه (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) و الاية 59 من سورة الانعام (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) وفى الاية 22 من سورة الحديد (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) يجد انه من الطبيعي بديهيا ان يحيط علمه تعالى بكل شيء قلب وقالبا من الذرة إلى المجرة لان الكون لا يمكن ان ينفك عن رقيب وحسيب ومقيت حي قيوم قائم على الملك والملكوت لا يغفل عنه طرفة عين ولا تأخذه سنة ولا نوم قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) الآية 41 من سورة فاطر فسبحان من لا حركة ولا سكون ولا حيلة ولا قيام ولا تحول إلا به) يتضح له انه قد تم عقاب كل من كان له دخل بهذه الخطيئة من قريب أو بعيد حتى الحية التي حرضت على الفعل لم تسلم من العقاب ومن عقوبتها أنها " ملعونة أنت من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين، وتراباً تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه ".
    وأما عقوبة حواء " تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك ".
    وأما عقوبة آدم " ملعونة الأرض بسببك، وبالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تنبت لك، وتأكل عشب الحقل، بعرق وجهك تأكل خبزاً ". واذا ما تم العقاب فلن يكون هناك مشكلة او حاجة الى التوفيق بين العدل والرحمة وبذلك يكون هذا الأساس العقائدي مخترع من قبل البشر وليس له اى أصل لان العقاب قد حدث بالفعل كما ورد فى صفر التكوين و يتضح ايضا ان العقاب لم يتم رفعه بعد صلب المسيح كما يعتقدون وما زال مستمرا وهذا ظاهر جلى للجميع مما يعنى ان هذا الأساس العقائدي هو الاخر ايضا مخترع وليس له اصل وان ما حدث هو صلب إنسان اخر القى عليه الشبه كما قال القرآن الكريم (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) الاية 157 من سورة النساء
    ثانيا : بالنسبة للعقاب الذي حدث لكلا من الإنسان والمرأة والحية كما ورد فى سفر التكوين دعنا نتساءل معا هل هو عقاب شديد أم مناسب أم يسير فإذا كان هذا العقاب عقاب شديد فانه سوف يتعارض مع كلا من صفتى العدل والرحمة وتناسب العقوبة مع حجم العقاب ويصبح في أفضل الأحوال ظلم بين أما إذا كان العقاب مناسب فسوف يكون كل ما يعتقده النصارى من فداء و صلب للمسيح وتوفيق بين العدل والرحمة وغير ذلك أوهام وأباطيل لان ادم أخطا واخذ العقاب المناسب لهذه الخطيئة وبذلك لن يكون هناك حاجة إلى أن يأتي من يحملها عنه وخصوصا إذا كان العقاب لا يزال مستمرا وهذا ظاهر وجلي للجميع لكلا من الحية , و ادم , وحواء بعد صلب المسيح المزعوم كما يعتقد النصارى ونأتي للاحتمال الأخير وهو كون العقاب يسير فإذا كان العقاب يسير فسوف يكون هناك ما هو اشد منه كدخول النار فيكون بذلك حدث حيود عنه اى من العقاب الشديد إلى العقاب اليسير والصفة الوحيدة التي تغير العقاب من الشدة الى الضعف عن طريق التخفيف الرحمة واذا خففت الرحمة من شدة العقاب يمكنها ان ترفعه حسب الإرادة الإلهية بدون اى تعقيدات لأنها اذا تعاملت مع الجزء فى صورة تخفيف بدون الحاجة الى فداء او توفيق بينها وبين العدل يمكنها ان تتعامل مع الكل فى صورة رفع العقاب مطلقا بدون الحاجة أيضا إلى ما يسمى بالتوفيق بينها وبين شيء آخر لان الرحمة ببساطة عطاء وليست مقايضة وبذلك يكون مصطلح التوفيق بين العدل والرحمة مصطلح خاطئ تم وضعه ممن يتمتعون بعمى البصر والبصيرة لتبرير معتقداتهم والأسوأ من ذلك هو الفهم الخاطئ لهذا المصطلح أيضا واتحدي بعون الله أن يفسر او يشرح لى احد المسيحيين هذا المصطلح (توفيق بين العدل والرحمة ) تفسيرا صحيحا ويكون هذا التفسير الصحيح متفق مع ما يعتقده .
    وإذا تصورنا أن هناك توفيق بين العدل والرحمة فلن يكون هناك توفيق أفضل من حرمان ادم من نعيم الجنة عقابا له وعدم إدخاله النار رحمتا به و الذى تم فعلا بإنزاله إلى الأرض .
