بسم الله الرحمن الرحيم
هندسة الزمن
إن البشرية تعيش في هذه الأيام معجزةً أخبر عنها نبي الرحمة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم :
"ألا وهي تقارب الزمن، فقد روى الإمام أحمد والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله
"لاتقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالأسبوع ويكون الأسبوع كاليوم
ويكون اليوم كاحتراق السعفة" . وفي رواية "كالضرمة بالنار" (صحيح الجامع 7422).
وهذه السنون تتسارع فما يحل عام جديد إلا ويفاجئنا قدوم عام آخر؛ فيقف العاقل مبهوتاً أهو بحلمٍ أم
بيقظة؟! وهل ما يراه من إقبال الناس على اقتناء التقاويم للعام الجديد حقيقة أم خيال؟!
فحري بمن تهمه نفسه أن يقف وقفة محاسبة ليعلم أن ثلث العمر تقريباً يذهب في النوم، وثلثه الآخر يذهب
في العمل الوظيفي وما يقرب من الربع يذهب قبل جريان القلم وقبل سن التكليف، ولم يبق من العمر إلا
القليل أو أقل من القليل فيذهب في أكل وشرب، وفي لعب ونزهة، وفي زيارات وقضاء حاجيات؛ فضلاً
عن أنه يمضي منه جزءٌ ليس بالقليل في قراءة جرائد ومجلات غير نافعة،أو أمام القنوات الفضائية لمشاهدة
مالاطائل من ورائه، أو متنقلاً بين المواقع المعلوماتية على الإنترنت إلى غير ذلك مما يسمى بوسائل الترفيه
فماذا بقي لمن هذه حاله من العمر يلقى به ربه !!!!!!!!!!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه
ماذا عمل به" (صحيح الجامع 7299). وفي هذا دليل واضح على أن الإنسان سيسأل عن العمر كله ولا
يستثنى من ذلك لحظة واحدة!!
وحتى تتضح الصورة ويعرف الإنسان مدى الخسارة التي سيخسرها إذا كان يرى أن العبادة هي فقط الصلاة
والصيام وقراءة القرآن وبعض الشعائر التعبدية التي يمارسها الناس في حياتهم !
أما الأمور العادية فهي مجرد عادات لا دخل للعبادة فيها فسيجد أن كل عمره أوجله ذهب خسارة فيما لا
ينفعه يوم القيامة!! وهنا تكون الخسارة التي لا تعدلها خسارة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فلو أن إنساناً عاش ستين سنة وكان نومه بمعدل ثمان ساعات يومياً فمعنى هذا أنه سيجد يوم القيامة أن
عشرين سنة قد ذهبت في النوم لأن الثمان ساعات هي ثلث اليوم وبما أنه ينام يوميًا فسيجد ثلث العمر
قد ذهب في النوم وهو عشرين سنة !!
وقل مثل ذلك في العمل الوظيفي فكل إنسان يعمل ثمان ساعات يومياً على الأقل وكل إنسانٍ له عمل
وظيفي:فالمرأة تعمل في بيتها والمزارع في مزرعته والتاجر في جارته والموظف الحكومي في وظيفته وهكذا
فإذا كان العمل مجرد عادة لا دخل له في العبادة فسيخسر ما يقرب من عشرين سنة كذلك !!
وأما ما قبل سن التكليف وقبل جريان القلم فهو ما يقرب من [15 سنة] !!
ومجموع هذا كله ما يقرب من[ 55 سنة] فما الذي يبقى من العمر يا ترى !! إذا كان في الخمس سنوات
المتبقية يذهب أكثره في أكلٍ وشرب ولعب ونزهة وتسلية وغير ذلك !! فلا إله إلا الله ما أعظم الخسارة
وما أفدحها وما أطمها وما أجلها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!
وجدير بالذكر أن المؤمن يستطيع بالنية الصالحة أن يحول كثيراً من هذه العادات إلى عبادات، فالنوم مثلاً إذا
قصد به الإنسان التقوي على طاعة الله، والاستيقاظ في جوف الليل للصلاة والاستغفار، وحضور صلاة
الفجر في جماعة كل ذلك عبادة، وقل مثل ذلك في الأكل والشرب وقراءة الصحف، ومشاهدة ما تجوز
مشاهدته من القنوات،أو المواقع النافعة على شبكة المعلومات العالمية،وقل مثل ذلك في وقت العمل
الوظيفي فإن هذه الأعمال وغيرها لا تكون عبادة يؤجر عليها الإنسان ويجدها عند الله في موازين وسجلات
الحسنات إلا بتحقيق النية الصالحة فيها، وتحقيق هذه النية ليس بالأمر الهين وكل حسيب نفسه.
قال تعالى:
((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أولالمسلمين)) .
{الأنعام: 162، 163}.
وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته وأن يرزقنا أغتنام الأوقات في مرضاته إنه ولي ذلك والقادر عليه
والحمد لله رب العالمين .
