بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على من اتبع الهدى
تقول أنك تختلف معنا حول كلمة "اعجاز" فأقول لك .. عوِّد نفسك على قبول إلقاءنا تلك الكلمة على مسامعك فإنك إن سألت عن القرآن الكريم فإنك ستستمعها كثيرا جدا .. ولن نكف عن ذلك بإذن الله تعالى حتى يأتينا واحدٌ من إنس أو جِنٍّ بشئ مثله .. بمعنى أننا لن نكفَّ عن استعمالها أبدا بإذن الله تعالى .
تقول كلاما كثيرا عن البلاغة وورودها فى كلام العرب ولم أفهم صدقا علاقة هذا بالمسلمين أو القرآن .. لم يدع واحد من المسلمين على مَرِّ العصور أن كلام العرب لا يحمل من وجوه البلاغة ما يحمل .. بل العكس هو الصواب والمسلمون يقولون أنَّ الله تحدى العرب فى أكثر ما يبرعون فيه وهو البلاغة .. مما يجعل حوالى ثلث كلامك كلاما لا رأس له ولا ذيل ولا وزن ولا قدر - عذرا -
تقول أنَّك تريد دليلا على إعجاز القرآن فى البلاغة .. وكان بإمكانى هنا طالما أنَّك رفضت دليلى .. التحدى القرآنى .. كان بإمكانى أن أسألك ما نوع الأدلة التى تنشدها على وجود إعجاز بلاغى فى كتاب الله بمعنى عدم قدرة البشر على التكلم بكلام مثله ؟ .. وتخيل فقط لو أننى سألتك هذا السؤال هل كنتَ ستخرج بنوعٍ من الأدلة ؟ .. كان هذا السؤال فى ذاته ليكون تعجيزيا لكَ يا صديقى وهذا ما أسميه إعجازا .
الأدلة على الإعجاز اللغوى والبلاغى فى كتاب الله تعالى
أولا : التحدى
اعلم يا مشاكس أن نكرانك للتحدى أمر يخصك وحدك وكل إنسان ألزمه الله تعالى طائره فى عنقه فلن تلزمنا بإذن الله بشئ ألزمت بع نفسك ونراه مُهلكك .. أما بخصوص كلامك عن أنَّ هذا فى نظر المخالف يعدُّ زعما فهذا مثل كثيرٍ من كلامك لا نصيب له فى عقول البشر من صحة أو قوام .. الزعم يا زميل أن يقول الله ( كلامى ليس له مثيل ) .. هذا زعم "جملة خبرية تحتمل الصدق والكذب لذاتها" .. ويبقى على الله تعالى إثبات هذا الزعم .. وعندما يتجه الله تعالى إلى إثبات هذا الزعم يأتى التحدى كمرحلة أولى من مراحل الإثبات .. والتحدى من أعظم الأدلة على الإثبات لأنه لو فشل التحدى انهارت الدعوى على المدعى ولو نجح اكتملت على المُدَعى عليه وسلمت عن المُعارض .. وفى دعوى جديدة منى عليك أتحداك أن تأتينى بدليل على الإعجاز أقوى من التحدى ثمَّ العجز ثم الإذعان .. فإن فشلت - وستفشل - فأعلم أن العجز بعد التحدى إعجاز .