    ثانيا اثبات ان ادم تم عقابه من مبدأ نسبية المتعة والعذاب
    ثانيا يمكن ان نقر بحدوث العقاب باعتبار اخر وهو نسبية المتعة والعذاب وهذا اذا طرحنا ما ورد فى الكتاب المقدس جانبا واستخدمنا البداهة العقلية
    وقبل الدخول الى ذلك نسأل بدايتا هذا السؤال
    لو أن الله قد خلق ادم , و وضعه في النار ثم بعد ذلك أخرجه من النار وانزله إلى الأرض فماذا سوف تكون الأرض بالنسبة له من مبدا نسبية المتعة والعذاب ؟ , هذا السؤال لا يحتاج الى تفكير , ولقد سالته لبعض المسيحين فكانت الاجابة على الفور , الأرض بالنسبة له من مبدأ النسبية سوف تكون جنة , فاذا عكسنا الامر بان كان فى الجنة وتم اخراجه منها الى الارض فناذا سوف نجد الارض بالنسبة له ؟ سوف نجد ان الارض بالنسبة اليه من مبدا النسبية ايضا وقياسا على الاجابة الاولى حتى لا نخرج عن الوضوعية و التى سوف ترد على استدراكه ان استدرك وخالف هذه الاجابة سوف تكون جحيم اى ان هناك نسبية فى المتعة والعذاب , بمعنى ان الارض سوف تكون جنة بالنسبة الى عذاب النار وفى نفس الوقت سوف تكون جحيم بالنسبة الى نعيم الجنة , و لذيادة الايضاح يمكن ان نستطرق لهذا المثال , لو كان امامى ثلاثة اشخاص الاول طوله متر , والثانى طوله متر ونصف , والثالث طوله متران , فنجد من مبدأ النسبية ان الثانى سوف يكون طويل بالنسبة للأول , وفى نفس الوقت سوف يكون قصير بالنسبة الى الثانى مع ان طوله لم يتغير , وقس على ذلك ايضا الأرض بالنسبة الى الجنة من ناحية , و بالنسبة الى النار من الناحية الاخرى , حيث ان تقليل النعيم او سلبه يعتبر جحيم نسبى , وتخفيف العذاب او رفعه يعتبر نعيم نسبى . هذا بالنسبة لادم .اما اذا طرحنا نسبية المتعة والعذاب جانبا وتفحصنا احوال البشر على الارض بنظرة فاحصة مجردة عن النسبة والتناسب لاى شىء اخر مطلق متعلق بالمتعة او العذاب نجد ان معاناتهم على الارض ظاهرة للجميع متمثلة فى امراض وهموم و اوجاع وجوع وعطش وحروب وكروب لدرجة ان هناك من لا يستطيع ان يتحمل كل هذه الالم وتنتهى حياته بالانتحار.
    يقول الدكتور مصطفى محمود لمن ينكرون العقاب على اطلاقه
    لا أحد لم يجرب ألم الضرس الذي يخرق الدماغ و يشق الرأس كالمنشار . و المغص الكلوي و الصداع الشقي و ألم الغضروف و سل العظام و هي ألوان من الجحيم يعرفها من ألقى به سوء حظه إلى تجربتها .
    و زيارة لعنبر المحروقين في القصر العيني سوف تقنع المشاهد بأن هناك فارقاً كبيراً بين رجل محروق مشوه يصرخ في الضمادات , و بين حال رجل يرشف فنجان "شاي في استرخاء و لذة على شاطئ النيل و إلى جواره حسناء تلاطفه .
    (رحلتى من الشك الى الايمان – مصطفى محمود ص61 )
    و يقول الدكتور محمد جميل غازى فى تعقيبه الذى اورده فى كتاب مناظرة بين الاسلام والمسيحية تعقيبا على قضية الصلب .
    خطيئة آدم التي لم تزد عن أن تكون أكلا من شجرة نهي عنها قد عاقبه الله عليها - باتفاق المسيحين والمسلمين - بإخراجه من الجنة ، ولا شك أنه عقاب كاف ، فالحرمان من الجنة الفينانة والخروج إلى الكدح والنصب عقاب ليس بالهين . وهذا العقاب قد اختاره الله بنفسه ، وكان يستطيع أن يفعل بآدم أكثر من ذلك ، ولكنه اكتفى بذلك . فكيف يستساغ أن يظل مضمرا السوء غاضبا ألوف السنين حتى وقت صلب المسيح ؟
    وقد مرت بالبشر منذ عهد آدم إلى عهد عيسى أحداث وأحداث وهلك كثيرون من الطغاة وبخاصة في عهد نوح حيث لم ينج إلا من آمن بنوح واتبعه وركب معه السفينة . . فهؤلاء هم الذين رضي الله عنهم ، فكيف تبقى بعد ذلك ضغينة أو كراهية تحتاج لأن يضحي عيسى بنفسه فداء للبشرية .
    يقول فولتير : أن الله بعث بابنه ليخلص البشر ولكن الأرض والإنسان بقيا على ما هما عليه على الرغم من تضحيته ]تأملات في الأناجيل والعقيدة – الدكتور بهاء النحال [.
    بالفعل لقد آمن ملايين المسيحيين بتلك التضحية ومازال الشر فى تصاعد وكانت حصيلة حربين عالميتين ملايين من القتلى والجرحى (25 مليون قتيل ) وكما هو معلوم أن دول الحلفاء والمحور كانوا من المسيحيين[فيشر / تاريخ اروبا فى العالم الحديث ص548 ]: ناهيك عن المذابح بين الكاثوليك والبروتستانت ويقول هوج دي جروت[أزمة الضمير الاروبى – بول هزار]: كنت أرى فى العالم المسيحي أفراطا فى الحروب لو اقترفته الشعوب البربرية لكان مثارا لخجلها.
