الحمد لله رب العالمين , وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وءال بيته , كما صليت على ءال إبراهيم , إنك حميد مجيد .
وبعد,
هذه سلسة تكون بإذن الله مباركة بسيرة من سنتكلم عنهم في هذه الحلقات تباعا بحول الله وطوله ,
سلسلة سوف نتحدث فيها عن خير فترة مرت على البشرية بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم , حقبة من الزمان لن تتكرر , وأناس ضحوا بكل غال ونفيس كانوا شموسا طلعت في سماء الإنسانية مرة , ولا تطمع الإنسانية أن يطلع في سمائها شموس من طرازهم مرة أخرى , إلا إذا عزم المسلمون أن يرجعوا إلى دين الفطرة –الإسلام- ويتأدبوا بأدبه من جديد , فيخلق الله منهم خلقا آخر يعيش للحق والخير , ويجاهد الباطل والشر حتى تعرف الإنسانية طريقها الحقيقي إلى السعادة والاستقرار,
فمن هؤلاء الشموس يا ترى ؟
إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , إنهم القادة الذين وحدوا الله , واهتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم , أناروا لنا الطريق , وفتحوا الدنيا لا بقصد الفتح والتوسع وإشباع المطامع , بل للهداية ونشر العلم , وتأسيس المدنية الصحيحة الخالية من الشوائب , وهم –وإن كانت أجسامهم تحت الثرى- فإن أعمالهم وسيرهم الطاهرة لم تمت , يل هي خالدة شاهدة لهم بحسن السيرة , ونقاء السريرة , وانتصار الحق على الباطل ,
وشاهدة كذلك على أن حياة الرجال والأمم إنما هي بعلو الهمم وإخلاص الراعي والرعية لتحقيق المصلحة العامة , وموتها إنما يكون بِخَوَر العزائم والإهمال , وتقديس الأنانية والتباغض والتشاحن والتحاسد.
وسيكون منهجي بإذن الله تعالى في هذه السلسلة التي أسأل الله لها القبول في قلب كل مسلم وغير مسلم , منهجي سيكون فيها صور وأحداث حدثت وقتئذ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وإلى انتهاء الخلافة التي قال عنها النبي صلوات الله وسلامه عليه : خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ
وهذه الصور والأحداث تتضمن دفاعا عن الصحابة في وقت قل فيه الورع والخشية من الله في الخوض في سير هؤلاء العظماء بالباطل , ولن أتعرض لحياتهم بالتفاصيل وإنما المقصود من هذه السلسة الرد على سواء متمسلمين أو مستشرقين أو من هم على ملل أخرى , فقد كثر النبح من الكلاب على هؤلاء الشموس في دنيا الإنسانية .
قال الشيخ محب الدين الخطيب : " ولما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم قدوتنا في ديننا , وهم حملة الكتاب الإلهي والسنة المحمدية إلى الذين حملوا عنهم أماناتها حتى وصلت إلينا , فإن من حق هذه الأمانات على أمثالنا أن ندرأ عن سيرة حفظتها الأولين ما ألصق بهم من إفك ظلما وعدوانا , لتكون صورتهم التي تعرض على أنظار الناس هي الصورة النقية الصادقة , فتحسن القدوة بهم , وتطمئن النفوس إلى الخير الذي ساقه الله للبشر على أيديهم , وقد اعتبر في التشريع الإسلامي أن الطعن فيهم طعن في الدين الذين هم رواته ........ وأدركوا أن الذين شوهوا تلك الحسنات وصوروا تلك السجايا بغير صورتها إنما أرادوا أن يسيئوا إلى الإسلام نفسه بالإساءة غلى أهله الأولين , وقد آن أن ننتبه من هذه الغفلة فنعرف لسلفنا أقدارهم , لنسير في حاضرنا على هدى ونور من سيرتهم الصحيحة وسريرتهم النقية الطاهرة "
وسأقسم هذه السلسلة إلى موضوعات يتناول كل موضوع حدث معين ليسهل الوصول لكل موضوع عبر هذا الصرح الكريم .
فأسأل الله العلي القدير التوفيق والسداد والقبول , فما كان من توفيق فمن الله وحده فهو المنعم علينا , وما كان خطأ أو خلل فإليَّ ينسب , وأسأل الله العفو والمغفرة , وأطلب من إخواني النصيحة.
وبالله التوفيق
تعليق