والإعجاز فى التحدى هو تدرجه فى ثلاث مستويات
1) بدأ الله تعالى التحدى بمثل القرآن فقال عزَّ مِنْ قائل ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ) [ الإسراء ]
فقوله تعالى ( لا يأتون بمثله ) خَبَرٌ يحتمل الصدق أو الكذب لذاته .. فيبقى على المخالف عبء إثبات كذبه بأن يأتوا بمثل القرآن لو أرادوا تكذيبه .. وصِدقا فإنهم كانوا يريدون ذلك أكثر من أىِّ أحد آخر .. فهل استطاعوا ؟
2) لمَّا عجز العرب أرباب الفصاحة والبلاغة عن الإتيان بمثل القرآن الكريم فثبتة خبر الله تعالى عنهم أنهم لا يستطيعون يأتون بمثله تحداهم سبحانه بعشر سور منه ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) ) [ هود ] .. وانتقل الأسلوب من الخبر إلى الإنشاء إمعانا فى التحدى ورتَّب على التحدى نتيجة تغيظهم وتقض مضاجعهم إمعانا فى التحدى أكثر وأكثر .. فلمَّا زعموا كفرا وجحودا منهم به أنه مُفترى من عند رسول الله صلى الله عليه وسلَّم تحداهم الله تعالى بأن يُثبتوا ذلك بأن يُثبتوا صنعته البشرية .. وهذا أسلوب من أقوى الأساليب فى إقامة الحجة فى مثل هذا الشأن وكان العرب يعرفونه شيئا منه فى جاهليتهم فيما كانوا يقيمونه من أسواق ويقومون فيها على التحديات فيتناظرون بعجائب الصناعات من بدائع الأشعار والمعلقات .. فأمعن الله تعالى فى تحديهم بما لا يصبرون عليه فيما ألفوه ودرجوا عليه فى صناعتهم وفنهم وبدعتهم .. ثمَّ عيَّرهم الله تعالى بالكذب تعريضا لمَّا قال سبحانه ( إن كنتم صادقين ) إمعانا منه فى التحدى ودفعا لهم على شحذ كل همة لذلك التحدى .. ولم يكتف الله تعالى بذلك بل رتَّب على ذلك نتيجة للمسلمين أن يعلموا صِدق ما جاءهم من عند الله تعالى أنه لم يأت غير من عند الله تعالى فجعل الله تعالى عجزهم فى التحدى فى عشر سُورٍ دليلا للمسلمين .
3) كالعادة بعد أنْ عجزوا عن مِثل ذلك من عشر سُور أمعن الله فى تحديهم وزاد فى ذلك فقال سبحانه ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ َادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) ) [ يونس ] .. وقال عزَّ مِنْ قائل ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ) [ البقرة ] .. فحصل التحدى بسورة .. وإمعانا فى التحدى أتى الله تعالى مُنَكَّرة لتشمل أىَّ فرد من أفراد الجنس دون تخصيص فحصَلَ التحدى بأىِّ سورة منه صغيرة أو كبيرة طويلة أو قصيرة .. وهذا فيه إمعان فى التحدى عظيم - لِمَن فقه - فجميع سور القرآن الكريم لهم بدائل .. فإن عجز جميع البشر بسورة وقدروا على غيرها حصل التكذيب فى الجميع وإن عجزوا عن جميع السور وقدروا على واحدة حصل التكذيب فى الجميع وكلما عجزوا عن سورة وجدوا عنها مائة وثلاثة عشر سورة لها بديلا عنها .. فحصل بذلك الإعجاز فى مُجردِّ التحدى فإنه لم يتحدى بشرٌ بشرا فى تاريخ البشر بمثل ذلك يوما فوصل التحدى فى ذاته إلى درجة الإعجاز .. وأنا أتحداك أن تخرج لى من جميع تجارب البشر بشرا تحدى بشرا فى اللغة بمثل ذلك .. ثمَّ سار الله تعالى على النسق السابق فى الإمعان فى التحدى من حيث الإنشاء والتعريض بالكذب ولكنه سبحانه زاد بعد التعريض التصريح فى آيتى يونس - عليه السلام - .. وزاد على إثبات الإعجاز للمسلمين بعجزهم عن التحدى .. زاد على ذلك إثبات الإعجاز للكافرين أنفسهم فى آيتى البقرة فأخبرهم سبحانه أن هذا - التحدى - أبلغ البلاغ .. وأنه لم يدع لقائل مقال ولا لمُحاجِج حجة فتحداهم بأنهم لن يفعلوا وأخبرهم بأنهم إن لم يفعلوا فليتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين .. وما كانت لتُعدَّ لهم لو ما قامت الحجة عليهم .. فحجهم سبحانه بذلك .