    إن الواقع المحسوس والمنظور يثبت إن الطبيعة البشرية لم تتغير إلي الأحسن إن لم تكن إلي الأسوأ فالجريمة منظمة والشذوذ الجنسي أصبح مباح في أوروبا وأمريكا والذين يمارسونه أضعاف أهل لوط.
    والزنا تنظمه قوانين صحية ومنظمات رسمية غير الذي يمارس تحت شعار الصداقة. فأين الدم الذي سفك؟ وما كانت نتيجة الإيمان به؟
    يقول الدكتور بهاء النحال :
    "إن العهد القديم يروى لنا أن الله رفض أن يذبح إبراهيم عليه السلام ابنه قربانا له (ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا) تكوين 10:23 فكيف يقبل الله ويسمح بقتل ابنه هو كذبيحة عن خطية آدم.
    إذاً مبدأ توارث خطيئة آدم يرفضه الكتاب المقدس والعرف والعقل والقول بأن تلك الخطيئة قد أفسدت الطبيعة البشرية مردود عليه بالواقع الملموس ، فلا تغير قد طرأ على وجود الشر فى الشعوب المسيحية نتيجة اعتقادها بالصلب والفداء ". ]تأملات في الأناجيل والعقيدة – الدكتور بهاء النحال [.
  • ابن النعمان
    7- عضو مثابر
    حارس من حراس العقيدة

    • 22 فبر, 2010
    • 1222
    • اخصائي تحاليل طبية
    • مسلم

    #2
    ثالثا :اثبات العقاب من نظرة للواقع الانسانى والحياة

    بغض النظر عن الكلام السابق المتعلق بنسبية المتعة والعذاب
    حين يتأمل المرء أحوال الناس من حوله يذهل من ذلك القدر الهائل من الألم والمعاناة الذى يصبغ حياتهم ، فيقف حائراً أمام حقائق الحياة المريرة التي فرضت على الإنسانية أن تشق طريقها وسط ركام من الأحزان وفوق أنهار من الدموع ، فأقدار الناس من المصائب موزعة بين فقير معدم لا يجد قوت يومه ، ومشرد فقد بيته فغدا بلا مأوى يفترش الأرض ويلتحف السماء ، وأطفال صغار فقدوا أمهم أو أباهم أو كليهما فكتب عليهم أن يتجرعوا مرارة الحرمان باكراًً، و أب مكلوم وأم ثكلى خطف الموت فلذة كبدهما في زهرة عمره وريعان شبابه ، ومهاجر يئن من وطأة الغربة ويتلمظ شوقاً للعودة إلى وطنه الذي أخرج منه قسراً، وأسير أفنى سنين عمره في ظلمة السجن و قبضة السجان بعيداً عن الشمس والهواء، ومريض أقعده مرضه طريح الفراش فهو ينتظر الموت في كل حين ، ونساء وأطفال روعتهم الحروب والكوارث وقذفت في قلوبهم الرعب فلا ملجأ يحميهم ، وهذه ليست إلا أمثلة لألوان لا تحصى من المعاناة. ومن سلم من هذه الأصناف المادية من الابتلاءات لم يسلم من هم أثقله أو قلق أقض مضجعه أو وحشة ملأت قلبه ، أو خوف نغص عليه نعيمه ، وكم من ثري أوتي كل أسباب الراحة المادية فلم يجد سوى الهم والقلق والخوف من المجهول والشعور بالوحشة والاكتئاب النفسي ، وفي ذلك آية بينة بأن الكبد والعناء ملازم للحياة على الأرض وجزء لا ينفك من طبيعتها وهو ما دفع بعض الفلاسفة لوصف الحياة الإنسانية بأنها مسرحية تراجيدية مروعة. ومما يذكر ان داليدا عندما انتحرت تركت هذه الرسالة اعذرونى الحياة اصبحت غير محتملة مع كل ما كانت تملك من مال وشهرة عالمية , وهكذا نجد الحياة مسرحا خصبا لكل الوان العذاب المادي والروحي , وإذا تجاوزنا حدود الوطن الصغير وتأملنا في العالم المحيط بنا صدمنا أمام الحصاد المخيف لتجربة الإنسانية المصبوغة بالدماء والدموع ، فكم من مئات من الملايين قتلوا عبر التاريخ في حروب عبثية لم تجن البشرية منها سوى الندامة والخسران ، وما زالت الإنسانية تعزف لحناً حزيناً في مسلسل المعاناة المتواصل منذ أن دب الإنسان على هذه الأرض ، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور كم من نفس تزهق ودماء تنزف ودموع تذرف،وكم من نفوس تتألم وصدور تتأوه في هذه الأثناء ويكفى ان يعلم الانسان ان هناك ما بين 20 الى 60 مليون انسان فى العالم يحاولون الانتحار سنويا وهذا حسب ما قاله الخبراء الدوليون وقال احدهم ان
    عدد الأشخاص الذين ينتحرون سنويا يزيد على عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم بسبب الحروب وجرائم القتل معا ، ولكنهما قالا إن معظم جرائم الانتحار يمكن منعها.
