اى اعمى هذا الذى شفاه نبيك لا (نعرف) غير الاعمى الذى تجاهله ولم يرد عليه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ــ الزميلة جاكلين .. أرى لغة الحوار لديك قد ارتقت أكثر خاصة في حوارك (الآن) مع الأخت سارة ولعل كلماتك السابقة ناتجة عن الضغط الذي تولد لديك نتيجة لكثرة ردود الأعضاء ..نلتمس لكِ العذرعلى كل حال.. ولكن ليس معنى ذلك ألا نبين لك خطأ استنتاجك في الجملة الموجودة بالإقتباس ..
ــ وقبل توضيح خطأ هذا الإستناج ما رأيك أن نستعرض ظروف الآيات كما دلت عليها المصادر الصحيحة في أمهات كتب التفسير والحديث والسيرة النبوية .. وأعتقد أنها فرصة لتتعرفي بصدق على أخلاق نبي المسلمين عليه الصلاة والسلام ..
ــ ذلك النبي الذي جاهد في مكة ما جاهد ناشراً دعوة ربه ، فوجد من صناديد قريش وأعلامها المرموقين في المجتمع المكي معارضة طاغية عاني وكابد فيها ما كابد ، مثابراً على تأدية الرسالة التي كلفه بها الله تعالى ..
ــ وكم تعرض لمناقشة هؤلاء المنكرين ، وكم قابلوه بالإيذاء والسب حيناً ، وبالإنكار والجحود حيناً آخر ، وكان صاحب الخلق العظيم يدفع السيئة بالحسنة ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة مجادلاً بالتي هي أحسن ...
ــ وذات يوم شاهد النبي عليه الصلاة والسلام مجلساً ضم عدداً من أعلام قريش فلم يشأ أن يضيع هذه الفرصة السانحة فتحدث إليهم فوجد موادعة قليلاً ما تتاح ، فتوقع الخير ورجا الله أن يوفقه إلى إستمالة هؤلاء المنكرين فيميلوا معه إلى حقه الصريح .
ــ وكان بالمجلس القرشي الحاشد من هؤلاء الأعلام عتبة إبن ربيعة وشيبه أخوه، والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والحكم بن هشام والعباس بن عبدالمطلب .. وكانوا يومئذٍ سادة القوم وأصحاب الرأي السديد بين الناس .
ــ فنظر صلى الله عليه وسلم إلى وجوه القوم فصادف إستبشاراً ومؤانسة ، فرأى أن يبدأ الحديث مع عتبة بن ربيعة فقال له عليه السلام : أما حان الوقت ياعتبة أن تدخل أنت وأخوك شيبة في دين الله ؟ والله ما دعوتكما لأمري وإنما دعوتكما لله رب العالمين وهذا كلامه بين يدي فاستمعا إلىّ وأصغيا لعل الله يهديكما فتكونا من عباده المخلصين .
ــ فرد عليه عتبة بأدب ورد الرسول بمنطقٍ مهذب حتى أقام عليهما الحجة ووضح للمجلس قوة المنطق في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام .. فلما رأى الرسول ذلك توجه إلى عمه العباس بن عبدالمطلب الذي كان يستمع إلى الحديث الدائر بين الرسول وابني ربيعة ، فقال له : وأنت يا إبن عبد المطلب لو استجبت إلى الإسلام ومكانك في الذروة من قريش لإهتدى بك كثيرٌ من القوم فلا تحل بين أتباعك ورحمة الله .. فأطرق العباس إلى الأرض ولم ينطق بإيجاب أو رفض .
ــ وأدرك رسول الله ما بنفس عمه فهو يعلم تعقله للأمور وحسن تأنيه ،فتركه متجهاً إلى الوليد بن المغيرة ليقول له : أيحق لك وأنت سيد العشيرة أن تبطيء عن دين الله؟ والله لن تغنيكم أصنامكم يوم يقوم الناس لرب العالمين .. فسكت الوليد ونظر لأصحابه كأنه يستشف إنطباعات وجوههم .
