المخيمات المنسية - فلسطين

تقليص

عن الكاتب

تقليص

BHR2010 مسلم اكتشف المزيد حول BHR2010
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • BHR2010
    1- عضو جديد
    • 9 ماي, 2010
    • 62
    • مهندس إتصالات
    • مسلم

    #1

    المخيمات المنسية - فلسطين

    نكبة مستمرة:

    ستون عاماً مضت بالكمال والتمام على نكبة الشعب الفلسطيني الأولى، كل سنة من هذه السنوات كانت سجلاً حافلاً بالمعاناة والألم..ألم التشرد والحرمان، وألم الاغتراب عن الوطن والتشتت في أصقاع الكون.

    فما تعرَّض له الشعب الفلسطيني عام 1948م من نكبة لم يكن مجرد حدث عابر، لقد كان مأساة حقيقية لا تزال نتائجها ومراراتها تنتصب رغم مرور كل هذه السنوات: اقتلاع من الوطن، وتشريد في أصقاع العالم، بينما تتقلص مساحات الأمل بالعودة يوماً بعد يوم، عبر بوابة الحل السياسي.

    ورغم صدور أكثر من خمسين قراراً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، تنصُّ على حق «العودة» للاجئين الفلسطينيين، ومن أبرزها: القرار 194 الصادر عام 1948م، والذي نصَّ صراحة على «وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديـارهم»؛ إلا أن أحـداً لم يلتـفت إلى منـطوق القـرار أو يأبه لتنفيذه، بينما يجري اليوم نسج مقايضات تدعو إلى استبدال حق العودة بالتوطين في أماكن الوجود في الشتات، أو البحث عن صيغ للعودة لا تستجيب لحق اللاجئين في العودة إلى مُدنهم وقُراهم التي اقتُلعوا منها.

    لقد تسبَّبت حرب 48 في تدمير الوطن الفلسطيني، الذي كان خاضعاً للانتداب البريطاني على مدى ثلاثة عقود، لتفرض الدولة الصهيونية وجودها وحضورها على مساحة نسبتها 78% من أرض فلسطين التاريخية، بينما جرى إخضاع الجزء المتبقي من الوطن الفلسطيني للإدارة العــربيــة، ليختــفي اسم «فلسطين» تحت مســميات «قطــاع غــزة» تحت الإدارة العسكرية المصرية، و«الضفة الغربية» تحت الإدارة الأردنية، قبل أن تستكمل الدولة الصهيونية احتلال جميع الوطن الفلسطيني في عام 1967م، ليضاف إلى أعداد اللاجئين الفلسطينيين في المنافي والوطن آلاف جديدة، دون أمل وحماية وتوفير أدنى مستلزمات الحياة والبقاء، في مخيمات بؤس يكسو سطوح منازلها الصفيح المهترئ.. وتحشر بيوتها بعضها فوق بعض، على مسـاحات في منتهى الانسداد والضيق.



    أرقام ومعاناة تزداد مع الأيام:

    حسب القراءات الفلسطينية فقد شكلت النكبة محطة سوداء في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني؛ فمن جهة جرى طرد اللاجئين الفلسطينيين من وطنهم وأرضهم، بعد تجريدهم من أملاكهم وبيوتهم، ومن جهة ثانية جرى تشريدهم في شتى بقاع الأرض، لمواجهة أصناف المعاناة والويلات كافة.

    وتمثلت النكبة باحتلال ما يزيد عن ثلاثة أرباع فلسطين، وتدمير (531) تجمعاً سكانياً فلسطينياً، وطرد وتشريد ما نسبته 85% من السكان الفلسطينيين من بيوتهم.

    وحسب تقديرات دائرة الإحصاء الفلسطيني؛ فإن عدد الفلسطينيين الذين طُردوا نتاجاً لأحداث النكبة عام 48 يقارب (750) ألف فرد، إضافة إلى (350) ألفاً آخرين هجِّروا عام 1967م.

    وعن التقديرات الحالية لأعداد الفلسطينيين في الشتات؛ فتقدِّر الدائرة العدد بنحو خمسة ملايين، يتمركز غالبيتهم في الأردن بعدد 2.8 مليون، ويتمركز في باقي الدول العربية (1.6) مليون، أما الباقون فيتفرقون في أنحاء مختلفة من بقاع الأرض، أكثر من نصفهم سجلوا لاجئين.