    وفى تقرير لوكالة انتر بريس سيرفس (اى . بى . سى ) بقلم غوستافو كابديفيلا - قدرت منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون شخصا ينتحرون سنويا في العالم ، ما يمثل عاشر أسباب الموت عامة وثالثها بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 44 عاما. كما قدرت أن محاولات الإنتحار تفوق هذا الرقم بما قد يبلغ عشرين ضعفا.
    آي بي إس / 2009).)
    ولا عجب من ذلك اذا علمنا ان ان مرض واحد كالاكتئاب يمكنه ان يحول حياة الانسان الى جحيم لا يطاق , وكفى بالاكتئاب ان يشعر الإنسان بالحزن والكدر واليأس وفقدان الاهتمام وعدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء سار أو ممتع، كما يفقده الرغبة فى الشهية والإحساس لكل ما كان يشتهيه من قبل بل لا يجد طعم أو لذة لأي شيء فى الدنيا مما يجعله يموت فى اليوم الف مرة و هذا لا يقارن بموت المسيح مرة واحدة كما يزعمون
    [الدكتور ابو مبارك عبد الله بن مبارك ابن يوسف الخاطر - راجع كتاب الحزن والاكتئاب فى ضوء الكتاب والسنة]
    و قيل فى تعريف الاكتئاب هو تغير النفس وانكسارها من شدة الهم والحزن وليس ما هو افظع من ذلك .
    وقال الدكتور خوسيه مانويل برتولوتي وهو مسؤول في مجال الصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية إن ما بين 20 مليونا و60 مليون شخص يحاولون الانتحار سنويا، ولكن نصف مليون منهم فقط ينجحون في ذلك.
    مع ملاحظة أن الدول العربية والإسلامية من أقل الدول التي تشهد حالات انتحار في العالم لا ن المسلم يؤمن بما
    أقره القرآن العظيم بحقيقة أن الإنسان خلق في مشقة وعناء قال تعالى : (لقد خلقنا الإنسان في كبد) الاية الرابعة من سورة البلد ، والأرض هي مكان العداوات والأحزان منذ أن هبط آدم وحواء عليها إلى قيام الساعة ( قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو) الاية 36 سورة البقرة ، ولو أن هذه الأرض هي نهاية المطاف للإنسان لحق له أن يموت كمداً وحزناً على سوء حظه فيها ، ولكنها مقام مؤقت وممر إلى ما وراءها: (مستقر ومتاع إلى حين ) ، والمصائب التي تعصف بالإنسان على وجه هذه الأرض ما هي إلا رسائل تذكير متتابعة له بأن هذا ليس هو المكان المناسب لاستقراره وسعادته ، فلا يطمئن إليه أو يفتن به ، وهي استفزاز له لتشعل في نفسه الحنين إلى موطنه الأصلي وهو الجنة التي أخرج الشيطان أبويه منها ، وهي أيضاً تحذير له من عاقبة الذنوب والآثام فلولا ذنب أبيه آدم لما هبط من دار السعادة إلى دار الشقاء ولما كان عليه مواجهة كل هذه المتاعب والآلام (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) الآية 30 من سورة الشورى ,
    كما أن هذه المآسي التي تلون حياة البشرية منبهات تذكره بمدى هشاشته وضعفه وافتقاره إلى خالقه فلا يطغى ولا يتكبر، والطغيان طبع أصيل في الإنسان يظهر حين يظن نفسه قوياً ومستغنياً: ( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)) الآيات من سورة العلق , فتأتي هذه المصائب لتذكره بضعفه وحاجته إلى ربه ، ولتلجئه للتضرع إليه : ((ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرّعون)) الآية 42 من سورة الأنعام
    فالشدائد هي التي تقرب الإنسان من الله لأنها تقطع أمله بمن دونه وتنقي قلبه من التعلق بغيره فيتحقق الإخلاص (( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين )) الآية 32 من سورة لقمان , ففي الشدة يتعرف الإنسان على ربه ، فإذا انجلت المحنة عاد إلى غفلته (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) الآية 32 من سورة لقمان ,
    وهي تقرب الإنسان من الله لأنها تزيل الحجب الكثيفة التي تعيق الوصول إليه ، لأن هذه الحجب قد تكونت بفعل التكوين الطيني للإنسان فنالت كثافة الطين من شفافية الروح،والألم يضعف من تعلق الإنسان بالهوى الطيني ويساعد في إطلاق روحه.
    وبعد ذلك فالمحنة هي التي تستفز الإنسان للإبداع والتطوير،وتستخرج طاقاته الكامنة ، لأنها تفرض عليه تحدياً يضيق أمامه الخيارات فيستفزه ذلك للبحث عن مخارج وحلول فيكون الإبداع والارتقاء الذي يؤدي إلى التقدم في مسيرة الحياة و الإعمار على هذه الأرض.
