دلالة الأصابع علي الأعداد عند العرب
إعداد : باحث سلفي .
ـ تعريف عقد الحساب وأهميته عند العرب قديما :
هو إشارات بالأصابع تدل علي الأعداد استخدمها العرب قديما في البيع والمعاملات ، استغناءا عن التلفظ بالأعداد .
قال ابن حجر في الفتح :
عَقْد الْحِسَاب "إِنَّهُ اِصْطِلَاح لِلْعَرَبِ تَوَاضَعُوهُ بَيْنهمْ لِيَسْتَغْنَوْا بِهِ عَنْ التَّلَفُّظ ، وَكَانَ أَكْثَر اِسْتِعْمَالهمْ لَهُ عِنْد الْمُسَاوَمَة فِي الْبَيْع فَيَضَع أَحَدهمَا يَده فِي يَد الْآخَر فَيَفْهَمَانِ الْمُرَاد مِنْ غَيْر تَلَفُّظ لِقَصْدِ سَتْر ذَلِكَ عَنْ غَيْرهمَا مِمَّنْ يَحْضُرهُمَا" .
وقال الصنعاني في سبل السلام :
"[ وَعَقَدَ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ ] إشَارَةٌ إلَى طَرِيقَةٍ مَعْرُوفَةٍ تَوَاطَأَتْ عَلَيْهَا الْعَرَبُ فِي عُقُودِ الْحِسَابِ ...."
ـ أهمية فقه هذه الطرق من العد الآن :
استخدم السلف هذه الطريقة لوصف بعض أشارات النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ بأصابعه ، وغيره ممن هم دونه ،
مع التنبيه علي أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لم يقصد بهذه الإشارات العد ولكن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصفون إشارات النبي بأصابعه بأقرب دلالة معروفة لديهم وأقلها ألفاظًا .
ومن هذا نعلم أن العلم بكيفية هذا العد يُساعدنا في فهم كيفية إشارات النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وسيأتي أمثلة لهذا .
عدم استعمال هذه الطريقة في هذا الزمان :
قال الشيخ عطية محمد سالم في شرح بلوغ المرام :
" العقد في الحساب عند المتقدمين، هو علم قد اندثر، وكان لهم في الحساب من بُعد بالإشارة رموز لم يبق عندنا منها إلا ما حفظه لنا هذا الحديث."
قال الشيخ عطية محمد سالم في شرح بلوغ المرام :
" العقد في الحساب عند المتقدمين، هو علم قد اندثر، وكان لهم في الحساب من بُعد بالإشارة رموز لم يبق عندنا منها إلا ما حفظه لنا هذا الحديث."
تمهيد : معاني بعض الألفاظ المستعملة في شرح هذه الطريقة من الحساب :
الأنملة:" التي فيها الظفر الجمع أنامل وأنملات ، المَفْصِل الأَعْلى الذي فيه الظفر من الإِصبع والجمع أَنامِل وأَنمُلات وهي رؤوس الأَصابع "[ لسان العرب ]
الكف : "وهي الراحة مع الأَصابع"[ لسان العرب ] "ويقال باطن الراحة وظاهر الكف " [ لسان العرب ]
الراحة : " والراحُ جمع راحة وهي الكَفُّ " [ لسان العرب] الّراح جمعُ راحة الكفّ [ العين ]
العَقْد: نقيض الحَلِّ ....قال الفارسي هو من الشدّ والربط "[ لسان العرب ]
ويُلاحظ الفارق بين (العَقْد ) كاسم لمواضع الثني كقوله العقد الأوسط وبين (عَقْد)كمصدر بمعني الثني واللوي مثل : قولوه عقد الخنصرأو البنصر ..إلخ
وقوله العقد الأوسط يقصد به الموضع الأوسط لثني الأصبع .
وعَطف الشيءَ :حَناه وأَمالَه"[ لسان العرب ]
البَسْطُ: نقيض القَبْضِ ..وبسَط الشيءَ نشره"[ لسان العرب ]
الرد: صرف الشيء ورَجْعُه"[ لسان العرب ]
طرف الأصبع : يقصد به أعلاه ،
رأس الأصبع :يقصد به الأنملة أيضًا ،
أصل الأصبع: يقصد به جذره الذي يتصل بالكف .