ثانيا : العجز
لما بلغ التحدى ما بلغ ولمَّا أن وصل إلى المنتهى .. استقر إلى ما استقر عليه من الاكتفاء بسورة - أىِّ سورة - من المخالف من مثل القرآن الكريم ليُبطل حجة الله ويجحد رسالته .. فما قَدَرَ واحد من البشر من سلف أو خلف على الإتيان بما كان مما كان من التحدى وبقيت آيات القرآن الكريم تتلى إلى يوم الدين وذهب العرب بفصاحتهم وبلاغتهم و .... بعجزهم عن التحدى الخالد البديع المبهر الذى يقوم بما فيه من تحدى بلاغا عظيما إلى يوم الدين على ما كان من شأن هذا التحدى فيمن نزل فيهم الكتاب .. تماما كما كان دليلا على معجزات موسى فى قوم فرعون وقومه وعلى معجزات عيسى فى قومه وعلى ما شاء الله من سِير الأنبياء والمرسلين .. فتلك كانت مُعجزة القرآن فى عصره .. والزعم الحالى للمسلمين أنَّ إعجاز القرآن مستمر باق فى كلِّ عصر من العصور بما يبرع فيه أهل هذا العصر من علوم كما اقتضت حكمة الله تعالى فى رُسله وأنبياءه ورسالاته .. فأما الرسالة الخاتمة وأما البيان الأخير فمُستمر إعجازهما لكل أهل عصر بما يبرع فيه أهل العصر ويمضى العصر ويبقيان شاهدين على ما كان من إعجاز لأهل هذا العصر .. وقد انقضى عصر البلاغة والفصاحة ولم يكن فيه غير العجز وبقى القرآن الكريم شاهدا على من غائب بعجز من حضر ومن لم يرض بمن حضر يبقى التحدى ماثلا أمامه بأن يأتى بما لم يأتِ به من حضر .. والحمد لله تعالى على نعمة الإسلام .
ثالثا : الإذعان
لو وقف الأمر على حدِّ العجز لجادل مُجادل ولمارى ممارى ولكنَّ الأمر فى حقيقته قد اشتمل صورة أخرى أعجز فى الردِّ وأبلغ فى الصدِّ تمثلت فى إذعان الجميع إلى هذا القرآن .. فكما أذعن السحرة لموسى بن عمران فكذلك أذعن أرباب الفصاحة أهل البلاغة والبيان إلى القرآن .. وبعد عجزهم عن التحدى اشتملهم الإسلام بعبائته وواراهم تحت جناحه وحشرهم تحت لوائه مع بقاء التحدى فيه آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم يتلونها بأنفسهم بعد عجزهم آناء الليل واطراف النهار .. وصاروا هم يحكون حكاية التحدى ويعترفون بالعجز ويقرون لكتاب الله تعالى بالإعجاز .
فهالله إنَّ دعواك بعد ذلك لمنتنة .....
تقول ....
إن كان قائلُ ما كتَبَتْ يداك مُسلما يؤمن بالتحدى ويعترف بالعجز ويُقرُّ بالإذعان .. وإن كان - على عِظم الدواعى لذلك - لم يدعى شيئا من دعواك .. فهالله إنَّ دعواك بعد ذلك لمنتنة .
السلام على من اتبع الهدى
تقول أنك تختلف معنا حول كلمة "اعجاز" فأقول لك .. عوِّد نفسك على قبول إلقاءنا تلك الكلمة على مسامعك فإنك إن سألت عن القرآن الكريم فإنك ستستمعها كثيرا جدا .. ولن نكف عن ذلك بإذن الله تعالى حتى يأتينا واحدٌ من إنس أو جِنٍّ بشئ مثله .. بمعنى أننا لن نكفَّ عن استعمالها أبدا بإذن الله تعالى .