    وقد أبدع المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في نظرية' التحدي والاستجابة' التي فسر بها نشوء الحضارات عبر التاريخ ، فحتى تنشأ أي حضارة لا بد من وجود قدر من التحدي لاستفزاز الطاقات البشرية ودفعها للإبداع وإنشاء الحضارة.
    وفي عصرنا الحديث نشأت فكرة الاتحاد الأوروبي بعد حربين عالميتين طاحنتين أبيد فيهما عشرات الملايين ، فلم يفكروا في الوحدة إلا بعد أن ذاقوا مرارة التفرق والاقتتال، وهكذا هم البشر يتعلمون بنار التجارب أكثر من اهتدائهم بنور العقل ( لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ) الآية 201 من سورة الشعراء
    إن هذا الكبد والعناء الذي قدر الله للإنسان أن يخلق فيه هو الذي يوفر الظروف الملائمة لتحقيق غاية وجود هذا الإنسان على الأرض وهي الابتلاء والتمحيص: (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) الآية الثانية من سورة الملك ،
    فالمحنة هي الوسط الملائم لتمحيص النفوس وتطهير القلوب وتمييز الطيب من الخبيث: ((أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)) الآية الثانية من سورة العنكبوت'، فالفقير والمريض والضعيف يبتلون في صبرهم على الضراء ، أما الغنى والصحيح والمعافى فابتلاؤهم بأن يشكروا الله على نعمته ويسخروها في مرضاته ، فالعافية والرخاء هي ابتلاء للإنسان أيضا ً: ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة )) الآية 35 من سورة الأنبياء
    والمصائب تكشف مدى التراحم والتكافل بين الناس ، فأصحاب الابتلاءات في أي مجتمع هم مشعر الإيمان والأخلاق فيه، فيظهر معدن المجتمع من خلال تعاملهم مع هؤلاء الضعفاء ، وهنا نفهم قول ربنا عز وجل:
    ((((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ )) الآية 165 من سورة الأنعام
    بقي أن نذكر من فوائد المصائب أنها هي التي تضفي معنى على الحياة ، فلولا المرض لما أدركنا قيمة الصحة ، ولو لم يعرف الناس الفقر لما تذوق أحد حلاوة الغنى ، ولولا الابتلاء لما عرفنا معنى العافية، وهكذا اقتضت حكمة الله أنه يخرج الحي من الميت ، فمن ألم المخاض تولد الحياة، فالمصائب هي التي تضفي على الحياة مذاقاً لنستمتع بها ، وهي التي تحرك المياه الراكدة للحياة حتى لا تأسن ، ولو كانت حياة الناس عافية مستمرة وغنى متواصلاً وصحةً دائمة لسئم الناس منها ولركدت الحياة وفسدت (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )) الآية 205 من سورة البقرة ,
    وأخيرا كفى بالبلاء أن يكون دليلا على محبة الله سبحانه وتعالى فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : فى الحديث الذى أخرجه الإمام السيوطي وصححه الإمام الالبانى (( عظم الأجر عند عظم المصيبة و إذا أحب الله قوما ابتلاهم ))
    وفى الحديث آخر أخرجه أيضا السيوطي وصححه الالبانى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) وقال عليه الصلاة والسلام : فى حديث ثالث أخرجه أيضا السيوطي وصححه الالبانى ( وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة) وبدون البلاء لن يكون هناك صبر ويكفى فى الصبر ان يكون سببا فى دخول الجنة بغير حساب ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الاية (10) من سورة الزمر .
    يقول الدكتور مصطفى محمود : واذا كنا نتسخط ونتبرم ونسب الدهر ونلعن القدر كلما اصابنا بمكروه نحن فى ذلك اشبه بالطفل يسوقه ابوه الى مشرط الجراح لستاصل له سرطانا قبل ان يستشرى فلا يرى الطفل فى هذا العمل الا جانب العدوان والمجزرة الدموية ... ولا يرى النفع الباطن فى هذا الضرر الظاهر ويقابل الامر بالسب واللعن والصراخ ويحكم على الامر كله بانه ظلم ... والاب طوال الوقت لا يحدوه الا الرحمة ... ولو تركه اشفاقا عيه لكانت هذه الشفقة ضررا اعظم واهلاكا ظالما للطفل فى غير عدل .
    وبالمثل لا يستطيع ان يتصور ذلك الرجل الذى فقد بصره او فقد ساقه ... ماذا كان سيفعل ببصره او بساقه لولم يصبهما ما اصابهما ... ولا يستطيع ان يتنبا بما يمكن ان يؤدى اليه فقد حاسة من حواسه الى نبوغ فى ناحية اخرى اوظهور لموهبة جديدة كانت خاملة وانما هو ينظر كالطفل الى الحادث مبتورا من سياق الزمن ويكفى ان يحكم عليه حكما مبتورا .