ــ فانتهز رسول الله صمت القوم واتجه إلى أمية بن خلف فقال له : ما كان لسادة قريش أن يكفروا بالله رب العالمين ، وما كان لك يا أمية ألا تكون قدوة لقومك فما بعد الكفر من ذنب ، فقال يا محمد : أمهلني لأفكر بالأمر فالأمر أعسر عندي من يسره لديك ... فلما رأى أبوجهل رد أميه خشى أن يكون في رد أميه ما يدل على الإذعان والقبول فأعلن صوته بالمعارضة ، فرد عليه الرسول بقول لين سمح كي يطفيء من غضبه الحاقد ، وأخذ يتلو من كتاب الله ما لو نزل على جبل لرأيناه خاشعاً متصدعاً من خشية الله .
ــ وفي هذا الموقف الحرج وذلك الوقت الحاسم جاء عمرو بن أم مكتوم قائلاً :
يارسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله
يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله
وأخذ يكرر ذلك في هذا الوقت الحرج الذي ظن فيه الرسول أن غيره أولى بالإنتباه إليه ، فهو يناقشهم الآن في أمر الرسالة ولابد أن يسير بهم إلى نهاية الطريق ، ثم انفض المجلس دون حسم ونزل الوحي على رسول الله متحدثاً عن الموقف كما كان ، وموجهاً نظر رسول الله إلى الأولى فيما كان ينبغي أن يصنع إذ أن الله عز وجل يعلم من إعراض هؤلاء مالا يعلم الرسول حينئذٍ ، فالإنتباه إلى المؤمن أولى من شغل الفراغ بما لا ينتج ، وأدرك محمد صلى الله عليه وسلم بعده عن الأولى فتقدم وسط الجموع ليقول لعبدالله بن مكتوم (أهلاً بمن عاتبني الله عز وجل في أمره ) .
ــ هذا هو الموقف الذي نزلت بشأنه الآيات الكريمة ــ وهو كما نرى لا يدل على أن الرسول ــ حاشاه ــ قد أعرض عن ابن أم مكتوم لأنه أعمى فقير مستضعف كما حاول أن يقول البعض ونقلتِ كلامهم بكل أسف بدون اطلاعك على كلام المسلمين !
ــ وأقول لكِ لو أن أبابكر أو عمر أو عثمان أو علي كان في نفس الموقف (وهم لا يقلون مكانة عن أعلام قريش ) بدلاً من عبدالله بن مكتوم لأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتم المناقشة مع من بدأ معهم الحديث ، فلم يكن إعراضه عن ابن مكتوم امتهاناً لعجزه وفقره ، ولكن أعرض إعتماداً على سابق علمه أنه قد أسلم وجهه لله وأصبح مفروغاً من أمر هدايته التي منّ بها الله عليه .
================
ــ المحترمة جاكلين : إن ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم يشبه تماماً ما نادى به المسيح عليه السلام منسوباً إليه في إنجيل لوقا 15 :4 (مثل الخروف الضال)
4 اي انسان منكم له مئة خروف واضاع واحدا منها ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لاجل الضال حتى يجده ؟.
ــ فالرسول لم يترك عبدالله ابن أم مكتوم الأعمى الضرير !! .. وإنما ترك عبدالله ابن مكتوم المؤمن المهتدي لأجل دعوة هؤلاء الضائعين إلى الإيمان بالله وترك الشرك والضلال .
=================
ــ الزميلة جاكلين : لم يحدث يوماً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أعرض عن الضعفاء .. فقد كان المستضعفون من الفقراء والعبيد يحضرون مجلسه على الدوم ــ حتى كانت قريش تتهكم بهم ، وتقول فيما روى القرآن عنهم : (أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ) (الأنعام ــ 53) ــ ألا يذكرك ذلك بالمناسبة بأقوال الفريسيين والكتبة من اليهود عن المسيح عليه السلام ؟؟؟
ــ وتروي لنا كتب السيرة أن نفراً من وجهاء قريش فيهم عتبة وشيبة والحارث بن نوفل والمطعم ابن عدي قالوا لأبي طالب : لو أن ابن أخيك يطرد عنه موالينا وحلفاءنا فإنهم عبيدنا وعتقاؤنا لكان أعظم في صدورنا ، وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقنا به ، فأتى أبوطالب النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بذلك ، فأشار عمر على الرسول بالقبول .. ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يشأ أن يقبل قول عمر ، ونزل قول الله تأييداً له : ــ
وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَة أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)
ــ هذا هو النبي محمد الذي نريدك أن تعرفيه .. وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه .
تعليق