تقول كلاما كثيرا عن البلاغة وورودها فى كلام العرب ولم أفهم صدقا علاقة هذا بالمسلمين أو القرآن .. لم يدع واحد من المسلمين على مَرِّ العصور أن كلام العرب لا يحمل من وجوه البلاغة ما يحمل .. بل العكس هو الصواب والمسلمون يقولون أنَّ الله تحدى العرب فى أكثر ما يبرعون فيه وهو البلاغة .. مما يجعل حوالى ثلث كلامك كلاما لا رأس له ولا ذيل ولا وزن ولا قدر - عذرا -
تقول أنَّك تريد دليلا على إعجاز القرآن فى البلاغة .. وكان بإمكانى هنا طالما أنَّك رفضت دليلى .. التحدى القرآنى .. كان بإمكانى أن أسألك ما نوع الأدلة التى تنشدها على وجود إعجاز بلاغى فى كتاب الله بمعنى عدم قدرة البشر على التكلم بكلام مثله ؟ .. وتخيل فقط لو أننى سألتك هذا السؤال هل كنتَ ستخرج بنوعٍ من الأدلة ؟ .. كان هذا السؤال فى ذاته ليكون تعجيزيا لكَ يا صديقى وهذا ما أسميه إعجازا .
الأدلة على الإعجاز اللغوى والبلاغى فى كتاب الله تعالى
أولا : التحدى
اعلم يا مشاكس أن نكرانك للتحدى أمر يخصك وحدك وكل إنسان ألزمه الله تعالى طائره فى عنقه فلن تلزمنا بإذن الله بشئ ألزمت بع نفسك ونراه مُهلكك .. أما بخصوص كلامك عن أنَّ هذا فى نظر المخالف يعدُّ زعما فهذا مثل كثيرٍ من كلامك لا نصيب له فى عقول البشر من صحة أو قوام .. الزعم يا زميل أن يقول الله ( كلامى ليس له مثيل ) .. هذا زعم "جملة خبرية تحتمل الصدق والكذب لذاتها" .. ويبقى على الله تعالى إثبات هذا الزعم .. وعندما يتجه الله تعالى إلى إثبات هذا الزعم يأتى التحدى كمرحلة أولى من مراحل الإثبات .. والتحدى من أعظم الأدلة على الإثبات لأنه لو فشل التحدى انهارت الدعوى على المدعى ولو نجح اكتملت على المُدَعى عليه وسلمت عن المُعارض .. وفى دعوى جديدة منى عليك أتحداك أن تأتينى بدليل على الإعجاز أقوى من التحدى ثمَّ العجز ثم الإذعان .. فإن فشلت - وستفشل - فأعلم أن العجز بعد التحدى إعجاز .
والإعجاز فى التحدى هو تدرجه فى ثلاث مستويات
1) بدأ الله تعالى التحدى بمثل القرآن فقال عزَّ مِنْ قائل ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ) [ الإسراء ]
فقوله تعالى ( لا يأتون بمثله ) خَبَرٌ يحتمل الصدق أو الكذب لذاته .. فيبقى على المخالف عبء إثبات كذبه بأن يأتوا بمثل القرآن لو أرادوا تكذيبه .. وصِدقا فإنهم كانوا يريدون ذلك أكثر من أىِّ أحد آخر .. فهل استطاعوا ؟