    ونحن نعلم الان ان الامراض تخلف فى الجسم حصانة وان الميكروبات تنبه الجسم ليفرزمواد مضادة , وان تدول الحر والبرد والصقيع والظروف القاسية الشاقة على الانسان تربى فيه الجلد والتحمل .
    ونحن نعلم ان الزلازل برغم ما تقتل من الوف الارواح فانها تنقذ الكرة الارضية وسكانها من الهلاك وذلك بانها تزحزح الجبال فتعيدها الى موقعها .. والجبال كما نعلم هى الاوتاد التى تحفظ القشرة الارضية من الانفجار تحت ضغط باطن الارض المنصهر الملتهب الذى يتمدد باستمرارمؤديا الى ضغوط هائلة تهددالقشرة التى نعيش عليها بالنسف .. فتاتى البراكين والزلازل بين وقت واخر لتعيد التوازن الدقيق الى حاله . ]الله – مصطفى محمود [
    ويقول فى فقرات اخرى من كتاب رحلتى من الشك الى الايمان : " و مثل الذي يحتج على العذاب الدنيوي و يتبرم و يتسخط و يلعن الحياة و يقول إنها حياة لا تحتمل و إنه يرفضها و إن أحداً لم يأخذ رأيه قبل أن يولد و إنه خلق قهراً و حكم عليه بالعذاب جبراً و إن هذا ظلم فادح .
    مثل هذا الرفض الساخط مثل الفنان الذي يؤدي دوراً في مسرحية .. و يقتضي الدور أن يتلقى الضرب و الركل كل يوم أما المتفرجين .
    لو أن هذا الممثل فقد الذاكرة و لم ير شريط حياته إلا أمام هذا الدور الذي يؤديه بين قوسين على خشبة المسرح كل يوم .. فإنه سوف يحتج .. رافضاً أن يتلقى العذاب .. و يقول إن أحداً لم يأخذ رأيه و إنه خلق قهراً و حكم عليه بالعذاب جبراً و قضى عليه بالإهانة أمام الناس بدون مبرر معقول و بدون اختيار منه منذ البداية .
    و سوف ينسى هذا الممثل أنه كان هناك اتفاق قبل بدء الرواية .. و كان هناك تكليف من المخرج ثم قبول للتكليف من جانب الممثل .. ثم عهد و ميثاق على تنفيذ المطلوب .. كل هذا تم في حرية قبل أن يبدأ العرض .. و ارتضى الممثل دوره اختياراً .. بل إنه أحب دوره و سعى إليه .
    و لكن الممثل قد نسي تماماً هذه الحقبة الزمنية قبل الوقوف على خشبة المسرح .. و من هنا تحولت حياته بما فيها من تكاليف و آلام على علامة استفهام و لغز غير مفهوم" .
    ويقول العقاد : و طبقا للحل الذى يطلق عليه اسم حل التكافل بين اجزاء الوجود الشر لا يناقض الخير فى جوهره ولكنه جزء متتم له او شرط لازم لتحقيقه . فلا معنى للشجاعة بغير الخطر , ولا معنى للكرم بغير الحاجة , ولا معنى للصبر بغير الشدة , ولا معنى لفضيلة من الفضائل بغير نقيضة تقابلها وترجح عليها , وقد يطرد هذا القول فى لذاتنا المحسوسة : يطرد فى فضائلنا النفسية ومطالبنا العقلية , اذ نحن لا نعرف لذة الشبع بغير الم الجوع , ولا نستمتع بالرى مالم نشعر قبله بلهفة الظمأ , ولا يطيب لنا منظر جميل الا اذا كانت طبيعتنا تستاء من المنظر القبيح ]حقائق الاسلام واباطيل خصومة – عباس محمود العقاد ص7 , 8 [ وهذا يجعل من الطبيعى عدم اخذ الحال الآنى للانسان فى الحكم عليه لانه قد يتغير الى حال اخر فى آن اخر فى الدنيا او الاخرة الا اذا حكمنا على قفص من الفاكهة بالفساد لان اقداره رمت لنا بثمرة معطوبة
    أمام كل هذه الفوائد الجليلة يتضح لنا جانب من الحكمة الإلهية في تقدير المصائب والابتلاءات على هذه الأرض ، وفي خلق الإنسان في كبد ، ومن يدرك هذه المعاني فإنه يحيل المحنة إلى منحة ، ويصنع من الليمون شراباً حلواً، ويصير بإمكانه أن يشق طريقه نحو السعادة والطمأنينة من بين ركام المشقة والعناء ، لكن أكثر الناس يستسلمون لشقاء الدنيا وبؤسها دون أن ينتبهوا لهذه المعاني العميقة ، فيكتبون على أنفسهم معيشةً ضنكى : ((وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)) الاية 103 من سورة يوسف , يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ كما في شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل صـ432:
    "ولو ذهبنا نذكر ما يطلع عليه أمثالنا من حكمة الله في خلقه وأمره؛ لزاد ذلك على عشرة آلاف موضع، مع قصور أذهاننا، ونقص عقولنا ومعارفنا، وتلاشيها وتلاشي علوم الخلائق جميعهم في علم الله كتلاشي ضوء السراج في عين الشمس. وهذا تقريب وإلا فالأمر فوق ذلك" .أهـ
    وللأمراض والأسقام ـ خاصة ـ فوائد وَحِكَم، أشار ابن لقيم إلى أنه أحصاها، فزادت على مائة فائدة.