بقلم محمد بن عبدالله الشمراني
http://saaid.net/Doat/alshamrani/13.htm
هندسة الزمن
إن البشرية تعيش في هذه الأيام معجزةً أخبر عنها نبي الرحمة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم :
"ألا وهي تقارب الزمن، فقد روى الإمام أحمد والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله
"لاتقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالأسبوع ويكون الأسبوع كاليوم
ويكون اليوم كاحتراق السعفة" . وفي رواية "كالضرمة بالنار" (صحيح الجامع 7422).
وهذه السنون تتسارع فما يحل عام جديد إلا ويفاجئنا قدوم عام آخر؛ فيقف العاقل مبهوتاً أهو بحلمٍ أم
بيقظة؟! وهل ما يراه من إقبال الناس على اقتناء التقاويم للعام الجديد حقيقة أم خيال؟!
فحري بمن تهمه نفسه أن يقف وقفة محاسبة ليعلم أن ثلث العمر تقريباً يذهب في النوم، وثلثه الآخر يذهب
في العمل الوظيفي وما يقرب من الربع يذهب قبل جريان القلم وقبل سن التكليف، ولم يبق من العمر إلا
القليل أو أقل من القليل فيذهب في أكل وشرب، وفي لعب ونزهة، وفي زيارات وقضاء حاجيات؛ فضلاً
عن أنه يمضي منه جزءٌ ليس بالقليل في قراءة جرائد ومجلات غير نافعة،أو أمام القنوات الفضائية لمشاهدة
مالاطائل من ورائه، أو متنقلاً بين المواقع المعلوماتية على الإنترنت إلى غير ذلك مما يسمى بوسائل الترفيه
فماذا بقي لمن هذه حاله من العمر يلقى به ربه !!!!!!!!!!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه
ماذا عمل به" (صحيح الجامع 7299). وفي هذا دليل واضح على أن الإنسان سيسأل عن العمر كله ولا
يستثنى من ذلك لحظة واحدة!!
وحتى تتضح الصورة ويعرف الإنسان مدى الخسارة التي سيخسرها إذا كان يرى أن العبادة هي فقط الصلاة
والصيام وقراءة القرآن وبعض الشعائر التعبدية التي يمارسها الناس في حياتهم !
أما الأمور العادية فهي مجرد عادات لا دخل للعبادة فيها فسيجد أن كل عمره أوجله ذهب خسارة فيما لا
ينفعه يوم القيامة!! وهنا تكون الخسارة التي لا تعدلها خسارة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فلو أن إنساناً عاش ستين سنة وكان نومه بمعدل ثمان ساعات يومياً فمعنى هذا أنه سيجد يوم القيامة أن
عشرين سنة قد ذهبت في النوم لأن الثمان ساعات هي ثلث اليوم وبما أنه ينام يوميًا فسيجد ثلث العمر
قد ذهب في النوم وهو عشرين سنة !!
وقل مثل ذلك في العمل الوظيفي فكل إنسان يعمل ثمان ساعات يومياً على الأقل وكل إنسانٍ له عمل
وظيفي:فالمرأة تعمل في بيتها والمزارع في مزرعته والتاجر في جارته والموظف الحكومي في وظيفته وهكذا
فإذا كان العمل مجرد عادة لا دخل له في العبادة فسيخسر ما يقرب من عشرين سنة كذلك !!
وأما ما قبل سن التكليف وقبل جريان القلم فهو ما يقرب من [15 سنة] !!
ومجموع هذا كله ما يقرب من[ 55 سنة] فما الذي يبقى من العمر يا ترى !! إذا كان في الخمس سنوات
المتبقية يذهب أكثره في أكلٍ وشرب ولعب ونزهة وتسلية وغير ذلك !! فلا إله إلا الله ما أعظم الخسارة
وما أفدحها وما أطمها وما أجلها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!
وجدير بالذكر أن المؤمن يستطيع بالنية الصالحة أن يحول كثيراً من هذه العادات إلى عبادات، فالنوم مثلاً إذا
قصد به الإنسان التقوي على طاعة الله، والاستيقاظ في جوف الليل للصلاة والاستغفار، وحضور صلاة
الفجر في جماعة كل ذلك عبادة، وقل مثل ذلك في الأكل والشرب وقراءة الصحف، ومشاهدة ما تجوز
مشاهدته من القنوات،أو المواقع النافعة على شبكة المعلومات العالمية،وقل مثل ذلك في وقت العمل
الوظيفي فإن هذه الأعمال وغيرها لا تكون عبادة يؤجر عليها الإنسان ويجدها عند الله في موازين وسجلات
الحسنات إلا بتحقيق النية الصالحة فيها، وتحقيق هذه النية ليس بالأمر الهين وكل حسيب نفسه.
قال تعالى:
((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أولالمسلمين)) .
{الأنعام: 162، 163}.
وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته وأن يرزقنا أغتنام الأوقات في مرضاته إنه ولي ذلك والقادر عليه
والحمد لله رب العالمين .
بقلم محمد بن عبدالله الشمراني
http://saaid.net/Doat/alshamrani/13.htm
تعليق