2) لمَّا عجز العرب أرباب الفصاحة والبلاغة عن الإتيان بمثل القرآن الكريم فثبتة خبر الله تعالى عنهم أنهم لا يستطيعون يأتون بمثله تحداهم سبحانه بعشر سور منه ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) ) [ هود ] .. وانتقل الأسلوب من الخبر إلى الإنشاء إمعانا فى التحدى ورتَّب على التحدى نتيجة تغيظهم وتقض مضاجعهم إمعانا فى التحدى أكثر وأكثر .. فلمَّا زعموا كفرا وجحودا منهم به أنه مُفترى من عند رسول الله صلى الله عليه وسلَّم تحداهم الله تعالى بأن يُثبتوا ذلك بأن يُثبتوا صنعته البشرية .. وهذا أسلوب من أقوى الأساليب فى إقامة الحجة فى مثل هذا الشأن وكان العرب يعرفونه شيئا منه فى جاهليتهم فيما كانوا يقيمونه من أسواق ويقومون فيها على التحديات فيتناظرون بعجائب الصناعات من بدائع الأشعار والمعلقات .. فأمعن الله تعالى فى تحديهم بما لا يصبرون عليه فيما ألفوه ودرجوا عليه فى صناعتهم وفنهم وبدعتهم .. ثمَّ عيَّرهم الله تعالى بالكذب تعريضا لمَّا قال سبحانه ( إن كنتم صادقين ) إمعانا منه فى التحدى ودفعا لهم على شحذ كل همة لذلك التحدى .. ولم يكتف الله تعالى بذلك بل رتَّب على ذلك نتيجة للمسلمين أن يعلموا صِدق ما جاءهم من عند الله تعالى أنه لم يأت غير من عند الله تعالى فجعل الله تعالى عجزهم فى التحدى فى عشر سُورٍ دليلا للمسلمين .
3) كالعادة بعد أنْ عجزوا عن مِثل ذلك من عشر سُور أمعن الله فى تحديهم وزاد فى ذلك فقال سبحانه ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ َادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) ) [ يونس ] .. وقال عزَّ مِنْ قائل ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ) [ البقرة ] .. فحصل التحدى بسورة .. وإمعانا فى التحدى أتى الله تعالى مُنَكَّرة لتشمل أىَّ فرد من أفراد الجنس دون تخصيص فحصَلَ التحدى بأىِّ سورة منه صغيرة أو كبيرة طويلة أو قصيرة .. وهذا فيه إمعان فى التحدى عظيم - لِمَن فقه - فجميع سور القرآن الكريم لهم بدائل .. فإن عجز جميع البشر بسورة وقدروا على غيرها حصل التكذيب فى الجميع وإن عجزوا عن جميع السور وقدروا على واحدة حصل التكذيب فى الجميع وكلما عجزوا عن سورة وجدوا عنها مائة وثلاثة عشر سورة لها بديلا عنها .. فحصل بذلك الإعجاز فى مُجردِّ التحدى فإنه لم يتحدى بشرٌ بشرا فى تاريخ البشر بمثل ذلك يوما فوصل التحدى فى ذاته إلى درجة الإعجاز .. وأنا أتحداك أن تخرج لى من جميع تجارب البشر بشرا تحدى بشرا فى اللغة بمثل ذلك .. ثمَّ سار الله تعالى على النسق السابق فى الإمعان فى التحدى من حيث الإنشاء والتعريض بالكذب ولكنه سبحانه زاد بعد التعريض التصريح فى آيتى يونس - عليه السلام - .. وزاد على إثبات الإعجاز للمسلمين بعجزهم عن التحدى .. زاد على ذلك إثبات الإعجاز للكافرين أنفسهم فى آيتى البقرة فأخبرهم سبحانه أن هذا - التحدى - أبلغ البلاغ .. وأنه لم يدع لقائل مقال ولا لمُحاجِج حجة فتحداهم بأنهم لن يفعلوا وأخبرهم بأنهم إن لم يفعلوا فليتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين .. وما كانت لتُعدَّ لهم لو ما قامت الحجة عليهم .. فحجهم سبحانه بذلك .