    تعليق

    • ابن النعمان
      7- عضو مثابر
      حارس من حراس العقيدة

      • 22 فبر, 2010
      • 1222
      • اخصائي تحاليل طبية
      • مسلم

      #3
      الابتلاء من المنظور المسيحى
      , هذا بالنسبة للمسلم . اما بالنسبة للمسحيين فمع انهم محترفين فى صناعة التبريرات والتفسيرات الواهية , فلن يحدو تبريرا او تفسير يثلج الصدور او يذهب الحيرة ويجمع الشتات الفكري والوجداني سواء كان لهم او لغيرهم الا من خلال وجهة النظر الإسلامية وان اصرو فلن يجدو حكمة من هذا الواقع المرير للإنسان على ظهر الأرض حسب اى وجهة نظر اخرى الا ان يكون احد شيئين اما عقاب فتبطل عقيدتهم ودعواهم وإما ان يكون بلاء بلا مردود او او سبب او مقابل مما يجعله ظلم بين وان كان هذا وذاك فهو فى الامرين مناقض للرحمة ولم يقبل الله بعقاب ادم لكونه كذلك من منظورهم اى مناقض للرحمة فكيف يقبل هذه المعاناة للبشر مع كونها ايضا مناقضة للرحمة وان قيل له مردود اى الواقع المرير نقول فما قيمة هذا المردود ان لم يكن فيه وبه الخلاص ؟ حتى ذلك لن يغير من الحقيقة السابقة وهى كون الواقع المرير للانسان على ظهر الأرض عقاب والعقاب مناقض للرحمة وتناقضه للرحمة سبب مشكلة اوجبت أضحية استرضائية فى شكل المسيح مما يبطل ايضا عقيدتهم ودعواهم وأخيرا كيف تكون العقيدة المسيحية هى العقيدة الصحيحة ولا تضع فى حسبانها بيان الحكمة من ذلك البلاء او تبريرا لذلك العقاب هل هذا تجاهل ام سهو ام نسيان ام دليل على البطلان ؟ , واذا كان المسيحيون هم صفوة مؤمني اهل الارض جميعا وما عداهم ضالين ألا يجب ألا يكونوا فى منأى عن وساوس الشيطان من هذه الناحية بالذات التى يمكن ان تمثل بابا ساشعا للشيطان لانها متعلقة باهم اسس عقيداتهم يمكن ان يدخل منه إلى أعماق النفس المؤمنة ليضللها بسهوله , ويحيد بها عن الطريق , وبذلك يؤدى وظيفته ومهمته على أكمل وجه ومن ثم يقدم شكرا لواقع الإنسان المرير على ظهر الأرض الذي ساعده على ذلك أما ان الشيطان أصبح اليوم يحب المؤمنين والمهتدين فجعلهم فى منأى عن وساوسه وتلبيساته , وجعلها قاصرة فقط على الضالين لينفرهم مما هم فيه من ضلال عن طريق جرعات كبيرة و مركزة من الوساوس ليسهل عليهم الوصول الى الحق فلا نستغرب إذن إذا وجدنا الشيطان نزيل دائم للمساجد يذكر الناس بكل صغيرة وكبيرة ليشغلهم بذلك عن الصلاة لغير المسيح ولا نستغرب أيضا قذفه لقلوب المسلمين بالكثير من الوساوس المتعلقة بالعقيدة المسيحية ليحببهم فيها ولكي يؤدى واجبه على أكمل وجه لم ينسى ان يقرن هذه الوساوس بكثير من الأفكار الإلحادية فيكون بذلك قد فعل ما وكل اليه على أحسن وجه .