    وحسب إحصاءات وكالة غوث اللاجئين في (6/3/2006م) فإن أعداد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها على الشكل التالي: في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وغزة بلغ عددهم أربعة ملايين و349 ألفاً و946 لاجئاً، يقطن من بينهم (1.278.678) لاجئاً في مخيمات اللجوء.

    فاللاجئون إلى لبنان يبلغ عددهم (404) آلاف لاجئ، يعيش جميعهم في مخيمات لبنان البالغ عددها اثني عشر مخيماً، ويبلغ عدد المسجلين لاجئين في الأردن حسب وكالة الغوث مليوناً و827 ألف لاجئ، يعيش منهم 288 ألفاً في عشرة مخيمات.

    أما سورية فيبلغ عدد اللاجئين فيها نحو (432) ألفاً، يعيش منهم (116) ألفاً في عشرة مخيمات.



    عودة وهوية وطنية تغالب الغياب:

    حافظ الفلسطينيون في تجمعات الشتات على درجة كبيرة من التماسك الاجتماعي وعلى هويتهم الوطنية، بل تحوَّل رمز «المخيم» إلى شاهد ضخم على قضية الشعب وإصرار أبنائه على استعادة حقهم في وطنهم مهما طالت السنون.

    ورغم تباعد السنين منذ النكبة الأولى إلا أن حلم العودة إلى الوطن ما يزال دافئاً نديّاً لا يفارق أفئدة اللاجئين، تسمعه على ألسنة الصغار قبل الكبار، في أبلغ قصة تصميم تؤكد تمسُّك اللاجئين الفلسطينيين بحق العودة؛ أولاً وآخراً وحتى آخر رمق.

    لقد خضعت التجمعات الفلسطينية في الشتات لترتيبات قانونية وسياسية متباينة؛ ففي الأردن تحول الفلسطينيون إلى مواطنين أردنيين لهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات ذاتها، باستثناء شريحة منهم، وهم اللاجئون من قطاع غزة، والبالغ عددهم 150 ألفاً. أما في لبنان فقد جرى عزل اللاجئين الفلسطينيين داخل مخيماتهم، وعُوملوا معاملة «لاجئين» وحسب، وحُرموا من أية حقوق سياسية.

    بينما حافظ الفلسطينيون في سورية على هويتهم الوطنية، ولكن مع التمتُّع قانونياً بالحقوق نفسها التي يتمتع بها السوريون.

    وفيما يلي تسليط مزيد من الأضواء على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وتحديداً في سورية والأردن ولبنان:



    المخيمات الفلسطينية في لبنان:

    يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا إلى لبنان عام 1948م 130 ألف لاجئ فلسطيني، قدموا من منطقة الجليل وعكا وبيسان وصفد والناصرة وطبريا وحيفا.

    ويوجد في لبنان اليوم (16) مخيماً رسمياً دُمِّر منها ثلاثة أثناء سنوات الحرب ولم يُعَد بناؤها من جديد وهي: مخيم النبطية، ومخيما الدكوانة وجسر الباشا، وهناك مخيم رابع وهو (مخيم جرود) في بعلبك جرى إجلاء أهله ونقلهم إلى مخيم الرشيدية جنوب صور.

    ويعيش اللاجئون الفلسطينيون داخل تلك المخيمات أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية؛ بسبب عدد من العوامل، أهمها: عدم تناسب عدد الساكنين مع مساحة الأرض المقام عليها المخيم؛ فعلى سبيل المثال: مساحة مخيم شاتيلا نحو أربعين دونماً، بينما يقدَّر عدد اللاجئين المقيمين فيه بنحو ثلاثة عشر ألف نسمة، مما يؤدي إلى انتشار البناء العشوائي. ومع غياب الرقابة المختصة فإن معظم الأبنية أقيمت على أساسات ضعيفة مما يجعلها مهددة بالانهيار، ولضيق مساحة الأرض فإن معظم الأبنية متلاصقة مع بعضها، ناهيكَ عن غياب الرقابة البيئية والصحية وضعف بنية الصرف الصحي وإهمال صيانة شبكات المياه والمجاري مما يؤدي إلى اختلاط مياه الشرب النظيفة بالمياه الآسنة وتلوثها وانتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة في صفوف سكان المخيمات وبشكل خاص الأطفال، فضلاً عن غياب الخدمات البلدية وانتشار النفايات بين المنازل وامتلاء الطرقات الضيقة بالحفر وتحوُّل شوارع المخيمات وأزقتها إلى بحيرات صغيرة تتجمع فيها المياه الآسنة ويدخل قسم كبير منها - خصوصاً في فصل الشتاء - إلى المنازل.