شرح هذه الطريقة :
الوضع الأصلي للأصابع الذي يبدأ الشُّراح منه في شرح هذه الطريقة كما هو مبين في الصورة :
قال الصنعاني (1099 - 1182 هـ) في سبل السلام ،
والعظيم أبادي (1293 هـ) في عون المعبود ،
والمباركفوري(ت 1353هـ) في تحفة الأحوذي في شرحهم لهذه الطريقة :
وَهِيَ أَنْوَاع مِنْ الْآحَاد وَالْعَشَرَات وَالْمِئِين وَالْأُلُوف ،
أَمَّا الْآحَاد
فَلِلْوَاحِدِ عَقْد (أي ثني )الْخِنْصَر إِلَى أَقْرَب مَا يَلِيه مِنْ بَاطِن الْكَفّ ،
وَلِلِاثْنَيْنِ عَقْد(أي ثني ) الْبِنْصِر مَعَهَا كَذَلِكَ ،
وَلِلثَّلَاثَةِ عَقْد(أي ثني ) الْوُسْطَى مَعَهَا كَذَلِكَ ،
وَلِلْأَرْبَعَةِ حَلّ الْخِنْصَر ( أي فرده بعد أن كان مثني )
وَلِلْخَمْسَةِ حَلّ الْبِنْصِر مَعَهَا دُون الْوُسْطَى ،( أي فرده بعد أن كان مثني )
وَلِلسِّتَّةِ عَقْد(أي ثني ) الْبِنْصِر وَحَلّ جَمِيع الْأَنَامِل ،
وَلِلسَّبْعَةِ بَسْط ( أي إيصال ) الْخِنْصَر إِلَى أَصْل الْإِبْهَام مِمَّا يَلِي الْكَفّ ،
وَلِلثَّمَانِيَةِ بَسْط ( أي إيصال )الْبِنْصِر فَوْقهَا كَذَلِكَ ،
وَلِلتِّسْعَةِ بَسْط ( أي إيصال )الْوُسْطَى فَوْقهَا كَذَلِكَ ،
وَأَمَّا الْعَشَرَات فَلَهَا الْإِبْهَام وَالسَّبَّابَة ،
فَلِلْعَشَرَةِ الْأُولَى عَقْد ( أي ثني ) رَأْس الْإِبْهَام ، عَلَى طَرَف السَّبَّابَة ،
وَلِلْعِشْرِينَ إِدْخَال الْإِبْهَام بَيْن السَّبَّابَة وَالْوُسْطَى ،
وَلِلثَّلَاثِينَ عَقْد ( أي ثني ) رَأْس السَّبَّابَة عَلَى رَأْس الْإِبْهَام عَكْس الْعَشَرَة ،
وَلِلْأَرْبَعِينَ تَرْكِيب الْإِبْهَام عَلَى الْعَقْد الْأَوْسَط (موضع الثني الأوسط )مِنْ السَّبَّابَة وَعَطْف (لي أو ثني ) الْإِبْهَام إِلَى أَصْلهَا ،
وَلِلْخَمْسِينَ عَطْف (لي أو ثني ) الْإِبْهَام عَلَى أَصْلهَا
وَلِلسِّتِّينَ تَرْكِيب السَّبَّابَة عَلَى ظَهْر الْإِبْهَام عَكْس الْأَرْبَعِينَ ،
وَلِلسَّبْعِينَ إِلْقَاء رَأْس الْإِبْهَام عَلَى الْعَقْد الْأَوْسَط (موضع الثني الأوسط )مِنْ السَّبَّابَة وَرَدّ طَرَف السَّبَّابَة إِلَى الْإِبْهَام ،
وَلِلثَّمَانِينَ رَدّ طَرَف السَّبَّابَة إِلَى أَصْلهَا وَبَسْط الْإِبْهَام عَلَى جَنْب السَّبَّابَة مِنْ نَاحِيَة الْإِبْهَام ،
وَلِلتِّسْعِينَ عَطْف السَّبَّابَة إِلَى أَصْل الْإِبْهَام وَضَمّهَا بِالْإِبْهَامِ ،
وَأَمَّا الْمِئِينَ فَكَالْآحَادِ إِلَى تِسْع مِائَة فِي الْيَد الْيُسْرَى ،
وَالْأُلُوف كَالْعَشَرَاتِ فِي الْيُسْرَى .
ملاحظات :
1 ـ لا يعني صعوبة أداء هذه الإشارات عند البعض الآن أنه لم يكن يعمل بها قديما فالذي يغلب علي الظن أنه لما انقرض استعمال هذه الطريقة في الدلالة علي الأعداد ، ارتخت عضلات الأصابع اليد وقلت مرونتها عن أداءها في هذا العصر فعسر استعملها اليوم عما كانت عليه قديمًا ، و لعلهم كانوا يستخدمون ما يعينهم في أداءها ، وهذا ما قاله ابن حجر عندما قال : "فَيَضَع أَحَدهمَا يَده فِي يَد الْآخَر فَيَفْهَمَانِ الْمُرَاد مِنْ غَيْر تَلَفُّظ" .
2 ـ من الشرح نستنبط :
أ ـ أن اليد اليمني للآحاد والعشرات ، واليد اليسرى للمئات والألاف .
ب ـ أن الخنصر والبنسر والوسطي للآحاد في اليد اليمني وللمئات في اليد اليسري ،
و أن الوسطي والسبابة والإبهام للعشرات في اليد اليمني وللألاف في اليد اليسري .
ج ـ أن الوسطي مشترك بين الآحاد والعشرات في اليد الميني
وبين المئات والآلاف في اليد اليسري ،
د ـ لا يلزم استخدام اليدين معًا بوضعها الأصلي الموضح في الصورة عند التعبير عن عدد لا يحتاج فيها سوي يدٍ واحدة .
أمثلة من بعض الأحاديث التي ذكر فيها السلف التعبير بألفاظ العقد للدلالة علي كيفية إشارة النبي صلي الله عليه وسلم :
1ـ روي البخاري في صحيحه (7059) عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ - رضى الله عنهن - أَنَّهَا قَالَتِ اسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ » . وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً . قِيلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ « نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ » .
2ـ روي مسلم في صحيحه (7416)عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ « نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ».
3 ـ روي البخاري في صحيحه (7136 )ومسلم (7420)عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يُفْتَحُ الرَّدْمُ رَدْمُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ » . وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ .
ولهذا الأثر رويات أخري .
وبالله التوفيق .
ولهذا الأثر رويات أخري .
وبالله التوفيق .
تعليق