ثانيا : العجز
لما بلغ التحدى ما بلغ ولمَّا أن وصل إلى المنتهى .. استقر إلى ما استقر عليه من الاكتفاء بسورة - أىِّ سورة - من المخالف من مثل القرآن الكريم ليُبطل حجة الله ويجحد رسالته .. فما قَدَرَ واحد من البشر من سلف أو خلف على الإتيان بما كان مما كان من التحدى وبقيت آيات القرآن الكريم تتلى إلى يوم الدين وذهب العرب بفصاحتهم وبلاغتهم و .... بعجزهم عن التحدى الخالد البديع المبهر الذى يقوم بما فيه من تحدى بلاغا عظيما إلى يوم الدين على ما كان من شأن هذا التحدى فيمن نزل فيهم الكتاب .. تماما كما كان دليلا على معجزات موسى فى قوم فرعون وقومه وعلى معجزات عيسى فى قومه وعلى ما شاء الله من سِير الأنبياء والمرسلين .. فتلك كانت مُعجزة القرآن فى عصره .. والزعم الحالى للمسلمين أنَّ إعجاز القرآن مستمر باق فى كلِّ عصر من العصور بما يبرع فيه أهل هذا العصر من علوم كما اقتضت حكمة الله تعالى فى رُسله وأنبياءه ورسالاته .. فأما الرسالة الخاتمة وأما البيان الأخير فمُستمر إعجازهما لكل أهل عصر بما يبرع فيه أهل العصر ويمضى العصر ويبقيان شاهدين على ما كان من إعجاز لأهل هذا العصر .. وقد انقضى عصر البلاغة والفصاحة ولم يكن فيه غير العجز وبقى القرآن الكريم شاهدا على من غائب بعجز من حضر ومن لم يرض بمن حضر يبقى التحدى ماثلا أمامه بأن يأتى بما لم يأتِ به من حضر .. والحمد لله تعالى على نعمة الإسلام .
ثالثا : الإذعان
لو وقف الأمر على حدِّ العجز لجادل مُجادل ولمارى ممارى ولكنَّ الأمر فى حقيقته قد اشتمل صورة أخرى أعجز فى الردِّ وأبلغ فى الصدِّ تمثلت فى إذعان الجميع إلى هذا القرآن .. فكما أذعن السحرة لموسى بن عمران فكذلك أذعن أرباب الفصاحة أهل البلاغة والبيان إلى القرآن .. وبعد عجزهم عن التحدى اشتملهم الإسلام بعبائته وواراهم تحت جناحه وحشرهم تحت لوائه مع بقاء التحدى فيه آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم يتلونها بأنفسهم بعد عجزهم آناء الليل واطراف النهار .. وصاروا هم يحكون حكاية التحدى ويعترفون بالعجز ويقرون لكتاب الله تعالى بالإعجاز .
فهالله إنَّ دعواك بعد ذلك لمنتنة .....
تقول ....
اريد منك شيئاً من الحياديه
فالامر لم يستغرق 3 دقائق مني لاتي لك بهذا المثال وليس ثلاث شهور !!!
من يك ذا فمٍ مريض: يجد مرا به الماء الزلالا
هل تستطيع ان تستنبط توافق في هذا النص؟
هل ترى بلاغه رائعه في النص؟ وإن كان كذلك متى استطيع أن اقول أن هذا هو الحد الاقصى للبلاغه عند الانسان؟ بمعنى حدد لي حدود القدرة عند الانسان فيما يخص قدرته البلاغيه
فالامر لم يستغرق 3 دقائق مني لاتي لك بهذا المثال وليس ثلاث شهور !!!
من يك ذا فمٍ مريض: يجد مرا به الماء الزلالا
هل تستطيع ان تستنبط توافق في هذا النص؟
هل ترى بلاغه رائعه في النص؟ وإن كان كذلك متى استطيع أن اقول أن هذا هو الحد الاقصى للبلاغه عند الانسان؟ بمعنى حدد لي حدود القدرة عند الانسان فيما يخص قدرته البلاغيه
إن كان قائلُ ما كتَبَتْ يداك مُسلما يؤمن بالتحدى ويعترف بالعجز ويُقرُّ بالإذعان .. وإن كان - على عِظم الدواعى لذلك - لم يدعى شيئا من دعواك .. فهالله إنَّ دعواك بعد ذلك لمنتنة .
تعليق