    أما الخدمات الطبية والصحية فغالبية اللاجئين يعانون من مشاكل العلاج وتأمين المال اللازم له، مما يضطرهم إلى طلب العون من الجمعيات الأهلية وحتى إلى التسول في بعض الأحيان، خصوصاً أن الإجراءات التعسفية اللبنانية تمنع الفلسطينيين من الحصول على العناية الطبية في المستشفيات والعيادات الحكومية، وفاقم الوضع خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وغياب خدماتها، وكذلك تقليص «الأونروا» لخدماتها.

    وعلى سبيل المثال: فإن عدد سكان مخيم عين الحلوة يبلغ (60.000) نسمة، فيه عيادتان فقط، وعدد الأطباء في العيادتين لا يتجاوز عشرة أطباء.

    أما أوضاع التربية والتعليم فحدِّث ولا حرج، فالطلاب مكدَّسون في الصفوف في مدارس لا توفر الحد الأدنى من مستلزمات التعليم، ويتزايد النقص باستمرار في عدد الصفوف والمدرسين وأدوات التوضيح والمختبرات، كل ذلك أدى إلى زيادة معدل التسرب من المدارس والتراجع العلمي للطلاب.

    وتبدو المأساة أكثر وضوحاً في أوضاع المخيمات الاقتصادية؛ فالحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ عام 1948م وحتى اليوم لم تتوانَ يوماً عن اتخاذ أشد الإجراءات والقوانين التي تحد من التنقل والإقامة والعمل للفلسطينيين، وهاكَ بعضاً منها:

    - القرار رقم 319 عام 1962م الذي صدر عن وزارة الداخلية اللبنانية يصف اللاجئين الفلسطينيين بأنهم فئة من الأجانب ويجب عليهم الحصول على إذن عمل قبل مزاولة أيِّ مهنة.

    - قانـون أمـين الجميِّل رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق رقم 2891 عام 1982م الذي منع الفلسطينيين من ممارسة 57 مهنة ووظيفة.

    - قانون عبد الله الأمين وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة رفيق الحريري الذي رفع عدد المهن والوظائف المحرَّمة على الفلسطينيين إلى 75 مهنة ووظيفة.

    وللتذكير فإن هناك حوالي (20.000) لاجئ فلسطيني غير مسجلين لدى مديرية اللاجئين الفلسطينيين التابعة لوزارة الخارجية اللبنانية، وليس لديهم أوراق ثبوتية، مما يؤدي إلى حرمان أطفالهم من كل الحقوق المدنية حتى من الدراسة.

    وثمَّة خوف فلسطيني من اتفاق لبناني دولي على ترحيل اللاجئين الفلسطينيين، على اعتبار أن توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يشكل خطراً على تركيبة البلد الطائفية والخاضعة لحسابات دقيقة.



    اللاجئون الفلسطينيون في سورية:

    ليست هناك علامات خاصة تميز المخيمات الفلسطينية في سورية عن سواها من الأحياء السكنية الشعبية البسيطة التي تقطنها الشرائح السورية الفقيرة والمتوسطة، وهذا الأمر ينطبق على عموم هذه المخيمات، سواء كانت تلك القائمة على أطراف العاصمة دمشق، أو نظيرتها المتناثرة في بعض المحافظات السورية الأخرى؛ كـحلب ودرعا واللاذقية وغيرها.