      وكيف يكون هناك دين يحارب من أهل العارض جميعا ويضع في اعتباره كل صغيرة و كبيرة بل يضع فى اعتباره ايضا قفل كل منفذ للشيطان الى تلافيف النفس البشرية بل و يضع فى اعتباره كذلك منهج لعلاج هذه الوساوس وضحدها عن طريق اشياء كثيرة ومتنوعة كالقرآن والذكر واستخدام البداهة العقلية
      واخيرا كل ما سبق (بعيدا عن وجة النظر الاسلامية لان هذا الواقع المرير للإنسان بالنسبة للإسلام إنما هو ابتلاء واختبار يعود عليه بمردود عظيم فى الدنيا والآخرة كما انه سبب فى تمتع الإنسان بفضيلة الصبر والتي بدورها سبب فى دخوله الجنة بغير حساب وهذا شىء طبيعي فلا معنى للصبر طبقا لحل تكافل اجزاء الوجود بغير الشدائد والابتلاءات والاختبارات بينما خلت وجه النظر المسيحية من ذكر اى حكمة او مردود لهذا الواقع , مما يجعلنا نتكلم عنه من هذه الوجه على انه عقاب شديد ليس له حكمة او مردود , الشيء الذي سوف يجعله ظلم بين فى نفس الوقت الذى سوف يظهر فيه العبث المحيط من كل الجوانب بصلب المسيح وعدم الجدوى وتعالى الله عما يصفون ) يثبت ان ادم قد تم عقابه بالفعل وخصوصا اذا جمعنا بين معاناته على الأرض وحرمانه من نعيم الجنة الذان يمثلا كلا منهما عقاب مطلق وقع على ادم لمن سوف يجادل فى الكلام السابق مضافا إليها أحساسة بالفارق بين هذه المعاناة الارضية , و نعيم الجنة الذى نشأ عن حرمانه من الجنة والذي يمكن ان نطلق عليه عقاب نسبي , وبذلك يكون ادم قد جمع بين نوعين من العقاب على الأرض النسبي والمطلق بينما أبنائه اقتصر عليهم الاختبار فقط متمثلا فى المعاناة الأرضية دون المعاناة الناتجة عن الإحساس بالفارق بين نعيم جنة , وجحيم الأرض أو الناتج عن الحرمان من النعيم مطلقا, وبعد كل ذلك مما أوردناه من حقيقة دامغة تقول بان ادم تم عقابه اشد عقاب فكيف يكون عند النصارى هناك شىء اسمه التوفيق بين الرحمة والعدل حتى يتم عقابه عدلا وعدم عقابه رحمة لان العقاب قد حدث بالفعل مما لا يدع مجالا للشك ولم يقتصر على ادم بل شمل كل إفراد الجنس البشرى , وما زال مستمرا بعد صلب المسيح المزعوم وهذ يبطل القول بالخلاص ايضا فيكون إذن كل ما بني على اعتقاد التوفيق بين العدل والرحمة باطل لأنه بني على باطل بالإضافة الى ذلك ليس هناك حالة لو دقق الإنسان يمكن ان نطلق عليها توفيق بين العدل والرحمة لأسباب سوف نذكرها بعد قليل إنما الشىء الذي يمكن ان يكون بينهما فقط هو الاقتران , لان الرحمة عطاء الهي غير مقيد او مشروط , ومن الطبيعى ان يضيف ولا يأخذ يعطى ولا يقايض واذا كان لابد من التوفيق بين العدل والرحمة لو كان ذلك صحيحا عن طريق الفداء فما الذى يحدث لو لم يوجد هذا الفداء هل تجمد صفة من صفات الرحمن , وتصبح غير ذات فائدة , واذا كانت الرحمة مقيدة او مشروطة بشيء فان كل الصفات الأخرى سوف تسير على هذا النهج و تكون كذلك مشروطة ومقيدة باشياء اخرى , والا ما هو الذى قيد هذه الصفة عن غيرها من الصفات الالهية , وهل الصفات الالهية تناقض كلا منها الاخرى وأخيرا لا نسع إلا ان نقول الرحمة عطاء وغير مقيدة بشىء لان العطاء لا يشترط فيه الأخذ والا ما دخل ادم الجنة من الأساس قبل فعل الخطيئة لأنه لم يفعل شيء يستحق عليه ذلك , وهذه هي الحقيقة بموضوعية شديدة , ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأسد ابن كرزة فى الحديث الذي صححه الإمام الالبانى يا أسد بن كرزة لا تدخل الجنة بعمل ولكن برحمة الله [ قلت : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ] ولا أنا إلا أن يتلافاني الله أو يتغمدني [ الله ] منه برحمة
      لان العمل محدود بينما نعيم الجنة غير محدود من جميع الجوانب والإبعاد مما لا يدع مجالا لدخولها الا بالرحمة .
      فيكون دخول الجنة عطاء الهي بلا مقابل وهذا شيء طبيعي فإذا كان الدرهم لا يمكنه ان يشترى قصرا للإنسان تحت مفهوم المقايضة فان الهبة يمكنها ان تمنحه الكثير من القصور بلا مقابل .
      فاذا ادخلت الرحمة ادم الجنة بلا قيد او شرط فانها ايضا يمكن ان ترفع عنه العقاب متمثلا ذلك فى العفو والغفران بلا قيد او شرط او تخفف من شدته ايضا بلا قيد او شرط قياسا على اضافة الماء البارد الى الساخن والنعيم النسبى المتمثل فى الخروج من النار اقل من النعيم المطلق المتمثل فى دخول الجنة

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة كريم العيني, 4 أغس, 2024, 04:57 م
      ردود 5
      47 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة الفقير لله 3
      بواسطة الفقير لله 3
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 13 يول, 2024, 03:38 م
      ردود 11
      112 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يون, 2024, 02:40 ص
      ردود 3
      66 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 ماي, 2024, 01:27 ص
      ردود 0
      41 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 5 ماي, 2024, 03:09 ص
      ردود 0
      38 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة د.أمير عبدالله
      يعمل...