    ولولا بعض التفاصيل الصغيرة شديدة الخصوصية التي طبعت المخيمات حتى أواخر الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي بطابعها، كملصق لأحد الفصائل السياسية الفلسطينية هنا، أو صورة شهيد فلسطيني هناك؛ لكان تمييز المخيم الفلسطيني عما سواه من الأحياء السكنية أمراً في غاية الصعوبة، ولكن عدم وجود أي نوع من التمييز ضد الفلسطينيين في سورية حمل من وجهة نظر بعضهم في طياته سلبيات كثيرة على مدى العقود الماضية، بقدر ما حمل من قيم الإخاء الإسلامي والقومي.

    في عام 1948م تدفق ما يزيد عن (85) ألفاً من الفلسطينيين إلى سورية، معظمهم هُجِّروا قسراً من مناطق صفد وطبرية وحيفا والناصرة.

    وفي البداية سكن اللاجئون الخيام التي قدمتها المنظمة الدولية، بعدما آوَتْهم بيوت أشقائهم السوريين المتواضعة ضيوفاً لبعض الوقت، ليجري لاحقاً تشييد عدد من المخيمات لسكناهم في مناطق التجمعات الأساسية، التي لم يكن أيٌّ من اللاجئين يحـسب أو يتخيل أن الإقامة فيها ستمتد إلى عقود طويلة.

    قامت المخيمات الصغيرة التي بنيت بداية على عجل على أطراف بعض المدن السورية، وخصوصاً العاصمة دمشق، لكن لم تلبث هذه المخيمات أن بدأت تكبر وتتوسع لتلبية الحاجات المتزايدة للاجئين، وأصبحت تتخذ شكل مدن صغيرة، ولعل أهم هذه المخيمات تلك التي أقيمت على تخوم دمشق، ومنها: مخيم اليرموك الذي يقيم فيه أكثر من 100 ألف من اللاجئين، وهو بالإضافة إلى ذلك أكثر المخيمات نشاطاً على الصعيدين السياسي والثقافي.. وهناك مخيمات «خان الشيح»، «دنّون»، «سبينة»، «السيدة زينب»، «جرمانا»، و«الوافدين»، وكلها في ريف دمشق.

    كما أن هناك مخيمات صغيرة في كلٍّ من: حلب، وحمص، ودرعا، واللاذقية، وثمة نسبة لا يستهان بها من فلسطينيي سورية يعيشون خارج المخيمات، ويتفرقون في أغلب المحافظات والمناطق السورية، وخصوصاً في أحياء العاصمة مثل: «دمر»، و «ركن الدين» و«دمشق القديمة». ويشكل اللاجئون في سورية نسبة 4. 5% من مجموع سكانها، ونحو 11% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.

    وقد انخرطت المخيمات الفلسطينية في سورية في العمل الوطني منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية في العام 1965م، وقدمت طوال فترة الكفاح المسلَّح أكثر من أحد عشر ألف شهيد وجريح.

    ومع تبدُّد أحلام التحرير السريع للأراضي الفلسطينية المحتلة، وعجز العرب بعد مرور عدة سنوات على النكبة عن القيام بأية خطوات عملية فعَّالة تجاه عودة اللاجئين؛ صدر في سورية بتاريخ 10/7/1956م القانون رقم (260)، الذي ساوى كلياً بين العرب السوريين والفلسطينيين من حيث الحقوق والواجبات، إذ نصَّ صراحة على أن «الفلسطينيين المقيمين في أراضي الجمهورية العربية السورية كالسوريين أصلاً في جميع ما نصت عليه القوانين والأنظمة المتعلقة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة والتعليم وخدمة العلم، مع تمايز وحيد وهو احتفاظهم بجنسيتهم الفلسطينية حفاظاً على حقوقهم المستقبلية في عودتهم إلى أرضهم المحررة».

    كما أتاحت التشريعات السورية للاجئين الفلسطينيين حق المشاركة في الانتخابات والترشيح للنقابات السورية المختلفة والمنظمات الشعبية، وحجبت عنهم فقط المشاركة في الانتخابات البرلمانية، والانتخابات الرئاسية، حرصاً على هويتهم الوطنية الفلسطينية.

    ويشكل الحرفيون والمهنيون والموظفون الصغار معظم أبناء المخيمات، وتوجد بين ظهرانَيْهم نسبة لا بأس بها من المتعلمين والمثقفين وحملة الشهادات العليا والاختصاصات العلمية المتطورة، ولكن هذه النسبة آخذة بالتراجع مع عودة الأمِّية إلى المجتمع السوري بشكل عام، والتي تنعكس بصورة فجَّة على واقع المخيمات.

    وهذه الأيام أكثر ما يصدمك بوصفك إنساناً إلى حد البكاء، وأنت تدخل أحد المخيمات الفلسطينية في سورية؛ مشاهدة بعض الفدائيين السابقين، وخاصة أولئك الذين تركت العمليات الحربية على أجسادهم علامات بارزة، وقد تحولوا إلى بائعي دخان مهرَّب.

    وفي مخيم اليرموك الواقع على أطراف دمشق الجنوبية، ويضـم أكـبر تـجمع للاجئـين الفلسطينيين في سورية سيشير لك أحدهم إلى صاحب كشك، أو سائق سيارة أجرة، أو عامل بناء، أو أجير في مطعم، أو مدمن مخدرات.. ويقول لك: «ذاك كان فدائياً! ».



    اللاجئون الفلسطينيون في الأردن:

    تعامل الأردن مع اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيه بوصفهم مواطنين أردنيين، لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات، على خلفية قرار الوحدة عام 1950م، وعدّ الضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية، باستثناء اللاجئين الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة؛ فقد جرى استثناؤهم من منح الجنسية الأردنية أو معاملتهم على قدم المساوة مع بقية المواطنين، مما أوجد قضية من نوع خاص، صاحبَها عدد من القوانين التي أثقلت كاهل هذه الشريحة التي يبلغ عددها اليوم مائة وخمسين ألفاً من اللاجئين، تكاد تقترب تعقيدات حياتهم والصعوبات التي يواجهونها من معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

    هذه الفئة من اللاجئين تسكن في مناطق مختلفة من الأردن، لكن أغلبيتها تسكن في مخيم غزة في جرش الذي يعاني من سوء البنية التحتية والخدمات المقدَّمة.

    ويحتل أبناء غزة أدنى الطبقات الاجتماعية حسب الترتيب الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وما زالت أوضاعهم الأشد بؤساً؛ حيث يعملون في الأعمال الرخيصة في الإنشاءات والمصانع والأعمال اليومية بسبب الصعوبة التي يجدونها في الالتحاق بالوظائف الحكومية والجامعات الرسمية.

    والحكومة الأردنية كانت قد منحت أبناء غزة المقيمين إقامة دائمة في الأردن جوازات سفر مؤقتة عام 1987م لتسهيل معاملاتهم وسفرهم، وهذه الجوازات لا تعني الجنسية، إلا أن قائمة الاستثناءات من منح الجوازات المؤقتة بدأت تتسع، وزادت أعداد المحرومين من امتلاك هذه الجوازات ولأسباب مختلفة، كما أنه في الآونة الأخيرة - حسب عدد من أبناء غزة - بدأت عمليات رفض تجديد الجوازات تتزايد، وهو الأمر الذي أوجد شريحة واسعة من أبناء غزة ممن لا يحملون أية وثيقة إثبات رسمية سارية المفعول.

    وأما الأوضاع المعيشية لأبناء غزة في الأردن فهي الأسوأ من بين بقية اللاجئين في الأردن؛ فعلى الصعيد التعليمي: هناك تمييز بين الطلبة من أبناء غزة في الأردن الذين يحملون شهادات أردنية وبين أقرانهم من الطلبة الأردنيين من حيث القبول في الجامعات الحكومية وقيمة الرسوم المدفوعة التي تكون عادة مضاعفة عليهم، وهذا يشكل مشكلة كبيرة لأبناء غزة تعوق استكمال تعليمهم في الجامعات.

    أما في الجانب الصحي: فهناك مشكلة في توفير كلفة معالجة الأمراض المستعصية، حيث لا يستطيع أبناء غزة الحصول على إعفاءات لمتابعة علاجهم في المستشفيات الحكومية.

    ويمكن قـول الشـيء نفـسه فيـما يتعلـق بالتوظيف؛ فالكثــير من أبنـاء غـزة الذيـن يحمـلون شـهادات جامـعية فـي الصــيـدلـة والهـنـدسة وغـيـرها مـن التخــصـصات لا يستطيعون العمل في القطاع العام ويواجهون تضييقاً في الحصول على وظائف في القطاع الخاص. والمعاناة ذاتها تتـكرر في موضـوع تسجـيل ملكـية العقارات حتى للسكن، أو افتتاح أعمال خاصة.

    وللعلم؛ فإن مسمى «أبناء غزة» وصف غير دقيق لهؤلاء اللاجئين الذين حضروا من أماكن مختلفة من قرى ومدن فلسطين، ونحو 90% ممن يطلق عليه وصف «أبناء غزة» المقيمين في الأردن هم في الحقيقة لاجئون من مناطق فلسطين المحتلة عام 48، وقد اكتسبوا مسمى غزة بسبب لجوئهم الأول إلى قطاع غزة في العام 48، بينما كان لجوؤهم الثاني إلى الأردن في العام 67، ولم يشفع لهؤلاء أنهم أقاموا في الأردن إقامة دائمة على مدى أربعة عقود، وأصبحت لهم بيوت وربما بعض الأملاك، بينما هم لا يملكون في قطاع غزة شبراً ولا فتراً من الأرض.

    ولا نغفل أن اللاجئين الفلسطينيين في الأردن من غير أبناء قطاع غزة، وتحديداً المقيمين في ثلاثة عشر مخيماً؛ يعانون من شظف العيش وسوء الأحوال الاقتصادية ما يعانيه سكان المخيمات عموماً في الداخل الفلسطيني والشتات، سواء كانت تلك المعاناة متمثلة في اهتراء المساكن أو الاكتظاظ السكـاني، أو عـدم توفـر البـنى التحتـية لعـموم الخدمات، أو انخفاض نسب التعليم العالي، وصعوبة الأوضاع الاقتصادية، وغياب التأمين الصحي.



    خاتمة:

    هذه الأوضاع وسواها مما يعانيه سكان المخيمات في الشتات؛ تعكس بعض المعاناة التي يعيشها اللاجئون على مدى ستة عقود، وهو ما يفرض إعادة النظر والعمل على تخفيف معاناة هؤلاء اللاجئين دون الإضرار بقضيتهم الوطنية وحقهم في العودة، وهي معادلة دقيقة لا يجوز مقاربتها دون ضبط للحسابات، فالمطلوب التخفيف من المعاناة وتعزيز الصمود، وليس تذويب الهوية وتنفيذ أجندات ذات ارتباط بمشاريع التوطين، بحسب ما ترغب السياسة الأمريكية والصهيونية، وهذا يقتضي:

    أولاً: عدم إلغاء المخيمات بوصفها شاهداً على اللجوء، ولكن ليس إدامة المعاناة وتعقيد حياة اللاجئين.

    ثانياً: تعزيز الهوية الوطنية للاجئين، وإسناد مطالباتهم بحق العودة، وتعزيز صمودهم وإصرارهم على تحدي إرادة الاحتلال ومشاريعه العنصرية.

    ثالثاً: إيجاد صيغ من العمل المجتمعي والسياسي داخل تجمعات اللاجئين، وبما لا يتعارض مع سيادة ومصالح الدول العربية المضيفة، وتسمح بجعل قضية الشتات الفلسطيني حاضرة وفاعلة وقادرة على التعبئة والعمل من أجل فرض حق العودة.

    رابعاً: إنجـاز إطـار مؤسسي بوزن اعتباري مناسب، ينسق أداء الناشطين في موضوع اللاجئين - أفراداً ومؤسسات - ويفعّله ويضبطه ويوحّده ويحظى بمشروعية العمل عربياً، وبالإسناد المادي والمعنوي.



    ____________

    (*) مدير تحرير صحيفة (السبيل) - الأردن.



    http://www.albayan-magazine.com/files/new-fagr/14.htm
    "هذا النص منقول "
    أللهم فرج عن اخواننا المسلمين في كل مكان

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 5 أغس, 2024, 07:27 م
رد 1
69 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة فارس الميـدان
ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
ردود 0
37 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة وداد رجائي
بواسطة وداد رجائي
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 9 يون, 2024, 03:56 ص
ردود 0
34 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
ردود 0
57 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
ردود 0
89 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عطيه الدماطى
يعمل...